الغريب21
24-01-2011, 04:32 PM
((( السيرة الذاتية للسيد الشهيد الصدر))) هو الأب الروحي والمصلح الثائر والمجدد الفريد زعيم الأمة وحفيد الأئمة سليل الدوحة المحمدية المطهرة الذي أعاد للدين حضوره ومنح القيم الإسلامية وجودا واقعيا في حياة الشعب العراقي وكتب للعراق المجد بالوقوف في وجه اعتى طغاة الأرض و به انتقل العراقيون من الضلال إلى الهدى وبه تشرفت كما بجده الأعلى أرض النجف الاشرف المباركة فأعاد للناس حقيقة علي بن أبي طالب عليه السلام وبه أدرك الناس عظمة الدين والمذهب ...
ولادته المباركة :
ولد السيد الشهيد محمد محمّد صادق الصدر ( رضوان الله عليه) في أكثر أيام الله بركة ورحمة وهو يوم ذكرى المولد النبوي الشريف وذكرى ولادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) في السابع عشر من ربيع الأول عام 1362 هـ الموافق 23 / 3 / 1943م في مدينة النجف الاشرف .
نسبه الشريف :
ويرجع نسبه الشريف إلى الإمام موسى بن جعفر( عليهما السلام في ) سلسلة نسبية قليلة النظير في صحتها ووضوحها وتواترها، فهو محمد ابن السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد إسماعيل ابن السيد صدر الدين (الذي سميت أسرة الصدر بأسمه) محمد ابن السيد صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين (جد أسرة آل شرف الدين) ابن زين العابدين ابن السيد نور الدين علي ابن السيد علي نور الدين بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن بن محمد شمس الدين بن عبد الله بن جلال الدين بن احمد بن حمزة الأصغر بن سعد الله بن حمزة الأكبر بن أبي السعادات محمد بن أبي محمد عبد الله (نقيب الطالبيين في بغداد) بن أبي الحرث محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي طاهر بن أبي الحسن محمد المحدّث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبي سبحة بن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام.
نشأته :
نشأ سماحته في أسرة علمية معروفة بالتقوى والعلم والفضل، ضمّت مجموعة من فطاحل العلماء منهم جده لامه آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سره) ومنهم والده الحجة السيد محمد صادق الصدر (قدس سره) الذي كان آية في التقوى والتواضع والزهد والورع، وإذا كان احد يوصف بأنه قليل النظير في ذلك فان الوصف ينطبق تماماً على المرحوم السيد محمد صادق الصدر (قدس سره)
وقد ذكر احد المقربين من السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) إن المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر (قدس سره) شكا له ولده السيد محمداً الصدر لا من عقوق ولا جفاء ولا قصور أو تقصير بل من كثرة عبادته وسهره في الدعاء والبكاء حتى أوشك على إتلاف نفسه فما كان من السيد محمد باقر الصدر إلاّ إن بعث إليه وطلب منه الاعتدال في العبادة فاستجاب له لأنه كان مطيعاً لأستاذه محباً له لا يعصيه ولا يخالفه.ومن سماته وخصاله التي عرف بها خُلقه الرفيع المبرّأ من كل رياء أو تصنع ويكفيك أن تعايشه دقائق لتعرف ذلك فيه واضحاً جلياً يغنيك العيان عن البرهان.
دراسته :
تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر من «كلية الفقه في النجف الاشرف في دورتها الأولى عام 1964 وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ ابن عمه الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر الذي تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته.وبغض النظر عن مراحل دراسته التي تخطاها بتفوق وجدارة يكفي أن نشير إلى أن سماحته يعتبر من ابرز طلاب السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) ومقرري أبحاثه الفقهية والأصولية. وقد كتب الصدر الأول مقدمة الموسوعة المهدوية التي ألفها الولي الطاهر محمد الصدر وقد تضمنت المقدمة التي طبعت فيما بعد في كتاب مستقل إشادة وبيان فضل ومكانة وأعلمية شهيدنا الخالد والتي قال فيها الصدر الأول مانصه
((وسأقتصر على هذا الموجز من الأفكار تاركاً التوسع فيها وما يرتبط بها من تفاصيل إلى الكتاب بالقيم الذي أمامنا، فإننا بين يدي موسوعة جليلة في الإمام المهدي (عليه السلام) وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة البحاثة السيد محمد الصدر ـ حفظه الله تعالى ـ ( وهو الشهيد المرجع آية الله السيد محمد صادق الصدر) وهي موسوعة لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي (عليه السلام) في إحاطتها وشمولها لقضية الإمام المنتظر من كل جوانبها، وفيها من سعة الأفق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات ما يعبر عن الجهود الجليلة الذي بذلها المؤلف في إنجاز هذه الموسوعة الفريدة، وإني لأحس بالسعادة وأنا أشعر بما تملأه هذه الموسوعة من فراغ وما تعبر عنه من فضل ونباهة وألمعية وأسأل المولى ـ سبحانه وتعالى ـ أن يقر عيني به ويريني فيه علماً من أعلام الدين )).)
ومن المعروف إن مدرسة السيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه) تعتبر أرقى مدرسة علمية في المعرفة الفقهية والأصولية عمقاً وشمولا ودقة وإبداعا. ويعتبر سماحته علماً من إعلام تلك المدرسة المتفوقة والمتميزة
وقد درس (قدس سره) جملة من العلوم والمعارف الدينية عند مجموعة من الأساتذة نذكر أهمهم على نحو الإجمال
الفلسفة الإلهية، درسها عند المرحوم الحجة محمد رضا المظفر صاحب كتاب أصول الفقه والمنطق
الأصول والفقه المقارن، على يد الحجة السيد محمد تقي الحكيم
الكفاية درسها عن السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه ) المكاسب درسها عند أستاذين الأول محمد باقر الصدر والثاني الملا صدر البادكوبي
أبحاث الخارج وهي أعلى مستوى دراسي حوزوي حضر عند عدد من الأساتذة الفطاحل وهم آية الله العظمى السيد الشهيد المفكر الإسلامي وفيلسوف العصر السيد محمد باقر الصدر و أية الله العظمى السيد روح الله الخميني و آية الله العظمى المحقق الخوئي (قدس الله إسرارهم ) ، فنال على أيدي هؤلاء مرتبة الاجتهاد والفتوى التي أهلته للمرجعية العليا باشر بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) أول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من (المختصر النافع) للمحقق العلامة الحلي. وبعد فترة باشر ثانية بإلقاء أبحاثه العالية في الفقه والأصول (أبحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصناً روحياً لانه اقرب بقعة من جسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
عطاء فكري ثري
تأثر الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) بافكار أساتذته من العلماء والمراجع إذ أن مجرد معرفة عدد من أسماء هؤلاء الأساتذة ستساعد في توضيح الملامح الفكرية لشخصيته، فهو درس لدى السيد الراحل الخميني (قدس سره) والشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وآية الله العظمى المحقق الخوئي، وآخرين، إلاّ انه إذا تجاوزنا المشترك الفقهي لهؤلاء الثلاثة، يمكن القول انه استلهم الفكر الثوري من تجربة ودروس الإمام الخميني (قده)، واستلهم المشروع التغيري في العراق من تجربة ودروس ونظريات آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي يعد أكبر مفكر إسلامي في العصر الحديث، ولذا يمكن القول، إن السيد محمد محمد صادق الصدر قد وظف بالإضافة إلى قدراته الفقهية التقليدية تجربتين في تجربته، التجربة الخمينية، والتجربة الصدرية الأولى، فهو توجه بكل جهوده إلى الجانب الإصلاحي العملي الذي يحقق حضوراً تغيريا في وسط الأمة، وأنجز أول تجربة عملية تغييريه يقودها فقيه في بلد مثل العراق بحركة إنتاج فقهي، عملي أيضا، أي بمعنى فقه يواكب حركة الحياة، بتطوراتها، ومستجداتها، وتحدياتها، وآفاقها المستقبلية، إذ انه أراد أن يربط الفقه بالواقع وأن يبعث فيه روح التجديد، ، وأن يصوغ ملامح تجربته الخاصة. ومرةً أخرى لابد من التأكيد بان قيمة هذه التجربة تنبع من كونها عراقية، بكل استثناءات العراق المعروفة، المتعلقة بالسلطة والجو السياسي، والآمة، وموقع الحوزة ومهما يكن من أمر فان المولى المقدس ترك وراءه عدداً مهماً من المؤلفات التي قد تساعد في فهم ملامح مشروعه العام.
