صبر الحوراء
07-09-2010, 03:06 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اضطلاعه بالامامة طفلا؟
اولا: وهذه المعلومات انما نسوقها لذوي العقلية العلمية التي تطلب حتى في مسالة تتصل بالمشيئة الالهية كالنبوة والامامة شواهد من الواقع على حصول ما يمكن انيكون مثالا يقاس عليه خارج تاريخ النبوة والامامة وان لم يكن مطابقا تماما.
فان وقوع ما يجاوز المستويات المعروفة في الذكاء والقدرة على الاستيعاب بالصورة التي يرى الامر فيها خارقا بالمقاييس العلمية في عدد من الاطفال يصبح اشارة الىتلك المواهب الاعجازية الاسمى التي لا يشارك الرسل والائمة فيها احد بحكم وظيفتهم كلسان معبر عن اللّه تعالى.
وقد ثبت بالفعل بالتسجيل والاختبار العلمي وجود امثال هذه المواهب لدى بعض الاطفال في بلدان مختلفة من العالم بما فيها قطرنا العراقي في جوانب معينة، وهو يعنيامكان وجودها بمستوى اشمل مع صلة باللّه وتكليف منه سبحانه لدى الانبياء والائمة (ع) بل وقوعها بحكم الشواهد التاريخية والاثار الفكرية والعلمية والتشريعيةالمسجلة عنهم. وقد ذكروا من تلك الامثلة التي ساقوها للنبوغ المبكر والخارق في الاطفال. حالات منها:
1- كرستيان هينيكين:
من مدينة ليوبيك، ذكروا انه ولد سنة 1921 وانه تكلم بعد بضع ساعات من ولادته، وامكنه ان يردد عبارات من الانجيل بعد بلوغه اثني عشر شهرا، وحين بلغ الثانيةمن عمره كانت لديه معلومات عظيمة وبارعة في الجغرافيا، فتكلم اللاتينية والفرنسية في الثالثة من عمره، ودرس البحوث الفلسفية العميقة في الرابعة.
2- انريكوس ايتيكيم:
الذي ولد في احدى قرى المانيا، وبدا يتكلم بكل فصاحة في الشهر العاشر من عمره وبعد شهرين تعلم اسفار موسى الخمسة، وفي الشهر الرابع تعلم العهدين القديموالحديث. وفي العام الثاني من عمره اتقن تاريخ الاقدمين، وقيل انه يعادل شيشرون في فصاحته باللاتينية، واظهر غلطا في مؤلفات اكبر ادباء فرنسا.
3- ابن الدكتور كلنش:
كان يجيب، وعمره في الثانية عشرة، بدقة لا تخطىء علىاسئلة متعمقة في القانون والتاريخ والجغرافيا والرياضيات وعلم الفلك. وعندما انتهى العلماء من اختباره كانالتعب والاعياء قد اصابهم اكثر مما اصاب الغلام الصغير.
4- وليم جيمس سبدبز:
من الولايات المتحدة، امكنه ان يقرا ويكتب وهو في الثانية من عمره، وحين بلغ الثامنة تكلم الفرنسية والروسية والانجليزية والالمانية وبعض اللاتينية واليونانية.
5- جون ستيوارت مل:
تعلم اليونانية وهو في الثالثة من عمره، وكتب موضوعا في تاريخ روما وهو في السادسة والنصف، وقام بتدريس اللاتينية وهو في الثامنة، ووضع مؤلفا عن تاريخالحكومة الرومانية وهو في الحادية عشرة.
6- جان فيليب باراتيير:
اتقن اليونانية وهو في السادسة من عمره، فترجم التوراة الربانية الكبيرة في اربعة مجلدات ضخمة، واضاف اليها مجلدا آخر من الحواشي والمباحث، وعندما بلغ السابعةكان عضوا في سنودس اكليركي في برلين. وفي الرابعة عشرة من عمره، حصل على الدكتوراه في الفلسفة، ولقد كان يجيد التحدث باللغات الالمانية والفرنسية واللاتينيةوهو في الرابعة من عمره. 7- توماس يونج:
تعلم القراءة وهو في الثانية من عمره، وكان يعرف وهو في الثامنة ست لغات.
8- الفتاة الهندية شاكونتا لاديفي:
من بنجالور الهند التي لم تدخل المدرسة، ظهرت لديها موهبة في الرياضيات وهي في الخامسة من عمرها، ثم تطورت في السابعة فاذهلت اساتذة الرياضيات في حلالمسائل الحسابية المعقدة، وباسرع من الحاسوب، وقد زارت القاهرة سنة 1961 في طريقها من دول اوروبا وامريكا فادهشت في كلية العلوم كل اساتذة الرياضياتوعقد لها في نادي التجارة مجلس اختبار اشترك فيه (100) محاسب وعشرات الالات الحاسبة فتغلبت عليهم جميعا بحل اعقد المسائل في ثوان ((200)).
