ابو فاطمة العذاري
15-08-2010, 02:38 AM
أولى مؤامرات المنقلبين على الأعقاب قتل الزهراء
الإيمان ليس شعارات وليس شكلا وزيا يرتديه الشخص فيكون مؤمنا بل إنما هو عقيدة صلبة وأخلاق سامية وعمل صالح وإلا فان كشف زيفه بصورة واضحة يتم عبر إظهار خبايا النفس الإنسانية المتمثل ببروز الأنا في مقابل الأوامر الإلهية وهو يتم من خلال صدور الأمر الرباني بطاعة أشخاص ( أولياء ) قرن الله طاعتهم بطاعته والوقوف بالضد من أولئك الأولياء .
أولياء الله هم بشر مثلنا تماماً في العيش والحاجة إلى الطعام والمشي في الأسواق ومن ثم الموت وما بين ذلك من مرض و صحة وحالات أخرى على الرغم من أنهم منحوا من الله تعالى معرفة وقدرة على تسخير الموجودات وخرق الظواهر الطبيعية إلا أنهم يعيشون مثلنا تماما .
من هنا أصبح الاختبار الرباني عبر الاعتراف بأفضليتهم على الجميع هو الشيء الأبرز الكاشف عن كوامن النفس وحبها للأنا بينما يكون المقر بأفضلية الأولياء الذين فضلهم الله في حقيقته إنما هو مقر لله تعالى ، وبالتالي فان إتباعهم هو إتباع لله فنحن دوما نسمع القران وهو يقول : (من يطع الرسول فقد أطاع الله).
في تاريخ الأنبياء مثلا نجد ان الله تعالى أراد ان يختبر النفوس في بني إسرائيل فواعد موسى ثلاثين ليلة ثم زادها عشرة ليال في حينها استفرد القوم بَهروُن الذي كان هو خليفة موسى والمصيبة ان تجرئهم وصل مع هرون الى انه كان معرضّاً للقتل من نفس قوم موسى قال تعالى :
]قال أبن انّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تُشمت بي
الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين [ 150/7.
وألان لنعود ونطالع في التأريخ الإسلامي ..
يستشهد النبي محمد (e) في ظروف غامضة و غريبة وبإعراض مرضية ليست اعتيادية وكافة ملابساتها تؤشر انه اغتيال داخلي تأمر فيه مجموعة من المنافقين بواسطة أيدي خبيثة من خلال بعض زوجاته .
الملفت للنضر ان ذلك حدث في وقت قريب من إعلانه ( ص ) العام عن الخليفة من بعده في غدير خم ولكن في أجواء حبك مؤامراتي تم استبعاد هذا الخليفة ليستمر إقصائه الى ما بعد حكم ثلاثة متسلطين اخذوا الخلافة ظلما ولثلاثة عقود من الزمن ومن ثم استلامه الخلافة تحت ظروف قاسية من خلال انقلاب الداخل والخارج عليه عبر مؤامرات متلاحقة لحربه .
في عين الوقت إقرار تام من المتآمرين بأفضليته و بأهليته للخلافة وبعد كل ذلك وبعد خوضه هذه الحروب المدبرة يُقتل غيلة في مِحرابه.
والغريب انه لمدة ألف وأربعمائة سنة يتواصل المأجورون عبيد ( الأنا ) وهم ورثة المتآمرون عبيد ( الأنا ) من الطغاة الأوائل من خلال منشوراتهم ومحاضراتهم وإعلامهم الوسخ ويقولون ان هذا الصراع وهذهِ المذابح كانت عبارة عن ( اجتهاد طبيعي في أمور الدين ) وإنها ( لا تقدح بعدالة الصحابة الكرام ).
ان المشكلة المزمنة التي تعيشها الأمة لازالت قائمة مع الذين زعموا ان موضوع القيادة والخلافة من بعد الأنبياء موضوع يتعلق باختيار الناس ولو دققنا لوجدنا إنما هو رفض متوجه للقادّه الذين يعينهم الأنبياء (ع) بل متوجه إلى الأنبياء أنفسهم وهو بحقيقته رفض بصورة مباشرة إلى اختيار الله تعالى ومعناه بالتالي أنهم يريدون من الله تعالى ان يتخلى عن ربوبيته في رفضهم لأوليائه ومن يختارهم هو جل في علاه .
