بابل
08-07-2007, 04:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الدولة : انجلترا
الدين والمذهب السابق : مسيحي
المهنة : مهندسة جرافيك
الجنس : أنثى.
العمر : مواليد 19 / 10 / 1971 م.
متى أعتنقت الإسلام؟..
- حوالي 19 عاما (1992 م).
أي مذهب أو فرقة أو منهج اخترت؟..
- اخترت مذهب التشيع.
ما هي الأدلة والبراهين التي اعترضت طريقك؟.. وكيف تغلبت عليها؟..
- لقد قرأت القرآن، وأدركت أنه حقيقة من الله سبحانه، ومن ثم فوحدانية الله، وحقيقة المعاد وما فيه من تبعات، وعواقب، والمساواة بين الرجل والمرأة من المنظار الإلهي.. كلها كانت استدلالات وبراهين، جعلتني أقر بالإسلام، وكذلك شمولية الدين الإسلامي لجميع جوانب الحياة.. إذ أنه كشف غوامضها ووجهها، وقدم النصائح والتعليمات والآداب، وكل ذلك كان له دور أساسي في سيري نحو الإسلام.
ما هو أكثر شيء جعلك تقتنعين بالإسلام؟..
- أهم سبب بنظري : هو أن على كل إنسان أن يبرئ ساحته وذمته أمام الله عز وجل.. حيث أن الإنسان مسؤول أمام الله، لا عند من يحب أو يحذر من الناس.
ماهي العقبات التي اعترضت طريقك؟.. وكيف تغلبت عليها؟..
- واحدة من هذه العقبات : هي أنني كيف سأقدر على شرح موقفي أمام أهلي، فلعل تغيير سلوكي نحو الأفضل بعد أن اعتنقت الإسلام، سيلعب دورا مهما في حل هذه المشكلة.
وهناك مشكلة أخرى واجهتني : وهي مسألة الحجاب، وردود أفعال الآخرين تجاه الحجاب.. فمن الضروري أن نعرف أننا لماذا نتحجب، ومن نسعى لإرضائه من وراء حجابنا؟.. حينها سنشعر بالرضا والطمأنينة، ومن الأهمية بمحل أن نكون جنبا إلى جنب مع بقية أخواتنا المسلمات، مما يعطينا الدعم والقوة والثبات.
ماذا تقترحين لترشيد المجتمع وللنهوض به؟.. وباعتبارك فرد من الأمة الإسلامية ماذا تقترحين من برامج مستقبلية للمسلمين؟..
- إن المسلمين بحاجة إلى اتحاد أقوى، وعليهم التخلي عن العداء لبعضهم البعض، وعن النزاعات فيما بينهم.. فعليهم أن يحموا منطق العقل والدليل.. وعليهم أن يقتربوا ويختلطوا بمجتمعاتهم التي يعيشون فيها، ليصنعوا صورة جلية وواضحة للآخرين، تحيي مثل الإسلام وقيمه وآثاره العظيمة.
قصة استبصاري... تحول داخل تحول
لن أنسي أبدا ذلك الصباح، حيث استيقظت من نومي، وقد صممت على أن أتخذ مسيرا سيغير حياتي تغييرا لا حدود له.. فمع نهاية دراستي، كنت أعد نفسي لدخول معهد الفنون، مع أني لم أكن راغبة لهذا الفرع، إلا أنه بعد تتمة لسير دراستي، فإن علي أن أكمل المرحلة الدراسية المقبلة.. وهنا اتخذت تصميما، وهو أن أسافر ولكن لا لمحض السفر، بل لأجل الدراسة.. فأنا قد جربت مسبقا الدراسة خارج البلد، ولم أكن خلالها أتصل بعائلتي، إلاّ من البعد.. فإن شد الحقائب والسفر بالنسبة إليّ أمر في غاية السهولة.
فمن بين الدول سافرت إلى دول الأبيض المتوسط، وإلى شرق أوربا.. وبشكل لا يصدق، فقد جذبتني دول الأبيض المتوسط إلى نفسها.. فهي دول مليئة بالأساطير والغرائب.. وإن سفري فرصة اغتنمتها لأكون شاهدا على إيمان الآخرين ومعتقداتهم، وذلك فرصة للتأمل والتفكير.. فقد كنت أسيرة المذهب المادي، لأني بعد هذا توصلت إلى نتيجة، وهي :
أني مؤمنة بالله تعالي، وقد قيل مسبقاَ : أن الطريق الوحيد للوصول إلى الله، هو عيسى المسيح عليه السلام.. إيماني هذا، لم يكن له الأثر في تغييري، فقد كنت وفي كثير من الأحيان أشعر بالأسف والإحراج من قولي : أنني مسيحية.