مؤلفاتــــــــــــــه :
موسوعة الإمام المهدي، والتي صدر منها
أ - تاريخ الغيبة الصغرى
ب - تاريخ الغيبة الكبرى
ج - تاريخ ما بعد الظهور
د - اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني
ما وراء الفقه (عشرة أجزاء) هذا الكتاب يتعرض لما وراء الفقه، لا للفقه نفسه، فإنَّ للفقه، كسائر العلوم، ارتباطات بعلوم عديدة و معلومات كثيرة، خارجة عن صيغته الأساسية. و هذه هي المادة الخام لهذا الكتاب.
منهج الصالحين (خمسة أجزاء) (وهي رسالة عملية موسعة وفيها كتاب الاجتهاد والتقليد و كتاب الطهارة و كتاب الصلاة وكتاب الصوم وكتاب الاعتكاف و كتاب الزكاة و كتاب الخمس و كتاب الحج و كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و كتاب الجهاد و ملحق بالموضوعات الحديثة
فقه الأخلاق (جزءان)
منة المنان في الدفاع عن القرآن ( ثمانية عشر مجلدا )
أضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)
شذرات من فلسفة تاريخ الأمام الحسين (عليه السلام )
نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان.
فلسفة الحج ومصالحه الشخصية في الإسلام
أشعة من عقائد الإسلام
القانون الإسلامي وجوده، صعوباته، منهجه
فقه الفضاء.
فقه الموضوعات الحديثة
فقه المجتمع
فقه الطب
سلسلسة مسائل وردود (أربعة أجزاء)
الأسرة في الإسلام
حديث حول الكذب
بحث حول الرجعة.
كلمة في البداء.
الصراط القويم.
مناسك الحج.
كتاب الصلاة.
كتاب الصوم.
منهج الأصول.
التنجيم والسحر.
مسائل في حرمة الغناء.
مجموعة أشعار الحياة (( ديوان شعر))
كتاب الاستخارة
كتاب رفع الشبهات عن الأنبياء
بحث حول الشيطان.
مخطوطاته :
وأما مخطوطاته التي لم تطبع لحد الآن فبالرغم مما امتاز به الولي الطاهر (قدس سره) من كتبه المطبوعة إلاّ انه لا تزال هناك جملة من كتبه المخطوطة تنتظر الطبع و منها
الجزء الخامس من موسوعة الإمام المهدي بعنوان هل إن المهدي طويل العمر
دورة في علم الأصول على يد المحقق السيد الخوئي
بين يدي القرآن
دورة في علم الأصول على يد السيد أبي جعفر
مباحث في كتاب الطهارة الاستدلالي
المعجزة في المفهوم الإسلامي
مبحث في المكاسب
اللمعة في أحكام صلاة الجمعة
الكتاب الحبيب إلى مختصر مغني اللبيب
تعليقه على رسالة السيد الخوئي.تعليقه على كتاب المهدي لصدر الدين الصدر
سلسلة خطب الجمعة
فقه الكيمياء.
وصيته:
أجزاء باقي كتاب منهج الأصول
شرح كتاب الكفاية
ومن خلال قائمة المؤلفات هذه تتضح بعض اهتمامات الشهيد الخالد محمد الصدر (قدس سره الشريف) بالفقه المعاصر وبحياة المجتمع وشؤونه في الحاضر والمستقبل وان كل مؤلف من هذه المؤلفات شكل قضية من القضايا وحاجة من الحاجات الملحة للكتابة فيها.
إجازته في الرواية:
له إجازات من عدة مشايخ في الرواية أعلاها من: آية الله حسن الطهراني المعروف بـ (أغا بزرك الطهراني) صاحب الذريعة عن أعلى مشايخه وهو الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، ومنهم والده الحجة آية الله السيد محمد صادق الصدر وخاله آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين وابن عمه آية الله الحاج اغا حسين خادم الشريعة وآية الله السيد عبد الرزاق المقرم الموسوي (صاحب كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام) وآية الله السيد حسن الخرسان الموسوي وآية الله السيد عبد الأعلى السبزواري والدكتور حسين علي محفوظ وغيرهم.
الدور التاريخي للمولى المقدس محمد الصدر (رض)
وإما عن دوره التغيري وحركته الإصلاحي فان المداد يشعر بالظمأ الشديد وهو يستعرض ما قدمه المولى المقدس في حياته الشريفة للعراقيين وللدين والمذهب وقد كتب الباحث أحمد الموسوي بحثا ملخصا أوضح من خلاله بعض الجوانب المشرقة من الدور الكبير الذي لعبه المولى المقدس محمد الصدر نعرض بعضا مما جاء فيه :
(( لما كانت الظاهرة الدينية (اعتقادا أو ممارسة) تمثل تأثيرا آسرا على الفرد والمجتمع باعتبارها حاجة روحية- نفسية واجتماعية، وهي أداة ضابطة للفعل الاجتماعي، فأنها لاشك تحتاج إلى شخص أو أشخاص يتصدون إلى سدة القيادة والتوجيه والتنظيم ولطالما كانت قوة هذا المتخيل والواقع الديني فأنها أيضا تتأرجح ويتأثر الفعل الاجتماعي بها وفق سمات ومؤهلات الشخصيات القيادية التي تتبؤ مراكزها والإسلام لا يشذ عن الظواهر الدينية أو الأديان الأخرى سيما وأن الإسلام أيديولوجيا ومنهج ياتي مرن قابل أن يحتوي مختلف بيئات الأرض .
وإزاء ذلك يأتي السؤال: كيف يتسنى لرجل الدين إن يتمثل معظم هذه المهام وخاصة في ظروف تأزم سياسي واجتماعي وتناقضات حادة تجعل المحيط كله يكاد يكون ملغوما؟
تقوم هذه الورقة البحثية على فرضية : إن السيد محمد محمد صادق الصدر -وهو موضوعها- انتهج سياسة تحول أو تنقل أو التدرج في الدور وتطويره، وذلك ابتداءا من دور القيادة الدينية - بتصديه للمرجعية- إلى دور المصلح الاجتماعي ثم إلى دور الزعيم السياسي .
