rafedy
05-01-2011, 06:56 PM
الأخوّة في الإسلام
تاريخ النشر 17/12/2010 06:00 AM
http://www.husseinalsader.com/inp/Upload/17285_25dfb73bbc67fba1a3d543165eb96584.jpgلقد حثّ الإسلام العزيز على العلاقات الإنسانية القائمة على أسس الخير والصلاح، والتي يكون عنصر الربط فيها نابعاً من الروح السامية والقلب السليم والعقيدة الصحيحة، لما في تلك العلاقات من تأثيرٍ متبادلٍ بين الأطراف، وخصوصاً الأخوّة في الله تعالى؛ فالأخوّة في الله تعالى تترك بصماتها في الحياة الداخلية والخارجية للإنسان، بعيداً عن حدود الإتصال بالنَسب فقط، وفاقاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ربّأخٍ لك لم تلده أمك"، ما يلفت الانتباه إلى الموقع المتقدم الذي حظيت به الأخوة في الأحاديث الشريفة، بعد القرآن الكريم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخٍ يستفيده في الله".
فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فائدة الأخوّة في الله تعالى بعد فائدة الإسلام مباشرة كما هو واضح من الحديث المتقدّم، وجعل النظر إلى وجه الأخ عبادة كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى الأخ تودّه في الله عزّ وجلّ عبادة"؛ وإنّه: "من استفاد أخاً في الله عزّ وجلّ استفاد بيتاً في الجنة"، كما جاء عن الإمام الرضا عليه السلام.
ومن جانب آخر، فإنّ المؤمن هو دليل أخيه المؤمن وعينه، على حدّ ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه، ولا يعده عدة فيخلفه".
أمّا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "إنّ المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمآن إلى الماء".
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم، قوله: "استكثروا من الإخوان فإنّ لكل مؤمنٍ شفاعة يوم القيامة".
ونحن نقف أمام هذه المضامين العالية للأخوّة، والتي هي صريحة في أنّها حاجة، بل ضرورة في كلا العالمين الدنيويّ والأخرويّ، تعرض لنا جملةً من التساؤلات لا بدّ من العثور على أجوبتها الشّافية، من قبيل ما هي حدود الأخوة في الإسلام؟ ومن نؤاخي؟ وعلى أيّ أساسٍ يتمّ اختيارنا؟ ومن هم أصدقاء السوء؟ ومن هم أخوان الصدق؟ وما هي الحقوق المتوجّبة علينا، والآداب التي ينبغي التحلّي بها مع الأخوان؟ لنتعرف على العوامل الإيجابية التي تؤدّي إلى توطيد العلاقة وتعزيزها فنتبعها، وعلى العوامل السلبية التي تنتهي إلى القطيعة والعداوة فنجتنبها.
معنى الأخوة
ربّما يكون للوهلة الأولى معنى الأخوة واضحاً، في الوقت الذي يستصعب المرء توضيح المفاهيم الواضحة؛ لكن الأمر ليس كذلك حينما تنظر إلى طائفة من الأحاديث المباركة التي رسمت أبعاد المعنى وأسس المبنى وعمق الارتباط بين الاسم والمسمّى، في حدودٍ حثّت الشريعة الغراء على المحافظة عليها، وحذّرت من تجاوزها، كالنزاهة عن الخيانة وغيرها. ويكفي شاهداً لهذا المعنى الرفيع ما ورد في سبب تسمية الأخوان والأصدقاء، كما في الحديث عن الصادق عليه السلام: "إنما سمّوا إخواناً لنزاهتهم عن الخيانة، وسمّوا أصدقاء لأنّهم تصادقوا حقوق المودّة". فلذلك يكون الانحراف عن هذه الجادة نقضاً لعهد الأخوة وخروجاً على مكانتها وابطالاً لمعناها.
أقسام الأخوة
1- الأخوّة النّسبية: وهي العلقة بين إنسانين من خلال اشتراكهما في أبٍ أو أمٍ أو فيهما تولّداً، ولها آثار شرعية عديدة كالإرث وحرمة التزويج وغير ذلك.
2- الأخوّة الرضاعية: وهي عبارة عن الربط القائم بين إنسانين من خلال الإرتضاع من امرأة واحدة ولها آثار شرعية أيضاً كحرمة التزويج وغيرها، ولكنّها أضيق من النسبية لأنّ الأخوين من الرضاعة لا يتوارثان.
3- الأخوّة الدينية: وهي عبارة عن الاشتراك بين شخصين في الدّين والإيمان كما في قوله سبحانه:"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ".
وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "فإنّهم (الناس) صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق"؛ بمعنى أنّ الذي يوجد الشراكة بين الإخوان هو الإيمان الذي بمنزلة الأب النَّسَبي تشبيهاً له به، وإن تباعدت أوطانهم وتغايرت ألوانهم واختلفت لغاتهم.
