ايمن عبدالله محمد
14-08-2010, 06:21 PM
بيعة أبي بكر والتهديد بحرق دار فاطمة من كتب الزيدية
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هذه مقتطفات هامة من أحد كتب الشيعة الزيدية التي سجلت تلك الأحداث المريرة
عقيب وفاة المصطفى صلى الله عليه وآله سلم فمن أراد الكتاب كاملا ففيه المزيد
{ كتاب المصابيح في السيرة والتاريخ }
تأليف : السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني
[إخباره صلى الله عليه وآله وسلم لما سيكون بعده من تبديل بعض أصحابه]
[115] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن أبي رافع، قال: كان أبو هريرة يحدث أن رسول الله صلّى الله عَلَيْهِ وآله وسَلّم قال: ((يَرِد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُجْلون عن الحوض، فأقول: أي رب، أصحابي أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى)).
[116] أخبرنا أحمد بن سعيد وجعفر بن سليمان بإسنادهما عن أبي عثمان النهدي، قال: كان رسول الله وعلي يمشيان، فمرا بحديقة فقال علي:ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله؟
فقال: ((يا علي، إن لك في الجنة أحسن منها)) حتى مرَّا بسبع يقول علي ذلك ويقول له رسول الله مثل ذلك القول، فضمه إليه وبكى.
فقال علي: ما يبكيك يارسول الله بأبي أنت وأمي؟
قال: ((ضغائن في صدور رجال من أمتي لا يبدونها لك إلاَّ بعدي)).
قال: يا رسول الله، في سلامة من ديني؟
قال: ((في سلامة من دينك)).
[ بيعة أبي بكر وكيف تمت]
[106] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن أبي طلحة الأنصاري قال: لما حفر لرسول الله وأُلحد له، فهم في ذلك إذْ نادى رجل عمر بن الخطاب، فخرج إليه ورسول الله يدفن، ثم رجع وأخذ بيد أبي بكر فسارّه، وخرجا وتبعهما أبو عبيدة بن الجراح، وقال لجماعة من قريش: انطلقوا بنا فقد جاءنا أمر عظيم في سقيفة بني ساعدة.
فانطلقوا إليها حتى كان من هَمَّ بها - البيعة - لأبي بكر، وتولى علي وأهل بيته وخواص من المهاجرين ونفر من الأنصار دفن رسول الله ليلة الخميس بعد هَزِيعٍ مضى منها.
[107] أخبرنا عبد الله بإسناده عن عروة بن المغيرة بن شعبة، قال:سمعت أبي يقول: إن أول من أخرج هذا الأمر من آل رسول الله أنا.
قلت: وكيف ذاك يا أبة ؟
قال: انطلقت يوم قُبِض رسول الله إلى باب حجرته، وقد اجتمع كثير من الناس وفيهم أبو بكر، فقلت له:ما يجلسك هاهنا؟
قال: ننتظر خروج علي بن أبي طالب فنبايعه، فإنه أولى بالقيام في أمر أمة محمد لسابقته وقرابته، مع علمه ومعرفته بالكتاب وشرائع الدين وقد عهد إلينا فيه رسول الله في حياته.
فقلت: يا أبا بكر، لئن فعلتموها لتكونن هرقْليَّة وقَيْصَرِيَّة، ينتظر بهذا الأمر الجنين في بطن أمه من أهل هذا البيت حتى تضع.
قال: فألقيتها في قلبه، ثم أتيت عمر بن الخطاب، فقلت: أدرك.
فقال: ومَا ذاك؟
قلت: إن أبا بكر جالس على باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر خروج علي بن أبي طالب ليبايعه، ولعمرى لئن فعلتموها لتكونن هرقلية وقيصرية تنتظر بها الحبلى في بطنها حتى تضع.
