ابو فاطمة العذاري
14-01-2011, 07:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين ...
مرت علينا قبل يومين تقريبا ذكرى مهمة في تاريخنا الإسلامي ينبغي ان نقف عندها وهي شهادة الإمام ابي محمد الحسن ( ع ) وهذا الإمام العظيم هو ثاني أئمة أهل البيت ورابع أهل الكساء حفيد المصطفى ( ع ) وما يسعنا بهذا اللسان العاجز والقلب المحجوب ان ندرك شيئا ولو قليل عن منزلة هذا المعصوم العظيم ويكفي قول النبي ( ص ) فيه: ( من سره أن ينظر إلى سيد شباب الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي ) . فلو انا تحدثنا الدهر كله لن نحصي قليلا من فضل هذا الإمام ولكن ايفائا للواجب وبعد التوكل على الله نقول ..
كثيرة هي مناقب الحسن ( ع ) وعديدة هي فضائله وسنتناول معكم ما يسعه المجال وما فيها العبرة والموعظة ومنها :
ان الإمام كباقي المعصومين هو أفضل من فهم حقيقة التوحيد وأدرك إسراره علما وعملا وقد ورد عن الإمام الحسن ( ع ) كلام بليغ في توحيد الله وفي أوصافه تعالى ومنها ما روي انه جاء رجل إلى الحسن بن علي فقال له : يا بن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه ، فأطرق الحسن بن علي مليا ، ثم رفع رأسه ، فقال : الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم ولا آخر متناه ، ولا قبل مدرك ولا بعد محدود ، ولا أمد بحتي ولا شخص فيتجزأ ، ولا اختلاف صفة فيتناهي فلا تدرك العقول وأوهامها ، ولا الفكر وخطراتها ولا الألباب وأذهانها صفته فتقول : متى ولا بدئ مما ، ولا ظاهر على ما ، ولا باطن فيما ، ولا تارك فهلا ، خلق الخلق فكان بديئا بديعا ، ابتدأ ما ابتدع ، وابتدع ما ابتدأ ، وفعل ما أراد ، وأراد ما استزاد ، ذلكم الله رب العالمين .
يا ترى لو يجتمع حكماء الدنيا وفلاسفتهم فهل يستطيعون ان يقدموا توضيحا موجزا وبيانا كافيا كما قاله الإمام الحسن ( ع ) .
ومنها : ان الحسن هو القران الناطق وهو وباقي المعصومين إنما هم عدل القران العزيز فكانت للإمام الحسن علاقة خاصة و عميقه مع القرآن وفهم استقاه من جده وأبيه فقد ورد عنه انه ( ع ) قال : ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فاتخذوه إماما يدلكم على هداكم ، وإن أحق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه ، وأبعدهم منه من لم يعمل به وإن كان يقرأه .
كيف لا يكون الحسن رجلا قرآنيا فقد كان وهو ابن سبع سنين يحضر مجلس رسول الله فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي امه فيلقي إليها ما حفظه ، وكلما دخل علي ( ع ) وجد عندها علما بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت : من ولدك الحسن ، فتخفى يوما في الدار ، وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فأرتج عليه ، فعجبت أمه من ذلك ، فقال : لا تعجبين [ لا تعجبي ] يا أماه فإن كبيرا يسمعني ، فاستماعه قد أوقفني ، فخرج علي ( ع ) فقبله .
وفي الرواية إشارة الى شده احترامه وهيبته من أبيه ( ع ) حتى توقف عن الكلام بمحضر الأمير ( ع ) وان لم يره بعينة الا انه رآه بقلبه .
ومنها : ان اسمه ( الحسن ) كان باختيار الهي وأمر صدر الى رسول الله ( ص ) فقد روي عن جابر بن عبد الله قال : لما ولدت فاطمة الحسن قالت : لعلي ( سمه ) فقال :ما كنت لأسبق باسمه رسول الله فقال رسول الله : ( ما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل ) فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل : ( أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه وهنئه وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمه باسم ابن هارون ) .
فهبط جبرئيل فهنأه من الله تعالى جل جلاله ، ثم قال : ( إن الله تعالى يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون ) .
قال : ( وما كان اسمه ؟ ) قال : ( شبر ) .
قال : ( لساني عربي ) . قال : ( سمه الحسن ) فسماه الحسن .
