الأصولي
02-10-2010, 03:26 AM
في ظهر يوم من أيام شهر رمضان المبارك ، رجع الإمام الشيرازي «رحمه الله» بعد صلاة الجماعة إلى الدار وقد كان في غاية الرهق والعنت ، وحيث كان قد جلس في الصحن المقدس بعد صلاة الظهر ما يقارب الساعة يجيب على الأسئلة ، ويتكلم مع الناس في مختلف الشؤون ، وحاول أن يأخذ قسطـًا من الراحة ، فإذا بطارق يطرق الباب ، ولم يكن أحد حاضرًا هناك.
ففكر الإمام الشيرازي ألا يجيب الطارق ، ثم قال في نفسه لعل للطارق حاجة أثاب في قضائها ، وتردد ثانياً ، ثم تذكر أنه على موعد مع أحد المسؤولين من بغداد للبحث حول طلب كان قد تقدم به لاستيراد إذاعة محلية ، وفتح كلية باسم كلية القرآن الحكيم ، إلى سبع مواد أخر ، والساعة كانت تشير إلى قرب الموعد.
وكان لا يريد أن يقابله إلا بعد أن يأخذ قسطًا من الراحة ، بالإضافة إلى أنه لم يأت بعد أحد من زملاء الإمام الشيرازي الذي يقابل معه المسؤولين عادةً ، لأنه لا يحب أن يجتمع بمسؤول رسمي إلا مع جماعة من الأصدقاء ، لئلا يكون المجلس سريـًا ، بل علنيـًا ، وقد جرت عادته غالبـًا أن لا يجتمع بمسؤول كبير إلا مع صديق أو أصدقاء.
على كل حال قام الإمام الشيرازي «رحمه الله» متثاقلا وفتح الباب فإذا برجل عمره يناهز الستون ، سلّم وقال: أنا وعائلتي قصدناك من الكاظمية ، فهل لك أن تستقبلني في هذا الوقت؟
قال «الإمام الراحل» : خيرًا
قال: إن لي ابنـًا درس في ألمانيا ، ومنذ مدة رجع ومعه زوجة مسيحية ألمانية ، وقد تكلمنا نحن – أنا ووالدته – معها لتسلم ، لكنها تقول: أقنعوني بأن الإسلام حق ، وكلما نحاول إقناعها لا تقبل ، ولا تناقش.
وأخيرًا اتفقنا عليك ، وقصدناك من الكاظمية ، حيث أن اليوم جمعة وعندنا عطلة ، فرحّب الإمام الشيرازي به وقال لهم: تفضلوا
فذهب غير بعيد – حيث كان قد أوقف سيارته في الشارع – وجاء هو وزوجته الألمانية إلى الدار.
ثم قال الإمام الشيرازي لها: تفضلي ، فقدّم الشاب نفسه كمترجم.
قالت: إن زوجي وأباه وأمه يدعونني إلى الإسلام وأنا لم أر شرًا من المسيحية حتى أبدل ديني ، وأنا إمراة محافظة متدينة ، قرأت الكتاب المقدس ، وأحضر الكنيسة ، عائلتي كلهم متدينون محافظون ، فهل ترى أنت أن أترك ديني وأدخل الإسلام؟ ولِم؟
ثم أردفت قائلة: هل أنت تبدل دارك إلى دار أخرى إذا كانت دارك جميلة لا عيب فيها؟
قال الإمام الشيرازي لها – وهو يتحرى الكلام حسب مدركها وبمنهاج مقنع لها – أنا لا أدعوكِ أن تتركي دينك ، بل أدعوكِ إلى أن تضيفي إلى جمال دينك جمالاً آخر ، وهو جمال الإسلام ، كما لا أدعوكِ إلى أن تبدلي دارك إلى دار أخرى ، بل أدعوكِ لتضيفي إلى دارك طابقـًا أعلى وأقرب إلى الهواء والدفء والضوء.
قالت – وهي مستغربة – أليس الإسلام والمسيحية عدوين لا يجتمعان؟
قال «الإمام الشيرازي»: لا ، بل مثال الدينين مثال الابتدائية والثانوية ، فأنا أدعوكِ إلى إكمال دراستك الثانوية بعد أن أكملتِ دراستك الإبتدائية.