وبالنسبة للإسلام، فلم أكن لأقتنع به، أو أن أتفهمه.. فمع ما أسمعه عن الإسلام من ظلم، وتخلف للمرأة.. فقد تصورته في مخيلتي، بأنه بحر من الظلام، يريد أن يتلف العالم رويدا رويدا.. ولقد تماديت أكثر من ذلك، حيث تصورت أن الإسلام دين يحارب دين عيسي المسيح (ع).. فليسامحني الله علي ذلك.
لعل أول لقاء لي بالإسلام والمسلمين، كان في تركيا، تفقدت مسجدا أزرقا، وتحيرت من أن هؤلاء الناس من يعبدون؟.. الله أم محمد؟.. بل لم أكن أعرف أساساَ أنهم يعتقدون بألوهية أي واحد من هذين؟.. فإن كل شيء أمامي غريب، ويحيطه الغموض : انتظارهم لصوت الأذان المزعج، الرسوم المنتشرة على الجدران والأبواب، النساء المتشحات بالسواد، أداؤهم لطقوس عبادية غريبة.. لكني حاولت أن أربط بين كل هذه الظواهر.
هذه المرة سافرت إلي إسرائيل، وهو المكان الذي عملت فيه مسبقا لمدة تسعة أشهر، ولا أستطيع أن أنكر، فإن أرض التوراة لم يكن لها تأثير بالغ عليّ.. لقد كنت أقضي الكثير من أوقات فراغي في مدينة أورشليم.. فهو مكان رائع، فهناك مضايف تناسب جميع الأذواق. روائح التوابل والبن المحمص تكتنف المكان، طرق قديمة معبدة بالحجر.. وكأننا عدنا إلى الماضي العريق، حيث أن المسيح يعيش هنا، وبين أرجاء ها.. هذا وكنت أشاهد بعض المجموعات تجول بكاميراتها في تلك السكك.
لم أفكر بالإسلام حتى وضعت قدمي في مصر، ولأكثر من سبب، فقد تعلقت بهذا البلد، ولأجل أن أكون على معرفة بثقافة الشعب المصري، كنت مجبورة على فهم دينهم.. حيث أن له دورا بالغا في تكوين الثقافة الاجتماعية لهم.
قضيت وقتاَ طويلا، وأنا وحيدة مع نفسي، مما أعطاني مجالا كافيا للتأمل، وقرأت كتابا عن الإسلام، ثم قرأت الإنجيل من أوله إلى آخره.. أصابتني دوامة من الأفكار، كنت أسائل نفسي، وأقول لها : إذا كان الإسلام هو طريق الحقيقة، فهل المسيحية تقتضي مني نفس نمط التسليم؟.. أليست هذه وساوس شيطانية؟.. كنت في تردد مطلق، ولم أعرف ما يجب علي فعله؟.. وأي طريق يجب عليّ أن أسلك؟..
شعرت باضطراب شديد، ثم سعيت للحصول على نسخة مترجمة للقرآن.. فقد كان عندي ميل عجيب لقراء ته، وعندما بدأت بقراء ته، جذبني إليه حتى أني لم أستطع أن أدعه جانبا، فقد كان فيه المطالب الجذابة أكثر مما قرأت مسبقا في الكتب الأخرى.
شعرت بالمسؤولية والالتزام، بعد أن كنت ضائعة تائهة، وألطف ما في الأمر هو أني شعرت بالطمأنينة والسكينة.. لقد شعرت بواجبي تجاه الخالق العظيم، وليس علي أن أخاف أحدا، أو أن أبقى مقيدة بما أملته علي ثقافة الغرب.. فعلينا أن نخطوا في الطريق الصحيح الذي آمنا به.
الحياة عندي أخذت لها طابعاَ آخر، فهذه الدنيا لا قيمة لها أمام ما أعده الله لنا يوم القيامة، لقد كان لسهولة الإسلام وبساطته الأثر البالغ علي، هذا بالنظر إلى ما تنطوي عليه المسيحية من تعقيدات ومن التواء.. فكل شيء حصل في لحظة واحدة، كأن نورا اتقد فجأة لينير عقلي وروحي ولله الحمد.
اعتناق الإسلام هو عبارة عن عودة الغريب إلى داره، حيث أعطاني الأمان والاستقرار الذي لم أحصل عليه في كل مكان.
