المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعميق منطق الحوار بين المسلمين على الأسس القرآنية/ الشيخ احمد القطان


فارس اللواء
21-04-2011, 01:51 PM
إنّ الحريص على الوحدة الإسلاميّة والتقريب بين المذاهب الإسلاميّة يعمل جاهداً لتعميم منطق الحوار بين المسلمين على أسس صحيحة وقويمة يستقيها من كتاب الله عزّ وجل (القرآن الكريم). وللأسف نفتقد في أيامنا هذه منطق الحوار الهادف البنّاء الذي يراد منه وجه الله تعالى وإتباع منهج النبي محمد(صلي الله عليه وسلم) وذلك لأنّنا بتنا نجد مَن لا همَّ ولا شغل له إلا الانتصار لفكره ورأيه على حساب دينه وانتمائه إلى النبي محمد (صلي الله عليه وسلم)، كما أنّ الذي يُدمي الفؤاد أناس عطلوا عقولهم بتعطيل الحوار وتقوقعوا في حزب أو مذهب أو دائرة واعتبروا كل مَن خالفهم في رأي أو مسألة اجتهادية كافر ـ والعياذ بالله تعالى ـ وخارج عن ملّة الإسلام.

السؤال الذي يطرح لماذا نضيّق واسعاً مع أنّ النبي محمد(صلي الله عليه وسلم) قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عزّ وجل ثمّ قرأ قول الله تعالى:﴿فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر﴾، من هنا يتبيّن لنا أهميّة أن لا نطلق الأحكام جزافاً وألا نتألى على الله تعالى بل علينا أن نكون دعاة إلى الله تعالى على بصيرة وهدى وأن يكون همنا دعوة النّاس إلى الإسلام وليس إخراجهم من الإسلام، كما أنّنا مطالبون بالبعد عن الأحكام العشوائية والتي تحكم على النوايا والنفوس، ولنا بالنبي محمد عليه الصلاة والسّلام أسوة حسنة ألم يغضب من أسامة بن زيد عندما قتل رجلاً قال كلمة التوحيد؟ بذريعة أنّه قالها خوفاً فقال له النبي(صلي الله عليه وسلم) أشققت عن قلبه، يعني هل اطلعت على ما أسرّ وأخفى فعلمت يقيناً أنه قالها خوفاً، وهذه دعوة من رسول الله(ص) كي لا تصدر الأحكام بدون ضوابط، وألا يكون همناً إخراج الناس من دائرة الإيمان.

إذاً، من أكثر المشكلات والأزمات التي تعاني منها السّاحة الإسلامية هي لإطلاق الأحكام المسبقة وتكفير المسلمين وإخراجهم من الإسلام لمجرد مخالفتهم أو اختلافهم معنا في مسائل اجتهادية أو فقهيّة أو سياسيّة أحياناً، كما يعاني العمل الإسلامي على السّاحة الإسلامية من سوء تنظيم لأولويات العمل، فلا يعرف أكثرنا ما هو مهم وما هو أهم، ولا نعرف المصلحة الحقيقية من وراء توحيد صفنا الإسلامي فالمؤمن هو الذي يدعو إلى وحدة المسلمين وتوحيدهم على ما يتفقون عليه ليكونوا قوّة موحّدة في وجه كل عدو يريد النيّل منهم ومن دينهم العظيم الذي ينتمون إليه، وهذا الأمر هو أمر الله تعالى حيث قال: ﴿إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنّهم بنيان مرصوص﴾(1).

فإذا كان الله عزّ وجلّ يحبّ الوحدة والنظام لعباده المؤمنين، فينبغي على المؤمنين الالتزام بهذا الأمر ليس فقط في القتال بل التضامن والتكاتف والتوحّد على الأعداء مطلوب في جميع الميادين، لأنّ التفرّق والتشتت والتشرذم والتناحر يجعلنا لقمة سائغة للأعداء المغرضين الحاقدين الذين يكيدون لنا ولديننا الإسلام، وكم نحن بحاجه ماسّة في أيامنا لجمع الشمل ووحدة الصّف والتعاون على مواجهة الأيدي الصهيونيّة والاستكبار العالمي الغربي الحاقد الذي لا يريد لنا إلا الخراب، ونجح للأسف إلى حدٍ ما في الدخول على المسلمين من الفروع والجزئيات وفرّق بين بعض الدعاة العلماء وعوام المسلمين.

