ابو فاطمة العذاري
14-12-2010, 01:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كل امة من الأمم وكل شعب وحضارة في تاريخ البشرية إنما تفتخر بعظمائها وصانعي أمجادها ولا يمكن ان تنفصل أي امة عن تاريخها والا قضت على نفسها بالاندثار والسقوط .
ونحن المسلمون يطفح تاريخنا بالعظماء وأولئك الذين سطروا أروع القيم الإنسانية المرتبطة برسالة السماء وليس هؤلاء العظماء من الرجال فقط بل كان للنساء دورا واضحا وعميقا في تاريخ امتنا عبر العصور
ونحن هنا نريد ان نقف عند واحدة من تلك النساء الجليلات التي كان لها الدور الواضح والفاعل في تاريخ الإسلام والتشيع الا وهي السيدة زينب حيث تصادف ذكرى وفاتها في الخامس عشر من شهر رجب .
والكلام عن هذه السيدة الجليلة والعلوية النبيلة واسع وغزير ونحن هنا انما نمر مرورا سريعا على بعض المحطات من حياتها التي لها النفع والعبرة في واقعنا عموما وواقع المراة المسلمة خصوصا
وربما سنترك الاشارة الى اهم محطة في تاريخ السيدة زينب الا وهو دورها في واقعة كربلاء وما بعدها من رحلة السبايا وذلك بسبب ان هناك زوايا اخرى من حياتها مجهولة عن الاعم الاغلب من ابناء المجتمع فانت تلاحظ اننا لا نعرف شيئا عن تاريخ زينب قبل واقعة كربلاء وعن تاريخها بعد رجوع السبايا للمدينة
وعلى العموم فان حديثنا وباختصار سيكون على عدة نقاط
********************
اولا: من المعروف انها هي أول بنت ولدت لفاطمة (صلوات الله عليها) في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة وبعد عام أو أكثر أنجبت السيدة الزهراء ( ع ) بنتاً أخرى هي أم كلثوم والملاحظ انها حفت بالبركات والتاييد الالهي من صباها حتى ان اسمها كان باختيارا الهيا فقد ورد لما ولدت زينب ( ع ) جاءت بها أمها فاطمة ( عليها السلام ) الى أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقالت : سمّ هذه المولودة .فقال : ما كنت لأسبق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكان النبي(ص) في سفر له ، ولما جاء ( صلى الله عليه وآله ) وسأله علي(ع) عن اسمها ، فقال : ما كنت لأسبق ربي ( تعالى ) فهبط جبرئيل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل ، وقال له : سم هذه المولودة زينب فقد اختار الله لها هذا الاسم. ومن المعروف عند علماء اللغة ان معنى اسم زينب هو (الشجرة الطيبة)
اننا نلاحظ ان هناك اعدادا الهيا ونبويا للادوار التي ستؤديها زينب الحوراء (ع) وحجم المسؤلية التي ستقع على عاتقها في المستقبل ومن هنا اشار النبي (ص) الى ما ستلاقيه الحوراء(ع) في مستقبلها من مصائب ومحن فقد روي ايضا بما مضمونه أن زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما ولدت أخبروا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء إلى منزل فاطمة (عليها السلام) وطلب منها ان تحضر له المولودة الجديدة ، فلما أحضرتها أخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضمها إلى صدره الشريف،فبكى وسال الدمع حتى جرى على لحيته الشريفة. فسألته فاطمة (عليها السلام): على هذا البكاء، فاشار(صلى الله عليه وآله وسلم): أن هذه البنت بعدك وبعدي تبتلى ببلايا فادحة، وترد عليها مصائب ورزايا مفجعة. فبكت فاطمة (سلام الله عليها) عند ذلك، ثم قالت: يا أبه! فما ثواب من يبكي عليها وعلى مصائبها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بضعتي ويا قرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها كان ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها،
