علي الفاروق
18-09-2010, 05:43 PM
استدراك على الألباني في تحقيقه
لحديث الثقلين
إنَّ الالباني يرى بأنّه صاحب اطلاع واسع في علل الأحاديث، ويمتلك باع أكثر من العلماء المتقدمين.
حيثُ يقول في الصحيحة: " أنّ المتأخر العارف بهذا الفن قد يتوسع في تتبع الطرق من دواوين السنة لحديث ما . . لأنَّ تتبعه للطرق كشف له عن علّة احدة فيه كالإرسال أو الانقطاع كالإرسال أو الانقطاع أو التدليس وغيرها .. ونحن ـ بفضل الله ـ من العارفين بذلك نظراً وتطبيقاً منذ نحو نصف قرن من الزمان، وكتبي أكبر شاهد على ذلك وبخاصة إرواء الغليل، وهذه السلسلة والسلسلة الأخرى، والأمثلة متوفرة فيهما بكثرة "[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn1).
ومثل هذه الأمور متواجدة بكثرة متكاثرة، وحيث يقول مرّةً أُخرى: " وهذه حقيقة يعلمها كل من مارس هذا العلم وكان حافظاً واسع الاطلاع على المتون والأسانيد والشواهد، ذا معرفة بالرواة وأحوالهم، مع الدأب ولاصبر على البحث والنقد النزيه، وتجد هذه الحقيقة جليةً في كتبي كلها، وبخاصة هذه السلسلة، وبالأخص هذا المجلد منها ـ يقصد المجلد الرابع ـ "[2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn2).
وبعد هذه المقدمة الوجيزة للنتقل إلى أصل المطلب، وهو تحقيقه لحديث الثقلين، وتحقيقه في: السلسلة الصحيحة ـ الجزء الرابع ـ الصفحة ثلاثمأة وخمسة وخمسون.
قال الألباني: " أخرجه الترمذي ( 2 / 308 ) و الطبراني ( 2680 ) عن زيد بن الحسن الأنماطي عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة ، و هو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : " فذكره ، و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه ، و زيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان و غير واحد من أهل العلم " .
قلت : قال أبو حاتم ، منكر الحديث ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و قال
الحافظ : " ضعيف " . ".
أقول: إنَّ لدى الألباني قُصور في علم الرجال من الناحية الاجتهادية، بحيث أنَّه لا يتتبع أقوال الرجاليين في الراوي، وإنما غالباً ما يقتصر على قول الحافظ ابن حجر العسقلاني، ويتمسك بقوله، فلذا اختلف آراءه كثيراً في التصحيح والتضعيف مع بقية العلماء، يقول الألباني: " وأما بالنسبة للمخالفين ـ يعني المخالفين له في التصحيح والتضعيف ـ من المعاصري، فليس لمخالفتهم عندي قيمة تُذكر، لانّ جمهورهم ـ يعني العلماء ـ لا يُحسن من هذا العلم إلاً مجرد النقل، وتسويد الحواشي بتخريج الأحاديث وعزوها لبعض الكتب الحديثية المطبوعة "[3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn3).
وبعد هذه الإشارة السريعة نرجع إلى قول الألباني.
يقول الألباني: " قال أبو حاتم: منكر الحديث ".
أقول: لنا وجوه:
الأول: أبو حاتم الرازي من المتعنتين في الرجال، وهذا أمرٌلايشك فيه أحد يمارس هذا الفن.
قال نور الدين عتر: " من اموانع قبول الجرح المتعلقة بالجارح . . أن يكون الجارح من المتعنتين المتشددين، فغنّ هناك جمعاً من أئمة الجرح والتعديل لهم تشدد في هذا الباب يجرحون الراوي بأدنى جرح، بالغلطة والغلطتين والثلاث، ويلينون حديثه، فمثل هذا الجارح توثيقه معتبر، وجرحه لا يعتبر، إلا إذا وافقه غيره ممن ينصف ويُعتبر، فمنهم ـ يعني المتعنتين ـ: أبو حاتم، والنسائي، وابن معين . . "[4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn4).