فقام عمر سريعاً واحمرت عيناه غضباً، حتى أتى أبا بكر، ثم قال: ما دعاك إلى ما يقول المغيرة، انظر يا أبا بكر لا تطمع بني هاشم في هذا الأمر فإنا إن فعلنا ذلك ذهبت الإمرة من قريش إلى آخر أيام الدنيا.
وأتاهما خبر سعد بن عبادة الأنصاري واجتماعهم في سقيفة بني ساعدة، فانطلق مع أبي بكر أبو عبيدة بن الجراح واجتمع إليهم المهاجرون من قريش وعدة من الأنصار حتى أتوهم وأبرموا أمرهم لبيعة أبي بكر وقد تنازعت فيه الأنصار وأكثروا المحاورة والكلام.
[موقف الإمام علي عليه السلام من بيعة أبي بكر وكشف دار فاطمة سلام الله عليها ]
[110] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي، بإسناده عن محمد بن يزيد بن ركانة قال: لما بويع لأبي بكر قعد عنه علي عليه السلام فلم يبايعه، وفر إليه طلحة والزبير فصارا معه في بيت فاطمة عليها السلام وأبيا البيعة لأبي بكر.
وقال كثير من المهاجرين والأنصار: إن هذا الأمر لا يصلح إلاّ لبني هاشم، وأولاهم به بعد رسول الله علي بن أبي طالب لسابقته وعلمه وقرابته، إلاّ الطلقاء وأشباههم فإنهم كرهوه لما في صدورهم، فجاء عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة إلى باب فاطمة، فقالوا: والله لتخرجن للبيعة أو لنحرقنّ عليكم البيت.
فصاحت فاطمة: يارسول الله، مالقينا بعدك.
فخرج عليهم الزبير مصلتاً بالسيف فحمل عليهم، فلما بصر به عياش قال لعمر: إتق الكلب، فألقى عليه عياش كساءً له حتى احتضنه، وانتزع السيف من يده فضرب به حجراً فكسره.
[111] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن عدي بن حاتم، قال: قالوا لأبي بكر: قد بايعك الناس كلهم إلاّ هذان الرجلان: علي بن أبي طالب والزبير بن العوام.
فأرسل إليهما، فأُتي بهما وعليهما سيفاهما، فأمر بسيفيهما فأخذا، ثم قيل للزبير: بايع.
قال: لا أبايع حتى يبايع علي.
فقيل لعلي: بايع.
قال: فإن لم أفعل فمه!؟
فقيل له: يضرب الذي فيه عيناك.
ومدوا يده، فقبض أصابعه ثم ر فع رأسه إلى السماء وقال: اللهم اشهد.
فمسحوا يده على يد أبي بكر، فأما سيف الزبير فإنهم كسروه بين حجرين، وأما سيف علي فردوه عليه.
[112] أخبرنا محمد بن جعفر الحداد السروي بإسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: كنت فيمن حمل الحطب إلى باب علي عليه السلام فقال عمر: والله لئن لم تخرج يا علي لأحرقن البيت بمن فيه.
[113] أخبرنا محمد بن جعفر الحداد بإسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم أراد أن يحرق على فاطمة بيتها، وقال: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أبا بكر أحرقت عليهم البيوت، فقلت لعمر: إن في البيت فاطمة، أفتحرقها؟
قال: سألتقي أنا وفاطمة.
[114] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن معمر قال: قلت للزهري: لم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر؟ يعني أبا بكر.
قال: لا ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي.
«قلت»: البيعة دعوى من الزُهْري، اللهم إلاّ على ماقدمنا من مسحهم يده على يد أبي بكر، وهذا تَحَجُجْ من ادعى الإجماع على بيعته، لثبوت أنه لم يبايع المهاجرون وعلي وغيرهم، فالبيعة تفتقر إلى البرهان.
[ منع فدك وإغضاب فاطمة ومنع الشيخين عن حضور جنازتها ]
[120] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:جاءت فاطمة بنت رسول الله إلى أبي بكر فقالت: إن رسول الله أعطاني فدكاً في حياته.
فقال أبو بكر ما يعلم بذلك.