وكذلك اشار الامام علي الى هذا الجانب فقد وروي انه لما ولدت السيدة زينب (عليها السلام) وكان قد آن توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) نحو البيت، استقبله ولده الإمام الحسين (عليه السلام) يبشر أباه بالمولود الجديد و إن الله تبارك وتعالى قد وهب له أختا، ثم نظر في وجه أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ليرى أثر البشارة عليه، فإذا به يرى عيني أبيه قد اغرورقت بالدموع ثم أخذت حبات الدمع تتقاطر فتأثر الحسين (عليه السلام) بتأثر أبيه وجرت دموعه على خديه وساله عن سبب بكائه فأخذ علي (عليه السلام) يقص عليه ما سيكون من قصة كربلاء وواقعة الطف في يوم عاشوراء: من قتل الرجال وسبي النساء وعلى رأسهم هذه السيدة الوليدة زينب (ع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيا: وكان من ابرز ملامح حياتها التشدد في العفاف الذي عاشته الحوراء (ع) فقد كان مضربا للمثل حدّث يحيى المازني قال : كنت في جوار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في المدينة لمدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت اذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تخرج ليلاً ، والحسن عن يمينها ، والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين أمامها ، فاذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأخمد ضوء القناديل فسأله الحسن مرة عن ذلك ؟ فقال : أخشى أن ينظر أحد الى شخص أختك زينب
ومما نستفيده مما تقدم امرين:
1- الدور المهم للأسرة وخصوصا الأب في الحفاظ على تربية ابنائه وبالذات البنات وضرورة تهيئه الأجواء المناسبة وتوجيه الأولاد والبنات نحو السلوك السليم ومن هنا نجد البون الشاسع بين ما قام به امير المؤمنين في التربية والحفاظ على ابنته الحوراء وبين الكثير من التصرفات المؤسفة التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم من اهمال واضح من حيث عدم متابعة هذا الجيل وخصوصا ما نلاحظة من تقليد كثير من الشباب والشابات لرموز منحرفة من العالم الغربي من ممثلين ومغنيين وغيرهم فالعجيب ان الاب اليوم يرى ان ابنته أوابنه يقلد رموز الضلال في ملبسهم وحركاتهم بل حتى في طريقة تفكيرهم واسلوبهم في الحياة ويغض النظر عن ذلك كانه ليس معنيا به وليس من واجبه الا توفير الطعام والملبس لهم فاين نحن مما كان يفعله امير المؤمنين (ع) من حرص شديد على صون ورعاية اسرته الكريمة
2- اننا وجدنا في موقف الحوراء زينب تعاطيا ايجابيا مع اسلوب ابيها امير المؤمنين في توفير اجواء العفاف والتستر لها على عكس ما نراه اليوم من تذمر يصل الى حد العصيان عند بعض الفتيات تجاه ابائهن او اخوانهن حينما يعمدون الى توجيههن نحو الالتزام بالشريعة السمحاء والحفاظ عليهن من الانزلاق في شباك الانحراف والرذيلة.
فمن هنا ندعو جميع الفتيات والشابات الى ان يكون موقفهن من تعاليم الاباء كموقف الحوراء زينب من تعاليم امير المؤمنين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثا:
ان من ابرز ادوارها هو دورها العلمي والتربوي لنساء الامة فقد كانت تشارك المعصومين في العمل الرسالي والتوعوي فقد كانت في الكثير من الاحيان مرجعا لنقل احكام الاسلام وتعاليم المعصومين للنساء من خلال اللقاء المباشر مع نساء المسلمين و كانت العقيلة زينب تفسر للنساء القرآن الكريم ، وتروي لهنّ أحاديث جدها المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) والمعصومين (ع) ومن هنا نجد على كل امرأة تعتبر السيدة زينب قدوة لها ان تسعى للتعلم والتثقف بل ان يكون لها دورا حقيقيا في العمل السلامي وتوجيه النساء الى تعاليم القران الكريم والمعصومين وان تكون عنصرا فاعلا في اصلاح المجتمع فمن المؤكد ان المراة نصف المجتمع اذا صلحت صلح المجتمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
رابعا:
وكان من المشهور ان لها العديد من الالقاب ومن ابرزها زينب الكبرى، وذلك للتفريق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها بنفس الاسم
كما أنها تلقب بالصديقة الصغرى، للفرق بينها وبين أمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وتلقب بالعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيين ـ والعقيلة هي المرأة الكريمة على قومها العزيزة في بيتها، ولقبت وبالموثقة، والعارفة، والعالمة غير المعلمة، والفهمة غير المفهمة، والفاضلة، والكاملة، وعابدة آل علي، و وليّة الله العظمى الراضية بالقدر والقضاء ، وأمينة الله ، ومحبوبة المصطفى(صلى الله عليه وآله) ، وقرّة عين المرتضى (عليه السلام) ، ونائبة الزهراء (عليها السلام) ، و الزاهدة ، والفاضلة ، والعاقلة ، والكاملة ، والعاملة ، والعابدة ، والمحدّثة ، والمخبرة، وكعبة الرزايا ، والمظلومة ، والوحيدة ،والفصيحة ، والبليغة ، والشجاعة ، وعقيلة خدر الرسالة ، ورضيعة ثدي الولاية ،
