الشيخ علي محمد حايك
07-03-2011, 07:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال تعالى "وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ" (ق:19)،
عبر المولى عن معاينة الموت بالسكرة وذلك لما يصيب المحتضر من الاهوال والشدائد التي تجعله فاقدا للسيطرة على تفكيره وعقله ، ويكون حاله حال السكران الذي يتصرف بغير اختياره ولكن بما ينسجم مع طبعه وعاداته وملكاته ،فيغلب عليه في تلك اللحظات ما كان عليه قبل ذلك ، والمصيبة الكبرى ان لم يكن من أهل الصلاح فيكون طبعه فاسدا وملكاته خبيثة وعاداته سيئة ،واليك بعض النماذج :
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا،والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كانمفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.
وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني
والموت هو تلك الحقيقة التي لا يمكن لاحد ان يشك فيها ، فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟!
وساعة الموت هي قدرنا الذي لا مندوحة لأحد في أن يتلاعب فيه
فمن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! فَإِذَا جَاءأَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ[الأعراف:34
روي : أن النبيصلى الله عليه وآله خط خطا مربعاً، وخط خطا في الوسطخارجاً منه، وخط خططاً صغراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال : هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أوقد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإنأخطأه هذا نهشه هذا
حقيقة الموت
ويخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، بل هو حياة وحساب وحشر ونشر وجنة و نار. إذ لو كان عدم لانتفت الحكمة من الخلق والوجود،ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت ، فيكون المؤمن والكافر ، ، والظالم والمظلوم ، والطائع والعاصي ، والزاني والمصلي، والفاجر والتقي ، والقاتلوالمقتول سواء ، وهذا اعتقاد الجاحدين والمنكرين والملاحدة الذين هم شر من البهائم، ولا يقولذلك إلا سفيه أومجنون. قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[التغابن:7]، وقالسبحانه: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِيالْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَمَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ[يس:79،78
وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ[المائدة:106]
بل تهون عنده المصائب ، فعن أبي بصير قال: (شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام): الوسواس فقال: يا ابا محمد اذكر مقطع اوصالك في قبرك ورجوع أحبائك عنك إذا دفنوك في حفرتك وخروج نبات الماء من منخريك وأكل الدود لحمك فان ذلك يسلي عنك ما أنت فيه، قال أبو بصير: فوالله ما ذكرته إلاّ سلى عني ما أنا فيه من همّ الدنيا
ولو قدر لشخص ان يكون في كل لحظاته ذكرا له مع علمه بأهواله لنغص عليه حياته بحيث لا يهنأ بمأكل ولا مشرب
روى الشيخ الطوسي في الامالي عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سميناً).ورواه الصدوق في الفقيه عن الصادق (عليه السلام)
وذكر الموت موعظة المواعظ بل إن الموت يكفيك مواعظ أبلغ الوعاظ ، وبالتالي يجعلك في مصاف الاولياء ، روي أنه قام رجل من الأنصارفقال: يا نبي الله! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنياوكرامة الآخرة
وقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): صف لنا الموت فقال (عليه السلام): (على الخبير سقطتم، الموت هو أحد ثلاث أمور يرد عليه: إما بشارة بنعيم الأبد وإما بشارة بعذاب الأبد واما بتخويف وتهويل لا يدري من أي الفرق هو، اما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، واما عدونا المخالف لأمرنا فهو المبشر بعذاب الأبد. اما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه يأتيه الخبر مبهماً مخوفاً ثم لن يسويه الله باعدائنا ويخرجه من النار بشفاعتنا فاحتملوا واطيعوا ولا تتكلموا ولا تستصغروا عقوبة الله فان من المسرفين من لا يلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة سنة).
