المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نوشيروان مصطفى ... نموذج كردستاني لانبثاق عسير للمعارضة السياسية في العراق


تشرين ربيعة
27-07-2010, 03:55 PM
نوشيروان مصطفى ...
نموذج كردستاني لانبثاق عسير للمعارضة السياسية في العراق


جرجيس كولي زاده *

لا شك ان وجود طرف سياسي معارض لسلطة وطنية منتخبة في أي بلد، حالة سياسية صحيحة لقيادة سفينة البلد الى مرسى آمن، لارساء مقومات دولة مدنية بمنظومة من الكيانات السياسية ومكونات المجتمع المدني على اساس الحرية وحقوق الانسان بكل أبعادها الانسانية، وهي ضرورة حياتية معاصرة لخلق الوعي الوطني العام على اسس الديمقراطية والتعايش السلمي. لذا فأن السطة والمعارضة في المجتمعات الديمقراطية تستهدفان تقديم ماهو أحسن للوطن وشعبه، كل على طريقته، والأمثلة كثيرة، منها بلدان أوروبا الغربية، أمريكا الشمالية، تركيا، اليابان، الهند..الخ. فبدون وجود للمعارضة فان السلطة قد تحييد لفئة معينة والنفس(السلطة) لأمارة بالسوء، وهذا طبيعة لبني البشر بدءا من هابيل وقابيل وصولا الى يومنا هذا.


قيادي مخضرم وولادة للمعارضة


والقيادي السياسي المخضرم نوشيروان مصطفى، من خلال قائمة التغيير في اقليم كردستان، أخذ على عاتقه المجازفة بخوض تجربة ميدانية صعبة مع السلطة المنتخبة من دورة سابقة لقبول ند سياسي لها، يحمل أفكارا وأصوات اصلاحية وتغييرية لأداء أمثل لبرلمان وحكومة الاقليم والأحزاب التي سيطرت على الساحة السياسية منذ عقدين، لانارة وسائل اكثر ديمقراطية للتعامل وفق منطق الحكمة مع قدرات وطاقات وثروات الاقليم ومسائل وقضايا جوهرية متنوعة للبلد.


جذور للمعارضة داخل الحركة الكردية


وبطبيعة الحال فأن الحديث عن جذور تشكيل المعارضة السياسية الكردية الداخلية ومخاضها الصعب، عميقة ومتشابكة ومعقدة جدا بسبب المسيرة التاريخية الطويلة للحركة الكردية مع السلطة العراقية، امتدت لأكثر من عقود، لذا من العسير سبر أغوارها بسهولة، للخروج باستنتاج يرتوي بها ظمأ القارئ الكريم للاطلاع على مكنون وأهداف هذه المعارضة العتيدة، فارتأت مجلة بغداد ان تطرح في عددها هذا، القائد السياسي المخضرم نوشيروان مصطفى أمين، 65 سنة، كأحد ابرز رموز المعارضة الكردية بخلفية ثقافية ماركسية لينينية واشتراكية ديمقراطية، وهي المعارضة التي بدأت مسيرتها داخل الحركة الكردية برغم فشل ثورتها عام 1974، وبدأت منذ البداية بتعرض مؤيديها الى الطحن والسحق والملاحقة والتهميش من قبل السلطة العراقية، لكنها بقيت وصمدت بعناد الى أن حصل الكرد على مبتغاهم بادارة كيان فيدرالي ضمن السيادة العراقية، ونقل السلطة من صناديق الاقتراع عبر أصوات الناخب الكردستاني، لارساء كيان سياسي ديمقراطي، وليدخل فيه أخيرا مساحة حيوية للمعارضة الفعالة من خلال قائمة نوشيروان مصطفى وبشكل سلمي من خلال الحصول على 25 كرسيا في برلمان كردستان.