وعلى أساس أن الدور القيادي الديني في ظل وضع سياسي محاصر للظاهرة أو الممارسة الدينية يجعل الدور الاجتماعي محددا فضلا عن التأثير السياسي وذلك بالتضييق بكافة أوجهه الأمنيةوالإعلاميةوالماديةوغيرها وهذا يعني أن ليس بالضرورة تلازم الدور السياسي -الديني أو بمعنى أوضح تلازم الدين- السياسة، ولكن في ظل حكم ديكتاتوري وشمولي يغيب ويهمش دور الأخر مهما كانت حاجته وتأثيره في المجتمع ولا دور للمجتمع المدني ومؤسساته فضلا عن احتكاره لثروة البلاد وممارسة إبادة أفراد أو جماعاتاوحتى مُدنا ويمارس فصلا عنصريا ومذهبيا لذا لابد أن يأخذ الدين والحركات الدينية دورها في التغيير وصولا إلى سلطة يقررها المجتمع
ولمحاولة تعضيد هذه الفرضية ( تحول الدور) تلجأ الورقة إلى سلسة من الشواهد الموثقة أو المقررة سواء في الساحة العراقية أو خارجها.لقد كتب الكثير من البحوث والمقالات والكتب عن حياة ومآثر ونتاج فقيدنا السيد الصدر الثاني الفكري، وسيظل الكثير منها مثار جدل وبحث طالما أنها تركت بصماتها الكثيرة في الشارع العراقي حالها حال الكثير من اجتهاداته التي حركت الكثير من الجمود والركود في أوساط الحوزة العلمية وقلبت الكثير من الموازين
فالرجل الفقيه يختزن تجربة كبيرة وثرة من البحث العلمي وتشهد بذلك مؤلفاته الكثيرة والدائرة في بعض المجالات ومنها في فقه الفضاء مثلا والذي يدل على بعد نظر كبير وسعة أفق قل نظيرها لمن يعملون في المجال العلمي الديني
كما إن لديه تجربة نضالية تتمثل في معاصرته لابن عمه الفقيه الكبير الشهيد محمد باقر الصدر. وتعرضه هو شخصيا للاعتقال ثلاث مرات في حياته، الأولى في عام 1972، والثانية عام 1974، والثالثة عام 1991 عقب الانتفاضة الشعبية التي عمت أرجاء العراق
كما وعانى فترات طويلة من العزلة والمقاطعة الاجتماعية والعلمية من محيطه (الحوزوي) خاصة نتيجة لكل هذه الظروف والملابسات التي من النادر آن لا يتعرض لمثلها شخص بمثل تلك المؤهلات ويحمل بذورا لمشروع كبير كان بالتأكيد يبحث عن الفرص والأجواء والأرضية التي تناسبه.
الدور الديني (الإصلاح الديني):
لعل ممارسة الوعظ الديني والإفتاء كإجابات لمن يطلبها وقبض الحقوق الشرعية والتدريس في الحوزة العلمية والمدارس الدينية المحدودة هي أهم وابرز مهام رجل الدين المجتهد في العراق وذلك نتيجة الظروف السياسية التي يعيشها العراق والتي لا تشذ كثيرا عن غيرها من البلدان الإسلامية الأخرى التي لا تحكمها أنظمة حكم ثيوقراطية. فدور رجل الدين يبقى في هذا الإطار بمعنى لا يتعداه في الأعم الأغلب إلى التأثير الاجتماعي وتوجيه حركة المجتمع ولكننا نقرأ في مشروع السيد الصدر الثاني الكثير مما تجده قد بدى إرهاصات لمشروع ودور بل أدوار تتعدى الدور الكلاسيكي المعتاد
فمعروف أن السيد قد تصدى للمرجعية عام 1984، ولكن الفرصة قد واتت بعد الانتفاضة بفترة ليكون المرجع الرسمي. ومهما قيل وأختلف عن حيثيات الاعتماد الرسمي، فإن كل ما يقطع دابر الشك والاشتباه هو القراءة المتأنية لمسيرته في الفترة القصيرة هذه-حتى استشهاده-. حيث عرف عنه أمور هامة ثبتت ووضحت منهجه في التعامل مع السلطة في العراق وهي :
تحاشيه للسلطة ومحاولة تحييدها لمنعها من ممارسة قمعها الوحشي و محاولة تحقيق مكاسب هامة تتمثل بحرية نسبية وحصانة معقولة ودور معتبر للحوزة جراء هذه العلاقة
عدم امتداحه للسلطة أو الدعاء لها بل وقف بحزم ضد محاولة تسخير صلاة الجمعة لتحقيق مكسب الدعاء من قبل الخطباء لرأس السلطة
وقد تحققت مكاسب كثيرة يمكن أن نعدها إصلاحا أو تحديثا في الحوزة العلمية في النجف منها
توسيع الحوزة العلمية أفقيا وعموديا، وذلك بتوسيع الصفوف الدراسية وزيادة أعداد الطلبة، وفتح جامعة علمية دينية بإسم (جامعة الصدر الدينية)
تحديث نظام التعليم فيها من حلقات منفردة إلى منفصلة وتحت مظلة واحدة وإشراف عام منه ، تقليص العطل لحساب الدوام الرسمي
زيادة أعداد المقبولين ومن مختلف أنحاء العراق
تقليص فترة الدراسة لبلوغ مرحلة الاجتهاد، ولاشك أن لذلك مبررات وضرورات أ دركها الشهيد الصدر تتمثل في المرحلة الراهنة التي يعيشها البلد
كما وإنه ركز جهده على إستقطاب الكفاءات العلمية والشبابية من خريجي الكليات والمعاهد بمختلف التخصصات وهو ما يدلل بلاشك على الخروج عن القولبة المعتادة، وهو وجه جديد تطل به الحوزة ودماء جديدة تضخها ولسان مختلف تخاطب به المجتمع
إنشاء محاكم شرعية، وهي سابقة في العراق في ظل ظروف الحكم القائم الآن
فتح مكاتب في كافة محافظات العراق .
رعاية طلبة الحوزة ومتابعتهم حتى في النواحي الاجتماعية، كتقديم الدعم المادي في حالات الزواج مثلا وغيرها
إدخال نظام المنافسات المباشرة بين الطلبة( المسابقات) إدخال أنظمة تعليم حديثة ومتطورة مثل الكمبيوتر
عمل نظام إدارة وتعامل مع المترددين ( بناية من أربعة طوابق) مخصصة للأمور المالية والإدارية والاجتماعية والإعلامية
إصدار نشرة دورية نصف شهرية بإسم الهدى كناطق ولسان حال الحوزة
وبعد اتساع الوعي الديني من خلال مخاطبته معظم فئات وشرائح المجتمع سواء بخطابه المباشر بالوسائل المختلفة أو كتبه مثل فقه الطب وفقه العشائر وغيرها… كما إن نشر الوكلاء في مختلف المدن والقصبات هيئ فرصا للاتصال وزيادة الوعي الديني.
الدور الاجتماعي ( الإصلاح الاجتماعي):
تمثل الدور الديني بما احتواه من إنجازات تعد إصلاحية في هذا المجال بأنه أرضية ممهده لدور أبعد يتمثل بلعب دور الإصلاح الاجتماعي أي تناول ظواهر اجتماعية لم يعهدها الناس لدى رجل الدين، كما في الأمور التالية :
1- عمل اتصالات مباشرة ودورية مع الوكلاء للإطلاع على أمورهم وأمور الناس من خلالهم
• 2-إرسال وكلاء عنه لحضور المناسبات الدينية والشعبية(مجالس العزاء- الفاتحة) مثلا، تعطى محاضرات أو مجالس وعظية أحيانا في وقتها
• 3-بث الوعي العام بأمور هامة ترتب علاقات وأخلاقيات صلاة الجماعة، التعامل مع رجل الدين، الحقوق الشرعية، وغيرها وذلك من خلال وكلاء وفي أوقات قبل الصلاة عادة
• 4-محاولة تصحيح بعض الممارسات الدينية أو ما يتعلق بها مثل: بعض النداءات أثناء المشي لزيارة كربلاء، أو استخدام خرق القماش (العلك)، مدى التزام النساء بالزيارة في حالة الازدحام، أو مسألة تقبيل اليد وبمقابل ذلك تكرس هيبة رجل الدين وبتحديد ضوابط خلقية لوكلائه والمعممين مثل تحاشي الأكل في الشارع والأماكن العامة والابتعاد عن الشبهات.
