فتاة الاحلام
09-04-2011, 12:06 AM
أزمة البحرين.. الواقع والحلول
بقلم الشيخ محسن آل عصفور:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد المصطفى وآله الهداة سادات الورى وأصحابه المنتجبين من اولي النهى من تبعهم بإحسان في المبدأ والمنتهى.
وبعد فنقول: لقد وردت الينا بعض الرسائل وبعض الاتصالات الهاتفية من شخصيات متعددة من دول مختلفة تطلب منا بيان حقيقة ما يجري من الأحداث الأخيرة في مملكة البحرين الغالية والحلول الكفيلة بالخروج من أزمتها الخانقة, ولتوضيح رؤيتنا وموقفنا من مجمل الأحداث وما نقترحه نورد الكلمات التالية في ثلاث بيانات بالنحو التالي:
بين سندان المعارضة ومطرقة الحلول الأمنية الحكومية
التقييم الشرعي لمجمل الأحداث إن الرؤية الشرعية لمجمل الحركة السياسية التي قادها ما يسمى بـ شباب 14 فبراير أو شباب التيار الشيرازي وتيار حزب الدعوة ومن التحق بهما من سائر تيارات المعارضة السياسية المرخصة وغير المرخصة تستدعي ان تكون هناك وقفة تقييم وتحكيم شرعي أي وضع كل ما حصل من تصرفات وأحداث على ميزان الشرع ليتبين ما فيه من حق أو باطل وينكشف أبعاد التجاوزات والتعديات لكل ماحدث من ابتداء احتلال دوار اللؤلؤة «مجلس التعاون» في قلب العاصمة المنامة بتاريخ 14 فبراير الى حين اخلائه الأول من قبضتهم بتاريخ 19/2/2011 م ثم عودتهم ثانياً بتاريخ 20/2/2011 م واخلائه الثاني بواسطة قوات الأمن بتاريخ الأربعاء 16 مارس 2011 م.
نعم إن الاحتلال وقع من أولئك المعروفين لأهم وأكبر دوار في العاصمة المنامة وفي قلب المدينة التجارية ونجم عنه قطع ثماني مسارات هامة فيها وشل حركة تردد المواطنين والقاطنين وتعطيل المصالح الاقتصادية العامة والخاصة في المناطق المجاورة لاسيما منطقة السوق المركزي والمجمعات والشركات التجارية المجاورة له لمدة تزيد على الشهر وسبب لجميعهم خسائرمادية جسيمة ناهيك عن الكثير من الشركات الخاصة التي تضررت بشكل مباشر وغير مباشر بما صاحبه من الاعتصامات والعصيان المدني الذي دعت اليه تلك القوى السياسية ونفذته في الكثير من مناطق البلاد (حيث أكد خبراء ومراقبون اقتصاديون أن أحداث البحرين الأخيرة كبَّدت الاقتصاد الوطني خسائر تتراوح بين 500-950 مليون دينار) وهو أمر لا يوجد له مسوغ شرعي في اجندة من يدين بدين الاسلام ويعتقد بحرمة الحرمات والأملاك والأموال ومما يقطع به ان التعدي والتجاوز والاضرار بحقوق الناس لا تبرأ ذمة الفاعل والمرتكب له الى يوم القيامة الا برد الحق أوتعويض الضرر أو أخذ البراءة من المتضرر.
ويضمن من يرتكب ذلك جميع الخسائر المادية والحقوقية التي تنتج عن ذلك وتتسبب عن كل ما ارتكب من تجاوزات.
كما أن حركة ومسيرة وسيرة الاحتجاجات السياسية الشرعية والمشروعة التي كفلها الدستور لايصال رسائل المظلومية والمطالبات المشروعة الى قيادات الدولة لها الأصل فيها أن تكون تحت قبة البرلمان والمجلس الوطني وعبر من يمثلك في دائرتك من النواب واذا اتفق النزول بها الى الشارع وجب ان تتصف بأربع صفات:
الأولى: سلمية السيرة واقتصارها على الهتافات الكلامية.
والثانية: سلامة نهجها الحركي وحراكها السياسي من أي تعد وتجاوز واضرار بمصالح البلاد والعباد.
والثالثة: الصورة الحضارية التي ينبغي ان تظهر وتجتذب بها احترام النظام الحاكم والقيادات السياسية فيه وكل من ينظر ويستمع اليها لتؤتي ثمارها وتحقق مطالبها بدءاً بالشعارات المتزنة ومروراً بالأدوات المشروعة من قبيل حمل اعلام الدولة وانتهاءاً باختيار الأوقات والطرق التي لا تسبب ايذاءاً عاما لعامة المواطنين ولا ينشأ عنها اختناقات مرورية وتعطيل الخدمات الضرورية كاختيار أيام العطل أوالطرق الفرعية.
والرابعة: ان تكون القيادات السياسية الموجهة لها على درجة من الدراية والوعي والنضج في الطرح من خلال اختيار سقف المطالبات السياسية القابلة للتحقيق والتتنفيد دون التعجيزية والمتهورة وغير العقلانية والبعيدة عن الواقع «اذا أردت ان تطاع فامر بما يستطاع»
والاقتصار على واحد منها دون البقية يسحب الغطاء الشرعي ويسلب الشرعية لتلك الحركة السياسية برمتها.
كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة:
«لا يطاع الله من حيث يعصى ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ».
وأما بالنسبة الى كل من أيد وساند ورضي بفعل من قام باحتلال الدوار من الشباب ومن لحق بهم من التيارات المعارضة وسد الطرق المحيطة به وقطع على الناس القدرة على المرور فيها وافسد عليهم تجارتهم وتسبب في خسارة ارزاقهم فهو يشارك أولئك في الاثم والمعصية المترتبة على ذلك الفعل كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم».
وفي رواية: «من رضي بفعل قوم أو أحب فعلهم حُشر معهم» وفي رواية: «من كثّر سواد قوم حشر معهم» وعن الامام الرضا عليه السلام قال: من رضي شيئاً كان كمن أتاه ولو أن رجلاً قُتِلَ بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل.
وهناك عنوان آخر قد يستحق اطلاقه على هؤلاء وهو الافساد في الارض وشمول حد الحرابة لمن يقوم بذلك كما هو متسالم عليه في الأنظمة القضائية في مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الاسلامية.
وفي ظل الجمهورية الاسلامية في ايران اليوم لو قام تيار او تجمع سياسي باحتلال ميدان الحرية في قلب طهران العاصمة وقطع الطرق المؤدية اليه والمتفرعة عنه بحجة مطالب سياسية واصر على البقاء فيه حتى تحقق له لسحق بأشد ما يمكن من أول دقائق لا أن يترك لأيام أو اسابيع كما فعلت حكومة البحرين.
والتذرع بكون جميع تلك الافعال مشروعة لأنها وسيلة ضغط للوصول الى تحقيق مطالب سياسية «من باب الغاية تبرر الوسيلة» كما عليه قوام مبدأ التيارات غير الاسلامية كلام مرفوض وغير مقبول شرعاً اطلاقاً بل كل من يرتكب أمثال ذلك محاسب شرعاً بأشد المجازاة خصوصاً اذا ترتب عليها اضرار واتلاف وزهق ارواح .
«إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً»[الإسراء: 36]
ومن يظن أو يخال أنه تحت غطاء ومظلة مصطلح الثورة يرفع عنه القلم ويباح ويشرع ويخول له أن يرتكب كل ما تسول له نفسه من جرائم وتجاوزات واساءات وتعد على الحرمات والكرامات والأنفس والأموال الخاصة والعامة فهو ضال وباغ ومنحرف وجاني ومجرم قطعاً.
وأما ما يتعلق بمشروعية اخلاء الدوار من قبل رجال الأمن وبالنحو الذي شاهده الجميع عبر وسائل الاعلام المرئية فهو تصرف شرعي وواجب لدفع المفاسد الناشئة عنه والمترتبة عليه المضرة بمصالح البلاد والعباد وهو مبدأ قرآني صريح كما في قوله تعالى: «فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» أي حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله والانضباط بشريعته ومنهاجه وحدوده.
