احمد السعيدي
17-01-2011, 03:18 AM
http://www.mezan.net/forum/salam/6.gif
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد واله الطيبين الطاهرين
الشفاعة في شبهات وردود
1-تعني الشفاعة في الاصطلاح علم الكلام توسط احد الأولياء عند الله عز وجل لشخص لغرض تخليصه من العقوبة بما لا يتعدى فيه على حق الله أو حق العباد.
وقد أشكل على الشفاعة بعدة أمور.
الشبهة الأولى:- أن الشفاعة ليست ثابتة بنص القرآن الكريم مثل قوله تعالى(واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) البقرة الآية "48"؟
الجواب:-
1-هذه الآية ليست في مقام بيان أن هناك شفاعة أو لا بل هي في مقام بيان أن الظالمين والذين يدعون من دون الله ليست لهم شفاعة أما أن الشفاعة بجميع أنواعها أي شفاعة الظالمين وشفاعة الصالحين منفية فهذا ما لا تتعرض له الآية بل هي نافيه لنوع من أنواع الشفاعة وهي شفاعة الظالمين لا كل أنواع الشفاعة فلو قلت ليس بالبلد فقهاء فأنك نفيت صنف ونوع من أنواع العلماء ألا وهم من يعلمون فقه الأحكام الشرعية وهذا النفي لا يدل على عدم وجود علماء في الطب وعلماء في المجالات الأخرى.
2-هناك عشرات من الآيات التي تثبت الشفاعة مثلا.
قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده ألا بأذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) البقرة الآية (255)
فهنا الآية واضحة الدلالة في أن هناك شفاعة ولكنها متوقفة على ألأذن الألهي ولا تقع بمعزل عن ألأذن ألالهي
وكقوله تعالى (ما من شفيع ألا من بعد أذنه) يونس الآية"3"
وهذه الآية تحصر الشفاعة فقط بالمأذون لهم أما الذين لم يؤذن لهم فليس لهم شفاعة أصلا.
وكقوله تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة ألا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) طه الآية "109"
ففي هذه الآية تبين أن الشفاعة التي تصدر من غير الذين يرضى لهم الرحمن مقاما وقولا هي كلا شفاعة وغير سارية المفعول بل مردودة على أصحابها فليست الشفاعة بمجرد الدعاوى بل هي مقامات واقعيه يختص بها الشفعاء من أهل الحق.
وقوله تعالى (ولا تنفع الشفاعة عنده ألا لمن أذن له حتى أذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
وهذه الآية كسابقتها تبين شرط قبول شفاعة الشفعاء وهي أن تكون مقرونة بالأذن الالهي والرضا الالهي . وهناك العشرات من هذه الآيات تركناها للاختصار
3-قد يقال أن هناك تعارض بين الآيات فبعضها تنفي الشفاعة وبعضها يثبت الشفاعة فانه يقال ليس هناك تنافي وتناقض لان شرط التنافي والتناقض وحدة الموضوع أي مدار النفي والاثبات أن يكون واحدا أما هنا فالمنفي هو الشفاعة الباطلة والمثبت هي الشفاعة ألحقه وهما مختلفان تماما وليس هنا وحدة المنفي والمثبت.
الشبهة الثانية:- يلزم من قبول الشفاعة خضوع وتأثير الشفعاء في الذات الالهيه؟
الجواب:-
1-أن العفو عن شخص والتسامح معه شيء والتاثير والخضوع له شيء آخر فلو كنت صاحب قدره بأن تأخذ حقك من الجاني فهل تركك إياه يعد ضعف أم انه من اجل مصادر القوى لاشك الثاني هو المتعين أي انك صاحب قوى لذلك عفو الله سبحانه عفو مع مقدرته على المعاقبة.
2-أن شفاعة الشفعاء هي مشروطة ومتوقفة على الرضا الالهي والاذن الالهي فليس هناك أي تأثير وإخضاع للذات المقدسة بل هي صاحبة التأثير في الجميع فمن يشفع أنما بعد رضاه سبحانه يشفع والله سبحانه لا يرضى ألا بما يقيم الحق .
