المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيد النوروز وأثره ما قبل الإسلام وبعده بقلم الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء


ابو حيدر الزبيدي
08-03-2011, 11:23 AM
ٍ سلسلة بحوث ومقالات الإمام كاشف الغطاء

تصدر من مدرسته الدينية في النجف الأشراف



ومكتبته - العامة
















عيد النوروز وأثره


ما قبل الإسلام وبعده





بقلم

الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (قده)

(1295هـ -1373هـ)







النجف الاشرف العراق



http://www.iraq-4ever.com/up/uploads/iraq-4ever12995686321.jpg


جميع الحقوق محفوظة لـمكتبة

الإمام كاشف الغطاء – العامة

ومدرسته الدينية

النجف الاشرف- محلة العمارة- مجاور مدرسة الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء- الدينية ومجاور مسجد ومقبرة أل كاشف الغطاء(قده)


عيد نوروز وأثره

ما قبل الإسلام وبعده

لم يزل الإنسان يود ان يعرف شيئا عن مدرك هذا العيد وعن أسباب نشؤه وعن أثره قبل الإسلام وما بعده وبالطبع لم يسأل عن ذلك ويرفع حجاب الغموض الا من أتاه الله بسطة من العلم ورفعة إلى مستوى فوق المستوى البشري بما منحه الله من المكانة العلمية السامية والمنزلة الرفيعة في كل علم وفي كل فن حتى بز ما عداه ويلحق شأوه فكان فيلسوفا إلهيا،ً ومجتهداً مطلقاً، في كل علم من أكبر مجتهدي الشيعة الأمامية، وزد على ذلك انه لمصلح كبير له مواقف كانت ترد إليه الأسئلة من كل حدب وصوب فيجيب عنه الجواب الممتع، يلم بكل أطرافه بحيث يكشف حجاب الغموض عما سأل به ومن تلك الأسئلة السؤال عن (عيد النوروز) فأجاب سماحته جوابا ألم بأطراف الموضوع من كل نواحيه ببيان ساحر وأسلوب يستولي على قلب السامع والقارئ وهانحن نقدمه إلى قراء العدل الإسلامي لما فيه من الكشف عن عيدي النيروز والمهرجان وإليك نص السؤال والجواب

قلم التحرير



لحضرة سماحة حجة الإسلام الإمام الكبير آية الله الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء المحترم .

بعد إهدائك خالص التحيات .

أرجو من الله تعالى إن تكونوا متمتعين في صحة تامة ونحن في غاية الصحة والراحة سيدي الإمام حجة الإسلام: نرجو التفضل علينا بحل مسألة يوم النوروز وما هي معتقداتنا به فأن أخواننا السنيين يقولون أن يوم النوروز هو يوم عيد الفرس فيكف تعتقدون به وما هي العادة التي اتخذتموها بقدوم كل رأس سنة، وتبذلون المال الجزيل بصنع المأكولات النفيسة من الحلويات وغير ذلك وما المراد من ذلك فترجوا الجواب تفصيلا ونرجوا أن يبقيكم الله ذخرا وذخيرة لنا بحياة مملؤة بالمسرات والسعادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



المخلص
سلطان جواد العطاء



بسم الله الرحمن الرحيم

بعد السلام عليكم والدعاء لك بالسلامة التوفيق لا يخفى ان الأعياد عادات وتقاليد للأمم لها منشأ انتزاع وسبب للجعل تتفق عليه عقلاء الأمة ويتبعهم العامة وذلك السبب الموجب للجعل حدوث واقعة توجب للأمة عزة وكرامة أو خصوصية في طبيعة هذا اليوم تقتضي فرحا ومسرة وانشراحاً وبهجة لعموم البشر من الوجهة الكونية والناحية الصحية وما إلى ذلك من حركات الكرات ودوران الأفلاك، وبعض تلك الخصوصيات تكون دينية وأخرى مذهبية وبعضها اجتماعية ففي الإسلام أعياد كما في النصرانية واليهودية منها دينية، ومنها مذهبية؛ ونظرا لبساطة الإسلام في أول نشأته اقتصرت الشريعة الإسلامية على عيدين منشأ جعلتها الفراغ من فرضين مهمين الصيام والحج وهما عيد الفطر وعيد الأضحى والتناسب بين هذين العيدين إن كلا من الفرضين الصوم، والحج يتساويان في الضيق والحبس من أكثر الملذات والمنع عما هو المألوف من العادات ويتشابهان في الحدود والقيود فهذا صيام وذاك حرام وفي كليهما المنع من النكاح والطيب وأمثالهما فناسب إن يكون السراح والإطلاق من تلك القيود عيدا فرحا وسرورا مضافا إلى اللذة الروحية والبهجة القدسية في الفراغ من أداء الواجب، وامتثال الأمر والنهي الموجب للعروج إلى معارج السعادة الأبدية، والحياة السرمدية، ومن الأعياد المذهبية عيد الغدير عند الشيعة الأمامية بل لا عيد أعظم منه وهو اليوم الذي أمر الله تعالى نبيه بقوله تعالى( ياأيها النبي بلغ ماأنزل إليك) وفي بعض التفاسير عن أهل البيت سلام الله عليهم (بلغ ماأنزل إليك من ربك في علي) وكان النبي (ص) قد قرب رحيله من الدنيا فنصب علياً وصيا وإماما يبلغها ما بقي من أحكام الإسلام ويوضح ما أشكل منها ويؤدي مالم تكن المصلحة تقتضي بيانه من النبي (ص) لان القوم جديدوا عهد بالإسلام، وحكمة التدريج لازمه إلى آخر ما لامجال لبسطه في هذا المجال ومن الأعياد الشيعية الاجتماعية التي تقتضيها طبيعة الكون وجبلة الفطرة عيد النوروز، وعيد المهرجان، وهما دخول الشمس أول نقطة من الحمل، وهو الاعتدال الربيعي، ودخولها أول نقطة من الميزان، وهو الاعتدال الخريفي، وفي هذين الوقتين يتساوى الليل والنهار، ويطيب الهواء، وتنشرح النفوس، وتنتشر أزهار الربيع وأوارده ويتعطر الجوا بنفحات الأمطار والأزهار أفلا يحق ان يكون هذان اليومان عيداً لجميع البشر.

