محقق
15-03-2011, 09:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اعدت هذا الموضوع لتخصيص المطلب و نفي الإطالة
روى العلامة المجلسي قدس سره في البحار رسالة طويلة في تفسير القرآن عن محمد بن ابراهيم النعماني صاحب الغيبة و نفس هذه الرساله مروية عن السيد المرتضى بإسم رسالة المحكم و المتشابه و فيها قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام: إن اصول أحكام العبادات وما يحدث في الامة من النوازل والحوادث ، لما كانت موجودة عن السمع والنطق والنص المختص في كتاب ففروعها مثلها وإنما أردنا بالاصول في جميع العبادات والمفترضات ، التي نص الله عزوجل عليها وأخبرنا عن وجوبها ، وعن النبي صلى الله عليه وآله وعن وصيه المنصوص عليه بعده في البيان من أوقاتها وكيفيتها وأقدارها في مقاديرها عن الله عزوجل ، مثل فرض الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وحد الزنا وحد السرق وأشباهها مما نزل في الكتاب مجملا بلا تفسير فكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر والمعبر عن جمل الفرائض فعرفنا أن فرض صلاة الظهر أربع ، ووقتها بعد زوال الشمس ، يفصل مقدار ما تقرأ الانسان ثلاثين آية ، وهذا الفرق بين صلاة الزوال وبين صلاة الظهر ، ووقت العصر آخر وقت الظهر إلى وقت مهبط الشمس ، وأن المغرب ثلاث ركعات ووقتها حين الغروب إلى إدبار الشفق والحمرة ، وأن وقت صلاة العشاء الآخرة وهي أربع ركعات وأوسع الاوقات ، أول وقتها حين اشتباك النجوم ، وغيبوبة الشفق وانبساط الكلام ، وآخر وقتها ثلث الليل وروي نصفه ، والصبح ركعتان ووقته طلوع الفجر إلى إسفار الصبح وأن الزكاة يجب في مال دون مال ، ومقدار دون مقدار ، ووقت دون أوقات وكذلك جميع الفرائض التي أوجبها الله سبحانه على عباده بملبغ الطاقات ، وكنه الاستطاعات فلولا ما ورد النص به من تنزيل كتاب الله تعالى وما أبان رسوله وفسره لنا وأبانه الاثر وصحيح الخبر لقوم آخرين ، لم يكن لاحد من الناس المأمورين بأداء الفرائض أن يوجب ذلك بعقله ، وإقامة معاني فروضه وبيان مراد الله تعالى في جميع ما قدمنا ذكره على حقيقة شروطه ، ولا تصح إقامة فروضه بالقياس والرأي ولا أن يهتدي العقول على انفرادها ولو انفرد لا يوجب فرض صلاة الظهر أربعا دون خمس أو ثلاث ، ولا يفصل أيضا بين قبل الزوال وبعده ولا تقدم السجود على الركوع والركوع على السجود ، أو حد زنا المحصن والبكر ، ولا بين العقارات والمال النقد في وجوب الزكاة ، ولو خلينا بين عقولنا وبين هذه الفرائض لم يصح فعل ذلك كله بالعقل على مجرده ، ولم يفصل بين القياس وما فصلت الشريعة والنصوص إذ كانت الشريعة موجودة عن السمع والنطق الذي ليس لنا أن نتجاوز حدودها ، ولو جاز ذلك وصح ، لاستغنينا عن إرسال الرسل إلينا بالامر والنهي منه تعالى ، ولما كانت الاصول لا تجب على ماهي من بيان فرضها إلا بالسمع والنطق ، فكذلك الفروع والحوادث التي تنوب وتطرق منه تعالى لم يوجب الحكم فيها بالقياس دون النص بالسمع والنطق وأما احتجاجهم واعتلالهم بأن القياس هو التشبيه والتمثيل وأن الحكم جائز به ، ورد الحوادث أيضا إليه ، فذلك محال بين ومقال شنيع لانا نجد شيئا قد وفق الله تعالى بين أحكامها وإن كانت متفرقة ونجد أشياء وقد فرق الله بين أحكامها ، وإن كانت مجتمعة ، فدلنا ذلك من فعل الله تعالى على أن اشتباه الشيئين غير موجب لاشتباه الحكمين ، كما ادعاه