الشبهة الثالثة :- أذا قلنا بالشفاعة للصالحين فهذا يلزم منه أن يكون هناك من هو ارحم من الله تعالى بعباده وهذا غير متصور فضلا عن الاعتقاد به؟
الجواب:-
1-قلنا أن الشفاعة أنما تقع بعد الأذن الالهي ولولاه لما كانت هناك شفاعة فأذن الذي رحمهم حقيقة هو الله سبحانه ولو كان طريق الرحمة غيره ولكن هو سبحانه الذي رحمهم عن طرق وأسباب مختلفة ولكن منشأ الرحمة واحد .
2-أنما جعل الله سبحانه الشفاعة لهؤلاء الصالحين أنما هو نوع تكريم لما كابدوه في حياتهم الدنيا من آلام ومصائب وابتلاءات خرجوا منها ناجحين فلحين لا لأن هؤلاء ارحم منه سبحانه بل هو رحم هؤلاء حتى يصيروا سبب في رحمة غيرهم فيشفعوا للغير.
3-أن الله سبحانه عندما يجعل الشفاعة للأنبياء أو الأوصياء حتى يري المنحرفين أن سبيل النجاة والخلاص في الدنيا والآخرة هو بيد أولئك الذين دعوكم فلم تستجيبوا وها انتم اليوم بأم أعينكم ترون هؤلاء صاروا سبل النجاة اليوم.
الشبهة الرابعة :- أن الشفاعة نوع من التصرف والحكم مع أن القرآن يبين أن مالك يوم الدين والحاكم الوحيد هو الله سبحانه وتعالى .؟
الجواب :- أن شفاعة الشفعاء لا تعني ملكه ليوم الدين في قبال ملك الله سبحانه بل لهم هذا الملك وشيء منه برضا الهي وأذن الهي وما المانع أن يكون هناك من يتصرف في يوم القيامة غيره سبحانه ولكن بأذن ورضا منه سبحانه فالملائكة والشهود وكل شيء في الحساب له تصرف وتأثير ولكن منوط بإرادة الله سبحانه وأذنه لا بمعزل عنه .
الشبهة الخامسة:- الشفاعة تخالف عدله سبحانه فإذا حكم بأمر فذلك مقتضى عدله فأن تبدل هذا الحكم فلا محالة يكون الحكم الثاني ظلم لحقوق الآخرين .؟
الجواب:-1- من قال أن الشفاعة تصدر بعد البت والحكم على الجاني بل قبل ذلك فتجرى عله موازنة بين سيئاته وحسناته وتأثير كل من السيئات على الحسنات أو العكس فهناك مداقة وتحري شديد وليست المسألة اعتباطية وجزافية حتى بسرعة يحكم وينقض في وقت واحد .
2-كما قلنا سابقا الشفاعة إنما تكون بعد الأذن الالهي والرضا وهذا لا يخالف عدله بل قد نغير الموضوع حين الحكم فالحكم على الشخص تارة قد يكون بمقتضى عدله وتارة بمقتضى رحمته ولطفه ولا تنافي بينهما لان كل منهما له موضوعه الخاص وموازينه الخاصة فمثلا نقول الله سبحانه مميت ومحيي فهو محيي لان غرضه اختيار هذا الإنسان ليراه أي الطريقين يسلكه لكي يكون حجة لله على نفس الشخص في تقرير مصيره وهو مميت لان غرضه سبحانه هو علمه بان هذا الإنسان قد انتهى إلى مرحله لا فائدة في وجوده غير ما هو عليه فهنا الموضوعان اختلفا فكذلك عندما يحكم الله على شخص بعقوبة ما لكونه اغتاب شخصا مثلا ولكن تدخل النبي وعرض على الشخص الذي اغتيب بأن يعفو عن الشخص الذي اغتابه لكونه غفل أو نسي ولك أجرا أضمنه لك فلو تنازل هذا الشخص وحكم عليه بنفي العقوبة فليس هناك تنافي بين هذا الحكم بالعفو والحكم الأول بالعقوبة .