نعم أدرك هذه المهمة الفرس بلطف قرائحهم، وفرط ذكائهم، فجعلوهما عيدين شعبيين . وحيث ان العراق كان متأثراً ببعض عادات الفرس قبل الإسلام بحكم الجوار والسلطة والملك فكان هذا العيد معروفاً عند العرب حتى ان الأعراب والنوع المسمى باللغة الدارجة(المعدان) لعلهم أشد تعلقا به - حتى اليوم- من الفرس ولاشك انها عادة قديمة لهم شعبية اجتماعية لا علاقة لها بالدين يتساوى فيها العرب، والعجم، والبدو، ولحضر، وقد ذكر المتنبي عيد النوروز في مستهل قصيدة له يهني بها الوزير ابن العميد فيقول:

جاء نوروز وأنت مراده ......................

وقد لهجت ألسنة الشعراء بذكره وفي مجمع البحرين قدم لأمير المؤمنين (ع) حلوى فقالوا: هي للنوروز فقال - عليه السلام - كل يوم نوروزونا .

وبالجملة فالنوروز والمهرجان عيدان تقتضيهما طبيعة الكون لطبيعة البشر، حيث ينتعش الإنسان والحيوان بل الجماد والأرض والسماء والهواء والفضاء وعلى هذا الأساس وردت فيه أخبار من أهل البيت - سلام الله عليهم - تشعر بتأكيد تلك العادة وتأيد ماجرى عليه العرف من جعله عيداً له بعض الوظائف والمراسيم ولكن ماهي الوظائف والمراسيم التي وظعها الائمة الأطهار - عليهم السلام- لهذا العيد؟ أتحسبها هي الأكل والشرب والرقص واللهو والطرب، حاشا وكلا، بل هي الصلاة والذكر والعبادة الصداقة والعطف على الضعفاء، والضراعة إلى الله - عز شأنه- والسؤال منه جل شأنه ان يمنح عباده خير هذه السنة ويكفيه شرها وبؤسها، ويبدل حاله الى أحسن حال ففي خبر المعلى المشهور اذا كان يوم النوروز فأغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائما ثم ذكر صلاة أربع ركعات بصور مخصوصة، وفي خبر آخر عن المعلى يذكر فيه لهذا اليوم فضلاً عظيما ويقول فيه الصادق(ع) انه من أيامنا وأيام شيعتنا حفظته العجم وضيعتموه أنتم، نعم في بعض مجلدات البحار روى عن المناقب لموسى بن جعفر -سلام الله عليه- يعارض هذه الأخبار ولكنه ساقط وموهون من عدة جهات والترجح للأخبار المتقدمة، وعليها عمل الأصحاب وعلى كل فراجع كتب الأدعية والصلوات تجد فيها ما يعجبك ويبهرك من الأعمال الصالحة، والأوراد الشريفة، والآداب العالية، والأدعية المقدسة، ليس في هذا العيد فحسب ولا في هذا اليوم فقط بل في جميع الأيام والسنوات والشهور والساعات لكل ساعة ذكر، ولكل ساعة، دعاء ولكل ليلة ورد، ولكل عيد أعمال وآداب، وهنا ثم تتجلى لك عظمة أئمة الشيعة وقدسيتهم وميزتهم على غيرهم وهنا يميز الخبيث من الطيب والحق من الباطل:

بعينك فانظر أي نهجيك تنهج طريقان شتى مستقيم واعوج


والحمد لله رب العالمين

منقول من موقع الامام كاشف الغطاء

تحياتي اخوكم ابو حيدر الزبيدي