علي الفاروق
16-09-2010, 08:27 AM
لماذا لم يُذكر
اسم الإمام علي عليه السلام
في القرآن الكريم
نصّ الإشكال: يدّعي الشيعة الإمامية أنَّ مسألة الإمامة من أهم مسائل أصول الدين، وأنَّ الإمام علي عليه السلام هو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله، فلماذا لم يُذكر اسم الإمام علي عليه السلام في القرآن لكونه:
1ـ إمام الأئمة.
2ـ مسألة الإمامة من أهم مسائل أصول الدين.
3ـ هو الذي اختلف عليه الأمة.
ولو ذُكر اسمه في القرآن لارتفع الخلاف بين الأمة، ولم تصبح الأمة اشتاتاً.
نقول: لردِّ هذه الشبهة المثارة، فلنا أجوبة كثيرة، منها:
أولاً: عدم ذكر أسماء الأنبياء:
إنَّ عدم ذكر الاسم صراحةً في الذكر الحكيم لا يُعدُّ برهاناً على عدم استحاقه منصب الإمامة، ولا يقول بذلك عاقل، فمسألة النبوة من مسائل الأصول أيضاً، حيث أنَّ كثيراً من الأنبياء لم يذكر الله تعالى أسمائهم في القرآن، فهل نبوتهم باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
كاسم نبي الله الخضر، فلم يُصرح باسمه، فهل نبوته باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
وكذلك جرجيس ودانيال عليهما السلام وغيرهم كثير..، فقد بعث الله جلّ وعلا 124000 نبي، وفي القرآن قد ذُكِرَ نيف وعشرون اسماً فقط، فأين الباقي ؟!! فهل نبوتهم باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
ثانياً: عدم ذكر ما يصحّ السجود عليه:
وكما لا يُخفى بأنّ الصلاة عمود الدين، فإنَّ أكثر من 1400 سنة وهناك خلاف بين المسلمين حول مسألة السجود، مع أنَّ أعظم ركن هو السجود، فقد اختلفت آراء الفريقين حول المسجود عليه، مع أنَّ القرآن كثيراً ما ذكرت كلمة s الساجدين r ، s فاسجد r ، s اسجدوا r لكن هل صرّح على ماذا يجب السجود ؟!! كلا.
الله سبحانه وتعالى يذكر في القرآن مادة سجد أكثر من تسعين مرّة، ولم يذكر ولو لمرّة واحدة على ماذا يصحّ السجود، لماذا ؟!!!
طبعاً هناك حكمة إلهية بلا ريب، وكذلك هناك حجمة لعدم ذِكر اسم الإمام علي عليه السلام ي القرآن.
ثالثاً: عدم ذكر الاقتصاد الإسلامي:
إنَّ الاقتصاد الإسلامي أمرٌ هام جداً، فلماذا لم يصرّح الله جلّ جلاله بالاقتصاد الإسلامي في القرآن ؟!! ما هي معالمه ؟!! وما هي فوارقه عن الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي ؟! ولماذا لم يصرح مسألة الكالي بالكالي مع كونها من اهم أسباب انهيار الاقتصاد الإسلامي ؟!! لماذا ولماذا ..؟!.
رابعاً: عدم ذكر أسماء الخلفاء الثلاثة:
لماذا لم يصرّح الله باسم الخليفة الأول والثاني والثالث ، أليس القوم يدّعون بأنَّ أبي بكر وعمر وعثمان خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم أفضل الصحابة، فلماذا لم يصرّح الله تعالى بهم في الذكر الحكيم ليرفع الخلاف ؟!!
خامساً: عدم ذكر علم الهرمنيوطيقيا:
لماذا الله جل اسمه لم يتحدث عن علم الهرمنيوطيقيا ؟!! مع أنَّ هذا العلم ابتكره الغربييين لنسف القرآن الكريم !! ـ وذلك كما يتوقعون ـ
الله لماذا لم يَقُلْ في القرآن الكريم: الهرمنيوطيقيا باطلة ـ مثلاً ـ ؟ فهذا العلم متعلق بالقرآن الكريم بذاته طبعاً.
والجواب عنه سهل ويسير: الله لم يصرح في الذكر الحكيم بكل شيء، بل كثيراً ما اكتفى باعطاء القواعد والضوابط، واقتصر على الكناية والصفة والإشارة دون التصريح في غالب الأمور.
سادساً: عدم ذكر أهم الأحداث المستقبلية:
هل القرآن تحدث عن الأحداث المستقبلية الكبرى ؟ فهل ذكر الكمبيوتر والأنترنت والموبايل والتلفاز والكهرباء في القرآن ؟!! وكذلك الليزر والأشعة والذرّة وأيضاً علاج السرطان، مع أنَّ القرآن فيه علاج لكل داء.
لماذا اكتفى بالإشارة والتلميح والإيماء ؟! ولم يصرّح !!
سابعاً: عدم ذكر أهم المسائل السياسية:
القرآن لم يذكر مجموعة من أهم المسائل السياسية سلباً وإيجاباً، نحو: فصل السلطات، وتعدد الأحزاب، والسلطة الخامسة، وولاية الفقيه، وشورى الفقهاء، وحرية المعارضة، وحرية الصحافة، والإعلام، ومواصفات الحاكم و..و.. الخ، لماذا ؟!!
إنَّ الجواب عن هذه الأسئلة تعدُّ جواباً على التساؤل المطروح، لماذا لم يصرّح باسم الامام علي عليه السلام في القرآن.
ثامناً: الإثكار من ذكر الآيات المتشابهة:
لماذا أكثر الله سبحانه وتعالى من ذكر الآيات المتشابهة ؟!!والتي توجِب ضلال كثيرون وذلك في العديد من المسائل العقدية والفقهية، ابتداءاً من الباري تعالى انتهاءاً إلى أبسط المسائل الفقهية.
تاسعاً: ذكر الاسم وعدمه ليس مقياساً لتحديد الحق والباطل، والاهم والمهم، وماشابه:
إن ذكر الاسم ليس مقياساً لتحديد الحق من الباطل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الخلق، قد ذُكِرَ اسمه في القرآن أربع مرات فقط باسمه s محمد r ، أمّا اسم نبي الله موسى فقد ذكره الباري أكثر من مائة وثلاثين مرة، فهذا هذا الأمر مقياساً لتحديد الأفضلية ـ مثلاً ـ ؟!!