الشبهة السادسة :- إن سنن الله سبحانه لا تتبدل ولا تتغير ومن سنن الله سبحانه عقاب العاصين فالاعتقاد بالشفاعة يعني تغير في سنن الله سبحانه.؟
الجواب :-
1-كما إن عقاب العاصين سنة فثواب غيرهم سنة أيضا فلو أن شخص كان داخلا تحت عنوان العاصين بلحاظ موبقات ولكن دخل في عداد المحسنين بلحاظ آخر فما هو المانع من رفع العقاب عنه والإحسان إليه نعم إذا لم يمكن له الشفاعة كما لو كان مشركا فهنا عقابه سنة أما إذا صدق عليه محسن فلما يبقى عليه العقاب فمثلا لو أذنب شخص فانه يستحق العقوبة ولكن لو تاب فالعقوبة ترتفع ولو أذنب مرة أخرى فهو يستحق العقوبة ولكن لو تاب فهو لا يستحق العقوبة كل ذلك لان الموضوع تغير.
2-إن تغيير الوعيد حسن ولكن تغيير الوعد قبيح فمثلا لو واعد الله شخص بالنار ومن ثم عفا عنه فهنا هذا الأمر حسن لأنه عفو عند المقدرة أما لو وعد لشخص بالجنة ومن ثم خالف وعده فهذا قبيح فعليه الشفاعة أمر حسن لأنها تغيير للوعيد بالنار وهذا يوافق حكم العقل تماما.
4-إن السنن الالهية بعضها حاكم على بعض وبعضها مقدم على بعض فالغضب الالهي مطلوب والرضا الالهي مطلوب ولكن كل منهما له مورده فلو إن الله سبحانه عفى عن المسيء كان ذلك تقديم للرحمة على الغضب وقد قال تعالى (وسبقت رحمتي غضبي) فأن رحمته مقدمه على غضبه مهما كان هناك مجال للرحمة حتى ورد إن إبليس اللعين يطمع في تلك الرحمة التي يراها منه سبحانه .
الشبهة السابعة :- إن الوعد بالشفاعة يؤدي لجرأة الناس وتماديهم في ارتكاب المعاصي والانحراف عن الصراط المستقيم.؟
الجواب :-
1-إن القصد من الوعد بالشفاعة هو فتح باب الرجاء والإنابة واعتراف العبد بان الله ذو فضل عليه أما أذا فهم الشخص أن فتح باب الشفاعة يعني أن الأمور انفلاتيه ولا رقيب ولا عتيد فهذا شأن يعني نفس ذلك الشخص فاعتقاده بالشفاعة وفهمه للشفاعة والغرض منها غير صحيح ولا يلزم عدم صحة الشفاعة وكما هو ملاحظ مثلا في تشريع الزواج المنقطع فأن الشارع رأى مصلحه في ذلك الزواج وفق الشروط والضوابط أما لو جاء شخص ومارس هذا الزواج بحيث يلزم منه الكلام عليه ونبذه في المجتمع فالذي تصرف تصرف خاطيء هو الشخص ولكن لا يعني أن نقول إن تشريع زواج المتعة أو المنقطع فلته و خطأ منه سبحانه والعياذ بالله ولكن الناس لم يحسنوا التصرف فليلوموا أنفسهم.
2- إن من شروط الشفاعة أن يكون الشخص قد جاهد نفسه ولكن غلبته شهوته في بعض الأمور وكان عنده رجاء أن يغفر الله سبحانه له أما لو لم يكن له مثل ذلك الرجاء فهذا ممن لا يستحق الشفاعة لإساءته الظن بالله سبحانه.
3- إن من ينحرف عن الصراط المستقيم لا شفاعة له أصلا لان من شروط الشفاعة ألمحافظة على الاعتقادات الحقة أو أصول الدين أما لو انحرف فهو ليس من المقصودين بالشفاعة .