5-محاولة الوصول والمخاطبة لشرائح هامة من المجتمع مثل العشائر، حيث تمتاز العشائر العراقية ببنية اجتماعية معقدة ويتخذ بعضها انساقا إدارية منظمة تتخذ ضوابط وجزاءات منها متوارثة عبر أجيال بعضها مكتوب يحتم الالتزام به ومنها ما هو تعسفي وقد يناقض أو لا يتطابق مع الشريعة الإسلامية دون قصد لاشك
لذا كانت مبادرة السيد الصدر الثاني إلى إصدار فقه العشائر الذي يضع ضوابط ( سنينة) بديلة عما إعتادوه تراعي بعض الشيء خصوصياتهم على أقل تقدير في استخدام المفاهيم المتداولة لديهم. ولاشك إن هذا إنجاز هام حتى لو تحقق جزء بسيط منه، حيث يعد سابقة هامة في تاريخ الحوزة العلمية
6-مخاطبة الغجر دون التهجم أو الاستباحة لهم وبلغة علمية تحلل وضعهم الاجتماعي وظروفهم التاريخية، ودعوتهم إلى التكيف مع المجتمع العراقي بقيمه الدينية والاجتماعية وقد لقي هذا الخطاب استجابة جيدة ربما حكمتها لاحقا ظروف استشهاده
7-رفع شعار الحوزة الناطقة أو المجاهدة مقابل الحوزة الصامتة دليلا على فاعلية الحوزة ولعبها لدور أكبر في المجتمع
8-لاشك في أن إقامة صلوات الجماعة والعيد والجمعة لاحقا لها أهداف كبيرة ومضامين متعددة منها في هذا المجال أيجاد قنوات اتصال جماهيرية ومناسباتية متكررة لمخاطبتهم والتأثير فيهم
الدور السياسي
من المحتم أن محاولة أيجاد دور أو تأثير سياسي في المجتمع محليا أو في الأوساط الخارجية الإقليمية والدولية، يحتاج إلى قاعدة شعبية واليات تأثير كبيرة ومنظمة في غياب تقلد منصب سياسي أو قيادة تنظيم حزبي. ولهذا نرى أن السيد الصدر مهد لذلك بدقة وعلى مراحل وقد سميناها أدوارا، فالدور الديني كان بتقلد المرجعية وإتباع نهج ينسج علاقة متفردة مع الشارع الاجتماعي وهذا بدوره يمهد لتهيئة الشارع للولاء والتنظيم ومن ثم أداء دور تغييري.
وقد هضم السيد الصدر الثاني وخبر مجتمعه بعد أن عاش تجارب مريرة ومشاريع قد تم إجهاضها متمثلة بتجربة السيد الصدر الأول والنشاط السياسي الحركي الأخر الديني والوطني باتجاهاته السياسية المتعددة
ولهذا كان منهجه وأجندته هي هذه المراحل التي افترضناها وذلك بعد مهادنة السلطة وتحييد دورها واستغلال ذلك لتحقيق مكاسب كما أشرنا مسبقا
وقد تجسد ذلك من خلال دبلوماسية ردوده التي جنبته مأزق المواجهة مع السلطة حينما أكد أن" على السياسة أن تستلهم الدين وان تعمل بوحي أحكامه عملا بالقاعدة القائلة- حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة- ، ولكن هل يقتضي ذلك دمج القيادتين الدينية والسياسية؟ ليس بالضرورة، إذ ثمة معطيات سياسية لا يملكها رجل الدين إلى أن يقول – وأنا مع مبدأ الفصل بين القيادتين شرط أن يجعل الحاكم السياسة في خدمة الدين، لا أن يسخر الدين في خدمة السياسة-"
وربما يكون هذا هو الهدف الذي يسعى إليه وما الضير في ذلك؟
لقد برزت عدة دلالات تأكد التوجه نحو لعب هذا الدور( السياسي)، وكانت أولى بوادرها وممهداتها إعلانه ولاية الفقيه المطلقة بشخصه في العراق ، مع اعترافه بولاية الفقيه في إيران، وذلك في " حالة عدم وجود حكومة إسلامية فإنه يرى بأنه ليس كل أمور الولاية العامة موقوفة أو بناء على هذه القناعة الفقهية فانه أقام صلاة الجمعة في العراق، على الرغم من عدم عمله في أمور أخرى تخص الولاية كإقامة الحد الشرعي ،)
وقد كان لإعلان صلاة الجمعة صدى مدويا في أرجاء العراق عبرت عن حاجة الناس إلى إعادة هذه الشعيرة الإسلامية، وما تؤديه أيضا من دور تعبوي للجماهير، إضافة إلى هدف آخر كان يهدف له السيد الشهيد يضاف إلى ما سبق، وهو تقليص الهوة بين المسلمين وقد أكمل ذلك بخطوته المتمثلة بحث أتباعه وأبناء الشيعة عامة بالصلاة مع إخوتهم أبناء السنة وكذلك دعوة الطرف الآخر للمعاملة بالمثل وقد كانت الاستجابة كبيرة وهو ما أشار له في خطبته اللاحقة ومن الشواهد الأخرى على هذا التحرك والدور هي :
إحياء المناسبات الدينية والتاريخية مثل ميلاد ووفاة الرسول محمد(ص) ، والحث على ذلك مقارنة بما يحتفل به في مناسبات الأئمة (ع). وتمثل ذلك أيضا في المهرجانات الشعرية والفنية بشكل لافت للنظر مثل رسم لوحات تشكيلية أو مجسمات تذكارية لتلك المناسبات أو لصلاة الجمعة، كما توزع جوائز على المتميزين في ذلك من خلال احتفالات جماهيرية وقد تصاعدت وتيرة الدور السياسي لتخرج من الساحة العراقية إلى العربية والدولية لتتمثل
إعلان دعم القضية الفلسطينية
طرح مشروع حل للقضية الأفغانية
مخاطبة الحكومة السعودية بالسماح للحوزة العلمية في النجف ببناء العتبات المقدسة العائدة لرموز آل البيت في المدينة المنورة وذلك خارج إطار الحكومة العراقية
طرح مشروع قيادة سياسية تمثل في استلام وثائق مكتوبة بالدم تعلن عن تأييد الجماهير لمشروعه التغييري الكبير وهذه سابقة لم يعتد الشارع السياسي أو الديني العراقي عليها سواء الهتاف للإسلام وضد أميركا وإسرائيل وقوى الظلم والاستكبار والهتاف للمذهب ( نكاية ورد على شعار-لاشيعة بعد اليوم-) الذي رفع على بعض سلاح الدروع ضد الانتفاضة من قبل السلطة الحاكمة عام 1991
مخاطبته النظام علنا لأغراض الإصلاح التربوي في المناهج التعليمية وعدم التعرض للزوار أثناء المناسبات الدينية.والمطالبة بإطلاق سراح السجناء ودعوته أزلام النظام بكل مستوياتهم للتوبة.
دعوة جميع العراقيين لبيعته وذلك بعد تعرضه لمحاولة اغتيال. ولاشك آن هذه المرحلة الأخيرة هي ذروة التوتر بينه وبين النظام وإدراك النظام بأنه ومشروعه أصبح خطرا حقيقيا يهدده.
وبتفحص الفترة الزمنية التي عمل بها السيد الشهيد نجد آن الفترة من بداية عام 1998 وحتى استشهاده كانت هي فعلا فترة الذروة ومرحلة التأزم مع النظام كما هي فترة النضج الكبير لمشروعه ومن المؤكد انه كان يدرك نهايته هذه وما دليله على ذلك سوى لبسه الكفن واستعداده لملاقاة مصيره وهي تضحية مابعدها تضحية .
ويبقى محمد الصدر شهيد وشاهدا حيا وخالدا في ضمائر الأحرار والشرفاء كما هو خالد في ضمائرنا جده الإمام الحسين (ع ) لأن مولانا الصدر المقدس (قدس ) جدد لنا يريد منا الحسين (ع ) إن نكون فكان هو أول من لبى إرادة الحسين (ع )وسار على نهجه بإيمان ثابت ويقين لا يشوبه شك طرفة عين.