ومن الصفات التي اشتهر بها صفة الحلم والصبر على أذى الآخرين وهنا نروي لكم هذه القصة فقد قال رجل من أهل الشام قدمت المدينة بعد صفين فرأيت رجلا حضرنا فسألت عنه فقيل الحسن بن علي فحسدت عليا أن يكون له ابن مثله فقلت له أنت ابن أبي طالب قال أنا ابنه فقلت له بك وبأبيك فشتمته وشتمت أباه وهو لا يرد شيئا فلما فرغت أقبل علي ، قال : أظنك غريبا ولعل لك حاجة فلو استعنت بنا لأعناك ولو سألتنا لأعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك .
قال الشامي فوليت عنه وما على الأرض أحد أحب إلي منه فما فكرت بعد ذلك فيما صنع وفيما صنعت إلا صاغرت إلي نفسي .
فهل يتحمل احدنا اليوم كلام الآخرين وشتمهم فضلا انه يحسن الى من أساء إليه ؟؟
ومما ورد عن مناقب وعجائب الحسن ( ع ) هو علمه بجميع اللغات وكلامه مع كل أهل لغة يقبلون إليه وهنا نورد لكم هذه الرواية عن أبي عبد الله ( ع ) إن الحسن ( ع ) قال : إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري وغير الحسين أخي .
الله العالم إلى أي حضارة أشار الإمام وقد احتمل البعض انه أشار الى حضارات كونية كان مطلع عليها هو وأخوه الحسين ( ع ) .
وقد ابهر الحسن ( ع ) جميع الناس بمعجزاته وكراماته التي تدل على علو شانه عند الله تعالى وحصوله على اولاية التكوينية على سائر الموجودات ونروي لكم هذه الحادثة :
عن عن محمد بن هامان ، قال : رأيت الحسن بن علي ينادي الحيات فتجيبه ويلفها على يده وعنقه ويرسلها ، قال : فقال رجل من ولد عمر : أنا أفعل ذلك فأخذ حية فلفها على يده فهرمته حتى مات .
ومن ضروريات الفكر الشيعي بأن صلح الحسن مقدمة لثورة الحسين وليس كما أشار بعض المغرضين من وجود التناقض بين موقف الإمامين الحسنين ( ع ) ويكفي كدليل على عدم التنافي بين الموقفين القول المشهور للنبي ( ص ) : ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )
فجميع الأئمة نفذوا مخططاً واحداً مدروساً ومتفقاً عليه بينهم، ولو كان أي منهم في محل الآخر لفعل نفس فعل الآخر فلو كان الإمام الهادي مثلاً بدلاً من الإمام الصادق عليه السلام لفعل نفس فعله فأي شخص من الأئمة لو كان في زمن الأخر منهم لقام بنفس عمله لأن المصلحة الإلهية واحدة فكلهم حسنيون وكلهم حسينيون وكلهم صادق وكلهم جواد وكلهم مهدي وأولهم محمد وأخرهم محمد .
إن الحسن كان يعلم بوجود المصالح العظيمة التي سوف تترتب على حركة الحسين وثورته ومن هنا كان راضياً بثورة الحسين فلا يبعد أن يكون قد فعل الإمام الحسن صلحه من أجل أن يتسبب إلى ثورة الحسين حتى تتحقق المصالح الإسلامية المترتبة من صلحه وثورة الحسين.
وقد تشاركا بالصلح والثورة لإيجاد عدة أهداف مهمة ...
منها: فضح خيانة ولا إنسانية المعسكر الأموي، وكل أعداء الحق على مدى التأريخ .
ومنها: هدفهما معاً إبراز أهمية الدين بدرجة عالية بحيث لا يعتنى بأزائه بالأمور الشخصية مهما كانت معتبرة إجتماعياً ودنيوياً، كالتنازل الظاهري إلى الأعداء من جهة أو الإبادة والتضحية من جهة أخرى.
فيمكننا القول إن الصورة التي أعطاها الحسن أنه لا ينبغي الحفاظ على السمعة حتى لو سحقت السمعة بالأرجل والألسن فهي في سبيل إرضاء الله تعالى وكذلك الصورة التي أعطاها الحسين في أنه لا ينبغي الحفاظ على الذات ولا على الأسرة إن كان ذلك يرضي الله تعالى .
ومنها: تربية إيمان المؤمنين من قبل الإمام الحسن لأجل أن يحصل جيل متكامل يستطيع أن يجاهد بين يدي الحسين حيث إن الإمتحان الإلهي الذي أوجده صلح الحسن أوجب قوة الإيمان لدى البعض .