الشبهة الثامنة:- هناك آية تبين انه ليس للإنسان إلا ما يسعى إليه وهذا يعني إن الشفاعة لا دخل لها في تغيير المعادلة المصيرية للشخص.؟
الجواب:-
1-لا يمكن قراءة النصوص الدينية قراءة مفككه لكل نص على حده بل النصوص تمثل مجموعة المنظومة الدينية وبيانات الوحي الالهي فالحفاظ على ظاهر اية والبناء عليه من دون النظر إلى باقي الظواهر للنصوص أمر غير صحيح فمثلا لو نظرنا إلى هذه الآية (الله يتوفى الأنفس حين موتها ) وحكمنا بان الله سبحانه هو الذي يقبض الأرواح من دون توسيط احد وهو المباشرة لعملية القبض إلى آخره ..لكن هذا الحكم مطلق وكلي ولكن لو نظرنا إلى آية أخرى في القرآن تقول (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)
وحكمنا إن ملك الموت هو الذي يقبض الأرواح لكان هناك تناقض ولكن القراءة الصحيحة تقول نربط هذا النص بذاك النص فتكون النتيجة إن ملك الموت هو الذي يباشر عملية قبض الأرواح ولكن بعد الإذن والقدرة الالهية المزود بها لا استقلال فهو بدون الله سبحانه كسائر المخلوقات لا يملك حولا ولا قوة.
2-إن موازين الحساب لا تعتمد على العامل الكمي أي ما يفعله بجوارحه الخارجية يجازى عليه بل انه سبحانه يجازي حتى على الاعتقادات والملكات والنوايا لذلك لو إن شخصا أتى بجميع أعمال البشر خارجا ولكن يعتقد بوجود شريك مع الله سبحانه فهل ان العمل الخارجي يشفع له اكيد لايشفع فكلمة سعى يراد منها كل ماكان سبب لسعيه لا خصوص السعي الجوارحي الخارجي فلو انه سعى بأمر جيد وكان هذا العمل يسبب لغفران الذنوب له أو سبب لنيله الشفاعة فستكون الشفاعة مما سعا إليها لا أمر خارج عن سعيه بل المحاسب عليه الأمور المباشرة أو الأمور التي تسبب بها فمثلا ورد (من سن سنة حسنه فلهه أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) وكذلك العكس من سن سنة سيئة
إذن فالأعمال يؤثر بعضها على بعض ولا تؤخذ مفككه فيكون السعي إما مباشر أوغير مباشر.
والحمد لله اولاً واخراً
بقلم احمد السعيدي
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد واله الطيبين الطاهرين
الشفاعة في شبهات وردود
1-تعني الشفاعة في الاصطلاح علم الكلام توسط احد الأولياء عند الله عز وجل لشخص لغرض تخليصه من العقوبة بما لا يتعدى فيه على حق الله أو حق العباد.
وقد أشكل على الشفاعة بعدة أمور.
الشبهة الأولى:- أن الشفاعة ليست ثابتة بنص القرآن الكريم مثل قوله تعالى(واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) البقرة الآية "48"؟
الجواب:-
1-هذه الآية ليست في مقام بيان أن هناك شفاعة أو لا بل هي في مقام بيان أن الظالمين والذين يدعون من دون الله ليست لهم شفاعة أما أن الشفاعة بجميع أنواعها أي شفاعة الظالمين وشفاعة الصالحين منفية فهذا ما لا تتعرض له الآية بل هي نافيه لنوع من أنواع الشفاعة وهي شفاعة الظالمين لا كل أنواع الشفاعة فلو قلت ليس بالبلد فقهاء فأنك نفيت صنف ونوع من أنواع العلماء ألا وهم من يعلمون فقه الأحكام الشرعية وهذا النفي لا يدل على عدم وجود علماء في الطب وعلماء في المجالات الأخرى.
2-هناك عشرات من الآيات التي تثبت الشفاعة مثلا.
قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده ألا بأذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) البقرة الآية (255)
فهنا الآية واضحة الدلالة في أن هناك شفاعة ولكنها متوقفة على ألأذن الألهي ولا تقع بمعزل عن ألأذن ألالهي
وكقوله تعالى (ما من شفيع ألا من بعد أذنه) يونس الآية"3"
وهذه الآية تحصر الشفاعة فقط بالمأذون لهم أما الذين لم يؤذن لهم فليس لهم شفاعة أصلا.