وقال اللكنوي: " ومنها: - أي من موارد ردّ الجرح وعدم قبوله - أن يكون الجارح من المتعنتين المشددين فان هناك جمعاً من أئمة الجرح والتعديل لهم تشدد في هذا الباب فيجرحون الراوي بأدنى جرح ويطلقون عليه ما لا ينبغي إطلاقه عند أولي الألباب فمثل هذا الجارح توثيقه معتبر وجرحه لا يعتبر إلاّ إذا وافقه غيره ممن ينصف ويعتبر، فمنهم أبو حاتم والنسائي وابن معين وابن القطان ويحيى القطان وابن حبان وغيرهم فإنهم معروفون بالإسراف في الجرح والتعنت فيه، فليتثبت العاقل في الرواة الذين تفردوا بجرحهم وليتفكر فيه "[5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn5).
وقال الذهبي: " إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث، وإذا لين رجلاً أو قال: لا يحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم فإنه متعنت في الرجال قد قال في طائفة من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس بقوي أو نحو ذلك "[6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn6).
إذن: تجريح المتعنت مردود، وأبو حاتم متعنت فجرحه مردود، إلاّ إذا وافقه أحد العلماء المعتبرين، والمعتبرين هم: المعتدلين.
الثاني: سلمنا؛ إنَّ قول الرجاليون ـ عدا البخاري ـ " منكر الحديث " جرح غير مفسّر، وهذا ما شهِدَ به الألباني نفسه في الصحيحة.
قال الألباني: " وقد تأول الحافظ في التهذيب قول يحيى بن سعيد وهو القطان: منكر الحديث، بأن مراده الفرق المطلق.
قلت: فإن صحَّ هذا التأويل منه، وإلا فهو مردود لانّه جرح غير مفسر "[7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn7).
إذن: قولهم: منكر الحديث جرح غير مفسّر، والجرح المبهم مردود في مقابل التوثيق.
قال التهانوي: " التعديل يقبل مبهماً بدون بيان السبب، لأنّ أسبابه كثيرة فيثقل ذكره، وأما الجرح فإنه لا يُقبل إلا مفسّراً مبيّناً سبب الجرح، لان الجرح يحصل بأمر واحد فلا يشق ذكره، ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح، فيُطلق أحهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحاً، وليس في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أو لا ؟ "[8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn8).
وفي كشف الاسرار: " وأما الطعن من أئمة الحديث فلا يقبل مجملا" أي مبهما بأن يقول هذا الحديث غير ثابت أو منكر أو فلان متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو مجروح أو ليس بعدل من غير أن يذكر سبب الطعن وهو مذهب عامة الفقهاء والمحدثين "[9] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn9).
وقال اللكنوي: " وأما الجرح فإنّه لا يُقبل إلا مفسّراً سبب الجرح لأنّ الجرح يحصل بامر واحد، فلا يشقُّ ذكره، ولأنّ الناس مختلفون في أسباب الجرح فيُطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أم لا، وأمثلته كثيرة ذكرها الخطيب البغدادي في الكفاية "[10] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn10).
إذن: جرح أبو حاتم مردود لكون جرحه مبهم، وغير مفسّر.
ويقول الألباني: " وذكره ابن حبان في الثقات ".
أقول: وفيه وجوه:
الاول: إنَّ توثيق ابن حبان مقدّمٌ على جرح ابو حاتم، وذلك ما بيّناه مُسبقاً في كون جرح أبو حاتم مردود.
الثاني: سلمنا؛ وإنْ قيل بأنّ الألباني يردُّ توثيق ابن حبان، نقول:
الألباني يعتمد كثيراً على ابن حبان، وهذا مثالٌ على ذلك، يقول الألباني: " وملت إلى توثيق ابن حبّان إياه، لأن قول البخاري المتقدم: فيه نظر جرح غير مفسّر "[11] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn11).
وفي هذا المثال فائدة عُظمة، وهو أنَّ قول البخاري فيه نظر، الذي هو من أشدّ أقوال البخاري ويقصد منه أن الراوي متروك، فيُقدم توثيق ابن حبان على جرح البخاري.
الثالث: سلمنا؛ ابن حبان متساهل، لكنْ الجرح لم يثبت، والجرح مردود، فلذا الراوي مجهول الحال.
نقول: إمّا انْ يكون مجهول العين، أو الوصف، فأمّا العين، فهو مردود، لكونه يرتفع برواية اثنين عنه، وقد روى عن الأنماطي ابن راهويه وابن سليمان وابن المديني وابن عبد الرحمن، فهي مرتفعة، ومع قول ابن حبان فهو حسن الحديث على الأقل.