لذلك المهمة علينا ـ نحن معشر العلماء ـ كبيرة جداً وسنُسأل عنها بين يدي الله عزّ وجلّ، وسنُسأَل كيف واجهنا أطماع الأعداء فينا وبثرواتنا وبأهلنا؟ وهل وقفنا جميعاً (سنةً وشيعةً) في وجه هذا المارد الحاقد الذي يريدنا جماعات، وأحزاباً، وقبائل، ومذاهب متناحرة حتى يسهل عليه بسط السيطرة علينا والقضاء على أمتنا، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جآءهم البينات وأولئك لهم عذابٌ عظيم﴾(2).

فها هو التحذير لنا من ربّ العزة سبحانه وتعالى ودعوة من الذي يعلم السرّ وأخفى أن لا نتفرق ولا نختلف كما أختلف وتفرّق مَن قبلنا فاستحق عليهم العذاب العظيم، ولنا أمثلة كثيرة على أنّ الاختلاف لا يعني التقاتل والفرقة والتناحر والخصام، فها هو يونس الصدفي رحمه الله تعالى يمتدح الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قائلاً: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثمّ افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي ثمّ قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق(3). وقد عقّب الذهبي على هذا بقوله: هذا يدلّ على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه فما زال النظراء يختلفون(4).

وقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يذكرنا بقول الإمام أحمد عندما قال عن إسحاق بن راهويه: لم يعبر هذا الجسر إلى خرسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء فإنّ النّاس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً(5)، هكذا كان أهلُ السلف الصالح.. كانوا أسوة وقدوة حسنة ووَسِعهم الخلاف، بل كانوا إخواناً متحابين على اختلافهم.

السؤال الذي يُطرح في هذا المقام أفلا يستقيم لنا الأمر ونكون أحبّة متعاونين ومتكاتفين قوّة واحدة في وجه الأعداء والمغرضين كما استقام لهم الأمر؟.. وطالما نتكلم على أهميّة التقارب المذهبي ووحدة الأمّة الإسلاميّة لا بدّ لنا من كلمة على الصحف الإسلاميّة التي تلعب دوراً هاماً إما في تأجيج الفتن وإمّا في محاربة هذه الفتن ودفنها في مهدها، وكيف يكون لنا هذا وأكثر الصحف الإسلاميّة رسميّة أو شبه رسمية في الدول العربية وأمامها الكثير من الخطوط الحمراء، بل أكثر المجلات الإسلاميّة خاسرة لناحية التوزيع وغياب السّوق الإعلاميّة عنها، كما أنها تعاني من الافتقار للمؤهلين إعلامياً، ولكن مع ذلك كلّه نحن بحاجة إلى أصحاب الأقلام المنصفة وإلى الإعلاميين المهنيين أصحاب الضمير الحيّ الذين لا يبيعون أنفسهم للسّلطان ولا لأصحاب رؤوس الأموال، وهنا لا يمكننا إلا أن ننصف (الأمير تشارلز) على كلمته التي ألقاها في مركز الدراسات الإسلاميّة بجامعة (أكسفورد) حيث أشاد فيها بدور الإسلام في نهضة الحضارة الغربية، وكذلك دعوته للاستفادة من الإسلام في عدالته وسماحته وشموليته.

ونحن إذ نستنكر كل الأصوات الشاذة والتي تدعو للفرقة والتناحر نقول: جنسيتنا جميعاً كمسلمين (سنة وشيعة) ينبغي أن تكون (عقيدة التوحيد) وجواز سفرنا وبطاقة هويتنا ينبغي أن تكون (أنا مسلم أعتنق الإسلام)، وهذا ما كان عليه السّلف الصالح من المسلمين أيّام النبي عليه الصلاة والسّلام، فدخل الناس جميعاً في دين الله أفواجاً وقامت الدولة الإسلاميّة في المدينة المنورة، وصدقت نبوءة النبي محمد (ص): "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه"(6).