وكقوله تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة ألا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) طه الآية "109"
ففي هذه الآية تبين أن الشفاعة التي تصدر من غير الذين يرضى لهم الرحمن مقاما وقولا هي كلا شفاعة وغير سارية المفعول بل مردودة على أصحابها فليست الشفاعة بمجرد الدعاوى بل هي مقامات واقعيه يختص بها الشفعاء من أهل الحق.
وقوله تعالى (ولا تنفع الشفاعة عنده ألا لمن أذن له حتى أذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
وهذه الآية كسابقتها تبين شرط قبول شفاعة الشفعاء وهي أن تكون مقرونة بالأذن الالهي والرضا الالهي . وهناك العشرات من هذه الآيات تركناها للاختصار
3-قد يقال أن هناك تعارض بين الآيات فبعضها تنفي الشفاعة وبعضها يثبت الشفاعة فانه يقال ليس هناك تنافي وتناقض لان شرط التنافي والتناقض وحدة الموضوع أي مدار النفي والاثبات أن يكون واحدا أما هنا فالمنفي هو الشفاعة الباطلة والمثبت هي الشفاعة ألحقه وهما مختلفان تماما وليس هنا وحدة المنفي والمثبت.
الشبهة الثانية:- يلزم من قبول الشفاعة خضوع وتأثير الشفعاء في الذات الالهيه؟
الجواب:-
1-أن العفو عن شخص والتسامح معه شيء والتاثير والخضوع له شيء آخر فلو كنت صاحب قدره بأن تأخذ حقك من الجاني فهل تركك إياه يعد ضعف أم انه من اجل مصادر القوى لاشك الثاني هو المتعين أي انك صاحب قوى لذلك عفو الله سبحانه عفو مع مقدرته على المعاقبة.
2-أن شفاعة الشفعاء هي مشروطة ومتوقفة على الرضا الالهي والاذن الالهي فليس هناك أي تأثير وإخضاع للذات المقدسة بل هي صاحبة التأثير في الجميع فمن يشفع أنما بعد رضاه سبحانه يشفع والله سبحانه لا يرضى ألا بما يقيم الحق .
الشبهة الثالثة :- أذا قلنا بالشفاعة للصالحين فهذا يلزم منه أن يكون هناك من هو ارحم من الله تعالى بعباده وهذا غير متصور فضلا عن الاعتقاد به؟
الجواب:-
1-قلنا أن الشفاعة أنما تقع بعد الأذن الالهي ولولاه لما كانت هناك شفاعة فأذن الذي رحمهم حقيقة هو الله سبحانه ولو كان طريق الرحمة غيره ولكن هو سبحانه الذي رحمهم عن طرق وأسباب مختلفة ولكن منشأ الرحمة واحد .
2-أنما جعل الله سبحانه الشفاعة لهؤلاء الصالحين أنما هو نوع تكريم لما كابدوه في حياتهم الدنيا من آلام ومصائب وابتلاءات خرجوا منها ناجحين فلحين لا لأن هؤلاء ارحم منه سبحانه بل هو رحم هؤلاء حتى يصيروا سبب في رحمة غيرهم فيشفعوا للغير.
3-أن الله سبحانه عندما يجعل الشفاعة للأنبياء أو الأوصياء حتى يري المنحرفين أن سبيل النجاة والخلاص في الدنيا والآخرة هو بيد أولئك الذين دعوكم فلم تستجيبوا وها انتم اليوم بأم أعينكم ترون هؤلاء صاروا سبل النجاة اليوم.
الشبهة الرابعة :- أن الشفاعة نوع من التصرف والحكم مع أن القرآن يبين أن مالك يوم الدين والحاكم الوحيد هو الله سبحانه وتعالى .؟
الجواب :- أن شفاعة الشفعاء لا تعني ملكه ليوم الدين في قبال ملك الله سبحانه بل لهم هذا الملك وشيء منه برضا الهي وأذن الهي وما المانع أن يكون هناك من يتصرف في يوم القيامة غيره سبحانه ولكن بأذن ورضا منه سبحانه فالملائكة والشهود وكل شيء في الحساب له تصرف وتأثير ولكن منوط بإرادة الله سبحانه وأذنه لا بمعزل عنه .