ومما سمعنا انها لقبت بعابدة ال علي(ع) فقد عُرفت زينب ( عليها السلام ) بكثرة التهجّد ، فقد روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قوله : ( ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر ) ، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة ، بحيث أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها : ( يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل )
وهذا من تعلقها بالله تعالى وشدة تقواها لله ومن هنا نعلم ان الحوراء تقدم لنا درسا في انه لا فرق بين الرجل والمراة في العبادة وطلب التكامل فهي تقدم مصداقا حقيقيا لقوله تعالى :
(( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ))
فاين نسائنا اليوم من كل ذلك واين هن من الاقتداء الحقيقي بعابدة ال علي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
خامسا : نجد ان هناك خصوصيات لزينب هي نفس خصوصيات فاطمة الزهراء عليها السلام منها :
1- الولاية والقدرة التكوينية حيث إشارت بيدها إلى الناس وهي في الكوفة قبل ان تخطب فارتدَّت الأنفاس وسكنت الأجراس وهذا يدل على ولايتها التكوينية عل الاخرين.
2- العلم اللدني فقد قال عنها الإمام زين العابدين عليه السلام انها كانت "عالمة غير معلمة" وقد ظهر من ذلك العلم في خطبتيها العظيمتين في الكوفة والشام والجدير بالذكر أن الزهراء عليها السلام أخذت ابنتها زينب إلى المسجد وخطبت الخطبة الفدكية و كانت زينب عليها السلام آن ذاك صغيرة السن لم تتجاوز السادسة ، و استطاعت أن تحفظ الخطبة بأكملها وتنقلها إلى الآخرين حتى تصل إلينا
فسلام عليك يا ام المصائب زينب يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية شفيعة لشيعة ابيك امير المؤمنين وزوار اخيك ابي عبد الله الحسين
والحمد لله رب العالمين
أبو فاطمة العذاري
كل امة من الأمم وكل شعب وحضارة في تاريخ البشرية إنما تفتخر بعظمائها وصانعي أمجادها ولا يمكن ان تنفصل أي امة عن تاريخها والا قضت على نفسها بالاندثار والسقوط .
ونحن المسلمون يطفح تاريخنا بالعظماء وأولئك الذين سطروا أروع القيم الإنسانية المرتبطة برسالة السماء وليس هؤلاء العظماء من الرجال فقط بل كان للنساء دورا واضحا وعميقا في تاريخ امتنا عبر العصور
ونحن هنا نريد ان نقف عند واحدة من تلك النساء الجليلات التي كان لها الدور الواضح والفاعل في تاريخ الإسلام والتشيع الا وهي السيدة زينب حيث تصادف ذكرى وفاتها في الخامس عشر من شهر رجب .
والكلام عن هذه السيدة الجليلة والعلوية النبيلة واسع وغزير ونحن هنا انما نمر مرورا سريعا على بعض المحطات من حياتها التي لها النفع والعبرة في واقعنا عموما وواقع المراة المسلمة خصوصا
وربما سنترك الاشارة الى اهم محطة في تاريخ السيدة زينب الا وهو دورها في واقعة كربلاء وما بعدها من رحلة السبايا وذلك بسبب ان هناك زوايا اخرى من حياتها مجهولة عن الاعم الاغلب من ابناء المجتمع فانت تلاحظ اننا لا نعرف شيئا عن تاريخ زينب قبل واقعة كربلاء وعن تاريخها بعد رجوع السبايا للمدينة
وعلى العموم فان حديثنا وباختصار سيكون على عدة نقاط
********************
اولا: من المعروف انها هي أول بنت ولدت لفاطمة (صلوات الله عليها) في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة وبعد عام أو أكثر أنجبت السيدة الزهراء ( ع ) بنتاً أخرى هي أم كلثوم والملاحظ انها حفت بالبركات والتاييد الالهي من صباها حتى ان اسمها كان باختيارا الهيا فقد ورد لما ولدت زينب ( ع ) جاءت بها أمها فاطمة ( عليها السلام ) الى أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقالت : سمّ هذه المولودة .فقال : ما كنت لأسبق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكان النبي(ص) في سفر له ، ولما جاء ( صلى الله عليه وآله ) وسأله علي(ع) عن اسمها ، فقال : ما كنت لأسبق ربي ( تعالى ) فهبط جبرئيل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل ، وقال له : سم هذه المولودة زينب فقد اختار الله لها هذا الاسم. ومن المعروف عند علماء اللغة ان معنى اسم زينب هو (الشجرة الطيبة)