إن المحاورة والمجادلة بالتي هي أحسن وسيلة مهمة من وسائل تبليغ الحقّ والهدف منها الوصول إلى الحقيقة التي تجعل الإنسان المؤمن يتنازل عن رأيه الذي رأى أصوب منه، والحوار: أداة وعي مشتركة تتحدّد فيها الآراء وتستعرض فيها المسائل، وهي وسيلة من وسائل الشورى والتناصح والتعاون، ولنعلم يا أهل الدعوة أنّ اتساع صدورنا للحوار والنقاش وقبول النّقد البنّاء وحواراتنا حوارات تربويّة منهجيّة هادفة، ولننظر كيف حاور موسى فرعون وذلك بأمر من الله تعالى قال الله تعالى: ﴿اذهبا إلى فرعون إنّه طغى () فقولاً له قولاً لينا لعلّه يتذكر أو يخشى﴾(7). فالله سبحانه وتعالى في التعامل مع أشدّ النّاس بعداً عنه عزّ وجلّ وأكثرهم تكبراً وتجبّراً وطغياناً ماذا قال لموسى عليه السلام؟ قال لنبيه وكليمه موسى اذهبا إلى فرعون إنّه طغى فقولا له قولاً ليناً فالكلام اللين من الممكن أن يؤلف القلوب ويقرّبها، لأننا للأسف ابتلينا اليوم بأناس لا يتقنون فنّ الحوار ولا يعرفون أهميته في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ مع أنّ الله تعالى قال في كتابه الكريم: ﴿ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة...﴾(8).

فالحكمة والحوار والجدل بالتي هي أحسن دليل على الالتزام بمنهج رسول الله محمد(ص)، لأنّ البعض لديهم عنتريّة على ذكر معايب الناس وعندهم شجاعة على نقد الآخرين فتجدهم جبناء أمام أنفسهم، ومع ذلك يفكرون بعقول غيرهم ويتكلمون بألسنتهم، مع أنّهم يعيشون على إنجازات غيرهم، ولنعلم أنّ غياب الحوار الجاد انعكاس آلي لضعف البنية العلميّة والفكريّة في العمل الإسلامي، وكل المفكرين يعلمون أن المناصحة هي روح الأمة وعرقها النابض، قال الله تعالى: ﴿والعصر إنّ الإنسان لفي خسر..﴾(9). فالله تعالى أخبرنا في سورة العصر أنّ النّاس جميعاً في خسر إلا (استثناءً) الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر، وكلنا يعلم أنّ المسلمين في سفينة واحدة في بحر متلاطم الأمواج وللأسف نجد الخروق تزداد في هذه السفينة يوماً بعد يوم، ولكنّ تعميم منطق الحوار على الأسس القرآنيّة وابتغاء وجه الله عزّ وجلّ من الحوار يساهم في ترقيع هذه الخروق لنسلم جميعاً إن شاء الله تعالى من الغرق، وهذا الأمر يتطلب منّا التجرد في طلب الحقّ بدون هوى يعمي بصيرة الإنسان لذلك نحن بحاجة إلى (علم وإخلاص وتجرد) لأنه للأسف هناك من يفضل الهوى عن علم قال الله تعالى: ﴿أفرأيت مَن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم﴾(10).

