اثير المحمداوي
19-11-2010, 10:29 PM
http://iraqiwomensleague.com/filemanager.php?action=image&id=1597
حوار مع سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي حول
الإدارة الوظيفية ومقومات النجاح
(اجراه السيد حسين الحسيني)
السؤال الأول: الإدارة منصب الصدارة في دائرة ما أو مشروع، ويتم اختيار الشخص المدير ضمن ضوابط معينة مستندة إما على ضوء الاختصاص الناتج من التحصيل الدراسي للكليات المتخصصة، أو من خلال اكتساب الشخص للخبرة الإدارية من خلال التجربة والممارسة في شؤون الدائرة وارتقائه في السلم الوظيفي إلى أن يصل إلى منصب المدير.
فما هو بنظركم أفضل هذين الطريقين للحصول على المدير الناجح؟ أم انه لابد من اجتماع الأمرين معاً فيه؟ ولماذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الأفضل هو اجتماع الأمرين معاً، إذ التحصيل الدراسي يعطي التصور الصحيح لانجاز المشروع ضمن الأسس العلمية والإدارية التي كسبها الشخص في دراسته، ولكنها تبقى نظرية قد تصطدم في الواقع بكثير من العقبات التي لم يلتفت إليها خلال الدراسة لأن الدراسة تدرّس الظواهر العامة تاركةً التفاصيل لقدرة الدارس عند مواجهة الحياة، وهنا يأتي دور الخبرة وسعة التجربة، التي فيها علم مستأنف كما يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث تزداد مخيلة الشخص وتصوره للإدارة الناجحة من خلال التجربة الطويلة وبالتالي فإن احدهما مكمل للآخر، إذ التجربة تعطي بعداً أعمق للدراسة والدراسة تعطي فهماً جديداً للتجربة، فضمهما معاً ينتج الإدارة الناجحة، ويمكن أن نتأس إن لم نقل نستدل على ذلك بقوله تعالى وتقدس ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26، فالقوة يكسبها الفرد من خلال الدرس والتحصيل ليتحرك على هدى من العلم والمعرفة، والأمانة يصونها من خلال تجربته الطويلة وتعلمه في مدرسة الحياة الطويلة حيث يزداد الإنسان كياسته ورصانة مع الخبرة وهما مفتاحا الأمانة.
السؤال الثاني: ما هي الصفات الأخرى بنظركم غير الخبرة في مجال العمل، الواجب توفرها في العنصر الإداري ليحقق نجاحاً في ميدانه؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من عناصر النجاح الإرادة القوية في اتخاذ القرار الصائب منضمة إلى استشارة الآخرين ليشاركوا في آرائهم وأفكارهم وبه يخلق جواً من الألفة والمحبة النافعة في مجال العمل كفريق واحد يريد كل منهم خدمة العمل والمشروع من خلال أفكاره، وبه يضمن المستشير مشاركتهم معه، ويحس الجميع بأن نجاح العمل نجاحهم جميعاً وفشله فشلهم جميعاً (( من شاور الرجال شاركهم في عقولهم)).
النظام في العمل، فإن انتظام العمل معناه استثمار كل طاقة في محلها ووقتها وضمن مجالها فلا تتزاحم القدرات وتتمانع معرقلة سير العمل، ومحدثة إشكالية واضحة للمشتغلين، حيث يعتمد كل واحد منهم على الآخر والآخر عليه والنتيجة انه لا تقدم في العمل، وقد ورد عن الأمير عليه السلام (( الله الله في نظم أموركم)) وقسمه عليه السلام ما كان إلا لأجل أهمية وخطورة النظام في مجال العمل والإنتاج والتطور والإبداع.
واستخدام عنصر الثواب والعقاب وإن كان الأخير يفضل أن لا تلجأ إليه الإدارة إلا بعد نفاذ كل السبل لأن اثر العقاب سيئ على فريق الإدارة وعملها.
ومتابعة أحدث التطورات والدراسات في مجال الإدارة والإشراف للاستفادة من هذه الدراسات ومواكبة التطورات كي لا تكون الإدارة تتحرك بإيحاء من زمان غير زمانها.
واعتقد أن تستخدم الإدارة عنصر الاستفزاز للكادر العامل معها لتفجير طاقاتهم في الإبداع والبناء على أن لا يكون إلا في مجال الخير والمنافسة الشريفة في ميدان العمل.. هذه أهم عناصر الإدارة الناجحة.