ونحن حين نقرا الدعاء الشديد والقاسي الوارد عن أمير المؤمنين (ع) على الذين سنوا هذه السنة وحرفوا الإسلام عن مساره الحقيقي واوجدوا أفعال ترتب على الشروع فيها انحراف جماهير المسلمين عبر التاريخ فقد ورد في بحار الأنوار ج85ص240:
(( اللهم صلي على محمد وآل محمد اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وافكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك وعطلا أحكامك وابطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعاديا أوليائك وواليا أعدائك وخربا بلادك وافسدا عبادك اللهم العنهما واتباعهما وأوليائهما وأشياعهما ومحبيهما فقد اخربا بيت النبوة وردما بابه ونقضا سقفه والحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارث علمه وجحدا امامته وأشركا بربهما فعظم ذنبهما وخلدهما (وخلاهما) في سقر وماأدراك ماسقر لاتبقي ولاتذر اللهم العنهم بعدد كل منكر اتوه وحق أخفوه ومنبر علوه ومؤمن أرجوه ومنافق ولوه وولي آذوه وطريد آووه وصادق طردوه وكافر نصروه وامام قهروه وفرض غيروه وآخر أنكروه وشر آثروه ودم أراقوه وخبر بدلوه وحكم قلبوه وكفر أبدعوه وكذب دلسوه وارث غصبوه وفيىء اقتطعوه وسحت أكلوه وخمس استحلوه وباطل أسسوه وجور بسطوه وظلم نشروه ووعد اخلفوه وعهد نقضوه وحلال حرموه وحرام حللوه ونفاق أسروه وغدر أضمروه وبطن فتقوه وضلع كسروه (دقوه) وجنين أسقطوه وصك مزقوه وشمل بددوه وعزيز أذلوه وذليل أعزوه وحق منعوه وامام خالفوه اللهم العنهما بكل آية حرفوها وفريضة تركوها وسنة غيروها وأحكام عطلوها ورسوم منعوها وأحكام قطعوها وشهادات كتموها ووصية ضيعوها وأيمان (بيعة) نكثوها ودعوى أبطلوها وبينة أنكروها وحيلة أحدثوها وخيانة أوردوها وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها وأزياف لزموها وأمانات خانوها اللهم العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سرمدا لاانقطاع لأمده ولانفاد لعدده لعنا يغدو أوله ولايروح آخره لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمائلين اليهم والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم ثم تقول أربع مرات : اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار ,آمين رب العالمين ))
أن عملية التأسيس في خط الضلال تقع على عاتق من فتح باب التحريف في رسالة الله تعالى وإقصاء الأولياء عن حقهم ثم ان النتائج السيئة مستمرة حتى تقوم الساعة أو حين ظهور القائد الموعود .
توقف بسبب هذه المجموعة عملية انتشار دين الله وسيطرة حكومة الأولياء على الأرض لتحقيق يوم البشرية الموعود فكانت القيادة البديلة تسعى الى إيقاف حركة الرسالة .
ان اكبر جريمة قام بها هؤلاء التي أثبتها الواقع التاريخي هي جريمة ان فاطمة الزهراء قد قتلت عن عمدٍ وبصورة سرّية على يد كبار المنافقين.
و من بعد شهادتها حُمل علي بن ابي طالب إلى المسجد محاط بالمسلحين ومن ثم أمروه بإعلان بيعة لأبي بكر.
ولا ينكر من المؤرخين احد – السنة قبل الشيعة - ما ورد عن وصيتّها بحرمان الصّحابة المعروفين من حضور جنازتها وهي علامة أكيدة على الجريمة، كما انّ إخفاء موضع قبرها عن الجميع علامة أخرى.