وأما بالنسبة للأرواح التي ازهقت والدماء التي سالت من المتحصنين في الدوار بعد رفض اخلائه على الرغم من قلة عددها فهي كلها محل مؤاخذات شرعية تمثل قمة التجاوز وهتك الحرمات على الرغم من مناشدة الجهات الرسمية والمسؤولة في الدولة من أمنية وخدمية وحقوقية وهي في عنق ومسؤولية قادة مايسمى بالمعارضة الى يوم القيامة وتعريض أنفسهم وغيرهم للقتل والدخول في صدام مع قوات الأمن على الرغم من التحذير والاعلان المسبق ومعاودة الاحتلال له بعد اخلائه بالقوة فكله محرم هو الآخر ولا يوجد ما يبرره خصوصاً وان الحكومة قد عرضت عليهم الاقتصار في التجمع والتجمهر على الأماكن المحيطة به لرفع معاناة المواطنين والتجار بسبب قطع الطرق ومنع المرور فيها الا أنهم كابروا ورفضوا بل تمادوا بقطع الشارع الرئيسي المحاذي للمرفأ المالي وشل جميع الحركة في طرق العاصمة المنامة باغلاقها بالحجارة والمتاريس والاعتداء على رجال شرطة المجتمع المدني ممن حاول نصحهم وثنيهم عن تجاوزاتهم وهذه كلها أمور لا يختلف على حرمتها أحد من العلماء كما تؤكده صريح ثوابت الأحكام المنصوصة:
«وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً »[النساء : 29 ـ30]
«وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ »[البقرة : 195]
«وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ» [الأنعام : 151]
«وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً» [النساء : 93]
وعن الامام الصادق عليه السلام قال: «من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها».
إغراق الإعلام الإقليمي
والعالمي بسيل الشائعات والأكاذيب
لقد أثار انتباهي الى الأسلوب الوضيع الذي نهجته بعض التيارات في استغلال انفتاح وكالات الأنباء في ايران والعراق ولبنان بل حتى الوكالات العالمية واغراقها بسيل الأخبار الكاذبة عن الأوضاع الأمنية في داخل مملكة البحرين والتهويل والمبالغة بأساليب التعاطي الأمني مع معارضة من عارض علانية من بعض الفئات الشعبية والتركيز على مقطع تعاطي القوات الأمنية واغفال كل اساليب الاستدراج والتجاوزات التي قامت بها عناصر المعارضة نفسها.
وقد سمع الكل بشكل يثير الاستغراب الحديث عن أخبار من وحي الخيال عن مجازر جماعية وقتل عام وانتشار آلاف الجثث في ازقة القرى والقيام باقتحام المنازل وقتل من فيها بل وهدم بيوت كل معارض وتسويتها بالأرض وأن قوات الأمن اذا ارادت اعتقال مشتبه به تقوم بضرب ابواب المنازل بقنابل حارقة ثم تقوم بحرق منازلهم بعد اعتقال المطلوبين منها.
وأن آلة البطش الأمني الحكومي طالت مساجد الشيعة وان هناك أكثر خمس مساجد تم هدمها وتسويتها بالأرض
ولازال سيل الأخبار المتلاحقة المختلقة والمرفق بها بعض صور القتل النادرة أوالمفبركة والمكذوبة تنهال تلو الأخرى ومن جهات متعددة تمثل تلك التيارات وكأنها حقائق وارقام لا يمكن الطعن او التشكيك فيها.
التغرير بالمرجعيات الدينية وزجّها في تأجيج الأحداث
لقد انتهجت التيارات السياسية المعارضة لبلوغ أعلى درجة تأجيج الشارع الداخلي سياسة الخداع والتمويه على بعض المرجعيات الدينية في ايران والعراق وزجّهم في قلب الصراع، واستغلال بياناتهم لتوسيع دائرة الهيجان والغليان الشعبي، من خلال اصدار فتاوى تحث على الجهاد وقلب نظام الحكم بدون اي التفات الى أدنى موازين التحقق من صحة الأخبار التي تصلهم وحقيقة ما عليه الظروف الموضوعية والواقع.
نعم لقد قاموا بترتيب وفود من حشود العمائم الحزبية البحرينية مدعومة بعمائم أخرى من دول الجوار الى مكاتب المرجعيات الدينية والتقدم لها بضرورة اصدار بيانات شجب واستنكار وإدانة بأقسى الألفاظ وأشد العبارات لتهييج الشارع الداخلي؛ للدخول في جهاد مقدس مع النظام الحاكم، وإعطاء تصريحات مليئة بالمغالطات والمعلومات المفبركة والمغلوطة بغرض التأجيج وخلق أزمات اقليمية فضلاً عن الداخلية.كل هذه الشائعات كانت سبباً في استثارة الشارع الشيعي في داخل ايران والعراق ودول الخليج ولبنان وإطلاق دعوات للجهاد لإيقاف نزيف الدم الشيعي وحقنه، وقد فوّت أولئك مرة أخرى الفرصة على العقلاء من ابناء الطائفة الشيعية؛ لترميم ما يمكن ترميمه من جراء إساءة المعارضة السياسية المتهورة للطائفة الشيعية وللوطن بسبب سوء تدبيرهم وعدم صحة تقديرهم وافتقادهم الرؤية الصائبة. وقد قامت جهات كثيرة على أثر سمومهم الاعلامية تلك بتنظيم مسيرات الغضب المليونية في ايران والعراق ومدن الشيعة في محافظتي القطيف والإحساء في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية؛ للتنديد بسياسات القمع والإبادة المزعومة في البحرين قبل اسبوعين، وكذا الدور الذي قام به رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي والتيار الصدري في البصرة وبغداد الذي كان لنائبته في البرلمان العراقي خطاب حماسي تضمن مقولة «ان هناك قتلى من الشيعة وقدرت عددهم بين خمسمائة الى ألف وخمسمائة يسقطون يومياً جراء القتل العام الوحشي الذي تقوم به السلطة في البحرين»، واستندت في بيان عددهم الى اتصال مباشر تم بينها مع بعض الأطباء في البحرين.
وتوجت بالأمس اي في يوم الاربعاء بتاريخ 6 ابريل بتعطيل جميع الحوزات الدينية في جميع انحاء ايران وتنظيم مسيرات لمشايخ وطلاب الحوزات الدينية في الشوارع، وتنظيم تجمعين ضخمين في حرم الامام الرضا «ع» في مدينة مشهد وحرم السيدة فاطمة المعصومة «ع» في مدينة قم ألقيت فيهما الخطب الحماسية والشجب والاستنكار لأعمال المجازر والإبادة اليومية للشيعة في البحرين، وقد حضر وشارك مراجع التقليد وجميع الزعماء والقادة الدينيين فيها وأدلوا بتصريحات للتلفزيون الايراني.
التغرير ببعض دول الجوار لزيادة الضغط
كنت اتعجب من دولة كبرى في المنطقة، وهي الجمهورية الاسلامية الايرانية وأحزاب كبرى في العراق ولبنان كيف تنخدع بشائعات دست في وسائلها الاعلامية بهذا الحجم من المغالطات والأكاذيب!.
لقد حاولت الاستماع الى بعض القنوات في ايران والعراق ولبنان ومتابعة خيوط وحجم مصادرالدجل الاعلامي الذي يغرر بهم للترويج لمثل تلك الشائعات وتتبعت مصادر تلك المعلومات، فوجدت ان منشأها جميعاً هو نفس التيارت المعارضة في داخل البحرين وعبر من يمت لها بصلة او يتعاطف معها، ومن خلال استثمار سهولة الارتباط عبر شبكات الانترنت وتقنيات الاتصال الفضائي الدولي.
وقد قامت المرجعيات الدينية الايرانية بعد إصدار بياناتها بالضغط على النواب في مجلس الشورى الايراني، وتكليف لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية من باب الغيرة والحمية باستدعاء وزير الخارجية الايراني وتوجيه الأوامر إليه للضغط على الحكومة البحرينية لوقف مجازر القتل العام ونزيف الدم والابادة اليومية للشيعة العزل ولو باللجوء الى اكبر المنظمات الدولية كالأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي.
صكوك الغفران مما
يسمى بالعلماء في البحرين
لقد امتلأت مواقع الانترنت بصور وتسجيلات الكثير من المعممين السذج والموبوئين وهم يزورون الدوار ويمنحون صكوك الغفران لمن فيه من الشباب المراهق؛ ليمارسوا ما شاؤوا من اساليب التصعيد السياسي والتصرفات التي تضر وتهدم وتدمر اي فرص الاصلاح ونيل الحقوق المشروعة، ويباركون كل ما يقومون به من احتلال للدوار والمرافق المحيطة به بلا لائمة ولا نصيحة ولا ارشاد.