السؤال الثالث: هل إن القرارات الصادرة من إدارة العمل ملزمة على الموظف، ومخالفتها توقعه في المحذور الشرعي، أم إن مخالفتها تقصير بحق الإدارة فقط ولا يترتب عليها محذور شرعي؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نعم القرارات الصادرة من قبل الادارة ملزمة للموظف، وينبغي عليه احترامها، إذ المؤمنون عند شروطهم، ولكنه لا يوجب محذوراً شرعياً بعنوان الحرمة بل إن مخالفتها تقصير بما التزم به الموظف عند العمل مع الإدارة ويحق للإدارة معالجة هذا التقصير وفق ما تراه مناسباً ومانعاً عن الاستمرار فيه وفق الضوابط واللوائح المعمول بها في الدائرة والتي اطلع عليها الموظف والتزم بمضمونها.
السؤال الرابع: هل يحق للموظف معرفة أسباب ودواعي صدور أي قرار من إدارة العمل أم إن عليه التنفيذ فقط؟ وعلى فرض أحقيته فهل يحق له الامتناع عن التنفيذ لو علم أن القرار الإداري يعارض الثوابت الشرعية التي يؤمن بها الموظف أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بل من حقه أن يعلم أسباب ودواعي صدور القرار من الإدارة الا فيما يتعلق ببعض الاسرار التي تعرّض الادارة للاهتزاز لو انكشفت، وإلا مع عدم معرفته كيف يتسنى له أن ينفذه، وله الامتناع عن التنفيذ فيما لو كان القرار مخالفاً للثوابت الشرعية باعتبار أن شرط الله قبل شرطكم، وأن الله لا يطاع من حيث يعصى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
السؤال الخامس: إذا دار الأمر بين أن يلتزم الإداري أو الموظف المكلف بعمل ما بما وضعته الدائرة من قانون ا والية عمل وبين أن يلجأ لطريقة خاصة من ابتكاره تحقق له نتائج أفضل، فهل يحق له الاعتماد على طريقته والإعراض عن القانون الموضوع من قبل الدائرة، سواءً أمن المحاسبة على تركه هذا أم لم يأمن، مع تحقيقه نتائج أفضل؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من الواضح أن مصلحة الدائرة في تحقيق نتائج أفضل وعليه ما يبتكره الموظف من طريقة تحقق النتائج الأفضل لا يلاقي اعتراضاً من قبل الدائرة ولا معنى لمنعه من الابتكار بحجة وجود قانون إداري وضعته الدائرة فإن ذلك أمر غير معقول، نعم لو فرض جدلاً وجود صرامة في تطبيق ما وضعته الدائرة من قانون وهو يتعارض أو يمنع الموظف المبدع من إبداعه، كما لو كانت الدائرة حكومية تعيش حالة بيروقراطية قاتلة، فعلى الموظف الالتزام بالقانون لالتزامه هو باحترامه عند تقدمه للتوظف فيها، أو يصار إلى تبديل القانون من قبل الدائرة أو تعديله بما لا يتعارض مع الابتكار المفروض للموظف، لأن المفروض أن الدائرة تعمل لهدف ما والابتكار المفروض يخدم ذلك الهدف إلا إذا كانت الإدارة غير ناشطة ولا فاعلة في الإبداع والتطوير.
السؤال السادس: لو علم الإداري أن احد الموظفين أو المختصين في ضمن دائرته لا يملك الكفاءة والخبرة التي تحقق للدائرة انجاز أعمالها بشكل مقبول وصحيح فهل تترتب عليه تبعات أو ظلامات فيما إذا اخبر الجهات المسؤولة عن هذا الموظف واتخذت إجراءات بنقله أو عزله مما يؤدي إلى الإضرار به وبحاله المادي مع انه لا يملك الكفاءة كما قلنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الإضرار بموظف بدعوى عدم كفاءته في انجاز عمله من مسؤولية الدائرة التي قبلت تعيين هذا الموظف وعليها تطوير أدائه وقدراته بما يجعله ينجز عمله بشكل صحيح ويقول، وأما إخبار الدائرة عن هذا الموظف لتتخذ إجراءات بنقله أو فصله إضرار به وهو غير جائز، كما ورد لا ضرر ولا إضرار، وتقع مسؤولية عدم كفاءته أو تطويرها على الدائرة نفسها وإدارتها.