يقول الذهبي : " وقد اشتهر عند طوائف من المتأخرين، إطلاق اسم (الثقة) على من لم يجرح، مع ارتفاع الجهالة عنه، وهذا يسمى مستوراً، ويسمى: محله الصدق، ويقال فيه: شيخ "[12] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn12).
وجرح أبو حاتم غير ثابت، فهو محلّه الصدق، يعني حسن الحديث.
الرابع: سلمنا؛ إنّ الراوي مَنْ وثقه متساهل يُرد توثيقه، وأما الجرح المبهم فيؤخذ به.
نقول: ذهب جملة من الاعلام إلى قبول توثيق ابن حبان، وهاك دليلاً على ذلك:
قال المحقق ابن الهمام: " وأعلّه بتضعيف عبد الجبار بن مسلمـ وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات، فلا ينزل الحديث عن الحسن "[13] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn13).
ويقول الألباني: " وقال الحافظ: ضعيف ".
أقول:
أولاً: ما ذهبَ إليه الألباني هو مذهب ابن حجر، وهو انَّ الراوي ضعيف !!، ومصدر استنباطه هو قول أبو حاتم، وقد أجبنا عنه.
ثانياً: سلمنا؛ فإنّ قول الحافظ ضعيف، جرح غير مفسّر، قال التهانوي: " وقد علمت أن قولهم: ( ضعيف ) أو ( ليس بشيء ) أو ( واه بمرة ) وغير ذلك كلّه من الجرح المبهم، فلا يؤثر ذلك فيمن كان فيه تعديل وتوثيق من أحد "[14] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn14).
إذن: لو عدّل الراوي شخص واحد، وقيل فيه ضعيف أو ليس بشيء أو واه بمرة، يؤخذ بالتوثيق، ويُردُّ الجرح، لكون غير مفسر.
والأنماطي وثقه ابن حبان، فالجرح مردود، كما بيّناه.
ثالثاً: سلمنا؛ بأنّ توثيق ابن حبان مردود.
نقول: أخرج له الترمذي في الجامع، حيثُ قال الترمذي: " حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي حدثنا زيد بن الحسن هو الأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
قال وفي الباب عن أبي ذر و أبي سعيد و زيد بن أرقم و حذيفة بن أسيد.
قال ـ يعني الترمذي ـ وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
قال وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم "[15] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn15).
ذهب الحاكم والخطيب البغدادي إلى أنّ سنن الترمذي صحيح، فكانا يسميانه، " الجامع الصحيح "[16] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn16).
فإذا أخرج له الترمذي في صحيحه، فهو عدل يُعتبر بحديثه.
رابعاً: سلمنا؛ بأنّ هذين القولين تساهل منهما.
فنقول: إنّ تحسين الترمذي للأنماطي، يعدُّ توثيقاً له.
قال الذهبي: " فإن أخرج حديث هذا في " الصحيحين "، فهو موثق بذلك، وإن صحح له مثل الترمذي وابن خزيمة فجيد أيضاً، وإن صحح له كالدارقطني والحاكم، فأقل أحواله: حسن حديثه "[17] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn17).
والترمذي حسّن حديث الأنماطي، فهو حسن الحديث طبق هذا المنهج.
خامساً: سلمنا بما سبق؛ إنَّ الراوي إنْ أُختلف فيه بين التوثيق والتضعيف، الراجح هو حُسنُ حاله.
يقول التهانوي: " إذا كان الحديث مختلفاً فيه: صحّحه أو حسّنه بعضهم، وضعّفه آخرون، فهو حسن، وكذا إذا كان الراوي مختلفاً فيه: وثّقه بعضهم، وضعفه بعضهم، فهو: حسن الحديث "[18] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn18).
ويقول المنذري: " فأقول إذا كان رُواةُ إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه: إسناده حسن، أو مستقيم، أو لا بأس به "[19] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn19).
وقال المحقق ابن الهمام: " وأعلّه بتضعيف عبد الجبار بن مسلم، وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات، فلا ينزل الحديث عن الحسن "[20] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn20).
سادساً: سلمنا بما سبق، فإنّ الألباني نفسه صحح الحديث، حيث قال في تحقيقه لسنن الترمذي معلًقاً على الحديث ذا، قال الشيخ الألباني : " صحيح "[21] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn21)، وقال في الصحيحة، " لكن الحديث صحيح "[22] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn22)، ويقصد هذا الطريق، وفيه الأنماطي.