9- الدكتور جوزيف رودسن:
وذكرت الدكتورة شفيقة قرة كله، الاختصاصية في الامراض العقلية، وقد امضت ثماني سنوات في دراسة ظواهر الادراك ما فوق الحسي في مستشفيات امريكاوباختبارات علمية دقيقة:
ان الدكتور جوزيف رودس بوخانن وهو طبيب امريكي ومؤلف
سجل انواعا مهمة من الادراك فوق الحسي... قالت: وكان
بوخانن طفلا معجزة،ففي السادسة من عمره كان ضليعا جدا
في علم الهندسة وعلم الفلك، وفي سن الثانية عشرة دخل
مدرسة القانون ثم مدرسة الطب ((201)).
10- الفتاة فيكي من ولاية فرجينيا:
وذكرت ان مما سجل في تاريخ فتاة اسمها فيكي من ولاية
فرجينيا بامريكا، وهي من اصول انكليزية واسكتلندية وفرنسية،
انها اظهرت قابلية على الادراك فوق الحسيمنذ طفولتها... فعندما كانت في السابعة من عمرها اسرعت الى والدتها
لتخبرها ان ولدا صغيرا صديقا لها في اللعب قد دهس في
القطار على بعد اكثر من مئة ميلووصفت الحادث... ولما لم يكن ذلك معقولا في نظر اهلها فقد عنفوها بشدة... لكنهم
تبينوا بعد ايام ان الولد واهله كانوا في زيارة لمدينة على هذه
المسافة بالفعل، وانالحادث قد وقع بصورة تتطابق وما ذكرته الطفلة تماما.
وذات يوم، وكانت في السنة الحادية عشرة من عمرها صححت
لاستاذتها في التاريخ قضية تاريخية حول ماري الدموية ملكة
اسكتلندة، وانزعجت الاستاذة، وارادت انتعرف مصدر معرفتها فلم تستطع فيكي ان تشرح ذلك.. لكن الامر كان كما تبين
بعد ذلك من خلال المصادر التاريخية صحيحا وموافقا
للواقع، وان الاستاذة كانتعلى خطا. وصححت تقريرا قدمه احد زملائها في الثانوية عن البوذية،
وشرحت مبادئها الاساسية وعرفت النرفانا تعريفا دقيقا،
واشارت الى ان تعاليم البوذية قد تغيرت باحتكاكهابالهندوسية
والمعتقدات الاخرى... والامر الذي ادهش استاذ التاريخ انه لا
اساس معروفا لمصادر معرفتها التي اثبت البحث بعدئذ صحتها،
وكانت تكتب دائما فيالثانوية والكلية بحوثا في اي موضوع بسهولة كبيرة لها ولزملائها، وكانت هذه البحوث تصل دائما
الى درجة عالية من دون الاعتماد على مصدر معروف
. ((202))
ومما سجله الباحثون، في هذه الظواهر، ان هذه المواهب
الخارقة لدى هؤلاء الاشخاص بدءا من الطفولة وما بعدها قد
تكون في بعض الحالات كما لو كانت خصوصياتذاتية، بينما تكون في حالات اخرى باستيلاء واملاء ذات او روح اخرى.
11- الوسيطة التي تجيب الارواح بوساطتها:
ومن الامثلة للحالة الثانية ما نقله العلامة الفرنسي كاميل
فلامريون في كتابه: الموت وغوامضه: (ما قبل الموت) كما
ترجمه العلامة محمد فريد وجدي قال: «ان المستركابرون في
كتابه المسمى المذهب الروحي في العصر الحاضر في ص 210
قال: ان المستر لوروا سندرلاند ذكر ان الوسيطة التي تجيب
الارواح بوساطتها على الاسئلةكانت ابنته مارجريت او ابنتها الطفلة وكانت لا تزيد سنها على سنتين». وجاء فيه ايضا: ان البارون سيمون كركوب كتب الى المستر
جنكن مؤلف ذلك الكتاب يقول: «كانت ابنتي وسيطة ولم
تتجاوز سنها سنتين وقد بلغت الان احدىوعشرين سنة، وقد كتبت طفلتها بيدها تحت تاثير الارواح ولم تتجاوز سنها تسعة
ايام (تاسوعا) وقد حافظت على الرسائل التي كتبتها وها انا
ارسل لكم بصورةفوتوغرافية لتلك الكتابات».وقال: كانت ابنتي ترفع هذه الطفلة على وسادة باحدى يديها
وتمسك بيدها الاخرى كتابا عليه ورقة بيضاء.. وما كنا ندري
باية كيفية ينتقل القلم الى الطفلة فكانتتمسكه بيدها بقوة فكتبت اولا الحروف الاربعة لاسماء الارواح الاربعة التي تلازمها
وهي پ .ا .آ .ث ثم سقط القلم من يدها فظنت ان
الامر وقف عند هذاالحد، ولكن ابنتي الاخرى ايموجين صاحت
قائلة: لقد عاودت القبض على القلم، فكتبت الطفلة الجملة
الاتية:
«لا نغير شيئا، فهذا برهان جلي، وافعل ما امرناك به، استودعك
اللّه».