السؤال السابع: غالباً ما تختار الدوائر الوظيفية العناصر التي تشغل مناصب إدارية على وقف مقياس القِدم أو طول مدة التوظيف لهذا الشخص في هذه الدائرة وتفضله على غيره وإن كان هذا الغير ممن يملك الكفاءة والخبرة في ميدان الإنتاج والتميز فيه، كل ما هنالك انه لا يملك رصيداً كافياً من سنين الخدمة، :كيف تقرأون الآثار المترتبة على ذلك وما هو نظركم؟ وهل أن التقييم بقياس عدد سنين الخدمة أو بالناتج الذي يقدمه الموظف أم بكلاهما؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
المقياس هو النتائج التي يقدمها الموظف، نعم لسنين الخبرة مدخلية في إنتاجه وكفاءته في انجاز عمله وفق الضوابط والمواصفات المطلوبة، وعلى الدائرة الاستفادة من كل الخبرات والعناصر القادرة على تطوير عملها وانجازه بشكله الصحيح وإن لم يكن ممن خدم في الدوائر فترة طويلة، إذ رب خبير يكون كلّاً على دائرته ورب جديد يكون عوناً وظهيراً لدائرته، ويبقى المقياس ما ذكرناه في الجواب الأول ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26.
السؤال الثامن: كيف تفسرون كلمة (وظيفة) و(موظف) وماذا تعني بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الوظيفة في اللغة على ما يذكره في المنجد هي ما يعيّن من عمل أو طعام ورزق وغير ذلك، وتأتي بمعنى العهد والشرط وقد تستعمل بمعنى المنصب والخدمة.. المنجد مادة وظف.
وعلى هذا فهي تعطي معنى الإجارة حيث يعيّن للرجل عمل معين من قبله ويعيّن له رزق معين، ففي مقابل عمله يعين له مال معين، وهي ملزمة للطرفين فالموظف هو الأجير والوظيفة هي الإجارة، فكأنما عيّن للموظف عمل يؤديه لقاء مبلغ من المال يتقاضاه.
السؤال التاسع: نجد أن اغلب الدوائر والمؤسسات تعمل وفق منهج ونظام وضعي معين، ولا يخفى إن مثل هذه المناهج تحمل الكثير من الثغرات التي تفسح المجال للكثيرين في استغلالها لمصالحهم الشخصية من دون أن يقعوا في إدانة فقرة من فقرات القانون القضائي الوضعي، فهل يجوز لهم التصرف بهذا النحو وإن كان المتصرف مأمون الطلب من القضاء الوضعي؟ أم انه لابد من مراعاة عدم الوقوع بالتقصير في جانب التكليف الشرعي أولاً؟ أرجو الإشارة لهذا الجانب.
بسم الله الرحمن الرحيم:-
لا يخلو أي قانون وضعي من ثغرات لأنه من صنع ووضع البشر غير المحيط بكل ما يدخل في تحقيق هدفه وغايته حينما وضع القانون لأجل تحقيقها، وأما استغلال هذه الثغرات لمصالحهم الخاصة، خلاف عقد التوظيف (الإجارة) الذي يعمل بموجبه الموظف لصالح من وظفه وهو هنا الدائرة، حتى وإن كان الموظف مأمون الطلب، فهو غير جائز وعليه مراعاة عدم التقصير الذي يلزمه به عقد الإجارة.
والواجب الوفاء به طبقاً لقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)) المائدة1، بل يتعين على الموظف تنبيه الدائرة على ما وجده من ثغرات في القانون صوناً للأمانة التي تحملها بتوظفه في الدائرة.
السؤال العاشر: كيف توجهون الإداريين في التعامل مع المعلومات التي ينقلها لهم بعض الموظفين على البعض الآخر سواء كان ذلك نقلاً للحقيقة أم محاولة للإيقاع بهم؟ وما هي نصيحتكم لمثل هؤلاء الموظفين الناقلين؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
على المسؤول أن يستمع إليهم ولكن ليس له أن يرتب أثراً على إخبارهم خصوصاً إذا اخبره المخبَر عنه انه لم يقصر أو لم يقع منه ما نقله الآخرون عنه، لما ورد ما مضمونه فصدقه وكذبهم فيما لو كان ثقة مأموناً عن الكذب.
نعم لو ثبت بالأدلة والقرائن تقصيره في عمله وصحة النقل عنه، فعليه نصحه وإرشاده أولاً إلى تقصيره حفاظاً على مصلحة الدائرة التي التزم المسؤول الحفاظ عليها.
وعلى المخبرين إيقاعاً لزميلهم أن يتقوا الله في الإيقاع به، فإنها جريرة كبيرة وموبقة عظيمة يتحملون تبعاته القانونية وقبلها الشرعي بل والعشائرية أيضاً، وقد وجد في موروثنا الشرعي ما يتضمن (( انه لا يدخل الجنة نمام)).