قالت: أم أيمن تعلم، وتشهد لي بذلك، وقد قال رسول الله: ((إنها من أهل الجنة)).
فجاءت أم أيمن فشهدت لها بذلك، فرد أبو بكر فدك عليها وكتب لها بذلك كتابا، فخرجت فاطمة من عند أبي بكر والكتاب معها، فلقيها عمر بن الخطاب. فقال لها: من أين أقبلت يا بنت محمد؟.
قالت: جئت من عند أبي بكر سألته أن يرد عليَّ فدكاً، وشهدت عنده أم أيمن أن رسول الله أعطانيها، فردها عليَّ أبو بكر وكتب لي بذلك كتاباً.
فقال لها عمر: أريني الكتاب. فدفعته إليه فأخذه عمر، وتفل عليه ومحا ما فيه، وقال: إن رسول الله قال: ((إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو للمسلمين)).
فرجعت فاطمة باكيةً حزينة.
[121] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحديدي بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت على رسول الله ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾[الإسراء:26] دعا رسول الله فاطمة وأعطاها فدكاً.
[122] أخبرنا علي بن الحسن بن سليمان البجلي بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن فدكاً تسع قريات متصلات، حد منها مما يلي وادي القرى، غِلَّتها في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، لم تُضرب بخيل ولا ركاب، أعطاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة -عليها السلام- قبل أن يُقبض بأربع سنين، وكانت في يدها تحتمل غلاتها، وعبد يسمى جُنَيرا، وكيلها، فلما قبض رسول الله أنفذ أبو بكر رجلاً من قريش بعد خمسة عشر يوماً فأخرج وكيل فاطمة منها.
[123] وأخبرنا علي بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن الحسن عليهما السلام أنه أخرج وكيل فاطمة من فدك، وطلبها بالبينة بعد شهر من موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما ورد وكيل فاطمة عليها السلام وقال: أخرجني صاحب أبي بكر، سارت فاطمة عليها السلام ومعها أم أيمن ونسوة من قومها إلى أبي بكر، فقالت:فدك بيدي أعطانيها رسول الله وتعرض صاحبك لوكيلي.
فقال: يا بنت محمد أنت عندنا مصدقة إلاّ أن عليك البينة.
فقالت: يشهد لي علي بن أبي طالب، وأم أيمن.
فقال: هاتي فشهد أمير المؤمنين وأم أيمن، فكتب لها صحيفة وختمها فأخذتها، فاطمة عليها السلام فاستقبلها عمر، فقال: يا بنت محمد هلم الصحيفة، ونظر فيها وتفل فيها ومزقها.
[124] أخبرنا أحمد بن سعيد بن عثمان الثقفي بإسناده عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله يقول: ((إناَّ معاشر الأنبياء لانورث ماتركناه صدقة)).
فهجرته فاطمة عليها السلام ولم تكلمه حتى ماتت، ودفنها علي عليه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر.
قلت: والذي طلباه ميراثاً سهمه من خيبر، فأما فدك فقد كان لفاطمة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قدمنا وهو وجه الحديث.
[127] أخبرنا الحسن بن محمد بن مسلم الكوفي بإسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال: لما حضرت فاطمة الوفاة دعتني، فقالت:أمنفذ أنت وصيتي وعهدي أو والله لأوصين إلى غيرك.
قال: قلت: بل أنفذها.
قالت: أما الآن فلا يشهدني أبو بكر ولا عمر ولا يصليا عليَّ.
