صبر الحوراء
11-09-2010, 02:03 PM
http://mynono.hawaaworld.com/sites/mynono.hawaaworld.com/files/fckeditor/01.jpg
كان اصحاب الكهف قد نشاؤا في مجتمع مشرك لا يرى إلاّ عبادة الاوثان. ما عدا ثلة قليلة من المجتمع آنذاك آمنت بالله. لكن الاغلبية ظلت على كفرها وكانت تضيّق على المؤمنين الخناق، وتعرضهم للاذى. وتجبرهم على عبادة الاوثان فمن عاد الى ملتهم تركوه ومن أصر على ايمانه قتلوه.
وكان الفتية ممن آمن بالله ايماناً على بصيرة ووعي وهدى فزادهم الله هدى على هداهم وافاض عليهم المعرفة والحكمة وكشف بما آتاهم من النور عما يهمهم من الامر وربط على قلوبهم فلم يخشوا إلاّ الله سبحانه.
وعلم الفتية انهم لو مكثوا في قومهم لم يسعهم إلاّ ان يماشوهم في الانحراف، وإن كتموا ايمانهم ودعوتهم الى التوحيد. لكنهم ان اعتزلوهم ودخلوا الكهف فان الله ينجيهم مما هم فيه من البلاء، وهذا ما كان، فقد دخلوا الكهف، فأنامهم الله تعالى ثلثمائة وتسع سنين في صورة من اروع صور الرعاية واللطف الالهي لعبادة الذين اصطفى حيث الكهف المعزول الهاديء والمناخ الصحي والاجواء المتجددة بخيوط اشعة الشمس التي تزاور كهفهم ذات اليمين وذات الشمال.
(نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى* وربطنا على قلوبهم اذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والارض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططاً* هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا* وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلاّ الله فأوُا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من امركم مرفقا* وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين واذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا* وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) ، (1) .
وخلال هذه الفترة الطويلة تغير وضع مجتمعهم. فقد زال الكفار، وابدلهم الله بالمؤمنين، فكانت الغلبة لاهل التوحيد(2).
(ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا* اذ اوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا* فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا* ثمّ بعثناهم لنعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا امدا) ، (3) .
(وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم اعلم بما لبثتم فابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم احدا* إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم او يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا اذا ابدا* وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعة لا ريب فيها اذ يتنازعون بينهم امرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا) ، (4) .
ونلاحظ في هذه القصة ان الزمن قد اتخذ قيمتين مختلفتين. فمرة كانت له قيمة ايجابية، حيث ان الفترة الزمنية التي اعقبت دخول الفتية الى الكهف، كان فترة تغيير باتجاه الايمان. فقد
انقرض المشركون وصارت الغلبة العددية لاهل التوحيد. اي ان الزمن كان لمصلحة الايمان.
والمرة الاخرى، كانت للزمن قيمة مهملة. حيث نام الفتية ثلثمائة وتسع سنين، وحين بعثهم الله من نومهم، تصورا انهم ناموا يوما او بعض يوم، اي انهم فقدوا الاحساس بحركة الزمن. اضافة الى ان فترة النوم هي زمن مهمل، اذ لم يمارسوا فيه اي عمل.
غير ان المسألة المهمة هنا، ان القيمة المهملة للزمن لم تُحسب على المجتمع الذي عاصروه، انما كانت خاصة بهم لحالتهم الاستثنائية التي فرضها الله عليهم رحمة بهم. ولقد تحولت هذه القيمة الزمنية المهملة بعد ان عرف الناس بحقيقة امرهم الى آية عظيمة من آيات الله تعالى. وبذلك فهي تعتبر ايجابية ايضا بالنسبة للمجتمع، في اطار حركة الزمن وضمن سنن الله تعالى في تاريخ الرسالات.
وحين نصف فترة نومهم بانها زمن مهمل، لا نقصد به الصفة السلبية التي يتحمل فيا الفتية ذنباً. فالمسألة كانت خارج نطاق ارادتهم. ان ما نقصده هو انهم اعتزلوا الحياة والمجتمع لأمر اراده الله فلم يقدموا عملا ولم يمارسوا دوراً رسالياً معيناً.
على ان من الضروري القول، ان رقادهم الطويل حفظ ايمانهم دون ريب. وان الله سبحانه لم يتوفاهم لأنه اراد ان يكونوا آية للناس على طول التاريخ. ثمّ توفاهم سبحانه بعد ان عرفت قصتهم لمجتمعهم فاصبحوا معلماً رسالياً يستوحي منه العاملون في سبيل الله الصبر والثبات في مواجهة عقبات الطريق وتحديات الواقع. وبذلك سلم الناس بقدرة الله واعجازه في خلقه ورعايته لعباده المؤمنين العاملين على مستوى تعطيل قوانين الزمن وحمايتهم من حركته الصارمة في الكائنات.
ان قصة اصحاب الكهف كانت في الفترة الواقعة بين عيسى (عليه السلام) و الرسول الاكرم محمد صلّى الله عليه وآله. كما تتحدث بذلك كتب السير والتفاسير فهي قريبة من حركة الرسالة الإسلامية وبذا تكون من موارد الدرس والتأثير في خط العاملين المجاهدين وهم يواجهون مختلف التحديات في طريقهم الصعب الطويل.