السؤال الحادي عشر: ما هو حكم الراتب أو العطاء الذي يتقاضاه الموظف مقابل وظيفته عند وجود التقصير في أداء عمله أو عدم التزامه بالدوام المقرر عليه، حتى على فرض اتفاقه مع زملائه في أن يستغلوا مكانه في فترة غيابه دون علم الدولة أو صاحب المشروع؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الموظف ملزم شرعاً بلزوم الوفاء بالعقد وكذا قانوناً، ومعنى إلزامه أن الوقت المخصص للدوام مملوك للجهة المستأجرة (الدائرة) وأي تقصير فيه معناه أن ما يقابله من المال يأخذه بلا مقابل وهو محرم عليه، ومجرد اتفاقه مع زملاءه الملزمين مثله بمملوكية وقتهم ودوامهم للدائرة لا يعفيه عن المسؤولية، بل لا يعفيهم فيما لو حصل تقصير بعملهم من جراء اشتغالهم نيابة عنه.
نعم لو أذن له صاحب المشروع أو المسؤول الحكومي بذلك في نطاق ما جُعل له من صلاحيات جاز ذلك.
السؤال الثاني عشر هل يحق للإداري معاقبة الموظف المقصر بأداء عمله بعقوبة قطع الراتب، وهل يترتب عليه اثر ذلك في حالة:
أ – وجود التقصير واقعاً عند الموظف واستناد العقوبة على قانون موضوع لذلك وفي ضمن الحدود المقررة فيه؟
ب- نفس الفرض مع تجاوز العقوبة حد المقرر لها في القانون الموضوع؟
ج- عدم وجود قانون للعقوبات مع وجود التقصير من قبل الموظف؟
د- عدم وجود التقصير من الموظف بل استند الإداري إلى شهادات غير صحيحة على فرض وجود القانون وعدم وجوده؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
أ- لا اثر يترتب على الإداري فيما لو طبق القانون الوضعي واستحقاق الموظف للعقوبة بسبب تقصيره.
ب- يعتبر ظالماً للموظف في تجاوز حد العقوبة ويضمن ما يترتب من ضمان على هذه الزيادة.
ج- عليه تنبيه الموظف مرة وأخرى وإرشاده إلى انه سيعرض نفسه للعقوبة ثم إذا لم يرتدع الموظف واستمر في تقصيره فله عقوبته ولو من باب ردعه عن التقصير المنكر.
د- نفس الجواب (ب) حيث يعتبر ظالماً له وعليه تحمل تبعات ذلك سواءً وجد القانون أو لم يوجد ما دام الموظف لم يقصر في عمله.
السؤال الثالث عشر: لو اتخذ الإداري قراراً على موظف ما، ولم يكن القرار في محله بل كان مجحفاً وأدى ذلك إلى الإضرار بالموظف فهل يتحمل الإداري تلك الإضرار ولو على المدى البعيد كحرمانه من حق التقاعد وما شابه ذلك أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نفس الجواب السابق (د).
السؤال الرابع عشر: لو كان الإداري مجحفاً في تعامله مع الموظفين أو سوء إدارته للدائرة ولم يجدوا حلاً إلا بتقديم شكوى عليه لدى السلطات المسؤولة، ولكن شكواهم تدفعه إلى إلحاق الضرر بهم أو حرمانهم من المخصصات أو الوظيفة فما هو الحل بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بإمكان الإنسان ومن حقه أن يدفع الظلم عن نفسه أو قد يدفع الإضرار بنفسه وعليه استخدام الطرق المتعارفة والمقبولة مع التدرج فيها من الأخف إلى الأشد، فإذا لم يرتدع إلا بتقديم شكوى ضده فليكن من باب الانحصار وعدم ارتداع المسؤول إلا بذلك، ويوازن بين تداعيات الشكوى من حرمانه وبين منع إجحاف الإداري بحقه، فلو أدت الشكوى إلى ما ذكر من الإضرار به امتنع عنها.
السؤال الخامس عشر: لو أدت سياسة الإداري إلى خسارة مادية للدائرة فهل يجب عليه شرعاً تعويضها من ماله الخاص؟ على فرض مطالبة الدائرة أو عدم مطالبتها بذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
قلنا فيما سبق أن الموظف إدارياً كان أم غيره أجير عند الدائرة، وهو أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وحيث يكون مقصراً أو متعدياً بسياسته فهو ضامن للدائرة وإن لم يكن فلا ضمان إذ قد يكون اتبع منهج الدائرة وسياستها وأدت إلى الخسارة فلا معنى لتحميله مسؤولية ذلك، ولكن تحمله للخسارة يتوقف على مطالبة الدائرة، وأما مع عدم مطالبتها فلا معنى لتحمله التعويض إذ يرجع إلى الإبراء لذمته مما تعلق بها من حق للدائرة، فيما لو كانت هناك صلاحيات أو تعليمات للإدارة في ذلك، كرئيس الدائرة أو رئيس مجلس إدارتها.
