مشاهدة النسخة كاملة : كيف يحل أهل البحرين قضيتهم؟ فقط للنخبة المهتمين بالتحليلات السياسية
محمد الشرع
01-05-2011, 12:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله
في سنة 1977م 1397هـ ذهب صديقي إلى المرحوم السيد عبد الكريم الكشميري فطلب منه استخارة لأمر هام ، فاخذ له الاستخارة وقال له : هل تريد ان تهرب من العراق ؟ قال نعم سيدنا . فقال له لماذا؟ فقال صاحبي بان نائب الرئيس العراقي المعروف بصدام حسين التكريتي يقصدني بشر ، فقال اعلم انه لن يصيبك شر منه فابق في العراق ، وأقول لك أمرا يجب ان تعرفه ، وهو ان صدام وهمٌ خلقته ذنوبنا وأفعالنا ، أو (قال ان صدام حسين هو ذنوبنا تجمعت فكانت صدام حسين ) الترديد مني.
فذكرني قول السيد رحمه الله هذا بقول احد الأساتذة الكبار في السياسة سنة 1969م للسيد الخوئي بحضور بعض العلماء ، حيث قال للسيد الخوئي رحمه الله : سيدنا ان سكوتك وسكوت السيد الحكيم عن البعثيين سوف يمكنهم من قتل جميع الشعب العراقي . لأنهم جاءوا يريدون ثلاث مهمات معروفة ، ومهمة رابعة سرية جدا ، اما المهمات المعروفة هي قتل جمال عبد الناصر لكونه قائدا عربيا غير متعاون مع الأعداء ، وتدمير المرجعية الشيعية ، وقتل الأحرار في الشعب العراقي ، والمهمة السرية هي حماية إسرائيل وتغيير وجهة العداء العربي منها إلى أشياء أخرى تافهة . فقال السيد الخوئي: ان نسبة الجهل في الشعب العراقي عالية وتسيّرهم الدعايات بشكل لا يمكن ضبطهم ، وأخشى ان أكون سببا للدماء البريئة ، ثم إنهم لا ينصاعون للمرجعية فبمجرد ان يمس ضرر لمصالحهم وحاجاتهم فيسبون المرجعية ويسبون الدين ، وهم لم يروا من البعثيين شرا كبيرا لحد الآن عدا قضية اتهام نجل المرجع السيد الحكيم بالعمالة من اجل ضرب المرجع ، وهذه مرت ببلادة ، ولم يشعر بها الناس بشكل عام وإنما كانت بين الخاصة.
فكان جواب السيد رحمه الله الرفض في حينها .
فمنذ ذلك اليوم كنت ارصد كل حركة تقوم بها القيادة العراقية الطائفية ، وكلها تدل عل عمق ما قاله الاستاذ الكبير.
وبعد هذا الحدث راقبت بنفسي حركات هؤلاء الصعاليك الحكام البعثيين الذين يخافون حتى من حمايتهم وأبنائهم وأقاربهم ، وكان رد فعلهم دائما القتل السريع لمجرد الشك ، ولكن بعد حين يتحول هذا الخائف المرعوب إلى دكتاتور كبير ، لأن الجماهير اعتقدت إن هذا جبار لا يمكن كسره ، فخضعت له ، ومكنته من أنفسها، فأقام نظام حكم محكم شديد الترابط ، مما جعل البعث يمتلك مفاتيح الدولة وبالتالي مقوَد المجتمع بشكل سلس.
السبب كان الجهل .
ان جهل حقيقة ان الدكتاتور ليس سوبرمانا ، وانما هو رجل مريض في الغالب يتقوى بالمتملقين والخائفين والخانعين من المجتمع من اجل أرزاقهم ، فيصبح جبارا عنيدا نتيجة خضوع المجتمع له.
ان الشعب يرتكب حماقة وجريمة في حق نفسه حين لا يستطيع تمييز المتسورين على الشرعية والمتفردين بالقرار الذين يستسهلون قتل أعدائهم ليشعروا بالاطمئنان . إن أي سكوت عنهم يجعلهم متسلطين أكثر على رقاب الناس ويذهبون بعيدا في التفرد بالسلطة الشاملة .
بعد ان قام أحمد حسن البكر بالهجوم على زوار الحسين 1977 وتأذى من برقية الامام السيد الخميني قدس الله نفسه الاستنكارية على ذلك ، وإعدامه جملة من الزائرين وحبس جملة أخرى من بينهم نجل المرجع الراحل السيد محسن الحكيم المتوفي سنة 1970م وهو السيد محمد باقر الحكيم قدس الله نفسه الشريفة . أصبح الوضع واضحا إن هؤلاء الحكام أعداء للشعب وليسوا مجرد سياسيين يضطهدون منافسيهم كما كان يتصور اغلب العراقيين.
ومنذ تلك اللحظات بدأت تتشكل رغبة جدية في التخلص من البعث ، ولكن تبين انه قد فات الاوان ،وكان الأجدى سماع نصيحة السياسي الذي دعا إلى طردهم من البداية ، ما داموا ضعافا ، فقد كان أعضاء حزب البعث يوم الانقلاب 100 نفر فقط ، وبعد سنتين كانوا 400 فقط ، فأصبح الوضع في غاية التعقيد.
وهنا تم استدعاء نفس السياسي الكبير لمجلس السيد الخوئي رضوان الله عليه ، للتشاور فيما سنفعل ، فأشار إلى إشاعة روح عدم التعاون مع الدولة كل من مركزه حتى الخادم والمراسل في الدولة ( رفض معونة الظالم) ، وكان القرار يكاد أن يؤخذ ، إلا انه حدث أمر مهم وهو إن الحكومة العراقية ألجأت آية الله الإمام الخميني قدس سره للخروج من النجف سنة 1978م ، فتعقدت الأمور حيث تسارعت الأحداث ونجحت الثورة الإسلامية في إيران ، واتى من ضُيق في العراق ، قائدا كبيرا في إيران ، وبدأت المؤامرات والضغوط النابعة من الخوف والرعب من قبل القادة العراقيين والعرب، من كل ما هو مرتبط بالمرجعية الشيعية ، وبدأت حملات مكثفة من الإعدامات والاعتقالات فقتلوا كبار العلماء وعلى رأسهم العالم العربي المسلم الكبير السيد محمد باقر الصدر قدس سره ، وهو من أسرة عراقية عربية بنت الدولة العراقية الحديثة ، بعد زوال الحكم العثماني . ولعل ما نسي من العلماء أكثر ، وقد اشيعت في تلك الفترة ان قوة صدام بعد ان أزاح البكر هي قوة مضاعفة ، فتدهورت الأخلاق العراقية بشكل يندى له الجبين ، فأخذ الجار يشي بجاره والابن يشي بابيه والعكس صحيح ، والزوجة تشي بزوجها والعكس صحيح ، حتى أصبح البلد وسط قِدر يغلي بنار الحقد والكراهية من الجميع على الجميع .
وهكذا تم تفريق الناس روحيا ومعنويا واجتماعيا ، وكان المدار هو قوة الدولة ، وقد هبطت نتيجة ذلك قوة الأخلاق وقوة المجتمع الى درجة مذلة جدا ، وكان من أساليب إفساد ذوق وأخلاق الناس ان تتعمد الدولة لافتعال أزمات في الأسواق من اجل تدمير امن الأسواق في العراق ونشر حالة الفوضى والسفالة بين طبقات المجتمع وتعليم الناس على السلب والنهب بلا حياء . مثل قراراهم بالمصادرة العامة للممتلكات ومنحها للناس موقعيا ، ويسمى في العراق بـ (الفرهود) أي السلب والنهب .