قالت: كيف أصدق كلامك ، وقد تعلمت منذ صغري في البيت وفي المدرسة وفي كل المجتمع أن الإسلام عدو المسيحية ، وأن محمدًا عدو المسيح ، وأن المسلمين أعداء المسيحيين؟
قال الإمام الشيرازي: إن كل ما سمعتِ بالعكس ، فالإسلام صديق المسيحية ، بدليل قول القرآن الحكيم: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى} (سورة البقرة/ آية 136) ومحمد صلى الله عليه وآله صديق المسيح ؛ لأن القرآن الحكيم يقول: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} (سورة المائدة/آية 75). والمسلمون أصدقاء المسيحيين ، بدليل قوله تعالى: {ولتجدن أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنـّا نصارى} (سورة المائدة/آية 82). فهل بعد هذه الآيات الواردة في نص القرآن الحكيم يصح كلامك الذي سمعتيه أم كلامي الذي تسمعينه الآن؟
فاستغربت الفتاة الألمانية كلام الإمام الشيرازي استغرابـًا شديدًا ، والطريف أن عائلة الزوج أيضـًا استغربوا كلام الإمام الراحل. وقالوا: إنـّا لم نسمع بمثل كلامك إلا الآن ، بل كنا نظن كما تقول هي.
قال الإمام الشيرازي: هذا من ضعف تبليغنا نحن المسلمون في الداخل والخارج ، والله المستعان.
قالت: الآن صدّقت كلامك ، حيث جئت بالشاهد من القرآن نفسه ، ولولا ذلك لكنت أقول: إن قولك لأجل دفعي إلى الإسلام وليس له أساس من الواقع ، الآن بيّن لي كيف أن الإسلام بعد المسيحية كالثانوية بعد الإبتدائية؟
قال الإمام الشيرازي: أنتِ مسيحية ، وتعلمين أنتِ أن المسيحية عبارة عن مجموعة من الأخلاقيات فقط.
قالت: نعم.
قال الإمام الشيرازي: لكن الإسلام أضاف إلى الأخلاقيات شؤوناً أخرى ، كما أن الثانوية تزيد على الإبتدائية بعلوم أخرى.
قالت: مثلاً؟
قال الإمام الشيرازي: السياسة ، الاقتصاد ، التربية ، الجيش ، المال ، وغيرها.
قالت – وهي مستغربة – هل في الإسلام هذه الأمور؟
قال الإمام الشيرازي: نعم ، ولِم لا؟
قالت: لأني كنت أسمع أن الإسلام مجموعة خرافات وتحريفات لليهودية والنصرانية.
قال الإمام الشيرازي: كلا بالعكس ، فإن الإسلام هذب المسيحية واليهودية عن الخرافات ؛ ولذا ورد في القرآن الحكيم {ومهيمناً عليه} (سورة المائدة/آية 48) أي حافظـًا من التحريف والزيادة والنقيصة.
قالت: الآن حدث لي سؤالان:
قال الإمام الشيرازي: وما هما؟
قالت: السؤال الأول: ما هي الخرافات اليهودية والمسيحية؟ وهل في المسيحية خرافات؟
قال الإمام الشيرازي: أنا لا أحب أن أخوض في هذا المجال ؛ لأني لا أريد أن أجرح عاطفتك فلا نصل إلى نتيجة ، لكن أذكر لك – من باب المثال – أن المسيحيين يقولون بالتثليث ، ويقولون: إن الثلاثة واحد ، فهو ثلاثة وهو واحد في عين الحال فهل هذا يمكن؟!
قالت: ما المانع منه؟
قال الإمام الراحل – وقد أخذ ثلاثة كتب – هذه ثلاثة أم واحد؟
قالت: ثلاثة.
قال الإمام الشيرازي: إذا جاءك إنسان وقال: ثلاثة وواحد فما موقفك منه؟ ألا تقولين له: كلا لا يمكن أن يكون الواحد ثلاثة.
فتهللت أسارير الفتاة الألمانية ، وكأنها تسمع هذا الكلام لأول مرة.
قالت: وكيف يعتقد بهذا المسيحيون؟
قال الإمام الشيرازي: سليهم ، وأنا لا أعلم ، وإنما أعلم أن هذا الكلام غير صحيح.
قالت: أما السؤال الثاني: فقد ذكرت أن في الإسلام كل شيء أليس الإسلام دينـًا ؟ وأي ربط بين الدين وبين السياسة والاقتصاد؟
قال الإمام الشيرازي: الدين كل شيء ، وإنما المسيحية حيث حرفت لم يبق منه إلا منه إلا مجموعة تعاليم أخلاقية فقط.
قالت: فهل بإمكانك أن تمثل لي مثالاً واحدًا فقط حول أن الإسلام يشتمل على الاقتصاد مثلاً ، ولو كان لآمن بالإسلام كل الألمان؟
قال الإمام الشيرازي: خذي من القرآن الحكيم: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} (سورة الأنفال/آية 41).