مستحلوا القياس والرأي وذلك أنهم لما عجزوا عن إقامة الاحكام على ما انزل في كتاب الله تعالى وعدلوا عن أخذها من أهلها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده ، ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى - الذين أنزل الله كتابه عليهم ، وأمر الامة برد ما اشتبه عليهم من الاحكام إليهم - وطلبوا الرياسة رغبة في حطام الدنيا ، وركبوا طرائق أسلافهم ، ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم العجز ، فادعوا أن الرأي والقياس واجب فبان لذوي العقول عجزهم ، وإلحادهم في دين الله تعالى ، وذلك أن العقل على مجرده وانفراده لا يوجب ولا يفصل بين أخذ شئ بغصب ونهب وبين أخذه بسرقة وإن كانا مشتبهين ، والواحد منهما يوجب القطع والآخر لا يوجبه ويدل أيضا على فساد ما احتجوا به من رد الشئ في الحكم إلى اعتبار نظائره أنا نجد الزنا من المحصن والبكر سواء وأحدهما يوجب الرجم والآخر يوجب الجلد ، فعلمنا أن الاحكام مأخذها من السمع والنطق على حسب ما يرد به التوقيف دون اعتبار النظائر والاعيان ، وهذه دلالة واضحة على فساد قولهم ، ولو كان الحكم في الدين بالقياس ، لكان باطن القدمين أولى بالمسح من ظاهرهما.
أقول: تبيّن لمن أنصف أن أحكام الله واقفة على السمع و النطق و الرواية و أنه ليس للعقل أي دور في تشريع أحكامه تعالى لأن العقول مأمورة بالتسليم لما ورد عن الله في كتابه و سنة نبيه الجارية في الأئمة من بعده، و لا يقال أن الخطاب مخصص لأهل القياس لأن الإمام كان يتكلم عن العقل مطلقاً ثم أورد القياس كمثال، و من أراد التشكيك في السند فالمتن قد احتج بحجج واضحة محكمة و براهين قائمة على عجز العقل و عدم حجيته في التشريع.
و الحمد لله رب العالمين
اعدت هذا الموضوع لتخصيص المطلب و نفي الإطالة
روى العلامة المجلسي قدس سره في البحار رسالة طويلة في تفسير القرآن عن محمد بن ابراهيم النعماني صاحب الغيبة و نفس هذه الرساله مروية عن السيد المرتضى بإسم رسالة المحكم و المتشابه و فيها قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام: إن اصول أحكام العبادات وما يحدث في الامة من النوازل والحوادث ، لما كانت موجودة عن السمع والنطق والنص المختص في كتاب ففروعها مثلها وإنما أردنا بالاصول في جميع العبادات والمفترضات ، التي نص الله عزوجل عليها وأخبرنا عن وجوبها ، وعن النبي صلى الله عليه وآله وعن وصيه المنصوص عليه بعده في البيان من أوقاتها وكيفيتها وأقدارها في مقاديرها عن الله عزوجل ، مثل فرض الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وحد الزنا وحد السرق وأشباهها مما نزل في الكتاب مجملا بلا تفسير فكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر والمعبر عن جمل الفرائض فعرفنا أن فرض صلاة الظهر أربع ، ووقتها بعد زوال الشمس ، يفصل مقدار ما تقرأ الانسان ثلاثين آية ، وهذا الفرق بين صلاة الزوال وبين صلاة الظهر ، ووقت العصر آخر وقت الظهر إلى وقت مهبط الشمس ، وأن المغرب ثلاث ركعات ووقتها حين الغروب إلى إدبار الشفق والحمرة ، وأن وقت صلاة العشاء الآخرة وهي أربع ركعات وأوسع الاوقات ، أول وقتها حين اشتباك النجوم ، وغيبوبة الشفق وانبساط الكلام ، وآخر وقتها ثلث الليل وروي نصفه ، والصبح ركعتان ووقته طلوع الفجر إلى إسفار الصبح وأن الزكاة يجب في مال دون مال ، ومقدار دون مقدار ، ووقت دون أوقات وكذلك جميع