لقد شاهدت حادثة بنفسي ، وكنت مارا في احد الأسواق فرأيت امرأة تصيح على بائع الصنادل (النعال) ، تقول انك تريد اخذ خمسين فلسا أكثر من التسعيرة ، وبلمحة بصر جاء رجلان فقالا : إذن أنت تبيع خلاف التسعيرة ؟ وأخذا يصيحان (فرهود ، فرهود) فتقاطر الناس من كل حدب فافرغ المحل أمام عين صاحبه في اقل من ربع ساعة وأنا وقفت متعمدا أرى أين وصلت أخلاق الناس التي يريد تشكيلها الحاكم الجائر ؟.
ان من يخضع للدكتاتور ، سوف تتشكل أخلاقه وقيمه وشرفه كما يريد الدكتاتور ، وهو لا يريد من الآخرين سوى الخسة والنذالة والمهانة والذلة .
لقد اقتنع السيد الخوئي بعد هذه الأحداث المتسارعة بما نصحه به العالم السياسي الكبير ، فقرر إشاعة عدم التعاون مع الدول من اجل نخرها من الداخل ، فأشار إلى أتباعه في فتاوى وتوجيهات بعدم حرمة قرارات الدولة ، مع كونه كان يرى ان الدولة تملك ، وان ملكيتها محترمة شرعا ، ولا يجوز المساس بها ، وكان يرى أن قرارات الدولة شروطا ضمنية للعقود العامة ، ولهذا فان أي نزاع يستند فيه احد الطرفين الى قرارات الدولة فمعه الحق لأن قرار الدولة شرط ضمني في كل عقد.
ولكن الذي حدث ان فقدت الدولة شرعيتها بتصرفات الدكتاتور ، ولهذا وجهت المرجعية هذه التوجيهات ، وبالتالي فقد حماس موظفيها والاندفاع لتطويرها وإدامتها ، فتآكلت بشكل مريع أثناء الحرب الإيرانية العراقية ، حتى ان مما لم يفهمه احد من الاستراتيجيين هو : ان أي معركة قام بها الجيش العراقي لم تنجح رغم ان القوة النارية والسلاح والإمداد كان بنسبة واحد للإيرانين إلى عشرة للعراقيين بينما العدد البشري كان متساويا تقريبا. والسبب هو قرار السيد الخوئي بعدم جواز الإخلاص للحاكم الجائر وإفشال خطط الحاكم كل من موقعه ، حتى ان صدام حين هجم على الكويت كان في الحقيقة خالي الوفاض ولكن دول الخليج لا يعلمون . وما ان انتشر ان الانتفاضة أمر مرغوب ، حتى استقلت 15 محافظة في 8 أيام ، ولكن انقلاب القوة الغربية على المنتفضين (الذي كان عارا عليهم) كان قرارا مدمرا ابقي صدام أكثر من عشرة سنوات أخرى ، ولم يكن كل الخطأ من القوى الغربية ، وإنما هناك أسباب بعضها يعود للقيادة الشيعية، لقد قيل للسيد محمد تقي الخوئي: علينا ان نطمّئن العالم بحفظ مصالحهم فان العراق كنز كبير بالنسبة لهم ، فرفض السيد محمد تقي لثوريته الزائدة ، ولخوفه ان يقال عنه عميل حتى لو كان يدفع الأذى عن شعبه ويجلب لهم النفع ، وبعد يومين من الانتفاضة والسيطرة الكاملة اتصل صدام بالأمريكان واخبرهم انه عبد ذليل مطيع وليس له مطلب الا انه يريد إرجاعه لحكم العراق وهو سيقوم بتنفيذ كل طلباتهم (وهذا أمر كشفه اتفاق خيمة صفوان ) ومن لم يقرأه فليقرأه فانه اتفاق مذل بكل معنى الكلمة ، ان هذا الاتفاق حوّل صدام الى خادم لا يملك شيئا. وبدأ يخبر الأمريكان بان الإيرانيين جاءوا لاحتلال نفط البصرة ، وان السيد الخوئي شكل قيادة عسكرية وهذا يعني ان إيران والشيعة يهددون نفط الخليج وما الى ذلك من أكاذيب صدقها الأمريكيون مجبرون نتيجة الصراع مع إيران، وعدم التواصل الكلي مع الشيعة ، فأصبح صدام مجرد مخبر كاذب يكيد لأغلبية شعبه بهذه الحيل السخيفة.
ولكن الأمريكان بعد ذلك حاولوا دراسة ظاهرة سيطرة المرجعية الكلية على الشارع العراقي وتحسين أخلاق الناس خلال فترة عشرة أيام.
فتبين للدارسين الأمريكيين ان الخطر ليس من الشيعة وإنما من صدام الغدار الكاذب وأمثاله ، وان الشيعة كشفوا عن قدرة في التواصل والممانعة أعجزت صدام وجبروته ، وقد افشلوا جميع خططه التي يريدون لها الفشل .
وبعد دراسات أمريكية وبريطانية وفرنسية طويلة وعميقة ، ليس للشيعة شأن فيها ، وإنما فعلهم على الأرض هو من اقنع الدارسين بسلمية مطالبهم وقوتهم في تحريك المجتمع ، وفهمهم لركائز البناء الاجتماعي . كما اتضحت صورة الإرهاب الصدامي والكذب الذي كان يعكسه الحكام العرب الطائفيين لدى الغرب عن الشيعة ، وتركيب صور لا علاقة لها بالواقع.
وهنا قرر السيد الخوئي أن يسمح للسياسيين الشيعة بالتفاهم مع القوى العالمية لفسح المجال بالإطاحة بصدام فقام أبطال أشاوس من الرجال بهذا العمل الفذ ، وسيذكرهم التأريخ بكل تبجيل واحترام.
وحين قرر الأمريكان الهجوم على العراق كانوا يعلمون ان ضربتهم انما هي القشة التي ستكسر ظهر البعير ولم يكن يعلم بهذه الحقيقة الا القليل منهم المرجعية الشيعية التي فعلت هذه الهشاشة في الحكم العراقي ، والقوات الأمريكية بحكم قوة استخباراتها ، فان الأمريكان حين قضوا على صدام قضوا على شخص لم يكن له وجود الا في المخيلة لأن دولته وقوته قد تآكلت ، فرحم الله ذلك السياسي القدير الذي جهز الفكرة فاذا بالممانعة الشعبية تكسر فاعلية الدولة العراقية وتهدم قدرة الدكتاتور على تكوين مجتمع كما يشاء .
ان هذه التجربة التي نقلتها باختصار شديد ، حدث فيها موانع كثيرة ، أخرت الأحداث ، وساعدت على زيادة عذاب الشعب، وأهمها البطء في التنفيذ ، والخوف من مزايدات الثوريين الذين يثورون كالثيران لمجرد ان يحدث تصرف لا يفهمونه ولا يعرفون قيمته وأبعاده ، كما إن انتشار بعض الحركات الثورية الجاهلة داخل المجتمع العلمي الشيعي أساء للمخطط المحكم ولخلط الأوراق ، رغم انه نفع من جهات أخرى حيث كانت حركاتهم الهوجاء تحرك الأحداث ليزداد الظالم تخبطا وليزداد الضغط على القوى الكبرى .
فهذه التجربة العراقية الفريدة التي حدثت بهدوء من دون ضجيج إعلامي ، وليس كما حدث لثورات متأخرة زمنا وفكرا وغير أصيلة ، فإنها اعتمدت على دراسات معاهد أمريكية تبحث كيفية القضاء على الدكتاتور ، بينما الحركة العراقية لم تعتمد قط على فكر خارج الفكر العراقي الشيعي المبدع ، وقد كشفت عن بعض الستار في هذا المجال.
ان هذه التجربة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار وتدرس ويؤخذ من قياداتها العبر و التجارب التي نجحت والابتعاد عن التجارب التي فشلت ، واقد اختبرت التجربة العراقية كل الطرق القصيرة والطويلة ، ولهذا فان من يريد ان يستفيد عليه ان يأخذ بأكثر الطرق اختصارا ونجاحا .