[ موقف البضعة الطاهرة من تلك الأحداث وحديثها مع نساء المهاجرين والأنصار ]
قال: ولما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار ذا صباح فقلن: كيف أصبحت يا بنت رسول الله عن علتك؟
قالت: أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، شنئتهم بعد إذ سَبَرْتهم، ولفظتهم بعد إذ عجمتهم، فقبحاً لفُلول الحد، وخَور القناة، وخطل الرأي، ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾[المائدة:80]، ويحهم أنَّى لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين، والطيبين لأهل الدنيا والدين، ﴿أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾[الزمر:15]، ومَا نقموا من أبي حسن نقموا والله نكير سيفه، ونكال وقعه، وشدة وطأته و تَنَمُّره في ذات الله، والله لو تكافئوا على زمامٍ نبذه إليه رسول الله لاعتقله، ولسار بهم سيرًا سجحاً، لا تكْلَم حشاشته، ولا تضع راكبه، ولأوردهم مورداً نميراً، تَمِير ضفتاه، ولأصْدَرهم بطاناً، قد تخيرهم الري، غير مُتَحَل منه بطائل إلاّ بغمرة الباهل وردعة سؤر الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا، وسيعذبهم الله بما كانوا يكسبون؛ ألا هلمنّ فاسمعنّ ومَا عِشْتُنَّ أراكنّ الدهر عجباً، إلى أي ركن لَجئوا؟، وبأي عروة تمسكوا؟ ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾[الحج:13]، ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾[الكهف:50]، استبدلوا - والله - الذُّنابا بالقوادم، والعجز بالكاهل فبعداً وسحقاً لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ﴿أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾[البقرة:12].
[ اعتراف لأبي بكر وندم حين وفاته ]
[130] أخبرنا علي بن الحسن بن سليمان البجلي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام، وبإسناد آخر عن عمرو بن أبي المقدام، وآخرين أن عبد الرحمن بن عوف دخل على أبي بكر في مرضه ( حديث طويل ومنه ) قال أبو بكر : إنني لا آسى من الدنيا إلاّ على ثلاث وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله عنها:
فأما اللواتي وددت أني تركتها: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة بنت رسول الله وإن كانوا أغلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة السلمي بالنار، - وكان يفعل به - ووددت يوم سقيفة بني ساعدة أني قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح، فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً. ... )
المصدر :
كتاب المصابيح في السيرة والتاريخ
تأليف : أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني المتوفى 353
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هذه مقتطفات هامة من أحد كتب الشيعة الزيدية التي سجلت تلك الأحداث المريرة
عقيب وفاة المصطفى صلى الله عليه وآله سلم فمن أراد الكتاب كاملا ففيه المزيد
{ كتاب المصابيح في السيرة والتاريخ }
تأليف : السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني
[إخباره صلى الله عليه وآله وسلم لما سيكون بعده من تبديل بعض أصحابه]
[115] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن أبي رافع، قال: كان أبو هريرة يحدث أن رسول الله صلّى الله عَلَيْهِ وآله وسَلّم قال: ((يَرِد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُجْلون عن الحوض، فأقول: أي رب، أصحابي أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى)).
[116] أخبرنا أحمد بن سعيد وجعفر بن سليمان بإسنادهما عن أبي عثمان النهدي، قال: كان رسول الله وعلي يمشيان، فمرا بحديقة فقال علي:ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله؟
فقال: ((يا علي، إن لك في الجنة أحسن منها)) حتى مرَّا بسبع يقول علي ذلك ويقول له رسول الله مثل ذلك القول، فضمه إليه وبكى.
فقال علي: ما يبكيك يارسول الله بأبي أنت وأمي؟
قال: ((ضغائن في صدور رجال من أمتي لا يبدونها لك إلاَّ بعدي)).
قال: يا رسول الله، في سلامة من ديني؟
قال: ((في سلامة من دينك)).
[ بيعة أبي بكر وكيف تمت]
[106] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن أبي طلحة الأنصاري قال: لما حفر لرسول الله وأُلحد له، فهم في ذلك إذْ نادى رجل عمر بن الخطاب، فخرج إليه ورسول الله يدفن، ثم رجع وأخذ بيد أبي بكر فسارّه، وخرجا وتبعهما أبو عبيدة بن الجراح، وقال لجماعة من قريش: انطلقوا بنا فقد جاءنا أمر عظيم في سقيفة بني ساعدة.