ومنها : القضية في نضر القادة الإلهيين لا تقاس من خلال الكم وإنما من خلال النوع والقيمة الحقيقية ليست للعدد العسكري بل القيمة لوجود العدد الكافي من المخلصين من اجل إقامة طاعة الله والتضحية في سبيله ومن هنا وجدنا الحسنين أيضا لم يأبها للعدد حتى قاما بواجبهما عبر عدد قليل من الأنصار .
ولم يكن الصلح هدف الحسن وإنما كان وسيلة ولم يكن القتل هدف الحسين وإنما كانت الشهادة وسيلة لإصلاح الأمة يروي التاريخ انه قد قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر حين اجتمع مع معاوية، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
ايها الناس ان معاوية زعم: اني رأيته للخلافة اهلا ولم ار نفسي لها اهلا وكذب معاوية، انا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله، فاقسم بالله لو ان الناس بايعوني واطاعوني ونصروني، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما طمعتم فيها يا معاوية
وكان الحسين ( عليه السلام ) منطلقا من نفس الأهداف الحسنية من أهمها هو الإصلاح فقد قال ( ع ) :
( إِنِّي لَمْ أَخرُجْ أَشِراً وَلا بَطِراً ، وَلا ظَالِماً وَلا مُفسِداً ، وإنما خرجتُ لِطَلَبِ الإِصلاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَن آمُرَ بِالمَعرُوفِ وَأَنهَى عَنِ المُنكَر ) .
فمن هنا ترك الحسن ( عليه السلام ) السلطة حين علم بأنها لم تعد الوسيلة المناسبة لأداء تكليفه في إقامة حكم الله تعالى وأصبحت وسيلة المعارضة السلمية أفضل من غيرها .
ومن هنا تحمَّل الإمام الحسن ( عليه السلام ) الصعوبة في إقناع البعض بموقفه خصوصا الموالين غير المدركين لأهداف المعصوم ( ع ) من تلك النفوس التي كانت مشحونة عاطفيا ضد الأمويين .
حتى ان احدهم دخل على الإمام ( عليه السلام ) وامام جمع من الناس فقال له : السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين .
فما أعظمك يا أبا محمَّدٍ الحسن المجتبى ( عليه السلام ) حين أقدم على الصلح الذي اعتبره بعض أصحابه ذُلاًّ وزعَمَهُ أعداؤه جبناً واستسلاماً ولم يكن موقفه إلاَّ أروع حالة من حالات الانتصار على الذات لأجل طاعة الله تعالى .
وألان مما أثاره بعض المنشقين ضد السيد مقتدى الصدر بان قرار التجميد أصاب أبناء الخط بالذل والهوان وهم – المنشقون – يعزفون على وتر حساس وله ارتباط بعواطف الجماهير الثورية .
والسيد أساسا لم يجمد المقاومة العسكرية بل خصصها بقسم محدد من جيش الإمام المهدي وهم الإخوة في لواء اليوم الموعود فيما فتح الباب أمام أغلبية أبناء جيش الإمام في الأقسام الأخرى للمقاومة الثقافية من خلال الممهدون والاجتماعية من خلال المناصرون .
وهناك شيء مهم على الجميع الالتفات إليه كما ان الإمام الحسين لم يبايع يزيد كذلك الإمام الحسن لم يبايع معاوية بل صالحه والفرق واضح بين الصلح والبيعة .
وهكذا نال الإمامان الحسنان الشهادة في سبيل الله تعالى ..
فقد مضى الحسن شهيدا بالسم على يد الملعونة جعيدة بنت الأشعث بأمر من معاوية قبحه الله ولما حضرت الحسن الوفاة استدعى الحسين وقال له : يا أخي إنني مفارقك ولاحق بربي ، وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطست ، وإني لعارف بمن سقاني ومن أين دهيت ، وأنا أخاصمه إلى الله عز وجل .
ونحن عندما نذكر شهادة الحسن لا يفوتنا ان نذكر الرواية التي تقول انه و على فراش الموت حين رأى أخاه الحسين باكيا التفت إليه قائلا (( لا يوم كيومك يا ابا عبد الله )) فحتى الحسن وهو في أخر لحظات حياته إنما يعقد عزاءا لأخيه الحسين .
فسلام الله على الشهيدين الحسنين أبدا دائما ما دامت السموات والارضين .