{وأحل الله البيع وحرّم الربا} (سورة التوبة/آية 60).
{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} (سورة البقرة/آية 275).
ثم أخذ يشرح هذه الآيات شرحًا يلائم مستواها مما يرتبط بكلامهم حول الاقتصاد.
قالت: إني اقتنعت بالإسلام، ولكن بقيت لي مسألة واحدة إن أجبت عليها أسلمت ، وإلا لا أسلم مهما ظهر لي صدق الإسلام ، وقد سألت زوجي وغيره عن هذه المسألة فلم يقنعني أحد بجوابه.
قال الإمام الشيرازي: وما هي؟ وحبس أنفاسه خوفـًا من أن تكون مسألتها للتهرب وإضاعة الوقت.
قالت: أنا منذ دخولي العراق يأمرونني اهله بالعباءة ، فإذا كانت العباءة من الإسلام فأنا غير مستعدة لأن أسلم.
قال الإمام الشيرازي: أرأيتِ بائع المجوهرات كيف يحفظ مجوهراته في الصناديق والقاصات؟
قالت: نعم.
قال الإمام الشيرازي: ولم ذا؟
قالت: خوفـًا من اللصوص.
قال الإمام الشيرازي: وهنا سر الحجاب عندنا نحن المسلمون ، إنك فتاة ، وتعلمين أن في كل مجتمع لصوصـًا للأعراض مثل اللصوص للمجوهرات ، فالإسلام يأمرك بالحجاب لأجلك ولعفتك وشرفك.
قالت: هذا جواب مقنع ، ولكن إذا كان كذلك فلماذا أرى في التلفاز نساء سافرات ، أليس هذا البلد بلد الإسلام؟
قال الإمام الشيرازي: ألمانيا بلدكم مستقلة أو تحت الاستعمار؟
قالت: بعد الحرب العالمية الثانية وقعنا تحت نير الإستعمار.
قال الإمام الشيرازي: فالمستعمرون يتركونكم وما تشاؤون من تقديم بلادكم وتطبيق أنظمتكم؟
قالت: كلا وألف كلا.
قال الإمام الشيرازي: ونحن منذ خمسين سنة واقعون تحت نير الاستعمار ، ومناهجنا بأيديهم دون اختيار منـّا.
قالت: كلام صحيح.
ثم أظهرت الإسلام ، وتشهدت الشهادات الثلاث ، واستبشر أفراد عائلتها لإسلامها ، وأرادوا أن يقدموا للإمام الشيرازي نقودًا لا يُعلم كم كانت لكنه أبى القبول ، وقد استغرقت المقابلة ساعتين ونصف الساعة تقريبـًا.
ففكر الإمام الشيرازي ألا يجيب الطارق ، ثم قال في نفسه لعل للطارق حاجة أثاب في قضائها ، وتردد ثانياً ، ثم تذكر أنه على موعد مع أحد المسؤولين من بغداد للبحث حول طلب كان قد تقدم به لاستيراد إذاعة محلية ، وفتح كلية باسم كلية القرآن الحكيم ، إلى سبع مواد أخر ، والساعة كانت تشير إلى قرب الموعد.
وكان لا يريد أن يقابله إلا بعد أن يأخذ قسطًا من الراحة ، بالإضافة إلى أنه لم يأت بعد أحد من زملاء الإمام الشيرازي الذي يقابل معه المسؤولين عادةً ، لأنه لا يحب أن يجتمع بمسؤول رسمي إلا مع جماعة من الأصدقاء ، لئلا يكون المجلس سريـًا ، بل علنيـًا ، وقد جرت عادته غالبـًا أن لا يجتمع بمسؤول كبير إلا مع صديق أو أصدقاء.
على كل حال قام الإمام الشيرازي «رحمه الله» متثاقلا وفتح الباب فإذا برجل عمره يناهز الستون ، سلّم وقال: أنا وعائلتي قصدناك من الكاظمية ، فهل لك أن تستقبلني في هذا الوقت؟
قال «الإمام الراحل» : خيرًا
قال: إن لي ابنـًا درس في ألمانيا ، ومنذ مدة رجع ومعه زوجة مسيحية ألمانية ، وقد تكلمنا نحن – أنا ووالدته – معها لتسلم ، لكنها تقول: أقنعوني بأن الإسلام حق ، وكلما نحاول إقناعها لا تقبل ، ولا تناقش.
وأخيرًا اتفقنا عليك ، وقصدناك من الكاظمية ، حيث أن اليوم جمعة وعندنا عطلة ، فرحّب الإمام الشيرازي به وقال لهم: تفضلوا
فذهب غير بعيد – حيث كان قد أوقف سيارته في الشارع – وجاء هو وزوجته الألمانية إلى الدار.