وكتب المستر ادموندس الذي كان رئيسا لمجلس الشيوخ
الامريكي في كتابه: المذهب الروحي:
«ظهرت في ابنتي (لورا) خاصة الوساطة، ولكنها ما كانت تقع
في اغماء اثناء حضور الارواح، وكانت تلك الارواح تستولي على
لسانها فتتكلم بلغات مختلفة، ولم تكنتعرف في حالتها العادية الا لغتها الاصلية واللغة الفرنسية، ولكنها متى استولت الارواح
على لسانها كانت تتكلم بتسع او عشر لغات بسهولة تامة». وعلق فلامريون بان مثل الرئيس ارموندس لا يصلح اتهامه
بالبله والخبل ولا اتهام ابنته بالتزوير والتدليس ((203)).
وهناك امثلة اخرى كثيرة، ونشرت جريدة الثورة العراقية على
ما اتذكر في سنة 1978 خبرا عن طفل عمره سنتان من محلة
الشيخ معروف، اختبر ايضا في موهبتهالرياضية المتفوقة بما يشبه المستوى المشار اليه في الفتاة اعلاه، ولما سئل: كيف
يتسنى له ان يجيب قبل الحاسوب؟ اجاب: ان هناك من يهمس
باذنه بالاجابة.
12- الطفل حيدر عبد الحسين:
وعرض التلفزيون العراقي، في هذا العام، سنة 1997 ((204))،
مقابلة مع طفل اسمه حيدر عبد الحسين في المرحلة الاولى
من المدرسة الابتدائية، ونقل بقرار الىالمرحلة الرابعة لتفوقه في الرياضيات وفي فهم واستظهار ما يقرا في الموضوعات
المختلفة بصورة مدهشة، ولقد سئل اسئلة كثيرة وكان معه
استاذان من مركز البحوثالنفسية اسئلة من قبيل اليوم 18 او 27- من شهر كذا من سنة كذا فماذا يوافقه من ايام الاسبوع
فاجاب من دون تردد، وسالوه عن رقم معين وطلبوا اليه اخراج
جذره، اونتيجة ضربه بعدد آخر او ما يشبه ذلك، فاجاب على
الفور وكان يستظهر بصورة غير عادية. ومما سئل به لاختبار
استظهاره امور تتصل بالنبي (ص) ومنها نسبه فساقهالى آدم ببساطة كانه يقرا في كتاب وكان يتكلم بالفصحى، ومن دون
اكتراث ويجلس وقورا هادئا معتدا كما لو كان شيخا من شيوخ
العلم الكبار.
واذا ثبت وجود مثل هذه الظواهر من الادراك فوق الحسي
وفوق المادي في الاطفال والكبار، وهو ثابت كخصائص تبدو
كما لو كانت موهبة ذاتية للذات او باسنادموضوعي خارجي
بذات روحية اخرى ((205)).
فاية غرابة في ان يصطفي اللّه تعالى من خلقه لهدى الناس
وارشادهم افرادا يؤتيهم نظير هذه المواهب بصورة اسمى من
كل ناحية، مع خصوصية في المكانة منه تعالى،والمعرفة به
بحيث يكون نموذجا عاليا في العلم والعمل.. واذا كان من يتصل
باولئك روح بشرية متوفاة او روح سفلي فان من يتصل بهؤلاء
من الرسل واوصيائهم (ع)ملك قدسي يحمل معرفة حقة
ويهدي الى صراط مستقيم باذن اللّه، ولسان يعبر عنه سبحانه
فيهم وقد جاء عن الائمة من اهل البيت (ع): ان من علمهم ما
هو نقر فيالاسماع ونفث في القلوب. وان الملائكة تحدثهم من دون رؤية منهم اليهم مضافا لعلمهم
المزبور والغابر، وبذلك يصبح صغر السن بالنسبة لهم (ع) ليس
محل اشكال، ومثل ذلك امر تلقيهم العلمبالصورة العادية المعروفة في دنيا الناس ((206)).