فانطلقوا إليها حتى كان من هَمَّ بها - البيعة - لأبي بكر، وتولى علي وأهل بيته وخواص من المهاجرين ونفر من الأنصار دفن رسول الله ليلة الخميس بعد هَزِيعٍ مضى منها.
[107] أخبرنا عبد الله بإسناده عن عروة بن المغيرة بن شعبة، قال:سمعت أبي يقول: إن أول من أخرج هذا الأمر من آل رسول الله أنا.
قلت: وكيف ذاك يا أبة ؟
قال: انطلقت يوم قُبِض رسول الله إلى باب حجرته، وقد اجتمع كثير من الناس وفيهم أبو بكر، فقلت له:ما يجلسك هاهنا؟
قال: ننتظر خروج علي بن أبي طالب فنبايعه، فإنه أولى بالقيام في أمر أمة محمد لسابقته وقرابته، مع علمه ومعرفته بالكتاب وشرائع الدين وقد عهد إلينا فيه رسول الله في حياته.
فقلت: يا أبا بكر، لئن فعلتموها لتكونن هرقْليَّة وقَيْصَرِيَّة، ينتظر بهذا الأمر الجنين في بطن أمه من أهل هذا البيت حتى تضع.
قال: فألقيتها في قلبه، ثم أتيت عمر بن الخطاب، فقلت: أدرك.
فقال: ومَا ذاك؟
قلت: إن أبا بكر جالس على باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر خروج علي بن أبي طالب ليبايعه، ولعمرى لئن فعلتموها لتكونن هرقلية وقيصرية تنتظر بها الحبلى في بطنها حتى تضع.
فقام عمر سريعاً واحمرت عيناه غضباً، حتى أتى أبا بكر، ثم قال: ما دعاك إلى ما يقول المغيرة، انظر يا أبا بكر لا تطمع بني هاشم في هذا الأمر فإنا إن فعلنا ذلك ذهبت الإمرة من قريش إلى آخر أيام الدنيا.
وأتاهما خبر سعد بن عبادة الأنصاري واجتماعهم في سقيفة بني ساعدة، فانطلق مع أبي بكر أبو عبيدة بن الجراح واجتمع إليهم المهاجرون من قريش وعدة من الأنصار حتى أتوهم وأبرموا أمرهم لبيعة أبي بكر وقد تنازعت فيه الأنصار وأكثروا المحاورة والكلام.
[موقف الإمام علي عليه السلام من بيعة أبي بكر وكشف دار فاطمة سلام الله عليها ]
[110] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي، بإسناده عن محمد بن يزيد بن ركانة قال: لما بويع لأبي بكر قعد عنه علي عليه السلام فلم يبايعه، وفر إليه طلحة والزبير فصارا معه في بيت فاطمة عليها السلام وأبيا البيعة لأبي بكر.
وقال كثير من المهاجرين والأنصار: إن هذا الأمر لا يصلح إلاّ لبني هاشم، وأولاهم به بعد رسول الله علي بن أبي طالب لسابقته وعلمه وقرابته، إلاّ الطلقاء وأشباههم فإنهم كرهوه لما في صدورهم، فجاء عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة إلى باب فاطمة، فقالوا: والله لتخرجن للبيعة أو لنحرقنّ عليكم البيت.
فصاحت فاطمة: يارسول الله، مالقينا بعدك.
فخرج عليهم الزبير مصلتاً بالسيف فحمل عليهم، فلما بصر به عياش قال لعمر: إتق الكلب، فألقى عليه عياش كساءً له حتى احتضنه، وانتزع السيف من يده فضرب به حجراً فكسره.
[111] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن عدي بن حاتم، قال: قالوا لأبي بكر: قد بايعك الناس كلهم إلاّ هذان الرجلان: علي بن أبي طالب والزبير بن العوام.