حوار مع سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي حول
الإدارة الوظيفية ومقومات النجاح
(اجراه السيد حسين الحسيني)
السؤال الأول: الإدارة منصب الصدارة في دائرة ما أو مشروع، ويتم اختيار الشخص المدير ضمن ضوابط معينة مستندة إما على ضوء الاختصاص الناتج من التحصيل الدراسي للكليات المتخصصة، أو من خلال اكتساب الشخص للخبرة الإدارية من خلال التجربة والممارسة في شؤون الدائرة وارتقائه في السلم الوظيفي إلى أن يصل إلى منصب المدير.
فما هو بنظركم أفضل هذين الطريقين للحصول على المدير الناجح؟ أم انه لابد من اجتماع الأمرين معاً فيه؟ ولماذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الأفضل هو اجتماع الأمرين معاً، إذ التحصيل الدراسي يعطي التصور الصحيح لانجاز المشروع ضمن الأسس العلمية والإدارية التي كسبها الشخص في دراسته، ولكنها تبقى نظرية قد تصطدم في الواقع بكثير من العقبات التي لم يلتفت إليها خلال الدراسة لأن الدراسة تدرّس الظواهر العامة تاركةً التفاصيل لقدرة الدارس عند مواجهة الحياة، وهنا يأتي دور الخبرة وسعة التجربة، التي فيها علم مستأنف كما يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث تزداد مخيلة الشخص وتصوره للإدارة الناجحة من خلال التجربة الطويلة وبالتالي فإن احدهما مكمل للآخر، إذ التجربة تعطي بعداً أعمق للدراسة والدراسة تعطي فهماً جديداً للتجربة، فضمهما معاً ينتج الإدارة الناجحة، ويمكن أن نتأس إن لم نقل نستدل على ذلك بقوله تعالى وتقدس ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26، فالقوة يكسبها الفرد من خلال الدرس والتحصيل ليتحرك على هدى من العلم والمعرفة، والأمانة يصونها من خلال تجربته الطويلة وتعلمه في مدرسة الحياة الطويلة حيث يزداد الإنسان كياسته ورصانة مع الخبرة وهما مفتاحا الأمانة.
السؤال الثاني: ما هي الصفات الأخرى بنظركم غير الخبرة في مجال العمل، الواجب توفرها في العنصر الإداري ليحقق نجاحاً في ميدانه؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من عناصر النجاح الإرادة القوية في اتخاذ القرار الصائب منضمة إلى استشارة الآخرين ليشاركوا في آرائهم وأفكارهم وبه يخلق جواً من الألفة والمحبة النافعة في مجال العمل كفريق واحد يريد كل منهم خدمة العمل والمشروع من خلال أفكاره، وبه يضمن المستشير مشاركتهم معه، ويحس الجميع بأن نجاح العمل نجاحهم جميعاً وفشله فشلهم جميعاً (( من شاور الرجال شاركهم في عقولهم)).
النظام في العمل، فإن انتظام العمل معناه استثمار كل طاقة في محلها ووقتها وضمن مجالها فلا تتزاحم القدرات وتتمانع معرقلة سير العمل، ومحدثة إشكالية واضحة للمشتغلين، حيث يعتمد كل واحد منهم على الآخر والآخر عليه والنتيجة انه لا تقدم في العمل، وقد ورد عن الأمير عليه السلام (( الله الله في نظم أموركم)) وقسمه عليه السلام ما كان إلا لأجل أهمية وخطورة النظام في مجال العمل والإنتاج والتطور والإبداع.
واستخدام عنصر الثواب والعقاب وإن كان الأخير يفضل أن لا تلجأ إليه الإدارة إلا بعد نفاذ كل السبل لأن اثر العقاب سيئ على فريق الإدارة وعملها.
ومتابعة أحدث التطورات والدراسات في مجال الإدارة والإشراف للاستفادة من هذه الدراسات ومواكبة التطورات كي لا تكون الإدارة تتحرك بإيحاء من زمان غير زمانها.
واعتقد أن تستخدم الإدارة عنصر الاستفزاز للكادر العامل معها لتفجير طاقاتهم في الإبداع والبناء على أن لا يكون إلا في مجال الخير والمنافسة الشريفة في ميدان العمل.. هذه أهم عناصر الإدارة الناجحة.