واليك الحقيقة من مصادر اهل السنة :
قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) :
فخرجوا فبايعوا إلاّ علياً (عليه السلام) فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقاً؟
إلى أن قال: ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة (عليها السلام) فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟!
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر!!
(الإمامة والسياسة، ابن قتيبة )
قال اليعقوبي (ت 284 هـ):
وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في منزل فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج عليّ (عليها السلام) ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة (عليها السلام)فقالت: والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري ولاعجنّ إلى الله!
فخرجوا وخرج مَن كان في الدار
(تاريخ اليعقوبي )
وقال الجوهري:
بسنده عن أبي الأسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب علي (عليه السلام) والزبير، فدخلا بيت فاطمة (عليها السلام)، معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن خضير، وسلمة بن سلامة بن قريش، وهما من بني عبد الأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهما الله.
فأخذوا سيفيهما فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما! فأخرجهما عمر يسوقهما
(السقيفة وفدك )
وقال ابن أبي شيبة (ت 235 هـ): حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيدالله بن عمر، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان علي (عليه السلام) والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم.
فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) فقال لها:... وأيم الله ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت؟
( الكتاب المصنف، ابن أبي شيبة: 7 / 432 ح 37045، ) ( مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام)، السيوطي: 20 ـ 21 ح 31، ) ( كنز العمال، الهندي: 5 / 651 ح 14138.)
قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) تحت عنوان: كيف كانت بيعة علي (عليه السلام): وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السلام)فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفسُ عمر بيده
لتخرجن أو لأحرقنها على مَن فيها!
فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة (عليها السلام)؟
فقال: وإن!!
( الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 19، ) ( أعلام النساء، كحالة: 4 / 114)
وقال أبو بكر الجوهري (ت 323 هـ): حدّثني أبو زيد عمر بن شبة، عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة (عليها السلام) في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين.
فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنَّ البيت عليكم!
فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره! ثمّ أخرجهم بتلابيبهم يُساقون سوقاً عنيفاً حتى بايعوا أبا بكر
( السقيفة وفدك، الجوهري: 71 و 50، ) ( شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 48 و 2 / 56)
وقال ابن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 هـ) قال تحت عنوان: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة.
فأمّا علي (عليه السلام) والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة (عليها السلام)حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة (عليها السلام)وقال له: إن أبوا فقاتلهم!
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة (عليها السلام)، فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟
وقال الشهرستاني (ت 548 هـ) عن إبراهيم بن سيار بن هانىء النظام: أنّ عمر كان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
( كتاب الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 59 )
وقال شاعر النيل حافظ ابراهيم تحت عنوان عمر وعلي:
وقولة لعليّ قالها عمر
أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حَرَّقْتُ دارك لا أُبقي عليك بها
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غيرُ أبي حفص يفوه بها
أمام فارس عدنان وحاميها
وقال المؤرخ المسعودي (ت 346 هـ):
فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه، وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرهاً، وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً
( إثبات الوصية، المسعودي: 124)
وقال الشهرستاني (548 هـ):
عن إبراهيم بن سيار بن هانيء النظام قال: إن عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها
( كتاب الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 59)
وقال الجويني (ت 730 هـ):
روى بسنده عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في حقّ فاطمة (عليها السلام) ـ: وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، فتذكر انقطاع الوحي من بيتها مرة، وتتذكر فراقي اُخرى، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي التي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة، وعند ذلك يونسها الله تعالى ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ـ اللهمَّ العن من ظلمها وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنينها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين
( فرائد السمطين، الجويني: 2 / 34 ـ 35 ح 371 )
وقال ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ):
قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرخ موته كان مستقيم الأمر عامة دهره ثمّ في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب حضرته ورجل يقرأ عليه أن عمر رفس(1) فاطمة (عليها السلام) حتى أسقطت بمحسن
( لسان الميزان، ابن حجر: 1 / 268، ترجمة رقم: 824 )
ابو فاطمة العذاري
الإيمان ليس شعارات وليس شكلا وزيا يرتديه الشخص فيكون مؤمنا بل إنما هو عقيدة صلبة وأخلاق سامية وعمل صالح وإلا فان كشف زيفه بصورة واضحة يتم عبر إظهار خبايا النفس الإنسانية المتمثل ببروز الأنا في مقابل الأوامر الإلهية وهو يتم من خلال صدور الأمر الرباني بطاعة أشخاص ( أولياء ) قرن الله طاعتهم بطاعته والوقوف بالضد من أولئك الأولياء .
