صبر الحوراء
02-01-2011, 02:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاحاً لذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّد الْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُود
ِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لـ الشيخ عبد الله إبراهيم الصالح
الصورة الأولى..
عاد الإمام الحسين ع إلى المخيم منحني الظهر وإذ زينب ع تستقبله بطفل تحمله قائلةً: أخي هذا الطفل قد جفَّ حليب أمه، فاذهب به إلى القوم علّهم يسقوه قليلاً من الماء.
خرج الإمام الحسين ع إليهم وكان من عادته إذا خرج إلى الحرب ركب ذا الجناح، وإذا توجه إلى الخطاب كان يركب الناقة، وهذه المرة خرج راجلاً يحمل شيئاً يظلله من حرارة الشمس، فصاح: أيها الناس.
فاشرأبت الأعناق نحوه فقال: إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟!
فاختلف القوم بينهم: منهم من قال لا تسقوه، ومنهم من قال اسقوه، ومنهم من قال لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية.
عندها التفت عمر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي وقال: يا حرملة اقطع نزاع القوم.
يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فسددت السهم في كبد القوس وصرت أنتظر أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنها إبريق فضة، عندها رميته بالسهم.
كان الطفل مغمىً عليه من شدة الظمأ ولكن عندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، رفع الطفل يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح.
الصورة الثانية..
عندما خرج الحسين ع إلى المعركة وإذا طفلة من بنات عقيل تسمى فاطمة ترتعش أمامه، فأركبها على فرسه وقال لها: بنية ما بك؟
قالت: العطش قد قتلني يا عم، فخذني إلى العلقمي واسقني ماء.
فقال: بنية أنا ذاهب لهم وأخبرهم بعطشك.
قالت: يا عم ذلك يطول، لكن احملني معك إلى أبي وعمومتي.
فقال: بنية إذا حملتك فمن الذي يردك.
فصاحت زينب: بنية فاطمة أحرقت قلوبنا.
الصورة الثالثة..
أراد أن يحمل على القوم وإذا بنداء من خلفه: أبه حسين قف لي هنيهة..
وإذا بابنته فاطمة تقول: أبه إنزل من جوادك وضعني في حجرك واصنع بي ما تصنع باليتامى.
فبكى الحسين وضمها إلى صدره.
الصورة الرابعة..
يقول حميد بن مسلم: بعد مقتل الحسين ع وبينما أنا واقف وإذا بطفلة من أطفال الحسين ترتعش كالسعفة فقلت لها: علوية ما بك؟!
قالت: العطش يكاد يقتلني.
يقول حميد بن مسلم فأخذتها إلى العلقمي وأعطيتها ماءا، وإذا بها تجهش بالبكاء، فقلت لها: علوية اشربي.
قالت: كيف أشرب الماء والحسين قتل عطشاناً.
الصورة الخامسة..
ليلة الحادى عشر ليلة لا تنسَ، عظيمة وصعبة في آنٍ واحد على أهل البيت ، حيث بنات الرسالة ذعرات مذهولات، فهذه زينب ع افتقدت إحدى بنات الحسين ع ، في منتصف الليل خرجت تبحث عنها، وهي شابكة أصابعها على رأسها وتنادي: بنية أنا عمتك، لا بأس عليك، حتى دنت من أرض المعركة وهي على هذه الحالة، وإذا تراها عند جسد أبيها وهي تنادي: أبه من الذي قطع الرأس الشريف، أبه من الذي خضب الشيب العفيف، أبه من الذي أيتمني على صغر سني.
الصورة السادسة..
زينب مع أم كلثوم وطفليها.
رجعت الخيمة وإذا أم كلثوم مذعورة، تنادي: أخية زينب ضاع العلويان قومي نبحث عنهما.
طلعت تبحث عنهما فوجدوهما ميتين كل منهما حاضن أخيه.
الصورة السابعة..
بصر أحدهم في أذن طفلة قرط فأخذ يتعقبها، فهربت الطفلة عنه وركضت، فركض وراءها، إلى أن أعياها التعب فوقفت وقالت: ما تريد يا شيخ؟؟
وبدون أن يتكلم أخذ يعالج ذلك القرط ليخرجه من أذنها، فلما استعصى عليه أخرج سيفه وقطع أذن الصبية.