اننا نلاحظ ان هناك اعدادا الهيا ونبويا للادوار التي ستؤديها زينب الحوراء (ع) وحجم المسؤلية التي ستقع على عاتقها في المستقبل ومن هنا اشار النبي (ص) الى ما ستلاقيه الحوراء(ع) في مستقبلها من مصائب ومحن فقد روي ايضا بما مضمونه أن زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما ولدت أخبروا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء إلى منزل فاطمة (عليها السلام) وطلب منها ان تحضر له المولودة الجديدة ، فلما أحضرتها أخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضمها إلى صدره الشريف،فبكى وسال الدمع حتى جرى على لحيته الشريفة. فسألته فاطمة (عليها السلام): على هذا البكاء، فاشار(صلى الله عليه وآله وسلم): أن هذه البنت بعدك وبعدي تبتلى ببلايا فادحة، وترد عليها مصائب ورزايا مفجعة. فبكت فاطمة (سلام الله عليها) عند ذلك، ثم قالت: يا أبه! فما ثواب من يبكي عليها وعلى مصائبها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بضعتي ويا قرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها كان ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها،
وكذلك اشار الامام علي الى هذا الجانب فقد وروي انه لما ولدت السيدة زينب (عليها السلام) وكان قد آن توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) نحو البيت، استقبله ولده الإمام الحسين (عليه السلام) يبشر أباه بالمولود الجديد و إن الله تبارك وتعالى قد وهب له أختا، ثم نظر في وجه أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ليرى أثر البشارة عليه، فإذا به يرى عيني أبيه قد اغرورقت بالدموع ثم أخذت حبات الدمع تتقاطر فتأثر الحسين (عليه السلام) بتأثر أبيه وجرت دموعه على خديه وساله عن سبب بكائه فأخذ علي (عليه السلام) يقص عليه ما سيكون من قصة كربلاء وواقعة الطف في يوم عاشوراء: من قتل الرجال وسبي النساء وعلى رأسهم هذه السيدة الوليدة زينب (ع)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيا: وكان من ابرز ملامح حياتها التشدد في العفاف الذي عاشته الحوراء (ع) فقد كان مضربا للمثل حدّث يحيى المازني قال : كنت في جوار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في المدينة لمدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت اذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تخرج ليلاً ، والحسن عن يمينها ، والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين أمامها ، فاذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأخمد ضوء القناديل فسأله الحسن مرة عن ذلك ؟ فقال : أخشى أن ينظر أحد الى شخص أختك زينب
ومما نستفيده مما تقدم امرين:
1- الدور المهم للأسرة وخصوصا الأب في الحفاظ على تربية ابنائه وبالذات البنات وضرورة تهيئه الأجواء المناسبة وتوجيه الأولاد والبنات نحو السلوك السليم ومن هنا نجد البون الشاسع بين ما قام به امير المؤمنين في التربية والحفاظ على ابنته الحوراء وبين الكثير من التصرفات المؤسفة التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم من اهمال واضح من حيث عدم متابعة هذا الجيل وخصوصا ما نلاحظة من تقليد كثير من الشباب والشابات لرموز منحرفة من العالم الغربي من ممثلين ومغنيين وغيرهم فالعجيب ان الاب اليوم يرى ان ابنته أوابنه يقلد رموز الضلال في ملبسهم وحركاتهم بل حتى في طريقة تفكيرهم واسلوبهم في الحياة ويغض النظر عن ذلك كانه ليس معنيا به وليس من واجبه الا توفير الطعام والملبس لهم فاين نحن مما كان يفعله امير المؤمنين (ع) من حرص شديد على صون ورعاية اسرته الكريمة
2- اننا وجدنا في موقف الحوراء زينب تعاطيا ايجابيا مع اسلوب ابيها امير المؤمنين في توفير اجواء العفاف والتستر لها على عكس ما نراه اليوم من تذمر يصل الى حد العصيان عند بعض الفتيات تجاه ابائهن او اخوانهن حينما يعمدون الى توجيههن نحو الالتزام بالشريعة السمحاء والحفاظ عليهن من الانزلاق في شباك الانحراف والرذيلة.