أولياء الله هم بشر مثلنا تماماً في العيش والحاجة إلى الطعام والمشي في الأسواق ومن ثم الموت وما بين ذلك من مرض و صحة وحالات أخرى على الرغم من أنهم منحوا من الله تعالى معرفة وقدرة على تسخير الموجودات وخرق الظواهر الطبيعية إلا أنهم يعيشون مثلنا تماما .
من هنا أصبح الاختبار الرباني عبر الاعتراف بأفضليتهم على الجميع هو الشيء الأبرز الكاشف عن كوامن النفس وحبها للأنا بينما يكون المقر بأفضلية الأولياء الذين فضلهم الله في حقيقته إنما هو مقر لله تعالى ، وبالتالي فان إتباعهم هو إتباع لله فنحن دوما نسمع القران وهو يقول : (من يطع الرسول فقد أطاع الله).
في تاريخ الأنبياء مثلا نجد ان الله تعالى أراد ان يختبر النفوس في بني إسرائيل فواعد موسى ثلاثين ليلة ثم زادها عشرة ليال في حينها استفرد القوم بَهروُن الذي كان هو خليفة موسى والمصيبة ان تجرئهم وصل مع هرون الى انه كان معرضّاً للقتل من نفس قوم موسى قال تعالى :
]قال أبن انّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تُشمت بي
الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين [ 150/7.
وألان لنعود ونطالع في التأريخ الإسلامي ..
يستشهد النبي محمد (e) في ظروف غامضة و غريبة وبإعراض مرضية ليست اعتيادية وكافة ملابساتها تؤشر انه اغتيال داخلي تأمر فيه مجموعة من المنافقين بواسطة أيدي خبيثة من خلال بعض زوجاته .
الملفت للنضر ان ذلك حدث في وقت قريب من إعلانه ( ص ) العام عن الخليفة من بعده في غدير خم ولكن في أجواء حبك مؤامراتي تم استبعاد هذا الخليفة ليستمر إقصائه الى ما بعد حكم ثلاثة متسلطين اخذوا الخلافة ظلما ولثلاثة عقود من الزمن ومن ثم استلامه الخلافة تحت ظروف قاسية من خلال انقلاب الداخل والخارج عليه عبر مؤامرات متلاحقة لحربه .
في عين الوقت إقرار تام من المتآمرين بأفضليته و بأهليته للخلافة وبعد كل ذلك وبعد خوضه هذه الحروب المدبرة يُقتل غيلة في مِحرابه.
والغريب انه لمدة ألف وأربعمائة سنة يتواصل المأجورون عبيد ( الأنا ) وهم ورثة المتآمرون عبيد ( الأنا ) من الطغاة الأوائل من خلال منشوراتهم ومحاضراتهم وإعلامهم الوسخ ويقولون ان هذا الصراع وهذهِ المذابح كانت عبارة عن ( اجتهاد طبيعي في أمور الدين ) وإنها ( لا تقدح بعدالة الصحابة الكرام ).
ان المشكلة المزمنة التي تعيشها الأمة لازالت قائمة مع الذين زعموا ان موضوع القيادة والخلافة من بعد الأنبياء موضوع يتعلق باختيار الناس ولو دققنا لوجدنا إنما هو رفض متوجه للقادّه الذين يعينهم الأنبياء (ع) بل متوجه إلى الأنبياء أنفسهم وهو بحقيقته رفض بصورة مباشرة إلى اختيار الله تعالى ومعناه بالتالي أنهم يريدون من الله تعالى ان يتخلى عن ربوبيته في رفضهم لأوليائه ومن يختارهم هو جل في علاه .