بعد عدة سنوات تأزمت حياتي، ولأسباب شخصية.. ولكن بقي الإسلام، وبقيت عقيدتي سندا لي أمام كل المشاكل.
حياتي الإسلامية كانت كالذي يقف علي مفترق طريقين، وعليه أن يختار أحدهما، ليسير فيه.. مع أني لم أولي هذا الأمر أهمية بالغة، إلا أني وجدت نفسي من أهل السنة، ومهما كان فهم الأكثرية، وكنت أرى الآخرين فرقة ضالة ومنحرفة.
ومن المعلوم أننا عندما نقول : أهل السنة ؛ أي اولئك الذين يعملون بسنة النبي محمد (ص) فلا بد أن يكونوا هم الفرقة الناجية.
كنت أسير نحو مستقبل غير واضح المعالم، وكنت لا أنفك من الدعاء والمناجاة لله سبحانه وتعالى.. وكنت على يقين من أنه سيهديني إلى الحق، وإلى مذهب الحق.. نقلت سكني إلى شمال غرب لندن، ولله الحمد، فبمقدار ما سنحت لي الفرصة، كنت أتعلم مفاهيم الإسلام وتعاليمه.. أمر لم أكن لأوفق إليه من قبل إسلامي.. اذكر تنقلي وأبنائي وعملي في عدة من المساجد، ولكن ما أصابني بنوع من الإحباط هو أنني أينما سافرت، وجدت مركزا للشيعة.. لقد كنت أشعر بإرهاق من كل تلك الأفكار والأمور التي كانت تراودني، وبخصوص الشيعة.. فإن هناك شعورا غريبا تجاههم، لم أكن لأعرف ماهيته؟..
مع كل هذا أنا لم أتخلَ عن البحث والتعليم، والشيء الوحيد الذي كنت أعرفه عن الشيعة، هو أنهم أقلية، وهم فرقة ضلت وانحرفت وابتدعت في الدين ما ليس منه، من قبيل عبادة الأئمة، حيث كانوا يلبسون السواد، ويبكون ويضربون أنفسهم، لقد غيروا عدد الصلوات.
ومن جهة أخرى : فقد نشروا الفاحشة، وذلك عن طريق الترويج لزواج المتعة، وأنهم يسجدون على الحجارة.. ولكن مع كل ما رأيت لم أتوان عن البحث والتحقيق، كان أمام بيتي مباشرة، مبنى حوزة الإمام الحسين (ع) العلمية، وذلك في شارع دورتمونت.. وقد أعدوا فيه مكانا خاصة لحضانة الأطفال والعناية بهم أثناء الدراسة، وتقدم فيه الخدمة مجانا.. فتوجهت حالا إلى هذا المكان، فقد كان كل شيء يسير بالاتجاه الصحيح ولله الحمد.
لقد ذهبت إلى هناك لكي أستمر في بحثي ودراستي، لقد شعرت باليأس هناك، وضعف أملي بهم.. ولكن كنت أسلي نفسي وأقول : على كل التقادير، فإنهم يعدون من المسلمين، ويدعون الإسلام، وإنهم يعبدون الله سبحانه.. فعلي أن اكتسب منهم بمقدار فائدتي.
لقد كانوا ودودين ومريحين، وعلي أن أعترف أني أصبت بالحيرة، فقد كنت أعتقد أنهم يحاولون فقط جرنا إلى مذهبهم.. وذلك بتضليلنا، وبإظهارهم لنا ما نحب أن نسمعه فقط، وذلك تحت عنوان التقية.. ولكني رأيتهم يتلون نفس القرآن، الذي عندنا (أهل السنة) فتحيرت من ذلك، وقلت : لعل عندهم كتابا آخر مخفيا، كالذي عند الرهبان، وقد أخفوه عني؟.. فلعل هذا نوع من المؤامرة علي؟..
لأجل خلاصي من هذه الحيرة، صممت أن أتابع البحث والتحقيق عنهم، وعن مناسكهم ومعتقداتهم.. فكان علي التسلح أمام تلك الحيل التي يمارسونها، وبقيت ثابتة على إيماني بالله وبالإسلام، ولم يعتريني أي تغيير، فأنا كنت أريد فقط أن اعرف حقيقة الإسلام الذي أراده الله للإنسان، وأي إسلام هو؟..