كلا، وألف كلا.
وكذلك إن الإامام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف أجمعت عليه جمهور الشيعة والسنة، ولم يصرّح باسمه في القرآن.
وأيضاً: إن عدد الأنبياء هم: 124000 على حسب بعض الأقوال، ولم يُذكر أكثر الأنبياء كما ذكرنا ذلك سابقاً، فلماذا لم يصرح بالباقين ؟!!
وكما أنّه ليس من المقاييس كون اسم السورة تعد فضلاً للمسمى، فلِمَ لم يذكر سورة باسم موسى ابن عمران ـ مثلاً ـ ؟ وفي القرآن سورة باسم مريم بنت عمران، فهل مريم أفضل من نبي الله موسى ؟!! وكذا عيسى عليه السلام.
إذن: ليس عدم ذكر الاسم، ولا تكرار ذكر الاسم، ولا عدد مرات ذكره، ولا إفراد سورة باسمه يعدُّ مقياساً للحق والباطل، ولا مقياس المهم واللامهم، أو المهم والأهم.
عاشراً: نبوة الخضر عليه السلام:
فقد اختلفت آراء المسلمون في نبوة خضر الخضر، فقد ذهبت فرقة إلى أنّه نبي، وأُخرى على عدم نبوته.
فلماذا لم يذكر الله جل اسمه ذلك، وصرّح بأنّه نبي وما شابه ذلك.
فما جواب ذلك إلا حكمة إلهية. وكذلك الحكمة تقتضي قد ذكر اسم الامام علي عليه السلام.
الحادي عشر: عدم انتهاء الخلاف بذكر اسم الامام علي عليه السلام:
إنَّ ذكر اسم الإمام علي عليه السلام ، أو أسماء الأئمة الاثني عشر في القرآن الكريم وعدم ذكره لن تنهي الخلاف كما يزعم البعض بأنّه سينتهي، وإليك بعض الأمثلة:
1ـ أوقاف الصلوات: هل أوقاف الصوات مذكورة في القرآن ؟ الجواب: نعم، يقول تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} سورة الإسراء / 78 ، وغسق الليل هو الظلام أو شدّة الظلام، وعلى أيّ تقدير فأوقات الصلوات هي ثلاث: الظهر، والليل، والفجر.
فلماذا حدث خلاف على أوقاف الصلوات ؟ لماذا ذهبت بعض الفِرق الإسلامية إلى أنّها خمسة ؟!! مع أنّه مذكور في القرآن ثلاثة !!.
هل انتهى الخلاف منذ 1400 سنة ؟ أوقات الصلوات مذكورة والخلاف لم ينتهي بعد، فالخلاف قائم إلى يومنا هذا.
2ـ مسألة الرؤية: يقول تعالى لموسى: {لَن تَرَانِي} سورة الأعراف / 143. فـ s لن r تأبيدية، يعني لن تراني أبداً، والرؤية ممتنعة عقلاً ونصّاً، وذكر القرآن أن الرؤية ممتنعة، لكن أهل الخلاف ذهبوا إلى أنّه يُرى ـ والعياذ بالله ـ فهل ارتفع الخلاف ؟!
وهذه المسألة اختلفت فيه أقوال علماء المذاهب نفياً وإثباتاً، مع أنّها مذكورة في القرآن بموارد، منها: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} سورة الانعام / 103، وكذا: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} سورة طه / 110.
فهل ارتفع الخلاف بين الأمة ؟!! بل لازال الخلاف منذ فجر الأمّة.
3ـ التجسيم: يقول تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} سورة الشورى / 11، أي: ليس كمثل الله شيء، لكن أهل الخلاف ذهبوا إلى أنّ الله شابٌ أمرد، لديه رِجْل، وحقّو، وعين، ويد، وشعر، وإضراس، ولهوات، وأنّه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الاخير من الليل، وأنّه ينزل على حمار، وأنّه يجلس كجلوس الإنسان على العرش، وله ثقل، وحدّ، وحيز و..الخ ـ والعياذ بالله ـ، فكل هذه الأمور أثبتوها وبشدّة، وألّفوا فيها الكتب لإثباتها، مع أنّه جلّ جلاله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فهل زال الخلاف ؟!!
الله يقول ليس كمثلي شيء، وأنا غير كل الأشياء، وأهل الخلاف يقولون: هو جسم.
وغيرها كثير من المسائل التي ذُكِرت في القرآن لكن الخلاف إلى الآن، منها: مسألة عصمة الأنبياء، وغيرها.
فمن هنا نقول: إن تصريح الاسم في القرآن وعدم التصريح لا يزيل الخلاف ولا يُعدُّ شرطاً لذلك.
وفي الجواب الأخير سنثبت بأنَّ اسم الإمام علي عليه السلام مذكوراً صراحةً في القرآن.
الثاني عشر: الأحاديث النبوية القطعية كالقرآن:
إنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وآله حجّة كالقرآن، وذلك قوله جلّ أسمائه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} سورة الحشر / 7.
وقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم / 3 ـ 4.
والروايات المتواترة تنصُّ بشكل جلي على إمامة الامام علي عليه السلام، نحو: حديث الغدير، وحديث الثقلين، والدار وغيرها كثير..
ولا يجوز الاقتصار على القرىن دون السنة النبوية، وكذلك العكس، فهما كالفرقدين لا ينفكّان عن بعضهما البعض.
الثالث عشر: نعمة العقل:
الله تعالى قد كرّم بني آدم وأنعم عليه بالعقل، فيريد الله أن يُعظم دور العقل، ويريد إعطائه قيمة كُبرى ومحورية أساسية.
فالله تعالى أرسل الأنبياء والرسل لتحرير الناس من القيود والأغلال العقلية، حيث أنَّ الناس قد أسروا عقولهم في أوساط معينة، ومحاور محدودة، وأمور مقيّدة، وأشياء منتقية، فالله أراد أن يحرر تلك العقول المقيدة الجامدة بإرسال الأنبياء.
وكم مرّة يقول الله تعالى في القرآن الكريم: { أفلا تعقلون } ، { أفلا يتدبرون } ، { أفلا تتفكرون }.
الله تعالى أعطى للعقل دوراً هاماً، ولهذا أصبحت احدى الأدلة الشرعية هي: العقل، فالإنسان يجب أن يُفكر ويتأمل ويتدبر، ولا يكون جامد العقل.