ثم قال الإمام الشيرازي لها: تفضلي ، فقدّم الشاب نفسه كمترجم.
قالت: إن زوجي وأباه وأمه يدعونني إلى الإسلام وأنا لم أر شرًا من المسيحية حتى أبدل ديني ، وأنا إمراة محافظة متدينة ، قرأت الكتاب المقدس ، وأحضر الكنيسة ، عائلتي كلهم متدينون محافظون ، فهل ترى أنت أن أترك ديني وأدخل الإسلام؟ ولِم؟
ثم أردفت قائلة: هل أنت تبدل دارك إلى دار أخرى إذا كانت دارك جميلة لا عيب فيها؟
قال الإمام الشيرازي لها – وهو يتحرى الكلام حسب مدركها وبمنهاج مقنع لها – أنا لا أدعوكِ أن تتركي دينك ، بل أدعوكِ إلى أن تضيفي إلى جمال دينك جمالاً آخر ، وهو جمال الإسلام ، كما لا أدعوكِ إلى أن تبدلي دارك إلى دار أخرى ، بل أدعوكِ لتضيفي إلى دارك طابقـًا أعلى وأقرب إلى الهواء والدفء والضوء.
قالت – وهي مستغربة – أليس الإسلام والمسيحية عدوين لا يجتمعان؟
قال «الإمام الشيرازي»: لا ، بل مثال الدينين مثال الابتدائية والثانوية ، فأنا أدعوكِ إلى إكمال دراستك الثانوية بعد أن أكملتِ دراستك الإبتدائية.
قالت: كيف أصدق كلامك ، وقد تعلمت منذ صغري في البيت وفي المدرسة وفي كل المجتمع أن الإسلام عدو المسيحية ، وأن محمدًا عدو المسيح ، وأن المسلمين أعداء المسيحيين؟
قال الإمام الشيرازي: إن كل ما سمعتِ بالعكس ، فالإسلام صديق المسيحية ، بدليل قول القرآن الحكيم: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى} (سورة البقرة/ آية 136) ومحمد صلى الله عليه وآله صديق المسيح ؛ لأن القرآن الحكيم يقول: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} (سورة المائدة/آية 75). والمسلمون أصدقاء المسيحيين ، بدليل قوله تعالى: {ولتجدن أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنـّا نصارى} (سورة المائدة/آية 82). فهل بعد هذه الآيات الواردة في نص القرآن الحكيم يصح كلامك الذي سمعتيه أم كلامي الذي تسمعينه الآن؟
فاستغربت الفتاة الألمانية كلام الإمام الشيرازي استغرابـًا شديدًا ، والطريف أن عائلة الزوج أيضـًا استغربوا كلام الإمام الراحل. وقالوا: إنـّا لم نسمع بمثل كلامك إلا الآن ، بل كنا نظن كما تقول هي.
قال الإمام الشيرازي: هذا من ضعف تبليغنا نحن المسلمون في الداخل والخارج ، والله المستعان.
قالت: الآن صدّقت كلامك ، حيث جئت بالشاهد من القرآن نفسه ، ولولا ذلك لكنت أقول: إن قولك لأجل دفعي إلى الإسلام وليس له أساس من الواقع ، الآن بيّن لي كيف أن الإسلام بعد المسيحية كالثانوية بعد الإبتدائية؟
قال الإمام الشيرازي: أنتِ مسيحية ، وتعلمين أنتِ أن المسيحية عبارة عن مجموعة من الأخلاقيات فقط.
قالت: نعم.
قال الإمام الشيرازي: لكن الإسلام أضاف إلى الأخلاقيات شؤوناً أخرى ، كما أن الثانوية تزيد على الإبتدائية بعلوم أخرى.
قالت: مثلاً؟
قال الإمام الشيرازي: السياسة ، الاقتصاد ، التربية ، الجيش ، المال ، وغيرها.
قالت – وهي مستغربة – هل في الإسلام هذه الأمور؟
قال الإمام الشيرازي: نعم ، ولِم لا؟
قالت: لأني كنت أسمع أن الإسلام مجموعة خرافات وتحريفات لليهودية والنصرانية.
قال الإمام الشيرازي: كلا بالعكس ، فإن الإسلام هذب المسيحية واليهودية عن الخرافات ؛ ولذا ورد في القرآن الحكيم {ومهيمناً عليه} (سورة المائدة/آية 48) أي حافظـًا من التحريف والزيادة والنقيصة.