الشبهة الخامسة:- الشفاعة تخالف عدله سبحانه فإذا حكم بأمر فذلك مقتضى عدله فأن تبدل هذا الحكم فلا محالة يكون الحكم الثاني ظلم لحقوق الآخرين .؟
الجواب:-1- من قال أن الشفاعة تصدر بعد البت والحكم على الجاني بل قبل ذلك فتجرى عله موازنة بين سيئاته وحسناته وتأثير كل من السيئات على الحسنات أو العكس فهناك مداقة وتحري شديد وليست المسألة اعتباطية وجزافية حتى بسرعة يحكم وينقض في وقت واحد .
2-كما قلنا سابقا الشفاعة إنما تكون بعد الأذن الالهي والرضا وهذا لا يخالف عدله بل قد نغير الموضوع حين الحكم فالحكم على الشخص تارة قد يكون بمقتضى عدله وتارة بمقتضى رحمته ولطفه ولا تنافي بينهما لان كل منهما له موضوعه الخاص وموازينه الخاصة فمثلا نقول الله سبحانه مميت ومحيي فهو محيي لان غرضه اختيار هذا الإنسان ليراه أي الطريقين يسلكه لكي يكون حجة لله على نفس الشخص في تقرير مصيره وهو مميت لان غرضه سبحانه هو علمه بان هذا الإنسان قد انتهى إلى مرحله لا فائدة في وجوده غير ما هو عليه فهنا الموضوعان اختلفا فكذلك عندما يحكم الله على شخص بعقوبة ما لكونه اغتاب شخصا مثلا ولكن تدخل النبي وعرض على الشخص الذي اغتيب بأن يعفو عن الشخص الذي اغتابه لكونه غفل أو نسي ولك أجرا أضمنه لك فلو تنازل هذا الشخص وحكم عليه بنفي العقوبة فليس هناك تنافي بين هذا الحكم بالعفو والحكم الأول بالعقوبة .
الشبهة السادسة :- إن سنن الله سبحانه لا تتبدل ولا تتغير ومن سنن الله سبحانه عقاب العاصين فالاعتقاد بالشفاعة يعني تغير في سنن الله سبحانه.؟
الجواب :-
1-كما إن عقاب العاصين سنة فثواب غيرهم سنة أيضا فلو أن شخص كان داخلا تحت عنوان العاصين بلحاظ موبقات ولكن دخل في عداد المحسنين بلحاظ آخر فما هو المانع من رفع العقاب عنه والإحسان إليه نعم إذا لم يمكن له الشفاعة كما لو كان مشركا فهنا عقابه سنة أما إذا صدق عليه محسن فلما يبقى عليه العقاب فمثلا لو أذنب شخص فانه يستحق العقوبة ولكن لو تاب فالعقوبة ترتفع ولو أذنب مرة أخرى فهو يستحق العقوبة ولكن لو تاب فهو لا يستحق العقوبة كل ذلك لان الموضوع تغير.
2-إن تغيير الوعيد حسن ولكن تغيير الوعد قبيح فمثلا لو واعد الله شخص بالنار ومن ثم عفا عنه فهنا هذا الأمر حسن لأنه عفو عند المقدرة أما لو وعد لشخص بالجنة ومن ثم خالف وعده فهذا قبيح فعليه الشفاعة أمر حسن لأنها تغيير للوعيد بالنار وهذا يوافق حكم العقل تماما.
4-إن السنن الالهية بعضها حاكم على بعض وبعضها مقدم على بعض فالغضب الالهي مطلوب والرضا الالهي مطلوب ولكن كل منهما له مورده فلو إن الله سبحانه عفى عن المسيء كان ذلك تقديم للرحمة على الغضب وقد قال تعالى (وسبقت رحمتي غضبي) فأن رحمته مقدمه على غضبه مهما كان هناك مجال للرحمة حتى ورد إن إبليس اللعين يطمع في تلك الرحمة التي يراها منه سبحانه .