ان أهم ما يمكن ان نشير به على إخوتنا في البحرين ، هو ان تستمر عندهم روح الممانعة لأطول فترة ممكنة ، وبعد تعبهم تتغير المهمة ولا تنتهي ، فإنها هي القضية الحاسمة في تآكل الظالم من الداخل .
فانه مهما كذّب وقلل من أهمية فعل الشعب وقلل من حجم الشعب ونسبته ، فانه لن يستطيع البقاء في ظرف سقوط الدولة وفاعليتها ، وان التمادي في القمع هو احد أهم المؤشرات على تآكل الحكم ، ووجود أزمة حقيقية فيه، حتى ان النظام أصبح لا يثق بكيانه ويخاف من الانهيار فيختار القمع الذي هو لصالح الشعب ، حيث انه يساهم في انهيار السلطة ، وتتحوّل الدولة إلى سلطة ، وبعد ذلك تحول السلطة إلى عصابة خارجة عن القانون ، يلفظها العالم اجمع ، وهذه النتيجة هي ما يفر منها الدكتاتور ، ويرغب فيها طالب الحرية، وكلما يقتل شخصية مشهورة أو مفكرا أو عالما يحوّل الكثير من أبناء الشعب إلى متطلعين لفكر ذلك المفكر، والى تقمص شخصيته فيفرّخ ألف بديل له ، وهذا احد معاني قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام (بقية السيف أبقى عددا وأكثر ولدا) .
ان هذه الطريقة ستكون أمضى من العنف ، لأنه يوسخ أيدي الثوار والأحرار وطالبي الحقوق العادلة ، مع ان وسائل العنف أصبحت سهلة جدا ، ويمكنها ان تنال من الظالم الغاشم ، إلا ان سمعتها ونتائجها غير باهرة ، وسيكون الانتصار في الحقيقة للضغط الشعبي وتحويل الدولة إلى سلطة والسلطة إلى عصابة فتفقد كل مبرراتها ومعانيها الحقيقية ، وهذه الطريقة سوف لن تجلب أعداء داخليين ، وإذا كان هناك عدو فسوف لن يكون مقنعا أو هو ليس بعاقل ويصدق كل ما يقال له ، وكأن دماغه برميل زبالة يوضع فيه كل عفونات الحياة. لأن كل ما يقال على من يريد فقد فاعلية الظالم مع المطالبة بالحقوق بطرق سلمية ، فهو كذب محض لا يمكن تصديقه ابدا ومن يصدّق إنما هو مغفّل وتافه لا يمكنه ان يفرق بين الأبيض والأسود.
يجب على قيادات الحركات أن يتصفوا بالحيوية والمرونة والروح التفاوضية وقبول الحلول الجزئية مهما كان الدكتاتور كاذبا ، او يتدخلوا بالصراع الداخلي للسلطة ليس لدفع الصراع الى نقاط بعيدة فهذا ليس من مبدئنا ، وهو مبدأ الدناءة وقلة الأخلاق ، وإنما من باب رفع الظلم ونصرة العدل والإنصاف وإظهار الأخلاق الحقيقية للإنسان الكامل بدل هذا الحيوان الشهواني السبعي الذي يسمى إنسانا ، ويقوم بقتل الإبراء لمجرد ان يشك إنهم يضغطون عليه .
على الشعب ان يبكي وهو يضحك وينكّت ويهزل كثيرا ، فان الهزل يقتل الظالم، فقد استعمل هذا مع صدام فأراد صدام ان يأخذ زمام المبادرة ، فانشأ دائرة خاصة اسماها دائرة الإشاعة تقوم بخلق نكات وسخريات ، وقد ارتكب حماقة عظيمة حيث ركز على منافسيه من أنصاره، مثل الدليم ، وهم من أركان الحكم ، فأصبحوا من اشد المعارضة له ، بسبب المهانة التي سببها لهم بالنكات والهزل عليهم ، ولم يتوقف هزلنا على صدام حتى سقط.
إن روح الفكاهة ترفع المعنويات وتسرب الرسائل الفكرية إلى الشعب بطريقة لطيفة ومبتكرة يوميا. فهي وسيلة إعلامية هامة جدا يجب الالتفات إليها ، لقد أصبح صدام لا يقبل ان يسمع الفكاهة عليه وعلى أسرته وعلى جيشه . وهذه الفكاهة ساهمت في بناء روح التمرد السلمي ، ولهذا فقد حكم بالإعدام على كل من يطلق فكاهات تمس ذات الرئيس ومقربيه .
.
. وهنا علينا ان نبحث عدة أمور وهي :
1- الفكر الشيعي وسياسة اللاعنف .
2- الفرق بين الوضع العراقي والوضع البحراني .
3- خيارات العمل السياسي .
4- طرق تحصيل المطالب
5- إدارة المفاوضات
وللحديث بقية .....>
العلامة المنار حفظه الله
محمد الشرع
01-05-2011, 10:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله
تابع
وهذا بعض التفصيل :
.
1- الفكر الشيعي وسياسة اللاعنف .
إن مما لا شك فيه عند كل المفكرين الشيعة إن دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أساسا هي دعوة للتغير بدون عنف ، بل هو أهم من أمر بالصبر والتصابر وعدم اللجوء إلى السلاح الا في حال رد العنف الواصل لحد خطر الاستئصال ، ولهذا أوصى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالصبر وعدم استخدام أي عنف في تحقيق مقاصد الشريعة ، وقد رأينا كيف سكت أمير المؤمنين ع وبدأ يربي المسلمين على التمييز بين الحق والباطل حتى أصبح مسار الإسلام واضحا لدى نخبة كبيرة من الأنصار وقلة قليلة من المهاجرين ، ونتيجة ذالك حصل ان بويع أمير المؤمنين ع بالإرادة المحضة بخلاف من سبقه ، مهما كانت المبررات والتحايل في تحسين الصورة ، وهكذا حال الأئمة الطاهرين كلهم بلا استثناء ، يرون التغيير السلمي بدون عنف ، وإسقاط الظالم بنشر الوعي في المجتمع المسلم لخطورة جرائم السيطرة غير الشرعية على الحكم ومقدرات الناس والاستمتاع بمال المسلمين بدل المشاريع التنموية التي ترقي من المجتمع الإسلامي. الذي أدى إلى عدم انتشار الإسلام في كل الكرة الأرضية نتيجة هدر الموارد والاستمتاع بالنساء والغلمان والتفاخر بالقصور وما مشابه ذلك وكلها بأموال المسلمين .
ان صيغة نشر الفضيلة سرا ، ونشر الوعي المعارض سلميا، عند الشيعة مشهود له في جهات العالم حتى انه ما من عالم دارس الا ويعتبر الشيعة هم أهم معارض سلمي طويل التواصل تاريخا لحد الآن في الكرة الأرضية .
وقد نشر الأئمة سلام الله عليهم مبدأ التقية وهو مبدأ يبرمج الإنسان ليكون فاعلا ومؤثرا في مجتمعه مع اقل الخسائر ، فقد عرف أئمتنا ان مجابهة الطواغيت لها ثمن خطير ، لهذا يجب تعليم المؤمنين كيفية الموازنة بين الوصول إلى أهداف العدل والشرعية ، مع اقل مستوى من الخسائر ، وهذا ما جعل من التشيع المذهب العجيب في العالم الذي كلما ازداد اضطهاده كثر أتباعه ، وهو في تزايد كبير في هذا العالم حتى أصبح نسبة الشيعة إلى العالم الإسلامي يتراوح بين 30-40% من مجمل المسلمين بعد ان لم يكن بنسبة 1% في الزمن الأموي وقبله ، حسب ما يفهم من مسار الأحداث .
