الأصولي
31-12-2010, 08:42 PM
بعد رحيل الهالك عيسى بن سلمان آل خليفة وتسلم نجله حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم بالوراثة في سنة 1999 ، بدأ الأخير في أواخر سنة 2000 بالسير على سلف آبائه في خداع هذا الشعب فقام بالعزف على الوتر العاطفي باطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء السياسيين والسماح بعودة جميع المنفيين السياسيين والغاء قانون أمن الدولة السيء الصيت.
ثم ماذا؟
أعلن عن اجراء استفتاء شعبي على رسم ميثاق العمل الوطني الجديد في 14 و15 فبراير 2001 وبموجبه سيجري تعديل الدستور، وقدّم المذكور وعودًا كاذبة لقيادات المعارضة السياسية بأن مجلس الشورى المعيّن من قبله سيكون استشاري فقط ، واستمر في الدجل باطلاق خطاباته التصالحية مع قوى المعارضة المتمثل نفوذها في القرى الشيعية ، فقام بعد ذلك بزيارات لمعاقل رموز المعارضة واستقبل حينها في قراهم استقبال الأبطال – وكأنه قد حرر فلسطين – وسمح حينها بتشكل الجمعيات السياسية بشرط تسجيلها لدى الحكومة رسميا.
وبدأت اللعبة:
بعد الاستفادة من بساطة الشعب والتفافه حول الأمير الجديد لأجل الاستفتاء على الخطوات التصالحية والميثاق الوطني إلى جانب السمعة الدولية والانفراج الداخلي للأوضاع باغت الأمير الجديد قوى المعارضة عند قرب الذكرى الأولى على إقرار الميثاق بنيته إصدار دستور جديد – يعدّل فيه حسب رغبته ومصالحه – في يوم 14 فبراير 2002 مع تنصيب نفسه ملكـًا على البحرين التي لا تتجاوز مساحتها 600 كيلو متر حسب احصاءات ذلك الزمان ، وعلى أي حال نتيجة الدستور الجديد هي اصدار مؤسسات تابعة لسيطرة سلطة "الملك" التنفيذية وتلبس هذه المؤسسات ثوب الديموقراطية وبموجبها يجري اصدار قوانين مقيّدة للحريات ، ولتضرب المعارضة أخماسها بأسداسها وتذهب إلى دوامة الجحيم.
الاختلاف يساهم في سير اللعبة:
انقسمت المعارضة وتشرذمت بين المشاركة في هذه المؤسسات وبين مقاطعتها وانخرط القسم المشارك في استراتيجية البحث عن المنافع موهمًا نفسه بإمكانية التأثير أو التعديل في هذا المسار المنحرف بالانخراط فيه من الداخل.
ومشى النظام الديمقراطي (الشكلي) وتيارات المعارضة تسعى إلى استعادة امتيازات النظام القديم ، بينما يسعى النظام الجديد شيئا فشيئا إلى تحجيم دور الجمعيات السياسية والاستفادة من التعديل (الخبيث) للدستور بتكوين سلطة تشريعية لا تعكس التمثيل الشعبي فجرى اصدار مرسوم التجنيس السياسي الواسع ورسم الدوائر الانتخابية على هوى السلطة واستمر العجز عن التصدي للمستولين على السواحل وقـُرِّر حماية الجلادين ومسؤولي التعذيب ورُفِض تعويض المتضررين من النظام السابق من المنفيين والسجناء السياسيين و عائلات الشهداء وكذلك ضحايا التعذيب.
واستمرت المهزلة بسماح الحكم بل دفعه للعسكريين للتصويت في الانتخابات النيابية دون البلدية ، وتسهيل الحكومة تصويت المجنسين المقيمين في السعودية وغيرها بانشاء مركز اقتراع على الجسر الذي يربط البلدين ، وقاطع التصويت لانتخابات المجلس النيابي الأول (2002) ما نسبته 47 % من مجموع الناخبين حسب إحصاءات السلطة.
الدوران في الدائرة المغلقة:
صار الشغل الشاغل للجمعيات السياسية المعارضة هو رفض دستور 2002 وتدشين عريضة شعبية لرفعها إلى (الملك) وعقد الندوات للحمل على الدستور الجديد في نشراتهم داخل البحرين وخارجها ، بينما شاركت جمعيتا المنبر التقدمي والوسط في انتخابات 2002 رغم رواج التصريح الصريح لوزير دولة النظام المدعو محمد المطوع بأن دور هذه الجمعيات المعارضة هو الإنشغال بالسياسة لا الإشتغال بالسياسة.
