ابو فاطمة العذاري
20-08-2010, 02:31 AM
اقرأ معي قوله تعالى :
(( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {النحل/44} ))
إن من الملازمات الذاتية للإنسان والتي ركزها الله تعالى في تكوينه هي قابليته على التفكر والمؤكد إن المراد تحقيقه من الإنسان وبلوغه بما أراد الله تعالى من التكامل لا يتم إلا بوجود هذا الجانب في تكوين الإنسان .
بين الله تعالى كيفية تفعيل هذا الجانب والاستفادة منه مرة بلسان الفطرة ، فجعل الإنسان يلجأ إلى فكره تلقائيًا في كثير من أموره والتي غالبًا ما تتركز على الأمور المعاشية والدنيوية.
وتارة بلسان القلب والحث على الاستفادة منه , وذلك عن طريق الكتاب العزيز والمعصومين (عليهم السلام ) بما تكلموا به من فضل التفكر حتى ورد عن الإمام الصادق عليه السلام ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة(
و بعض أبواب الخزائن الإلهية لا تفتح إلا بمفتاح الفكر حيث ان الاستنزال من عالم المعرفة لا يكون إلا بالفكر .
وهنا نجد ان الآيات والبراهين جعل الله تعالى منها الغذاء الأسمى للعقول وجعل مراتبها على قدر تحمله العقول من عطاءه جل جلاله ، فيتدرج إيمان الإنسان فيها .
ومن اهمها التفكر في الآيات ضمن نظام التكوين قال الله تعالى : ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {آل عمران/190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران/191} رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {آل عمران/192} رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {آل عمران/193} رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ {آل عمران/194} ))
ان التفضيل الإلهي للتفكر للآيات التي هي كل ما خلق الله تعالى لأجل المتفكرين لا غير ومن المفترض إن كل إنسان هو متفكر لما اوجد الله تعالى فيه من غريزة الفكر ،.
إن التفكر عبادة مفروضة لكنها مضيعة من قبل الكثير من الناس على اختلاف دياناتهم ومشاربهم . وليس التفكر مفهوم حث عليه الله تعالى تعالى من أجل الآخرة فحسب ! بل إن الله تعالى أسس خطوطًا في نظامه على أساس التفكر ووضع قواعد عقلية في تكوين النظام تتفاعل مع العقول ومن ثم توصل العقول إلى غايتها ، وكذلك يساهم الفرد في تفكره في البناء والتكميل ، فمن تفكر في خدمة نظام الشريعة مثلا فسوف يوفقه الله لأدراك ذلك وتتكون على أساسه خطوات عملية وهي من التكميل الإيماني العالي .
ان كل العبادات السابقة تصب في مرحلة التفكر ولا ينال هذه المرتبة من العبادات ويتوفق فيها إلا من أتقن العبادات وإلا فانه سيكون معرضًا لكثرة الخواطر والخيالات أثناء التفكر فقد قال الإمام علي عليه السلام
( النظر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين )
وهم الذين خلصت نواياهم وتجردت قلوبهم من شوائب النفس والهوى والدنيا .
التفكر هو تفريغ القلب أو العقل من كل ما سوى الله تعالى أثناء التفكر فيحدث في حال التفكر في الآيات توحد الإنسان في تلك الفكرة ، لكن البقاء في الفكرة يحتاج إلى شيء من المجاهدة والتحمل لأنه ليس تفريغا ظاهريا كالعبادات إنما تفريغ داخلي وهو الأصعب والنتائج أعظم لان الفكر يوصل إلى نتائج لا يوصل إليها غيره من تعظيم الخالق جل جلاله ومعرفة بعض مواطن إرادته ومعرفة العمل في ما يريده منا ومعرفة أولياءه ورسله وعدم ظلمهم بالجهل عليهم .
التفكر السليم هو ما كان بعنوانه ألعبادي وليس لأجل تحصيل المعارف والعلوم وإلا فيكون حينئذ لا يقل عن قراءة كتاب بصورة بغبغاوية بل إنما التفكر الراجح والمطلوب هو التفكر بنية التقرب لله تعالى والانصياع لأمر تعالى عندئذ يكون التفكر بأي شيء مقرب إليه وموصل إلى رضوانه أما إذا كان بغير ذلك فيكون التفكر في كثير من الأحيان وبالا على صاحبه و مبعد ًا عن الله تعالى .