الخلاصة: زيد بن الحسن الانماطي حديثه حسن إن لم يكن صحيح.
قال الألباني: " فإن له شاهدا من حديث زيد بن أرقم قال : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى ( خما ) بين مكة و المدينة ، فحمد الله ، و أثنى عليه ، و وعظ و ذكر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، و أنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله ، فيه الهدى و النور ( من استمسك به و أخذ به كان على الهدى ، و من أخطأه ضل ) ، فخذوا بكتاب الله ، و استمسكوا به - فحث على كتاب الله و رغب فيه ، ثم قال : - و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي " . أخرجه مسلم ( 7 / 122 - 123 ) "[23] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn23).
أقول: لو أنّ الشيخ الألباني أنصف، وأظهر لنا حقيقة ما اقترفه مسلم من الأمانة العلمية.
ذكر مسلم بن الحجاج هذا الحديث من طريقين، الطريق الأول هو ما أخرجه الألباني.
وأمّا الثاني: فقال مسلم: " حدثنا محمد بن بكار بن الريان حدثنا حسان يعني ابن إبراهيم عن سعيد وهو ابن مسروق عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: دخلنا عليه فقلنا له قد رأيت خيرا لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه و سلم وصليت خلفه وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان غير أنه قال ألا وإني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله عز و جل هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة وفيه.
فقلنا من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال لا وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده "[24] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn24).
ونلاحظ في هذا الطريق قد بترَ جزءاً من الحديث، وهو: " ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ".
وهذه الجناية فعلها مسلم، ولم ينبّه عليها الألباني، فحيالله الأمانة.
وبعدما نبّهنا على الامانة التي اقترفها مسلم، نلفت نظر القارئ إلى أمانة اقترفها أيضاً الألباني نفسه!! حيثُ أنّ الألباني أخذَ القسم الأول من الحديث، وترك القسم الآخر، وهو: " فقال له حصين ومن أهل بيته ؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال وهم ؟ قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال نعم "[25] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn25).
ونبّهنا على هذه الجناية، لكونها من مبحثنا، وسيأتي الرد على الألباني باستشهادنا بهذا النصّ الجلّي في خروج نساء النبي (ص) عن أهل البيت المقصودين في حديث الثقلين.
__________________________
[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref1)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ صفحة ب ـ ج.
[2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref2)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ صفحة د.
[3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref3)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ ص ج.
[4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref4)أصول الجرح والتعديل ـ نور الدين عتر ـ ص 121.
[5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref5)الرفع والتكميل ـ أبو الحسنات اللكنوي ـ ص 117 ـ 118.
[6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref6)سير أعلام النبلاء ـ الذهبي ـ ج 13 ـ ص 260.
[7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref7)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 1 ـ ص 768 ـ ح 474.
[8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref8)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 167.
[9] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref9)كشف الأسرار شرح أصول البزدوي ـ ج 3 ـ ص 168.
[10] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref10)الرفع والتكميل ـ اللكنوي ـ ص 28.
[11] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref11)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 1 ـ ص 195.
[12] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref12)الموقظة ـ الذهبي ـ ص 87.
[13] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref13)الفتح ـ ابن الهمام ـ ج 1 ـ ص 76.
[14] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref14)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 173.
[15] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref15)سنن الترمذي ـ الترمذي ـ ج 2 ـ ص 308.
[16] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref16)تدريب الراوي ـ السيوطي ـ ج 1.
[17] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref17)الموقظة ـ الذهبي ـ ص 87.
[18] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref18)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 72.
[19] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref19)الترغيب والترهيب ـ المنذري ـ ج 1 ـ ص 4.
[20] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref20)الفتح ـ ابن الهمام ـ ج 1 ـ ص 76.
[21] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref21)سنن الترمذي ـ تحقيق الألباني ـ ج 5 ـ ص 662.
[22] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref22)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ ص 356.
[23] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref23)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ ص 356.
[24] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref24)صحيح مسلم ـ مسلم بن الحجاج ـ ج 7 ـ ص 123.
[25] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref25)صحيح مسلم ـ مسلم بن الحجاج ـ ج 7 ـ ص 123.