واعتقل النظام بدءًا من 30 أبريل 2004 عشرين مواطنا كانوا يجمعون العريضة الشعبية التي سترفع للملك ، فتوترت الأجواء مجددًا وكتبت الجمعيات السياسية رسالة إلى (الملك) يحملها وفد منهم تطالبه فيها باطلاق سراح المعتقلين ، فتكرم باطلاق سراحهم وفوّض إليهم وزير العمل مجيد العلوي للحوار مع الجمعيات المعارضة في مفاوضات لا تصل إلى نتيجة.
وعادت حليمة لعادتها القديمة:
في مارس 2005 عادت المعارضة إلى جمع تواقيع على عريضة شعبية ضد (دستور 2002) ووقـّع عليها حوالي 30000 مواطن وارسلت إلى الديوان الملكي الذي رفض بدوره استلامها.
فانقسم ما تبقى من أهل المعارضة على المهزلة الجديدة إلى قسمين:
• القسم الأول: قسم يدعو إلى عدم اتاحة المجال بالكامل للدولة في الإشراف على العملية الديمقراطية الشكلية والدخول في مؤسسات المجتمع المدني لمحاولة ضبط وتقويم متطلبات العمل الديمقراطي (الشكلي).
• القسم الثاني: قسم يدعو إلى رفض هذه المهزلة السياسية بممارسة دوره في جمعيات رسمية وغير رسمية ومتابعة التنسيق مع المنظمات غير الحكومية.
واصحاب الرأي الثاني يدعون إلى انتقال الحكم من مفهوم شخصي أو ذاتي متصل بالملك إلى مفهوم مجرد أساسه القاعدة والمؤسسة القانونية كما يدعون إلى انتقال الحكم المطلق أو الحكم بهذا الدستور الجديد الذي يضيّق على الحقوق والحريات ويطلق يد الملك لتطال كل شيء إلى حكم تخضع فيه كافة السلطات لبنية قانونية ذاتية تمتد من الدستور إلى باقي مبادئ وقواعد القانون الطبيعي ، وتتقيد بها.
وذلك من خلال الفصل بين السلطات (لاجبار الحكم على الاعتدال والتوازن ومنعه من الانحراف والوقاية من إساءة استعمال السلطة) ، إلى جانب ضمان استقلال القضاء والاقرار بالرقابة القضائية (كيلا يفلت أي أحد كان من شخصيات الدولة أو سلطاتها أو أجهزتها من رقابة السلطة القضائية المستقلة) ، وعليه يخضع الحاكم والمحكوم للقانون الموضوع بطريقة ديموقراطية فلا يحميه أصله أو فصله أو انتماءه الأسري عن المسائلة القانونية ، ويرون أن المشكلة ليست في وجود نظام ملكي أو جمهوري وراثي بل في أن يضفي دستور غير ديمقراطي صاغه الأمير أو الملك أو الرئيس على مقاسه فيرى نفسه الحق الإلهي فيختزل بدستوره هذا التعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية دون السماح بإبداء الرأي في نظامه الملكي أو الجمهوري الوراثي والتعليق عليه... فيجري استفتاءاته وانتخاباته في ظل التضييق على الحريات بما يمكّنه من تزكية مشاريعه أو مقترحاته فله الأولوية في التشريع والأمر بتنفيذ التشريعات الأساسية بينما الحكومة والبرلمان هما مجرد هيكلين صوريين فيكون هو القاضي في قضايا الرأي ضد المحكومين.
اختصارا يرى أصحاب القسم الثاني أن المشكلة ليست في وجود نظام ملكي أو جمهوري وراثي ، بل هي تتركز في أن أخطر السلطات في يد الأمير أو الملك أو الرئيس ويمنع الناس من قول ما مفاده: لقد اخطأت يا مولانا الأمير ، أو لقد جاوزت الحدود يا صاحب الجلالة ، أو لقد بلغت أقصى درجات تشجيع الفساد يا صاحب الفخامة.
فالنظام الحاكم ليس إلا نظام ديكتاتوري يعتمد على اصدار العفو العام لصالح الخارجين عن طاعته – إن لزم الأمر ذلك – إذ يدرك بين الفينة والأخرى وجود خطأ في سنده القانوني ولكنه بدلاً من أن يجتث الخطأ من جذوره أو يعمل على إصلاحه يواصل ممارسة سياسة شد شعرة معاوية إزاء تداعياته وإزاء ردود خصومه.