الشبهة السابعة :- إن الوعد بالشفاعة يؤدي لجرأة الناس وتماديهم في ارتكاب المعاصي والانحراف عن الصراط المستقيم.؟
الجواب :-
1-إن القصد من الوعد بالشفاعة هو فتح باب الرجاء والإنابة واعتراف العبد بان الله ذو فضل عليه أما أذا فهم الشخص أن فتح باب الشفاعة يعني أن الأمور انفلاتيه ولا رقيب ولا عتيد فهذا شأن يعني نفس ذلك الشخص فاعتقاده بالشفاعة وفهمه للشفاعة والغرض منها غير صحيح ولا يلزم عدم صحة الشفاعة وكما هو ملاحظ مثلا في تشريع الزواج المنقطع فأن الشارع رأى مصلحه في ذلك الزواج وفق الشروط والضوابط أما لو جاء شخص ومارس هذا الزواج بحيث يلزم منه الكلام عليه ونبذه في المجتمع فالذي تصرف تصرف خاطيء هو الشخص ولكن لا يعني أن نقول إن تشريع زواج المتعة أو المنقطع فلته و خطأ منه سبحانه والعياذ بالله ولكن الناس لم يحسنوا التصرف فليلوموا أنفسهم.
2- إن من شروط الشفاعة أن يكون الشخص قد جاهد نفسه ولكن غلبته شهوته في بعض الأمور وكان عنده رجاء أن يغفر الله سبحانه له أما لو لم يكن له مثل ذلك الرجاء فهذا ممن لا يستحق الشفاعة لإساءته الظن بالله سبحانه.
3- إن من ينحرف عن الصراط المستقيم لا شفاعة له أصلا لان من شروط الشفاعة ألمحافظة على الاعتقادات الحقة أو أصول الدين أما لو انحرف فهو ليس من المقصودين بالشفاعة .
الشبهة الثامنة:- هناك آية تبين انه ليس للإنسان إلا ما يسعى إليه وهذا يعني إن الشفاعة لا دخل لها في تغيير المعادلة المصيرية للشخص.؟
الجواب:-
1-لا يمكن قراءة النصوص الدينية قراءة مفككه لكل نص على حده بل النصوص تمثل مجموعة المنظومة الدينية وبيانات الوحي الالهي فالحفاظ على ظاهر اية والبناء عليه من دون النظر إلى باقي الظواهر للنصوص أمر غير صحيح فمثلا لو نظرنا إلى هذه الآية (الله يتوفى الأنفس حين موتها ) وحكمنا بان الله سبحانه هو الذي يقبض الأرواح من دون توسيط احد وهو المباشرة لعملية القبض إلى آخره ..لكن هذا الحكم مطلق وكلي ولكن لو نظرنا إلى آية أخرى في القرآن تقول (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)
وحكمنا إن ملك الموت هو الذي يقبض الأرواح لكان هناك تناقض ولكن القراءة الصحيحة تقول نربط هذا النص بذاك النص فتكون النتيجة إن ملك الموت هو الذي يباشر عملية قبض الأرواح ولكن بعد الإذن والقدرة الالهية المزود بها لا استقلال فهو بدون الله سبحانه كسائر المخلوقات لا يملك حولا ولا قوة.
2-إن موازين الحساب لا تعتمد على العامل الكمي أي ما يفعله بجوارحه الخارجية يجازى عليه بل انه سبحانه يجازي حتى على الاعتقادات والملكات والنوايا لذلك لو إن شخصا أتى بجميع أعمال البشر خارجا ولكن يعتقد بوجود شريك مع الله سبحانه فهل ان العمل الخارجي يشفع له اكيد لايشفع فكلمة سعى يراد منها كل ماكان سبب لسعيه لا خصوص السعي الجوارحي الخارجي فلو انه سعى بأمر جيد وكان هذا العمل يسبب لغفران الذنوب له أو سبب لنيله الشفاعة فستكون الشفاعة مما سعا إليها لا أمر خارج عن سعيه بل المحاسب عليه الأمور المباشرة أو الأمور التي تسبب بها فمثلا ورد (من سن سنة حسنه فلهه أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) وكذلك العكس من سن سنة سيئة
إذن فالأعمال يؤثر بعضها على بعض ولا تؤخذ مفككه فيكون السعي إما مباشر أوغير مباشر.
والحمد لله اولاً واخراً
بقلم احمد السعيدي