وما هذه القرابين التي قدمناها ونقدمها من الشهداء والجرحى وآهات وصرخات المعتقلين الصابرين في مواجهة أعداء الله من المحتلين إلا القليل قربة لوجه الله ونصرة لدينه الحنيف اللهم عجل فرج قائم آل محمد إمامنا وقائدنا وولينا وحبيبنا المهدي المنتظر (عج ) وانتقم به من الظالمين والجبارين والمنافقين والكفرة المحتلين وإتباعهم وأشياعهم المرتدين عن الولاء لأولياء الله الصالحين والمتبعين ولاية أعداءك من الأولين والآخرين.
ولادته المباركة :
ولد السيد الشهيد محمد محمّد صادق الصدر ( رضوان الله عليه) في أكثر أيام الله بركة ورحمة وهو يوم ذكرى المولد النبوي الشريف وذكرى ولادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) في السابع عشر من ربيع الأول عام 1362 هـ الموافق 23 / 3 / 1943م في مدينة النجف الاشرف .
نسبه الشريف :
ويرجع نسبه الشريف إلى الإمام موسى بن جعفر( عليهما السلام في ) سلسلة نسبية قليلة النظير في صحتها ووضوحها وتواترها، فهو محمد ابن السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد إسماعيل ابن السيد صدر الدين (الذي سميت أسرة الصدر بأسمه) محمد ابن السيد صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين (جد أسرة آل شرف الدين) ابن زين العابدين ابن السيد نور الدين علي ابن السيد علي نور الدين بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن بن محمد شمس الدين بن عبد الله بن جلال الدين بن احمد بن حمزة الأصغر بن سعد الله بن حمزة الأكبر بن أبي السعادات محمد بن أبي محمد عبد الله (نقيب الطالبيين في بغداد) بن أبي الحرث محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي طاهر بن أبي الحسن محمد المحدّث بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى أبي سبحة بن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام.
نشأته :
نشأ سماحته في أسرة علمية معروفة بالتقوى والعلم والفضل، ضمّت مجموعة من فطاحل العلماء منهم جده لامه آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سره) ومنهم والده الحجة السيد محمد صادق الصدر (قدس سره) الذي كان آية في التقوى والتواضع والزهد والورع، وإذا كان احد يوصف بأنه قليل النظير في ذلك فان الوصف ينطبق تماماً على المرحوم السيد محمد صادق الصدر (قدس سره)
وقد ذكر احد المقربين من السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) إن المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر (قدس سره) شكا له ولده السيد محمداً الصدر لا من عقوق ولا جفاء ولا قصور أو تقصير بل من كثرة عبادته وسهره في الدعاء والبكاء حتى أوشك على إتلاف نفسه فما كان من السيد محمد باقر الصدر إلاّ إن بعث إليه وطلب منه الاعتدال في العبادة فاستجاب له لأنه كان مطيعاً لأستاذه محباً له لا يعصيه ولا يخالفه.ومن سماته وخصاله التي عرف بها خُلقه الرفيع المبرّأ من كل رياء أو تصنع ويكفيك أن تعايشه دقائق لتعرف ذلك فيه واضحاً جلياً يغنيك العيان عن البرهان.
دراسته :
تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر من «كلية الفقه في النجف الاشرف في دورتها الأولى عام 1964 وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ ابن عمه الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر الذي تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته.وبغض النظر عن مراحل دراسته التي تخطاها بتفوق وجدارة يكفي أن نشير إلى أن سماحته يعتبر من ابرز طلاب السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) ومقرري أبحاثه الفقهية والأصولية. وقد كتب الصدر الأول مقدمة الموسوعة المهدوية التي ألفها الولي الطاهر محمد الصدر وقد تضمنت المقدمة التي طبعت فيما بعد في كتاب مستقل إشادة وبيان فضل ومكانة وأعلمية شهيدنا الخالد والتي قال فيها الصدر الأول مانصه
((وسأقتصر على هذا الموجز من الأفكار تاركاً التوسع فيها وما يرتبط بها من تفاصيل إلى الكتاب بالقيم الذي أمامنا، فإننا بين يدي موسوعة جليلة في الإمام المهدي (عليه السلام) وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة البحاثة السيد محمد الصدر ـ حفظه الله تعالى ـ ( وهو الشهيد المرجع آية الله السيد محمد صادق الصدر) وهي موسوعة لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي (عليه السلام) في إحاطتها وشمولها لقضية الإمام المنتظر من كل جوانبها، وفيها من سعة الأفق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات ما يعبر عن الجهود الجليلة الذي بذلها المؤلف في إنجاز هذه الموسوعة الفريدة، وإني لأحس بالسعادة وأنا أشعر بما تملأه هذه الموسوعة من فراغ وما تعبر عنه من فضل ونباهة وألمعية وأسأل المولى ـ سبحانه وتعالى ـ أن يقر عيني به ويريني فيه علماً من أعلام الدين )).)
ومن المعروف إن مدرسة السيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه) تعتبر أرقى مدرسة علمية في المعرفة الفقهية والأصولية عمقاً وشمولا ودقة وإبداعا. ويعتبر سماحته علماً من إعلام تلك المدرسة المتفوقة والمتميزة
وقد درس (قدس سره) جملة من العلوم والمعارف الدينية عند مجموعة من الأساتذة نذكر أهمهم على نحو الإجمال
الفلسفة الإلهية، درسها عند المرحوم الحجة محمد رضا المظفر صاحب كتاب أصول الفقه والمنطق
الأصول والفقه المقارن، على يد الحجة السيد محمد تقي الحكيم
الكفاية درسها عن السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه ) المكاسب درسها عند أستاذين الأول محمد باقر الصدر والثاني الملا صدر البادكوبي
أبحاث الخارج وهي أعلى مستوى دراسي حوزوي حضر عند عدد من الأساتذة الفطاحل وهم آية الله العظمى السيد الشهيد المفكر الإسلامي وفيلسوف العصر السيد محمد باقر الصدر و أية الله العظمى السيد روح الله الخميني و آية الله العظمى المحقق الخوئي (قدس الله إسرارهم ) ، فنال على أيدي هؤلاء مرتبة الاجتهاد والفتوى التي أهلته للمرجعية العليا باشر بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) أول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من (المختصر النافع) للمحقق العلامة الحلي. وبعد فترة باشر ثانية بإلقاء أبحاثه العالية في الفقه والأصول (أبحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصناً روحياً لانه اقرب بقعة من جسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
عطاء فكري ثري
تأثر الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) بافكار أساتذته من العلماء والمراجع إذ أن مجرد معرفة عدد من أسماء هؤلاء الأساتذة ستساعد في توضيح الملامح الفكرية لشخصيته، فهو درس لدى السيد الراحل الخميني (قدس سره) والشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وآية الله العظمى المحقق الخوئي، وآخرين، إلاّ انه إذا تجاوزنا المشترك الفقهي لهؤلاء الثلاثة، يمكن القول انه استلهم الفكر الثوري من تجربة ودروس الإمام الخميني (قده)، واستلهم المشروع التغيري في العراق من تجربة ودروس ونظريات آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي يعد أكبر مفكر إسلامي في العصر الحديث، ولذا يمكن القول، إن السيد محمد محمد صادق الصدر قد وظف بالإضافة إلى قدراته الفقهية التقليدية تجربتين في تجربته، التجربة الخمينية، والتجربة الصدرية الأولى، فهو توجه بكل جهوده إلى الجانب الإصلاحي العملي الذي يحقق حضوراً تغيريا في وسط الأمة، وأنجز أول تجربة عملية تغييريه يقودها فقيه في بلد مثل العراق بحركة إنتاج فقهي، عملي أيضا، أي بمعنى فقه يواكب حركة الحياة، بتطوراتها، ومستجداتها، وتحدياتها، وآفاقها المستقبلية، إذ انه أراد أن يربط الفقه بالواقع وأن يبعث فيه روح التجديد، ، وأن يصوغ ملامح تجربته الخاصة. ومرةً أخرى لابد من التأكيد بان قيمة هذه التجربة تنبع من كونها عراقية، بكل استثناءات العراق المعروفة، المتعلقة بالسلطة والجو السياسي، والآمة، وموقع الحوزة ومهما يكن من أمر فان المولى المقدس ترك وراءه عدداً مهماً من المؤلفات التي قد تساعد في فهم ملامح مشروعه العام.