فالمحاور ينبغي أن يرجو الله تعالى قال عزّ وجلّ: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً...﴾(11). وقال الخطيب البغدادي في ذكر آداب الجدل والمناظرة: "ويخلص النيّة في جداله بأن يبتغي به وجه الله عزّ وجلّ وليكن قصده في مناظرته إيضاح الحقّ وتثبيته دون المخالفة للخصم" نعم، هذا دليلٌ على أنّ صاحب الهوى يدور مع الهوى حيث دار وعندها لا يمكن معه الوصول إلى نتيجة ترضي الله عزّ وجلّ ومن الجدير ذكره في هذا المقام بعض مقتضيات التجرد في طلب الحقّ. أن يدخل المرء ساحة الحوار بحثاً عن الحقّ حتى ولو كان عند خصمه ولا يتردد في أن يتراجع عن خطئه لله تعالى، قال عزّ وجلّ: ﴿وإنا أو إياكم لعلى هدى أو ضلل مبين﴾(12).

فالمحاور ينبغي أن يكون كما قال الإمام الغزالي رحمه الله : "كنا شد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد مَن يعاونه ويرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرفه الخطأ أو أظهر له الحقّ﴾(13). كم نحن بحاجة لتطبيق هذا الكلام في أيامنا أي أن يتجرد الواحد منّا عن مذهبه وحزبه وتياره لصالح الإسلام العظيم، كما نحن بحاجة إلى دراسة أدب الاختلاف. قال الإمام الشافعي: "ما ناظرت أحداً قطّ فأحببت أن يخطئ"(14). ويقول أيضاً: "ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يوفّق ويسدّد ويصان وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بيّن الله تعالى الحقّ على لساني أو لسانه"(15).

قارن بين هذه النفوس الصادقة والنّقيّة والتي فهمت الإسلام فهماً حقيقياً فكان شغلها الشاغل إظهار الحقّ وتأييده. أمّا في أيامنا وللأسف كثير من دعاة العلم وأصحاب النفوس المريضة لا تقبل إلا بصوتها ولا تسمع غيره فينبغي أن يعلو صوتها فوق كل الأصوات، قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: "فانظر إلى مناظري زمانك اليوم كيف يسوّد وجه أحدهم إذا اتضح الحقّ على لسان خصمه، وكيف يخجل به، وكيف يجهد في مجاحدته بأقصى قدرته وكيف يذمّ مَن أفحمه طول عمره... "(16).

وقد تؤثر أحياناً على المحاور اتجاهات فكريّة ونفسيّة غير مرئيّة تعوقه عن الوصول إلى الحقيقة العلمية، لذلك تجده يتكلّم بما تقنّع ويدخل لتقرير رأيه والمدافعة عنه والتعصب له فهو غير مستعد أن يتنازل عن رأيه ولو ثبت له خطؤه، هؤلاء هم أصحاب الأقنعة المعدّة فكريّا بشكل مسبق. أمّا أصحاب الثقة الزائدة بالنّفس يشعرون أحياناً أنّهم معصومون عن الخطأ وأنّ ألكمال كله يتجسد بهم، فالثقة بالنفس ليست عيباً ولكنها لا تعني أيضاً الشعور بالعصمة والكمال، وليس عيباً أن يعترف المرء بالخطأ ويسلّم لمناقشته، بل هذا الرجل المؤمن الصادق يعلم أنّه ينقص قدره أو يضعف وزنه إن اعترف بخطئه، قال الفاروق عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه لأبي موسى الأشعري رضيّ الله عنه: "لا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك، فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحقّ خير من التمادي في الباطل"(17).