واسم الامام علي عليه السلام مذكور كنايةً في مواطن كثيرة.
الرابع عشر: مسألة التحريف وذكر أسماء الأئمة:
هناك جواباً بناءاً على المعتقد المخالف، وبناءاً على آراء وأقوال أعلامهم، وعنوانه: ما الدليل على عدم وجود اسم الامام علي عليه السلام ، والأئمة من بعده ؟!!
فقد ورد في الصحاح، والسنن، والمسانيد، والجوامع روايات في تحريف القرآن، وأنّ هناك آيات بل سور محذوفة من القرآن الكريم ـ والعياذ بالله من هذا المعتقد الباطل ـ.
وسأنقل شيء يسير منها، التي تعدُّ قطرة من بحر، وغيض من فيض:
روي عن ابن عمر بن الخطاب أنّه قال: s ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قدذهب قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر r. راجع الاتقان.
وروي عن عائشة بنت أبي بكر أنّها قالت: s كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله مائتي آية فلما كَتَبَ عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن r المصدر السابق.
هذان روايتان نقلتهما على سبيل العجالة، وإلاّ فإنَّ جمع روايات التحريف من كتب أهل الخلاف يحتاج إلى مؤلف بأكمله، وأُحيل القارئ إلى كتاب: s الإتقان r للسيوطي، و s المصاحف r لابن أبي داود، و s الفرقان r ففيهما العجب.
فنحن نقول: إنْ كان قد وقع الحذف والتحريف في القرآن ـ والعياذ بالله ـ بحسب زعمكم، فما الدليل على أن اسم الامام علي عليه السلام وأسماء الأئمة من بعده عليهم السلام لم تكن موجودة في القرآن ؟!!
وهناك قرينة هامّة تُساند هذا الجواب، وهو: أنّ الشيعة على مرّ العصور كانوا مشردين، وكانوا يُعادون من كل حدبٍّ وصوب، حتى وصل الامر أنّ كل شخص اسمه علي يُقتل !!! وهذا بإيجاز، والتفصيل يُطلب من مظانّه.
الخامس عشر: القراءات واسم علي عليه السلام:
وهذا الجواب قريب المظآن من السابق، وهو أنَّ اسم الامام علي عليه السلام موجود حسب بعض القراءات، ذهبت مذاهب الخلاف أنّ هناك سبع قراءات متواترة، والصحيح أنّه قراءة واحدة وفي ذلك بحثٌ مفصل يُطلب من بابه، فأهل الخلاف لديهم سبعة قراءات متواترة، وبعضهم عشر، وآخرون سبعون !!.
يقول تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} سورة الحجر / 41، وذلك بفتح الياء.
وطبق بعض القراءات تصبح هكذا: {قال هذا صراطٌ عليٍّ مستقيم} بكسر الياء، وهو واضح على أنّه اسم الامام علي عليه السلام.
وهناك قراءة أُخرى رويت أنها هكذا وردت الآية: { قال هذا صراطٌ عليٌّ مستقيم } وهذا جلي أيضاً وواضح أنّه اسم علم.
وهنا قصة لطيفة نذكرها لتعلقها بالمطلب أنّه: s قام عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله، وقال: إنّك لا تزال تقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وقد ذكر الله هارون في القرآن ولم يذكر علياً ؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا غليط يا أعرابي، إنّك ما تسمع ما يقول: {هذا صراطُ عليٍّ مستقيم} r.
السادس عشر: لو ذُكِرَ اسم علي عليه السلام لحُرِّفَ القرآن:
إنَّ مئات الألوف من الكتب الشيعية أُحرقت، وأُهدِرت وتُلِفت بسبب العداوة والنصب، والحقد، والغل، وذلك بدءاً من حال مرض الرسول الكريم صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا.
إنّا لو رجعنا إلى التاريخ الإسلامي لوجدنا أنَّ كثيراً من التحريف والتزوير والدّس قد وقع، فاحدهم قد وضع أربعة ألفا رواية، والآخر كذا وكذا وهكذا وهلمَّ درا، فقضية التحريف والدس والبتر متداولة كانت في العصور المتقدمة وبشكل عجيب، فالتاريخ الأُموي حافل بهذه الأمور، حتى أنَّ النواصب كانوا يُصابون في مقتلٍ حينما يسمعون فضيلة لعلي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، وكم من الفضائل والرايات قد ذهبت ؟ حتى وصل الأمر إلى أنَّ الراوي إذا روى في فضائل علي عليه السلام رواية يُقتْل، وهذا غيض من فيض، وفي الأمر تفصيل موسّع، نتركه لوقته وأحيل القارئ إلى مقاتل الطالبيين.
فبكل هذا الإرهاب إنْ كان رب العزة قد وضع اسم علي عليه السلام جهارةً وبشكل واضصح وجلي بحو: { علي بن أبي طالب أخو رسول الله ووصيّه وخليفته من بعده } ـ مثلاً ـ لكان القرآن قد حُرّف.
وهذا من احدى الحِكم الإلهية لحفظ الذكر الحكيم.
السابع عشر: اسم الامام علي عليه السلام مذكور صراحةً في القرآن !!:
يقول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} سورة مريم / 50.
فبناءاً على هذا الجواب إنَّ هذا السؤال خاطئ، قول المخالف: لماذا لم يُذكر اسم علي عليه السلام في القرآن ؟ سؤال خاطئ، ولا يجوز له السؤال طبق هذا الجواب لأنّ اسمه مذكور صراحةً.
سنذكر عدّة أدلة على أنّ هنا { عليا } هو اسم الامام علي عليه السلام.
ـ الدليل الأول: روى الشيخ الصدوق قدس سرّه في كتابه كمال الدين وتمام النعمة بسند صحيح رجاله من عيون الطائفة وكبار ثقاتها عن الامام الصادق عليه السلام ـ إلى أن يقول ـ: s قال الله عزوجل: " فلما اعتزلهم ومايعبدون من دون الله وهبناله إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا * ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا " يعنى به على بن أبي طالب عليه السلام لان إبراهيم قد كان دعا الله عزوجل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فجعل الله تبارك وتعالى له ولاسحاق ويعقوب لسان صدق عليا فأخبر على عليه السلام بأن القائم هو الحادي عشر من ولده وأنه المهدي الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما مئلت جورا وظلما، وأنه تكون له غيبة وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، وأن هذا كائن كما أنه مخلوق r.