نوشيروان مصطفى والاتحاد الوطني


اختلف الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي ببنيته الفكرية الثقافية، فالخلفية الماركسية و اللينينية و الماوية شكلت أرضية خصبة لتوسيع قاعدة الاتحاد السياسية و التنظيمية. وبما ان ايران كانت قد وقعت اتفاقا جديدا مع العراق، يقضي بموجبه منع الانشطة الكردية على طول حدودها بعد انتكاسة الثورة الكردية في 1974، فان سوريا اصبحت الملجأ المقصود والوحيد للاتحاد الوطني ،كان السيد نوشيروان مصطفى امين يقود مجموعات صغيرة داخل سوريا لتهريب السلاح والعتاد الى داخل الحدود العراقية، عبر الممرات الجبلية الوعرة.

كان على المجموعات الاولى من الاتحاد الوطني مواجهة القوات العراقية، التركية، الايرانية فضلا عن بقايا مسلحي الحزب الديموقراطي الكردستاني اثناء التنقل في مناطق كردستان الحدودية. تلقى الاتحاد الوطني الكردستاني ضربة قاضية شبيهة بالكارثة في "هاكاري" في بدايات تأسيسه، لكنها لم تقض عليه.الا أن الحادث المذكور و مواجهات اخرى دامية بدأت ترسم طبيعة الاتحاد التي ترسخت بمواصلة المسيرة الكفاحية، بالتلازم مع عوامل أخرى مثل:

* الطابع الايديولوجي النابع من دعم البروليتاريا والمفهوم الثوري في صراع الطبقات .
* طبيعة القضية الكردية والصراع القومي المرير في الكيانات التي اقتسمت كردستان كتركة للميراث العثماني .
* البنية العشائرية للتركيبة الكردية في انقسامها، والتي اضفت على الشخصية الكردية التمسك بالمنهج القومي في الحياة السياسية والحزبية.

وبالطبع هناك عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية كثيرة لعبت في الصياغة التركيبية للاتحاد الوطني والاحزاب الكردية الأخرى. تنامت قوات الاتحاد في غضون الاعوام التي تلت تأسيسه، وتحول الى قوة رئيسية على الساحة الكردية في الثمانينات، وبعد الانتفاضة تحول الاتحاد الوطني الى احد الحزبين الرئيسين مع الجزب الديمقراطي على الساحة الكردستانية. وطوال مسيرة الاتحاد من تاريخ تأسيسه الى الانتخابات الاخيرة في كردستان في 25 تموز، تبقى ثلاث شخصيات قيادية مؤثرة واساسية في تواصل وحضور وتفعيل وبقاء الاتحاد الوطني، وهم جلال طالباني ونوشيروان مصطفى وكوسرت رسول.


مسعى للتغيير


ضمن المجال الحيوي للتنوع الفكري والسياسي الذي يتسم به الاتحاد الوطني الكردستاني، انفرادا عن بقية الاحزاب الكردستانية، تميز الاتحاد باحتوائه على محاولات للتغيير والتجديد، ومن هذه المحاولات الجادة سعا القياديان في الاتحاد نوشيروان مصطفى وكوسرت رسول وعدد من مناصريهما، إلى إحداث ثورة داخلية، بهذ لإصلاح والتجديد داخل الاتحاد، بعد أن اصبح جزءاً من دائرة السلطة المتهمة بالفساد والمحسوبية والعجز.

ولكن مسعي القياديين رأت أن طموحات الإصلاح، لا يمكن أن تتحقق إلا بتقليل سلطة وصلاحيات السكرتير العام للاتحاد جلال طالباني، وهو أمر عده الأخير خطاً أحمر له وللعناصر الحزبية المحسوبة على حاشيته المستفيدة من بقاء الأمور على حالها. ولكن الاحداث التي مر بها العراق في عام 2003، حال دون حصول ذلك الاصلاح. وكان لا بدّ أن تصل الأمور إلى نهايتها الطبيعية، ففي كانون الأول 2006 أعلن نوشيروان مصطفى استقالته من منصبه القيادي، دون أن يخرج من الاتحاد.


الاقتتال الداخلي


خلال الحملة الاعلامية لانتخابات برلمان ورئيس كردستان، اتهم نوشيروان مصطفى بانه مهندس الحروب الداخلية في كردستان، وقالت صحيفة كردية ان مصطفى سيرد عبر كتاب جديد ينشر فيه وثائق الاقتتال الداخلي يحمل اسم "حلم ام كابوس"، ويأتي الكتاب بعد ان اتهم بانه مهندس الحروب الداخلية التي حصلت في اقليم كردستان بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في تسعينيات القرن الماضي. ويحتوي الكتاب على اهم الاحداث التي حصلت بين عامي 1992 و 2002، ويبحث الجوانب الداخلية الخفية لتلك الحقبة التي شهدت حالات الاقتتال الداخلي بين الاحزاب الكردية.