ميزان الأخوة
أكّدت الأحاديث الشريفة أنّ الأساس والميزان الذي ينبغي قيام الأخوّة عليه لا بدّ أن يكون إلهيّاً، وأنّ من كانت أخوّته في غير ذات الله تعالى، فهي عداوة كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الناس أخوان، فمن كانت أخوّته في غير ذات الله فهي عداوة، وذلك قوله عز وجل:"الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ".
ولذلك لا يجدر بنا أن نُواخي على أساس مصالحنا الدنيوية ومكاسبنا التجارية. وليس غريباً أن ينتهي الأمر بالفراق أو القطيعة حينما تنقضي المصالح وتكون الصحبة مشؤومة، فنبوء بالحرمان.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من آخى في الله غنم، ومن آخى في الدنيا حُرِم".
وعنه "كلّ مودّة مبنيّة على غير ذات الله ضلال والاعتماد عليها محال".
وعنه عليه السلام: "من لم تكن مودّته في الله فاحذره، فإنّ مودّته لئيمة وصحبته مشؤومة".
اختيار الأخ
كيف أختار أخاً لي؟ وما هي الخطوة الأولى التي ينبغي عليَّ اتّباعها؟
هنا نطرق باب أمير المؤمنين عليه السلام لنأخذ الجواب حيث يقول: "قدّم الإختبار في اتخاذ الإخوان، فإنّ الإختبار معيار يفرّق بين الأخيار والأشرار".
ويقول عليه السلام أيضاً: "قدّم الإختبار وأجد الاستظهار في اختيار الإخوان وإلا ألجأك الإضطرار إلى مقارنة الأشرار".
إذاً، الإختبار ثمّ الإختيار، وذلك حتى لا يدخل الإنسان في علاقة مشينة ولا يضع ثقته حيث لا يجب أن توضع، فيأتمن الآخر على أسراره ويطلعه على شؤونه بالرغم من عدم وضوح حقيقته لديه، وبهذا يقع في مقارنة الأشرار لأنّه لم يُقم العلاقة على نورٍ ومشى في الظلام.
والخطوة الأولى على طريق اختيار الأخوان هو الحديث المرويّ عن مولانا الصادق عليه السلام: "اختبروا إخوانكم بخصلتين، فإن كانتا فيهم، وإلا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب، محافظة على الصلوات في مواقيتها، والبرّ بالإخوان في العسر واليسر".
نقلا عن موقع المعارف
تاريخ النشر 17/12/2010 06:00 AM
http://www.husseinalsader.com/inp/Upload/17285_25dfb73bbc67fba1a3d543165eb96584.jpgلقد حثّ الإسلام العزيز على العلاقات الإنسانية القائمة على أسس الخير والصلاح، والتي يكون عنصر الربط فيها نابعاً من الروح السامية والقلب السليم والعقيدة الصحيحة، لما في تلك العلاقات من تأثيرٍ متبادلٍ بين الأطراف، وخصوصاً الأخوّة في الله تعالى؛ فالأخوّة في الله تعالى تترك بصماتها في الحياة الداخلية والخارجية للإنسان، بعيداً عن حدود الإتصال بالنَسب فقط، وفاقاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ربّأخٍ لك لم تلده أمك"، ما يلفت الانتباه إلى الموقع المتقدم الذي حظيت به الأخوة في الأحاديث الشريفة، بعد القرآن الكريم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخٍ يستفيده في الله".
فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فائدة الأخوّة في الله تعالى بعد فائدة الإسلام مباشرة كما هو واضح من الحديث المتقدّم، وجعل النظر إلى وجه الأخ عبادة كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى الأخ تودّه في الله عزّ وجلّ عبادة"؛ وإنّه: "من استفاد أخاً في الله عزّ وجلّ استفاد بيتاً في الجنة"، كما جاء عن الإمام الرضا عليه السلام.
ومن جانب آخر، فإنّ المؤمن هو دليل أخيه المؤمن وعينه، على حدّ ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه، ولا يعده عدة فيخلفه".
أمّا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "إنّ المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمآن إلى الماء".
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم، قوله: "استكثروا من الإخوان فإنّ لكل مؤمنٍ شفاعة يوم القيامة".
ونحن نقف أمام هذه المضامين العالية للأخوّة، والتي هي صريحة في أنّها حاجة، بل ضرورة في كلا العالمين الدنيويّ والأخرويّ، تعرض لنا جملةً من التساؤلات لا بدّ من العثور على أجوبتها الشّافية، من قبيل ما هي حدود الأخوة في الإسلام؟ ومن نؤاخي؟ وعلى أيّ أساسٍ يتمّ اختيارنا؟ ومن هم أصدقاء السوء؟ ومن هم أخوان الصدق؟ وما هي الحقوق المتوجّبة علينا، والآداب التي ينبغي التحلّي بها مع الأخوان؟ لنتعرف على العوامل الإيجابية التي تؤدّي إلى توطيد العلاقة وتعزيزها فنتبعها، وعلى العوامل السلبية التي تنتهي إلى القطيعة والعداوة فنجتنبها.