ورجاله هم:
1ـ الصدوق: وهو من كبار العلماء، ومن أساطين الطائفة، لم يُرَ في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، وهو غني عن التعريف.
2ـ والد الصدوق: وهو شيخ القميين في عصره، ومتقدمهم وفقيههم وثقتهم، وهو غني عن التعريف.
3ـ محمد بن ابن الوليد: شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم، غني عن التعريف.
4ـ سعد بن عبدالله: شيخ الطائفة في زمانه، وهو كذلك لا يحتاج إلى تعريف.
5ـ يعقوب بن يزيد: ثقة صدوق، من كبار العلماء، وهو من مشاهير الثقات.
6ـ محمد بن أبي عمير: وهو من أصحاب الإجماع، كان من أوقث الناس عند الخاصّة والعامّة، وأنسكهم نُسكاً، وأورعهم، وأعبدهم وهو أوحد زمانه.
7ـ هشام بن سالم: وهو ثقة ثقة، من المشهورين في مقامه العلمي، وهو غني عن التعديل.
8ـ أبو بصير: ولا يحتاج إلى التكلم في الجانب الحديثي، فهو من الأجلاء والعظلماء، من أساطين هذا المذهب.
فهذا السند صحيح، لا غبار عليه.
ـ الدليل الثاني: روى علي بن إبراهيم القمي بسنده الصحيح العال عن الإمام العسكري أنّه قال ذلك.
رجال السند:
1ـ علي بن إبراهيم: من كبار العلماء، ومن أساطين هذا الدين، غني عن التوثيق.
2ـ إبراهيم القمي: المجمع على وثاقته.
يقول علي بن إبراهيم: s {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} يعني أمير المؤمنين عليه السلام . حدثني بذلك أبي، عن الحسن بن علي العسكري عليهما السلام r.
فنادراً ما تجد إسناداً بهذا العلو.
ـ الدليل الثالث: قوله تعالى {لسان} لا يُقصد بها المعنى الحقيقي اللسان هذه المكونة من قطعة لحم، وإنما هي دلالة مجازية. وعادةً يُكنى بها الشخص، ويُحتمل المراد به هو: {شخص ذا لسان صدق}.
ويُقال: فلان هو لساني الناطق، ويدي الباطشة، وعيني الناظر، يعني الشخص الفلاني هو لساني الناطق و..الخ، ولا يُقصد بها أنّه لساني هذا، أو:
أنّها بمعنى الذكر الحسن كما يُقال.
فلا يُقال عن سمعة حسنة لشخص ما، {إنّ لسانه حسن}.
ـ الدليل الرابع: اللسان لا يوصف بالعلو.
فاللسان لا يوصف بالعالي، فهو يُوصف بأنّه طويل، وقصير، وبذيءٌ، وما شابه، لكن لسان عالي لم نجد له وصفاً هكذا.
ففي الذكر الحكيم {لسان صدق عليا} فـ{عليا} إمّا أن تكون:
1ـ صفة للّسان. 2ـ اسم علم.
أمّا الأول فهو ممتنع كما أسلفنا مُسبقاً.
والثاني جائز، وباعتضاده مع الأدلة السابقة واللاحقة.
ـ الدليل الخامس: المفعول به:
وهنا قرينة وهي المفعول به أين هو في الآية الكريمة هذه ؟!!
الله تعالى ذكر في الآيات السابقة واللاحقة مفعول به، لكن في هذه الآية أين هي ؟!!
وهو أنَّ {عليا} مفعول به للجملتين {ووهبنا لهم من رحمتنا} والثانية {وجعلنا لهم لسان صدق} أي: أنَّ {عليا} مفعول به للجملتين.
والآيات السابقة واللاحقة فيها مفعول به، وهذه الآية هي {عليا}.
إذن: ليس كلمة {عليا} صفة للسان، فهو مفعول به، فهو اسم علم.
ـ الدليل السادس: السياق يدل أنّ علي اسم علم وليس بصفة:
فإنَّ سياق الآيات السابقة واللاحقة هي سياق الحديث عن الأشخاص، لا عن المعاني وما شابه، فقد ذكر في الآيات السابقة واللاحقة: إبراهيم، الشيطان، الرحمن، إسحاق، يعقوب، موسى، هارون، إسماعيل.
فالحديث عن الأشخاص، وليس عن الصفات.
وغيرها.
الخلاصة: الله تعالى لم يذكر أسماء الانبياء وهذا لا يُعدُّ أنّهم ليسوا بأنبياء ـ والعياذ بالله ـ، وكذا ما يصحّ السجود عليه، وأيضاً الاقتصاد الاسلامي، وعلم الهرمنيوطيقيا، والأحداث المستقبيلة، والمسائل السياسية؟، والإكثار من الآيات المتشابهات، وعدم ذكر أسماء الخلفاء الثلاثة، وذكر الاسم وعدمه ليس مقياساً لتحديد الحق من الباطل، ونبوة الخضر، فجميع هذه الأمور لم يتطرّق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، فهل هي باطلة ؟!! ولا يقولها عاقل.
ثمَّ إنَّه لو ذكر الله تعالى اسماء الأئمة لما انتهى الخلاف بل الخلاف سيبقى.
وقول رسول الله صلى الله عليه وآله كالقرآن، وعلي عليه السلام مُثبت الولاية في الحديث النبوي.
والله لم يذكر اسمه صراحةً لكي يفكّر الانسان ولكي يفسح رب العزة المجال للانسان ليفكر ويتأمل ويتدبر.
وكما أنَّ أهل الخلاف يقولون أنّ كثير من القرآن قد حُذِف، فما الدليل على أنّ اسمه غير مذكور ؟!
وكما أنَّ طبق بعض القراءات اسم علي عليه السلام مذكور في القرآن.
وأنَّ من الحِكَم الإلهية عدم ذكر اسم علي عليه السلام في القرآن صراحة لكي لا تمتد أيدي المحرفين.
وأخيراً اسم علي عليه السلام مذكور صراحةً في القرآن، وفيه أدلة طافحة.
__________ للأمانة العلمية _____________
تصفحت كتاب ( لماذا لم يُصرح باسم الامام علي عليه السلام في القرآن الكريم ) لآية الله العلامة السيد مرتضى الحسيني الشيرازي بلمحة عابرة.
وقد استخلصت بعض الأجوبة، وأضفت بعضها في هذا الموضوع الموجز، وترك أكثرها.