نقطة اللاعودة


لم تنفع المحاولات الكثيرة لزعيم الاتحاد الوطني جلال طالباني، في إقناع نوشيروان بالتراجع عن موقعه، وأعلن الأخير بصراحة، أن "الخلافات وصلت إلى نقطة اللاعودة". وبدا نوشيروان مصطفى واثقاً من قدرته على تحشيد أنصاره، خاصة في صفوف الشباب الذين نشأوا في ظل حكومة كردية مستقلة عملياً عن بغداد، والذين صاروا الآن يتطلعون إلى ديمقراطية كاملة في الإقليم، وفرص متكافئة للجميع. ويبدو أن مصطفى قد سعى للتخلص من آثار صراعات الماضي، داخل حزبه، ومع الحزب الكردي المنافس، وهي صراعات كان له شخصياً دور كبير فيها، حتى أن بعض وسائل الإعلام الكردية الغاضبة من انشقاقه على حزبه الأم، أطلقت عليه لقب، مهندس الحروب الداخلية في كردستان. لذلك حرص على استقطاب الوجوه البارزة التي تمثل التطلعات الجديدة. وخير مثال على ذلك الناطق باسم قائمتة التغيير، الذي لم يكن متورطاً، بدور قيادي في مراحل الصراع الحزبي، الذي طالما اتخذ اشكالاً دموية.

من المرجح أن يديرا الحزبان الكبيران، الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، الحكومة القادمة بعيدا عن اشتراك المعارضة، وفي هذه الحالة، ستكون هناك معارضة قوية، تستطيع أن تقوم بدور رقابي يحسب له الحساب في البرلمان الكردي. لكن ليس من الستبعد أيضاً، أن يلجأ الحزبان إلى محاولة احتواء المعارضة الجديدة الصاعدة، عبر إشراكها في الحكم، والسلطة، والامتيازات. لكن الحال لن تعود كما كانت، فقد أصبح واضحاً، أن فكرة "الزعامة التاريخية"، وحدها لن تكون كافية، لإسكات الأصوات المطالبة بالاستحقاقات الجديدة، في عهد جديد، حساباته غير حسابات عهد الثورة والكفاح.


تأخر الانفصال عن الاتحاد الوطني


بخصوص تأخر انفصال نوشيروان مصطفى عن الاتحاد الوطني، قال مصطفى في لقاء له مع قناة "الجزيرة": عمر التجربة الكردية حوالي 18سنة في انتخابات عام 1992 الأولوية كانت لبناء أو لملء الفراغ الحاصل عن انسحاب الحكومة العراقية من إقليم كردستان، في الانتخابات الأولى كانت الأولوية لبناء مؤسسات الدولة في كردستان العراقية المؤسسات الدستورية مؤسسات الحكومة وملء الفراغ الإداري والسياسي والأمني الحاصل عن نتيجة انسحاب الإدارة العراقية من كردستان العراقية، في انتخابات 2005 المرحلة تغيرت والأولوية تغيرت في ذلك الوقت كانت في كردستان العراقية الوضع مستقر سياسيا وأمنيا وحتى اقتصاديا وكانت الأولوية لكتابة الدستور العراقي، ولذلك كان من المفروض أن يكون الخطاب الكردي خطابا موحدا لتثبيت مشاركة الأكراد في جهاز صنع القرار السياسي في العراق، وتمكنا بنجاح من مرور المرحلة، الآن الأولوية لمزيد من الإصلاحات الداخلية الإصلاح السياسي الإصلاح الاجتماعي الإصلاح الاقتصادي الإصلاح الثقافي.