ورد في بعض الأخبار أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت: أما لكرسول تقدمه بين يديك، ليكون الناس على حذر منك؟ قال: نعم، لي والله رسل كثيرة: منالإعلال، والأمراض، والشيب، والهموم، وتغير السمع والبصر
وحسن الخاتمة هو الغاية والهدف نسأل الله ان يوفقنا لذلك،واليك نموذج من حسن الخاتمة
ورد في أحوال السيّد الحِميريّ عند موته
حدّث الحسين بن عون قال: دخلتُ علی السيّد الحِميريّ عايداً في علّته التي مات فيها، فوجدتُه يساق به، و وجدتُ عنده جماعة من جيرانه، و كان السيّد جميل الوجه رحب الجبهة عريض ما بين السالفين، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تنمي و تزيد حتّي طبقت وجهه بسوادها، فاغتّم لذلك من حضره من الشيعة و ظهر من النّاصبة سرور و شماتة؛ فلم يلبث بذلك إلاّ قليلاً حتّي بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً و تنمي حتّي ابيضّ وجهه و أشرق و افتر السيّد ضاحكاً و قال:
أشعار الحميريّ عند موته:
كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنَّ عَلِيَّاً لَنْ يُنَجِّي مُحِبَّهُ مِنْ هَنَاتِ
قَدْ وَ رَبِّي دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ وَ عَفَا لِي الإلَـ'هُ عَنْ سَيِّئاتِي
فَابْشِرُوا الْيَومَ أَوْلِيَاءَ عَلِيٍّ وَ تَوَلُّوا علیا حَتَّي' الْمَمَاتِ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ تَوَلَّوْا بَنِيه وَاحِدَاً بَعْدَ وَاحِدٍ بِالصِّفَاتِ
ثمّ أتبع قوله هذا: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاّ اللَهُ حَقَّاً حَقَّاً، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ حَقَّاً حَقَّاً؛ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّاً أَمِيرُالْمُؤمِنِينَ حَقَّاً حَقَّاً، أَشْهَدُ أَن لاَ إلَهَ إلاّ اللَهُ.
ثمّ أغمض عينه لنفسه، فكأنـّما كانت روحه ذبالة طفيت أو حصاة سقطت.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال تعالى "وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ" (ق:19)،
عبر المولى عن معاينة الموت بالسكرة وذلك لما يصيب المحتضر من الاهوال والشدائد التي تجعله فاقدا للسيطرة على تفكيره وعقله ، ويكون حاله حال السكران الذي يتصرف بغير اختياره ولكن بما ينسجم مع طبعه وعاداته وملكاته ،فيغلب عليه في تلك اللحظات ما كان عليه قبل ذلك ، والمصيبة الكبرى ان لم يكن من أهل الصلاح فيكون طبعه فاسدا وملكاته خبيثة وعاداته سيئة ،واليك بعض النماذج :
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا،والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كانمفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.
وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني
والموت هو تلك الحقيقة التي لا يمكن لاحد ان يشك فيها ، فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟!
