بو هاشم الموسوي
13-02-2011, 11:49 AM
بِسْمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
* الخبر الشّريف
الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي عن محمد بن العلا الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي قال: تنازعنا في أمر ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا جميعا أحمد بن إسحاق القمي صاحب العسكر عليه السلام بمدينة قم وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبية عراقية، فسألناها عنه فقالت: هو مشغول بعياله; فإنه يوم عيد. فقلنا: سبحان الله! الأعياد عند الشيعة أربعة: الأضحى والفطر ويوم الغدير ويوم الجمعة.
قالت: فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام أن هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم. قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه بمكاننا. فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج إلينا; وهو متزر بمئزر له، محتضن لكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد.
قلنا: أو هذا يوم عيد؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأول.
قال: نعم، ثم أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له وقال: إني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة من إخوتي بسر من رأى كما قصدتماني، فأستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول; وسيدنا قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه.
قلنا: بآبائنا أنت وأمهاتنا يا بن رسول الله! هل تجدد لأهل البيت فرح؟
فقال: وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم، ولقد حدثني أبي أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كُلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوّه وعدوّ جدّكما ويستجيب فيه دعاء أمّكما. كُلا فإنه اليوم الذي فيه يقبل الله أعمال شيعتكما ومحبّيكما. كُلا فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا). كُلا فإنّه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدّكما. كُلا فإنّه اليوم الّذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم. كُلا فإنّه اليوم الّذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثورا.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، وفي أمّتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟
فقال صلى الله عليه وآله: يا حذيفة، جبت من المنافقين يترأّس عليهم، ويستعمل في أمتي الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد عن سبيل الله، ويحرف كتابه، ويغير سنتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول علي من بعدي، ويستحلّ أموال الله من غير حلّه، وينفقها في غير طاعته، ويُكذّب أخي ووزيري، وينحّي ابنتي عن حقّها; فتدعو الله عليه ويستجيب دعائها في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، فلم لا تدعو الله ربّك عليه ليهلكه في حياتك؟
فقال: يا حذيفة; لا أحبّ أن أجترأ على قضاء الله تعالى لما قد سبق في علمه، لكنّي سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبض فيه له فضيلة على سائر الأيام ; ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم. فأوحى الله إلي جلّ ذكره أن: يا محمد، كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، الذين نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وصدقتهم وكذبوك، وأنجيتهم وأسلموك، فأنا آليت بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على روح من يغصب بعدك عليا حقه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينه وأصحابه قُعراً يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الأنبياء وأعداء الدّين في المحشر، ولأحشرنّهم وأوليائهم وجميع الظّلمة والمنافقين إلى نار جهنّم زُرقا كالحين أذلّة خزايا نادمين، ولأخلدنّهم فيها أبد الآبدين.
يا محمّد، لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلّا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجترئ علي، ويبدل كلامي، ويشرك بي، ويصد الناس عن سبيلي، وينصب نفسه عجلا لأمتك، ويكفر بي في عرشي. إني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم الذي أقبضه فيه إلي. وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم. وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم لا يكتبون شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك. يا محمد، إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من يعيد في ذلك اليوم - محتسبا - ثواب الخافقين في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن وسع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقن من النار من كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلن سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا وأعمالهم مقبولة.
قال حذيفة: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أم سلمة فدخل ورجعت عنه وأنا غير شاك في أمر الشيخ حتى ترأس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وأعاد الكفر، وإرتد عن الدين، وشمر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، وكذب فاطمة عليها السلام، وإغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخط قرة عين المصطفى، ولم يرضهم، وغير السنن كلها، ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وأظهر الجور، وحرم ما أحل الله وأحل ما حرم الله، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير، ولطم حر وجه الزكية، وصعد منبر الرسول صلى الله عليه وآله غصبا وظلما، وإفترى على أمير المؤمنين عليه السلام وعانده وسفه رأيه.
قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق وأجرى قتله على يد قاتله رحمه الله، فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام لأهنئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام، فقال لي: يا حذيفة، أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا وسبطاه نأكل معه فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟
قلت: بلى يا أخا رسول الله. فقال: هو والله هذا اليوم الذي أقر الله به عين آل الرسول، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين إسما.