شركة لادارة سياسية


بعد ثلاثة عقود مستمرة من العمل السياسي والكفاح المسلح في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان احد ابرز مؤسسيه، قرر السياسي الكردي المخضرم نوشيروان مصطفى أمين، 65 سنة، الابتعاد من منصبه كنائب للسكرتير العام للاتحاد الوطني رغم عدم تقديمه استقالة رسمية، أواخر العام المنصرم ليتفرغ لإدارة شركة اعلامية كبيرة تضم قناة فضائية وصحيفة يومية وموقعا الكترونيا. واسس شركة باسم "الكلمة" برأسمال قدره 10 ملايين دولار مقدم من الطالباني مع ملكية تلة زراعية وأراضي وبنايات داخل وخارج السليمانية، وانضم إليه عدد من المسؤولين في الاتحاد، وآلاف من قواعد الاتحاد الوطني. وبعد استكمال مشروعه الاعلامي، تزعم أمين حركة "التغيير"، في انتخابات كردستان التي جرت في 25 تموز من العام الجاري.


مفاجأة الانتخابات


لكن المفاجأة كانت بداية هذا العام حين أعلن مصطفى نيته دخول الانتخابات بقائمة مستقلة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، قائمة تحمل شعار "التغيير"، وخرجت القائمة من الانتخابات بحصولها على 25 مقعدا في برلمان اقليم كردستان.


موقف تاريخي للقيادي كوسرت رسول


في ظل محاولات القيادي السياسي المخضرم نوشيروان مصطفى للانفصال عن الاتحاد الوطني، تعرض نائب السكرتير العام للاتحاد كوسرت رسول الى ضغوطات كبيرة لكونه من الداعيين الاوائل للتغيير واصلاح الحزب، للخروج من الاتحاد مع مصطفى لقيادة حركة سياسية جديدة متسمة بالاصلاح والتجديد والتغيير، ولكن المرحلة التي يمر بها الاقليم المتسمة بانها تاريخية، لعدم حسم القضايا الرئيسية المصيرية مع الحكومة الاتحادية في بغداد، فان انفصال رسول عن الاتحاد مع مصطفى كان سيعرض مصير الكيان الكردستاني الى مخاطر كبيرة على الساحة السياسية، من ضمنها الاخطر عودة الاقتتال الداخلي، لان انفصال كوسرت رسول عن الاتحاد كان سيؤثر بصورة كاملة وخطيرة على مجمل الوضع السياسي في الاقليم برمته وعلى الرئيس جلال طالباني والاتحاد الوطني وعلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.

لهذا يرى بعض المحللين والمتابعين السياسيين ان كوسرت رسول سجل موقفا تاريخيا، من خلال وضعه الاعتبارات الوطنية للحفاظ على سلامة واستقرار اقليم كردستان فوق الاعتبارات الحزبية والشخصية، وبقي في الاتحاد الوطني، للعمل على اخراجه من الازمة التنظيمية والقيادية التي يمر بها الاتحاد برئاسة جلال طالباني.


رؤية نحو الحل الفيدرالي


وبخصوص الموقف الجديد للقوى السياسية الكردية، بعد الانتخابات، الذي ربما سيؤدي في المستقبل إلى ضعف في الموقف الكردي في بغداد، يقول مصطفى: نحن لا نرى الموقف الكردي الموحد في قائمة واحدة وإنما نرى الموقف الكردي الموحد في الخطاب السياسي الموحد، من الممكن الوصول إلى خطاب سياسي موحد مع كافة الأحزاب الكردستانية الموجودة في إقليم كردستان. وعن الحل الفيدرالي، يقول مصطفى: أنا أعتقد الحل الفيدرالي هو حل جيد جدا في هذه المرحلة لحل المشكلة الكردية في العراق وفعلا بقاء الأكراد ضمن الدولة العراقية قوة للأكراد وليس ضعفا للأكراد ولذلك أنا من مؤيديه، وكذلك أثناء كتابة الدستور العراقي أنا كنت موجودا في بغداد وشاركت في كتابة الدستور العراقي وصياغة العلاقات الفيدرالية بين الإقليم وبين الحكومة المركزية.