السؤال الثالث: هل إن القرارات الصادرة من إدارة العمل ملزمة على الموظف، ومخالفتها توقعه في المحذور الشرعي، أم إن مخالفتها تقصير بحق الإدارة فقط ولا يترتب عليها محذور شرعي؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نعم القرارات الصادرة من قبل الادارة ملزمة للموظف، وينبغي عليه احترامها، إذ المؤمنون عند شروطهم، ولكنه لا يوجب محذوراً شرعياً بعنوان الحرمة بل إن مخالفتها تقصير بما التزم به الموظف عند العمل مع الإدارة ويحق للإدارة معالجة هذا التقصير وفق ما تراه مناسباً ومانعاً عن الاستمرار فيه وفق الضوابط واللوائح المعمول بها في الدائرة والتي اطلع عليها الموظف والتزم بمضمونها.
السؤال الرابع: هل يحق للموظف معرفة أسباب ودواعي صدور أي قرار من إدارة العمل أم إن عليه التنفيذ فقط؟ وعلى فرض أحقيته فهل يحق له الامتناع عن التنفيذ لو علم أن القرار الإداري يعارض الثوابت الشرعية التي يؤمن بها الموظف أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بل من حقه أن يعلم أسباب ودواعي صدور القرار من الإدارة الا فيما يتعلق ببعض الاسرار التي تعرّض الادارة للاهتزاز لو انكشفت، وإلا مع عدم معرفته كيف يتسنى له أن ينفذه، وله الامتناع عن التنفيذ فيما لو كان القرار مخالفاً للثوابت الشرعية باعتبار أن شرط الله قبل شرطكم، وأن الله لا يطاع من حيث يعصى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
السؤال الخامس: إذا دار الأمر بين أن يلتزم الإداري أو الموظف المكلف بعمل ما بما وضعته الدائرة من قانون ا والية عمل وبين أن يلجأ لطريقة خاصة من ابتكاره تحقق له نتائج أفضل، فهل يحق له الاعتماد على طريقته والإعراض عن القانون الموضوع من قبل الدائرة، سواءً أمن المحاسبة على تركه هذا أم لم يأمن، مع تحقيقه نتائج أفضل؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
من الواضح أن مصلحة الدائرة في تحقيق نتائج أفضل وعليه ما يبتكره الموظف من طريقة تحقق النتائج الأفضل لا يلاقي اعتراضاً من قبل الدائرة ولا معنى لمنعه من الابتكار بحجة وجود قانون إداري وضعته الدائرة فإن ذلك أمر غير معقول، نعم لو فرض جدلاً وجود صرامة في تطبيق ما وضعته الدائرة من قانون وهو يتعارض أو يمنع الموظف المبدع من إبداعه، كما لو كانت الدائرة حكومية تعيش حالة بيروقراطية قاتلة، فعلى الموظف الالتزام بالقانون لالتزامه هو باحترامه عند تقدمه للتوظف فيها، أو يصار إلى تبديل القانون من قبل الدائرة أو تعديله بما لا يتعارض مع الابتكار المفروض للموظف، لأن المفروض أن الدائرة تعمل لهدف ما والابتكار المفروض يخدم ذلك الهدف إلا إذا كانت الإدارة غير ناشطة ولا فاعلة في الإبداع والتطوير.
السؤال السادس: لو علم الإداري أن احد الموظفين أو المختصين في ضمن دائرته لا يملك الكفاءة والخبرة التي تحقق للدائرة انجاز أعمالها بشكل مقبول وصحيح فهل تترتب عليه تبعات أو ظلامات فيما إذا اخبر الجهات المسؤولة عن هذا الموظف واتخذت إجراءات بنقله أو عزله مما يؤدي إلى الإضرار به وبحاله المادي مع انه لا يملك الكفاءة كما قلنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الإضرار بموظف بدعوى عدم كفاءته في انجاز عمله من مسؤولية الدائرة التي قبلت تعيين هذا الموظف وعليها تطوير أدائه وقدراته بما يجعله ينجز عمله بشكل صحيح ويقول، وأما إخبار الدائرة عن هذا الموظف لتتخذ إجراءات بنقله أو فصله إضرار به وهو غير جائز، كما ورد لا ضرر ولا إضرار، وتقع مسؤولية عدم كفاءته أو تطويرها على الدائرة نفسها وإدارتها.