ثانيا: ان القرآن الكريم تحدث لنا في قصة مريم (ع) وذكر ان
قومها حين اتهموها فقالوا: (يا مريم لقد جئت شيئا فريا) [مريم:
27- و28] قال تعالى: (فاشارت اليه قالواكيف نكلم من كان في
المهد صبيا) لكن عيسى نطق: (قال اني عبداللّه آتاني الكتاب
وجعلني نبيا وجعلني مباركا اين ما كنت واوصاني بالصلاة
والزكاة ما دمت حيا.وبرابوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا
والسلام علي يوم ولدت يوم اموت ويوم ابعث حيا) [مريم: 29
32].
وقال تعالى وهو يذكر يحيى بن زكريا: (يا يحيى خذ الكتاب
بقوة، وآتيناه الحكم صبيا) [مريم: 12]، فاثبت النطق للطفل في
المهد بما ذكرته الايات الاولى وشهادةعيسى في المهد لنفسه بالنبوة وانه اوتي الكتاب من عند اللّه وذكر ما اوصاه اللّه به.
واثبت في الاية الاخيرة: ان اخذ الكتاب واتيان الحكمة قد كان
ليحيى وهو ما يزال صبيا.
وهذا يعني ان الاشكال، بصغر السن حين يشاء اللّه ان يجعل
هذا الطفل حجة له مبطل قرآنيا بحكم كونه وقع في المثلين
اللذين ذكرناهما واذا جاز في هذين (عيسىويحيى) (ع) فانه يجوز ان يكون في غيرهما حين يقوم الدليل على ذلك بالنص
والعلم وظهور المعجز، وقد ذكرنا بعض ما جاء عن الامام
المهدي (ع) من ذلك وسنذكربعضا آخر لاحقا.
ثالثا: ان هذه السن ليست بعيدة عن السن التي قام بالامامة
فيها جده الاعلى محمد الجواد (ع) ثم جده الادنى علي الهادي
(ع) فان الاول اضطلع بالامامة وهو فيالثامنة ((207))، ولم يغب عن المجتمع، ولا احتجب عن الناس. وحين اظهر
المامون ندما وتكفيرا او ليرد اشارات الاتهام اليه بقتل الامام
الرضا (ع) اهتماما وتقديما لهبصورة غير عادية وزوجه ابنته ام الفضل لامه اقرباؤه وخاصته على رفع مقامه عليهم مع صغر
سنه.
فعرفهم انه على ما يرون من صغر سنه حقيق بهذه المكانة
علما ومعرفة وسمو ذات...
ثم اعطاهم ليتاكدوا فرصة اختباره، وتهياوا بما استطاعوا،
وفي مجلس المامون وبحضور الجميع، دلل الامام الجواد (ع)
بيسر وهو في هذه السن على معنى الامامةالالهية، والعلم اللدني، ودمغ من تصدى لامتحانه قاضي القضاة يحيى بن
اكثم ومن معه بما اذلهم واخزاهم ((208)).
ومثل ذلك كان امر الامام علي الهادي (ع) الذي ولد سنة 212
ه او سنة 214 ه واضطلع بالامامة سنة 220 ه، او سنة 225 ه،
فكان شانه شان ابيه علما وعملا، ورغم انمن عاصره كان المتوكل العباسي وهو من اشد الناس عداوة لال البيت (ع)
حتى كان لا يبالي في اظهار ذلك في مجلس، فكان يعلن
السخرية بعلي امير المؤمنين (ع)بصورة لم يصبر عليها حتى
ولده، فقد استطاع الامام (ع) في اكثر من موقف ان يذل
كبرياءه، ويقرع تجبره ((209))، ويكفي من يحاول التشكيك ان
يرى ان ادعاء الامامةمن قبلهما في هذه السن لابد ان يثير الشك بدءا لدى اوليائهم، وفيهم اهل الفكر والعلماء فلو لم يروا
منهم من البرهان على امامتهم ما ياخذ بالاعناق لما سلموا
لهم.
ثم ان ادعاء الامامة في هذه السن ايضا يفسح المجال للخصوم،
ومنهم راس الدولة فضلا عن الفرق المخالفة ان يعملوا على
احراج الامام وشيعته من خلال اسئلة اواختبارات يبرزون بها
لو استطاعوا عجز الامام علميا، ولكن ذلك ليس بمستطاع
قطعا.
واذا كانت المسالة بالنسبة لابويه، وبالنسبة له كذلك، فانها
ينبغي ان تكون شاهدا وآية على امامتهم بدلا من ان تكون
محلا للاشكال.
رابعا: ثم ما معنى الاشكال حول امكان اضطلاعه بالامامة طفلا،
وقد اضطلع بها بالفعل؟ ولا اعظم شهادة لكون الشيء ممكنا من ان يقوم في عالم الواقع، وقد اضطلعالامام المهدي (ع) بالامامة في هذه السن.