أبو فاطمة العذاري
(hareth1980***********)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين ...
مرت علينا قبل يومين تقريبا ذكرى مهمة في تاريخنا الإسلامي ينبغي ان نقف عندها وهي شهادة الإمام ابي محمد الحسن ( ع ) وهذا الإمام العظيم هو ثاني أئمة أهل البيت ورابع أهل الكساء حفيد المصطفى ( ع ) وما يسعنا بهذا اللسان العاجز والقلب المحجوب ان ندرك شيئا ولو قليل عن منزلة هذا المعصوم العظيم ويكفي قول النبي ( ص ) فيه: ( من سره أن ينظر إلى سيد شباب الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي ) . فلو انا تحدثنا الدهر كله لن نحصي قليلا من فضل هذا الإمام ولكن ايفائا للواجب وبعد التوكل على الله نقول ..
كثيرة هي مناقب الحسن ( ع ) وعديدة هي فضائله وسنتناول معكم ما يسعه المجال وما فيها العبرة والموعظة ومنها :
ان الإمام كباقي المعصومين هو أفضل من فهم حقيقة التوحيد وأدرك إسراره علما وعملا وقد ورد عن الإمام الحسن ( ع ) كلام بليغ في توحيد الله وفي أوصافه تعالى ومنها ما روي انه جاء رجل إلى الحسن بن علي فقال له : يا بن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه ، فأطرق الحسن بن علي مليا ، ثم رفع رأسه ، فقال : الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم ولا آخر متناه ، ولا قبل مدرك ولا بعد محدود ، ولا أمد بحتي ولا شخص فيتجزأ ، ولا اختلاف صفة فيتناهي فلا تدرك العقول وأوهامها ، ولا الفكر وخطراتها ولا الألباب وأذهانها صفته فتقول : متى ولا بدئ مما ، ولا ظاهر على ما ، ولا باطن فيما ، ولا تارك فهلا ، خلق الخلق فكان بديئا بديعا ، ابتدأ ما ابتدع ، وابتدع ما ابتدأ ، وفعل ما أراد ، وأراد ما استزاد ، ذلكم الله رب العالمين .
يا ترى لو يجتمع حكماء الدنيا وفلاسفتهم فهل يستطيعون ان يقدموا توضيحا موجزا وبيانا كافيا كما قاله الإمام الحسن ( ع ) .
ومنها : ان الحسن هو القران الناطق وهو وباقي المعصومين إنما هم عدل القران العزيز فكانت للإمام الحسن علاقة خاصة و عميقه مع القرآن وفهم استقاه من جده وأبيه فقد ورد عنه انه ( ع ) قال : ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فاتخذوه إماما يدلكم على هداكم ، وإن أحق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه ، وأبعدهم منه من لم يعمل به وإن كان يقرأه .
كيف لا يكون الحسن رجلا قرآنيا فقد كان وهو ابن سبع سنين يحضر مجلس رسول الله فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي امه فيلقي إليها ما حفظه ، وكلما دخل علي ( ع ) وجد عندها علما بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت : من ولدك الحسن ، فتخفى يوما في الدار ، وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فأرتج عليه ، فعجبت أمه من ذلك ، فقال : لا تعجبين [ لا تعجبي ] يا أماه فإن كبيرا يسمعني ، فاستماعه قد أوقفني ، فخرج علي ( ع ) فقبله .
وفي الرواية إشارة الى شده احترامه وهيبته من أبيه ( ع ) حتى توقف عن الكلام بمحضر الأمير ( ع ) وان لم يره بعينة الا انه رآه بقلبه .
ومنها : ان اسمه ( الحسن ) كان باختيار الهي وأمر صدر الى رسول الله ( ص ) فقد روي عن جابر بن عبد الله قال : لما ولدت فاطمة الحسن قالت : لعلي ( سمه ) فقال :ما كنت لأسبق باسمه رسول الله فقال رسول الله : ( ما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل ) فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل : ( أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه وهنئه وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمه باسم ابن هارون ) .
فهبط جبرئيل فهنأه من الله تعالى جل جلاله ، ثم قال : ( إن الله تعالى يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون ) .
قال : ( وما كان اسمه ؟ ) قال : ( شبر ) .
قال : ( لساني عربي ) . قال : ( سمه الحسن ) فسماه الحسن .