لحديث الثقلين
إنَّ الالباني يرى بأنّه صاحب اطلاع واسع في علل الأحاديث، ويمتلك باع أكثر من العلماء المتقدمين.
حيثُ يقول في الصحيحة: " أنّ المتأخر العارف بهذا الفن قد يتوسع في تتبع الطرق من دواوين السنة لحديث ما . . لأنَّ تتبعه للطرق كشف له عن علّة احدة فيه كالإرسال أو الانقطاع كالإرسال أو الانقطاع أو التدليس وغيرها .. ونحن ـ بفضل الله ـ من العارفين بذلك نظراً وتطبيقاً منذ نحو نصف قرن من الزمان، وكتبي أكبر شاهد على ذلك وبخاصة إرواء الغليل، وهذه السلسلة والسلسلة الأخرى، والأمثلة متوفرة فيهما بكثرة "[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn1).
ومثل هذه الأمور متواجدة بكثرة متكاثرة، وحيث يقول مرّةً أُخرى: " وهذه حقيقة يعلمها كل من مارس هذا العلم وكان حافظاً واسع الاطلاع على المتون والأسانيد والشواهد، ذا معرفة بالرواة وأحوالهم، مع الدأب ولاصبر على البحث والنقد النزيه، وتجد هذه الحقيقة جليةً في كتبي كلها، وبخاصة هذه السلسلة، وبالأخص هذا المجلد منها ـ يقصد المجلد الرابع ـ "[2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn2).
وبعد هذه المقدمة الوجيزة للنتقل إلى أصل المطلب، وهو تحقيقه لحديث الثقلين، وتحقيقه في: السلسلة الصحيحة ـ الجزء الرابع ـ الصفحة ثلاثمأة وخمسة وخمسون.
قال الألباني: " أخرجه الترمذي ( 2 / 308 ) و الطبراني ( 2680 ) عن زيد بن الحسن الأنماطي عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة ، و هو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : " فذكره ، و قال : " حديث حسن غريب من هذا الوجه ، و زيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان و غير واحد من أهل العلم " .
قلت : قال أبو حاتم ، منكر الحديث ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و قال
الحافظ : " ضعيف " . ".
أقول: إنَّ لدى الألباني قُصور في علم الرجال من الناحية الاجتهادية، بحيث أنَّه لا يتتبع أقوال الرجاليين في الراوي، وإنما غالباً ما يقتصر على قول الحافظ ابن حجر العسقلاني، ويتمسك بقوله، فلذا اختلف آراءه كثيراً في التصحيح والتضعيف مع بقية العلماء، يقول الألباني: " وأما بالنسبة للمخالفين ـ يعني المخالفين له في التصحيح والتضعيف ـ من المعاصري، فليس لمخالفتهم عندي قيمة تُذكر، لانّ جمهورهم ـ يعني العلماء ـ لا يُحسن من هذا العلم إلاً مجرد النقل، وتسويد الحواشي بتخريج الأحاديث وعزوها لبعض الكتب الحديثية المطبوعة "[3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn3).
وبعد هذه الإشارة السريعة نرجع إلى قول الألباني.
يقول الألباني: " قال أبو حاتم: منكر الحديث ".
أقول: لنا وجوه:
الأول: أبو حاتم الرازي من المتعنتين في الرجال، وهذا أمرٌلايشك فيه أحد يمارس هذا الفن.
قال نور الدين عتر: " من اموانع قبول الجرح المتعلقة بالجارح . . أن يكون الجارح من المتعنتين المتشددين، فغنّ هناك جمعاً من أئمة الجرح والتعديل لهم تشدد في هذا الباب يجرحون الراوي بأدنى جرح، بالغلطة والغلطتين والثلاث، ويلينون حديثه، فمثل هذا الجارح توثيقه معتبر، وجرحه لا يعتبر، إلا إذا وافقه غيره ممن ينصف ويُعتبر، فمنهم ـ يعني المتعنتين ـ: أبو حاتم، والنسائي، وابن معين . . "[4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn4).