وزاد الأمر سوءاً التصريحات التي صدرت من ما يسمى بكبار العلماء والمجلس العلمائي التي استثمرت للتمويه والاغراء بمثل تلك المرجعيات في ايران والعراق؛ لتأجيج الأحداث وسوقها الى المزيد من التأزيم والاحتقان بلا موجب ولا داعٍ.
لقد كنا نأمل من تلك المرجعيات الدينية على اقل التقادير ان تتحقق من الحقيقة، وتستكشف ملابسات وصحة الأخبار التي تتناقلها بعض تلك الجهات وتغذي بها وكالات الأنباء، لكن كما سبق وأن ذكرت أن نسخ تلك البيانات بمعيّة حشود من العمائم الحزبية لم تترك مجالاً للشك وأخذت أخباراهم عن الاحداث مأخذ المسلّمات وكانت قاعدة لكل مواقف الدعوة لنجدة الشيعة في البحرين. كنا نأمل ان يكون ما يسمى بكبار العلماء على قدر المسؤولية في النصح والتوجيه لا التبعية والمسايرة العمياء.
نعم إن الدعوة الى سلمية المطالبات السياسية أمر نشهد لهم به، كما سبق أن أكدنا عليه وطالبنا به في بياننا «لله وللوطن وللتاريخ»، وهو موقف شرعي صائب يسجل لهم ويحسب في ميزان حسناتهم.
لكن مواقفهم الأخيرة في خضم التأزيم والتصعيد غير المبرر، والتجاوزات الكثيرة التي صدرت منهم في أماكن كثيرة بما فيها المراكز الصحية ومستشفى السلمانية وتنظيم مسيرات التحدي، وإلى أكثر الأماكن حساسية كمدينة الرفاع ومجلس الوزراء وفي غيرها في ايام ولحظات المصادمات في العاصمة والكثير من القرى لم تكن بالنحو المرجو والمؤمل منهم، وقد نسفت كل بوادر التعاطي السلمي وأجّجت نار الطائفية الى مستويات بالغة الخطورة. نريد ان نعهد منهم الشجاعة والقوة في التمسك بمبادئ الدين وأحكامه الغرّاء والأمر والمعروف والنهي عن المنكر أياً كان مصدره وأن لا تأخذهم في الله لائم لكل من تسوّل له نفسه من قيادات الأحزاب السياسية المعارضة المراهقة الحمقاء.. التي قادت وتقود البلاد الى مستنقعات من الازمات الطاحنة وأنفاق مظلمة في كل مرة تنشط فيها وتتصدر فيها بغبائها للمطالبة بالحقوق الشعبية.
ونريد منهم ان يكونوا على قدر المسؤولية في كل الظروف، وعدم المسايرة والخضوع والخنوع لجميع املاءات التيارات الحزبية، وأن لا يكونوا دمى يعبث بها الحزبيون كيفما شاؤوا.
مشروعية التحالف مع التيارات
اليسارية والليبرالية المعادية للدين
ليس من المعقول والمقبول شرعاً على جميع الاحتمالات ان تترك التيارات اليسارية الملحدة تتحكم وتتلاعب بمصير ابناء الطائفة الشيعية ويطلق العنان لها لكي تدافع عن كل التجاوزات وانتهاك الحرمات ونشر الحرق والدمار في كل مكان في مدن وقرى البحرين وتزامناً مع كل مرحلة احتجاج جماهيري طيلة ثلاثين سنة وعلى وجه الخصوص فترة ما قبل الأحداث الأخيرة بخمسة اشهر ويصفها قادتها بالأساليب الحضارية والراقية ولا يوجد من يستنكر عليهم أو ينبه الرأي العام الى حرمة متابعتهم.
وأما بالنسبة لرفض الهوية الدينية ورفض الالتزام بحاكمية الاسلام في مطالبات التعديل الدستوري واطلاق شعارات وطنية وقومية ليس فيها أي سمة دينية كما تجد في تصريحات أمثال أمين عام جمعية الوفاق ما ينفي شرعية حركتهم ورفضها للدين واستبعاده من اجندتهم بالكامل في تصريحه المنشور في صحيفة الوسط العدد 3086 ـ الخميس 17 فبراير 2011م الموافق 14 ربيع الاول 1432هـ على الرابط:http://www.alwasatnews.com/3086/news/read/527614/1/مدنية.html
«لايطالب شعبها بدولة دينية، وإنما المطلب الشعبي والشبابي والسياسي هي دولة ديموقراطية» يتكلم باسم الشعب البحريني وكأنه ارتد عن الاسلام وانه يتبنى ازدواجيته وتحالفه مع تيارات الالحاد والضلال وترويجه
لها التي لا نعرف السر فيها حتى الآن .
وجاء تحت عنوان: المعارضة البحرينية تريد دولة مدنية لا دينية في موقع دار الليبرالية السعودية http://www.darlbrl.com/vb/showthread.php?t=20969
ليس من المقبول ان يتضمن من يزعم انتسابه للتيار الاسلامي ويتضامن مع التيارات التي تمثل الكفر والفسق والظلم.
(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) (هم الفاسقون ) (هم الظالمون )
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة : 44]
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة : 45]
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة : 47]
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران : 85]
(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) [المجادلة : 22]
( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة : 51]
مشروعية العصيان المدني
وأما ما يتعلق بالعصيان المدني فكل ما صاحبه من ممارسات تعد وتصنف ضمن دائرة التجاوزات الشرعية والحقوقية من ابتدائه الى نهايته وكلها أساليب محرمة تتنافى مع كل مبادئ الدين وقيمه وأحكامه وتنسف كل مظاهر الانتماء للوطن والغيرة على مصالحه العليا وتكشف.
حجم التعدي على مقدراته ومكتسباته ومرافقه الحيوية من خلال تعطيل وشل المؤسسات التجارية والأسواق واثارة الرعب وفقد الأمن في جميع أرجاء المملكة ويهدف لخنق المواطن وخلق أقسى درجات الاضرار به.
كما مارست التيارات المعارضة كل اساليب الضغط الاعلامي الخارجي والداخلي والنفسي للقيادات الشيعية في الأجهزة الرسمية في الدولة ودفعتهم الى التقدم باستقالات جماعية من كل مناصبهم طيلة فترة احتلال دوار مجلس التعاون للايهام بصحة الأخبار والشائعات والأكاذيب الاعلامية التي روجوا لها في المحافل الاقليمية والدولية والايحاء بصورة بشعة عن النظام الحاكم وعن بطش وارهاب منقطع النظير.
كما خططوا بأحكام خطة شل الوزارات الخدمية كوزارات الكهرباء والماء والعمل والتعليم والصحة من خلال الدعوة للعصيان المدني واستهدفوا المجلس الوطني من خلال استقالة 18 نائبا لكتلة الوفاق البرلمانية الممثلين عن الشعب في الانتخابات الأخيرة الأمر الذي عكس مدى الخواء السياسي الذي يعيشه قادة هذه الكتلة وفقد حس المسؤولية ومثلت انتحاراً سياسياً للمعارضة الرسمية القانونية وخيانة للأصوات التي رشحتهم وأنابتهم لتحقيق مطالبهم الشعبية في حدود ما كفل لهم دستور البلاد.
والمفترض أنهم لا يملكون مشروعية القيام بذلك لأن كل واحد منهم ممثلا عمن انتخبه وتعد استقالته بالنحو الذي اعلن عنه تمرد ونكث للعهد الذي قطعه على نفسه للسهر على مصلحة ناخبيه ورفع ظلاماتهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.
وتعطيل المحاكم الشرعية الجعفرية في وزارة العدل بالكامل من خلال الاستقالة الجماعية للقضاة هو الآخر من الأمور المحرمة القطعية التي اقدم عليها القضاة إذ لا علاقة لمسؤولياتهم بالمعالجات الأمنية في الدولة والأزمات السياسية وقبل ان تكون وظائفهم في السلطة القضائية ضمن الجهاز الرسمي فهي واجب متعين عليهم لتسيير أمور الناس الشرعية من زواج وطلاق وامضاء أحكام الأحوال الشخصية واستحصال الحقوق من نفقات وغيرها.