مؤلفاتــــــــــــــه :
موسوعة الإمام المهدي، والتي صدر منها
أ - تاريخ الغيبة الصغرى
ب - تاريخ الغيبة الكبرى
ج - تاريخ ما بعد الظهور
د - اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني
ما وراء الفقه (عشرة أجزاء) هذا الكتاب يتعرض لما وراء الفقه، لا للفقه نفسه، فإنَّ للفقه، كسائر العلوم، ارتباطات بعلوم عديدة و معلومات كثيرة، خارجة عن صيغته الأساسية. و هذه هي المادة الخام لهذا الكتاب.
منهج الصالحين (خمسة أجزاء) (وهي رسالة عملية موسعة وفيها كتاب الاجتهاد والتقليد و كتاب الطهارة و كتاب الصلاة وكتاب الصوم وكتاب الاعتكاف و كتاب الزكاة و كتاب الخمس و كتاب الحج و كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و كتاب الجهاد و ملحق بالموضوعات الحديثة
فقه الأخلاق (جزءان)
منة المنان في الدفاع عن القرآن ( ثمانية عشر مجلدا )
أضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)
شذرات من فلسفة تاريخ الأمام الحسين (عليه السلام )
نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان.
فلسفة الحج ومصالحه الشخصية في الإسلام
أشعة من عقائد الإسلام
القانون الإسلامي وجوده، صعوباته، منهجه
فقه الفضاء.
فقه الموضوعات الحديثة
فقه المجتمع
فقه الطب
سلسلسة مسائل وردود (أربعة أجزاء)
الأسرة في الإسلام
حديث حول الكذب
بحث حول الرجعة.
كلمة في البداء.
الصراط القويم.
مناسك الحج.
كتاب الصلاة.
كتاب الصوم.
منهج الأصول.
التنجيم والسحر.
مسائل في حرمة الغناء.
مجموعة أشعار الحياة (( ديوان شعر))
كتاب الاستخارة
كتاب رفع الشبهات عن الأنبياء
بحث حول الشيطان.
مخطوطاته :
وأما مخطوطاته التي لم تطبع لحد الآن فبالرغم مما امتاز به الولي الطاهر (قدس سره) من كتبه المطبوعة إلاّ انه لا تزال هناك جملة من كتبه المخطوطة تنتظر الطبع و منها
الجزء الخامس من موسوعة الإمام المهدي بعنوان هل إن المهدي طويل العمر
دورة في علم الأصول على يد المحقق السيد الخوئي
بين يدي القرآن
دورة في علم الأصول على يد السيد أبي جعفر
مباحث في كتاب الطهارة الاستدلالي
المعجزة في المفهوم الإسلامي
مبحث في المكاسب
اللمعة في أحكام صلاة الجمعة
الكتاب الحبيب إلى مختصر مغني اللبيب
تعليقه على رسالة السيد الخوئي.تعليقه على كتاب المهدي لصدر الدين الصدر
سلسلة خطب الجمعة
فقه الكيمياء.
وصيته:
أجزاء باقي كتاب منهج الأصول
شرح كتاب الكفاية
ومن خلال قائمة المؤلفات هذه تتضح بعض اهتمامات الشهيد الخالد محمد الصدر (قدس سره الشريف) بالفقه المعاصر وبحياة المجتمع وشؤونه في الحاضر والمستقبل وان كل مؤلف من هذه المؤلفات شكل قضية من القضايا وحاجة من الحاجات الملحة للكتابة فيها.
إجازته في الرواية:
له إجازات من عدة مشايخ في الرواية أعلاها من: آية الله حسن الطهراني المعروف بـ (أغا بزرك الطهراني) صاحب الذريعة عن أعلى مشايخه وهو الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك الوسائل، ومنهم والده الحجة آية الله السيد محمد صادق الصدر وخاله آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين وابن عمه آية الله الحاج اغا حسين خادم الشريعة وآية الله السيد عبد الرزاق المقرم الموسوي (صاحب كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام) وآية الله السيد حسن الخرسان الموسوي وآية الله السيد عبد الأعلى السبزواري والدكتور حسين علي محفوظ وغيرهم.
الدور التاريخي للمولى المقدس محمد الصدر (رض)
وإما عن دوره التغيري وحركته الإصلاحي فان المداد يشعر بالظمأ الشديد وهو يستعرض ما قدمه المولى المقدس في حياته الشريفة للعراقيين وللدين والمذهب وقد كتب الباحث أحمد الموسوي بحثا ملخصا أوضح من خلاله بعض الجوانب المشرقة من الدور الكبير الذي لعبه المولى المقدس محمد الصدر نعرض بعضا مما جاء فيه :
(( لما كانت الظاهرة الدينية (اعتقادا أو ممارسة) تمثل تأثيرا آسرا على الفرد والمجتمع باعتبارها حاجة روحية- نفسية واجتماعية، وهي أداة ضابطة للفعل الاجتماعي، فأنها لاشك تحتاج إلى شخص أو أشخاص يتصدون إلى سدة القيادة والتوجيه والتنظيم ولطالما كانت قوة هذا المتخيل والواقع الديني فأنها أيضا تتأرجح ويتأثر الفعل الاجتماعي بها وفق سمات ومؤهلات الشخصيات القيادية التي تتبؤ مراكزها والإسلام لا يشذ عن الظواهر الدينية أو الأديان الأخرى سيما وأن الإسلام أيديولوجيا ومنهج ياتي مرن قابل أن يحتوي مختلف بيئات الأرض .
وإزاء ذلك يأتي السؤال: كيف يتسنى لرجل الدين إن يتمثل معظم هذه المهام وخاصة في ظروف تأزم سياسي واجتماعي وتناقضات حادة تجعل المحيط كله يكاد يكون ملغوما؟
تقوم هذه الورقة البحثية على فرضية : إن السيد محمد محمد صادق الصدر -وهو موضوعها- انتهج سياسة تحول أو تنقل أو التدرج في الدور وتطويره، وذلك ابتداءا من دور القيادة الدينية - بتصديه للمرجعية- إلى دور المصلح الاجتماعي ثم إلى دور الزعيم السياسي .
وعلى أساس أن الدور القيادي الديني في ظل وضع سياسي محاصر للظاهرة أو الممارسة الدينية يجعل الدور الاجتماعي محددا فضلا عن التأثير السياسي وذلك بالتضييق بكافة أوجهه الأمنيةوالإعلاميةوالماديةوغيرها وهذا يعني أن ليس بالضرورة تلازم الدور السياسي -الديني أو بمعنى أوضح تلازم الدين- السياسة، ولكن في ظل حكم ديكتاتوري وشمولي يغيب ويهمش دور الأخر مهما كانت حاجته وتأثيره في المجتمع ولا دور للمجتمع المدني ومؤسساته فضلا عن احتكاره لثروة البلاد وممارسة إبادة أفراد أو جماعاتاوحتى مُدنا ويمارس فصلا عنصريا ومذهبيا لذا لابد أن يأخذ الدين والحركات الدينية دورها في التغيير وصولا إلى سلطة يقررها المجتمع
ولمحاولة تعضيد هذه الفرضية ( تحول الدور) تلجأ الورقة إلى سلسة من الشواهد الموثقة أو المقررة سواء في الساحة العراقية أو خارجها.لقد كتب الكثير من البحوث والمقالات والكتب عن حياة ومآثر ونتاج فقيدنا السيد الصدر الثاني الفكري، وسيظل الكثير منها مثار جدل وبحث طالما أنها تركت بصماتها الكثيرة في الشارع العراقي حالها حال الكثير من اجتهاداته التي حركت الكثير من الجمود والركود في أوساط الحوزة العلمية وقلبت الكثير من الموازين
فالرجل الفقيه يختزن تجربة كبيرة وثرة من البحث العلمي وتشهد بذلك مؤلفاته الكثيرة والدائرة في بعض المجالات ومنها في فقه الفضاء مثلا والذي يدل على بعد نظر كبير وسعة أفق قل نظيرها لمن يعملون في المجال العلمي الديني
كما إن لديه تجربة نضالية تتمثل في معاصرته لابن عمه الفقيه الكبير الشهيد محمد باقر الصدر. وتعرضه هو شخصيا للاعتقال ثلاث مرات في حياته، الأولى في عام 1972، والثانية عام 1974، والثالثة عام 1991 عقب الانتفاضة الشعبية التي عمت أرجاء العراق
كما وعانى فترات طويلة من العزلة والمقاطعة الاجتماعية والعلمية من محيطه (الحوزوي) خاصة نتيجة لكل هذه الظروف والملابسات التي من النادر آن لا يتعرض لمثلها شخص بمثل تلك المؤهلات ويحمل بذورا لمشروع كبير كان بالتأكيد يبحث عن الفرص والأجواء والأرضية التي تناسبه.