الصورة الثامنة..
أحد الجنود رأى حالة الأطفال فرق لهم من شدة الظمأ، فذهب لابن سعد وقال: هل ستقتلون الأسرى؟
قال ابن سعد: لا.
فذهب إلى النهر وأخذ منه ماءا وجاء به للأطفال.
الأول لم يشرب قدمه إلى أخيه، وأخوه ركض ناحية المعركة، فقال الجندي له: إلى أين تذهب؟؟.
قال الطفل: أريد أن أخذ الماء إلى الحسين ع لأنه كان عطشانا.
فقال الجندي: الحسين قتل.
فرمى الماء من كفه وقال: وا ذلاه بعدك يا أبا عبدالله.
الصورة التاسعة..
جاء في «كامل البهائي»: إن نساء بيت العصمة كن - في فترة الأسر - يخفين عن الأطفال حقيقة مقتل رجالهن في كربلاء، فإذا سأل طفل عن أبيه أجبنه بأنه مسافر وسيعود، حتى جيء بهم إلى الشام وأنزلوهم في دار خربة إلى جنب قصر يزيد، وكانت للحسين ع طفلة صغيرة لها من العمر أربع سنين، وذات ليلة انتبهت من نومها مذعورة باكية تقول: أين أبي؟ لقد رأيته الساعة وهو حزين مغموم، أريد أبي؟!!
فتعالى الصراخ والبكاء من العيال والأطفال حتى وصل صراخهم إلى يزيد، فانتبه من نومه وسأل: ما الخبر؟
فقيل له: إن طفلة للحسين رأت أباها في المنام، فانتبهت من نومها تطلبه وتبكي عليه.
فأمر - لعنه الله - فجيء برأس الحسين ع ووضع أمام تلك الطفلة، فسألت: ما هذا؟
قالوا: هذا رأس أبيك!!
فذعرت، وجعلت تبكي وتنوح وتندب أباها، حتى فارقت الحياة على رأس أبيها.
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاحاً لذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّد الْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُود
ِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لـ الشيخ عبد الله إبراهيم الصالح
الصورة الأولى..
عاد الإمام الحسين ع إلى المخيم منحني الظهر وإذ زينب ع تستقبله بطفل تحمله قائلةً: أخي هذا الطفل قد جفَّ حليب أمه، فاذهب به إلى القوم علّهم يسقوه قليلاً من الماء.
خرج الإمام الحسين ع إليهم وكان من عادته إذا خرج إلى الحرب ركب ذا الجناح، وإذا توجه إلى الخطاب كان يركب الناقة، وهذه المرة خرج راجلاً يحمل شيئاً يظلله من حرارة الشمس، فصاح: أيها الناس.
فاشرأبت الأعناق نحوه فقال: إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟!
فاختلف القوم بينهم: منهم من قال لا تسقوه، ومنهم من قال اسقوه، ومنهم من قال لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية.
عندها التفت عمر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي وقال: يا حرملة اقطع نزاع القوم.
يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فسددت السهم في كبد القوس وصرت أنتظر أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنها إبريق فضة، عندها رميته بالسهم.
كان الطفل مغمىً عليه من شدة الظمأ ولكن عندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، رفع الطفل يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح.
الصورة الثانية..
عندما خرج الحسين ع إلى المعركة وإذا طفلة من بنات عقيل تسمى فاطمة ترتعش أمامه، فأركبها على فرسه وقال لها: بنية ما بك؟
قالت: العطش قد قتلني يا عم، فخذني إلى العلقمي واسقني ماء.
فقال: بنية أنا ذاهب لهم وأخبرهم بعطشك.
قالت: يا عم ذلك يطول، لكن احملني معك إلى أبي وعمومتي.
فقال: بنية إذا حملتك فمن الذي يردك.
فصاحت زينب: بنية فاطمة أحرقت قلوبنا.
الصورة الثالثة..
أراد أن يحمل على القوم وإذا بنداء من خلفه: أبه حسين قف لي هنيهة..