اسم الإمام علي عليه السلام
في القرآن الكريم
نصّ الإشكال: يدّعي الشيعة الإمامية أنَّ مسألة الإمامة من أهم مسائل أصول الدين، وأنَّ الإمام علي عليه السلام هو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله، فلماذا لم يُذكر اسم الإمام علي عليه السلام في القرآن لكونه:
1ـ إمام الأئمة.
2ـ مسألة الإمامة من أهم مسائل أصول الدين.
3ـ هو الذي اختلف عليه الأمة.
ولو ذُكر اسمه في القرآن لارتفع الخلاف بين الأمة، ولم تصبح الأمة اشتاتاً.
نقول: لردِّ هذه الشبهة المثارة، فلنا أجوبة كثيرة، منها:
أولاً: عدم ذكر أسماء الأنبياء:
إنَّ عدم ذكر الاسم صراحةً في الذكر الحكيم لا يُعدُّ برهاناً على عدم استحاقه منصب الإمامة، ولا يقول بذلك عاقل، فمسألة النبوة من مسائل الأصول أيضاً، حيث أنَّ كثيراً من الأنبياء لم يذكر الله تعالى أسمائهم في القرآن، فهل نبوتهم باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
كاسم نبي الله الخضر، فلم يُصرح باسمه، فهل نبوته باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
وكذلك جرجيس ودانيال عليهما السلام وغيرهم كثير..، فقد بعث الله جلّ وعلا 124000 نبي، وفي القرآن قد ذُكِرَ نيف وعشرون اسماً فقط، فأين الباقي ؟!! فهل نبوتهم باطلة ـ والعياذ بالله ـ ؟!!
ثانياً: عدم ذكر ما يصحّ السجود عليه:
وكما لا يُخفى بأنّ الصلاة عمود الدين، فإنَّ أكثر من 1400 سنة وهناك خلاف بين المسلمين حول مسألة السجود، مع أنَّ أعظم ركن هو السجود، فقد اختلفت آراء الفريقين حول المسجود عليه، مع أنَّ القرآن كثيراً ما ذكرت كلمة s الساجدين r ، s فاسجد r ، s اسجدوا r لكن هل صرّح على ماذا يجب السجود ؟!! كلا.
الله سبحانه وتعالى يذكر في القرآن مادة سجد أكثر من تسعين مرّة، ولم يذكر ولو لمرّة واحدة على ماذا يصحّ السجود، لماذا ؟!!!
طبعاً هناك حكمة إلهية بلا ريب، وكذلك هناك حجمة لعدم ذِكر اسم الإمام علي عليه السلام ي القرآن.
ثالثاً: عدم ذكر الاقتصاد الإسلامي:
إنَّ الاقتصاد الإسلامي أمرٌ هام جداً، فلماذا لم يصرّح الله جلّ جلاله بالاقتصاد الإسلامي في القرآن ؟!! ما هي معالمه ؟!! وما هي فوارقه عن الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي ؟! ولماذا لم يصرح مسألة الكالي بالكالي مع كونها من اهم أسباب انهيار الاقتصاد الإسلامي ؟!! لماذا ولماذا ..؟!.
رابعاً: عدم ذكر أسماء الخلفاء الثلاثة:
لماذا لم يصرّح الله باسم الخليفة الأول والثاني والثالث ، أليس القوم يدّعون بأنَّ أبي بكر وعمر وعثمان خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم أفضل الصحابة، فلماذا لم يصرّح الله تعالى بهم في الذكر الحكيم ليرفع الخلاف ؟!!
خامساً: عدم ذكر علم الهرمنيوطيقيا:
لماذا الله جل اسمه لم يتحدث عن علم الهرمنيوطيقيا ؟!! مع أنَّ هذا العلم ابتكره الغربييين لنسف القرآن الكريم !! ـ وذلك كما يتوقعون ـ
الله لماذا لم يَقُلْ في القرآن الكريم: الهرمنيوطيقيا باطلة ـ مثلاً ـ ؟ فهذا العلم متعلق بالقرآن الكريم بذاته طبعاً.
والجواب عنه سهل ويسير: الله لم يصرح في الذكر الحكيم بكل شيء، بل كثيراً ما اكتفى باعطاء القواعد والضوابط، واقتصر على الكناية والصفة والإشارة دون التصريح في غالب الأمور.
سادساً: عدم ذكر أهم الأحداث المستقبلية:
هل القرآن تحدث عن الأحداث المستقبلية الكبرى ؟ فهل ذكر الكمبيوتر والأنترنت والموبايل والتلفاز والكهرباء في القرآن ؟!! وكذلك الليزر والأشعة والذرّة وأيضاً علاج السرطان، مع أنَّ القرآن فيه علاج لكل داء.
لماذا اكتفى بالإشارة والتلميح والإيماء ؟! ولم يصرّح !!
سابعاً: عدم ذكر أهم المسائل السياسية:
القرآن لم يذكر مجموعة من أهم المسائل السياسية سلباً وإيجاباً، نحو: فصل السلطات، وتعدد الأحزاب، والسلطة الخامسة، وولاية الفقيه، وشورى الفقهاء، وحرية المعارضة، وحرية الصحافة، والإعلام، ومواصفات الحاكم و..و.. الخ، لماذا ؟!!
إنَّ الجواب عن هذه الأسئلة تعدُّ جواباً على التساؤل المطروح، لماذا لم يصرّح باسم الامام علي عليه السلام في القرآن.
ثامناً: الإثكار من ذكر الآيات المتشابهة:
لماذا أكثر الله سبحانه وتعالى من ذكر الآيات المتشابهة ؟!!والتي توجِب ضلال كثيرون وذلك في العديد من المسائل العقدية والفقهية، ابتداءاً من الباري تعالى انتهاءاً إلى أبسط المسائل الفقهية.
تاسعاً: ذكر الاسم وعدمه ليس مقياساً لتحديد الحق والباطل، والاهم والمهم، وماشابه:
إن ذكر الاسم ليس مقياساً لتحديد الحق من الباطل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الخلق، قد ذُكِرَ اسمه في القرآن أربع مرات فقط باسمه s محمد r ، أمّا اسم نبي الله موسى فقد ذكره الباري أكثر من مائة وثلاثين مرة، فهذا هذا الأمر مقياساً لتحديد الأفضلية ـ مثلاً ـ ؟!!
كلا، وألف كلا.