وكنت على يقين من أن صلاتي لله - سبحانه وتعالى - كانت تؤمنني من وساوس الشيطان، ومن التيه والانحراف والضلال، حتى أني كنت أحذر أشد الحذر من التأمل في الفكر الشيعي.. وقد ذكرت ذلك مرة لأحد أبناء السنة، فرأيته يكن كراهية وحقدا دفينا نحو التشيع، فكان يتحدث عنه بشدة وقساوة وعصبية.. إلا أنه كان هناك شيء في قلبي ووجداني، غير مستقر ولا مرتاح ولا راض.. كان عندي شعور وهاجس، يدفعني إلى البحث عن الحقيقة.. فما سمعته عن الشيعة، وما رأيته منهم، لم يكن بينهما أي انسجام ولا توافق.. شعرت ولمرة ثانية، بنفس الشعور الذي راودني عند بحثي عن الإسلام في بداية الأمر، فقد كان الجهل والتعصب منشأ لكثير من الآراء حول الإسلام.. كنت مستمرة بالحضور في دروس الحوزة العلمية، وكنت أطرح استفساراتي باستمرار، وجميع ما تعلمته كان منطقيا، ولم يجبرني أحد على الاعتقاد بعقيدته.. وكل الآراء كانت مبنية على أدلة وبراهين قاطعة، وقد طالعت كتبا كثيرة تتحدث عن وجهات نظر ونظريات وآراء سنية وشيعية، ويمكن أن نحصل على أدلة محكمة تدعم الفكر الشيعي، من نفس كتب أهل السنة بنظري.. فإن الحقيقة وعلى طول التاريخ حرفت، أو أخفيت.. ولكن مع كل هذا، فلا يمكن حجبها وإخفاؤها عن الأذهان، وستظهر نفسها في يوم من الأيام.
بدأت الدوامة في أفكاري مجددا، وهي تشتد في ذهني.. ولكن هذا لم يجعلني أندم، لأني قد اعتنقت الإسلام، وقد استحضرت قصة اعتناقي للإسلام، وقلت لنفسي : هل علي أن أسير في نفس ذلك المسير؟.. فالفكر الشيعي كان بالنسبة إلي فكرا غريبا، فلم أكن من قبل على علاقة بالأئمة، بل كنت أستثقل اقتران بعض العبادات بهم.. كنت أرى أن هذا ليس من الإسلام، وهذا الموقف جاء نتيجة الثقافة التي ثقفنا إياها الفكر السني، حين كنت أرى أنه هو الفكر الإسلامي الأصيل، وكنت قد جعلته مقياسا ومعيارا لجميع الأفكار والمواقف الأخرى.. كان علي أن أتحمل تبعات وتداعيات العُقد، التي لم أجد لها حلا في ذهني، فسعيت إلى أن أقف موقفا محايدا أمام كل تلك الأفكار، لكي أستطيع أن أقارن بينها دون أن أتعصب لواحدة دون أخرى، وعلي أن أكون منطقية في تحليلي للأمور، وفي اختياري للإتجاه الصحيح.
بنظري : فإن الفكر الشيعي يقوم على أساس الأدلة والبراهين، وهذا يعني أن الفكر السني كان ينقصه الدليل والبرهان، بل كان من الملاحظ أن أبناء السنة نفسهم، ليس لهم اطلاع ولا علم، بما عندهم من واقع ناقص فكري.
عندما تحدثوا عن التشيع، لم يدعموا حديثهم بالأدلة والبراهين، بل بالتشويه والتمويه، لدفع الناس ومنعهم من معرفة الحقيقة.. وقد استعملوا في ذلك عامل التهويل والتخويف، وأنا لا أريد الخوض في هذا الجانب، إلا أنه يجب القول : أن هذا الأسلوب هو أسلوب الشيطان، ليخوف به الناس، ويبعدهم عن معرفة الله.
لقد رأيت موضوع الإمامة بمنتهى الدقة والروعة، وهو الموضوع الذي يتضح من خلاله أصالة الإسلام عند الشيعة حيث أن الإمامة لطف من الله، اختصه بعباده المخلصين، وعلى لسان نبيه (ص) فقد تم تلقين الناس بذلك وتعليمهم إياه.
لقد فتح لي باب جديد، وشع علي نور آخر، وأخذ عندي الإسلام بعدا آخر.. فالفكر الشيعي أتم إيماني.. ومن المناسب القول : أنه هو الدين الإلهي.
أشعر بنفسي، وقد رجعت إلى نقطه البداية، وإني أقف أمام بحر لجي من المعرفة، وكان علي خوضه.
الحمد لله على هدايته لي نحو الإسلام، والطريق الحق.. والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وأهل بيته الأطهار (ع).. ووفق الله جميع أولئك الذين أعانوني على الوصول إلى طريق الهداية.
