ابو فاطمة العذاري
07-09-2010, 02:49 AM
ان كان هنالك من مثل النور الإلهي الأعظم في الكون إنما هو محمد (e) رسول الله ومن الثابت أن محمد (e) اشرف الكائنات و سيد الكائنات والشرف الذي حازه إنما هو العلوّ والرفعة فهو أعلى الموجودات رقيا وأقربها إلى الله تعالى فهو إذن أقوى منها لأن نضره إلى ذاته بلغ درجة الانعدام أمام الله تعالى فهو لا يرى انه شيء أمام الله تعالى ونتيجة لذلك بالتالي يترفع على الموجودات ويمتلك القدرة التامة على التحكمّ فيها .
في المقابل يمكن لنا ان نفهم ان القيمة الأكبر لحصول المؤمن على العلو على المخلوقات إنما هي في معرفة الله معرفةً وهي تجعل المرء أعلى من باقي الموجودات وهذه معادلة لما يكون هو الأكثر خضوعاً لله تعالى وهجرا للتعلق بغيره .
النبي (e) هو (كلمة الله) التي جعلها العليا بقوله: ] وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا[
وأنت إذا ترجع إلى القران تجد ان هذه الآية جاءت تتحدث عنه حينما كان ثاني اثنين في الغار.
كان المسيح (ع) كلمة من الله ألقاها الى مريم كما قال القران وكان يمتلك القدرة على الموجودات الى حد ما وبمقدوره أحياء الموتى .
وإما محمد ( ص ) فانه يحيي الجماد فقد ورد حينما طلب زعماء قريش أن يريهم آية تدل على نبوته جاءوه بعد أن تشاوروا وطلبوا آية من الآيات أعظم مما جاء به موسى والمسيح (ع) فطلبوا منه أن يحي الجماد ففعل محمد ( ص ) ذلك.
خرجوا إلى جبل من جبال مكة والنبي (e) معهم يرافقه وصيه الإمام علي الذي روى للتاريخ الحادثة في ما بعد.
قالوا: قل لهذا الجبل يشهد ان لك بالنبوة والرسالة فتحقق ما طلبوا بأمر النبي ( ص ) فأجاب الجبل بلسان عربي عمّا سأله النبيّ (e) مقراً له بما أراد.
ولكنهم – جحودا - زعموا انّه بث أتباعه بين صخور الجبل ليحققوا هدفه بالإجابة بدلاً من الجبل فإذا به يأمر الجبل ان يسقط من أحجاره و تخرج الكلمات من كل حجر على مفرده .
هذا الطلب أكثر صعوبة من أحياء ميت لأن الميت يظلّ متجسداً بصورة الحي لكونه كان حياً سابقا لذلك طلبوا إحلال الحياة في الجماد.
بعد أن فشلت مخططاتهم مرة أخرى فكروا أن أبعد شيء عن الكلام والنطق إنما هو النبات لأن الجماد يشوبه الغموض وهو بالطبع مجهولاً لا يعرف احد حقيقته وهناك عند بعض الكهنة والعرافيّن أحجار تستعمل لجلب الخير والشر أما النبات فيستحيل عليه النطق وهو ليس غامض لأنه يأكله الناس والحيوانات ويلج المعدة وأيضا تحرق جذوعه في النار ومع كل ذلك أمره واضح بلا غموض حيث انه لا ينطق أبداً.
فاقترحوا أن يأمر شجرة كبيرة باسقة في داره ويطلب منها أن تذهب وتعود وتتحرك وتنقسم إلى نصفين ثم طلبوا أن ينطبق النصف على النصف الآخر فتعود كما كانت وحينما وجدوا أن الشجرة تروح وتأتي مذعنة لمحمد ( ص ) طائعة ثم تنطق الشجرة فشهد له بالنبوة لم يؤمنوا وشهروا أمام معجزته شبهة السحر.
تفصيل الحادثة ورد عن أمير المتقين ( ع ) في خطبة في نهج البلاغة :
((أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَ كَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ ( صلى الله عليه وآله ) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ
ثم قال امير المتقين ( ع ) في الإشارة الى تلك الحادثة:
وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ( صلى الله عليه وآله ) لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ ثُمَّ قَالَ ( صلى الله عليه وآله ) :
يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ
بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُرَفْرِفَةً وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ( صلى الله عليه وآله ) فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي وَ إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَ كَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَ مَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَ لَا يَعْلُونَ وَ لَا يَغُلُّونَ وَ لَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ .))