وإذا بابنته فاطمة تقول: أبه إنزل من جوادك وضعني في حجرك واصنع بي ما تصنع باليتامى.
فبكى الحسين وضمها إلى صدره.
الصورة الرابعة..
يقول حميد بن مسلم: بعد مقتل الحسين ع وبينما أنا واقف وإذا بطفلة من أطفال الحسين ترتعش كالسعفة فقلت لها: علوية ما بك؟!
قالت: العطش يكاد يقتلني.
يقول حميد بن مسلم فأخذتها إلى العلقمي وأعطيتها ماءا، وإذا بها تجهش بالبكاء، فقلت لها: علوية اشربي.
قالت: كيف أشرب الماء والحسين قتل عطشاناً.
الصورة الخامسة..
ليلة الحادى عشر ليلة لا تنسَ، عظيمة وصعبة في آنٍ واحد على أهل البيت ، حيث بنات الرسالة ذعرات مذهولات، فهذه زينب ع افتقدت إحدى بنات الحسين ع ، في منتصف الليل خرجت تبحث عنها، وهي شابكة أصابعها على رأسها وتنادي: بنية أنا عمتك، لا بأس عليك، حتى دنت من أرض المعركة وهي على هذه الحالة، وإذا تراها عند جسد أبيها وهي تنادي: أبه من الذي قطع الرأس الشريف، أبه من الذي خضب الشيب العفيف، أبه من الذي أيتمني على صغر سني.
الصورة السادسة..
زينب مع أم كلثوم وطفليها.
رجعت الخيمة وإذا أم كلثوم مذعورة، تنادي: أخية زينب ضاع العلويان قومي نبحث عنهما.
طلعت تبحث عنهما فوجدوهما ميتين كل منهما حاضن أخيه.
الصورة السابعة..
بصر أحدهم في أذن طفلة قرط فأخذ يتعقبها، فهربت الطفلة عنه وركضت، فركض وراءها، إلى أن أعياها التعب فوقفت وقالت: ما تريد يا شيخ؟؟
وبدون أن يتكلم أخذ يعالج ذلك القرط ليخرجه من أذنها، فلما استعصى عليه أخرج سيفه وقطع أذن الصبية.
الصورة الثامنة..
أحد الجنود رأى حالة الأطفال فرق لهم من شدة الظمأ، فذهب لابن سعد وقال: هل ستقتلون الأسرى؟
قال ابن سعد: لا.
فذهب إلى النهر وأخذ منه ماءا وجاء به للأطفال.
الأول لم يشرب قدمه إلى أخيه، وأخوه ركض ناحية المعركة، فقال الجندي له: إلى أين تذهب؟؟.
قال الطفل: أريد أن أخذ الماء إلى الحسين ع لأنه كان عطشانا.
فقال الجندي: الحسين قتل.
فرمى الماء من كفه وقال: وا ذلاه بعدك يا أبا عبدالله.
الصورة التاسعة..
جاء في «كامل البهائي»: إن نساء بيت العصمة كن - في فترة الأسر - يخفين عن الأطفال حقيقة مقتل رجالهن في كربلاء، فإذا سأل طفل عن أبيه أجبنه بأنه مسافر وسيعود، حتى جيء بهم إلى الشام وأنزلوهم في دار خربة إلى جنب قصر يزيد، وكانت للحسين ع طفلة صغيرة لها من العمر أربع سنين، وذات ليلة انتبهت من نومها مذعورة باكية تقول: أين أبي؟ لقد رأيته الساعة وهو حزين مغموم، أريد أبي؟!!
فتعالى الصراخ والبكاء من العيال والأطفال حتى وصل صراخهم إلى يزيد، فانتبه من نومه وسأل: ما الخبر؟
فقيل له: إن طفلة للحسين رأت أباها في المنام، فانتبهت من نومها تطلبه وتبكي عليه.
فأمر - لعنه الله - فجيء برأس الحسين ع ووضع أمام تلك الطفلة، فسألت: ما هذا؟
قالوا: هذا رأس أبيك!!
فذعرت، وجعلت تبكي وتنوح وتندب أباها، حتى فارقت الحياة على رأس أبيها.