وتلقى عنه عدد من علماء الامة الذين لا يشك احد في جلالة
قدرهم علما وعملا، واظهر امامهم من المعجزات ما يكفي
للبرهنة على امامته
المصدرالامام المهدي المنتظر
اضطلاعه بالامامة طفلا؟
اولا: وهذه المعلومات انما نسوقها لذوي العقلية العلمية التي تطلب حتى في مسالة تتصل بالمشيئة الالهية كالنبوة والامامة شواهد من الواقع على حصول ما يمكن انيكون مثالا يقاس عليه خارج تاريخ النبوة والامامة وان لم يكن مطابقا تماما.
فان وقوع ما يجاوز المستويات المعروفة في الذكاء والقدرة على الاستيعاب بالصورة التي يرى الامر فيها خارقا بالمقاييس العلمية في عدد من الاطفال يصبح اشارة الىتلك المواهب الاعجازية الاسمى التي لا يشارك الرسل والائمة فيها احد بحكم وظيفتهم كلسان معبر عن اللّه تعالى.
وقد ثبت بالفعل بالتسجيل والاختبار العلمي وجود امثال هذه المواهب لدى بعض الاطفال في بلدان مختلفة من العالم بما فيها قطرنا العراقي في جوانب معينة، وهو يعنيامكان وجودها بمستوى اشمل مع صلة باللّه وتكليف منه سبحانه لدى الانبياء والائمة (ع) بل وقوعها بحكم الشواهد التاريخية والاثار الفكرية والعلمية والتشريعيةالمسجلة عنهم. وقد ذكروا من تلك الامثلة التي ساقوها للنبوغ المبكر والخارق في الاطفال. حالات منها:
1- كرستيان هينيكين:
من مدينة ليوبيك، ذكروا انه ولد سنة 1921 وانه تكلم بعد بضع ساعات من ولادته، وامكنه ان يردد عبارات من الانجيل بعد بلوغه اثني عشر شهرا، وحين بلغ الثانيةمن عمره كانت لديه معلومات عظيمة وبارعة في الجغرافيا، فتكلم اللاتينية والفرنسية في الثالثة من عمره، ودرس البحوث الفلسفية العميقة في الرابعة.
2- انريكوس ايتيكيم:
الذي ولد في احدى قرى المانيا، وبدا يتكلم بكل فصاحة في الشهر العاشر من عمره وبعد شهرين تعلم اسفار موسى الخمسة، وفي الشهر الرابع تعلم العهدين القديموالحديث. وفي العام الثاني من عمره اتقن تاريخ الاقدمين، وقيل انه يعادل شيشرون في فصاحته باللاتينية، واظهر غلطا في مؤلفات اكبر ادباء فرنسا.
3- ابن الدكتور كلنش:
كان يجيب، وعمره في الثانية عشرة، بدقة لا تخطىء علىاسئلة متعمقة في القانون والتاريخ والجغرافيا والرياضيات وعلم الفلك. وعندما انتهى العلماء من اختباره كانالتعب والاعياء قد اصابهم اكثر مما اصاب الغلام الصغير.
4- وليم جيمس سبدبز:
من الولايات المتحدة، امكنه ان يقرا ويكتب وهو في الثانية من عمره، وحين بلغ الثامنة تكلم الفرنسية والروسية والانجليزية والالمانية وبعض اللاتينية واليونانية.
5- جون ستيوارت مل:
تعلم اليونانية وهو في الثالثة من عمره، وكتب موضوعا في تاريخ روما وهو في السادسة والنصف، وقام بتدريس اللاتينية وهو في الثامنة، ووضع مؤلفا عن تاريخالحكومة الرومانية وهو في الحادية عشرة.
6- جان فيليب باراتيير:
اتقن اليونانية وهو في السادسة من عمره، فترجم التوراة الربانية الكبيرة في اربعة مجلدات ضخمة، واضاف اليها مجلدا آخر من الحواشي والمباحث، وعندما بلغ السابعةكان عضوا في سنودس اكليركي في برلين. وفي الرابعة عشرة من عمره، حصل على الدكتوراه في الفلسفة، ولقد كان يجيد التحدث باللغات الالمانية والفرنسية واللاتينيةوهو في الرابعة من عمره. 7- توماس يونج:
تعلم القراءة وهو في الثانية من عمره، وكان يعرف وهو في الثامنة ست لغات.
8- الفتاة الهندية شاكونتا لاديفي:
من بنجالور الهند التي لم تدخل المدرسة، ظهرت لديها موهبة في الرياضيات وهي في الخامسة من عمرها، ثم تطورت في السابعة فاذهلت اساتذة الرياضيات في حلالمسائل الحسابية المعقدة، وباسرع من الحاسوب، وقد زارت القاهرة سنة 1961 في طريقها من دول اوروبا وامريكا فادهشت في كلية العلوم كل اساتذة الرياضياتوعقد لها في نادي التجارة مجلس اختبار اشترك فيه (100) محاسب وعشرات الالات الحاسبة فتغلبت عليهم جميعا بحل اعقد المسائل في ثوان ((200)).