وساعة الموت هي قدرنا الذي لا مندوحة لأحد في أن يتلاعب فيه
فمن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! فَإِذَا جَاءأَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ[الأعراف:34
روي : أن النبيصلى الله عليه وآله خط خطا مربعاً، وخط خطا في الوسطخارجاً منه، وخط خططاً صغراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال : هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أوقد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإنأخطأه هذا نهشه هذا
حقيقة الموت
ويخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، بل هو حياة وحساب وحشر ونشر وجنة و نار. إذ لو كان عدم لانتفت الحكمة من الخلق والوجود،ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت ، فيكون المؤمن والكافر ، ، والظالم والمظلوم ، والطائع والعاصي ، والزاني والمصلي، والفاجر والتقي ، والقاتلوالمقتول سواء ، وهذا اعتقاد الجاحدين والمنكرين والملاحدة الذين هم شر من البهائم، ولا يقولذلك إلا سفيه أومجنون. قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[التغابن:7]، وقالسبحانه: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِيالْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَمَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ[يس:79،78
وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ[المائدة:106]
بل تهون عنده المصائب ، فعن أبي بصير قال: (شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام): الوسواس فقال: يا ابا محمد اذكر مقطع اوصالك في قبرك ورجوع أحبائك عنك إذا دفنوك في حفرتك وخروج نبات الماء من منخريك وأكل الدود لحمك فان ذلك يسلي عنك ما أنت فيه، قال أبو بصير: فوالله ما ذكرته إلاّ سلى عني ما أنا فيه من همّ الدنيا
ولو قدر لشخص ان يكون في كل لحظاته ذكرا له مع علمه بأهواله لنغص عليه حياته بحيث لا يهنأ بمأكل ولا مشرب
روى الشيخ الطوسي في الامالي عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سميناً).ورواه الصدوق في الفقيه عن الصادق (عليه السلام)
وذكر الموت موعظة المواعظ بل إن الموت يكفيك مواعظ أبلغ الوعاظ ، وبالتالي يجعلك في مصاف الاولياء ، روي أنه قام رجل من الأنصارفقال: يا نبي الله! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنياوكرامة الآخرة
وقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): صف لنا الموت فقال (عليه السلام): (على الخبير سقطتم، الموت هو أحد ثلاث أمور يرد عليه: إما بشارة بنعيم الأبد وإما بشارة بعذاب الأبد واما بتخويف وتهويل لا يدري من أي الفرق هو، اما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، واما عدونا المخالف لأمرنا فهو المبشر بعذاب الأبد. اما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه يأتيه الخبر مبهماً مخوفاً ثم لن يسويه الله باعدائنا ويخرجه من النار بشفاعتنا فاحتملوا واطيعوا ولا تتكلموا ولا تستصغروا عقوبة الله فان من المسرفين من لا يلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة سنة).
ورد في بعض الأخبار أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت: أما لكرسول تقدمه بين يديك، ليكون الناس على حذر منك؟ قال: نعم، لي والله رسل كثيرة: منالإعلال، والأمراض، والشيب، والهموم، وتغير السمع والبصر
وحسن الخاتمة هو الغاية والهدف نسأل الله ان يوفقنا لذلك،واليك نموذج من حسن الخاتمة
ورد في أحوال السيّد الحِميريّ عند موته
حدّث الحسين بن عون قال: دخلتُ علی السيّد الحِميريّ عايداً في علّته التي مات فيها، فوجدتُه يساق به، و وجدتُ عنده جماعة من جيرانه، و كان السيّد جميل الوجه رحب الجبهة عريض ما بين السالفين، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تنمي و تزيد حتّي طبقت وجهه بسوادها، فاغتّم لذلك من حضره من الشيعة و ظهر من النّاصبة سرور و شماتة؛ فلم يلبث بذلك إلاّ قليلاً حتّي بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً و تنمي حتّي ابيضّ وجهه و أشرق و افتر السيّد ضاحكاً و قال:
أشعار الحميريّ عند موته:
كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنَّ عَلِيَّاً لَنْ يُنَجِّي مُحِبَّهُ مِنْ هَنَاتِ
قَدْ وَ رَبِّي دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ وَ عَفَا لِي الإلَـ'هُ عَنْ سَيِّئاتِي
فَابْشِرُوا الْيَومَ أَوْلِيَاءَ عَلِيٍّ وَ تَوَلُّوا علیا حَتَّي' الْمَمَاتِ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ تَوَلَّوْا بَنِيه وَاحِدَاً بَعْدَ وَاحِدٍ بِالصِّفَاتِ
ثمّ أتبع قوله هذا: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاّ اللَهُ حَقَّاً حَقَّاً، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ حَقَّاً حَقَّاً؛ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّاً أَمِيرُالْمُؤمِنِينَ حَقَّاً حَقَّاً، أَشْهَدُ أَن لاَ إلَهَ إلاّ اللَهُ.
ثمّ أغمض عينه لنفسه، فكأنـّما كانت روحه ذبالة طفيت أو حصاة سقطت.