مستقبل العراق


وبصدد بقاء كردستان مع العراق هل هو موقف إستراتيجي أو موقف تكتيكي ربما يتغير مستقبلا إلى موقف آخر؟

يعلق نوشيروان مصطفى قائلا : في المستقبل القريب أعتقد سوف نبقى في الدولة العراقية ضمن الدولة العراقية لكن أنا لا أستطيع أن أتنبأ بالمستقبل لأنه قبل عشرين سنة كانت أوروبا على شكل آخر بعد عشرين سنة كانت على شكل آخر وكذلك بالنسبة إلى الشرق الأوسط أنا لا أستطيع أن أتنبأ ماذا يحصل بعد عشرين سنة من الآن.

وفي تقييمه للسياسة الكردية، قال أمين «هناك تذمر في أوساط الناس من أمور كثيرة وأنا من ضمن المتذمرين، وبتعبير آخر يمكن القول إن السياسة الكردية او القيادة الكردية تسير في الاتجاه الخاطئ». وبخصوص رؤيته للمستقبل السياسي لكردستان العراق، قال «اعتقد ان المسؤولين الكرد في كردستان هم مسؤولون ايضا عن الوضع الراهن في العراق، وأرى ان من واجب كل مواطن كردي أينما كان دعم حكومة اقليم كردستان ومؤسساتها ويكون سندا لها وألا يتسبب في اعطاء المبررات والمسوغات للأعداء لمحاربة هذه التجربة، وأرى ان على القيادة الكردية التركيز على تثبيت وتعزيز مؤسسات الحكومة في الاقليم وجعل ذلك هدفها الاساس».


الموقف من حقوق القوميات


واقترح نوشيروان ان يتم تثبيت الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتراثية للتركمان في دستور اقليم كردستان العراق وان يتم تسليم احدى السلطات الثلاث اليهم . مطالبا بتثبيت اللغة التركمانية في مدينة كركوك كلغة رسمية الى جانب اللغتين العربية والكردية ، بالاضافة الى تسليم الاجهزة والدوائر المحلية المهمة الى القوميات المختلفة بشكل دوري.

وأكد رئيس قائمة التغيير في مقال نشر في صحيفة روزنامة انه يجب خلق ارضية مناسبة من اجل اجراء محادثات حول اتفاق استراتيجي بين الكرد والتركمان، مشيرا الى تواجد القومية التركمانية منذ القدم في المنطقة.


الاعلام الكردي تقليد للاعلام البعثي


في لقاء مع «الشرق الاوسط»، قال نوشيروان بخصوص دور شركته المسماة بـ«وشه» وتعني بالكردية الكلمة، وعن دواعي انفصاله عن الاتحاد الوطني الكردستاني ان « كل عمل في الحياة يبدأ بالكلمة وشركة وشه مؤسسة اعلامية مستقلة سياسيا وماليا عن الاحزاب والحكومات خلافا لوسائل الاعلام الموجودة على الساحة الكردستانية التي هي اما حزبية او حكومية، إذ من المعروف ان الساحة في كردستان والعراق تخلو من الاعلام المستقل وهو أمر يعتبر نقصا كبيرا بالنسبة لبلد يخطو نحو الديمقراطية والاقتصاد الحر، وبرأيي لا يمكن بناء نظام ديمقراطي او تنمية اقتصاد حر ومتين بمعزل عن الاعلام الحر والمستقل، وبناء على ذلك نحاول عبر هذه الشركة خلق جهاز اعلامي حر ومستقل عن الحالة السياسية القائمة في كردستان». وفيما يتعلق بالجديد الذي اضافته مؤسسته الاعلامية، قال أمين «هناك بعض الصحف الاسبوعية المستقلة في كردستان ولكن ليس هناك إعلام مستقل وهو ما نسعى لتحقيقه».

وفي تقييمه للإعلام الكردي بصورة عامة، قال «سبق وان قلت مرارا وفي مناسبات عدة ان الاعلام الكردي يقلد الى حد كبير الاعلام البعثي السابق والذي كان يقلد بدوره الاعلام الذي كان سائدا في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق واوروبا الشرقية التي كان الاعلام فيها محتكرا من قبل الاحزاب كما هو الحال الآن مع وسائل الاعلام الموجودة حاليا في كل من السليمانية وأربيل، إذ لكل حزب وسائل إعلامه الخاصة وبالتالي لا وجود لإعلام مستقل بحد ذاته».