وقال اللكنوي: " ومنها: - أي من موارد ردّ الجرح وعدم قبوله - أن يكون الجارح من المتعنتين المشددين فان هناك جمعاً من أئمة الجرح والتعديل لهم تشدد في هذا الباب فيجرحون الراوي بأدنى جرح ويطلقون عليه ما لا ينبغي إطلاقه عند أولي الألباب فمثل هذا الجارح توثيقه معتبر وجرحه لا يعتبر إلاّ إذا وافقه غيره ممن ينصف ويعتبر، فمنهم أبو حاتم والنسائي وابن معين وابن القطان ويحيى القطان وابن حبان وغيرهم فإنهم معروفون بالإسراف في الجرح والتعنت فيه، فليتثبت العاقل في الرواة الذين تفردوا بجرحهم وليتفكر فيه "[5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn5).
وقال الذهبي: " إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث، وإذا لين رجلاً أو قال: لا يحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم فإنه متعنت في الرجال قد قال في طائفة من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس بقوي أو نحو ذلك "[6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn6).
إذن: تجريح المتعنت مردود، وأبو حاتم متعنت فجرحه مردود، إلاّ إذا وافقه أحد العلماء المعتبرين، والمعتبرين هم: المعتدلين.
الثاني: سلمنا؛ إنَّ قول الرجاليون ـ عدا البخاري ـ " منكر الحديث " جرح غير مفسّر، وهذا ما شهِدَ به الألباني نفسه في الصحيحة.
قال الألباني: " وقد تأول الحافظ في التهذيب قول يحيى بن سعيد وهو القطان: منكر الحديث، بأن مراده الفرق المطلق.
قلت: فإن صحَّ هذا التأويل منه، وإلا فهو مردود لانّه جرح غير مفسر "[7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn7).
إذن: قولهم: منكر الحديث جرح غير مفسّر، والجرح المبهم مردود في مقابل التوثيق.
قال التهانوي: " التعديل يقبل مبهماً بدون بيان السبب، لأنّ أسبابه كثيرة فيثقل ذكره، وأما الجرح فإنه لا يُقبل إلا مفسّراً مبيّناً سبب الجرح، لان الجرح يحصل بأمر واحد فلا يشق ذكره، ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح، فيُطلق أحهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحاً، وليس في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أو لا ؟ "[8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn8).
وفي كشف الاسرار: " وأما الطعن من أئمة الحديث فلا يقبل مجملا" أي مبهما بأن يقول هذا الحديث غير ثابت أو منكر أو فلان متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو مجروح أو ليس بعدل من غير أن يذكر سبب الطعن وهو مذهب عامة الفقهاء والمحدثين "[9] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn9).
وقال اللكنوي: " وأما الجرح فإنّه لا يُقبل إلا مفسّراً سبب الجرح لأنّ الجرح يحصل بامر واحد، فلا يشقُّ ذكره، ولأنّ الناس مختلفون في أسباب الجرح فيُطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أم لا، وأمثلته كثيرة ذكرها الخطيب البغدادي في الكفاية "[10] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn10).
إذن: جرح أبو حاتم مردود لكون جرحه مبهم، وغير مفسّر.
ويقول الألباني: " وذكره ابن حبان في الثقات ".
أقول: وفيه وجوه:
الاول: إنَّ توثيق ابن حبان مقدّمٌ على جرح ابو حاتم، وذلك ما بيّناه مُسبقاً في كون جرح أبو حاتم مردود.
الثاني: سلمنا؛ وإنْ قيل بأنّ الألباني يردُّ توثيق ابن حبان، نقول:
الألباني يعتمد كثيراً على ابن حبان، وهذا مثالٌ على ذلك، يقول الألباني: " وملت إلى توثيق ابن حبّان إياه، لأن قول البخاري المتقدم: فيه نظر جرح غير مفسّر "[11] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn11).
وفي هذا المثال فائدة عُظمة، وهو أنَّ قول البخاري فيه نظر، الذي هو من أشدّ أقوال البخاري ويقصد منه أن الراوي متروك، فيُقدم توثيق ابن حبان على جرح البخاري.
الثالث: سلمنا؛ ابن حبان متساهل، لكنْ الجرح لم يثبت، والجرح مردود، فلذا الراوي مجهول الحال.
نقول: إمّا انْ يكون مجهول العين، أو الوصف، فأمّا العين، فهو مردود، لكونه يرتفع برواية اثنين عنه، وقد روى عن الأنماطي ابن راهويه وابن سليمان وابن المديني وابن عبد الرحمن، فهي مرتفعة، ومع قول ابن حبان فهو حسن الحديث على الأقل.