حرمة استغلال المحنة
الأخيرة للتشفي من الشيعة
وفي قبال كل ما ذكرناه نجد ان هناك بعض الجهات التي تحسب على أخواننا من أبناء الطائفة الكريمة السنية وعبر بعض قياداتها وفي مواقع مختلفة لاسيما الاعلامية منها تكثر من اطلاق سيل الاتهامات والافتراءات والتشكيك بوطنية كل من يمت الى الطائفة الشيعية وتخوينهم والمطالبة بسحب الجنسية منهم أو قطع ارزاقهم وفصلهم من أعمالهم وفرض سياسة العقوبات الجماعية عليهم وهذه بلا شك أساليب محرمة وآثمة وبشعة وفيها اذكاء لنارالحقد الطائفي البغيض التي نسأل الله تعالى نكون قد تجاوزنا خطرها الى غير رجعة.
وليعلموا أن المرحلة التي نعيش فيها ليست نهاية العالم ولن نعيش بعد هذه المحنة التي عصفت بالبلاد بمعزل عن بعضنا البعض وليس من المعقول ان ينتقم من أبناء الطائفة الشيعية من خلال وضعهم في اصطفاف طائفي وفي قفص الاتهام بلا ذنب او جنحة وجناية ارتكبوها والتشفي والانتقام منهم بالنحو المصرح به.
حرمة دم البحريني
ولا يسعنا ونحن ننعم بنعمة الأمن ثانيا بفضل الله ثم بفضلكم إلا أن نوجه كلمة شكر للقيادات الأمنية على ما بذلته من جهد خلال الأزمة وبأقل الخسائر ونتمنى منهم أن لا نسمع أو نشاهد ضحايا من المواطنين الأبرياء بعد اليوم من اي جهة وانتماء كان ويعز علينا ان يفقد اي فرد عزيز عليه بسبب التجاذبات الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر.
نحن في دولة القانون يجب ان تصان الحرمات وتحقن الدماء ويعاقب المسيء وينزل القصاص بكل من تسول له نفسه المساس بمقدرات ومكتسبات عهد الاصلاح التي كنا ولا زلنا ننعم بها نعم يجب على جميع الشباب ترك جميع اساليب الاستفزازات وعدم التغرير بأشخاصهم وتعريض ارواحهم لفتك الجهاز الأمني بسبب التمرد على احكام الطوارئ والرضوخ لغير سبب.
وليس فيما يقومون به من تلك الأعمال صفة شرعية ولا ما يبررها وأن الأوان آن لمراجعة الأخطاء والاعتبار مما لحق بالجميع من آلام ومصائب وويلات وازمات خانقة بسبب طيش قيادات التيارات المعارضة وغياب المنطق الشرعي والعقلاني من اجندتهم.
ونأمل في المقابل من الجهات الأمنية إلالتزام باقصى درجات ضبط النفس لضمان عدم وقوع ضحايا جدد فالبحرين بصغر مساحتها وقلة شعبها لا تحتمل ضحايا أكثر مما فقدت.
وقد تحقق الأمن واستتب في أغلب أنحاء المملكة وتم تخفيف القيود على حركة المرور وتردد الناس الى سائر الأماكن وتم تقليص حظر التجول في منطقة الحي التجاري الرئيسي في العاصمة الى الحد الأدني ونأمل رفعه بالكامل خلال الفترة القريبة ان شاء الله تعالى.
حرمة التفريط بأبناء الوطن
وأوجه كلمتي الأخيرة الى القيادة الرشيدة والحكيمة في مملكتنا الغالية الى النظر بعين الرأفة والشفقة الى كل أولئك المغرر بهم من الطبقة الفقيرة والمحرومة الذين زجوا لا عن وعي ولا بصيرة في الأحداث الأخيرة لئلا يكونوا ضحية العقاب الجماعي وان لا يسحقوا زيادة على ما مروا به من معاناة في سابق تاريخ حياتهم .
كما أن هناك رجالا أوفياء وأبناء بررة لا يشك في ولائهم للنظام والمملكة من اكاديميين ومهنيين ورياضيين ربما شاركوا في بعض المهرجانات والمسيرات التي كانت تنادي بالاصلاح السياسي شأنهم كشأن كل تيارات الولاء الأخرى كتيار الوحدة الوطنية والتي كانت محل عناية وتوجه صاحب السموالملكي ولي العهد في بدايتها وقابلها بسعة صدره الرحب ونالت مباركة وتأييد جلالة الملك نفسه ولا علاقة لهم بفترة التأزيم الأخيرة التي أعلن عنها بعض المتطرفين واعلنوا إصرارهم على قلب نظام الحكم وجروا البلاد الى ما جروا اليه من ازمات خانقة انتهت بفرض قانون السلامة الوطنية ودخول قوات درع الجزيرة.
مثل هؤلاء لا ينبغي التفريط بهم ومعاقبتهم لمجرد العثور على صور لهم تثبت تواجدهم في الدوار لأن فيهم متفرجين وفيهم مستدرجون وفيهم مغرر بهم وفيهم دعاة اصلاح سياسي ومطالب مشروعة يتوافق معهم كل مكونات الشعب كما صرح رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود «ثمانين بالمائة محل توافق واتفاق».
وفيهم مشايخ سذج وفيهم نباتات متسلقة تسعى للظهور على حساب الآخرين وفيهم منظمون حزبيون من عوام ومعممين وزعماء فتنة.
وانه ينبغي قصر الملاحقة والمؤاخذة على الصنف الأخير لكونهم السبب المباشر والمسؤول عن كل المآسي وتأزيم الأحداث الأخيرة.
حرمة التفريط بعلاقات
حسن الجوار مع دول الجوار
الكل يعلم بحجم سقف الروابط التي وصلت اليها علاقات حسن الجوار وخاصة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق ولبنان وهناك مصالح تجارية وعقود بالملايين معها وأن هناك الآف من أصحاب المتاجر والكسبة الصغار ينتفعون بها وتعود بالخير والرخاء على الجميع وهناك اتفاقيات امنية وسياسية رسمية وقعت عليها القيادات السياسية في البلدين خلال السنوات الأخيرة انهت عقوداً من الاضطرابات السياسية في العلاقات بفضل حكمة وحنكة قادة دولها ومن غير الحكمة التفريط بها بعد انكشاف كل الخيوط وحجم التآمر ومن يقوده ويقف خلفه.
وإن كل ردود الفعل الغاضبة من الجهات الرسمية في ايران والعراق والحزبية في لبنان كانت كلها مبنية على اعلام مسموم ومأسورة بأخبار كاذبة واحصاءات مفبركة ومختلقة لظلامات مبالغ فيها وكانت جريدة الوسط أحد دعاماته من الداخل كما تم الكشف عنه مؤخراً وأدى الى استقالة رئيس تحريرها وكذلك جميع الجمعيات السياسية المعارضة وأبواق أذنابها في الخارج.
ويمكن ان تتواصل جهود وزارة الاعلام البحرينية مشكورة بمعية وزارة الخارجية لوأد الفتنة الخارجية التي يحاول اقطاب الفتنة ورؤوسها التعويل عليها بعد فشلهم الذريع في الداخل واحباط مؤامراتهم بحق الشعب والوطن من خلال دعوة مسؤولي من قناة العالم ومجلس الشورى الايراني ووزارة الخارجية الايرانية ومكتب مقتدى الصدر في العراق ومكاتب المراجع الدينية في قم والعراق وحتى قناة المنار وكل الجهات التي اصدرت بيانات عدائية لحكومة البحرين وقياداتها واتهمتها بممارسة الابادة الجماعية والقتل العام للشيعة في مملكة البحرين في حدث اعلامي علني هام يكشف فيه كل الملابسات ويتم التركيز فيه على عرض قائمة بضحايا الأحداث كلها واسمائهم وبياناتهم التي لا تتجاوز الثلاثين فرد ولظروف قاهرة او مشبوهة بحضور ممثلين عن الجمعيات السياسية المعارضة ووضعهم أمام الأمر الواقع والزامهم بعرض كشف بأسماء القتلى والضحايا بالاعداد المهولة بالنحو الذي روجوا له من مزاعم ارتكاب مجازر وابادة جماعية بحق ابناء الطائفة الشيعية وما كررته من وجود آلاف القتلى والمساجد وعشرات المنازل التي هدمت وسويت بالارض لكل من يعارض أو يحسب على طائفة معينة.
على ان تنشر وقائع ذلك لشعوبهم ويعتذروا بعدها من التصريحات المسيئة للحكومة البحرينية ويكفوا عن تكرارها والترويج لها في وسائلهم وقنواتهم الاعلامية وتنشر.
وبهذا يقفل ملف الضغط الخارجي بالشمع الأحمر ونتخلص من تدخلها في الشأن الداخلي الى غير رجعة ان شاء الله تعالى
المصدر:جريدة ألأيام عدد اليوم الجمعة 8 ابريل.