قال حذيفة: فقلت: يا أمير المؤمنين، أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم؛ فقال عليه السلام:
هذا يوم الإستراحة. ويوم تنفيس الكربة. ويوم العيد الثاني. ويوم حط الأوزار. ويوم الخيرة. ويوم رفع القلم. ويوم الهدو. ويوم العافية. ويوم البركة. ويوم الثار. ويوم عيد الله الأكبر. ويوم إجابة الدعاء. ويوم الموقف الأعظم. ويوم التوافي. ويوم الشرط. ويوم نزع السواد. ويوم ندامة الظالم. ويوم انكسار الشوكة. ويوم نفي الهموم. ويوم القنوع. ويوم عرض القدرة. ويوم التصفح. ويوم فرح الشيعة. ويوم التوبة. ويوم الإنابة. ويوم الزكاة العظمى. ويوم الفطر الثاني. ويوم سيل الشعاب. ويوم تجرع الدقيق. ويوم الرضا. ويوم عيد أهل البيت. ويوم ظفر بني إسرائيل. ويوم قبول الأعمال. ويوم تقديم الصدقة. ويوم الزيارة. ويوم قتل النفاق. ويوم الوقت المعلوم. ويوم سرور أهل البيت. ويوم الشهود. ويوم القهر للعدو. ويوم هدم الضلالة. ويوم التنبيه. ويوم التصريد. ويوم الشهادة. ويوم التجاوز عن المؤمنين. ويوم الزهرة. ويوم التعريف. ويوم الإستطابة. ويوم الذهاب. ويوم التشديد. ويوم إبتهاج المؤمن. ويوم المباهلة. ويوم المفاخرة. ويوم قبول الأعمال. ويوم التبجيل. ويوم إذاعة السر. ويوم النصرة. ويوم زيادة الفتح. ويوم التودّد. ويوم المفاكهة. ويوم الوصول. ويوم التذكية. ويوم كشف البدع. ويوم الزهد. ويوم الورع. ويوم الموعظة. ويوم العبادة. ويوم الاستسلام. ويوم السلم. ويوم النحر. ويوم البقر. قال حذيفة: فقمت من عنده وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي.
قال محمد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح: فقام كل واحد منا وقبل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمي وقلنا له: الحمد لله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم، ثم رجعنا عنه، وتعيّدنا في ذلك.
ـــــــــــــــــــــــ
* مصادر الخبر الشّريف وبعض أقوال علمائنا رضي الله تعالى عنهم
- الشّيخ حسن بن سلمان الحلّي، المحتضر، ص89-101.
[قائلاً: هذا الحديث الشّريف في دلالة وتنبيه على كون هذا الشّخص من أكبر المنافقين وأعظمهم معاداة لآل محمّد عليهم السّلام وشنآناً وبُغضاً بنصّ رسول الله ووصيّه صلوات الله عليهما].
- السيّد ابن طاووس الحلّي، إقبال الأعمال، ج3، ص113.
[قائلاً: فيما نذكره من حال اليوم التاسع من ربيع الأول اعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن، ووجدنا جماعة من العجم والإخوان يعظّمون السرور فيه، ويذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه ويعاديه، ولم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الان موافقة أعتمد عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمده الله بالرضوان، فإن أراد أحد تعظيمه مطلقا لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطاً للرواية، فكذا عادة ذوي الرعاية].
- العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج31، ص46-49، باب24 نسب عمر وولادته ووفاته وبعض نوادر أحواله. نقلاً عن المحتضر للشّيخ حسن الحلّي.
[قائلاً: المشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا هو أنّه اليوم التّاسع من ربيع الأول، وهو أحد الأعياد].
- العلّامة المجلسي، المصدر نفسه، ج95، ص252-255، ح1، باب13 فضل يوم التّاسع من شهر ربيع الأول وأعماله. نقلاً عن زوائد الفوائد للسيّد ابن طاووس.
- محمّد بن الحسن القمّي، العقد النضيد والدرّ الفريد، ص60-64، ح46.
- الميرزا حسين النوري، مستدرك الوسائل، ج2، ص522، ح2620.
[قائلاً: قال الشيخ المفيد في كتاب مسار الشيعة: "وفي اليوم التاّسع منه، يعني: الربيع الأول يوم العيد الكبير وله شرح كبير في غير هذا الموضع وعيّد فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وأمر الناس أن يعيّدوا فيه ويتّخذ فيه المريس". انتهى. وفيه إشارة إلى اعتبار الخبر المذكور].
- الشّيخ علي بن يونس العاملي، الصّراط المستقيم، ج3، ص29، كلام في خساسة عمر وخبث سريرته.
- الشّيخ محمّد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج5، ص43-44، استحباب الغسل يوم التّاسع من ربيع الأول.