الخلاصة:
الواقع هو لا مكتسبات تحققت من وصول الأمير الجديد أو الملك الجديد كما سمّى نفسه، بل العكس فقد جرى في عهده انشاء برلمان تابع للسلطة التنفيذية يغدق العطايا على أعضاءه ويمنحهم المصالح ، كما ازدادت في عهده الانقسامات الاجتماعية وتعمقت من خلال هذا المجلس الذي صار عبئا وعائقا أمام التطور والنمو الاقتصادي ومدمرا للنظم والأجهزة الإدارية بسبب تشجيع السلطة على تدخل النواب في الشؤون الإدارية البحتة بالصمت والموافقة مما جعل المسؤولين الإداريين تحت ضغط يومي متواصل بشكل يعيق أداء واجباتهم الوظيفية، واصطف هذا المجلس النيابي جنبا إلى جنب مع مجلس الشورى المعيّن من قبل الملك في كونه عالة على المجتمع الذي لا ينتفع منه شيئا.
هذا إلى جانب أن هذا البرلمان (الشكلي) يفتقد العدالة والمساواة في توزيع دوائره الانتخابية باعطاءه 6 دوائر للمحافظة الجنوبية التي لا تمثل 5% من السكان على حساب المحافظة الشمالية التي تمثل أكثر من 30% من السكان ولها 9 دوائر فقط! ، مما يعني التمييز بين المواطنين وبالنتيجة اصبح لدينا مجلس نيابي شغله الشاغل هو خلق الأزمات الطائفية بين الحين والآخر على حساب الملفات الحساسة التي تهم المواطنين.
وبالتالي هيمنت الحكومة على السلطة التشريعية ومقدرات الوطن والمواطنين، بل ونجحت السلطة التنفيذية في تضليل الرأي العام العالمي – وليس المحلي – بوجود عملية ديموقراطية حقيقية في البحرين من خلال المظاهر الديموقراطية فقط بينما الجوهر لا يمت إلى واقع الديموقراطية بصلة.
اختصارا ، أن البرلمان البحريني ليس فقط من معوقات بناء وطن الديموقراطية والحرية والكرامة وتحقيق الشراكة فحسب ، بل هو داعم رئيسي للاستبداد وغطاء لفساد السلطة.
ثم ماذا؟
أعلن عن اجراء استفتاء شعبي على رسم ميثاق العمل الوطني الجديد في 14 و15 فبراير 2001 وبموجبه سيجري تعديل الدستور، وقدّم المذكور وعودًا كاذبة لقيادات المعارضة السياسية بأن مجلس الشورى المعيّن من قبله سيكون استشاري فقط ، واستمر في الدجل باطلاق خطاباته التصالحية مع قوى المعارضة المتمثل نفوذها في القرى الشيعية ، فقام بعد ذلك بزيارات لمعاقل رموز المعارضة واستقبل حينها في قراهم استقبال الأبطال – وكأنه قد حرر فلسطين – وسمح حينها بتشكل الجمعيات السياسية بشرط تسجيلها لدى الحكومة رسميا.
وبدأت اللعبة:
بعد الاستفادة من بساطة الشعب والتفافه حول الأمير الجديد لأجل الاستفتاء على الخطوات التصالحية والميثاق الوطني إلى جانب السمعة الدولية والانفراج الداخلي للأوضاع باغت الأمير الجديد قوى المعارضة عند قرب الذكرى الأولى على إقرار الميثاق بنيته إصدار دستور جديد – يعدّل فيه حسب رغبته ومصالحه – في يوم 14 فبراير 2002 مع تنصيب نفسه ملكـًا على البحرين التي لا تتجاوز مساحتها 600 كيلو متر حسب احصاءات ذلك الزمان ، وعلى أي حال نتيجة الدستور الجديد هي اصدار مؤسسات تابعة لسيطرة سلطة "الملك" التنفيذية وتلبس هذه المؤسسات ثوب الديموقراطية وبموجبها يجري اصدار قوانين مقيّدة للحريات ، ولتضرب المعارضة أخماسها بأسداسها وتذهب إلى دوامة الجحيم.