قد يشكل مستشكل فيقول : بان الشيعة معروفون بالثورة والثورية والعنف الثوري ، واهم قضية لديهم تدل على العنف الثوري هي ثورة الإمام الحسين عليه السلام .
فنقول : إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام على الظلم كانت ثورة إصلاحية ، ولم تكن ثورة مسلحة إطلاقا ، ولعل بعض الباحثين كان يرى أن دراسة حركة مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين تدل على انه موصى أصلا بعدم استخدام العنف ، ولهذا تفرق الناس عنه حين عمل السيف والدعايات والحرب النفسية في المجتمع المناصر لمطالب الإمام الحسين عليه السلام ، والذي حدث ان الإمام عليه السلام امتنع عن بيعة الفاسق الجائر وطالب بإصلاح النظام الإسلامي ، ومن ثم أخفى نفسه عن عيون القتلة في مكة والمدينة ، واتى إلى الكوفة وقد علم بتخاذل الناس عن رسوله ومقتل رسوله ، وهو في الطريق قبل ان يأتي إليه جيش بن زياد.
وقد حاول ان يأخذ مسارا للابتعاد عن عيون أعداء الإنسانية ، ولكن جواسيسهم لاحقته ، فتصدت له جيوش وهو في رهط من عياله وأصحابه ، وحاول الابتعاد عن الكوفة حتى وصل إلى كربلاء فنازلوه ، فكان لها ، وحاشى الإمام ان يكون جبانا في مواجهة الموت ، او رعديدا يتنازل عن مطالبه لمجرد حصره في زاوية ضيقة ، فكان ان قابل جيوشهم بعدد غير متوازن فضرب أروع الأمثلة لمناضل غير عنيف في دعوته ، وقد حوصر فلم يطلب من الجماهير العنف ويهرب ، وانما قابل المصير بنفسه ، وطلب من كل رجل وامرأة معه ، ان يتخلى عنه طواعية ليسلم ، ولكن أصحابه كانوا على طريقته وهديه ، وكلهم كان مشروعا للشهادة في سبيل مبادئ الاسلام الحقيقي ، فلم يخذلوه حتى الموت ، وكان استشهاد الإمام الحسين هو المحرك الحقيقي للوعي الإسلامي ، فحصلت التبدّلات السلمية أو العنيفة في المجتمع الإسلامي ، وسقطت الدولة الأموية بكل جبروتها واندفاعها العسكري الهائل ، وحين هجم العباسيون على هذه الدولة ، لم تجد من يقف معها من المجتمع المسلم وكان التخلي عنها هو ابسط جواب عن قناعة الشعب المسلم بجريمة هذه الدولة وعدم استحقاقها للبقاء.
فالقول بان ثورة الإمام الحسين دليل على استخدام العنف في دعوة الأئمة ، قول عار عن الصحة إطلاقا . ومسيرتهم وكلماتهم الشريفة تدل على عكس هذا القول ، بل ان فقهاء الشيعة وأهل الاعتقاد منهم يعلمون علم اليقين ، ان التشيع هو دعوة للإصلاح وإسعاد الإنسانية عن طريق اللاعنف ، وهذا هو سلوك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام .
وملخص دعوتهم (هي الشرعية ، الإصلاح ، السعادة للمجتمع ، التقدم اقتصاديا وسياسيا وحقوقيا ، حفظ الحقوق والحريات والموازنة بينها ، عدم الخروج عن تعاليم الإسلام ) ، وهذه كلها مبادئ مكروهة عند الجائرين ، ومحاربة من قبلهم بكل تفاصيلها .
ولم يقم أي إمام وحتى الرسول نفسه لنشر دعوته التوحيدية الإصلاحية لبناء المجتمع الأمثل ، بالعنف والسيف ، وإنما هجم عليه أعداء الحقيقة وأهل المطامع واللذات الدنيوية بالقوة العسكرية والمؤامرات الدنيئة ، وقد أفشلهم الله ، وهكذا عملوا مع علي ومع الحسن ومع الحسين ومع بقية الأئمة الطاهرين ولم يصدر منهم أي أمر بابتداء حرب أبدا ، ولا مؤامرات ضد الحاكم ، وإنما كان عملهم المطالبة بالمبادئ السامية ، والثبات عليها ، ونشر الوعي بترك الحاكم وعدم التعاون مع الظلمة ، حتى أن خياطا يخيط الألبسة للظلمة ، سأل الإمام: هل هو من أعوان الظلمة ؟ فأجابه الإمام: إن أعوان الظلمة ، هم من باعك الخيط والإبرة ، يعني انه دخل في العملية الإنتاجية للظلم فهو من الظلمة فعلا لا من اعوانهم.
فهل هناك توجيه لمناعة أكثر من هذا ؟ .
واما من يدعي ان الإسلام قام بالسيف ، فهذا إنما يدعيه من يمثل الإسلام الذي لا يعرفه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو إسلام القتل والذبح من أجل مصلحة الحاكم وبالظنة والتهمة . وليس لدينا ما يشير إلى ذلك مطلقا ، وما يستدل به مما هو منسوب للرسول بدون سند كما ورد في (شجرة طوبى) للمازندراني ج 2 ص 20 وقد نسبه إلى النبي ( ص ) أنه قال : (ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين مال خديجة وسيف علي ابن أبي طالب .) . فهذا النص لا يعني ان الإسلام قام بالسيف مطلقا ، وإنما ساعد سيف علي بن أبي طالب على بقاء الإسلام ن الغدر والهجمات المتتالية ، وهذه حقيقة مشهودة ، لإننا إذا درسنا ما وقع على الإسلام من مؤامرات ومن محن خلّصه منها سيف علي عليه السلام ، لعرفنا صدق هذه المقولة ، ولكن لا يعني ان النبي دعا لتخيير الناس بين السيف وبين الإسلام، كما يريدون قوله ، ولا هو قد ابتدأ الحرب حتى في معركة بدر الكبرى، فان الجيوش قد جاءت للرسول ص ، وليس هو من ذهب إليها ما يفهم بعض من لم يتعمق في الحدث، ليردوا على رسالة التعرض لقافلتهم الذي كان عقوبة تجارية على سلب أموال المسلمين في مكة ، ولم تكن حربا ، وقد تفادها أبو سفيان وحرف مسيره فتركه النبي ص، ولكنه بعث رسالة واضحة بأنه لا يتوانى عن المطالبة بالحقوق. وهذه هي الحرب الوحيدة التي قيل عنها انها ابتدائية ، وهي ليست كذلك في الحقيقة.
وللحديث بقية .... >
محمد الشرع
01-05-2011, 10:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله
تابع
وهذا بعض التفصيل :
.
1- الفكر الشيعي وسياسة اللاعنف .
إن مما لا شك فيه عند كل المفكرين الشيعة إن دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أساسا هي دعوة للتغير بدون عنف ، بل هو أهم من أمر بالصبر والتصابر وعدم اللجوء إلى السلاح الا في حال رد العنف الواصل لحد خطر الاستئصال ، ولهذا أوصى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالصبر وعدم استخدام أي عنف في تحقيق مقاصد الشريعة ، وقد رأينا كيف سكت أمير المؤمنين ع وبدأ يربي المسلمين على التمييز بين الحق والباطل حتى أصبح مسار الإسلام واضحا لدى نخبة كبيرة من الأنصار وقلة قليلة من المهاجرين ، ونتيجة ذالك حصل ان بويع أمير المؤمنين ع بالإرادة المحضة بخلاف من سبقه ، مهما كانت المبررات والتحايل في تحسين الصورة ، وهكذا حال الأئمة الطاهرين كلهم بلا استثناء ، يرون التغيير السلمي بدون عنف ، وإسقاط الظالم بنشر الوعي في المجتمع المسلم لخطورة جرائم السيطرة غير الشرعية على الحكم ومقدرات الناس والاستمتاع بمال المسلمين بدل المشاريع التنموية التي ترقي من المجتمع الإسلامي. الذي أدى إلى عدم انتشار الإسلام في كل الكرة الأرضية نتيجة هدر الموارد والاستمتاع بالنساء والغلمان والتفاخر بالقصور وما مشابه ذلك وكلها بأموال المسلمين .