9- الدكتور جوزيف رودسن:
وذكرت الدكتورة شفيقة قرة كله، الاختصاصية في الامراض العقلية، وقد امضت ثماني سنوات في دراسة ظواهر الادراك ما فوق الحسي في مستشفيات امريكاوباختبارات علمية دقيقة:
ان الدكتور جوزيف رودس بوخانن وهو طبيب امريكي ومؤلف
سجل انواعا مهمة من الادراك فوق الحسي... قالت: وكان
بوخانن طفلا معجزة،ففي السادسة من عمره كان ضليعا جدا
في علم الهندسة وعلم الفلك، وفي سن الثانية عشرة دخل
مدرسة القانون ثم مدرسة الطب ((201)).
10- الفتاة فيكي من ولاية فرجينيا:
وذكرت ان مما سجل في تاريخ فتاة اسمها فيكي من ولاية
فرجينيا بامريكا، وهي من اصول انكليزية واسكتلندية وفرنسية،
انها اظهرت قابلية على الادراك فوق الحسيمنذ طفولتها... فعندما كانت في السابعة من عمرها اسرعت الى والدتها
لتخبرها ان ولدا صغيرا صديقا لها في اللعب قد دهس في
القطار على بعد اكثر من مئة ميلووصفت الحادث... ولما لم يكن ذلك معقولا في نظر اهلها فقد عنفوها بشدة... لكنهم
تبينوا بعد ايام ان الولد واهله كانوا في زيارة لمدينة على هذه
المسافة بالفعل، وانالحادث قد وقع بصورة تتطابق وما ذكرته الطفلة تماما.
وذات يوم، وكانت في السنة الحادية عشرة من عمرها صححت
لاستاذتها في التاريخ قضية تاريخية حول ماري الدموية ملكة
اسكتلندة، وانزعجت الاستاذة، وارادت انتعرف مصدر معرفتها فلم تستطع فيكي ان تشرح ذلك.. لكن الامر كان كما تبين
بعد ذلك من خلال المصادر التاريخية صحيحا وموافقا
للواقع، وان الاستاذة كانتعلى خطا. وصححت تقريرا قدمه احد زملائها في الثانوية عن البوذية،
وشرحت مبادئها الاساسية وعرفت النرفانا تعريفا دقيقا،
واشارت الى ان تعاليم البوذية قد تغيرت باحتكاكهابالهندوسية
والمعتقدات الاخرى... والامر الذي ادهش استاذ التاريخ انه لا
اساس معروفا لمصادر معرفتها التي اثبت البحث بعدئذ صحتها،
وكانت تكتب دائما فيالثانوية والكلية بحوثا في اي موضوع بسهولة كبيرة لها ولزملائها، وكانت هذه البحوث تصل دائما
الى درجة عالية من دون الاعتماد على مصدر معروف
. ((202))
ومما سجله الباحثون، في هذه الظواهر، ان هذه المواهب
الخارقة لدى هؤلاء الاشخاص بدءا من الطفولة وما بعدها قد
تكون في بعض الحالات كما لو كانت خصوصياتذاتية، بينما تكون في حالات اخرى باستيلاء واملاء ذات او روح اخرى.
11- الوسيطة التي تجيب الارواح بوساطتها:
ومن الامثلة للحالة الثانية ما نقله العلامة الفرنسي كاميل
فلامريون في كتابه: الموت وغوامضه: (ما قبل الموت) كما
ترجمه العلامة محمد فريد وجدي قال: «ان المستركابرون في
كتابه المسمى المذهب الروحي في العصر الحاضر في ص 210
قال: ان المستر لوروا سندرلاند ذكر ان الوسيطة التي تجيب
الارواح بوساطتها على الاسئلةكانت ابنته مارجريت او ابنتها الطفلة وكانت لا تزيد سنها على سنتين». وجاء فيه ايضا: ان البارون سيمون كركوب كتب الى المستر
جنكن مؤلف ذلك الكتاب يقول: «كانت ابنتي وسيطة ولم
تتجاوز سنها سنتين وقد بلغت الان احدىوعشرين سنة، وقد كتبت طفلتها بيدها تحت تاثير الارواح ولم تتجاوز سنها تسعة
ايام (تاسوعا) وقد حافظت على الرسائل التي كتبتها وها انا
ارسل لكم بصورةفوتوغرافية لتلك الكتابات».وقال: كانت ابنتي ترفع هذه الطفلة على وسادة باحدى يديها
وتمسك بيدها الاخرى كتابا عليه ورقة بيضاء.. وما كنا ندري
باية كيفية ينتقل القلم الى الطفلة فكانتتمسكه بيدها بقوة فكتبت اولا الحروف الاربعة لاسماء الارواح الاربعة التي تلازمها
وهي پ .ا .آ .ث ثم سقط القلم من يدها فظنت ان
الامر وقف عند هذاالحد، ولكن ابنتي الاخرى ايموجين صاحت
قائلة: لقد عاودت القبض على القلم، فكتبت الطفلة الجملة
الاتية:
«لا نغير شيئا، فهذا برهان جلي، وافعل ما امرناك به، استودعك
اللّه».