الفرائض التي أوجبها الله سبحانه على عباده بملبغ الطاقات ، وكنه الاستطاعات فلولا ما ورد النص به من تنزيل كتاب الله تعالى وما أبان رسوله وفسره لنا وأبانه الاثر وصحيح الخبر لقوم آخرين ، لم يكن لاحد من الناس المأمورين بأداء الفرائض أن يوجب ذلك بعقله ، وإقامة معاني فروضه وبيان مراد الله تعالى في جميع ما قدمنا ذكره على حقيقة شروطه ، ولا تصح إقامة فروضه بالقياس والرأي ولا أن يهتدي العقول على انفرادها ولو انفرد لا يوجب فرض صلاة الظهر أربعا دون خمس أو ثلاث ، ولا يفصل أيضا بين قبل الزوال وبعده ولا تقدم السجود على الركوع والركوع على السجود ، أو حد زنا المحصن والبكر ، ولا بين العقارات والمال النقد في وجوب الزكاة ، ولو خلينا بين عقولنا وبين هذه الفرائض لم يصح فعل ذلك كله بالعقل على مجرده ، ولم يفصل بين القياس وما فصلت الشريعة والنصوص إذ كانت الشريعة موجودة عن السمع والنطق الذي ليس لنا أن نتجاوز حدودها ، ولو جاز ذلك وصح ، لاستغنينا عن إرسال الرسل إلينا بالامر والنهي منه تعالى ، ولما كانت الاصول لا تجب على ماهي من بيان فرضها إلا بالسمع والنطق ، فكذلك الفروع والحوادث التي تنوب وتطرق منه تعالى لم يوجب الحكم فيها بالقياس دون النص بالسمع والنطق وأما احتجاجهم واعتلالهم بأن القياس هو التشبيه والتمثيل وأن الحكم جائز به ، ورد الحوادث أيضا إليه ، فذلك محال بين ومقال شنيع لانا نجد شيئا قد وفق الله تعالى بين أحكامها وإن كانت متفرقة ونجد أشياء وقد فرق الله بين أحكامها ، وإن كانت مجتمعة ، فدلنا ذلك من فعل الله تعالى على أن اشتباه الشيئين غير موجب لاشتباه الحكمين ، كما ادعاه مستحلوا القياس والرأي وذلك أنهم لما عجزوا عن إقامة الاحكام على ما انزل في كتاب الله تعالى وعدلوا عن أخذها من أهلها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده ، ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى - الذين أنزل الله كتابه عليهم ، وأمر الامة برد ما اشتبه عليهم من الاحكام إليهم - وطلبوا الرياسة رغبة في حطام الدنيا ، وركبوا طرائق أسلافهم ، ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم العجز ، فادعوا أن الرأي والقياس واجب فبان لذوي العقول عجزهم ، وإلحادهم في دين الله تعالى ، وذلك أن العقل على مجرده وانفراده لا يوجب ولا يفصل بين أخذ شئ بغصب ونهب وبين أخذه بسرقة وإن كانا مشتبهين ، والواحد منهما يوجب القطع والآخر لا يوجبه ويدل أيضا على فساد ما احتجوا به من رد الشئ في الحكم إلى اعتبار نظائره أنا نجد الزنا من المحصن والبكر سواء وأحدهما يوجب الرجم والآخر يوجب الجلد ، فعلمنا أن الاحكام مأخذها من السمع والنطق على حسب ما يرد به التوقيف دون اعتبار النظائر والاعيان ، وهذه دلالة واضحة على فساد قولهم ، ولو كان الحكم في الدين بالقياس ، لكان باطن القدمين أولى بالمسح من ظاهرهما.
أقول: تبيّن لمن أنصف أن أحكام الله واقفة على السمع و النطق و الرواية و أنه ليس للعقل أي دور في تشريع أحكامه تعالى لأن العقول مأمورة بالتسليم لما ورد عن الله في كتابه و سنة نبيه الجارية في الأئمة من بعده، و لا يقال أن الخطاب مخصص لأهل القياس لأن الإمام كان يتكلم عن العقل مطلقاً ثم أورد القياس كمثال، و من أراد التشكيك في السند فالمتن قد احتج بحجج واضحة محكمة و براهين قائمة على عجز العقل و عدم حجيته في التشريع.
و الحمد لله رب العالمين