الدور الديني (الإصلاح الديني):
لعل ممارسة الوعظ الديني والإفتاء كإجابات لمن يطلبها وقبض الحقوق الشرعية والتدريس في الحوزة العلمية والمدارس الدينية المحدودة هي أهم وابرز مهام رجل الدين المجتهد في العراق وذلك نتيجة الظروف السياسية التي يعيشها العراق والتي لا تشذ كثيرا عن غيرها من البلدان الإسلامية الأخرى التي لا تحكمها أنظمة حكم ثيوقراطية. فدور رجل الدين يبقى في هذا الإطار بمعنى لا يتعداه في الأعم الأغلب إلى التأثير الاجتماعي وتوجيه حركة المجتمع ولكننا نقرأ في مشروع السيد الصدر الثاني الكثير مما تجده قد بدى إرهاصات لمشروع ودور بل أدوار تتعدى الدور الكلاسيكي المعتاد
فمعروف أن السيد قد تصدى للمرجعية عام 1984، ولكن الفرصة قد واتت بعد الانتفاضة بفترة ليكون المرجع الرسمي. ومهما قيل وأختلف عن حيثيات الاعتماد الرسمي، فإن كل ما يقطع دابر الشك والاشتباه هو القراءة المتأنية لمسيرته في الفترة القصيرة هذه-حتى استشهاده-. حيث عرف عنه أمور هامة ثبتت ووضحت منهجه في التعامل مع السلطة في العراق وهي :
تحاشيه للسلطة ومحاولة تحييدها لمنعها من ممارسة قمعها الوحشي و محاولة تحقيق مكاسب هامة تتمثل بحرية نسبية وحصانة معقولة ودور معتبر للحوزة جراء هذه العلاقة
عدم امتداحه للسلطة أو الدعاء لها بل وقف بحزم ضد محاولة تسخير صلاة الجمعة لتحقيق مكسب الدعاء من قبل الخطباء لرأس السلطة
وقد تحققت مكاسب كثيرة يمكن أن نعدها إصلاحا أو تحديثا في الحوزة العلمية في النجف منها
توسيع الحوزة العلمية أفقيا وعموديا، وذلك بتوسيع الصفوف الدراسية وزيادة أعداد الطلبة، وفتح جامعة علمية دينية بإسم (جامعة الصدر الدينية)
تحديث نظام التعليم فيها من حلقات منفردة إلى منفصلة وتحت مظلة واحدة وإشراف عام منه ، تقليص العطل لحساب الدوام الرسمي
زيادة أعداد المقبولين ومن مختلف أنحاء العراق
تقليص فترة الدراسة لبلوغ مرحلة الاجتهاد، ولاشك أن لذلك مبررات وضرورات أ دركها الشهيد الصدر تتمثل في المرحلة الراهنة التي يعيشها البلد
كما وإنه ركز جهده على إستقطاب الكفاءات العلمية والشبابية من خريجي الكليات والمعاهد بمختلف التخصصات وهو ما يدلل بلاشك على الخروج عن القولبة المعتادة، وهو وجه جديد تطل به الحوزة ودماء جديدة تضخها ولسان مختلف تخاطب به المجتمع
إنشاء محاكم شرعية، وهي سابقة في العراق في ظل ظروف الحكم القائم الآن
فتح مكاتب في كافة محافظات العراق .
رعاية طلبة الحوزة ومتابعتهم حتى في النواحي الاجتماعية، كتقديم الدعم المادي في حالات الزواج مثلا وغيرها
إدخال نظام المنافسات المباشرة بين الطلبة( المسابقات) إدخال أنظمة تعليم حديثة ومتطورة مثل الكمبيوتر
عمل نظام إدارة وتعامل مع المترددين ( بناية من أربعة طوابق) مخصصة للأمور المالية والإدارية والاجتماعية والإعلامية
إصدار نشرة دورية نصف شهرية بإسم الهدى كناطق ولسان حال الحوزة
وبعد اتساع الوعي الديني من خلال مخاطبته معظم فئات وشرائح المجتمع سواء بخطابه المباشر بالوسائل المختلفة أو كتبه مثل فقه الطب وفقه العشائر وغيرها… كما إن نشر الوكلاء في مختلف المدن والقصبات هيئ فرصا للاتصال وزيادة الوعي الديني.
الدور الاجتماعي ( الإصلاح الاجتماعي):
تمثل الدور الديني بما احتواه من إنجازات تعد إصلاحية في هذا المجال بأنه أرضية ممهده لدور أبعد يتمثل بلعب دور الإصلاح الاجتماعي أي تناول ظواهر اجتماعية لم يعهدها الناس لدى رجل الدين، كما في الأمور التالية :
1- عمل اتصالات مباشرة ودورية مع الوكلاء للإطلاع على أمورهم وأمور الناس من خلالهم
• 2-إرسال وكلاء عنه لحضور المناسبات الدينية والشعبية(مجالس العزاء- الفاتحة) مثلا، تعطى محاضرات أو مجالس وعظية أحيانا في وقتها
• 3-بث الوعي العام بأمور هامة ترتب علاقات وأخلاقيات صلاة الجماعة، التعامل مع رجل الدين، الحقوق الشرعية، وغيرها وذلك من خلال وكلاء وفي أوقات قبل الصلاة عادة
• 4-محاولة تصحيح بعض الممارسات الدينية أو ما يتعلق بها مثل: بعض النداءات أثناء المشي لزيارة كربلاء، أو استخدام خرق القماش (العلك)، مدى التزام النساء بالزيارة في حالة الازدحام، أو مسألة تقبيل اليد وبمقابل ذلك تكرس هيبة رجل الدين وبتحديد ضوابط خلقية لوكلائه والمعممين مثل تحاشي الأكل في الشارع والأماكن العامة والابتعاد عن الشبهات.