فمن هنا ندعو جميع الفتيات والشابات الى ان يكون موقفهن من تعاليم الاباء كموقف الحوراء زينب من تعاليم امير المؤمنين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثا:
ان من ابرز ادوارها هو دورها العلمي والتربوي لنساء الامة فقد كانت تشارك المعصومين في العمل الرسالي والتوعوي فقد كانت في الكثير من الاحيان مرجعا لنقل احكام الاسلام وتعاليم المعصومين للنساء من خلال اللقاء المباشر مع نساء المسلمين و كانت العقيلة زينب تفسر للنساء القرآن الكريم ، وتروي لهنّ أحاديث جدها المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) والمعصومين (ع) ومن هنا نجد على كل امرأة تعتبر السيدة زينب قدوة لها ان تسعى للتعلم والتثقف بل ان يكون لها دورا حقيقيا في العمل السلامي وتوجيه النساء الى تعاليم القران الكريم والمعصومين وان تكون عنصرا فاعلا في اصلاح المجتمع فمن المؤكد ان المراة نصف المجتمع اذا صلحت صلح المجتمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
رابعا:
وكان من المشهور ان لها العديد من الالقاب ومن ابرزها زينب الكبرى، وذلك للتفريق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها بنفس الاسم
كما أنها تلقب بالصديقة الصغرى، للفرق بينها وبين أمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وتلقب بالعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيين ـ والعقيلة هي المرأة الكريمة على قومها العزيزة في بيتها، ولقبت وبالموثقة، والعارفة، والعالمة غير المعلمة، والفهمة غير المفهمة، والفاضلة، والكاملة، وعابدة آل علي، و وليّة الله العظمى الراضية بالقدر والقضاء ، وأمينة الله ، ومحبوبة المصطفى(صلى الله عليه وآله) ، وقرّة عين المرتضى (عليه السلام) ، ونائبة الزهراء (عليها السلام) ، و الزاهدة ، والفاضلة ، والعاقلة ، والكاملة ، والعاملة ، والعابدة ، والمحدّثة ، والمخبرة، وكعبة الرزايا ، والمظلومة ، والوحيدة ،والفصيحة ، والبليغة ، والشجاعة ، وعقيلة خدر الرسالة ، ورضيعة ثدي الولاية ،
ومما سمعنا انها لقبت بعابدة ال علي(ع) فقد عُرفت زينب ( عليها السلام ) بكثرة التهجّد ، فقد روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قوله : ( ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر ) ، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة ، بحيث أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها : ( يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل )
وهذا من تعلقها بالله تعالى وشدة تقواها لله ومن هنا نعلم ان الحوراء تقدم لنا درسا في انه لا فرق بين الرجل والمراة في العبادة وطلب التكامل فهي تقدم مصداقا حقيقيا لقوله تعالى :
(( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ))
فاين نسائنا اليوم من كل ذلك واين هن من الاقتداء الحقيقي بعابدة ال علي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
خامسا : نجد ان هناك خصوصيات لزينب هي نفس خصوصيات فاطمة الزهراء عليها السلام منها :
1- الولاية والقدرة التكوينية حيث إشارت بيدها إلى الناس وهي في الكوفة قبل ان تخطب فارتدَّت الأنفاس وسكنت الأجراس وهذا يدل على ولايتها التكوينية عل الاخرين.
2- العلم اللدني فقد قال عنها الإمام زين العابدين عليه السلام انها كانت "عالمة غير معلمة" وقد ظهر من ذلك العلم في خطبتيها العظيمتين في الكوفة والشام والجدير بالذكر أن الزهراء عليها السلام أخذت ابنتها زينب إلى المسجد وخطبت الخطبة الفدكية و كانت زينب عليها السلام آن ذاك صغيرة السن لم تتجاوز السادسة ، و استطاعت أن تحفظ الخطبة بأكملها وتنقلها إلى الآخرين حتى تصل إلينا
فسلام عليك يا ام المصائب زينب يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية شفيعة لشيعة ابيك امير المؤمنين وزوار اخيك ابي عبد الله الحسين
والحمد لله رب العالمين
أبو فاطمة العذاري