ان صيغة نشر الفضيلة سرا ، ونشر الوعي المعارض سلميا، عند الشيعة مشهود له في جهات العالم حتى انه ما من عالم دارس الا ويعتبر الشيعة هم أهم معارض سلمي طويل التواصل تاريخا لحد الآن في الكرة الأرضية .
وقد نشر الأئمة سلام الله عليهم مبدأ التقية وهو مبدأ يبرمج الإنسان ليكون فاعلا ومؤثرا في مجتمعه مع اقل الخسائر ، فقد عرف أئمتنا ان مجابهة الطواغيت لها ثمن خطير ، لهذا يجب تعليم المؤمنين كيفية الموازنة بين الوصول إلى أهداف العدل والشرعية ، مع اقل مستوى من الخسائر ، وهذا ما جعل من التشيع المذهب العجيب في العالم الذي كلما ازداد اضطهاده كثر أتباعه ، وهو في تزايد كبير في هذا العالم حتى أصبح نسبة الشيعة إلى العالم الإسلامي يتراوح بين 30-40% من مجمل المسلمين بعد ان لم يكن بنسبة 1% في الزمن الأموي وقبله ، حسب ما يفهم من مسار الأحداث .
قد يشكل مستشكل فيقول : بان الشيعة معروفون بالثورة والثورية والعنف الثوري ، واهم قضية لديهم تدل على العنف الثوري هي ثورة الإمام الحسين عليه السلام .
فنقول : إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام على الظلم كانت ثورة إصلاحية ، ولم تكن ثورة مسلحة إطلاقا ، ولعل بعض الباحثين كان يرى أن دراسة حركة مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين تدل على انه موصى أصلا بعدم استخدام العنف ، ولهذا تفرق الناس عنه حين عمل السيف والدعايات والحرب النفسية في المجتمع المناصر لمطالب الإمام الحسين عليه السلام ، والذي حدث ان الإمام عليه السلام امتنع عن بيعة الفاسق الجائر وطالب بإصلاح النظام الإسلامي ، ومن ثم أخفى نفسه عن عيون القتلة في مكة والمدينة ، واتى إلى الكوفة وقد علم بتخاذل الناس عن رسوله ومقتل رسوله ، وهو في الطريق قبل ان يأتي إليه جيش بن زياد.
وقد حاول ان يأخذ مسارا للابتعاد عن عيون أعداء الإنسانية ، ولكن جواسيسهم لاحقته ، فتصدت له جيوش وهو في رهط من عياله وأصحابه ، وحاول الابتعاد عن الكوفة حتى وصل إلى كربلاء فنازلوه ، فكان لها ، وحاشى الإمام ان يكون جبانا في مواجهة الموت ، او رعديدا يتنازل عن مطالبه لمجرد حصره في زاوية ضيقة ، فكان ان قابل جيوشهم بعدد غير متوازن فضرب أروع الأمثلة لمناضل غير عنيف في دعوته ، وقد حوصر فلم يطلب من الجماهير العنف ويهرب ، وانما قابل المصير بنفسه ، وطلب من كل رجل وامرأة معه ، ان يتخلى عنه طواعية ليسلم ، ولكن أصحابه كانوا على طريقته وهديه ، وكلهم كان مشروعا للشهادة في سبيل مبادئ الاسلام الحقيقي ، فلم يخذلوه حتى الموت ، وكان استشهاد الإمام الحسين هو المحرك الحقيقي للوعي الإسلامي ، فحصلت التبدّلات السلمية أو العنيفة في المجتمع الإسلامي ، وسقطت الدولة الأموية بكل جبروتها واندفاعها العسكري الهائل ، وحين هجم العباسيون على هذه الدولة ، لم تجد من يقف معها من المجتمع المسلم وكان التخلي عنها هو ابسط جواب عن قناعة الشعب المسلم بجريمة هذه الدولة وعدم استحقاقها للبقاء.
فالقول بان ثورة الإمام الحسين دليل على استخدام العنف في دعوة الأئمة ، قول عار عن الصحة إطلاقا . ومسيرتهم وكلماتهم الشريفة تدل على عكس هذا القول ، بل ان فقهاء الشيعة وأهل الاعتقاد منهم يعلمون علم اليقين ، ان التشيع هو دعوة للإصلاح وإسعاد الإنسانية عن طريق اللاعنف ، وهذا هو سلوك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام .
وملخص دعوتهم (هي الشرعية ، الإصلاح ، السعادة للمجتمع ، التقدم اقتصاديا وسياسيا وحقوقيا ، حفظ الحقوق والحريات والموازنة بينها ، عدم الخروج عن تعاليم الإسلام ) ، وهذه كلها مبادئ مكروهة عند الجائرين ، ومحاربة من قبلهم بكل تفاصيلها .
ولم يقم أي إمام وحتى الرسول نفسه لنشر دعوته التوحيدية الإصلاحية لبناء المجتمع الأمثل ، بالعنف والسيف ، وإنما هجم عليه أعداء الحقيقة وأهل المطامع واللذات الدنيوية بالقوة العسكرية والمؤامرات الدنيئة ، وقد أفشلهم الله ، وهكذا عملوا مع علي ومع الحسن ومع الحسين ومع بقية الأئمة الطاهرين ولم يصدر منهم أي أمر بابتداء حرب أبدا ، ولا مؤامرات ضد الحاكم ، وإنما كان عملهم المطالبة بالمبادئ السامية ، والثبات عليها ، ونشر الوعي بترك الحاكم وعدم التعاون مع الظلمة ، حتى أن خياطا يخيط الألبسة للظلمة ، سأل الإمام: هل هو من أعوان الظلمة ؟ فأجابه الإمام: إن أعوان الظلمة ، هم من باعك الخيط والإبرة ، يعني انه دخل في العملية الإنتاجية للظلم فهو من الظلمة فعلا لا من اعوانهم.
فهل هناك توجيه لمناعة أكثر من هذا ؟ .
واما من يدعي ان الإسلام قام بالسيف ، فهذا إنما يدعيه من يمثل الإسلام الذي لا يعرفه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو إسلام القتل والذبح من أجل مصلحة الحاكم وبالظنة والتهمة . وليس لدينا ما يشير إلى ذلك مطلقا ، وما يستدل به مما هو منسوب للرسول بدون سند كما ورد في (شجرة طوبى) للمازندراني ج 2 ص 20 وقد نسبه إلى النبي ( ص ) أنه قال : (ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين مال خديجة وسيف علي ابن أبي طالب .) . فهذا النص لا يعني ان الإسلام قام بالسيف مطلقا ، وإنما ساعد سيف علي بن أبي طالب على بقاء الإسلام ن الغدر والهجمات المتتالية ، وهذه حقيقة مشهودة ، لإننا إذا درسنا ما وقع على الإسلام من مؤامرات ومن محن خلّصه منها سيف علي عليه السلام ، لعرفنا صدق هذه المقولة ، ولكن لا يعني ان النبي دعا لتخيير الناس بين السيف وبين الإسلام، كما يريدون قوله ، ولا هو قد ابتدأ الحرب حتى في معركة بدر الكبرى، فان الجيوش قد جاءت للرسول ص ، وليس هو من ذهب إليها ما يفهم بعض من لم يتعمق في الحدث، ليردوا على رسالة التعرض لقافلتهم الذي كان عقوبة تجارية على سلب أموال المسلمين في مكة ، ولم تكن حربا ، وقد تفادها أبو سفيان وحرف مسيره فتركه النبي ص، ولكنه بعث رسالة واضحة بأنه لا يتوانى عن المطالبة بالحقوق. وهذه هي الحرب الوحيدة التي قيل عنها انها ابتدائية ، وهي ليست كذلك في الحقيقة.