نعم ربما يعطي نتائج من سرعة الفهم وتوسيع المدارك لكنه لا يوصل إلى مرتبة المتفكرين بل أحيانا سعة المدارك العقلية مع قوة النفس الأمارة توصل إلى نتائج وخيمة ومؤسفة .
وكذلك ينبغي أن نلتفت الى الأفكار ومواطنها مما استحبه الله تعالى لنا وأكد عليه في كتابه ا لعزيز ، وما نبهنا عليه المعصومون عليهم السلام وهي مواطن كثيرة .
كثيرة هي الفوائد المترتبة على التفكر ...
ومنها إن التفكر هو عبارة عن أسلوب لتمتين العلاقة بالله تعالى وذلك من خلال ما يكشف للعبد المتفكر من بعض المعارف عن صفات الله تعالى وأفعاله الداعية للتعلق به سبحانه .
ومنها إن التفكر بأي أمر ما يولد إرادة تجاه ذلك الأمر، من هنا يقول أمير المؤمنين عليه السلام ) : من كُثر فكره في المعاصي دعته إليها (
وذلك لما يولد الفكر لمزيد من الإرادة . فكذلك العكس فمن تفكر بالله تعالى وآياته أُعطي الإرادة المنتجة لكل فعل يقرب إلى الله تعالى .
ومنها إن للتفكر أثر ًا على القلب يوصل إلى صفاءه من كدورة الآثام و غبار الغفلة قال الإمام علي عليه السلام ( من طالت فكرته حسنت بصيرته (
ومنها إن التفكر في الجانب الإلهي يؤدي إلى غلبة الجانب الإلهي على الجانب الإنساني المؤدي إلى طمس الصفات النفسية وإزالة الأوهام الاعتقادية إذ التفكر سبب لنزول العطاء الإلهي العقلي والمتمثل بالمعارف .
ونتيجة لما للتفكر من أهمية كبرى نرى إن الله تعالى أعطى للمتفكرين و أولي الألباب من الحظوظ ما لم يعط ها لغيرهم وأثنى عليهم أكثر من غيرهم ، قال الإمام الصادق عليه السلام ) : أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرتة )
ابو فاطمة العذاري
(( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {النحل/44} ))
إن من الملازمات الذاتية للإنسان والتي ركزها الله تعالى في تكوينه هي قابليته على التفكر والمؤكد إن المراد تحقيقه من الإنسان وبلوغه بما أراد الله تعالى من التكامل لا يتم إلا بوجود هذا الجانب في تكوين الإنسان .
بين الله تعالى كيفية تفعيل هذا الجانب والاستفادة منه مرة بلسان الفطرة ، فجعل الإنسان يلجأ إلى فكره تلقائيًا في كثير من أموره والتي غالبًا ما تتركز على الأمور المعاشية والدنيوية.
وتارة بلسان القلب والحث على الاستفادة منه , وذلك عن طريق الكتاب العزيز والمعصومين (عليهم السلام ) بما تكلموا به من فضل التفكر حتى ورد عن الإمام الصادق عليه السلام ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة(
و بعض أبواب الخزائن الإلهية لا تفتح إلا بمفتاح الفكر حيث ان الاستنزال من عالم المعرفة لا يكون إلا بالفكر .
وهنا نجد ان الآيات والبراهين جعل الله تعالى منها الغذاء الأسمى للعقول وجعل مراتبها على قدر تحمله العقول من عطاءه جل جلاله ، فيتدرج إيمان الإنسان فيها .
ومن اهمها التفكر في الآيات ضمن نظام التكوين قال الله تعالى : ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {آل عمران/190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران/191} رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {آل عمران/192} رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {آل عمران/193} رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ {آل عمران/194} ))
ان التفضيل الإلهي للتفكر للآيات التي هي كل ما خلق الله تعالى لأجل المتفكرين لا غير ومن المفترض إن كل إنسان هو متفكر لما اوجد الله تعالى فيه من غريزة الفكر ،.