وكتب المستر ادموندس الذي كان رئيسا لمجلس الشيوخ
الامريكي في كتابه: المذهب الروحي:
«ظهرت في ابنتي (لورا) خاصة الوساطة، ولكنها ما كانت تقع
في اغماء اثناء حضور الارواح، وكانت تلك الارواح تستولي على
لسانها فتتكلم بلغات مختلفة، ولم تكنتعرف في حالتها العادية الا لغتها الاصلية واللغة الفرنسية، ولكنها متى استولت الارواح
على لسانها كانت تتكلم بتسع او عشر لغات بسهولة تامة». وعلق فلامريون بان مثل الرئيس ارموندس لا يصلح اتهامه
بالبله والخبل ولا اتهام ابنته بالتزوير والتدليس ((203)).
وهناك امثلة اخرى كثيرة، ونشرت جريدة الثورة العراقية على
ما اتذكر في سنة 1978 خبرا عن طفل عمره سنتان من محلة
الشيخ معروف، اختبر ايضا في موهبتهالرياضية المتفوقة بما يشبه المستوى المشار اليه في الفتاة اعلاه، ولما سئل: كيف
يتسنى له ان يجيب قبل الحاسوب؟ اجاب: ان هناك من يهمس
باذنه بالاجابة.
12- الطفل حيدر عبد الحسين:
وعرض التلفزيون العراقي، في هذا العام، سنة 1997 ((204))،
مقابلة مع طفل اسمه حيدر عبد الحسين في المرحلة الاولى
من المدرسة الابتدائية، ونقل بقرار الىالمرحلة الرابعة لتفوقه في الرياضيات وفي فهم واستظهار ما يقرا في الموضوعات
المختلفة بصورة مدهشة، ولقد سئل اسئلة كثيرة وكان معه
استاذان من مركز البحوثالنفسية اسئلة من قبيل اليوم 18 او 27- من شهر كذا من سنة كذا فماذا يوافقه من ايام الاسبوع
فاجاب من دون تردد، وسالوه عن رقم معين وطلبوا اليه اخراج
جذره، اونتيجة ضربه بعدد آخر او ما يشبه ذلك، فاجاب على
الفور وكان يستظهر بصورة غير عادية. ومما سئل به لاختبار
استظهاره امور تتصل بالنبي (ص) ومنها نسبه فساقهالى آدم ببساطة كانه يقرا في كتاب وكان يتكلم بالفصحى، ومن دون
اكتراث ويجلس وقورا هادئا معتدا كما لو كان شيخا من شيوخ
العلم الكبار.
واذا ثبت وجود مثل هذه الظواهر من الادراك فوق الحسي
وفوق المادي في الاطفال والكبار، وهو ثابت كخصائص تبدو
كما لو كانت موهبة ذاتية للذات او باسنادموضوعي خارجي
بذات روحية اخرى ((205)).
فاية غرابة في ان يصطفي اللّه تعالى من خلقه لهدى الناس
وارشادهم افرادا يؤتيهم نظير هذه المواهب بصورة اسمى من
كل ناحية، مع خصوصية في المكانة منه تعالى،والمعرفة به
بحيث يكون نموذجا عاليا في العلم والعمل.. واذا كان من يتصل
باولئك روح بشرية متوفاة او روح سفلي فان من يتصل بهؤلاء
من الرسل واوصيائهم (ع)ملك قدسي يحمل معرفة حقة
ويهدي الى صراط مستقيم باذن اللّه، ولسان يعبر عنه سبحانه
فيهم وقد جاء عن الائمة من اهل البيت (ع): ان من علمهم ما
هو نقر فيالاسماع ونفث في القلوب. وان الملائكة تحدثهم من دون رؤية منهم اليهم مضافا لعلمهم
المزبور والغابر، وبذلك يصبح صغر السن بالنسبة لهم (ع) ليس
محل اشكال، ومثل ذلك امر تلقيهم العلمبالصورة العادية المعروفة في دنيا الناس ((206)).
ثانيا: ان القرآن الكريم تحدث لنا في قصة مريم (ع) وذكر ان
قومها حين اتهموها فقالوا: (يا مريم لقد جئت شيئا فريا) [مريم:
27- و28] قال تعالى: (فاشارت اليه قالواكيف نكلم من كان في
المهد صبيا) لكن عيسى نطق: (قال اني عبداللّه آتاني الكتاب
وجعلني نبيا وجعلني مباركا اين ما كنت واوصاني بالصلاة
والزكاة ما دمت حيا.وبرابوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا
والسلام علي يوم ولدت يوم اموت ويوم ابعث حيا) [مريم: 29
32].