والحمد لله رب العالمين
منقول
الدولة : انجلترا
الدين والمذهب السابق : مسيحي
المهنة : مهندسة جرافيك
الجنس : أنثى.
العمر : مواليد 19 / 10 / 1971 م.
متى أعتنقت الإسلام؟..
- حوالي 19 عاما (1992 م).
أي مذهب أو فرقة أو منهج اخترت؟..
- اخترت مذهب التشيع.
ما هي الأدلة والبراهين التي اعترضت طريقك؟.. وكيف تغلبت عليها؟..
- لقد قرأت القرآن، وأدركت أنه حقيقة من الله سبحانه، ومن ثم فوحدانية الله، وحقيقة المعاد وما فيه من تبعات، وعواقب، والمساواة بين الرجل والمرأة من المنظار الإلهي.. كلها كانت استدلالات وبراهين، جعلتني أقر بالإسلام، وكذلك شمولية الدين الإسلامي لجميع جوانب الحياة.. إذ أنه كشف غوامضها ووجهها، وقدم النصائح والتعليمات والآداب، وكل ذلك كان له دور أساسي في سيري نحو الإسلام.
ما هو أكثر شيء جعلك تقتنعين بالإسلام؟..
- أهم سبب بنظري : هو أن على كل إنسان أن يبرئ ساحته وذمته أمام الله عز وجل.. حيث أن الإنسان مسؤول أمام الله، لا عند من يحب أو يحذر من الناس.
ماهي العقبات التي اعترضت طريقك؟.. وكيف تغلبت عليها؟..
- واحدة من هذه العقبات : هي أنني كيف سأقدر على شرح موقفي أمام أهلي، فلعل تغيير سلوكي نحو الأفضل بعد أن اعتنقت الإسلام، سيلعب دورا مهما في حل هذه المشكلة.
وهناك مشكلة أخرى واجهتني : وهي مسألة الحجاب، وردود أفعال الآخرين تجاه الحجاب.. فمن الضروري أن نعرف أننا لماذا نتحجب، ومن نسعى لإرضائه من وراء حجابنا؟.. حينها سنشعر بالرضا والطمأنينة، ومن الأهمية بمحل أن نكون جنبا إلى جنب مع بقية أخواتنا المسلمات، مما يعطينا الدعم والقوة والثبات.
ماذا تقترحين لترشيد المجتمع وللنهوض به؟.. وباعتبارك فرد من الأمة الإسلامية ماذا تقترحين من برامج مستقبلية للمسلمين؟..
- إن المسلمين بحاجة إلى اتحاد أقوى، وعليهم التخلي عن العداء لبعضهم البعض، وعن النزاعات فيما بينهم.. فعليهم أن يحموا منطق العقل والدليل.. وعليهم أن يقتربوا ويختلطوا بمجتمعاتهم التي يعيشون فيها، ليصنعوا صورة جلية وواضحة للآخرين، تحيي مثل الإسلام وقيمه وآثاره العظيمة.
قصة استبصاري... تحول داخل تحول
لن أنسي أبدا ذلك الصباح، حيث استيقظت من نومي، وقد صممت على أن أتخذ مسيرا سيغير حياتي تغييرا لا حدود له.. فمع نهاية دراستي، كنت أعد نفسي لدخول معهد الفنون، مع أني لم أكن راغبة لهذا الفرع، إلا أنه بعد تتمة لسير دراستي، فإن علي أن أكمل المرحلة الدراسية المقبلة.. وهنا اتخذت تصميما، وهو أن أسافر ولكن لا لمحض السفر، بل لأجل الدراسة.. فأنا قد جربت مسبقا الدراسة خارج البلد، ولم أكن خلالها أتصل بعائلتي، إلاّ من البعد.. فإن شد الحقائب والسفر بالنسبة إليّ أمر في غاية السهولة.
فمن بين الدول سافرت إلى دول الأبيض المتوسط، وإلى شرق أوربا.. وبشكل لا يصدق، فقد جذبتني دول الأبيض المتوسط إلى نفسها.. فهي دول مليئة بالأساطير والغرائب.. وإن سفري فرصة اغتنمتها لأكون شاهدا على إيمان الآخرين ومعتقداتهم، وذلك فرصة للتأمل والتفكير.. فقد كنت أسيرة المذهب المادي، لأني بعد هذا توصلت إلى نتيجة، وهي :
أني مؤمنة بالله تعالي، وقد قيل مسبقاَ : أن الطريق الوحيد للوصول إلى الله، هو عيسى المسيح عليه السلام.. إيماني هذا، لم يكن له الأثر في تغييري، فقد كنت وفي كثير من الأحيان أشعر بالأسف والإحراج من قولي : أنني مسيحية.
