غديري انا
22-02-2011, 12:46 AM
لو أن جنوب السودان شيعة
17/01/2011
أحمد العلي النمر / السعودية
لو أن جنوب السودان شيعة... لكان الحال - خصوصا في هذه الأيام التي يجري فيها التصويت على الانفصال - مختلف تماما، حيث يتحول شعب بأكمله الى زمرة من العملاء الخونة وأحفاد «لابن العلقمي» وطابور خامس والى غير ذلك من المصطلحات التي أصبحت عناوين رئيسية في القاموس السياسي العربي.
لو أن جنوب السودان شيعة... لتحركت ماكنة الأعلام العربية بفضائياتها وصحفها ومواقعها على الإنترنت بأقصى درجاتها لترسخ في ذهن المتلقي العربي أن ما يجري هناك هو من تمثيل وإخراج وسيناريو المخابرات الإيرانية، وبرعاية الحرس الثوري، وتمويل من مراجع الشيعة في قم والنجف.
لو أن جنوب السودان شيعة... لهب المشايخ الطائفيون للتحذير من المد الشيعي وخطره، ولتباكوا على البقية الباقية من مذهب أهل السنة الذي أصبح لقمة سائغة للرافضة أهل البدع والشركيات، وبالطبع لا بد من فتح الملفات الجاهزة دائما في مثل هذه الظروف كدعوى سب الصحابة، واتهام أم المؤمنين، وتحريف القرآن، والمتعة، والتقية..... الخ
لو أن جنوب السودان شيعة... لسارعت جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع قمة عاجل لمنع هذا التدهور الخطير، ولتصدى «عمرو موسى» بما لدية من صلاحيات إلى إصدار بيان استنكار وشجب شديد اللهجة يدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولانبرى كبار الزعماء إلى التشنيع والتخويف من هلال شيعي قادم.
لو أن جنوب السودان شيعة... لكان هذا سببا مباشرا لأن يتناسى الكتاب العرب كل خلافاتهم ويتحدوا جميعا - رغم التباين الفكري والسياسي والعقدي بينهم - على محاربة هذا التمدد، فيتحول «العلماني» منهم إلى رجل دين يتحدث باسم الإسلام ويتباكى على الدين والقيم والحلال والحرام، ويتحول السلفي المتطرف الذي لا يعترف أصلا بالحدود بين الدول إلى «قومي» يرفض بشدة تغيير خارطة الوطن العربي، وحتى من يتشدق منهم بالديمقراطية والانفتاح فإنه - مع الشأن الشيعي - يتحول إلى دكتاتور من الطراز الأول.
لو أن جنوب السودان شيعة... لتهافت الإنتحاريون الإسلاميون سفاكي الدماء من كل أصقاع الأرض إلى هناك لحماية ثغور الدولة الإسلامية من الأعداء المتربصين بها، ولتفننوا في تفجير أنفسهم في تجمعات الناس الأبرياء في أي مكان يمكن أن تصل إليه أجسادهم.
ولكن.... لو جربنا تطبيق هذه المعادلة في بلد عربي كالعراق وافترضنا التالي: -
لو أن جنوب العراق سنة... ويريدون التصويت على الانفصال عن الدولة الأم أو يرغبون في «الفيدرالية» فإن عددا من الإجراءات الحاسمة سيتخذها الأشقاء العرب لإنجاح هذا المشروع منها:-
1 - ستبادر جامعة الدول العربية بإصدار بيان الاعتراف الأول، وستحث الدول العربية على الاعتراف والتأييد، وستسارع بإرسال ممثل مقيم لها هناك، وسيصرح «عمرو موسى» أن حق تقرير المصير للشعوب هو من ابرز البنود التي أقرتها وثيقة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
2 - سيتنافس زعماء الدول العربية على تقديم الهبات والمنح وإنشاء جسور جوية وبحريه وبرية لتقديم المساعدات، ومن بينها قوات لحفظ الأمن وفتح السفارات والقنصليات والمستشفيات الميدانية والجمعيات الخيرية.