وللحديث بقية .... >
عبود مزهر الكرخي
01-05-2011, 10:26 AM
شكراً لك اخي محمد الشرع على هذا المقال التحليلي والذي يؤشر الى نقاط القوة في تجربتنا العراقية والتي يجب ان تؤخذ بنظر الأعتبار لدى اخوتنا في البحرين وتركيزك على الممانعة هو ويتوجيهات من ىية السيد الخوئي(قدس سره)من أهم مالفتني في الموضوع والذي كان احد الأسباب لسقوط الصنم هدام والذي يجب على البحرينيين أن يسيروا عليه باعتقادي المتواضع وخير دليل على ذلك الثورة في ليبيا التي أتخذت طريق السلاح والدماء ولكنها لحد الآن لم تحقق الحسم في ثورتهم وبقيت قضيتهم تراوح في مكانها بأعتمادهم على قوى خارجية في نجاح ثورتهم وهو ما ادى الى ماوصلت عليه هذه الثورة.
فليدرسوا المحللين والسياسيين ظروف ثورة البحرين ويخرجوا بدروس تكون عوامل في نجاح ثورتهم استناداً إلى توجيهات مرجعيتنا الرشيدة ودراسة تجربة الشيعة في العراق وكل الثورات الأخرى.
ودمت لي بود.
عبود مزهر الكرخي
01-05-2011, 10:31 AM
أخي محمد الشرع لي عودة اخرى معك لأكمل الرد.
وتحياتي.
محمد الشرع
01-05-2011, 02:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله
تابع
2- الفرق بين الوضع العراقي والوضع البحراني .
حين نتكلم عن استلهام تجربة عراقية قديمة ونجاحها ، لا بد لنا من معرفة الفرق بين الحالتين العراقية والبحرانية ، ولهذا فان استراتيجيات التفكير تخلف وفق المعطيات الحقيقية.
العراق كان محكوما لحكم عسكري من قبل جماعة من القرويين (من قرية نائية غير مذكورة في الخرائط العراقية اسمها العوجة وتمثل اعوجاج طبعها وسليقتها) ، يمثل هؤلاء الناس بقايا الحكم العماني بكل عقده واستهتاره بحقوق الشعوب ، وكان فكرهم مبني على فكرة قومية هلامية يؤمن بها أصحابها أنفسهم . وقد وصل الامر ان سلموا الحكم لفرد واحد فقط ، ولا يمكن أي إصلاح معه ولا يمكنه ان يتفاهم مطلقا ، ومصير أي ناصح أو قائل كلمة حق هو الموت السريع بلا رحمة مع التمثيل والتشفي ، (وقيل انه كان يشرب الدماء حقيقة) . وقد باءت كل محاولات التفاهم معه من قبل السياسيين والمراجع وأدت إلى قتل وتشريد كل الناصحين وكل المتفاهمين ، ولم يكن هناك صاحب قرار يمكنه أن يتفاهم أو يقدم أي إصلاح حقيقي في الوضع العراقي .
وقد جرت تصرفات من قبل صدام قللت الرغبة العالمية في إبقاءه في الحكم ، وقد هدد ما كان يجب أن يحفظه ، وهو امن الخليج ، فأصبح خطرا بدل أن يكون شرطيا ليدفع الخطر ، وحين فقد شرط بقاءه ، وهو تأييد القوى الكبرى له ، دخل في قائمة المرميين في سلة المهملات.
و قد فقد صدام قوته بتعاون شعبي كبير ، وحرب معلنة من قبل الأمريكان له مع حصار شديد ، فرغم تنازلاته المهينة ، فلم يعد يصلح أبدا ، لأنه بقي بلا نظام أصلا ، وفقد الدولة ثم فقد السلطة ، وبقي عبارة عن مجموعة عصابات إجرامية تعمل في النهار ، وتهرب ليلا ، لتحكم البلد ليلا عصابات لم يسيطر عليها صدام.
ثم ان صدام لم يبقِ مخالفا له في الرأي حتى من قبيلته ، فأصبح رئيس العصابة ، يمثل لونا واحدا ، ولا يوجد أي خيارات أخرى .
أما وضع البحرين :
فان أسرة دخيلة على جزيرة البحرين استطاعت ان تحكم الجزيرة منذ سنة منذ 1780م بموافقة أهل الجزيرة ، وتبين ان الحاكم الجديد كان يرى نفسه فاتحا لدولة الكفر بالطاغوت ، وبهذا فان هذه الأسرة تمكنت خلال 230 سنة شمسية وتقريبا 240سنة قمرية من الحكم وامتلاك كل مقدرات الدولة والشعب وأصبحت الجزيرة ملكية خالصة للعائلة ، وهذه الأسرة فيها حوالي 4 آلاف شخص ليسوا كلهم على نفس الطريقة ونفس المستوى من الإجرام ، وهم مختلفون في معالجة الوضع ، ولكن في الغالب ينتصر المتشددون ، لأسباب موضوعية يسهم فيها الشعب البحراني غالبا حيث لا يدعم الشعب الصوت المعتدل داخل الأسرة الحاكمة ، فينتصر المجرم والمتشدد ، بدعوى أن الشعب يشكل خطرا على الأسرة وعلى الحكم السني ، وهؤلاء المتشددون المنتفعون يشغلون آلية الطائفية بإجراءات طائفية ليتحسس منها الشعب فيطالب بحقوقه فتكون المطالب نفسها طائفية ، لأنها ترفض طائفية الحكم. وهكذا دوليك اللعبة السياسية ، فأشخاص لا يعرفون الا الخمر والنساء ولحم الخنزير والطاعة للأجانب بشكل مذل لا يمكن أن يمثلوا طائفة السنة وعلى الأقل المتدينين منهم ، وإنما هم راكبون على الطائفية ، منتفعون بهذه الآلة لتفتيت قوة الشعب ، فالمشكلة هي عدم فهم الموازنة بين المعتدلين والطائفيين البغيضين ،.
ان بعض اسرة آل خليفة ساهمت كثيرا في نشوء الثورات على الحكم (وهذا أمر سري إلى حد ما ولكن المهتمين يعرفون ذلك) لأنهم يعلمون بان مصيرهم اسود جدا في المستقبل نتيجة تصرف الطائفيين ، وهناك سبب آخر لتصرفهم وهو هدف استراتيجي ، حيث أن إحدى الدول الخليجية قررت في السبعين من القرن المنصرم ، ادعاء نصرة آل خليفة في البحرين ضد الروافض ، ولهذا طلبت تغيير الاتجاه السكاني فرحلوا جزء من قبيلة الدواسر باتفاق امني سري ، ليجنسوا في البحرين ، وتبع ذلك حملات تجنيس ، فان هذا كان كمينا لأسرة آل خليفة – كما يعتقد هذا الفريق- من اجل السيطرة عليهم ، بالتفريق بينهم وبين شعبهم من جهة والإتيان بانصار وهميين وهم في الحقيقة جنود مدسوسة داخل المجتمع لتفريغ قوة آل خليفة من السلطة وتحويل البحرين إلى محافظة بالتدريج إلى تلك الدولة ، وقد تنبه القسم الكبير من آل خليفة إلى خطورة هذا المخطط ، واعتبروا ان المتشددين منهم جواسيس لتلك الدولة التي رتبت المخطط .