وبالنسبة للإسلام، فلم أكن لأقتنع به، أو أن أتفهمه.. فمع ما أسمعه عن الإسلام من ظلم، وتخلف للمرأة.. فقد تصورته في مخيلتي، بأنه بحر من الظلام، يريد أن يتلف العالم رويدا رويدا.. ولقد تماديت أكثر من ذلك، حيث تصورت أن الإسلام دين يحارب دين عيسي المسيح (ع).. فليسامحني الله علي ذلك.
لعل أول لقاء لي بالإسلام والمسلمين، كان في تركيا، تفقدت مسجدا أزرقا، وتحيرت من أن هؤلاء الناس من يعبدون؟.. الله أم محمد؟.. بل لم أكن أعرف أساساَ أنهم يعتقدون بألوهية أي واحد من هذين؟.. فإن كل شيء أمامي غريب، ويحيطه الغموض : انتظارهم لصوت الأذان المزعج، الرسوم المنتشرة على الجدران والأبواب، النساء المتشحات بالسواد، أداؤهم لطقوس عبادية غريبة.. لكني حاولت أن أربط بين كل هذه الظواهر.
هذه المرة سافرت إلي إسرائيل، وهو المكان الذي عملت فيه مسبقا لمدة تسعة أشهر، ولا أستطيع أن أنكر، فإن أرض التوراة لم يكن لها تأثير بالغ عليّ.. لقد كنت أقضي الكثير من أوقات فراغي في مدينة أورشليم.. فهو مكان رائع، فهناك مضايف تناسب جميع الأذواق. روائح التوابل والبن المحمص تكتنف المكان، طرق قديمة معبدة بالحجر.. وكأننا عدنا إلى الماضي العريق، حيث أن المسيح يعيش هنا، وبين أرجاء ها.. هذا وكنت أشاهد بعض المجموعات تجول بكاميراتها في تلك السكك.
لم أفكر بالإسلام حتى وضعت قدمي في مصر، ولأكثر من سبب، فقد تعلقت بهذا البلد، ولأجل أن أكون على معرفة بثقافة الشعب المصري، كنت مجبورة على فهم دينهم.. حيث أن له دورا بالغا في تكوين الثقافة الاجتماعية لهم.
قضيت وقتاَ طويلا، وأنا وحيدة مع نفسي، مما أعطاني مجالا كافيا للتأمل، وقرأت كتابا عن الإسلام، ثم قرأت الإنجيل من أوله إلى آخره.. أصابتني دوامة من الأفكار، كنت أسائل نفسي، وأقول لها : إذا كان الإسلام هو طريق الحقيقة، فهل المسيحية تقتضي مني نفس نمط التسليم؟.. أليست هذه وساوس شيطانية؟.. كنت في تردد مطلق، ولم أعرف ما يجب علي فعله؟.. وأي طريق يجب عليّ أن أسلك؟..
شعرت باضطراب شديد، ثم سعيت للحصول على نسخة مترجمة للقرآن.. فقد كان عندي ميل عجيب لقراء ته، وعندما بدأت بقراء ته، جذبني إليه حتى أني لم أستطع أن أدعه جانبا، فقد كان فيه المطالب الجذابة أكثر مما قرأت مسبقا في الكتب الأخرى.
شعرت بالمسؤولية والالتزام، بعد أن كنت ضائعة تائهة، وألطف ما في الأمر هو أني شعرت بالطمأنينة والسكينة.. لقد شعرت بواجبي تجاه الخالق العظيم، وليس علي أن أخاف أحدا، أو أن أبقى مقيدة بما أملته علي ثقافة الغرب.. فعلينا أن نخطوا في الطريق الصحيح الذي آمنا به.
الحياة عندي أخذت لها طابعاَ آخر، فهذه الدنيا لا قيمة لها أمام ما أعده الله لنا يوم القيامة، لقد كان لسهولة الإسلام وبساطته الأثر البالغ علي، هذا بالنظر إلى ما تنطوي عليه المسيحية من تعقيدات ومن التواء.. فكل شيء حصل في لحظة واحدة، كأن نورا اتقد فجأة لينير عقلي وروحي ولله الحمد.
اعتناق الإسلام هو عبارة عن عودة الغريب إلى داره، حيث أعطاني الأمان والاستقرار الذي لم أحصل عليه في كل مكان.