قالت: الآن حدث لي سؤالان:
قال الإمام الشيرازي: وما هما؟
قالت: السؤال الأول: ما هي الخرافات اليهودية والمسيحية؟ وهل في المسيحية خرافات؟
قال الإمام الشيرازي: أنا لا أحب أن أخوض في هذا المجال ؛ لأني لا أريد أن أجرح عاطفتك فلا نصل إلى نتيجة ، لكن أذكر لك – من باب المثال – أن المسيحيين يقولون بالتثليث ، ويقولون: إن الثلاثة واحد ، فهو ثلاثة وهو واحد في عين الحال فهل هذا يمكن؟!
قالت: ما المانع منه؟
قال الإمام الراحل – وقد أخذ ثلاثة كتب – هذه ثلاثة أم واحد؟
قالت: ثلاثة.
قال الإمام الشيرازي: إذا جاءك إنسان وقال: ثلاثة وواحد فما موقفك منه؟ ألا تقولين له: كلا لا يمكن أن يكون الواحد ثلاثة.
فتهللت أسارير الفتاة الألمانية ، وكأنها تسمع هذا الكلام لأول مرة.
قالت: وكيف يعتقد بهذا المسيحيون؟
قال الإمام الشيرازي: سليهم ، وأنا لا أعلم ، وإنما أعلم أن هذا الكلام غير صحيح.
قالت: أما السؤال الثاني: فقد ذكرت أن في الإسلام كل شيء أليس الإسلام دينـًا ؟ وأي ربط بين الدين وبين السياسة والاقتصاد؟
قال الإمام الشيرازي: الدين كل شيء ، وإنما المسيحية حيث حرفت لم يبق منه إلا منه إلا مجموعة تعاليم أخلاقية فقط.
قالت: فهل بإمكانك أن تمثل لي مثالاً واحدًا فقط حول أن الإسلام يشتمل على الاقتصاد مثلاً ، ولو كان لآمن بالإسلام كل الألمان؟
قال الإمام الشيرازي: خذي من القرآن الحكيم: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} (سورة الأنفال/آية 41).
{وأحل الله البيع وحرّم الربا} (سورة التوبة/آية 60).
{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} (سورة البقرة/آية 275).
ثم أخذ يشرح هذه الآيات شرحًا يلائم مستواها مما يرتبط بكلامهم حول الاقتصاد.
قالت: إني اقتنعت بالإسلام، ولكن بقيت لي مسألة واحدة إن أجبت عليها أسلمت ، وإلا لا أسلم مهما ظهر لي صدق الإسلام ، وقد سألت زوجي وغيره عن هذه المسألة فلم يقنعني أحد بجوابه.
قال الإمام الشيرازي: وما هي؟ وحبس أنفاسه خوفـًا من أن تكون مسألتها للتهرب وإضاعة الوقت.
قالت: أنا منذ دخولي العراق يأمرونني اهله بالعباءة ، فإذا كانت العباءة من الإسلام فأنا غير مستعدة لأن أسلم.
قال الإمام الشيرازي: أرأيتِ بائع المجوهرات كيف يحفظ مجوهراته في الصناديق والقاصات؟
قالت: نعم.
قال الإمام الشيرازي: ولم ذا؟
قالت: خوفـًا من اللصوص.
قال الإمام الشيرازي: وهنا سر الحجاب عندنا نحن المسلمون ، إنك فتاة ، وتعلمين أن في كل مجتمع لصوصـًا للأعراض مثل اللصوص للمجوهرات ، فالإسلام يأمرك بالحجاب لأجلك ولعفتك وشرفك.
قالت: هذا جواب مقنع ، ولكن إذا كان كذلك فلماذا أرى في التلفاز نساء سافرات ، أليس هذا البلد بلد الإسلام؟
قال الإمام الشيرازي: ألمانيا بلدكم مستقلة أو تحت الاستعمار؟
قالت: بعد الحرب العالمية الثانية وقعنا تحت نير الإستعمار.
قال الإمام الشيرازي: فالمستعمرون يتركونكم وما تشاؤون من تقديم بلادكم وتطبيق أنظمتكم؟
قالت: كلا وألف كلا.
قال الإمام الشيرازي: ونحن منذ خمسين سنة واقعون تحت نير الاستعمار ، ومناهجنا بأيديهم دون اختيار منـّا.
قالت: كلام صحيح.
ثم أظهرت الإسلام ، وتشهدت الشهادات الثلاث ، واستبشر أفراد عائلتها لإسلامها ، وأرادوا أن يقدموا للإمام الشيرازي نقودًا لا يُعلم كم كانت لكنه أبى القبول ، وقد استغرقت المقابلة ساعتين ونصف الساعة تقريبـًا.