[قائلاً: وأمّا الغسل للتّاسع من ربيع الأوّل فقد حكي أنّه من فعل أحمد بن إسحاق القمّي معللا له بأنه يوم عيد، لما روي ما اتّفق فيه من الأمر العظيم الذي يسر المؤمنين ويكيد المنافقين، لكن قال في المصابيح: "إنّ المشهور بين علمائنا وعلماء الجمهور أن ذلك واقع في السّادس والعشرين من ذي الحجة، وقيل في السّابع والعشرين منه".
قلت: لكن المعروف الآن بين الشيعة إنما هو يوم تاسع ربيع، وقد عثرت على خبر مسنداً إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وأنّه يوم سرور لهم عليهم السلام ما يحيّر فيه الذّهن، وهو طويل، وفيه تصريح باتفاق ذلك الأمر فيه، فلعلّنا نقول باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الأزمنة، وسيما مع كونه عيداً لنا ولأئمّتنا عليهم السلام].
- الشّيخ عبّاس القمّي، مفاتيح الجنان، ص363، في أعمال اليوم التّاسع من ربيع الأول.
[قائلاً: عيد عظيم، وهو عيد البقر، وشرحه طويل ومذكور في محلّه، وروي أنّ من أنفق شيئاً في هذا اليوم غُفرت ذنوبه. وقيل يُستحب في هذا اليوم إطعام الإخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسّع في نفقة العيال ولبس الثياب الطيّبة وشكر الله تعالى وعبادته، وهو يوم زوال الغموم والأحزان، وهو يوم شريف جدّاً].
ولا نقول إلّا:
نبارك للمؤمنين والمؤمنات في يوم هلاك عدوّ آل محمّد الأوّل، فرعون هذه الأمّة، وطاغوتها لعنة الله تعالى عليه وعلى أتباعه.
لا شلّت يداك يا أبا لؤلؤة ورضوان الله تعالى عليك وحشرك المولى عزّ وجلّ مع محمّد وآله صلوات الله عليهم.
إنّ المـصـرّيْن علـى ذنـبيهمـا * والمخفيـّا الفتنة فـي قلبيهـما
والخـالـعـا العقدة من عنـقيهمـا * والحاملا الوزر على ظهريهما
كالـجبت والطّاغـوت في مثليهـما * فلـعنة الله علـى روحيـهـما
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،
* الخبر الشّريف
الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي عن محمد بن العلا الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي قال: تنازعنا في أمر ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا جميعا أحمد بن إسحاق القمي صاحب العسكر عليه السلام بمدينة قم وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبية عراقية، فسألناها عنه فقالت: هو مشغول بعياله; فإنه يوم عيد. فقلنا: سبحان الله! الأعياد عند الشيعة أربعة: الأضحى والفطر ويوم الغدير ويوم الجمعة.
قالت: فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام أن هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم. قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه بمكاننا. فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج إلينا; وهو متزر بمئزر له، محتضن لكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد.
قلنا: أو هذا يوم عيد؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأول.
قال: نعم، ثم أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له وقال: إني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة من إخوتي بسر من رأى كما قصدتماني، فأستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول; وسيدنا قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه.
قلنا: بآبائنا أنت وأمهاتنا يا بن رسول الله! هل تجدد لأهل البيت فرح؟
فقال: وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم، ولقد حدثني أبي أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كُلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوّه وعدوّ جدّكما ويستجيب فيه دعاء أمّكما. كُلا فإنه اليوم الذي فيه يقبل الله أعمال شيعتكما ومحبّيكما. كُلا فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا). كُلا فإنّه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدّكما. كُلا فإنّه اليوم الّذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم. كُلا فإنّه اليوم الّذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثورا.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، وفي أمّتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟
فقال صلى الله عليه وآله: يا حذيفة، جبت من المنافقين يترأّس عليهم، ويستعمل في أمتي الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد عن سبيل الله، ويحرف كتابه، ويغير سنتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول علي من بعدي، ويستحلّ أموال الله من غير حلّه، وينفقها في غير طاعته، ويُكذّب أخي ووزيري، وينحّي ابنتي عن حقّها; فتدعو الله عليه ويستجيب دعائها في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، فلم لا تدعو الله ربّك عليه ليهلكه في حياتك؟
فقال: يا حذيفة; لا أحبّ أن أجترأ على قضاء الله تعالى لما قد سبق في علمه، لكنّي سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبض فيه له فضيلة على سائر الأيام ; ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم. فأوحى الله إلي جلّ ذكره أن: يا محمد، كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، الذين نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وصدقتهم وكذبوك، وأنجيتهم وأسلموك، فأنا آليت بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على روح من يغصب بعدك عليا حقه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينه وأصحابه قُعراً يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الأنبياء وأعداء الدّين في المحشر، ولأحشرنّهم وأوليائهم وجميع الظّلمة والمنافقين إلى نار جهنّم زُرقا كالحين أذلّة خزايا نادمين، ولأخلدنّهم فيها أبد الآبدين.