بقلم الشيخ محسن آل عصفور:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد المصطفى وآله الهداة سادات الورى وأصحابه المنتجبين من اولي النهى من تبعهم بإحسان في المبدأ والمنتهى.
وبعد فنقول: لقد وردت الينا بعض الرسائل وبعض الاتصالات الهاتفية من شخصيات متعددة من دول مختلفة تطلب منا بيان حقيقة ما يجري من الأحداث الأخيرة في مملكة البحرين الغالية والحلول الكفيلة بالخروج من أزمتها الخانقة, ولتوضيح رؤيتنا وموقفنا من مجمل الأحداث وما نقترحه نورد الكلمات التالية في ثلاث بيانات بالنحو التالي:
بين سندان المعارضة ومطرقة الحلول الأمنية الحكومية
التقييم الشرعي لمجمل الأحداث إن الرؤية الشرعية لمجمل الحركة السياسية التي قادها ما يسمى بـ شباب 14 فبراير أو شباب التيار الشيرازي وتيار حزب الدعوة ومن التحق بهما من سائر تيارات المعارضة السياسية المرخصة وغير المرخصة تستدعي ان تكون هناك وقفة تقييم وتحكيم شرعي أي وضع كل ما حصل من تصرفات وأحداث على ميزان الشرع ليتبين ما فيه من حق أو باطل وينكشف أبعاد التجاوزات والتعديات لكل ماحدث من ابتداء احتلال دوار اللؤلؤة «مجلس التعاون» في قلب العاصمة المنامة بتاريخ 14 فبراير الى حين اخلائه الأول من قبضتهم بتاريخ 19/2/2011 م ثم عودتهم ثانياً بتاريخ 20/2/2011 م واخلائه الثاني بواسطة قوات الأمن بتاريخ الأربعاء 16 مارس 2011 م.
نعم إن الاحتلال وقع من أولئك المعروفين لأهم وأكبر دوار في العاصمة المنامة وفي قلب المدينة التجارية ونجم عنه قطع ثماني مسارات هامة فيها وشل حركة تردد المواطنين والقاطنين وتعطيل المصالح الاقتصادية العامة والخاصة في المناطق المجاورة لاسيما منطقة السوق المركزي والمجمعات والشركات التجارية المجاورة له لمدة تزيد على الشهر وسبب لجميعهم خسائرمادية جسيمة ناهيك عن الكثير من الشركات الخاصة التي تضررت بشكل مباشر وغير مباشر بما صاحبه من الاعتصامات والعصيان المدني الذي دعت اليه تلك القوى السياسية ونفذته في الكثير من مناطق البلاد (حيث أكد خبراء ومراقبون اقتصاديون أن أحداث البحرين الأخيرة كبَّدت الاقتصاد الوطني خسائر تتراوح بين 500-950 مليون دينار) وهو أمر لا يوجد له مسوغ شرعي في اجندة من يدين بدين الاسلام ويعتقد بحرمة الحرمات والأملاك والأموال ومما يقطع به ان التعدي والتجاوز والاضرار بحقوق الناس لا تبرأ ذمة الفاعل والمرتكب له الى يوم القيامة الا برد الحق أوتعويض الضرر أو أخذ البراءة من المتضرر.
ويضمن من يرتكب ذلك جميع الخسائر المادية والحقوقية التي تنتج عن ذلك وتتسبب عن كل ما ارتكب من تجاوزات.
كما أن حركة ومسيرة وسيرة الاحتجاجات السياسية الشرعية والمشروعة التي كفلها الدستور لايصال رسائل المظلومية والمطالبات المشروعة الى قيادات الدولة لها الأصل فيها أن تكون تحت قبة البرلمان والمجلس الوطني وعبر من يمثلك في دائرتك من النواب واذا اتفق النزول بها الى الشارع وجب ان تتصف بأربع صفات:
الأولى: سلمية السيرة واقتصارها على الهتافات الكلامية.
والثانية: سلامة نهجها الحركي وحراكها السياسي من أي تعد وتجاوز واضرار بمصالح البلاد والعباد.
والثالثة: الصورة الحضارية التي ينبغي ان تظهر وتجتذب بها احترام النظام الحاكم والقيادات السياسية فيه وكل من ينظر ويستمع اليها لتؤتي ثمارها وتحقق مطالبها بدءاً بالشعارات المتزنة ومروراً بالأدوات المشروعة من قبيل حمل اعلام الدولة وانتهاءاً باختيار الأوقات والطرق التي لا تسبب ايذاءاً عاما لعامة المواطنين ولا ينشأ عنها اختناقات مرورية وتعطيل الخدمات الضرورية كاختيار أيام العطل أوالطرق الفرعية.
والرابعة: ان تكون القيادات السياسية الموجهة لها على درجة من الدراية والوعي والنضج في الطرح من خلال اختيار سقف المطالبات السياسية القابلة للتحقيق والتتنفيد دون التعجيزية والمتهورة وغير العقلانية والبعيدة عن الواقع «اذا أردت ان تطاع فامر بما يستطاع»
والاقتصار على واحد منها دون البقية يسحب الغطاء الشرعي ويسلب الشرعية لتلك الحركة السياسية برمتها.
كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة:
«لا يطاع الله من حيث يعصى ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ».
وأما بالنسبة الى كل من أيد وساند ورضي بفعل من قام باحتلال الدوار من الشباب ومن لحق بهم من التيارات المعارضة وسد الطرق المحيطة به وقطع على الناس القدرة على المرور فيها وافسد عليهم تجارتهم وتسبب في خسارة ارزاقهم فهو يشارك أولئك في الاثم والمعصية المترتبة على ذلك الفعل كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم».
وفي رواية: «من رضي بفعل قوم أو أحب فعلهم حُشر معهم» وفي رواية: «من كثّر سواد قوم حشر معهم» وعن الامام الرضا عليه السلام قال: من رضي شيئاً كان كمن أتاه ولو أن رجلاً قُتِلَ بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل.
وهناك عنوان آخر قد يستحق اطلاقه على هؤلاء وهو الافساد في الارض وشمول حد الحرابة لمن يقوم بذلك كما هو متسالم عليه في الأنظمة القضائية في مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الاسلامية.
وفي ظل الجمهورية الاسلامية في ايران اليوم لو قام تيار او تجمع سياسي باحتلال ميدان الحرية في قلب طهران العاصمة وقطع الطرق المؤدية اليه والمتفرعة عنه بحجة مطالب سياسية واصر على البقاء فيه حتى تحقق له لسحق بأشد ما يمكن من أول دقائق لا أن يترك لأيام أو اسابيع كما فعلت حكومة البحرين.
والتذرع بكون جميع تلك الافعال مشروعة لأنها وسيلة ضغط للوصول الى تحقيق مطالب سياسية «من باب الغاية تبرر الوسيلة» كما عليه قوام مبدأ التيارات غير الاسلامية كلام مرفوض وغير مقبول شرعاً اطلاقاً بل كل من يرتكب أمثال ذلك محاسب شرعاً بأشد المجازاة خصوصاً اذا ترتب عليها اضرار واتلاف وزهق ارواح .
«إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً»[الإسراء: 36]
ومن يظن أو يخال أنه تحت غطاء ومظلة مصطلح الثورة يرفع عنه القلم ويباح ويشرع ويخول له أن يرتكب كل ما تسول له نفسه من جرائم وتجاوزات واساءات وتعد على الحرمات والكرامات والأنفس والأموال الخاصة والعامة فهو ضال وباغ ومنحرف وجاني ومجرم قطعاً.
وأما ما يتعلق بمشروعية اخلاء الدوار من قبل رجال الأمن وبالنحو الذي شاهده الجميع عبر وسائل الاعلام المرئية فهو تصرف شرعي وواجب لدفع المفاسد الناشئة عنه والمترتبة عليه المضرة بمصالح البلاد والعباد وهو مبدأ قرآني صريح كما في قوله تعالى: «فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» أي حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله والانضباط بشريعته ومنهاجه وحدوده.