فمن أراد الله تعالى من حواره يذكر ما له وما عليه من الحجج والأدلة والبراهين، فالأمانة العلميّة أمر ضروري لمن تصدى للحوار، ولقد ذمّ الله تعالى اليهود لأنّهم يتصفون بكتم الحقّ وتلبيسه بالباطل قال الله عزّ وجلّ: ﴿يا أهل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل وتكتمون الحقّ وأنتم تعلمون﴾(18). من هنا يتبين لنا أنّ بعض المبتدعة أخذوا هذه الصفة الذميمة من اليهود الماكرين، ولهذا قال الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله تعالى:" أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم"(19). وهذا الكلام يؤكده قول الله تعالى: ﴿ولا تلبسوا الحقّ بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون﴾(20). فكتمان الحقّ ليس من صفة المؤمنين الصادقين الذين يريدون الله تعالى ورسوله (ص)، فلا تجد مبتدعاً وصاحب هوى يحبّ إظهار الحقّ بل يخالفه ويبغضه، وقال العلاّمة السّعدي رحمه الله عزّ وجلّ في تفسير قول الله تعالى: ﴿والذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون﴾(21).. والآية تدلّ على أنّ الإنسان كما يأخذ من النّاس الذي له يجب أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، ويدخل في عموم هذا الحجج والمقالات، لذلك نجد بعض جهّال المتسننة أي (الذين يدّعون الالتزام بالمذهب السّني) يعرض عن بعض فضائل سيدنا علي رضيّ الله عنه وكرم الله وجهه كما يعرض عن فضائل أهل البيت رضيّ الله عنهم ويضع ذريعة لذلك تتمثّل بإعراض بعض جهّال الشيعة (أي الذين يلتزمون بالمذهب الشيعي) عن فضائل الصحابة رضيّ الله عنهم، والبعض يعرض عن فضائل سيدنا موسى وعيسى عليهما السّلام لإعراض اليهود والنّصارى عن فضائل النبي محمد (صلي الله عليه وسلم).

وينبغي على المحاور على الأسس القرآنيّة تقبّل الحقّ حتى من الكافر أو المبتدع كما أنّ الإنصاف في المحاورة من صفات الربانيين الذين لا يرجون إلا الحقّ.. عن قتيلة بنت صفي الجهنيّة قالت: "أتى حبرٌ من الأحبار رسول الله(صلي الله عليه وسلم) فقال: يا محمّد نعم القوم أنتم لولا أنّكم تشركون فقال عليه الصلاة والسّلام: سبحان الله تعالى وما ذلك؟ قال: تقولون إذا حلفتم والكعبة قال: فأمهل رسول الله شيئاً، ثمّ قال: إنه قد قال فمن حلف فليحلف بربّ الكعبة قال: يا محمّد، نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله نداً قال: سبحان الله تعالى وما ذلك قال: تقولون ما شاء الله تعالى وشئت قال: فأمهل رسول الله شيئاً ثمّ قال: إنه قد قال فمن قال: ما شاء الله فليفصل بينهما ثم شئت(22).

لذلك كل مؤمن مطالب أن يقف إلى جانب الحقّ لا يحيد عنه أبداً قال الإمام العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين كونوا قوامين لله شهداء بالقسط يجرمّنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون﴾(23). فكما تشهدون لوليكم فاشهدوا عليه وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له فلو كان كافراً أو مبتدعاً فإنه يحبّ العدل فيه وقبول ما يأتي به من الحقّ لا لأنه قاله ولا يرد الحقّ لأجل قوله فإن هذا ظلم للحقّ.

في الختام أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممّن يهمون ويلتزمون منطق الحوار بين المسلمين على الأسس القرآنيّة لأننا بذلك نكون ملتزمين كتاب الله تعالى وسنّة نبيه محمد(ص) والسّلف الصالح رضيّ الله عنهم أجمعين.

* رئيس جمعيّة قولنا والعمل

المصادر:

1 ـ سورة الصّف الآية (4)

2- سورة آل عمران (105)

3- سير أعلام النبلاء 10\16

4- سير أعلام النبلاء 10\17

5- سير أعلام النبلاء 11\371

6- رواه البخاري

7- سورة طه 43\44

8- سورة النحل الآية 125

9- سورة العصر

10- سورة الجاثية(23)

11- سورة الكهف (110)

12- سورة سبأ(24)

13- إحياء علوم الدين

14- مناقب الشافعي للرازي

15- المصدر السّابق

16- إحياء علوم الدين

17- إعلام الموقعين 1\86

18- سورة آل عمران الآية 71

19- سنن الدارقطني

20- سورة البقرة الآية 42

21- سورة المطففين 23

22- أخرجه أحمد والحاكم

23 - سورة المائدة (8)

http://www.wahdaislamyia.org/issues/112/akattan.htm