وكذلك إن الإامام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف أجمعت عليه جمهور الشيعة والسنة، ولم يصرّح باسمه في القرآن.
وأيضاً: إن عدد الأنبياء هم: 124000 على حسب بعض الأقوال، ولم يُذكر أكثر الأنبياء كما ذكرنا ذلك سابقاً، فلماذا لم يصرح بالباقين ؟!!
وكما أنّه ليس من المقاييس كون اسم السورة تعد فضلاً للمسمى، فلِمَ لم يذكر سورة باسم موسى ابن عمران ـ مثلاً ـ ؟ وفي القرآن سورة باسم مريم بنت عمران، فهل مريم أفضل من نبي الله موسى ؟!! وكذا عيسى عليه السلام.
إذن: ليس عدم ذكر الاسم، ولا تكرار ذكر الاسم، ولا عدد مرات ذكره، ولا إفراد سورة باسمه يعدُّ مقياساً للحق والباطل، ولا مقياس المهم واللامهم، أو المهم والأهم.
عاشراً: نبوة الخضر عليه السلام:
فقد اختلفت آراء المسلمون في نبوة خضر الخضر، فقد ذهبت فرقة إلى أنّه نبي، وأُخرى على عدم نبوته.
فلماذا لم يذكر الله جل اسمه ذلك، وصرّح بأنّه نبي وما شابه ذلك.
فما جواب ذلك إلا حكمة إلهية. وكذلك الحكمة تقتضي قد ذكر اسم الامام علي عليه السلام.
الحادي عشر: عدم انتهاء الخلاف بذكر اسم الامام علي عليه السلام:
إنَّ ذكر اسم الإمام علي عليه السلام ، أو أسماء الأئمة الاثني عشر في القرآن الكريم وعدم ذكره لن تنهي الخلاف كما يزعم البعض بأنّه سينتهي، وإليك بعض الأمثلة:
1ـ أوقاف الصلوات: هل أوقاف الصوات مذكورة في القرآن ؟ الجواب: نعم، يقول تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} سورة الإسراء / 78 ، وغسق الليل هو الظلام أو شدّة الظلام، وعلى أيّ تقدير فأوقات الصلوات هي ثلاث: الظهر، والليل، والفجر.
فلماذا حدث خلاف على أوقاف الصلوات ؟ لماذا ذهبت بعض الفِرق الإسلامية إلى أنّها خمسة ؟!! مع أنّه مذكور في القرآن ثلاثة !!.
هل انتهى الخلاف منذ 1400 سنة ؟ أوقات الصلوات مذكورة والخلاف لم ينتهي بعد، فالخلاف قائم إلى يومنا هذا.
2ـ مسألة الرؤية: يقول تعالى لموسى: {لَن تَرَانِي} سورة الأعراف / 143. فـ s لن r تأبيدية، يعني لن تراني أبداً، والرؤية ممتنعة عقلاً ونصّاً، وذكر القرآن أن الرؤية ممتنعة، لكن أهل الخلاف ذهبوا إلى أنّه يُرى ـ والعياذ بالله ـ فهل ارتفع الخلاف ؟!
وهذه المسألة اختلفت فيه أقوال علماء المذاهب نفياً وإثباتاً، مع أنّها مذكورة في القرآن بموارد، منها: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} سورة الانعام / 103، وكذا: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} سورة طه / 110.
فهل ارتفع الخلاف بين الأمة ؟!! بل لازال الخلاف منذ فجر الأمّة.
3ـ التجسيم: يقول تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} سورة الشورى / 11، أي: ليس كمثل الله شيء، لكن أهل الخلاف ذهبوا إلى أنّ الله شابٌ أمرد، لديه رِجْل، وحقّو، وعين، ويد، وشعر، وإضراس، ولهوات، وأنّه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الاخير من الليل، وأنّه ينزل على حمار، وأنّه يجلس كجلوس الإنسان على العرش، وله ثقل، وحدّ، وحيز و..الخ ـ والعياذ بالله ـ، فكل هذه الأمور أثبتوها وبشدّة، وألّفوا فيها الكتب لإثباتها، مع أنّه جلّ جلاله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فهل زال الخلاف ؟!!
الله يقول ليس كمثلي شيء، وأنا غير كل الأشياء، وأهل الخلاف يقولون: هو جسم.
وغيرها كثير من المسائل التي ذُكِرت في القرآن لكن الخلاف إلى الآن، منها: مسألة عصمة الأنبياء، وغيرها.
فمن هنا نقول: إن تصريح الاسم في القرآن وعدم التصريح لا يزيل الخلاف ولا يُعدُّ شرطاً لذلك.
وفي الجواب الأخير سنثبت بأنَّ اسم الإمام علي عليه السلام مذكوراً صراحةً في القرآن.
الثاني عشر: الأحاديث النبوية القطعية كالقرآن:
إنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وآله حجّة كالقرآن، وذلك قوله جلّ أسمائه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} سورة الحشر / 7.
وقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم / 3 ـ 4.
والروايات المتواترة تنصُّ بشكل جلي على إمامة الامام علي عليه السلام، نحو: حديث الغدير، وحديث الثقلين، والدار وغيرها كثير..
ولا يجوز الاقتصار على القرىن دون السنة النبوية، وكذلك العكس، فهما كالفرقدين لا ينفكّان عن بعضهما البعض.
الثالث عشر: نعمة العقل:
الله تعالى قد كرّم بني آدم وأنعم عليه بالعقل، فيريد الله أن يُعظم دور العقل، ويريد إعطائه قيمة كُبرى ومحورية أساسية.
فالله تعالى أرسل الأنبياء والرسل لتحرير الناس من القيود والأغلال العقلية، حيث أنَّ الناس قد أسروا عقولهم في أوساط معينة، ومحاور محدودة، وأمور مقيّدة، وأشياء منتقية، فالله أراد أن يحرر تلك العقول المقيدة الجامدة بإرسال الأنبياء.
وكم مرّة يقول الله تعالى في القرآن الكريم: { أفلا تعقلون } ، { أفلا يتدبرون } ، { أفلا تتفكرون }.
الله تعالى أعطى للعقل دوراً هاماً، ولهذا أصبحت احدى الأدلة الشرعية هي: العقل، فالإنسان يجب أن يُفكر ويتأمل ويتدبر، ولا يكون جامد العقل.
واسم الامام علي عليه السلام مذكور كنايةً في مواطن كثيرة.