يقول الذهبي : " وقد اشتهر عند طوائف من المتأخرين، إطلاق اسم (الثقة) على من لم يجرح، مع ارتفاع الجهالة عنه، وهذا يسمى مستوراً، ويسمى: محله الصدق، ويقال فيه: شيخ "[12] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn12).
وجرح أبو حاتم غير ثابت، فهو محلّه الصدق، يعني حسن الحديث.
الرابع: سلمنا؛ إنّ الراوي مَنْ وثقه متساهل يُرد توثيقه، وأما الجرح المبهم فيؤخذ به.
نقول: ذهب جملة من الاعلام إلى قبول توثيق ابن حبان، وهاك دليلاً على ذلك:
قال المحقق ابن الهمام: " وأعلّه بتضعيف عبد الجبار بن مسلمـ وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات، فلا ينزل الحديث عن الحسن "[13] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn13).
ويقول الألباني: " وقال الحافظ: ضعيف ".
أقول:
أولاً: ما ذهبَ إليه الألباني هو مذهب ابن حجر، وهو انَّ الراوي ضعيف !!، ومصدر استنباطه هو قول أبو حاتم، وقد أجبنا عنه.
ثانياً: سلمنا؛ فإنّ قول الحافظ ضعيف، جرح غير مفسّر، قال التهانوي: " وقد علمت أن قولهم: ( ضعيف ) أو ( ليس بشيء ) أو ( واه بمرة ) وغير ذلك كلّه من الجرح المبهم، فلا يؤثر ذلك فيمن كان فيه تعديل وتوثيق من أحد "[14] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn14).
إذن: لو عدّل الراوي شخص واحد، وقيل فيه ضعيف أو ليس بشيء أو واه بمرة، يؤخذ بالتوثيق، ويُردُّ الجرح، لكون غير مفسر.
والأنماطي وثقه ابن حبان، فالجرح مردود، كما بيّناه.
ثالثاً: سلمنا؛ بأنّ توثيق ابن حبان مردود.
نقول: أخرج له الترمذي في الجامع، حيثُ قال الترمذي: " حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي حدثنا زيد بن الحسن هو الأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
قال وفي الباب عن أبي ذر و أبي سعيد و زيد بن أرقم و حذيفة بن أسيد.
قال ـ يعني الترمذي ـ وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
قال وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم "[15] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn15).
ذهب الحاكم والخطيب البغدادي إلى أنّ سنن الترمذي صحيح، فكانا يسميانه، " الجامع الصحيح "[16] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn16).
فإذا أخرج له الترمذي في صحيحه، فهو عدل يُعتبر بحديثه.
رابعاً: سلمنا؛ بأنّ هذين القولين تساهل منهما.
فنقول: إنّ تحسين الترمذي للأنماطي، يعدُّ توثيقاً له.
قال الذهبي: " فإن أخرج حديث هذا في " الصحيحين "، فهو موثق بذلك، وإن صحح له مثل الترمذي وابن خزيمة فجيد أيضاً، وإن صحح له كالدارقطني والحاكم، فأقل أحواله: حسن حديثه "[17] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn17).
والترمذي حسّن حديث الأنماطي، فهو حسن الحديث طبق هذا المنهج.
خامساً: سلمنا بما سبق؛ إنَّ الراوي إنْ أُختلف فيه بين التوثيق والتضعيف، الراجح هو حُسنُ حاله.
يقول التهانوي: " إذا كان الحديث مختلفاً فيه: صحّحه أو حسّنه بعضهم، وضعّفه آخرون، فهو حسن، وكذا إذا كان الراوي مختلفاً فيه: وثّقه بعضهم، وضعفه بعضهم، فهو: حسن الحديث "[18] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn18).
ويقول المنذري: " فأقول إذا كان رُواةُ إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه: إسناده حسن، أو مستقيم، أو لا بأس به "[19] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn19).
وقال المحقق ابن الهمام: " وأعلّه بتضعيف عبد الجبار بن مسلم، وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات، فلا ينزل الحديث عن الحسن "[20] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn20).
سادساً: سلمنا بما سبق، فإنّ الألباني نفسه صحح الحديث، حيث قال في تحقيقه لسنن الترمذي معلًقاً على الحديث ذا، قال الشيخ الألباني : " صحيح "[21] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn21)، وقال في الصحيحة، " لكن الحديث صحيح "[22] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn22)، ويقصد هذا الطريق، وفيه الأنماطي.