وأما بالنسبة للأرواح التي ازهقت والدماء التي سالت من المتحصنين في الدوار بعد رفض اخلائه على الرغم من قلة عددها فهي كلها محل مؤاخذات شرعية تمثل قمة التجاوز وهتك الحرمات على الرغم من مناشدة الجهات الرسمية والمسؤولة في الدولة من أمنية وخدمية وحقوقية وهي في عنق ومسؤولية قادة مايسمى بالمعارضة الى يوم القيامة وتعريض أنفسهم وغيرهم للقتل والدخول في صدام مع قوات الأمن على الرغم من التحذير والاعلان المسبق ومعاودة الاحتلال له بعد اخلائه بالقوة فكله محرم هو الآخر ولا يوجد ما يبرره خصوصاً وان الحكومة قد عرضت عليهم الاقتصار في التجمع والتجمهر على الأماكن المحيطة به لرفع معاناة المواطنين والتجار بسبب قطع الطرق ومنع المرور فيها الا أنهم كابروا ورفضوا بل تمادوا بقطع الشارع الرئيسي المحاذي للمرفأ المالي وشل جميع الحركة في طرق العاصمة المنامة باغلاقها بالحجارة والمتاريس والاعتداء على رجال شرطة المجتمع المدني ممن حاول نصحهم وثنيهم عن تجاوزاتهم وهذه كلها أمور لا يختلف على حرمتها أحد من العلماء كما تؤكده صريح ثوابت الأحكام المنصوصة:
«وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً »[النساء : 29 ـ30]
«وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ »[البقرة : 195]
«وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ» [الأنعام : 151]
«وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً» [النساء : 93]
وعن الامام الصادق عليه السلام قال: «من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها».
إغراق الإعلام الإقليمي
والعالمي بسيل الشائعات والأكاذيب
لقد أثار انتباهي الى الأسلوب الوضيع الذي نهجته بعض التيارات في استغلال انفتاح وكالات الأنباء في ايران والعراق ولبنان بل حتى الوكالات العالمية واغراقها بسيل الأخبار الكاذبة عن الأوضاع الأمنية في داخل مملكة البحرين والتهويل والمبالغة بأساليب التعاطي الأمني مع معارضة من عارض علانية من بعض الفئات الشعبية والتركيز على مقطع تعاطي القوات الأمنية واغفال كل اساليب الاستدراج والتجاوزات التي قامت بها عناصر المعارضة نفسها.
وقد سمع الكل بشكل يثير الاستغراب الحديث عن أخبار من وحي الخيال عن مجازر جماعية وقتل عام وانتشار آلاف الجثث في ازقة القرى والقيام باقتحام المنازل وقتل من فيها بل وهدم بيوت كل معارض وتسويتها بالأرض وأن قوات الأمن اذا ارادت اعتقال مشتبه به تقوم بضرب ابواب المنازل بقنابل حارقة ثم تقوم بحرق منازلهم بعد اعتقال المطلوبين منها.
وأن آلة البطش الأمني الحكومي طالت مساجد الشيعة وان هناك أكثر خمس مساجد تم هدمها وتسويتها بالأرض
ولازال سيل الأخبار المتلاحقة المختلقة والمرفق بها بعض صور القتل النادرة أوالمفبركة والمكذوبة تنهال تلو الأخرى ومن جهات متعددة تمثل تلك التيارات وكأنها حقائق وارقام لا يمكن الطعن او التشكيك فيها.
التغرير بالمرجعيات الدينية وزجّها في تأجيج الأحداث
لقد انتهجت التيارات السياسية المعارضة لبلوغ أعلى درجة تأجيج الشارع الداخلي سياسة الخداع والتمويه على بعض المرجعيات الدينية في ايران والعراق وزجّهم في قلب الصراع، واستغلال بياناتهم لتوسيع دائرة الهيجان والغليان الشعبي، من خلال اصدار فتاوى تحث على الجهاد وقلب نظام الحكم بدون اي التفات الى أدنى موازين التحقق من صحة الأخبار التي تصلهم وحقيقة ما عليه الظروف الموضوعية والواقع.
نعم لقد قاموا بترتيب وفود من حشود العمائم الحزبية البحرينية مدعومة بعمائم أخرى من دول الجوار الى مكاتب المرجعيات الدينية والتقدم لها بضرورة اصدار بيانات شجب واستنكار وإدانة بأقسى الألفاظ وأشد العبارات لتهييج الشارع الداخلي؛ للدخول في جهاد مقدس مع النظام الحاكم، وإعطاء تصريحات مليئة بالمغالطات والمعلومات المفبركة والمغلوطة بغرض التأجيج وخلق أزمات اقليمية فضلاً عن الداخلية.كل هذه الشائعات كانت سبباً في استثارة الشارع الشيعي في داخل ايران والعراق ودول الخليج ولبنان وإطلاق دعوات للجهاد لإيقاف نزيف الدم الشيعي وحقنه، وقد فوّت أولئك مرة أخرى الفرصة على العقلاء من ابناء الطائفة الشيعية؛ لترميم ما يمكن ترميمه من جراء إساءة المعارضة السياسية المتهورة للطائفة الشيعية وللوطن بسبب سوء تدبيرهم وعدم صحة تقديرهم وافتقادهم الرؤية الصائبة. وقد قامت جهات كثيرة على أثر سمومهم الاعلامية تلك بتنظيم مسيرات الغضب المليونية في ايران والعراق ومدن الشيعة في محافظتي القطيف والإحساء في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية؛ للتنديد بسياسات القمع والإبادة المزعومة في البحرين قبل اسبوعين، وكذا الدور الذي قام به رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي والتيار الصدري في البصرة وبغداد الذي كان لنائبته في البرلمان العراقي خطاب حماسي تضمن مقولة «ان هناك قتلى من الشيعة وقدرت عددهم بين خمسمائة الى ألف وخمسمائة يسقطون يومياً جراء القتل العام الوحشي الذي تقوم به السلطة في البحرين»، واستندت في بيان عددهم الى اتصال مباشر تم بينها مع بعض الأطباء في البحرين.
وتوجت بالأمس اي في يوم الاربعاء بتاريخ 6 ابريل بتعطيل جميع الحوزات الدينية في جميع انحاء ايران وتنظيم مسيرات لمشايخ وطلاب الحوزات الدينية في الشوارع، وتنظيم تجمعين ضخمين في حرم الامام الرضا «ع» في مدينة مشهد وحرم السيدة فاطمة المعصومة «ع» في مدينة قم ألقيت فيهما الخطب الحماسية والشجب والاستنكار لأعمال المجازر والإبادة اليومية للشيعة في البحرين، وقد حضر وشارك مراجع التقليد وجميع الزعماء والقادة الدينيين فيها وأدلوا بتصريحات للتلفزيون الايراني.
التغرير ببعض دول الجوار لزيادة الضغط
كنت اتعجب من دولة كبرى في المنطقة، وهي الجمهورية الاسلامية الايرانية وأحزاب كبرى في العراق ولبنان كيف تنخدع بشائعات دست في وسائلها الاعلامية بهذا الحجم من المغالطات والأكاذيب!.
لقد حاولت الاستماع الى بعض القنوات في ايران والعراق ولبنان ومتابعة خيوط وحجم مصادرالدجل الاعلامي الذي يغرر بهم للترويج لمثل تلك الشائعات وتتبعت مصادر تلك المعلومات، فوجدت ان منشأها جميعاً هو نفس التيارت المعارضة في داخل البحرين وعبر من يمت لها بصلة او يتعاطف معها، ومن خلال استثمار سهولة الارتباط عبر شبكات الانترنت وتقنيات الاتصال الفضائي الدولي.
وقد قامت المرجعيات الدينية الايرانية بعد إصدار بياناتها بالضغط على النواب في مجلس الشورى الايراني، وتكليف لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية من باب الغيرة والحمية باستدعاء وزير الخارجية الايراني وتوجيه الأوامر إليه للضغط على الحكومة البحرينية لوقف مجازر القتل العام ونزيف الدم والابادة اليومية للشيعة العزل ولو باللجوء الى اكبر المنظمات الدولية كالأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي.
صكوك الغفران مما
يسمى بالعلماء في البحرين
لقد امتلأت مواقع الانترنت بصور وتسجيلات الكثير من المعممين السذج والموبوئين وهم يزورون الدوار ويمنحون صكوك الغفران لمن فيه من الشباب المراهق؛ ليمارسوا ما شاؤوا من اساليب التصعيد السياسي والتصرفات التي تضر وتهدم وتدمر اي فرص الاصلاح ونيل الحقوق المشروعة، ويباركون كل ما يقومون به من احتلال للدوار والمرافق المحيطة به بلا لائمة ولا نصيحة ولا ارشاد.