فالمسألة ان قسما مهما من آل خليفة يشعرون انهم في خطر كما ان الشعب البحراني في خطر من هذه القوة التي تكونت بواسطة الدولة الخليجية ، ولهذا فان كل هذه التسهيلات عبارة عن نوع من الإزاحة التدريجية لنفس قدرة آل خليفة . ومنطق هذا الاتجاه في الأسرة هو ان الشيعة في الجزيرة لم يكونوا أبدا عامل تهديد للحكم ، وإنما كان بعض الحكام وذوي النفوذ هم من يعتدي على الشيعة على مر التاريخ ، فلم نر أي تهديد شيعي للحكم الخليفي ، بل كان الشيعة هم من ثبت حكم آل خليفة بعد الاستقلال ، بالاستفتاء تحت الإدارة الأممية ، وهم من رفض الانتماء غير العربي ، وكان بإمكانهم ذلك، ولم يخذل الشعب الشيعي الحكم السني رغم سلبياته على مر السنين.
بينما الخطر الحقيقي هو من نفس تلك الجهة التي صدرت إلى البحرين عشائر موالية كليا لذلك الحكم ، الذي أهدى هذه الأسر بجنسيات مزدوجة او متعددة ، بل انهم أنفسهم سجلوا في عدة دول حتى تضاعفت نفوس المنطقة بالكذب والدجل ، فإن بعض الدواسر وغيرهم، يملكون خمس جنسيات وولائهم الوحيد لمن أرسلهم ,.فهذا هو تفكير بعض آل خليفة من العقلاء الذين يعرفون نوع المخاطر على بلادهم ، وهم يرون ان كل هذا مفتعل من طرف خفي من اجل تغيير الوضع وجعل البحرين خاضعا للغير وسلب الإرادة الوطنية ونشر الظلم في البلد باسم آل خليفة.
لكن نحن نعلم ان هذه الجهة من الأسرة الحاكمة مبعدون عن الحكم ، لتوجهاتهم الصحيحة في استقرار البلد ولرؤيتهم المستقلة عن بعض الدول التي تريد جرهم إلى الأخطاء.
اما المجرمون الذين يقفون خلف الأحداث ويظهرون ان القضية يقوم بها كل الحكم ، فهم في الحقيقة قد وصل بهم الامر ان وضعوا الملك وولي عهده في الإقامة الجبرية والإتيان بهم للتصوير ، وتواجدهم في مشاريع بعضها لتجريد البحرين من كل استقلال له ، بل ان بعضها يحرم الملك من القرار أصلا كما حدث في الاتفاقات المتأخرة ، وهذا يدل على ان وجوده ديكور فقط والا فهو أقل من ان يكون ملكا يحكم على نفسه بالسقوط وتفريغ سلطاته وهذا غير معقول من ملك يدرك وضعه جيدا ، فالصورة واضحة صورة انقلاب .
فالصورة الحقيقية للقيادة في البحرين هي ان هناك حكاما سريين يجب لا يخطئ الشعب تشخيصهم حتى لا يصوبوا نحو الهدف الخطأ ، وهناك من يمكن التعاون معه من آل خليفة لتحسين الأمور ، وهذا الوضع لم يكن متوفرا في العراق ، ولهذا فان المسار الذي سار عليه الشيخ عيسى قاسم حفظه الله والشيخ علي السلمان مسار من يدرك الحقائق ويفهم ما يجري ، وهم لا يخطئون معرفة من هو العدو؟ ومن هو الصديق ؟ لهذا طلب المراجع السير خلف العلماء الإعلام حفظهم الله ولا يقصدون الا أمثال هؤلاء وأما من يتاجر ويريد ان يركب الموجة فليس للمرجعة شأن بهم. .
والخلاصة: أن الفارق بين الوضع في العراق والوضع في البحرين أن العراق كانت رؤيته واحدة بينما الوضع في البحرين له رؤى متعددة يمكن التفاوض معها .
وللحديث بقية .....>
محمد الشرع
02-05-2011, 12:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله
تابع
3- خيارات العمل السياسي للوصول إلى نجاح الشعب في مسعاه للعدالة وحفظ الحقوق . .
التغيير إنما يكون في أشكال منها: بالقوة ، ومنها بالمساعدة الخارجية ، ومنها بالمسار السلمي (اللا عنف) وهو خيار الشعب .
وسوف نتكلم عن مجمل الخيارات للثوار البحرانيين ، فان كل الخيارات يمكن ان تكون مقبولة ولكن المهم هو دراسة الموازنة بين أفضل النتائج واقل الخسائر .
ان الحساب لنتائج أفضل مع خسائر اقل يقتضي دراسة كل الخيارات ومعرفة وجهها:
أ- استخدام القوة : هو خيار سهل ومتوفر دائما ، فقط يحتاج إلى تدريب خبرات على استغلال ابسط المواد لتكوين أسلحة فتاكة ، ولكن دائما يكون حل القوة غير ناجح ، ما لم يكن بصورة متكاملة باستخدام جميع الوسائل العسكرية ، فإذا لم يكن النجاح واضحا ، فان ماكينة الإعلام المعادية يمكنها ان تشن حربا نفسية وعقلية لتدمر نفسية المحاربين . ففي الحرب اما أن تربح وأما أن تجر الآلام لك ولمجموعتك ، فان نسبة الخسائر كبيرة في هذا الحل ، إلا اذا كانت الأهداف تستحق مثل هذه الخسائر الوسائل كفيلة بالنجاح حسب حسابات العقلاء .
ولكن هل الحل باستخدام القوة أفضل منه في حال التثقيف ونشر الممانعة بطريقة غير عنيفة ؟
ان تجربة الشاب جيفارا الذي قام بنشر الثورة والروح الثورية بمقاومة الحكام حيث نجح نجاحا خطيرا ، ولكنه حين اعتقد ان استخدام السلاح سوف يجعله يحتل القارة الأمريكية الجنوبية فشل فشلا ذريعا إلى درجة محيرة بل مذلة جدا ،حتى تحولت كل انجازاته الناجحة إلى إخفاق واضح . إذن ليس دائما القوة أفضل طريق تحقيق طموح الشعوب ، الشعوب هي القوة الحقيقة وإنما يفتتها الاختلاف وعدم فهم هذه القوة الهائلة . وان الاستجابة للظالم تجعل من الظالم متسلطا على الناس . لأنه لا يحكم بدون ناس واعوان.
.
ب- الاستعانة بالخارج : لعل ما يقوم به الظلمة منذ صلاح الدين الايوبي الى يومنا هذا هو الاستعانة بالخارج على الشعب المسلم ، وهي في اعتقاد الكثير منهم عملية سهلة ومضمونة وذات نتائج باهرة ، كما ان شعوبا استعانت بقوة أجنبية فنجحت ، مثل نجاح الفيتناميين باستخدام المعونة الشيوعية ونجاح البوسنيين بالمعونة الاطلسية ، ونجاح الأوربيين بالانتصار على هتلر وموسيليني باستدعاء القوة الأمريكية ، ونجاح العراقيين غيرهم كثير ، كما ان هناك نجاحا باستدعاء غير عسكري كما قام اهل دار فور باستدعاء الأمم المتحدة لتنظيم الانتخابات وسحب السلاح من القبائل المعتدية ، وقد كان عملا قانونيا محضا حقق نجاحا كبيرا لشعب مظلوم يقتل يوميا على الهوية وهو شعب مسلم متدين يقتل بحجة أنه شعب زنجي لا يستحق ان يعيش بأرضه الثرية بالنفط. وهي طريقة حديثة يجب التأمل فيها .
إلا اننا نحاول ان نستذكر:
أولا: هل دائما تم النجاح بشكل دائم بالاستعانة بالأجانب؟
وثانيا هل لذلك ثمن باهظ أم هو بلا ثمن ؟
وللإجابة عن كل سؤال نجيب عن طرفين الطرف الأول الحكام والطرف الثاني الشعب :
السؤال الاول عن دوام النجاح للاستعانة بالاجنبي ، من طرف الحكام :
جواب السؤال الأول عن ختم عملية استدعاء الأجنبي بالنجاح ، فنقول انه على الرغم من النجاح المتكرر الا ان هذه العملية ، إما انها قد أخفقت في بعض الاحيان ، او انعكست خطورتها ، أو انها اعطت خلاف المرسوم لها .