الرابع عشر: مسألة التحريف وذكر أسماء الأئمة:
هناك جواباً بناءاً على المعتقد المخالف، وبناءاً على آراء وأقوال أعلامهم، وعنوانه: ما الدليل على عدم وجود اسم الامام علي عليه السلام ، والأئمة من بعده ؟!!
فقد ورد في الصحاح، والسنن، والمسانيد، والجوامع روايات في تحريف القرآن، وأنّ هناك آيات بل سور محذوفة من القرآن الكريم ـ والعياذ بالله من هذا المعتقد الباطل ـ.
وسأنقل شيء يسير منها، التي تعدُّ قطرة من بحر، وغيض من فيض:
روي عن ابن عمر بن الخطاب أنّه قال: s ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قدذهب قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر r. راجع الاتقان.
وروي عن عائشة بنت أبي بكر أنّها قالت: s كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله مائتي آية فلما كَتَبَ عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن r المصدر السابق.
هذان روايتان نقلتهما على سبيل العجالة، وإلاّ فإنَّ جمع روايات التحريف من كتب أهل الخلاف يحتاج إلى مؤلف بأكمله، وأُحيل القارئ إلى كتاب: s الإتقان r للسيوطي، و s المصاحف r لابن أبي داود، و s الفرقان r ففيهما العجب.
فنحن نقول: إنْ كان قد وقع الحذف والتحريف في القرآن ـ والعياذ بالله ـ بحسب زعمكم، فما الدليل على أن اسم الامام علي عليه السلام وأسماء الأئمة من بعده عليهم السلام لم تكن موجودة في القرآن ؟!!
وهناك قرينة هامّة تُساند هذا الجواب، وهو: أنّ الشيعة على مرّ العصور كانوا مشردين، وكانوا يُعادون من كل حدبٍّ وصوب، حتى وصل الامر أنّ كل شخص اسمه علي يُقتل !!! وهذا بإيجاز، والتفصيل يُطلب من مظانّه.
الخامس عشر: القراءات واسم علي عليه السلام:
وهذا الجواب قريب المظآن من السابق، وهو أنَّ اسم الامام علي عليه السلام موجود حسب بعض القراءات، ذهبت مذاهب الخلاف أنّ هناك سبع قراءات متواترة، والصحيح أنّه قراءة واحدة وفي ذلك بحثٌ مفصل يُطلب من بابه، فأهل الخلاف لديهم سبعة قراءات متواترة، وبعضهم عشر، وآخرون سبعون !!.
يقول تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} سورة الحجر / 41، وذلك بفتح الياء.
وطبق بعض القراءات تصبح هكذا: {قال هذا صراطٌ عليٍّ مستقيم} بكسر الياء، وهو واضح على أنّه اسم الامام علي عليه السلام.
وهناك قراءة أُخرى رويت أنها هكذا وردت الآية: { قال هذا صراطٌ عليٌّ مستقيم } وهذا جلي أيضاً وواضح أنّه اسم علم.
وهنا قصة لطيفة نذكرها لتعلقها بالمطلب أنّه: s قام عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله، وقال: إنّك لا تزال تقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وقد ذكر الله هارون في القرآن ولم يذكر علياً ؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا غليط يا أعرابي، إنّك ما تسمع ما يقول: {هذا صراطُ عليٍّ مستقيم} r.
السادس عشر: لو ذُكِرَ اسم علي عليه السلام لحُرِّفَ القرآن:
إنَّ مئات الألوف من الكتب الشيعية أُحرقت، وأُهدِرت وتُلِفت بسبب العداوة والنصب، والحقد، والغل، وذلك بدءاً من حال مرض الرسول الكريم صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا.
إنّا لو رجعنا إلى التاريخ الإسلامي لوجدنا أنَّ كثيراً من التحريف والتزوير والدّس قد وقع، فاحدهم قد وضع أربعة ألفا رواية، والآخر كذا وكذا وهكذا وهلمَّ درا، فقضية التحريف والدس والبتر متداولة كانت في العصور المتقدمة وبشكل عجيب، فالتاريخ الأُموي حافل بهذه الأمور، حتى أنَّ النواصب كانوا يُصابون في مقتلٍ حينما يسمعون فضيلة لعلي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، وكم من الفضائل والرايات قد ذهبت ؟ حتى وصل الأمر إلى أنَّ الراوي إذا روى في فضائل علي عليه السلام رواية يُقتْل، وهذا غيض من فيض، وفي الأمر تفصيل موسّع، نتركه لوقته وأحيل القارئ إلى مقاتل الطالبيين.
فبكل هذا الإرهاب إنْ كان رب العزة قد وضع اسم علي عليه السلام جهارةً وبشكل واضصح وجلي بحو: { علي بن أبي طالب أخو رسول الله ووصيّه وخليفته من بعده } ـ مثلاً ـ لكان القرآن قد حُرّف.
وهذا من احدى الحِكم الإلهية لحفظ الذكر الحكيم.
السابع عشر: اسم الامام علي عليه السلام مذكور صراحةً في القرآن !!:
يقول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} سورة مريم / 50.
فبناءاً على هذا الجواب إنَّ هذا السؤال خاطئ، قول المخالف: لماذا لم يُذكر اسم علي عليه السلام في القرآن ؟ سؤال خاطئ، ولا يجوز له السؤال طبق هذا الجواب لأنّ اسمه مذكور صراحةً.
سنذكر عدّة أدلة على أنّ هنا { عليا } هو اسم الامام علي عليه السلام.
ـ الدليل الأول: روى الشيخ الصدوق قدس سرّه في كتابه كمال الدين وتمام النعمة بسند صحيح رجاله من عيون الطائفة وكبار ثقاتها عن الامام الصادق عليه السلام ـ إلى أن يقول ـ: s قال الله عزوجل: " فلما اعتزلهم ومايعبدون من دون الله وهبناله إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا * ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا " يعنى به على بن أبي طالب عليه السلام لان إبراهيم قد كان دعا الله عزوجل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فجعل الله تبارك وتعالى له ولاسحاق ويعقوب لسان صدق عليا فأخبر على عليه السلام بأن القائم هو الحادي عشر من ولده وأنه المهدي الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما مئلت جورا وظلما، وأنه تكون له غيبة وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، وأن هذا كائن كما أنه مخلوق r.