وقال تعالى وهو يذكر يحيى بن زكريا: (يا يحيى خذ الكتاب
بقوة، وآتيناه الحكم صبيا) [مريم: 12]، فاثبت النطق للطفل في
المهد بما ذكرته الايات الاولى وشهادةعيسى في المهد لنفسه بالنبوة وانه اوتي الكتاب من عند اللّه وذكر ما اوصاه اللّه به.
واثبت في الاية الاخيرة: ان اخذ الكتاب واتيان الحكمة قد كان
ليحيى وهو ما يزال صبيا.
وهذا يعني ان الاشكال، بصغر السن حين يشاء اللّه ان يجعل
هذا الطفل حجة له مبطل قرآنيا بحكم كونه وقع في المثلين
اللذين ذكرناهما واذا جاز في هذين (عيسىويحيى) (ع) فانه يجوز ان يكون في غيرهما حين يقوم الدليل على ذلك بالنص
والعلم وظهور المعجز، وقد ذكرنا بعض ما جاء عن الامام
المهدي (ع) من ذلك وسنذكربعضا آخر لاحقا.
ثالثا: ان هذه السن ليست بعيدة عن السن التي قام بالامامة
فيها جده الاعلى محمد الجواد (ع) ثم جده الادنى علي الهادي
(ع) فان الاول اضطلع بالامامة وهو فيالثامنة ((207))، ولم يغب عن المجتمع، ولا احتجب عن الناس. وحين اظهر
المامون ندما وتكفيرا او ليرد اشارات الاتهام اليه بقتل الامام
الرضا (ع) اهتماما وتقديما لهبصورة غير عادية وزوجه ابنته ام الفضل لامه اقرباؤه وخاصته على رفع مقامه عليهم مع صغر
سنه.
فعرفهم انه على ما يرون من صغر سنه حقيق بهذه المكانة
علما ومعرفة وسمو ذات...
ثم اعطاهم ليتاكدوا فرصة اختباره، وتهياوا بما استطاعوا،
وفي مجلس المامون وبحضور الجميع، دلل الامام الجواد (ع)
بيسر وهو في هذه السن على معنى الامامةالالهية، والعلم اللدني، ودمغ من تصدى لامتحانه قاضي القضاة يحيى بن
اكثم ومن معه بما اذلهم واخزاهم ((208)).
ومثل ذلك كان امر الامام علي الهادي (ع) الذي ولد سنة 212
ه او سنة 214 ه واضطلع بالامامة سنة 220 ه، او سنة 225 ه،
فكان شانه شان ابيه علما وعملا، ورغم انمن عاصره كان المتوكل العباسي وهو من اشد الناس عداوة لال البيت (ع)
حتى كان لا يبالي في اظهار ذلك في مجلس، فكان يعلن
السخرية بعلي امير المؤمنين (ع)بصورة لم يصبر عليها حتى
ولده، فقد استطاع الامام (ع) في اكثر من موقف ان يذل
كبرياءه، ويقرع تجبره ((209))، ويكفي من يحاول التشكيك ان
يرى ان ادعاء الامامةمن قبلهما في هذه السن لابد ان يثير الشك بدءا لدى اوليائهم، وفيهم اهل الفكر والعلماء فلو لم يروا
منهم من البرهان على امامتهم ما ياخذ بالاعناق لما سلموا
لهم.
ثم ان ادعاء الامامة في هذه السن ايضا يفسح المجال للخصوم،
ومنهم راس الدولة فضلا عن الفرق المخالفة ان يعملوا على
احراج الامام وشيعته من خلال اسئلة اواختبارات يبرزون بها
لو استطاعوا عجز الامام علميا، ولكن ذلك ليس بمستطاع
قطعا.
واذا كانت المسالة بالنسبة لابويه، وبالنسبة له كذلك، فانها
ينبغي ان تكون شاهدا وآية على امامتهم بدلا من ان تكون
محلا للاشكال.
رابعا: ثم ما معنى الاشكال حول امكان اضطلاعه بالامامة طفلا،
وقد اضطلع بها بالفعل؟ ولا اعظم شهادة لكون الشيء ممكنا من ان يقوم في عالم الواقع، وقد اضطلعالامام المهدي (ع) بالامامة في هذه السن.
وتلقى عنه عدد من علماء الامة الذين لا يشك احد في جلالة
قدرهم علما وعملا، واظهر امامهم من المعجزات ما يكفي
للبرهنة على امامته
المصدرالامام المهدي المنتظر