كان اصحاب الكهف قد نشاؤا في مجتمع مشرك لا يرى إلاّ عبادة الاوثان. ما عدا ثلة قليلة من المجتمع آنذاك آمنت بالله. لكن الاغلبية ظلت على كفرها وكانت تضيّق على المؤمنين الخناق، وتعرضهم للاذى. وتجبرهم على عبادة الاوثان فمن عاد الى ملتهم تركوه ومن أصر على ايمانه قتلوه.
وكان الفتية ممن آمن بالله ايماناً على بصيرة ووعي وهدى فزادهم الله هدى على هداهم وافاض عليهم المعرفة والحكمة وكشف بما آتاهم من النور عما يهمهم من الامر وربط على قلوبهم فلم يخشوا إلاّ الله سبحانه.
وعلم الفتية انهم لو مكثوا في قومهم لم يسعهم إلاّ ان يماشوهم في الانحراف، وإن كتموا ايمانهم ودعوتهم الى التوحيد. لكنهم ان اعتزلوهم ودخلوا الكهف فان الله ينجيهم مما هم فيه من البلاء، وهذا ما كان، فقد دخلوا الكهف، فأنامهم الله تعالى ثلثمائة وتسع سنين في صورة من اروع صور الرعاية واللطف الالهي لعبادة الذين اصطفى حيث الكهف المعزول الهاديء والمناخ الصحي والاجواء المتجددة بخيوط اشعة الشمس التي تزاور كهفهم ذات اليمين وذات الشمال.
(نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى* وربطنا على قلوبهم اذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والارض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططاً* هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا* وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلاّ الله فأوُا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من امركم مرفقا* وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين واذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا* وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) ، (1) .
وخلال هذه الفترة الطويلة تغير وضع مجتمعهم. فقد زال الكفار، وابدلهم الله بالمؤمنين، فكانت الغلبة لاهل التوحيد(2).
(ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا* اذ اوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا* فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا* ثمّ بعثناهم لنعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا امدا) ، (3) .
(وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم اعلم بما لبثتم فابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم احدا* إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم او يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا اذا ابدا* وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعة لا ريب فيها اذ يتنازعون بينهم امرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا) ، (4) .
ونلاحظ في هذه القصة ان الزمن قد اتخذ قيمتين مختلفتين. فمرة كانت له قيمة ايجابية، حيث ان الفترة الزمنية التي اعقبت دخول الفتية الى الكهف، كان فترة تغيير باتجاه الايمان. فقد
انقرض المشركون وصارت الغلبة العددية لاهل التوحيد. اي ان الزمن كان لمصلحة الايمان.
والمرة الاخرى، كانت للزمن قيمة مهملة. حيث نام الفتية ثلثمائة وتسع سنين، وحين بعثهم الله من نومهم، تصورا انهم ناموا يوما او بعض يوم، اي انهم فقدوا الاحساس بحركة الزمن. اضافة الى ان فترة النوم هي زمن مهمل، اذ لم يمارسوا فيه اي عمل.
غير ان المسألة المهمة هنا، ان القيمة المهملة للزمن لم تُحسب على المجتمع الذي عاصروه، انما كانت خاصة بهم لحالتهم الاستثنائية التي فرضها الله عليهم رحمة بهم. ولقد تحولت هذه القيمة الزمنية المهملة بعد ان عرف الناس بحقيقة امرهم الى آية عظيمة من آيات الله تعالى. وبذلك فهي تعتبر ايجابية ايضا بالنسبة للمجتمع، في اطار حركة الزمن وضمن سنن الله تعالى في تاريخ الرسالات.
وحين نصف فترة نومهم بانها زمن مهمل، لا نقصد به الصفة السلبية التي يتحمل فيا الفتية ذنباً. فالمسألة كانت خارج نطاق ارادتهم. ان ما نقصده هو انهم اعتزلوا الحياة والمجتمع لأمر اراده الله فلم يقدموا عملا ولم يمارسوا دوراً رسالياً معيناً.
على ان من الضروري القول، ان رقادهم الطويل حفظ ايمانهم دون ريب. وان الله سبحانه لم يتوفاهم لأنه اراد ان يكونوا آية للناس على طول التاريخ. ثمّ توفاهم سبحانه بعد ان عرفت قصتهم لمجتمعهم فاصبحوا معلماً رسالياً يستوحي منه العاملون في سبيل الله الصبر والثبات في مواجهة عقبات الطريق وتحديات الواقع. وبذلك سلم الناس بقدرة الله واعجازه في خلقه ورعايته لعباده المؤمنين العاملين على مستوى تعطيل قوانين الزمن وحمايتهم من حركته الصارمة في الكائنات.
ان قصة اصحاب الكهف كانت في الفترة الواقعة بين عيسى (عليه السلام) و الرسول الاكرم محمد صلّى الله عليه وآله. كما تتحدث بذلك كتب السير والتفاسير فهي قريبة من حركة الرسالة الإسلامية وبذا تكون من موارد الدرس والتأثير في خط العاملين المجاهدين وهم يواجهون مختلف التحديات في طريقهم الصعب الطويل.