وزاد الأمر سوءاً التصريحات التي صدرت من ما يسمى بكبار العلماء والمجلس العلمائي التي استثمرت للتمويه والاغراء بمثل تلك المرجعيات في ايران والعراق؛ لتأجيج الأحداث وسوقها الى المزيد من التأزيم والاحتقان بلا موجب ولا داعٍ.
لقد كنا نأمل من تلك المرجعيات الدينية على اقل التقادير ان تتحقق من الحقيقة، وتستكشف ملابسات وصحة الأخبار التي تتناقلها بعض تلك الجهات وتغذي بها وكالات الأنباء، لكن كما سبق وأن ذكرت أن نسخ تلك البيانات بمعيّة حشود من العمائم الحزبية لم تترك مجالاً للشك وأخذت أخباراهم عن الاحداث مأخذ المسلّمات وكانت قاعدة لكل مواقف الدعوة لنجدة الشيعة في البحرين. كنا نأمل ان يكون ما يسمى بكبار العلماء على قدر المسؤولية في النصح والتوجيه لا التبعية والمسايرة العمياء.
نعم إن الدعوة الى سلمية المطالبات السياسية أمر نشهد لهم به، كما سبق أن أكدنا عليه وطالبنا به في بياننا «لله وللوطن وللتاريخ»، وهو موقف شرعي صائب يسجل لهم ويحسب في ميزان حسناتهم.
لكن مواقفهم الأخيرة في خضم التأزيم والتصعيد غير المبرر، والتجاوزات الكثيرة التي صدرت منهم في أماكن كثيرة بما فيها المراكز الصحية ومستشفى السلمانية وتنظيم مسيرات التحدي، وإلى أكثر الأماكن حساسية كمدينة الرفاع ومجلس الوزراء وفي غيرها في ايام ولحظات المصادمات في العاصمة والكثير من القرى لم تكن بالنحو المرجو والمؤمل منهم، وقد نسفت كل بوادر التعاطي السلمي وأجّجت نار الطائفية الى مستويات بالغة الخطورة. نريد ان نعهد منهم الشجاعة والقوة في التمسك بمبادئ الدين وأحكامه الغرّاء والأمر والمعروف والنهي عن المنكر أياً كان مصدره وأن لا تأخذهم في الله لائم لكل من تسوّل له نفسه من قيادات الأحزاب السياسية المعارضة المراهقة الحمقاء.. التي قادت وتقود البلاد الى مستنقعات من الازمات الطاحنة وأنفاق مظلمة في كل مرة تنشط فيها وتتصدر فيها بغبائها للمطالبة بالحقوق الشعبية.
ونريد منهم ان يكونوا على قدر المسؤولية في كل الظروف، وعدم المسايرة والخضوع والخنوع لجميع املاءات التيارات الحزبية، وأن لا يكونوا دمى يعبث بها الحزبيون كيفما شاؤوا.
مشروعية التحالف مع التيارات
اليسارية والليبرالية المعادية للدين
ليس من المعقول والمقبول شرعاً على جميع الاحتمالات ان تترك التيارات اليسارية الملحدة تتحكم وتتلاعب بمصير ابناء الطائفة الشيعية ويطلق العنان لها لكي تدافع عن كل التجاوزات وانتهاك الحرمات ونشر الحرق والدمار في كل مكان في مدن وقرى البحرين وتزامناً مع كل مرحلة احتجاج جماهيري طيلة ثلاثين سنة وعلى وجه الخصوص فترة ما قبل الأحداث الأخيرة بخمسة اشهر ويصفها قادتها بالأساليب الحضارية والراقية ولا يوجد من يستنكر عليهم أو ينبه الرأي العام الى حرمة متابعتهم.
وأما بالنسبة لرفض الهوية الدينية ورفض الالتزام بحاكمية الاسلام في مطالبات التعديل الدستوري واطلاق شعارات وطنية وقومية ليس فيها أي سمة دينية كما تجد في تصريحات أمثال أمين عام جمعية الوفاق ما ينفي شرعية حركتهم ورفضها للدين واستبعاده من اجندتهم بالكامل في تصريحه المنشور في صحيفة الوسط العدد 3086 ـ الخميس 17 فبراير 2011م الموافق 14 ربيع الاول 1432هـ على الرابط:http://www.alwasatnews.com/3086/news/read/527614/1/مدنية.html
«لايطالب شعبها بدولة دينية، وإنما المطلب الشعبي والشبابي والسياسي هي دولة ديموقراطية» يتكلم باسم الشعب البحريني وكأنه ارتد عن الاسلام وانه يتبنى ازدواجيته وتحالفه مع تيارات الالحاد والضلال وترويجه
لها التي لا نعرف السر فيها حتى الآن .
وجاء تحت عنوان: المعارضة البحرينية تريد دولة مدنية لا دينية في موقع دار الليبرالية السعودية http://www.darlbrl.com/vb/showthread.php?t=20969
ليس من المقبول ان يتضمن من يزعم انتسابه للتيار الاسلامي ويتضامن مع التيارات التي تمثل الكفر والفسق والظلم.
(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) (هم الفاسقون ) (هم الظالمون )
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة : 44]
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة : 45]
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة : 47]
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران : 85]
(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) [المجادلة : 22]
( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة : 51]
مشروعية العصيان المدني
وأما ما يتعلق بالعصيان المدني فكل ما صاحبه من ممارسات تعد وتصنف ضمن دائرة التجاوزات الشرعية والحقوقية من ابتدائه الى نهايته وكلها أساليب محرمة تتنافى مع كل مبادئ الدين وقيمه وأحكامه وتنسف كل مظاهر الانتماء للوطن والغيرة على مصالحه العليا وتكشف.
حجم التعدي على مقدراته ومكتسباته ومرافقه الحيوية من خلال تعطيل وشل المؤسسات التجارية والأسواق واثارة الرعب وفقد الأمن في جميع أرجاء المملكة ويهدف لخنق المواطن وخلق أقسى درجات الاضرار به.
كما مارست التيارات المعارضة كل اساليب الضغط الاعلامي الخارجي والداخلي والنفسي للقيادات الشيعية في الأجهزة الرسمية في الدولة ودفعتهم الى التقدم باستقالات جماعية من كل مناصبهم طيلة فترة احتلال دوار مجلس التعاون للايهام بصحة الأخبار والشائعات والأكاذيب الاعلامية التي روجوا لها في المحافل الاقليمية والدولية والايحاء بصورة بشعة عن النظام الحاكم وعن بطش وارهاب منقطع النظير.
كما خططوا بأحكام خطة شل الوزارات الخدمية كوزارات الكهرباء والماء والعمل والتعليم والصحة من خلال الدعوة للعصيان المدني واستهدفوا المجلس الوطني من خلال استقالة 18 نائبا لكتلة الوفاق البرلمانية الممثلين عن الشعب في الانتخابات الأخيرة الأمر الذي عكس مدى الخواء السياسي الذي يعيشه قادة هذه الكتلة وفقد حس المسؤولية ومثلت انتحاراً سياسياً للمعارضة الرسمية القانونية وخيانة للأصوات التي رشحتهم وأنابتهم لتحقيق مطالبهم الشعبية في حدود ما كفل لهم دستور البلاد.
والمفترض أنهم لا يملكون مشروعية القيام بذلك لأن كل واحد منهم ممثلا عمن انتخبه وتعد استقالته بالنحو الذي اعلن عنه تمرد ونكث للعهد الذي قطعه على نفسه للسهر على مصلحة ناخبيه ورفع ظلاماتهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.
وتعطيل المحاكم الشرعية الجعفرية في وزارة العدل بالكامل من خلال الاستقالة الجماعية للقضاة هو الآخر من الأمور المحرمة القطعية التي اقدم عليها القضاة إذ لا علاقة لمسؤولياتهم بالمعالجات الأمنية في الدولة والأزمات السياسية وقبل ان تكون وظائفهم في السلطة القضائية ضمن الجهاز الرسمي فهي واجب متعين عليهم لتسيير أمور الناس الشرعية من زواج وطلاق وامضاء أحكام الأحوال الشخصية واستحصال الحقوق من نفقات وغيرها.
حرمة استغلال المحنة
الأخيرة للتشفي من الشيعة
وفي قبال كل ما ذكرناه نجد ان هناك بعض الجهات التي تحسب على أخواننا من أبناء الطائفة الكريمة السنية وعبر بعض قياداتها وفي مواقع مختلفة لاسيما الاعلامية منها تكثر من اطلاق سيل الاتهامات والافتراءات والتشكيك بوطنية كل من يمت الى الطائفة الشيعية وتخوينهم والمطالبة بسحب الجنسية منهم أو قطع ارزاقهم وفصلهم من أعمالهم وفرض سياسة العقوبات الجماعية عليهم وهذه بلا شك أساليب محرمة وآثمة وبشعة وفيها اذكاء لنارالحقد الطائفي البغيض التي نسأل الله تعالى نكون قد تجاوزنا خطرها الى غير رجعة.