3 - - ستنطلق ماكنة الدعاية الإعلامية العربية بفضائياتها وصحفها ومواقعها على الإنترنت بأقصى درجاتها لترسخ في ذهن المتلقي العربي أن ما يجري هناك هو أعظم انتصار للأمة العربية، وإعادة لأمجاد القادسية، ودحر للإمبراطورية الفارسية.
4 - سيهب مشايخ الصحوة الجهادية إلى المباركة والى التخطيط لتحويل تلك المناطق إلى مناطق نفوذ، وإرسال الدعاة وأئمة المساجد لنشر ثقافة التوحيد الصحيح، ولتحرير تلك البلاد من البدع والخرافات، وتطهيرها مما لصق بها من عادات جيرانها الفرس المجوس.
5 - ستقام الاحتفالات الشعبية الصاخبة في الوطن العربي ابتهاجا بهذه المناسبة كل حسب طريقته، فمن هز البطون والأرداف على صوت الموسيقى الشرقية، إلى العرضة النجدية على وقع الطبول إلى التجمع في الساحات العامة والمسيرات وإطلاق النار في الهواء وتوزيع الحلوى ونحر الخراف.
إن هذا التناقض والازدواجية في التعاطي العربي مع الطيف الشيعي ليس وليد اليوم بل هو نتيجة رواسب ثابتة ومتمكنة منذ مئات السنين، ومن المستحيل تجاوزها في أي عملية ديمقراطية مقبلة في أي قطر عربي يشكل الشيعة جزء منه كبيرا كان أم صغيرا، وعلى الشيعة أن لا يتوقعوا يوما ما أن أحدا من هؤلاء العرب أو غيرهم سيلطف بهم أو يمد يديه إليهم ليعطيهم حقوقهم هكذا لوجه الله وبدون ثمن، فالحق - كما يقول الحكماء - لا يعطى بل يؤخذ... والأخذ يحتاج إلى بذل وعطاء وتضحية، «والعاقلون يفهمون»
وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
أحمد العلي النمر * - 12/01/2011م
كاتب سعودي «الدمام»
17/01/2011
أحمد العلي النمر / السعودية
لو أن جنوب السودان شيعة... لكان الحال - خصوصا في هذه الأيام التي يجري فيها التصويت على الانفصال - مختلف تماما، حيث يتحول شعب بأكمله الى زمرة من العملاء الخونة وأحفاد «لابن العلقمي» وطابور خامس والى غير ذلك من المصطلحات التي أصبحت عناوين رئيسية في القاموس السياسي العربي.
لو أن جنوب السودان شيعة... لتحركت ماكنة الأعلام العربية بفضائياتها وصحفها ومواقعها على الإنترنت بأقصى درجاتها لترسخ في ذهن المتلقي العربي أن ما يجري هناك هو من تمثيل وإخراج وسيناريو المخابرات الإيرانية، وبرعاية الحرس الثوري، وتمويل من مراجع الشيعة في قم والنجف.
لو أن جنوب السودان شيعة... لهب المشايخ الطائفيون للتحذير من المد الشيعي وخطره، ولتباكوا على البقية الباقية من مذهب أهل السنة الذي أصبح لقمة سائغة للرافضة أهل البدع والشركيات، وبالطبع لا بد من فتح الملفات الجاهزة دائما في مثل هذه الظروف كدعوى سب الصحابة، واتهام أم المؤمنين، وتحريف القرآن، والمتعة، والتقية..... الخ
لو أن جنوب السودان شيعة... لسارعت جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع قمة عاجل لمنع هذا التدهور الخطير، ولتصدى «عمرو موسى» بما لدية من صلاحيات إلى إصدار بيان استنكار وشجب شديد اللهجة يدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولانبرى كبار الزعماء إلى التشنيع والتخويف من هلال شيعي قادم.