فأرسل إليهما، فأُتي بهما وعليهما سيفاهما، فأمر بسيفيهما فأخذا، ثم قيل للزبير: بايع.
قال: لا أبايع حتى يبايع علي.
فقيل لعلي: بايع.
قال: فإن لم أفعل فمه!؟
فقيل له: يضرب الذي فيه عيناك.
ومدوا يده، فقبض أصابعه ثم ر فع رأسه إلى السماء وقال: اللهم اشهد.
فمسحوا يده على يد أبي بكر، فأما سيف الزبير فإنهم كسروه بين حجرين، وأما سيف علي فردوه عليه.
[112] أخبرنا محمد بن جعفر الحداد السروي بإسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: كنت فيمن حمل الحطب إلى باب علي عليه السلام فقال عمر: والله لئن لم تخرج يا علي لأحرقن البيت بمن فيه.
[113] أخبرنا محمد بن جعفر الحداد بإسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم أراد أن يحرق على فاطمة بيتها، وقال: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أبا بكر أحرقت عليهم البيوت، فقلت لعمر: إن في البيت فاطمة، أفتحرقها؟
قال: سألتقي أنا وفاطمة.
[114] أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي بإسناده عن معمر قال: قلت للزهري: لم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر؟ يعني أبا بكر.
قال: لا ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي.
«قلت»: البيعة دعوى من الزُهْري، اللهم إلاّ على ماقدمنا من مسحهم يده على يد أبي بكر، وهذا تَحَجُجْ من ادعى الإجماع على بيعته، لثبوت أنه لم يبايع المهاجرون وعلي وغيرهم، فالبيعة تفتقر إلى البرهان.
[ منع فدك وإغضاب فاطمة ومنع الشيخين عن حضور جنازتها ]
[120] أخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:جاءت فاطمة بنت رسول الله إلى أبي بكر فقالت: إن رسول الله أعطاني فدكاً في حياته.
فقال أبو بكر ما يعلم بذلك.
قالت: أم أيمن تعلم، وتشهد لي بذلك، وقد قال رسول الله: ((إنها من أهل الجنة)).
فجاءت أم أيمن فشهدت لها بذلك، فرد أبو بكر فدك عليها وكتب لها بذلك كتابا، فخرجت فاطمة من عند أبي بكر والكتاب معها، فلقيها عمر بن الخطاب. فقال لها: من أين أقبلت يا بنت محمد؟.
قالت: جئت من عند أبي بكر سألته أن يرد عليَّ فدكاً، وشهدت عنده أم أيمن أن رسول الله أعطانيها، فردها عليَّ أبو بكر وكتب لي بذلك كتاباً.
فقال لها عمر: أريني الكتاب. فدفعته إليه فأخذه عمر، وتفل عليه ومحا ما فيه، وقال: إن رسول الله قال: ((إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو للمسلمين)).
فرجعت فاطمة باكيةً حزينة.
[121] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحديدي بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت على رسول الله ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾[الإسراء:26] دعا رسول الله فاطمة وأعطاها فدكاً.
[122] أخبرنا علي بن الحسن بن سليمان البجلي بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن فدكاً تسع قريات متصلات، حد منها مما يلي وادي القرى، غِلَّتها في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، لم تُضرب بخيل ولا ركاب، أعطاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة -عليها السلام- قبل أن يُقبض بأربع سنين، وكانت في يدها تحتمل غلاتها، وعبد يسمى جُنَيرا، وكيلها، فلما قبض رسول الله أنفذ أبو بكر رجلاً من قريش بعد خمسة عشر يوماً فأخرج وكيل فاطمة منها.
[123] وأخبرنا علي بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن الحسن عليهما السلام أنه أخرج وكيل فاطمة من فدك، وطلبها بالبينة بعد شهر من موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما ورد وكيل فاطمة عليها السلام وقال: أخرجني صاحب أبي بكر، سارت فاطمة عليها السلام ومعها أم أيمن ونسوة من قومها إلى أبي بكر، فقالت:فدك بيدي أعطانيها رسول الله وتعرض صاحبك لوكيلي.