وليعلموا أن المرحلة التي نعيش فيها ليست نهاية العالم ولن نعيش بعد هذه المحنة التي عصفت بالبلاد بمعزل عن بعضنا البعض وليس من المعقول ان ينتقم من أبناء الطائفة الشيعية من خلال وضعهم في اصطفاف طائفي وفي قفص الاتهام بلا ذنب او جنحة وجناية ارتكبوها والتشفي والانتقام منهم بالنحو المصرح به.
حرمة دم البحريني
ولا يسعنا ونحن ننعم بنعمة الأمن ثانيا بفضل الله ثم بفضلكم إلا أن نوجه كلمة شكر للقيادات الأمنية على ما بذلته من جهد خلال الأزمة وبأقل الخسائر ونتمنى منهم أن لا نسمع أو نشاهد ضحايا من المواطنين الأبرياء بعد اليوم من اي جهة وانتماء كان ويعز علينا ان يفقد اي فرد عزيز عليه بسبب التجاذبات الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر.
نحن في دولة القانون يجب ان تصان الحرمات وتحقن الدماء ويعاقب المسيء وينزل القصاص بكل من تسول له نفسه المساس بمقدرات ومكتسبات عهد الاصلاح التي كنا ولا زلنا ننعم بها نعم يجب على جميع الشباب ترك جميع اساليب الاستفزازات وعدم التغرير بأشخاصهم وتعريض ارواحهم لفتك الجهاز الأمني بسبب التمرد على احكام الطوارئ والرضوخ لغير سبب.
وليس فيما يقومون به من تلك الأعمال صفة شرعية ولا ما يبررها وأن الأوان آن لمراجعة الأخطاء والاعتبار مما لحق بالجميع من آلام ومصائب وويلات وازمات خانقة بسبب طيش قيادات التيارات المعارضة وغياب المنطق الشرعي والعقلاني من اجندتهم.
ونأمل في المقابل من الجهات الأمنية إلالتزام باقصى درجات ضبط النفس لضمان عدم وقوع ضحايا جدد فالبحرين بصغر مساحتها وقلة شعبها لا تحتمل ضحايا أكثر مما فقدت.
وقد تحقق الأمن واستتب في أغلب أنحاء المملكة وتم تخفيف القيود على حركة المرور وتردد الناس الى سائر الأماكن وتم تقليص حظر التجول في منطقة الحي التجاري الرئيسي في العاصمة الى الحد الأدني ونأمل رفعه بالكامل خلال الفترة القريبة ان شاء الله تعالى.
حرمة التفريط بأبناء الوطن
وأوجه كلمتي الأخيرة الى القيادة الرشيدة والحكيمة في مملكتنا الغالية الى النظر بعين الرأفة والشفقة الى كل أولئك المغرر بهم من الطبقة الفقيرة والمحرومة الذين زجوا لا عن وعي ولا بصيرة في الأحداث الأخيرة لئلا يكونوا ضحية العقاب الجماعي وان لا يسحقوا زيادة على ما مروا به من معاناة في سابق تاريخ حياتهم .
كما أن هناك رجالا أوفياء وأبناء بررة لا يشك في ولائهم للنظام والمملكة من اكاديميين ومهنيين ورياضيين ربما شاركوا في بعض المهرجانات والمسيرات التي كانت تنادي بالاصلاح السياسي شأنهم كشأن كل تيارات الولاء الأخرى كتيار الوحدة الوطنية والتي كانت محل عناية وتوجه صاحب السموالملكي ولي العهد في بدايتها وقابلها بسعة صدره الرحب ونالت مباركة وتأييد جلالة الملك نفسه ولا علاقة لهم بفترة التأزيم الأخيرة التي أعلن عنها بعض المتطرفين واعلنوا إصرارهم على قلب نظام الحكم وجروا البلاد الى ما جروا اليه من ازمات خانقة انتهت بفرض قانون السلامة الوطنية ودخول قوات درع الجزيرة.
مثل هؤلاء لا ينبغي التفريط بهم ومعاقبتهم لمجرد العثور على صور لهم تثبت تواجدهم في الدوار لأن فيهم متفرجين وفيهم مستدرجون وفيهم مغرر بهم وفيهم دعاة اصلاح سياسي ومطالب مشروعة يتوافق معهم كل مكونات الشعب كما صرح رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود «ثمانين بالمائة محل توافق واتفاق».
وفيهم مشايخ سذج وفيهم نباتات متسلقة تسعى للظهور على حساب الآخرين وفيهم منظمون حزبيون من عوام ومعممين وزعماء فتنة.
وانه ينبغي قصر الملاحقة والمؤاخذة على الصنف الأخير لكونهم السبب المباشر والمسؤول عن كل المآسي وتأزيم الأحداث الأخيرة.
حرمة التفريط بعلاقات
حسن الجوار مع دول الجوار
الكل يعلم بحجم سقف الروابط التي وصلت اليها علاقات حسن الجوار وخاصة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق ولبنان وهناك مصالح تجارية وعقود بالملايين معها وأن هناك الآف من أصحاب المتاجر والكسبة الصغار ينتفعون بها وتعود بالخير والرخاء على الجميع وهناك اتفاقيات امنية وسياسية رسمية وقعت عليها القيادات السياسية في البلدين خلال السنوات الأخيرة انهت عقوداً من الاضطرابات السياسية في العلاقات بفضل حكمة وحنكة قادة دولها ومن غير الحكمة التفريط بها بعد انكشاف كل الخيوط وحجم التآمر ومن يقوده ويقف خلفه.
وإن كل ردود الفعل الغاضبة من الجهات الرسمية في ايران والعراق والحزبية في لبنان كانت كلها مبنية على اعلام مسموم ومأسورة بأخبار كاذبة واحصاءات مفبركة ومختلقة لظلامات مبالغ فيها وكانت جريدة الوسط أحد دعاماته من الداخل كما تم الكشف عنه مؤخراً وأدى الى استقالة رئيس تحريرها وكذلك جميع الجمعيات السياسية المعارضة وأبواق أذنابها في الخارج.
ويمكن ان تتواصل جهود وزارة الاعلام البحرينية مشكورة بمعية وزارة الخارجية لوأد الفتنة الخارجية التي يحاول اقطاب الفتنة ورؤوسها التعويل عليها بعد فشلهم الذريع في الداخل واحباط مؤامراتهم بحق الشعب والوطن من خلال دعوة مسؤولي من قناة العالم ومجلس الشورى الايراني ووزارة الخارجية الايرانية ومكتب مقتدى الصدر في العراق ومكاتب المراجع الدينية في قم والعراق وحتى قناة المنار وكل الجهات التي اصدرت بيانات عدائية لحكومة البحرين وقياداتها واتهمتها بممارسة الابادة الجماعية والقتل العام للشيعة في مملكة البحرين في حدث اعلامي علني هام يكشف فيه كل الملابسات ويتم التركيز فيه على عرض قائمة بضحايا الأحداث كلها واسمائهم وبياناتهم التي لا تتجاوز الثلاثين فرد ولظروف قاهرة او مشبوهة بحضور ممثلين عن الجمعيات السياسية المعارضة ووضعهم أمام الأمر الواقع والزامهم بعرض كشف بأسماء القتلى والضحايا بالاعداد المهولة بالنحو الذي روجوا له من مزاعم ارتكاب مجازر وابادة جماعية بحق ابناء الطائفة الشيعية وما كررته من وجود آلاف القتلى والمساجد وعشرات المنازل التي هدمت وسويت بالارض لكل من يعارض أو يحسب على طائفة معينة.
على ان تنشر وقائع ذلك لشعوبهم ويعتذروا بعدها من التصريحات المسيئة للحكومة البحرينية ويكفوا عن تكرارها والترويج لها في وسائلهم وقنواتهم الاعلامية وتنشر.
وبهذا يقفل ملف الضغط الخارجي بالشمع الأحمر ونتخلص من تدخلها في الشأن الداخلي الى غير رجعة ان شاء الله تعالى
المصدر:جريدة ألأيام عدد اليوم الجمعة 8 ابريل.