لو أن جنوب السودان شيعة... لكان هذا سببا مباشرا لأن يتناسى الكتاب العرب كل خلافاتهم ويتحدوا جميعا - رغم التباين الفكري والسياسي والعقدي بينهم - على محاربة هذا التمدد، فيتحول «العلماني» منهم إلى رجل دين يتحدث باسم الإسلام ويتباكى على الدين والقيم والحلال والحرام، ويتحول السلفي المتطرف الذي لا يعترف أصلا بالحدود بين الدول إلى «قومي» يرفض بشدة تغيير خارطة الوطن العربي، وحتى من يتشدق منهم بالديمقراطية والانفتاح فإنه - مع الشأن الشيعي - يتحول إلى دكتاتور من الطراز الأول.
لو أن جنوب السودان شيعة... لتهافت الإنتحاريون الإسلاميون سفاكي الدماء من كل أصقاع الأرض إلى هناك لحماية ثغور الدولة الإسلامية من الأعداء المتربصين بها، ولتفننوا في تفجير أنفسهم في تجمعات الناس الأبرياء في أي مكان يمكن أن تصل إليه أجسادهم.
ولكن.... لو جربنا تطبيق هذه المعادلة في بلد عربي كالعراق وافترضنا التالي: -
لو أن جنوب العراق سنة... ويريدون التصويت على الانفصال عن الدولة الأم أو يرغبون في «الفيدرالية» فإن عددا من الإجراءات الحاسمة سيتخذها الأشقاء العرب لإنجاح هذا المشروع منها:-
1 - ستبادر جامعة الدول العربية بإصدار بيان الاعتراف الأول، وستحث الدول العربية على الاعتراف والتأييد، وستسارع بإرسال ممثل مقيم لها هناك، وسيصرح «عمرو موسى» أن حق تقرير المصير للشعوب هو من ابرز البنود التي أقرتها وثيقة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
2 - سيتنافس زعماء الدول العربية على تقديم الهبات والمنح وإنشاء جسور جوية وبحريه وبرية لتقديم المساعدات، ومن بينها قوات لحفظ الأمن وفتح السفارات والقنصليات والمستشفيات الميدانية والجمعيات الخيرية.
3 - - ستنطلق ماكنة الدعاية الإعلامية العربية بفضائياتها وصحفها ومواقعها على الإنترنت بأقصى درجاتها لترسخ في ذهن المتلقي العربي أن ما يجري هناك هو أعظم انتصار للأمة العربية، وإعادة لأمجاد القادسية، ودحر للإمبراطورية الفارسية.
4 - سيهب مشايخ الصحوة الجهادية إلى المباركة والى التخطيط لتحويل تلك المناطق إلى مناطق نفوذ، وإرسال الدعاة وأئمة المساجد لنشر ثقافة التوحيد الصحيح، ولتحرير تلك البلاد من البدع والخرافات، وتطهيرها مما لصق بها من عادات جيرانها الفرس المجوس.
5 - ستقام الاحتفالات الشعبية الصاخبة في الوطن العربي ابتهاجا بهذه المناسبة كل حسب طريقته، فمن هز البطون والأرداف على صوت الموسيقى الشرقية، إلى العرضة النجدية على وقع الطبول إلى التجمع في الساحات العامة والمسيرات وإطلاق النار في الهواء وتوزيع الحلوى ونحر الخراف.
إن هذا التناقض والازدواجية في التعاطي العربي مع الطيف الشيعي ليس وليد اليوم بل هو نتيجة رواسب ثابتة ومتمكنة منذ مئات السنين، ومن المستحيل تجاوزها في أي عملية ديمقراطية مقبلة في أي قطر عربي يشكل الشيعة جزء منه كبيرا كان أم صغيرا، وعلى الشيعة أن لا يتوقعوا يوما ما أن أحدا من هؤلاء العرب أو غيرهم سيلطف بهم أو يمد يديه إليهم ليعطيهم حقوقهم هكذا لوجه الله وبدون ثمن، فالحق - كما يقول الحكماء - لا يعطى بل يؤخذ... والأخذ يحتاج إلى بذل وعطاء وتضحية، «والعاقلون يفهمون»
وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
أحمد العلي النمر * - 12/01/2011م
كاتب سعودي «الدمام»