يا محمّد، لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلّا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجترئ علي، ويبدل كلامي، ويشرك بي، ويصد الناس عن سبيلي، وينصب نفسه عجلا لأمتك، ويكفر بي في عرشي. إني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم الذي أقبضه فيه إلي. وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم. وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم لا يكتبون شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك. يا محمد، إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من يعيد في ذلك اليوم - محتسبا - ثواب الخافقين في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن وسع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقن من النار من كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلن سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا وأعمالهم مقبولة.
قال حذيفة: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أم سلمة فدخل ورجعت عنه وأنا غير شاك في أمر الشيخ حتى ترأس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وأعاد الكفر، وإرتد عن الدين، وشمر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، وكذب فاطمة عليها السلام، وإغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخط قرة عين المصطفى، ولم يرضهم، وغير السنن كلها، ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وأظهر الجور، وحرم ما أحل الله وأحل ما حرم الله، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير، ولطم حر وجه الزكية، وصعد منبر الرسول صلى الله عليه وآله غصبا وظلما، وإفترى على أمير المؤمنين عليه السلام وعانده وسفه رأيه.
قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق وأجرى قتله على يد قاتله رحمه الله، فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام لأهنئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام، فقال لي: يا حذيفة، أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا وسبطاه نأكل معه فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟
قلت: بلى يا أخا رسول الله. فقال: هو والله هذا اليوم الذي أقر الله به عين آل الرسول، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين إسما.
قال حذيفة: فقلت: يا أمير المؤمنين، أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم؛ فقال عليه السلام:
هذا يوم الإستراحة. ويوم تنفيس الكربة. ويوم العيد الثاني. ويوم حط الأوزار. ويوم الخيرة. ويوم رفع القلم. ويوم الهدو. ويوم العافية. ويوم البركة. ويوم الثار. ويوم عيد الله الأكبر. ويوم إجابة الدعاء. ويوم الموقف الأعظم. ويوم التوافي. ويوم الشرط. ويوم نزع السواد. ويوم ندامة الظالم. ويوم انكسار الشوكة. ويوم نفي الهموم. ويوم القنوع. ويوم عرض القدرة. ويوم التصفح. ويوم فرح الشيعة. ويوم التوبة. ويوم الإنابة. ويوم الزكاة العظمى. ويوم الفطر الثاني. ويوم سيل الشعاب. ويوم تجرع الدقيق. ويوم الرضا. ويوم عيد أهل البيت. ويوم ظفر بني إسرائيل. ويوم قبول الأعمال. ويوم تقديم الصدقة. ويوم الزيارة. ويوم قتل النفاق. ويوم الوقت المعلوم. ويوم سرور أهل البيت. ويوم الشهود. ويوم القهر للعدو. ويوم هدم الضلالة. ويوم التنبيه. ويوم التصريد. ويوم الشهادة. ويوم التجاوز عن المؤمنين. ويوم الزهرة. ويوم التعريف. ويوم الإستطابة. ويوم الذهاب. ويوم التشديد. ويوم إبتهاج المؤمن. ويوم المباهلة. ويوم المفاخرة. ويوم قبول الأعمال. ويوم التبجيل. ويوم إذاعة السر. ويوم النصرة. ويوم زيادة الفتح. ويوم التودّد. ويوم المفاكهة. ويوم الوصول. ويوم التذكية. ويوم كشف البدع. ويوم الزهد. ويوم الورع. ويوم الموعظة. ويوم العبادة. ويوم الاستسلام. ويوم السلم. ويوم النحر. ويوم البقر. قال حذيفة: فقمت من عنده وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي.
قال محمد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح: فقام كل واحد منا وقبل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمي وقلنا له: الحمد لله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم، ثم رجعنا عنه، وتعيّدنا في ذلك.
ـــــــــــــــــــــــ
* مصادر الخبر الشّريف وبعض أقوال علمائنا رضي الله تعالى عنهم
- الشّيخ حسن بن سلمان الحلّي، المحتضر، ص89-101.