ومن الصفات التي اشتهر بها صفة الحلم والصبر على أذى الآخرين وهنا نروي لكم هذه القصة فقد قال رجل من أهل الشام قدمت المدينة بعد صفين فرأيت رجلا حضرنا فسألت عنه فقيل الحسن بن علي فحسدت عليا أن يكون له ابن مثله فقلت له أنت ابن أبي طالب قال أنا ابنه فقلت له بك وبأبيك فشتمته وشتمت أباه وهو لا يرد شيئا فلما فرغت أقبل علي ، قال : أظنك غريبا ولعل لك حاجة فلو استعنت بنا لأعناك ولو سألتنا لأعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك .
قال الشامي فوليت عنه وما على الأرض أحد أحب إلي منه فما فكرت بعد ذلك فيما صنع وفيما صنعت إلا صاغرت إلي نفسي .
فهل يتحمل احدنا اليوم كلام الآخرين وشتمهم فضلا انه يحسن الى من أساء إليه ؟؟
ومما ورد عن مناقب وعجائب الحسن ( ع ) هو علمه بجميع اللغات وكلامه مع كل أهل لغة يقبلون إليه وهنا نورد لكم هذه الرواية عن أبي عبد الله ( ع ) إن الحسن ( ع ) قال : إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري وغير الحسين أخي .
الله العالم إلى أي حضارة أشار الإمام وقد احتمل البعض انه أشار الى حضارات كونية كان مطلع عليها هو وأخوه الحسين ( ع ) .
وقد ابهر الحسن ( ع ) جميع الناس بمعجزاته وكراماته التي تدل على علو شانه عند الله تعالى وحصوله على اولاية التكوينية على سائر الموجودات ونروي لكم هذه الحادثة :
عن عن محمد بن هامان ، قال : رأيت الحسن بن علي ينادي الحيات فتجيبه ويلفها على يده وعنقه ويرسلها ، قال : فقال رجل من ولد عمر : أنا أفعل ذلك فأخذ حية فلفها على يده فهرمته حتى مات .
ومن ضروريات الفكر الشيعي بأن صلح الحسن مقدمة لثورة الحسين وليس كما أشار بعض المغرضين من وجود التناقض بين موقف الإمامين الحسنين ( ع ) ويكفي كدليل على عدم التنافي بين الموقفين القول المشهور للنبي ( ص ) : ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )
فجميع الأئمة نفذوا مخططاً واحداً مدروساً ومتفقاً عليه بينهم، ولو كان أي منهم في محل الآخر لفعل نفس فعل الآخر فلو كان الإمام الهادي مثلاً بدلاً من الإمام الصادق عليه السلام لفعل نفس فعله فأي شخص من الأئمة لو كان في زمن الأخر منهم لقام بنفس عمله لأن المصلحة الإلهية واحدة فكلهم حسنيون وكلهم حسينيون وكلهم صادق وكلهم جواد وكلهم مهدي وأولهم محمد وأخرهم محمد .
إن الحسن كان يعلم بوجود المصالح العظيمة التي سوف تترتب على حركة الحسين وثورته ومن هنا كان راضياً بثورة الحسين فلا يبعد أن يكون قد فعل الإمام الحسن صلحه من أجل أن يتسبب إلى ثورة الحسين حتى تتحقق المصالح الإسلامية المترتبة من صلحه وثورة الحسين.
وقد تشاركا بالصلح والثورة لإيجاد عدة أهداف مهمة ...
منها: فضح خيانة ولا إنسانية المعسكر الأموي، وكل أعداء الحق على مدى التأريخ .
ومنها: هدفهما معاً إبراز أهمية الدين بدرجة عالية بحيث لا يعتنى بأزائه بالأمور الشخصية مهما كانت معتبرة إجتماعياً ودنيوياً، كالتنازل الظاهري إلى الأعداء من جهة أو الإبادة والتضحية من جهة أخرى.
فيمكننا القول إن الصورة التي أعطاها الحسن أنه لا ينبغي الحفاظ على السمعة حتى لو سحقت السمعة بالأرجل والألسن فهي في سبيل إرضاء الله تعالى وكذلك الصورة التي أعطاها الحسين في أنه لا ينبغي الحفاظ على الذات ولا على الأسرة إن كان ذلك يرضي الله تعالى .
ومنها: تربية إيمان المؤمنين من قبل الإمام الحسن لأجل أن يحصل جيل متكامل يستطيع أن يجاهد بين يدي الحسين حيث إن الإمتحان الإلهي الذي أوجده صلح الحسن أوجب قوة الإيمان لدى البعض .