5-محاولة الوصول والمخاطبة لشرائح هامة من المجتمع مثل العشائر، حيث تمتاز العشائر العراقية ببنية اجتماعية معقدة ويتخذ بعضها انساقا إدارية منظمة تتخذ ضوابط وجزاءات منها متوارثة عبر أجيال بعضها مكتوب يحتم الالتزام به ومنها ما هو تعسفي وقد يناقض أو لا يتطابق مع الشريعة الإسلامية دون قصد لاشك
لذا كانت مبادرة السيد الصدر الثاني إلى إصدار فقه العشائر الذي يضع ضوابط ( سنينة) بديلة عما إعتادوه تراعي بعض الشيء خصوصياتهم على أقل تقدير في استخدام المفاهيم المتداولة لديهم. ولاشك إن هذا إنجاز هام حتى لو تحقق جزء بسيط منه، حيث يعد سابقة هامة في تاريخ الحوزة العلمية
6-مخاطبة الغجر دون التهجم أو الاستباحة لهم وبلغة علمية تحلل وضعهم الاجتماعي وظروفهم التاريخية، ودعوتهم إلى التكيف مع المجتمع العراقي بقيمه الدينية والاجتماعية وقد لقي هذا الخطاب استجابة جيدة ربما حكمتها لاحقا ظروف استشهاده
7-رفع شعار الحوزة الناطقة أو المجاهدة مقابل الحوزة الصامتة دليلا على فاعلية الحوزة ولعبها لدور أكبر في المجتمع
8-لاشك في أن إقامة صلوات الجماعة والعيد والجمعة لاحقا لها أهداف كبيرة ومضامين متعددة منها في هذا المجال أيجاد قنوات اتصال جماهيرية ومناسباتية متكررة لمخاطبتهم والتأثير فيهم
الدور السياسي
من المحتم أن محاولة أيجاد دور أو تأثير سياسي في المجتمع محليا أو في الأوساط الخارجية الإقليمية والدولية، يحتاج إلى قاعدة شعبية واليات تأثير كبيرة ومنظمة في غياب تقلد منصب سياسي أو قيادة تنظيم حزبي. ولهذا نرى أن السيد الصدر مهد لذلك بدقة وعلى مراحل وقد سميناها أدوارا، فالدور الديني كان بتقلد المرجعية وإتباع نهج ينسج علاقة متفردة مع الشارع الاجتماعي وهذا بدوره يمهد لتهيئة الشارع للولاء والتنظيم ومن ثم أداء دور تغييري.
وقد هضم السيد الصدر الثاني وخبر مجتمعه بعد أن عاش تجارب مريرة ومشاريع قد تم إجهاضها متمثلة بتجربة السيد الصدر الأول والنشاط السياسي الحركي الأخر الديني والوطني باتجاهاته السياسية المتعددة
ولهذا كان منهجه وأجندته هي هذه المراحل التي افترضناها وذلك بعد مهادنة السلطة وتحييد دورها واستغلال ذلك لتحقيق مكاسب كما أشرنا مسبقا
وقد تجسد ذلك من خلال دبلوماسية ردوده التي جنبته مأزق المواجهة مع السلطة حينما أكد أن" على السياسة أن تستلهم الدين وان تعمل بوحي أحكامه عملا بالقاعدة القائلة- حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة- ، ولكن هل يقتضي ذلك دمج القيادتين الدينية والسياسية؟ ليس بالضرورة، إذ ثمة معطيات سياسية لا يملكها رجل الدين إلى أن يقول – وأنا مع مبدأ الفصل بين القيادتين شرط أن يجعل الحاكم السياسة في خدمة الدين، لا أن يسخر الدين في خدمة السياسة-"
وربما يكون هذا هو الهدف الذي يسعى إليه وما الضير في ذلك؟
لقد برزت عدة دلالات تأكد التوجه نحو لعب هذا الدور( السياسي)، وكانت أولى بوادرها وممهداتها إعلانه ولاية الفقيه المطلقة بشخصه في العراق ، مع اعترافه بولاية الفقيه في إيران، وذلك في " حالة عدم وجود حكومة إسلامية فإنه يرى بأنه ليس كل أمور الولاية العامة موقوفة أو بناء على هذه القناعة الفقهية فانه أقام صلاة الجمعة في العراق، على الرغم من عدم عمله في أمور أخرى تخص الولاية كإقامة الحد الشرعي ،)
وقد كان لإعلان صلاة الجمعة صدى مدويا في أرجاء العراق عبرت عن حاجة الناس إلى إعادة هذه الشعيرة الإسلامية، وما تؤديه أيضا من دور تعبوي للجماهير، إضافة إلى هدف آخر كان يهدف له السيد الشهيد يضاف إلى ما سبق، وهو تقليص الهوة بين المسلمين وقد أكمل ذلك بخطوته المتمثلة بحث أتباعه وأبناء الشيعة عامة بالصلاة مع إخوتهم أبناء السنة وكذلك دعوة الطرف الآخر للمعاملة بالمثل وقد كانت الاستجابة كبيرة وهو ما أشار له في خطبته اللاحقة ومن الشواهد الأخرى على هذا التحرك والدور هي :
إحياء المناسبات الدينية والتاريخية مثل ميلاد ووفاة الرسول محمد(ص) ، والحث على ذلك مقارنة بما يحتفل به في مناسبات الأئمة (ع). وتمثل ذلك أيضا في المهرجانات الشعرية والفنية بشكل لافت للنظر مثل رسم لوحات تشكيلية أو مجسمات تذكارية لتلك المناسبات أو لصلاة الجمعة، كما توزع جوائز على المتميزين في ذلك من خلال احتفالات جماهيرية وقد تصاعدت وتيرة الدور السياسي لتخرج من الساحة العراقية إلى العربية والدولية لتتمثل
إعلان دعم القضية الفلسطينية
طرح مشروع حل للقضية الأفغانية
مخاطبة الحكومة السعودية بالسماح للحوزة العلمية في النجف ببناء العتبات المقدسة العائدة لرموز آل البيت في المدينة المنورة وذلك خارج إطار الحكومة العراقية
طرح مشروع قيادة سياسية تمثل في استلام وثائق مكتوبة بالدم تعلن عن تأييد الجماهير لمشروعه التغييري الكبير وهذه سابقة لم يعتد الشارع السياسي أو الديني العراقي عليها سواء الهتاف للإسلام وضد أميركا وإسرائيل وقوى الظلم والاستكبار والهتاف للمذهب ( نكاية ورد على شعار-لاشيعة بعد اليوم-) الذي رفع على بعض سلاح الدروع ضد الانتفاضة من قبل السلطة الحاكمة عام 1991
مخاطبته النظام علنا لأغراض الإصلاح التربوي في المناهج التعليمية وعدم التعرض للزوار أثناء المناسبات الدينية.والمطالبة بإطلاق سراح السجناء ودعوته أزلام النظام بكل مستوياتهم للتوبة.
دعوة جميع العراقيين لبيعته وذلك بعد تعرضه لمحاولة اغتيال. ولاشك آن هذه المرحلة الأخيرة هي ذروة التوتر بينه وبين النظام وإدراك النظام بأنه ومشروعه أصبح خطرا حقيقيا يهدده.
وبتفحص الفترة الزمنية التي عمل بها السيد الشهيد نجد آن الفترة من بداية عام 1998 وحتى استشهاده كانت هي فعلا فترة الذروة ومرحلة التأزم مع النظام كما هي فترة النضج الكبير لمشروعه ومن المؤكد انه كان يدرك نهايته هذه وما دليله على ذلك سوى لبسه الكفن واستعداده لملاقاة مصيره وهي تضحية مابعدها تضحية .
ويبقى محمد الصدر شهيد وشاهدا حيا وخالدا في ضمائر الأحرار والشرفاء كما هو خالد في ضمائرنا جده الإمام الحسين (ع ) لأن مولانا الصدر المقدس (قدس ) جدد لنا يريد منا الحسين (ع ) إن نكون فكان هو أول من لبى إرادة الحسين (ع )وسار على نهجه بإيمان ثابت ويقين لا يشوبه شك طرفة عين.
وما هذه القرابين التي قدمناها ونقدمها من الشهداء والجرحى وآهات وصرخات المعتقلين الصابرين في مواجهة أعداء الله من المحتلين إلا القليل قربة لوجه الله ونصرة لدينه الحنيف اللهم عجل فرج قائم آل محمد إمامنا وقائدنا وولينا وحبيبنا المهدي المنتظر (عج ) وانتقم به من الظالمين والجبارين والمنافقين والكفرة المحتلين وإتباعهم وأشياعهم المرتدين عن الولاء لأولياء الله الصالحين والمتبعين ولاية أعداءك من الأولين والآخرين.