بعد عدة سنوات تأزمت حياتي، ولأسباب شخصية.. ولكن بقي الإسلام، وبقيت عقيدتي سندا لي أمام كل المشاكل.
حياتي الإسلامية كانت كالذي يقف علي مفترق طريقين، وعليه أن يختار أحدهما، ليسير فيه.. مع أني لم أولي هذا الأمر أهمية بالغة، إلا أني وجدت نفسي من أهل السنة، ومهما كان فهم الأكثرية، وكنت أرى الآخرين فرقة ضالة ومنحرفة.
ومن المعلوم أننا عندما نقول : أهل السنة ؛ أي اولئك الذين يعملون بسنة النبي محمد (ص) فلا بد أن يكونوا هم الفرقة الناجية.
كنت أسير نحو مستقبل غير واضح المعالم، وكنت لا أنفك من الدعاء والمناجاة لله سبحانه وتعالى.. وكنت على يقين من أنه سيهديني إلى الحق، وإلى مذهب الحق.. نقلت سكني إلى شمال غرب لندن، ولله الحمد، فبمقدار ما سنحت لي الفرصة، كنت أتعلم مفاهيم الإسلام وتعاليمه.. أمر لم أكن لأوفق إليه من قبل إسلامي.. اذكر تنقلي وأبنائي وعملي في عدة من المساجد، ولكن ما أصابني بنوع من الإحباط هو أنني أينما سافرت، وجدت مركزا للشيعة.. لقد كنت أشعر بإرهاق من كل تلك الأفكار والأمور التي كانت تراودني، وبخصوص الشيعة.. فإن هناك شعورا غريبا تجاههم، لم أكن لأعرف ماهيته؟..
مع كل هذا أنا لم أتخلَ عن البحث والتعليم، والشيء الوحيد الذي كنت أعرفه عن الشيعة، هو أنهم أقلية، وهم فرقة ضلت وانحرفت وابتدعت في الدين ما ليس منه، من قبيل عبادة الأئمة، حيث كانوا يلبسون السواد، ويبكون ويضربون أنفسهم، لقد غيروا عدد الصلوات.
ومن جهة أخرى : فقد نشروا الفاحشة، وذلك عن طريق الترويج لزواج المتعة، وأنهم يسجدون على الحجارة.. ولكن مع كل ما رأيت لم أتوان عن البحث والتحقيق، كان أمام بيتي مباشرة، مبنى حوزة الإمام الحسين (ع) العلمية، وذلك في شارع دورتمونت.. وقد أعدوا فيه مكانا خاصة لحضانة الأطفال والعناية بهم أثناء الدراسة، وتقدم فيه الخدمة مجانا.. فتوجهت حالا إلى هذا المكان، فقد كان كل شيء يسير بالاتجاه الصحيح ولله الحمد.
لقد ذهبت إلى هناك لكي أستمر في بحثي ودراستي، لقد شعرت باليأس هناك، وضعف أملي بهم.. ولكن كنت أسلي نفسي وأقول : على كل التقادير، فإنهم يعدون من المسلمين، ويدعون الإسلام، وإنهم يعبدون الله سبحانه.. فعلي أن اكتسب منهم بمقدار فائدتي.
لقد كانوا ودودين ومريحين، وعلي أن أعترف أني أصبت بالحيرة، فقد كنت أعتقد أنهم يحاولون فقط جرنا إلى مذهبهم.. وذلك بتضليلنا، وبإظهارهم لنا ما نحب أن نسمعه فقط، وذلك تحت عنوان التقية.. ولكني رأيتهم يتلون نفس القرآن، الذي عندنا (أهل السنة) فتحيرت من ذلك، وقلت : لعل عندهم كتابا آخر مخفيا، كالذي عند الرهبان، وقد أخفوه عني؟.. فلعل هذا نوع من المؤامرة علي؟..
لأجل خلاصي من هذه الحيرة، صممت أن أتابع البحث والتحقيق عنهم، وعن مناسكهم ومعتقداتهم.. فكان علي التسلح أمام تلك الحيل التي يمارسونها، وبقيت ثابتة على إيماني بالله وبالإسلام، ولم يعتريني أي تغيير، فأنا كنت أريد فقط أن اعرف حقيقة الإسلام الذي أراده الله للإنسان، وأي إسلام هو؟..