ونحن حين نقرا الدعاء الشديد والقاسي الوارد عن أمير المؤمنين (ع) على الذين سنوا هذه السنة وحرفوا الإسلام عن مساره الحقيقي واوجدوا أفعال ترتب على الشروع فيها انحراف جماهير المسلمين عبر التاريخ فقد ورد في بحار الأنوار ج85ص240:
(( اللهم صلي على محمد وآل محمد اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وافكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك وعطلا أحكامك وابطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعاديا أوليائك وواليا أعدائك وخربا بلادك وافسدا عبادك اللهم العنهما واتباعهما وأوليائهما وأشياعهما ومحبيهما فقد اخربا بيت النبوة وردما بابه ونقضا سقفه والحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارث علمه وجحدا امامته وأشركا بربهما فعظم ذنبهما وخلدهما (وخلاهما) في سقر وماأدراك ماسقر لاتبقي ولاتذر اللهم العنهم بعدد كل منكر اتوه وحق أخفوه ومنبر علوه ومؤمن أرجوه ومنافق ولوه وولي آذوه وطريد آووه وصادق طردوه وكافر نصروه وامام قهروه وفرض غيروه وآخر أنكروه وشر آثروه ودم أراقوه وخبر بدلوه وحكم قلبوه وكفر أبدعوه وكذب دلسوه وارث غصبوه وفيىء اقتطعوه وسحت أكلوه وخمس استحلوه وباطل أسسوه وجور بسطوه وظلم نشروه ووعد اخلفوه وعهد نقضوه وحلال حرموه وحرام حللوه ونفاق أسروه وغدر أضمروه وبطن فتقوه وضلع كسروه (دقوه) وجنين أسقطوه وصك مزقوه وشمل بددوه وعزيز أذلوه وذليل أعزوه وحق منعوه وامام خالفوه اللهم العنهما بكل آية حرفوها وفريضة تركوها وسنة غيروها وأحكام عطلوها ورسوم منعوها وأحكام قطعوها وشهادات كتموها ووصية ضيعوها وأيمان (بيعة) نكثوها ودعوى أبطلوها وبينة أنكروها وحيلة أحدثوها وخيانة أوردوها وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها وأزياف لزموها وأمانات خانوها اللهم العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سرمدا لاانقطاع لأمده ولانفاد لعدده لعنا يغدو أوله ولايروح آخره لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمائلين اليهم والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم ثم تقول أربع مرات : اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار ,آمين رب العالمين ))
أن عملية التأسيس في خط الضلال تقع على عاتق من فتح باب التحريف في رسالة الله تعالى وإقصاء الأولياء عن حقهم ثم ان النتائج السيئة مستمرة حتى تقوم الساعة أو حين ظهور القائد الموعود .
توقف بسبب هذه المجموعة عملية انتشار دين الله وسيطرة حكومة الأولياء على الأرض لتحقيق يوم البشرية الموعود فكانت القيادة البديلة تسعى الى إيقاف حركة الرسالة .
ان اكبر جريمة قام بها هؤلاء التي أثبتها الواقع التاريخي هي جريمة ان فاطمة الزهراء قد قتلت عن عمدٍ وبصورة سرّية على يد كبار المنافقين.
و من بعد شهادتها حُمل علي بن ابي طالب إلى المسجد محاط بالمسلحين ومن ثم أمروه بإعلان بيعة لأبي بكر.
ولا ينكر من المؤرخين احد – السنة قبل الشيعة - ما ورد عن وصيتّها بحرمان الصّحابة المعروفين من حضور جنازتها وهي علامة أكيدة على الجريمة، كما انّ إخفاء موضع قبرها عن الجميع علامة أخرى.
واليك الحقيقة من مصادر اهل السنة :
قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) :
فخرجوا فبايعوا إلاّ علياً (عليه السلام) فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقاً؟
إلى أن قال: ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة (عليها السلام) فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟!
فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر!!
(الإمامة والسياسة، ابن قتيبة )
قال اليعقوبي (ت 284 هـ):
وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في منزل فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج عليّ (عليها السلام) ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة (عليها السلام)فقالت: والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري ولاعجنّ إلى الله!
فخرجوا وخرج مَن كان في الدار
(تاريخ اليعقوبي )
وقال الجوهري:
بسنده عن أبي الأسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب علي (عليه السلام) والزبير، فدخلا بيت فاطمة (عليها السلام)، معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن خضير، وسلمة بن سلامة بن قريش، وهما من بني عبد الأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهما الله.
فأخذوا سيفيهما فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما! فأخرجهما عمر يسوقهما
(السقيفة وفدك )
وقال ابن أبي شيبة (ت 235 هـ): حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيدالله بن عمر، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان علي (عليه السلام) والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم.
فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) فقال لها:... وأيم الله ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت؟
( الكتاب المصنف، ابن أبي شيبة: 7 / 432 ح 37045، ) ( مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام)، السيوطي: 20 ـ 21 ح 31، ) ( كنز العمال، الهندي: 5 / 651 ح 14138.)
قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) تحت عنوان: كيف كانت بيعة علي (عليه السلام): وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السلام)فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفسُ عمر بيده
لتخرجن أو لأحرقنها على مَن فيها!
فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة (عليها السلام)؟
فقال: وإن!!
( الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 19، ) ( أعلام النساء، كحالة: 4 / 114)
وقال أبو بكر الجوهري (ت 323 هـ): حدّثني أبو زيد عمر بن شبة، عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة (عليها السلام) في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين.
فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنَّ البيت عليكم!
فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره! ثمّ أخرجهم بتلابيبهم يُساقون سوقاً عنيفاً حتى بايعوا أبا بكر
( السقيفة وفدك، الجوهري: 71 و 50، ) ( شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 48 و 2 / 56)
وقال ابن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 هـ) قال تحت عنوان: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة.
فأمّا علي (عليه السلام) والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة (عليها السلام)حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة (عليها السلام)وقال له: إن أبوا فقاتلهم!
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة (عليها السلام)، فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟
وقال الشهرستاني (ت 548 هـ) عن إبراهيم بن سيار بن هانىء النظام: أنّ عمر كان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
( كتاب الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 59 )
وقال شاعر النيل حافظ ابراهيم تحت عنوان عمر وعلي:
وقولة لعليّ قالها عمر
أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حَرَّقْتُ دارك لا أُبقي عليك بها
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غيرُ أبي حفص يفوه بها
أمام فارس عدنان وحاميها
وقال المؤرخ المسعودي (ت 346 هـ):
فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه، وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرهاً، وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً
( إثبات الوصية، المسعودي: 124)
وقال الشهرستاني (548 هـ):
عن إبراهيم بن سيار بن هانيء النظام قال: إن عمر ضرب بطن فاطمة (عليها السلام) يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها
( كتاب الملل والنحل، الشهرستاني: 1 / 59)
وقال الجويني (ت 730 هـ):
روى بسنده عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في حقّ فاطمة (عليها السلام) ـ: وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، فتذكر انقطاع الوحي من بيتها مرة، وتتذكر فراقي اُخرى، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي التي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة، وعند ذلك يونسها الله تعالى ـ إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ـ اللهمَّ العن من ظلمها وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنينها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين
( فرائد السمطين، الجويني: 2 / 34 ـ 35 ح 371 )
وقال ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ):
قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرخ موته كان مستقيم الأمر عامة دهره ثمّ في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب حضرته ورجل يقرأ عليه أن عمر رفس(1) فاطمة (عليها السلام) حتى أسقطت بمحسن
( لسان الميزان، ابن حجر: 1 / 268، ترجمة رقم: 824 )
ابو فاطمة العذاري