ورجاله هم:
1ـ الصدوق: وهو من كبار العلماء، ومن أساطين الطائفة، لم يُرَ في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، وهو غني عن التعريف.
2ـ والد الصدوق: وهو شيخ القميين في عصره، ومتقدمهم وفقيههم وثقتهم، وهو غني عن التعريف.
3ـ محمد بن ابن الوليد: شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم، غني عن التعريف.
4ـ سعد بن عبدالله: شيخ الطائفة في زمانه، وهو كذلك لا يحتاج إلى تعريف.
5ـ يعقوب بن يزيد: ثقة صدوق، من كبار العلماء، وهو من مشاهير الثقات.
6ـ محمد بن أبي عمير: وهو من أصحاب الإجماع، كان من أوقث الناس عند الخاصّة والعامّة، وأنسكهم نُسكاً، وأورعهم، وأعبدهم وهو أوحد زمانه.
7ـ هشام بن سالم: وهو ثقة ثقة، من المشهورين في مقامه العلمي، وهو غني عن التعديل.
8ـ أبو بصير: ولا يحتاج إلى التكلم في الجانب الحديثي، فهو من الأجلاء والعظلماء، من أساطين هذا المذهب.
فهذا السند صحيح، لا غبار عليه.
ـ الدليل الثاني: روى علي بن إبراهيم القمي بسنده الصحيح العال عن الإمام العسكري أنّه قال ذلك.
رجال السند:
1ـ علي بن إبراهيم: من كبار العلماء، ومن أساطين هذا الدين، غني عن التوثيق.
2ـ إبراهيم القمي: المجمع على وثاقته.
يقول علي بن إبراهيم: s {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} يعني أمير المؤمنين عليه السلام . حدثني بذلك أبي، عن الحسن بن علي العسكري عليهما السلام r.
فنادراً ما تجد إسناداً بهذا العلو.
ـ الدليل الثالث: قوله تعالى {لسان} لا يُقصد بها المعنى الحقيقي اللسان هذه المكونة من قطعة لحم، وإنما هي دلالة مجازية. وعادةً يُكنى بها الشخص، ويُحتمل المراد به هو: {شخص ذا لسان صدق}.
ويُقال: فلان هو لساني الناطق، ويدي الباطشة، وعيني الناظر، يعني الشخص الفلاني هو لساني الناطق و..الخ، ولا يُقصد بها أنّه لساني هذا، أو:
أنّها بمعنى الذكر الحسن كما يُقال.
فلا يُقال عن سمعة حسنة لشخص ما، {إنّ لسانه حسن}.
ـ الدليل الرابع: اللسان لا يوصف بالعلو.
فاللسان لا يوصف بالعالي، فهو يُوصف بأنّه طويل، وقصير، وبذيءٌ، وما شابه، لكن لسان عالي لم نجد له وصفاً هكذا.
ففي الذكر الحكيم {لسان صدق عليا} فـ{عليا} إمّا أن تكون:
1ـ صفة للّسان. 2ـ اسم علم.
أمّا الأول فهو ممتنع كما أسلفنا مُسبقاً.
والثاني جائز، وباعتضاده مع الأدلة السابقة واللاحقة.
ـ الدليل الخامس: المفعول به:
وهنا قرينة وهي المفعول به أين هو في الآية الكريمة هذه ؟!!
الله تعالى ذكر في الآيات السابقة واللاحقة مفعول به، لكن في هذه الآية أين هي ؟!!
وهو أنَّ {عليا} مفعول به للجملتين {ووهبنا لهم من رحمتنا} والثانية {وجعلنا لهم لسان صدق} أي: أنَّ {عليا} مفعول به للجملتين.
والآيات السابقة واللاحقة فيها مفعول به، وهذه الآية هي {عليا}.
إذن: ليس كلمة {عليا} صفة للسان، فهو مفعول به، فهو اسم علم.
ـ الدليل السادس: السياق يدل أنّ علي اسم علم وليس بصفة:
فإنَّ سياق الآيات السابقة واللاحقة هي سياق الحديث عن الأشخاص، لا عن المعاني وما شابه، فقد ذكر في الآيات السابقة واللاحقة: إبراهيم، الشيطان، الرحمن، إسحاق، يعقوب، موسى، هارون، إسماعيل.
فالحديث عن الأشخاص، وليس عن الصفات.
وغيرها.
الخلاصة: الله تعالى لم يذكر أسماء الانبياء وهذا لا يُعدُّ أنّهم ليسوا بأنبياء ـ والعياذ بالله ـ، وكذا ما يصحّ السجود عليه، وأيضاً الاقتصاد الاسلامي، وعلم الهرمنيوطيقيا، والأحداث المستقبيلة، والمسائل السياسية؟، والإكثار من الآيات المتشابهات، وعدم ذكر أسماء الخلفاء الثلاثة، وذكر الاسم وعدمه ليس مقياساً لتحديد الحق من الباطل، ونبوة الخضر، فجميع هذه الأمور لم يتطرّق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، فهل هي باطلة ؟!! ولا يقولها عاقل.
ثمَّ إنَّه لو ذكر الله تعالى اسماء الأئمة لما انتهى الخلاف بل الخلاف سيبقى.
وقول رسول الله صلى الله عليه وآله كالقرآن، وعلي عليه السلام مُثبت الولاية في الحديث النبوي.
والله لم يذكر اسمه صراحةً لكي يفكّر الانسان ولكي يفسح رب العزة المجال للانسان ليفكر ويتأمل ويتدبر.
وكما أنَّ أهل الخلاف يقولون أنّ كثير من القرآن قد حُذِف، فما الدليل على أنّ اسمه غير مذكور ؟!
وكما أنَّ طبق بعض القراءات اسم علي عليه السلام مذكور في القرآن.
وأنَّ من الحِكَم الإلهية عدم ذكر اسم علي عليه السلام في القرآن صراحة لكي لا تمتد أيدي المحرفين.
وأخيراً اسم علي عليه السلام مذكور صراحةً في القرآن، وفيه أدلة طافحة.
__________ للأمانة العلمية _____________
تصفحت كتاب ( لماذا لم يُصرح باسم الامام علي عليه السلام في القرآن الكريم ) لآية الله العلامة السيد مرتضى الحسيني الشيرازي بلمحة عابرة.
وقد استخلصت بعض الأجوبة، وأضفت بعضها في هذا الموضوع الموجز، وترك أكثرها.