الاختلاف يساهم في سير اللعبة:
انقسمت المعارضة وتشرذمت بين المشاركة في هذه المؤسسات وبين مقاطعتها وانخرط القسم المشارك في استراتيجية البحث عن المنافع موهمًا نفسه بإمكانية التأثير أو التعديل في هذا المسار المنحرف بالانخراط فيه من الداخل.
ومشى النظام الديمقراطي (الشكلي) وتيارات المعارضة تسعى إلى استعادة امتيازات النظام القديم ، بينما يسعى النظام الجديد شيئا فشيئا إلى تحجيم دور الجمعيات السياسية والاستفادة من التعديل (الخبيث) للدستور بتكوين سلطة تشريعية لا تعكس التمثيل الشعبي فجرى اصدار مرسوم التجنيس السياسي الواسع ورسم الدوائر الانتخابية على هوى السلطة واستمر العجز عن التصدي للمستولين على السواحل وقـُرِّر حماية الجلادين ومسؤولي التعذيب ورُفِض تعويض المتضررين من النظام السابق من المنفيين والسجناء السياسيين و عائلات الشهداء وكذلك ضحايا التعذيب.
واستمرت المهزلة بسماح الحكم بل دفعه للعسكريين للتصويت في الانتخابات النيابية دون البلدية ، وتسهيل الحكومة تصويت المجنسين المقيمين في السعودية وغيرها بانشاء مركز اقتراع على الجسر الذي يربط البلدين ، وقاطع التصويت لانتخابات المجلس النيابي الأول (2002) ما نسبته 47 % من مجموع الناخبين حسب إحصاءات السلطة.
الدوران في الدائرة المغلقة:
صار الشغل الشاغل للجمعيات السياسية المعارضة هو رفض دستور 2002 وتدشين عريضة شعبية لرفعها إلى (الملك) وعقد الندوات للحمل على الدستور الجديد في نشراتهم داخل البحرين وخارجها ، بينما شاركت جمعيتا المنبر التقدمي والوسط في انتخابات 2002 رغم رواج التصريح الصريح لوزير دولة النظام المدعو محمد المطوع بأن دور هذه الجمعيات المعارضة هو الإنشغال بالسياسة لا الإشتغال بالسياسة.
واعتقل النظام بدءًا من 30 أبريل 2004 عشرين مواطنا كانوا يجمعون العريضة الشعبية التي سترفع للملك ، فتوترت الأجواء مجددًا وكتبت الجمعيات السياسية رسالة إلى (الملك) يحملها وفد منهم تطالبه فيها باطلاق سراح المعتقلين ، فتكرم باطلاق سراحهم وفوّض إليهم وزير العمل مجيد العلوي للحوار مع الجمعيات المعارضة في مفاوضات لا تصل إلى نتيجة.
وعادت حليمة لعادتها القديمة:
في مارس 2005 عادت المعارضة إلى جمع تواقيع على عريضة شعبية ضد (دستور 2002) ووقـّع عليها حوالي 30000 مواطن وارسلت إلى الديوان الملكي الذي رفض بدوره استلامها.
فانقسم ما تبقى من أهل المعارضة على المهزلة الجديدة إلى قسمين:
• القسم الأول: قسم يدعو إلى عدم اتاحة المجال بالكامل للدولة في الإشراف على العملية الديمقراطية الشكلية والدخول في مؤسسات المجتمع المدني لمحاولة ضبط وتقويم متطلبات العمل الديمقراطي (الشكلي).
• القسم الثاني: قسم يدعو إلى رفض هذه المهزلة السياسية بممارسة دوره في جمعيات رسمية وغير رسمية ومتابعة التنسيق مع المنظمات غير الحكومية.
واصحاب الرأي الثاني يدعون إلى انتقال الحكم من مفهوم شخصي أو ذاتي متصل بالملك إلى مفهوم مجرد أساسه القاعدة والمؤسسة القانونية كما يدعون إلى انتقال الحكم المطلق أو الحكم بهذا الدستور الجديد الذي يضيّق على الحقوق والحريات ويطلق يد الملك لتطال كل شيء إلى حكم تخضع فيه كافة السلطات لبنية قانونية ذاتية تمتد من الدستور إلى باقي مبادئ وقواعد القانون الطبيعي ، وتتقيد بها.