وكنت على يقين من أن صلاتي لله - سبحانه وتعالى - كانت تؤمنني من وساوس الشيطان، ومن التيه والانحراف والضلال، حتى أني كنت أحذر أشد الحذر من التأمل في الفكر الشيعي.. وقد ذكرت ذلك مرة لأحد أبناء السنة، فرأيته يكن كراهية وحقدا دفينا نحو التشيع، فكان يتحدث عنه بشدة وقساوة وعصبية.. إلا أنه كان هناك شيء في قلبي ووجداني، غير مستقر ولا مرتاح ولا راض.. كان عندي شعور وهاجس، يدفعني إلى البحث عن الحقيقة.. فما سمعته عن الشيعة، وما رأيته منهم، لم يكن بينهما أي انسجام ولا توافق.. شعرت ولمرة ثانية، بنفس الشعور الذي راودني عند بحثي عن الإسلام في بداية الأمر، فقد كان الجهل والتعصب منشأ لكثير من الآراء حول الإسلام.. كنت مستمرة بالحضور في دروس الحوزة العلمية، وكنت أطرح استفساراتي باستمرار، وجميع ما تعلمته كان منطقيا، ولم يجبرني أحد على الاعتقاد بعقيدته.. وكل الآراء كانت مبنية على أدلة وبراهين قاطعة، وقد طالعت كتبا كثيرة تتحدث عن وجهات نظر ونظريات وآراء سنية وشيعية، ويمكن أن نحصل على أدلة محكمة تدعم الفكر الشيعي، من نفس كتب أهل السنة بنظري.. فإن الحقيقة وعلى طول التاريخ حرفت، أو أخفيت.. ولكن مع كل هذا، فلا يمكن حجبها وإخفاؤها عن الأذهان، وستظهر نفسها في يوم من الأيام.
بدأت الدوامة في أفكاري مجددا، وهي تشتد في ذهني.. ولكن هذا لم يجعلني أندم، لأني قد اعتنقت الإسلام، وقد استحضرت قصة اعتناقي للإسلام، وقلت لنفسي : هل علي أن أسير في نفس ذلك المسير؟.. فالفكر الشيعي كان بالنسبة إلي فكرا غريبا، فلم أكن من قبل على علاقة بالأئمة، بل كنت أستثقل اقتران بعض العبادات بهم.. كنت أرى أن هذا ليس من الإسلام، وهذا الموقف جاء نتيجة الثقافة التي ثقفنا إياها الفكر السني، حين كنت أرى أنه هو الفكر الإسلامي الأصيل، وكنت قد جعلته مقياسا ومعيارا لجميع الأفكار والمواقف الأخرى.. كان علي أن أتحمل تبعات وتداعيات العُقد، التي لم أجد لها حلا في ذهني، فسعيت إلى أن أقف موقفا محايدا أمام كل تلك الأفكار، لكي أستطيع أن أقارن بينها دون أن أتعصب لواحدة دون أخرى، وعلي أن أكون منطقية في تحليلي للأمور، وفي اختياري للإتجاه الصحيح.
بنظري : فإن الفكر الشيعي يقوم على أساس الأدلة والبراهين، وهذا يعني أن الفكر السني كان ينقصه الدليل والبرهان، بل كان من الملاحظ أن أبناء السنة نفسهم، ليس لهم اطلاع ولا علم، بما عندهم من واقع ناقص فكري.
عندما تحدثوا عن التشيع، لم يدعموا حديثهم بالأدلة والبراهين، بل بالتشويه والتمويه، لدفع الناس ومنعهم من معرفة الحقيقة.. وقد استعملوا في ذلك عامل التهويل والتخويف، وأنا لا أريد الخوض في هذا الجانب، إلا أنه يجب القول : أن هذا الأسلوب هو أسلوب الشيطان، ليخوف به الناس، ويبعدهم عن معرفة الله.
لقد رأيت موضوع الإمامة بمنتهى الدقة والروعة، وهو الموضوع الذي يتضح من خلاله أصالة الإسلام عند الشيعة حيث أن الإمامة لطف من الله، اختصه بعباده المخلصين، وعلى لسان نبيه (ص) فقد تم تلقين الناس بذلك وتعليمهم إياه.
لقد فتح لي باب جديد، وشع علي نور آخر، وأخذ عندي الإسلام بعدا آخر.. فالفكر الشيعي أتم إيماني.. ومن المناسب القول : أنه هو الدين الإلهي.
أشعر بنفسي، وقد رجعت إلى نقطه البداية، وإني أقف أمام بحر لجي من المعرفة، وكان علي خوضه.
الحمد لله على هدايته لي نحو الإسلام، والطريق الحق.. والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وأهل بيته الأطهار (ع).. ووفق الله جميع أولئك الذين أعانوني على الوصول إلى طريق الهداية.
والحمد لله رب العالمين
منقول