انا شريك في خطأ عدم تنفيذ المادة 140


وعن امكانية تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الاوضاع في كركوك، قال أمين «انها لن تنفذ مطلقا في الفترة المتبقية من سقفها الزمني، وذلك هو أحد الاخطاء التي ارتكبتها القيادة الكردية بإهمالها تنفيذ خطوات المادة الدستورية في مواعيدها المقررة منذ البداية، وقد أكون شريكا ومسؤولا عن ذلك الخطأ ايضا، وأعترف بمسؤوليتي في هذا الميدان ولن أتهرب من المسؤولية».


معارضة ام مشاركة في حكومة كردستان


حسب النتائج الأولية، فإن مسعود بارزاني، فاز برئاسة الإقليم، لدورة ثانية، وهي أول دورة ينتخب فيها من قبل مواطني الإقليم مباشرة، بنسبة وصلت إلى 70% من الاصوات. واحتفظ تحالف الحزبين، الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، بالأغلبية في البرلمان، وفق النتائج الانتخابية حسب المفوضية العليا المستقلة.

لكن البرلمان فيه هذه المرة معارضة كبيرة نسبياً. وهناك قائمتان رئيسيتان للمعارضة، هما قائمة التغيير، بزعامة نوشيروان مصطفى، التي فازت بـ 25 مقعدا، من خلال دخول الانتخابات بقائمة مستقلة، تحمل شعار التغيير ومحاربة الفساد. والقائمة الثانية، هي تحالف رباعي، غير مسبوق في المنطقة، بين حزبين يساريين، بجذور ماركسية، وحزبين إسلاميين، حصل على 13 مقعدا في البرلمان.


مستقبل المعارضة الكردستانية


ولكن السؤال المطروح، بالرغم من ادعاء القائمتين، التغيير والخدمات والاصلاح، بانهما سيبقيان في المعارضة، في الدورة الثالثة لبرلمان اقليم كردستان، هو الا تغريهما امتيازات المناصب والغرائز الشهوانية للسلطة التي تتحكم بالبرلمانيين والوزراء والمسؤولين في بغداد واربيل، مما جعل منهم ان يكونوا اسوأ قدوة للنظام السياسي الديمقراطي في العالم، واحتلال العراق للمرتبة الثانية والثالثة من قائمة اكثر الدول فسادا في العالم، دليل على عدم مصداقية نظام الحكم الحالي في العراق الجديد واتسامه بنهب الثروة والمال العام.

ومجموعة التغيير بقيادة نوشيروان مصطفى التي لم تقدر في احداث تغيير طفيف او ملموس وهي كانت في قمة القيادة للاتحاد الوطني لعقدين من الزمن، لا تقدر اليوم ان تحدث شيئا جديدا، بالرغم من فوزها من خلال رفعها شعارات براقة فارغة، لان المجموعة من نفس طينة اهل الفساد الذين يتحكمون بالعراق وباقليم كردستان.

ولكن مع هذا نأمل من كل الاحزاب الفائزة في برلمان كردستان، ان تدرك ان ساعة الحسم من خلال صوت الناخب الكردستاني قد حانت، وان لم تكن في هذه الدورة الانتخابية فانها آتية في الدورات الانتخابية المقبلة، لان الناخب ادرك اهمية صوته في تحديد حاضره ومستقبله، وادرك ايضا انه تمكن من تحطيم جدار الخوف الذي تربص بالانتخابات السابقة.

ولهذا نقول ان نوشيروان مصطفى بالرغم من عدم التأمل بقائمته، الا انه فعلا ارسى بداية الخطوة الاولى للتغيير في اقليم كردستان، ولكن يبقى هذا التغيير بحاجة الى التوسع والانفراج بخطوات مستقبلية من قبل سياسيين حكماء وليس من قبل رجال عملوا سياسيين في غفلة من الزمن، لم يكن هاجسهم سوى العمل للمصالح والمصالح ثم المصالح.

______________________________

* استشاري طب بيطري وكاتب ومحلل سياسي عراقي كردي
الدراسة منشورة في موقع (كردستان بوست)