فقال: يا بنت محمد أنت عندنا مصدقة إلاّ أن عليك البينة.
فقالت: يشهد لي علي بن أبي طالب، وأم أيمن.
فقال: هاتي فشهد أمير المؤمنين وأم أيمن، فكتب لها صحيفة وختمها فأخذتها، فاطمة عليها السلام فاستقبلها عمر، فقال: يا بنت محمد هلم الصحيفة، ونظر فيها وتفل فيها ومزقها.
[124] أخبرنا أحمد بن سعيد بن عثمان الثقفي بإسناده عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله يقول: ((إناَّ معاشر الأنبياء لانورث ماتركناه صدقة)).
فهجرته فاطمة عليها السلام ولم تكلمه حتى ماتت، ودفنها علي عليه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر.
قلت: والذي طلباه ميراثاً سهمه من خيبر، فأما فدك فقد كان لفاطمة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قدمنا وهو وجه الحديث.
[127] أخبرنا الحسن بن محمد بن مسلم الكوفي بإسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال: لما حضرت فاطمة الوفاة دعتني، فقالت:أمنفذ أنت وصيتي وعهدي أو والله لأوصين إلى غيرك.
قال: قلت: بل أنفذها.
قالت: أما الآن فلا يشهدني أبو بكر ولا عمر ولا يصليا عليَّ.
[ موقف البضعة الطاهرة من تلك الأحداث وحديثها مع نساء المهاجرين والأنصار ]
قال: ولما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار ذا صباح فقلن: كيف أصبحت يا بنت رسول الله عن علتك؟
قالت: أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، شنئتهم بعد إذ سَبَرْتهم، ولفظتهم بعد إذ عجمتهم، فقبحاً لفُلول الحد، وخَور القناة، وخطل الرأي، ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾[المائدة:80]، ويحهم أنَّى لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين، والطيبين لأهل الدنيا والدين، ﴿أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾[الزمر:15]، ومَا نقموا من أبي حسن نقموا والله نكير سيفه، ونكال وقعه، وشدة وطأته و تَنَمُّره في ذات الله، والله لو تكافئوا على زمامٍ نبذه إليه رسول الله لاعتقله، ولسار بهم سيرًا سجحاً، لا تكْلَم حشاشته، ولا تضع راكبه، ولأوردهم مورداً نميراً، تَمِير ضفتاه، ولأصْدَرهم بطاناً، قد تخيرهم الري، غير مُتَحَل منه بطائل إلاّ بغمرة الباهل وردعة سؤر الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا، وسيعذبهم الله بما كانوا يكسبون؛ ألا هلمنّ فاسمعنّ ومَا عِشْتُنَّ أراكنّ الدهر عجباً، إلى أي ركن لَجئوا؟، وبأي عروة تمسكوا؟ ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾[الحج:13]، ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾[الكهف:50]، استبدلوا - والله - الذُّنابا بالقوادم، والعجز بالكاهل فبعداً وسحقاً لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ﴿أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾[البقرة:12].
[ اعتراف لأبي بكر وندم حين وفاته ]
[130] أخبرنا علي بن الحسن بن سليمان البجلي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام، وبإسناد آخر عن عمرو بن أبي المقدام، وآخرين أن عبد الرحمن بن عوف دخل على أبي بكر في مرضه ( حديث طويل ومنه ) قال أبو بكر : إنني لا آسى من الدنيا إلاّ على ثلاث وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله عنها:
فأما اللواتي وددت أني تركتها: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة بنت رسول الله وإن كانوا أغلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة السلمي بالنار، - وكان يفعل به - ووددت يوم سقيفة بني ساعدة أني قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح، فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً. ... )
المصدر :
كتاب المصابيح في السيرة والتاريخ
تأليف : أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني المتوفى 353