السؤال السابع: غالباً ما تختار الدوائر الوظيفية العناصر التي تشغل مناصب إدارية على وقف مقياس القِدم أو طول مدة التوظيف لهذا الشخص في هذه الدائرة وتفضله على غيره وإن كان هذا الغير ممن يملك الكفاءة والخبرة في ميدان الإنتاج والتميز فيه، كل ما هنالك انه لا يملك رصيداً كافياً من سنين الخدمة، :كيف تقرأون الآثار المترتبة على ذلك وما هو نظركم؟ وهل أن التقييم بقياس عدد سنين الخدمة أو بالناتج الذي يقدمه الموظف أم بكلاهما؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
المقياس هو النتائج التي يقدمها الموظف، نعم لسنين الخبرة مدخلية في إنتاجه وكفاءته في انجاز عمله وفق الضوابط والمواصفات المطلوبة، وعلى الدائرة الاستفادة من كل الخبرات والعناصر القادرة على تطوير عملها وانجازه بشكله الصحيح وإن لم يكن ممن خدم في الدوائر فترة طويلة، إذ رب خبير يكون كلّاً على دائرته ورب جديد يكون عوناً وظهيراً لدائرته، ويبقى المقياس ما ذكرناه في الجواب الأول ((إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)) القصص26.
السؤال الثامن: كيف تفسرون كلمة (وظيفة) و(موظف) وماذا تعني بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الوظيفة في اللغة على ما يذكره في المنجد هي ما يعيّن من عمل أو طعام ورزق وغير ذلك، وتأتي بمعنى العهد والشرط وقد تستعمل بمعنى المنصب والخدمة.. المنجد مادة وظف.
وعلى هذا فهي تعطي معنى الإجارة حيث يعيّن للرجل عمل معين من قبله ويعيّن له رزق معين، ففي مقابل عمله يعين له مال معين، وهي ملزمة للطرفين فالموظف هو الأجير والوظيفة هي الإجارة، فكأنما عيّن للموظف عمل يؤديه لقاء مبلغ من المال يتقاضاه.
السؤال التاسع: نجد أن اغلب الدوائر والمؤسسات تعمل وفق منهج ونظام وضعي معين، ولا يخفى إن مثل هذه المناهج تحمل الكثير من الثغرات التي تفسح المجال للكثيرين في استغلالها لمصالحهم الشخصية من دون أن يقعوا في إدانة فقرة من فقرات القانون القضائي الوضعي، فهل يجوز لهم التصرف بهذا النحو وإن كان المتصرف مأمون الطلب من القضاء الوضعي؟ أم انه لابد من مراعاة عدم الوقوع بالتقصير في جانب التكليف الشرعي أولاً؟ أرجو الإشارة لهذا الجانب.
بسم الله الرحمن الرحيم:-
لا يخلو أي قانون وضعي من ثغرات لأنه من صنع ووضع البشر غير المحيط بكل ما يدخل في تحقيق هدفه وغايته حينما وضع القانون لأجل تحقيقها، وأما استغلال هذه الثغرات لمصالحهم الخاصة، خلاف عقد التوظيف (الإجارة) الذي يعمل بموجبه الموظف لصالح من وظفه وهو هنا الدائرة، حتى وإن كان الموظف مأمون الطلب، فهو غير جائز وعليه مراعاة عدم التقصير الذي يلزمه به عقد الإجارة.
والواجب الوفاء به طبقاً لقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)) المائدة1، بل يتعين على الموظف تنبيه الدائرة على ما وجده من ثغرات في القانون صوناً للأمانة التي تحملها بتوظفه في الدائرة.
السؤال العاشر: كيف توجهون الإداريين في التعامل مع المعلومات التي ينقلها لهم بعض الموظفين على البعض الآخر سواء كان ذلك نقلاً للحقيقة أم محاولة للإيقاع بهم؟ وما هي نصيحتكم لمثل هؤلاء الموظفين الناقلين؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
على المسؤول أن يستمع إليهم ولكن ليس له أن يرتب أثراً على إخبارهم خصوصاً إذا اخبره المخبَر عنه انه لم يقصر أو لم يقع منه ما نقله الآخرون عنه، لما ورد ما مضمونه فصدقه وكذبهم فيما لو كان ثقة مأموناً عن الكذب.
نعم لو ثبت بالأدلة والقرائن تقصيره في عمله وصحة النقل عنه، فعليه نصحه وإرشاده أولاً إلى تقصيره حفاظاً على مصلحة الدائرة التي التزم المسؤول الحفاظ عليها.
وعلى المخبرين إيقاعاً لزميلهم أن يتقوا الله في الإيقاع به، فإنها جريرة كبيرة وموبقة عظيمة يتحملون تبعاته القانونية وقبلها الشرعي بل والعشائرية أيضاً، وقد وجد في موروثنا الشرعي ما يتضمن (( انه لا يدخل الجنة نمام)).