الخلاصة: زيد بن الحسن الانماطي حديثه حسن إن لم يكن صحيح.
قال الألباني: " فإن له شاهدا من حديث زيد بن أرقم قال : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى ( خما ) بين مكة و المدينة ، فحمد الله ، و أثنى عليه ، و وعظ و ذكر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، و أنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله ، فيه الهدى و النور ( من استمسك به و أخذ به كان على الهدى ، و من أخطأه ضل ) ، فخذوا بكتاب الله ، و استمسكوا به - فحث على كتاب الله و رغب فيه ، ثم قال : - و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي " . أخرجه مسلم ( 7 / 122 - 123 ) "[23] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn23).
أقول: لو أنّ الشيخ الألباني أنصف، وأظهر لنا حقيقة ما اقترفه مسلم من الأمانة العلمية.
ذكر مسلم بن الحجاج هذا الحديث من طريقين، الطريق الأول هو ما أخرجه الألباني.
وأمّا الثاني: فقال مسلم: " حدثنا محمد بن بكار بن الريان حدثنا حسان يعني ابن إبراهيم عن سعيد وهو ابن مسروق عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: دخلنا عليه فقلنا له قد رأيت خيرا لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه و سلم وصليت خلفه وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان غير أنه قال ألا وإني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله عز و جل هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة وفيه.
فقلنا من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال لا وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده "[24] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn24).
ونلاحظ في هذا الطريق قد بترَ جزءاً من الحديث، وهو: " ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ".
وهذه الجناية فعلها مسلم، ولم ينبّه عليها الألباني، فحيالله الأمانة.
وبعدما نبّهنا على الامانة التي اقترفها مسلم، نلفت نظر القارئ إلى أمانة اقترفها أيضاً الألباني نفسه!! حيثُ أنّ الألباني أخذَ القسم الأول من الحديث، وترك القسم الآخر، وهو: " فقال له حصين ومن أهل بيته ؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال وهم ؟ قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال نعم "[25] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftn25).
ونبّهنا على هذه الجناية، لكونها من مبحثنا، وسيأتي الرد على الألباني باستشهادنا بهذا النصّ الجلّي في خروج نساء النبي (ص) عن أهل البيت المقصودين في حديث الثقلين.
__________________________
[1] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref1)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ صفحة ب ـ ج.
[2] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref2)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ صفحة د.
[3] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref3)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ المقدمة ـ ص ج.
[4] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref4)أصول الجرح والتعديل ـ نور الدين عتر ـ ص 121.
[5] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref5)الرفع والتكميل ـ أبو الحسنات اللكنوي ـ ص 117 ـ 118.
[6] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref6)سير أعلام النبلاء ـ الذهبي ـ ج 13 ـ ص 260.
[7] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref7)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 1 ـ ص 768 ـ ح 474.
[8] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref8)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 167.
[9] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref9)كشف الأسرار شرح أصول البزدوي ـ ج 3 ـ ص 168.
[10] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref10)الرفع والتكميل ـ اللكنوي ـ ص 28.
[11] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref11)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 1 ـ ص 195.
[12] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref12)الموقظة ـ الذهبي ـ ص 87.
[13] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref13)الفتح ـ ابن الهمام ـ ج 1 ـ ص 76.
[14] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref14)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 173.
[15] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref15)سنن الترمذي ـ الترمذي ـ ج 2 ـ ص 308.
[16] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref16)تدريب الراوي ـ السيوطي ـ ج 1.
[17] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref17)الموقظة ـ الذهبي ـ ص 87.
[18] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref18)قواعد في علوم الحديث ـ التهانوي ـ ص 72.
[19] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref19)الترغيب والترهيب ـ المنذري ـ ج 1 ـ ص 4.
[20] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref20)الفتح ـ ابن الهمام ـ ج 1 ـ ص 76.
[21] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref21)سنن الترمذي ـ تحقيق الألباني ـ ج 5 ـ ص 662.
[22] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref22)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ ص 356.
[23] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref23)السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ ج 4 ـ ص 356.
[24] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref24)صحيح مسلم ـ مسلم بن الحجاج ـ ج 7 ـ ص 123.
[25] (http://www.imshiaa.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=30#_ftnref25)صحيح مسلم ـ مسلم بن الحجاج ـ ج 7 ـ ص 123.