وذلك من خلال الفصل بين السلطات (لاجبار الحكم على الاعتدال والتوازن ومنعه من الانحراف والوقاية من إساءة استعمال السلطة) ، إلى جانب ضمان استقلال القضاء والاقرار بالرقابة القضائية (كيلا يفلت أي أحد كان من شخصيات الدولة أو سلطاتها أو أجهزتها من رقابة السلطة القضائية المستقلة) ، وعليه يخضع الحاكم والمحكوم للقانون الموضوع بطريقة ديموقراطية فلا يحميه أصله أو فصله أو انتماءه الأسري عن المسائلة القانونية ، ويرون أن المشكلة ليست في وجود نظام ملكي أو جمهوري وراثي بل في أن يضفي دستور غير ديمقراطي صاغه الأمير أو الملك أو الرئيس على مقاسه فيرى نفسه الحق الإلهي فيختزل بدستوره هذا التعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية دون السماح بإبداء الرأي في نظامه الملكي أو الجمهوري الوراثي والتعليق عليه... فيجري استفتاءاته وانتخاباته في ظل التضييق على الحريات بما يمكّنه من تزكية مشاريعه أو مقترحاته فله الأولوية في التشريع والأمر بتنفيذ التشريعات الأساسية بينما الحكومة والبرلمان هما مجرد هيكلين صوريين فيكون هو القاضي في قضايا الرأي ضد المحكومين.
اختصارا يرى أصحاب القسم الثاني أن المشكلة ليست في وجود نظام ملكي أو جمهوري وراثي ، بل هي تتركز في أن أخطر السلطات في يد الأمير أو الملك أو الرئيس ويمنع الناس من قول ما مفاده: لقد اخطأت يا مولانا الأمير ، أو لقد جاوزت الحدود يا صاحب الجلالة ، أو لقد بلغت أقصى درجات تشجيع الفساد يا صاحب الفخامة.
فالنظام الحاكم ليس إلا نظام ديكتاتوري يعتمد على اصدار العفو العام لصالح الخارجين عن طاعته – إن لزم الأمر ذلك – إذ يدرك بين الفينة والأخرى وجود خطأ في سنده القانوني ولكنه بدلاً من أن يجتث الخطأ من جذوره أو يعمل على إصلاحه يواصل ممارسة سياسة شد شعرة معاوية إزاء تداعياته وإزاء ردود خصومه.
الخلاصة:
الواقع هو لا مكتسبات تحققت من وصول الأمير الجديد أو الملك الجديد كما سمّى نفسه، بل العكس فقد جرى في عهده انشاء برلمان تابع للسلطة التنفيذية يغدق العطايا على أعضاءه ويمنحهم المصالح ، كما ازدادت في عهده الانقسامات الاجتماعية وتعمقت من خلال هذا المجلس الذي صار عبئا وعائقا أمام التطور والنمو الاقتصادي ومدمرا للنظم والأجهزة الإدارية بسبب تشجيع السلطة على تدخل النواب في الشؤون الإدارية البحتة بالصمت والموافقة مما جعل المسؤولين الإداريين تحت ضغط يومي متواصل بشكل يعيق أداء واجباتهم الوظيفية، واصطف هذا المجلس النيابي جنبا إلى جنب مع مجلس الشورى المعيّن من قبل الملك في كونه عالة على المجتمع الذي لا ينتفع منه شيئا.
هذا إلى جانب أن هذا البرلمان (الشكلي) يفتقد العدالة والمساواة في توزيع دوائره الانتخابية باعطاءه 6 دوائر للمحافظة الجنوبية التي لا تمثل 5% من السكان على حساب المحافظة الشمالية التي تمثل أكثر من 30% من السكان ولها 9 دوائر فقط! ، مما يعني التمييز بين المواطنين وبالنتيجة اصبح لدينا مجلس نيابي شغله الشاغل هو خلق الأزمات الطائفية بين الحين والآخر على حساب الملفات الحساسة التي تهم المواطنين.
وبالتالي هيمنت الحكومة على السلطة التشريعية ومقدرات الوطن والمواطنين، بل ونجحت السلطة التنفيذية في تضليل الرأي العام العالمي – وليس المحلي – بوجود عملية ديموقراطية حقيقية في البحرين من خلال المظاهر الديموقراطية فقط بينما الجوهر لا يمت إلى واقع الديموقراطية بصلة.
اختصارا ، أن البرلمان البحريني ليس فقط من معوقات بناء وطن الديموقراطية والحرية والكرامة وتحقيق الشراكة فحسب ، بل هو داعم رئيسي للاستبداد وغطاء لفساد السلطة.