المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ويداك للأحرارِ تحتضنانِ


سراج الربيعي
25-03-2011, 01:06 AM
ويداكَ للأحرارِ تحتضنانِ



قلْ للردى مهلاً إلى الميدان = ماذا فعلتَ على مدى الأزمانِ


كمْ رميةٍ سدّدتها متبسّماً = مابين سهمٍ في الدُّنا وسِنانِ


أنّى التفتتُّ رأيتُ طفلاً ثاكلاً = يبكي على لحدٍ مع الإخوانِ


مازالَ يرمي في الجموعِ نبالَه = حتى تساوى الكلُّ في الأكفانِ


مازالَ يلتقطُ الفريدَ بنفسهِ = لولا القضاءُ منعتهُ ببناني


فالناسُ سيّانٌ وليس َ مع الردى = رثُّ الثيابِ وصاحبُ التيجانِ


لو تعلمُ الأجناسُ أنّ مماتها = كالبرقِ يأتي فجأةً بثوانِ


لَبَنَتْ لها عند الإلهِ منازلاً = فيها فعالُ الخيرِ والإحسانِ


ياليت َ يُخبرنا الردى مُتفضّلاً = قبلَ النوى عن عالمِ العمرانِ


لكنّهُ يمضي ويهتفُ قائلاً = إنّ المنيةَ لهْيَ كأس ُ الفاني


مالموتُ إلاّ نقلةٌ نوعيةٌ = للفرد والإخوانِ والأقرانِ


هو آيةُ العلاّم ِ مِن أسرارهِ = تُخْفى معاجزهُ على الإنسانِ


فتنبّهوا للموتِ يا أهل َ الهوى = واستعصموا باللهِ والإيمانِ


وتزوّدوا بالصالحات فإنها = تستنقضُ المأخوذَ للنيرانِ


هيهاتَ يدخلُ في جهنّمَ عابدٌ = هاتيكَ مغفرةٌ مِن الدّيانِ


لو تعقلُ الأهواءُ أنّ مصيرَها = إحراقُها انقلبتْ على النيرانِ


قالت ْ : لنا الملكُ العضوضُ وسيفهُ = حتى اكتوى مِنْ حكمِنا الثقلان ِ


تتهيبُ الشجعانُ مِن أسيافُنا = تتزلزلُ الأطوادُ بالبركانِ


هذا هو الطغيانُ إلاّ أنهُ = ماكان ملتفتاً إلى الشيطانِ


فإذا أتى أمرُ الإلهِ بأمّةٍ = دُكّتْ معالِمُها على السُّكّانِ


أين الملوكُ السابقونَ وحزبُهم = والفاتحونَ مواطنَ الرومانِ


أين الديارُ العامرات بأهلِها = إلاّ بقايا بلدةٍ ومكانِ


سكنوا اللحود َ وخرّبوا بنيانهم = بالّلهو آونةً وبالعدوانِ


قلْ للحوادث : ماجرى فوق الثرى = تركوا منازلهم إلى الكثبانِ


مَنْ لمْ تُذكرُهُ الحتوفُ بيومهِ = لمْ يتخذْ درباً سوى الخُسْرانِ


فانظرْ إلى تلك القبورِ فلن ترى = إلاّ عزيزاً مِن بني الأديانِ


أين َ السعادةُ في ربوع ديارهم = مرّوا بها في غبطةٍ وأمان ِ


لا تأمنوا تلك السهامِ للحظةٍ = أو تأمنوا لهواً مع الطوفانِ


مِن بعد ما دارت على سفنِ النّجا = والدّهرُ طاعنَهمْ بكلِّ طعان ِ


قومٌ سمَتْ أفعالهُم وخصالهُمْ = فهُمُ الكواكبُ في دُجى الأزمانِ


لهمُ الأيادي الزاخرات بجودها = ماخابَ قاصدُهُم مِن الإحسانِ


قومٌ إذا قصدَ الفقيرُ ديارَهُم = جعلوهُ في عزٍّ وفي سلطانِ


قيّدتُ قلبي في محبةِ عترةٍ = حيثُ احتمى في ظلّها الثقلان


مَن يَتْيَعِ الأطهارَ نهجاً صادقاً = لايرتضي ذلاً مِن الأكوانِ


إنّي امرؤٌ لاشيَ ينسفُ فكرهُ = ولو استعاروا منهجَ العدوانِ


هذا يُشككُ في دفين جوارحي = وَيَدُكُّ ذاكَ معالمي وجناني


ولقد نظرتُ إليهمُ فكأنّما = أنا في الجنان وفي حمى الرحمن


أمضي إلى حرم الحسينِ مُردداً = أنَّ الحسينَ عقيدةٌ بكياني


أمضي إلى تلك الديار وللربى = متأملاً في الجرحِ والأحزانِ


وإلى الجداول ِ كلّما عصفتْ بها = الأحداثُ ذاتُ قذائفِ البركانِ


جفّت ْ منابعها فكانت ْ بلقعاً = حمراءَ بعد َ عواصفِ الأزمانِ


ياطالما استعبرتها فبكى لها = قلبي على عزفٍ من الأشجان ِ