السؤال الحادي عشر: ما هو حكم الراتب أو العطاء الذي يتقاضاه الموظف مقابل وظيفته عند وجود التقصير في أداء عمله أو عدم التزامه بالدوام المقرر عليه، حتى على فرض اتفاقه مع زملائه في أن يستغلوا مكانه في فترة غيابه دون علم الدولة أو صاحب المشروع؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الموظف ملزم شرعاً بلزوم الوفاء بالعقد وكذا قانوناً، ومعنى إلزامه أن الوقت المخصص للدوام مملوك للجهة المستأجرة (الدائرة) وأي تقصير فيه معناه أن ما يقابله من المال يأخذه بلا مقابل وهو محرم عليه، ومجرد اتفاقه مع زملاءه الملزمين مثله بمملوكية وقتهم ودوامهم للدائرة لا يعفيه عن المسؤولية، بل لا يعفيهم فيما لو حصل تقصير بعملهم من جراء اشتغالهم نيابة عنه.
نعم لو أذن له صاحب المشروع أو المسؤول الحكومي بذلك في نطاق ما جُعل له من صلاحيات جاز ذلك.
السؤال الثاني عشر هل يحق للإداري معاقبة الموظف المقصر بأداء عمله بعقوبة قطع الراتب، وهل يترتب عليه اثر ذلك في حالة:
أ – وجود التقصير واقعاً عند الموظف واستناد العقوبة على قانون موضوع لذلك وفي ضمن الحدود المقررة فيه؟
ب- نفس الفرض مع تجاوز العقوبة حد المقرر لها في القانون الموضوع؟
ج- عدم وجود قانون للعقوبات مع وجود التقصير من قبل الموظف؟
د- عدم وجود التقصير من الموظف بل استند الإداري إلى شهادات غير صحيحة على فرض وجود القانون وعدم وجوده؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
أ- لا اثر يترتب على الإداري فيما لو طبق القانون الوضعي واستحقاق الموظف للعقوبة بسبب تقصيره.
ب- يعتبر ظالماً للموظف في تجاوز حد العقوبة ويضمن ما يترتب من ضمان على هذه الزيادة.
ج- عليه تنبيه الموظف مرة وأخرى وإرشاده إلى انه سيعرض نفسه للعقوبة ثم إذا لم يرتدع الموظف واستمر في تقصيره فله عقوبته ولو من باب ردعه عن التقصير المنكر.
د- نفس الجواب (ب) حيث يعتبر ظالماً له وعليه تحمل تبعات ذلك سواءً وجد القانون أو لم يوجد ما دام الموظف لم يقصر في عمله.
السؤال الثالث عشر: لو اتخذ الإداري قراراً على موظف ما، ولم يكن القرار في محله بل كان مجحفاً وأدى ذلك إلى الإضرار بالموظف فهل يتحمل الإداري تلك الإضرار ولو على المدى البعيد كحرمانه من حق التقاعد وما شابه ذلك أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
نفس الجواب السابق (د).
السؤال الرابع عشر: لو كان الإداري مجحفاً في تعامله مع الموظفين أو سوء إدارته للدائرة ولم يجدوا حلاً إلا بتقديم شكوى عليه لدى السلطات المسؤولة، ولكن شكواهم تدفعه إلى إلحاق الضرر بهم أو حرمانهم من المخصصات أو الوظيفة فما هو الحل بنظركم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
بإمكان الإنسان ومن حقه أن يدفع الظلم عن نفسه أو قد يدفع الإضرار بنفسه وعليه استخدام الطرق المتعارفة والمقبولة مع التدرج فيها من الأخف إلى الأشد، فإذا لم يرتدع إلا بتقديم شكوى ضده فليكن من باب الانحصار وعدم ارتداع المسؤول إلا بذلك، ويوازن بين تداعيات الشكوى من حرمانه وبين منع إجحاف الإداري بحقه، فلو أدت الشكوى إلى ما ذكر من الإضرار به امتنع عنها.
السؤال الخامس عشر: لو أدت سياسة الإداري إلى خسارة مادية للدائرة فهل يجب عليه شرعاً تعويضها من ماله الخاص؟ على فرض مطالبة الدائرة أو عدم مطالبتها بذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم:-
قلنا فيما سبق أن الموظف إدارياً كان أم غيره أجير عند الدائرة، وهو أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وحيث يكون مقصراً أو متعدياً بسياسته فهو ضامن للدائرة وإن لم يكن فلا ضمان إذ قد يكون اتبع منهج الدائرة وسياستها وأدت إلى الخسارة فلا معنى لتحميله مسؤولية ذلك، ولكن تحمله للخسارة يتوقف على مطالبة الدائرة، وأما مع عدم مطالبتها فلا معنى لتحمله التعويض إذ يرجع إلى الإبراء لذمته مما تعلق بها من حق للدائرة، فيما لو كانت هناك صلاحيات أو تعليمات للإدارة في ذلك، كرئيس الدائرة أو رئيس مجلس إدارتها.