إن التفكر عبادة مفروضة لكنها مضيعة من قبل الكثير من الناس على اختلاف دياناتهم ومشاربهم . وليس التفكر مفهوم حث عليه الله تعالى تعالى من أجل الآخرة فحسب ! بل إن الله تعالى أسس خطوطًا في نظامه على أساس التفكر ووضع قواعد عقلية في تكوين النظام تتفاعل مع العقول ومن ثم توصل العقول إلى غايتها ، وكذلك يساهم الفرد في تفكره في البناء والتكميل ، فمن تفكر في خدمة نظام الشريعة مثلا فسوف يوفقه الله لأدراك ذلك وتتكون على أساسه خطوات عملية وهي من التكميل الإيماني العالي .
ان كل العبادات السابقة تصب في مرحلة التفكر ولا ينال هذه المرتبة من العبادات ويتوفق فيها إلا من أتقن العبادات وإلا فانه سيكون معرضًا لكثرة الخواطر والخيالات أثناء التفكر فقد قال الإمام علي عليه السلام
( النظر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين )
وهم الذين خلصت نواياهم وتجردت قلوبهم من شوائب النفس والهوى والدنيا .
التفكر هو تفريغ القلب أو العقل من كل ما سوى الله تعالى أثناء التفكر فيحدث في حال التفكر في الآيات توحد الإنسان في تلك الفكرة ، لكن البقاء في الفكرة يحتاج إلى شيء من المجاهدة والتحمل لأنه ليس تفريغا ظاهريا كالعبادات إنما تفريغ داخلي وهو الأصعب والنتائج أعظم لان الفكر يوصل إلى نتائج لا يوصل إليها غيره من تعظيم الخالق جل جلاله ومعرفة بعض مواطن إرادته ومعرفة العمل في ما يريده منا ومعرفة أولياءه ورسله وعدم ظلمهم بالجهل عليهم .
التفكر السليم هو ما كان بعنوانه ألعبادي وليس لأجل تحصيل المعارف والعلوم وإلا فيكون حينئذ لا يقل عن قراءة كتاب بصورة بغبغاوية بل إنما التفكر الراجح والمطلوب هو التفكر بنية التقرب لله تعالى والانصياع لأمر تعالى عندئذ يكون التفكر بأي شيء مقرب إليه وموصل إلى رضوانه أما إذا كان بغير ذلك فيكون التفكر في كثير من الأحيان وبالا على صاحبه و مبعد ًا عن الله تعالى .
نعم ربما يعطي نتائج من سرعة الفهم وتوسيع المدارك لكنه لا يوصل إلى مرتبة المتفكرين بل أحيانا سعة المدارك العقلية مع قوة النفس الأمارة توصل إلى نتائج وخيمة ومؤسفة .
وكذلك ينبغي أن نلتفت الى الأفكار ومواطنها مما استحبه الله تعالى لنا وأكد عليه في كتابه ا لعزيز ، وما نبهنا عليه المعصومون عليهم السلام وهي مواطن كثيرة .
كثيرة هي الفوائد المترتبة على التفكر ...
ومنها إن التفكر هو عبارة عن أسلوب لتمتين العلاقة بالله تعالى وذلك من خلال ما يكشف للعبد المتفكر من بعض المعارف عن صفات الله تعالى وأفعاله الداعية للتعلق به سبحانه .
ومنها إن التفكر بأي أمر ما يولد إرادة تجاه ذلك الأمر، من هنا يقول أمير المؤمنين عليه السلام ) : من كُثر فكره في المعاصي دعته إليها (
وذلك لما يولد الفكر لمزيد من الإرادة . فكذلك العكس فمن تفكر بالله تعالى وآياته أُعطي الإرادة المنتجة لكل فعل يقرب إلى الله تعالى .
ومنها إن للتفكر أثر ًا على القلب يوصل إلى صفاءه من كدورة الآثام و غبار الغفلة قال الإمام علي عليه السلام ( من طالت فكرته حسنت بصيرته (
ومنها إن التفكر في الجانب الإلهي يؤدي إلى غلبة الجانب الإلهي على الجانب الإنساني المؤدي إلى طمس الصفات النفسية وإزالة الأوهام الاعتقادية إذ التفكر سبب لنزول العطاء الإلهي العقلي والمتمثل بالمعارف .
ونتيجة لما للتفكر من أهمية كبرى نرى إن الله تعالى أعطى للمتفكرين و أولي الألباب من الحظوظ ما لم يعط ها لغيرهم وأثنى عليهم أكثر من غيرهم ، قال الإمام الصادق عليه السلام ) : أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرتة )
ابو فاطمة العذاري