معنى الأخوة
ربّما يكون للوهلة الأولى معنى الأخوة واضحاً، في الوقت الذي يستصعب المرء توضيح المفاهيم الواضحة؛ لكن الأمر ليس كذلك حينما تنظر إلى طائفة من الأحاديث المباركة التي رسمت أبعاد المعنى وأسس المبنى وعمق الارتباط بين الاسم والمسمّى، في حدودٍ حثّت الشريعة الغراء على المحافظة عليها، وحذّرت من تجاوزها، كالنزاهة عن الخيانة وغيرها. ويكفي شاهداً لهذا المعنى الرفيع ما ورد في سبب تسمية الأخوان والأصدقاء، كما في الحديث عن الصادق عليه السلام: "إنما سمّوا إخواناً لنزاهتهم عن الخيانة، وسمّوا أصدقاء لأنّهم تصادقوا حقوق المودّة". فلذلك يكون الانحراف عن هذه الجادة نقضاً لعهد الأخوة وخروجاً على مكانتها وابطالاً لمعناها.
أقسام الأخوة
1- الأخوّة النّسبية: وهي العلقة بين إنسانين من خلال اشتراكهما في أبٍ أو أمٍ أو فيهما تولّداً، ولها آثار شرعية عديدة كالإرث وحرمة التزويج وغير ذلك.
2- الأخوّة الرضاعية: وهي عبارة عن الربط القائم بين إنسانين من خلال الإرتضاع من امرأة واحدة ولها آثار شرعية أيضاً كحرمة التزويج وغيرها، ولكنّها أضيق من النسبية لأنّ الأخوين من الرضاعة لا يتوارثان.
3- الأخوّة الدينية: وهي عبارة عن الاشتراك بين شخصين في الدّين والإيمان كما في قوله سبحانه:"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ".
وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "فإنّهم (الناس) صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق"؛ بمعنى أنّ الذي يوجد الشراكة بين الإخوان هو الإيمان الذي بمنزلة الأب النَّسَبي تشبيهاً له به، وإن تباعدت أوطانهم وتغايرت ألوانهم واختلفت لغاتهم.
ميزان الأخوة
أكّدت الأحاديث الشريفة أنّ الأساس والميزان الذي ينبغي قيام الأخوّة عليه لا بدّ أن يكون إلهيّاً، وأنّ من كانت أخوّته في غير ذات الله تعالى، فهي عداوة كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الناس أخوان، فمن كانت أخوّته في غير ذات الله فهي عداوة، وذلك قوله عز وجل:"الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ".
ولذلك لا يجدر بنا أن نُواخي على أساس مصالحنا الدنيوية ومكاسبنا التجارية. وليس غريباً أن ينتهي الأمر بالفراق أو القطيعة حينما تنقضي المصالح وتكون الصحبة مشؤومة، فنبوء بالحرمان.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من آخى في الله غنم، ومن آخى في الدنيا حُرِم".
وعنه "كلّ مودّة مبنيّة على غير ذات الله ضلال والاعتماد عليها محال".
وعنه عليه السلام: "من لم تكن مودّته في الله فاحذره، فإنّ مودّته لئيمة وصحبته مشؤومة".
اختيار الأخ
كيف أختار أخاً لي؟ وما هي الخطوة الأولى التي ينبغي عليَّ اتّباعها؟
هنا نطرق باب أمير المؤمنين عليه السلام لنأخذ الجواب حيث يقول: "قدّم الإختبار في اتخاذ الإخوان، فإنّ الإختبار معيار يفرّق بين الأخيار والأشرار".
ويقول عليه السلام أيضاً: "قدّم الإختبار وأجد الاستظهار في اختيار الإخوان وإلا ألجأك الإضطرار إلى مقارنة الأشرار".
إذاً، الإختبار ثمّ الإختيار، وذلك حتى لا يدخل الإنسان في علاقة مشينة ولا يضع ثقته حيث لا يجب أن توضع، فيأتمن الآخر على أسراره ويطلعه على شؤونه بالرغم من عدم وضوح حقيقته لديه، وبهذا يقع في مقارنة الأشرار لأنّه لم يُقم العلاقة على نورٍ ومشى في الظلام.
والخطوة الأولى على طريق اختيار الأخوان هو الحديث المرويّ عن مولانا الصادق عليه السلام: "اختبروا إخوانكم بخصلتين، فإن كانتا فيهم، وإلا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب، محافظة على الصلوات في مواقيتها، والبرّ بالإخوان في العسر واليسر".
نقلا عن موقع المعارف