في كلِّ يومٍ للفؤادِ مآتمٌ = وعلى سفوحُ الوجهِ لونٌ قانِ


وَلَكِدْتُ أستجدي الدموعُ لعَبْرَتي = إذْ لايزالُ مُصابهُمْ يلقاني


رحلوا وصدّعَ بُعْدَهمْ وَسطَ الحشا = وهُمُ الدليلُ لمقلتي وجناني


لولا مواصلة الرثاءُ بمجلسي = لعقدتُ فيكَ وحيدة َ الأزمانِ


تبقى على كلِّ العصورِ يتيمةٌ = للحاضرين وقبلَ كلّ آذانِ


فهي السبيلُ لساجدٍ متعبّدٍ = وهي النجاةُ لمؤمنٍ متفاني


ليرى الأوائلُ يومَ سرتَ لكربلا = وعلِمتَ أين َ مضاجعُ الشُّجعانِ


ورَسَمتَ كيف َ تُنيرُ آفاق َ الورى = ويكونُ محورها إلى الإنسانِ


وَبَنَيتَ في أرضِ الطفوفِ معالماً = ويداكَ للأحرارِ تحتضنانِ


وبقيتَ في هذا الوجودُ مخلّداً = يابْنَ النبيِّ المُصْطفى العَدْنانِ


تُعطي وتُغدقُ والمناهلُ جمَةٌ = ومُوكّلٌ بقضاءِ كلِّ أماني


جارَ الزمانُ وأنتَ ذخرُ رسولهِ = مَن ْ ذا يُحطّم دولةَ الفرقانِ


اللهُ يشهدُ أنّ نورَكَ في السّما = هو خامسٌ وهو الوليدُ الثاني


فإذا همُ اجتمعوا فنورٌ واحدٌ = سرُّ الإلهِ سفينةُ الإيمانِ


قدْ كنتَ تبني في الطفوفِ منازلاً = فاقتْ على الياقوتِ والمرجانِ


إن ْ كانَ للتاريخ ِ يومٌ مزهرٌ = ويلوحُ في الآفاق ِ والأكوان


هي وقفةٌ وقفَ الحسينُ وصحبُهُ = حملوا لواءَ الدينِ والقرآنِ


أتت ْ المنايا زاحفاتٍ عندهم = فتسابقوا بالروحِ والأبدانِ


يتعانقونَ مع الردى في بأسِهِمْ = إنّ الأسودَ أشاوسُ الميدانِ


ياقائدَ الثّوارِ والأحرارِ والـ = أفكارِ والثوراتِ والأقرانِ


إنْ كانَ للإسلامِ صوتٌ قائمٌ = بعد الرسولِ فأنت أنت الباني


المجدُ والشرفُ الرفيعُ سجيّةٌ = تُهدى إلى الأبطالِ والفرسانِ


إن كانَ للدين الحنيف ركائزٌ = فمِنَ الطفوفِ ركائزُ الأديانِ


هل قامَ بعدكَ فاتحٌ بدمائه = وسما على العلياءِ والتيجانِ


ومضى إلى عادي الردى بتبصّرٍ = للحورِ والجنّاتِ والولدانِ


لو أنّ أرحاماً تُخلّفُ أمّةً = أو تستجيرُ بدولةِ الرومانِ


لمْ تستطعْ حتى الوصولَ بثقلِها = فيما أتيتَ للحظةٍ وثوانِ


تبقى دماكَ على الثرى خفاقةً = فخراً تتيهُ بها على القمرانِ


فاهنأ على أرضِ الطفوفِ فإنّها = أسمى الأماكنِ في سما الأوطانِ


ياطالما اسْتَعْبَرْتها فبَكى لها = نهرُ الفراتِ وطيّبُ الوجدانِ


والنهرُ مشقوقُ الجيوبِ مُفجّعٌ = يجري على خجلِ مِن العطشانِ


والصبحُ ملتحفُ السّوادِ على الدُّنا = بعدَ الحسينِ وخيرةِ الرُّهبانِ


والخيلُ باكيةُ على أبطالها = والبيضُ ساجمةٌ على الجثمانِ


والأرضُ تنعى والسّماءُ تُردّدُ = اللهَ في ثكلى تلوذُ بعانِ


بسَطَتْ مآتمها وأحْنَتْ ظهرَها = وتسَمّعَتْ لنوائحِ النسوانِ


ما قطّعوكَ وإنّما بكَ قطّعوا = نحرَ الرسالةِ أولَ العنوانِ


لمّا هويتَ على الصعيدِ مُضرّجاً = بين الأعادي نطفة الشيطانِ


بزغتْ على أرض الطفوفِ كواكبٌ = نالتْ بك السبعون عمراً ثاني


أودى الردى بمُطهّرٍ لا ينحني = إلاّ إلى الخلاّقِ والدّيانِ


نفحاتُ قدْسِكَ في الطفوفِ مهابطٌ = للرسلِ والأملاكِ والثّقلانِ


ولِكَمْ أمُرُّ على عظيمِ قائدٍ = لمْ يتّخذ ْ بدَلاً عن ِ الإيمانِ


ما عزّ مهجتهُ التي يحيا بها = يومَ الطعانِ لخالقِ الأكوانِ


ظمآنُ يكتسِحُ الجموعَ بصبرهِ = ويصولُ كالكرارِ في الميدانِ