وليس الشجر فقط خاضعة لأمر محمد ( ص ) بل كافة الجمادات ومنها على سبيل المثال الحصى فقد ورد عن الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه :
((كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ الرسول صلى الله عليه وآله كفا من حصى المسجد, فنطقت بالتسبيح كلها وهي في كفه المبارك ثم قذف بها صلى الله عليه وآله إلى موضعها في المسجد كل شيء يسبح الله ولكن يزداد ابتهاجا بكف رسول الله صلى الله عليه وآله. ))
وصلوات الله عليك يا حبيب الله ما دام الليل والنهار
أبو فاطمة العذاري
في المقابل يمكن لنا ان نفهم ان القيمة الأكبر لحصول المؤمن على العلو على المخلوقات إنما هي في معرفة الله معرفةً وهي تجعل المرء أعلى من باقي الموجودات وهذه معادلة لما يكون هو الأكثر خضوعاً لله تعالى وهجرا للتعلق بغيره .
النبي (e) هو (كلمة الله) التي جعلها العليا بقوله: ] وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا[
وأنت إذا ترجع إلى القران تجد ان هذه الآية جاءت تتحدث عنه حينما كان ثاني اثنين في الغار.
كان المسيح (ع) كلمة من الله ألقاها الى مريم كما قال القران وكان يمتلك القدرة على الموجودات الى حد ما وبمقدوره أحياء الموتى .
وإما محمد ( ص ) فانه يحيي الجماد فقد ورد حينما طلب زعماء قريش أن يريهم آية تدل على نبوته جاءوه بعد أن تشاوروا وطلبوا آية من الآيات أعظم مما جاء به موسى والمسيح (ع) فطلبوا منه أن يحي الجماد ففعل محمد ( ص ) ذلك.
خرجوا إلى جبل من جبال مكة والنبي (e) معهم يرافقه وصيه الإمام علي الذي روى للتاريخ الحادثة في ما بعد.
قالوا: قل لهذا الجبل يشهد ان لك بالنبوة والرسالة فتحقق ما طلبوا بأمر النبي ( ص ) فأجاب الجبل بلسان عربي عمّا سأله النبيّ (e) مقراً له بما أراد.
ولكنهم – جحودا - زعموا انّه بث أتباعه بين صخور الجبل ليحققوا هدفه بالإجابة بدلاً من الجبل فإذا به يأمر الجبل ان يسقط من أحجاره و تخرج الكلمات من كل حجر على مفرده .
هذا الطلب أكثر صعوبة من أحياء ميت لأن الميت يظلّ متجسداً بصورة الحي لكونه كان حياً سابقا لذلك طلبوا إحلال الحياة في الجماد.
بعد أن فشلت مخططاتهم مرة أخرى فكروا أن أبعد شيء عن الكلام والنطق إنما هو النبات لأن الجماد يشوبه الغموض وهو بالطبع مجهولاً لا يعرف احد حقيقته وهناك عند بعض الكهنة والعرافيّن أحجار تستعمل لجلب الخير والشر أما النبات فيستحيل عليه النطق وهو ليس غامض لأنه يأكله الناس والحيوانات ويلج المعدة وأيضا تحرق جذوعه في النار ومع كل ذلك أمره واضح بلا غموض حيث انه لا ينطق أبداً.
فاقترحوا أن يأمر شجرة كبيرة باسقة في داره ويطلب منها أن تذهب وتعود وتتحرك وتنقسم إلى نصفين ثم طلبوا أن ينطبق النصف على النصف الآخر فتعود كما كانت وحينما وجدوا أن الشجرة تروح وتأتي مذعنة لمحمد ( ص ) طائعة ثم تنطق الشجرة فشهد له بالنبوة لم يؤمنوا وشهروا أمام معجزته شبهة السحر.
تفصيل الحادثة ورد عن أمير المتقين ( ع ) في خطبة في نهج البلاغة :
((أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَ كَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ ( صلى الله عليه وآله ) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ
ثم قال امير المتقين ( ع ) في الإشارة الى تلك الحادثة:
وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ( صلى الله عليه وآله ) لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ ثُمَّ قَالَ ( صلى الله عليه وآله ) :
يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ
بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُرَفْرِفَةً وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ( صلى الله عليه وآله ) فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي وَ إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَ كَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَ مَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَ لَا يَعْلُونَ وَ لَا يَغُلُّونَ وَ لَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ .))
وليس الشجر فقط خاضعة لأمر محمد ( ص ) بل كافة الجمادات ومنها على سبيل المثال الحصى فقد ورد عن الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه :
((كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ الرسول صلى الله عليه وآله كفا من حصى المسجد, فنطقت بالتسبيح كلها وهي في كفه المبارك ثم قذف بها صلى الله عليه وآله إلى موضعها في المسجد كل شيء يسبح الله ولكن يزداد ابتهاجا بكف رسول الله صلى الله عليه وآله. ))
وصلوات الله عليك يا حبيب الله ما دام الليل والنهار
أبو فاطمة العذاري