ومنها : القضية في نضر القادة الإلهيين لا تقاس من خلال الكم وإنما من خلال النوع والقيمة الحقيقية ليست للعدد العسكري بل القيمة لوجود العدد الكافي من المخلصين من اجل إقامة طاعة الله والتضحية في سبيله ومن هنا وجدنا الحسنين أيضا لم يأبها للعدد حتى قاما بواجبهما عبر عدد قليل من الأنصار .
ولم يكن الصلح هدف الحسن وإنما كان وسيلة ولم يكن القتل هدف الحسين وإنما كانت الشهادة وسيلة لإصلاح الأمة يروي التاريخ انه قد قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر حين اجتمع مع معاوية، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
ايها الناس ان معاوية زعم: اني رأيته للخلافة اهلا ولم ار نفسي لها اهلا وكذب معاوية، انا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله، فاقسم بالله لو ان الناس بايعوني واطاعوني ونصروني، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما طمعتم فيها يا معاوية
وكان الحسين ( عليه السلام ) منطلقا من نفس الأهداف الحسنية من أهمها هو الإصلاح فقد قال ( ع ) :
( إِنِّي لَمْ أَخرُجْ أَشِراً وَلا بَطِراً ، وَلا ظَالِماً وَلا مُفسِداً ، وإنما خرجتُ لِطَلَبِ الإِصلاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَن آمُرَ بِالمَعرُوفِ وَأَنهَى عَنِ المُنكَر ) .
فمن هنا ترك الحسن ( عليه السلام ) السلطة حين علم بأنها لم تعد الوسيلة المناسبة لأداء تكليفه في إقامة حكم الله تعالى وأصبحت وسيلة المعارضة السلمية أفضل من غيرها .
ومن هنا تحمَّل الإمام الحسن ( عليه السلام ) الصعوبة في إقناع البعض بموقفه خصوصا الموالين غير المدركين لأهداف المعصوم ( ع ) من تلك النفوس التي كانت مشحونة عاطفيا ضد الأمويين .
حتى ان احدهم دخل على الإمام ( عليه السلام ) وامام جمع من الناس فقال له : السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين .
فما أعظمك يا أبا محمَّدٍ الحسن المجتبى ( عليه السلام ) حين أقدم على الصلح الذي اعتبره بعض أصحابه ذُلاًّ وزعَمَهُ أعداؤه جبناً واستسلاماً ولم يكن موقفه إلاَّ أروع حالة من حالات الانتصار على الذات لأجل طاعة الله تعالى .
وألان مما أثاره بعض المنشقين ضد السيد مقتدى الصدر بان قرار التجميد أصاب أبناء الخط بالذل والهوان وهم – المنشقون – يعزفون على وتر حساس وله ارتباط بعواطف الجماهير الثورية .
والسيد أساسا لم يجمد المقاومة العسكرية بل خصصها بقسم محدد من جيش الإمام المهدي وهم الإخوة في لواء اليوم الموعود فيما فتح الباب أمام أغلبية أبناء جيش الإمام في الأقسام الأخرى للمقاومة الثقافية من خلال الممهدون والاجتماعية من خلال المناصرون .
وهناك شيء مهم على الجميع الالتفات إليه كما ان الإمام الحسين لم يبايع يزيد كذلك الإمام الحسن لم يبايع معاوية بل صالحه والفرق واضح بين الصلح والبيعة .
وهكذا نال الإمامان الحسنان الشهادة في سبيل الله تعالى ..
فقد مضى الحسن شهيدا بالسم على يد الملعونة جعيدة بنت الأشعث بأمر من معاوية قبحه الله ولما حضرت الحسن الوفاة استدعى الحسين وقال له : يا أخي إنني مفارقك ولاحق بربي ، وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطست ، وإني لعارف بمن سقاني ومن أين دهيت ، وأنا أخاصمه إلى الله عز وجل .
ونحن عندما نذكر شهادة الحسن لا يفوتنا ان نذكر الرواية التي تقول انه و على فراش الموت حين رأى أخاه الحسين باكيا التفت إليه قائلا (( لا يوم كيومك يا ابا عبد الله )) فحتى الحسن وهو في أخر لحظات حياته إنما يعقد عزاءا لأخيه الحسين .
فسلام الله على الشهيدين الحسنين أبدا دائما ما دامت السموات والارضين .
أبو فاطمة العذاري
(hareth1980***********)