باتتْ جموعُ الكفرِ في أكواخِها = ويفرُّ منهُ الجيشُ بالخذلانِ


يرمي بأصنافِ الرجالِ إلى اللظى = فَيَسوقُها رغماً إلى النيرانِ


بطلٌ إذا هزّ اللواءَ بكفّهِ = فرَّ الجميعُ بذلّةٍ وهوانِ


ماراعَهُ عادي الزمانِ بكربلا = إنّ الحسينَ بجسمهِ روحانِ


روحٌ سمتْ نحو العُلا في عاشرٍ = وبكربلا روحٌ مع القرآنِ


يكفيكَ تنجذبُ الجموعُ تتابُعاً = زحفاً كذاكَ سجيّةُ اللهفانِ


جاءوا وصدّعَ دهرَهُم هذا الآسى = متفجّعينَ على عظيمِ الشانِ


أضحى ضريحُك كعبة ً أبديّةً = بالطفِّ فيه ِ بداية ُ البرهانِ


ولِكَمْ أعيشُ قرينَ كلَّ مُفجّعٍ = مثلَ الثكولِ بركنِ كلِّ مكانِ


بي ما يُهيجُ جوارحي ومكامني = وإذا نعيتك كلَّ فيك َ لساني


وأنا الذي أهوى الرثاء إذا بدى = حرمُ الحسينِ وقبلةُ الأحزانِ


يمضي إليها زاحفاً مُتكدّراً = إذْ لاتزالُ دماؤهم تلقاني


لهفي على هذا الجلالِ مُضرّجاً = بالطفِّ بين عواسلٍ وسنانِ


أنعاهُ مسلوبَ الرداءِ مُقطّعاً = متلحفاً بالتربِ والمرجانِ


وعلى الثرى تطا الخيولُ لصدرهِ = مرّتْ حوافرُها على الجثمانِ


هو آيةُ الرحمنُ في ملكوتهِ = يسمو ويعلو عن بني سفيانِ


نال َ الحسينُ شهادةً نبويةً = أما الطُغاةُ فباتوا بالخسرانِ


أبو حسين الربيعي – 25/1/2011 – 20 صفر 1432 هـ دبي

والي مطر
25-03-2011, 01:20 AM
شكرا جزيلا وفقكم الله ..طبتم حيث كنتم ......مودتي

الروح
26-03-2011, 10:33 AM
تباركت الحروف يا أبا حُسين..؛
وكأنها مهرةٌ روضتها بمعاني ألقك ..؛
فانصاعت لسمو هيبتك ..؛
كما انصاع الوجودُ للحُسين ..
فيا من يخطُ للحُسين مداداً قاني ينبعثُ من عمق الحُزن..؛
تقبل وآبل تقديري وامتناني
وموداتي

نزار الفرج
26-03-2011, 04:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اجاد اجاد يا اباحسين .. قصيدة رائعة من روائعك المزدهاة
بحب الطيبين الطاهرين .. بوركت وتباركت
واجدت واحسنت,,
لك اطيب التحيا
اخوك ابو مُحَسَّد

سراج الربيعي
01-04-2011, 10:46 PM
شكرا جزيلا وفقكم الله ..طبتم حيث كنتم ......مودتي



لك اسمى التحايا والدعوات أخي والي مطر

جزيت خيرا

سراج الربيعي
01-04-2011, 10:48 PM
تباركت الحروف يا أبا حُسين..؛
وكأنها مهرةٌ روضتها بمعاني ألقك ..؛
فانصاعت لسمو هيبتك ..؛
كما انصاع الوجودُ للحُسين ..
فيا من يخطُ للحُسين مداداً قاني ينبعثُ من عمق الحُزن..؛
تقبل وآبل تقديري وامتناني
وموداتي

الأخت الفاضلة

دعواتي الأخوية لكِ بقضاء الحوائج دائما

شكرا لكِ أختاه

سراج الربيعي
01-04-2011, 10:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اجاد اجاد يا اباحسين .. قصيدة رائعة من روائعك المزدهاة
بحب الطيبين الطاهرين .. بوركت وتباركت
واجدت واحسنت,,
لك اطيب التحيا

اخوك ابو مُحَسَّد



أخي العزيز أبا محسد

يسعدني حضورك ووجودك الغالي في صفحتي

لاعدمناك

هشام المالكي
02-04-2011, 12:56 AM
رائعة بروعة شاعريتكم سيدي
تقبلو مني وقوفي بين احبار قلم خط الأبداع
واترك لكم وافر تقديري
دمتم

سراج الربيعي
02-04-2011, 09:11 PM
رائعة بروعة شاعريتكم سيدي

تقبلو مني وقوفي بين احبار قلم خط الأبداع
واترك لكم وافر تقديري

دمتم



حفظك المولى عز وجل ورعاك وجزاك الله خيرا

شكرا لمرورك الكريم