[قائلاً: هذا الحديث الشّريف في دلالة وتنبيه على كون هذا الشّخص من أكبر المنافقين وأعظمهم معاداة لآل محمّد عليهم السّلام وشنآناً وبُغضاً بنصّ رسول الله ووصيّه صلوات الله عليهما].
- السيّد ابن طاووس الحلّي، إقبال الأعمال، ج3، ص113.
[قائلاً: فيما نذكره من حال اليوم التاسع من ربيع الأول اعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن، ووجدنا جماعة من العجم والإخوان يعظّمون السرور فيه، ويذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه ويعاديه، ولم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الان موافقة أعتمد عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمده الله بالرضوان، فإن أراد أحد تعظيمه مطلقا لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطاً للرواية، فكذا عادة ذوي الرعاية].
- العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج31، ص46-49، باب24 نسب عمر وولادته ووفاته وبعض نوادر أحواله. نقلاً عن المحتضر للشّيخ حسن الحلّي.
[قائلاً: المشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا هو أنّه اليوم التّاسع من ربيع الأول، وهو أحد الأعياد].
- العلّامة المجلسي، المصدر نفسه، ج95، ص252-255، ح1، باب13 فضل يوم التّاسع من شهر ربيع الأول وأعماله. نقلاً عن زوائد الفوائد للسيّد ابن طاووس.
- محمّد بن الحسن القمّي، العقد النضيد والدرّ الفريد، ص60-64، ح46.
- الميرزا حسين النوري، مستدرك الوسائل، ج2، ص522، ح2620.
[قائلاً: قال الشيخ المفيد في كتاب مسار الشيعة: "وفي اليوم التاّسع منه، يعني: الربيع الأول يوم العيد الكبير وله شرح كبير في غير هذا الموضع وعيّد فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وأمر الناس أن يعيّدوا فيه ويتّخذ فيه المريس". انتهى. وفيه إشارة إلى اعتبار الخبر المذكور].
- الشّيخ علي بن يونس العاملي، الصّراط المستقيم، ج3، ص29، كلام في خساسة عمر وخبث سريرته.
- الشّيخ محمّد حسن النجفي، جواهر الكلام، ج5، ص43-44، استحباب الغسل يوم التّاسع من ربيع الأول.
[قائلاً: وأمّا الغسل للتّاسع من ربيع الأوّل فقد حكي أنّه من فعل أحمد بن إسحاق القمّي معللا له بأنه يوم عيد، لما روي ما اتّفق فيه من الأمر العظيم الذي يسر المؤمنين ويكيد المنافقين، لكن قال في المصابيح: "إنّ المشهور بين علمائنا وعلماء الجمهور أن ذلك واقع في السّادس والعشرين من ذي الحجة، وقيل في السّابع والعشرين منه".
قلت: لكن المعروف الآن بين الشيعة إنما هو يوم تاسع ربيع، وقد عثرت على خبر مسنداً إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وأنّه يوم سرور لهم عليهم السلام ما يحيّر فيه الذّهن، وهو طويل، وفيه تصريح باتفاق ذلك الأمر فيه، فلعلّنا نقول باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الأزمنة، وسيما مع كونه عيداً لنا ولأئمّتنا عليهم السلام].
- الشّيخ عبّاس القمّي، مفاتيح الجنان، ص363، في أعمال اليوم التّاسع من ربيع الأول.
[قائلاً: عيد عظيم، وهو عيد البقر، وشرحه طويل ومذكور في محلّه، وروي أنّ من أنفق شيئاً في هذا اليوم غُفرت ذنوبه. وقيل يُستحب في هذا اليوم إطعام الإخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسّع في نفقة العيال ولبس الثياب الطيّبة وشكر الله تعالى وعبادته، وهو يوم زوال الغموم والأحزان، وهو يوم شريف جدّاً].
ولا نقول إلّا:
نبارك للمؤمنين والمؤمنات في يوم هلاك عدوّ آل محمّد الأوّل، فرعون هذه الأمّة، وطاغوتها لعنة الله تعالى عليه وعلى أتباعه.
لا شلّت يداك يا أبا لؤلؤة ورضوان الله تعالى عليك وحشرك المولى عزّ وجلّ مع محمّد وآله صلوات الله عليهم.
إنّ المـصـرّيْن علـى ذنـبيهمـا * والمخفيـّا الفتنة فـي قلبيهـما
والخـالـعـا العقدة من عنـقيهمـا * والحاملا الوزر على ظهريهما
كالـجبت والطّاغـوت في مثليهـما * فلـعنة الله علـى روحيـهـما
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،