فاما الإخفاق فقد فشلت دول كثيرة وأحزاب كثيرة في الاستعانة بالأجنبي لبقائها كما حدث لفيتنام الجنوبية حين استعانت بالولايات المتحدة الأمريكية ، وهناك عشرات الأمثلة الأخرى ، فان عبد الكريم قاسم استعان بالانجليز والروس ، ولكن جمال عبد الناصر كوّن تحالفا استخباراتيا من خمسة عشر دولة بتنسيق دولة الهند ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية فأزاح عبد الكريم قاسم وحدث في بقية الدول العربية الكثير من هذا .
وإما انعكاس المعونة الخارجية إلى نكسة للحاكم ، فيكفينا الأمثلة في الدولة العباسية حيث كانت تستعين بقبائل بعيدة عن المركز فكانت هذه القبائل بالذات سببا في قتل الخليفة والإتيان بآخر عدو له ، واستمر هذا الحال حتى في الحكم العثماني حيث كان أهم الأسباب لفشل الحكم العثماني في تحقيق العدالة والتقدم في بلاد المسلمين هو الاعتماد على الأجانب كليا . ولعل من طرائف ما حدث في التاريخ هو استدعاء حكام الأندلس للأفغانيين ليحاربوا بدلا عنهم ، فكان من أهم أسباب النكسة الكلية التي حصل بها إخراج المسلمين من الأندلس بالشكل المعروف. كما إن سبب نجاح الثورة العربية الكبرى لم يكن الانجليز وحدهم وإنما هو تخلي القيادات الشركسية المستوردة من الخارج عن الحكومة العثمانية ففتحت البلاد بلا عناء ولا حرب تقريبا.
واما تغير المسار بخلاف الهدف المرسوم ، فأفضل صورة هي استعانة صدام بمصر في استيراد العمالة من اجل تجييش الشباب العراقي ضد إيران ، فكان ان تحول أكثر من مليون نصف مليون إنسان الى المذهب الشيعي بعد ان كان الهدف هو القضاء على التشيع في العراق ، فلم يقضي على التشيع بل زاد ، وتحول من كان لا يعتني بدينه الى شديد الاعتناء ، .وتشيع هذا العدد المهول والذي بلغ الان اكثر من سبعة ملايين من أنصار اهل البيت ع والعارفين بحقهم في مصر. وهناك شواهد كثيرة نعزف عن ذكرها اختصارا .
واما جواب السؤال الأول من جهة الشعب ، فان بعض الشعوب التي استعانت بالأجنبي خذلها تماما ، وليس ادل مما يجري في ليبيا الان ، حيث ان الثوار تنازعوا في القبول بالثمن المدفوع للقوة الأجنبية ، فها قد لاقوا المحن ، والى حين ان يقبلوا ستدمر ليبيا كليا ، كما حدث للعراقيين قبلهم حيث لم يفهموا اللعبة . وهذا يعني انه ليس دائما ينجح استدعاء القوة الأجنبية .
وأما انعكاس الخطورة على المستدعي فان كثيرا من الشعوب استدعت قوات أجنبية وكانت النتيجة ان سيطرت القوات الأجنبية وسلمت الحكم لأعدائهم وهذا بحثه يطول وفيه ملفات سرية .
واما مسألة المسار بعكس الهدف ، فانه في إيران قبل 300 سنة تقريبا تجمع النواصب واستدعوا القوات الأفغانية للهجوم على أصفهان ، فهجموا بالفعل واسقطوا الدولة الصفوية ، ولكن الذي حدث ان ضابطا سنيا انقلب عليهم وهو (نادر شاه) فتحطمت معنوياتهم ، وفقد من استعان بالأفغان أي قدرة على البقاء ، وتحول ثلث الشعب الأفغاني تقريبا في ذلك الوقت الى المذهب الشيعي ، غير ان تحول قبائل يهودية إيرانية معروفة إلى المذهب السني وإدخالهم في العدد الأفغاني غير المعادلة وهم البشتون ، وقد استعانت شعوب كثيرة بغيرها فتغيرت بوصلة الأهداف وحصل خلاف ما يطلبه الشعب الذي استدعى القوة الأجنبية بتغيير في بنية الشعب نفسه. ولعل من هذا القبيل استدعاء المسيحيين اللبنانيين للقوات السورية الى لبنان وما حصل معروف.
فاذن الخلاصة : انه ليس دائما تنجح فكرة استدعاء القوة الأجنبية ، سواء بالنسبة للحاكم او بالنسبة للشعب ، ولعل للاستعانة شروطا موضوعية يجب ملاحظتها وتشخيص مصاديق تلك الشروط خفي في بعض الأحيان ولا تعرف النتائج المستقبلية.
واما السؤال الثاني وهو هل للاستدعاء ثمن ؟
بالنسبة للحكام فإنهم مستعدون دائما لدفع الثمن ، لانه ليس من جيوبهم ، فان بقائهم للحكم يهون عليهم دفع أي ثمن حتى ان بعض الحكام كان يقدم اعز ما لديه وهو عرضه لمندوب سام أو وزير او وال عثماني من اجل ان يبقى في الحكم، فمن المنطق السياسي ان ثمن الاستعانة بالاجنبي كان دائما سلب القرار الوطني وتأخر بلاد المسلمين ، وسنة الاستعانة بالأجانب هي التي أخرت المسلمين اجتماعيا وتقنيا وجعلت أرباب الاختراعات مجرد مستهلكين لاختراعات نشأت في بلاد كانت إلى عهد قريب تعتبر بلاد توحش وتأخر إنساني .
واما بالنسبة للشعوب فهم في الغالب لا يقبلون بالثمن ويترددون كثيرا في الثمن الذي قد يؤدي الى سلب القرار السيادي ، ونزع المبادرة للمجتمع الذي يريد التخلص من الظالم ، ولهذا فان التجارب اثبتت ان أي شعب استعان بقوة خارجية تم تسليط شخصيات عليهم ليس لها علاقة بثورة الشعب نفسه ، وهذا يسمى بتسور الثورة وفي الغالب يتم بتدبير القوة الخارجية المساندة.
الخيار الثالث. : وهو التغيير السلمي بلا عنف ومن دون استخدام أساليب اهل الفجور .
قلنا ان هذا الخيار هو خيار النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ، وقد جسدوه بأفضل انواع التجسيد ، فهو من انجح الأسلحة .
هناك قصة حدثت في إحدى قرى باكستان الشيعية ، وهي إن الشرطي وهو الموظف الوحيد في القرية ، يتوسل من الحكومة ان تخلصه من هذه القرية ، لأنه لا أحد في القرية يتعامل معه أبدا، فمشاكلهم يحلونها بينهم ، وأمورهم منظومة بينهم ، وهو غريب رغم وجوده معهم عدة سنوات.
ان قاعدة عدم جواز معونة الظالم والتحاكم اليه ، هي مقولة فعالة ، ولا تعني عدم التعامل معه كليا كما قعل اصحاب هذه القرية المؤمنة ، فإنهم بالغوا قليلا ، حتى انهم لا يقبلون وجودا للحكومة في حياتهم .
ان الفكر الصحيح هو الممانعة ولو بعدم فعل شيء ، وانما عدم طاعة وتأييد الحاكم ، ولها مراتب ، ومواطن مختلفة ، لا يمكن تفصيلها الان. ، ومع ذلك هناك تعامل بقدر تحصيل الحقوق وتحصيل منافع المؤمنين . فأمامنا قضية علي بن يقطين ، ومسألة التقية ومدلولها.
ان فكرة امتناع الشعب من طاعة الجائر وتلبية رغباته ، فكرة عظيمة وفيها نجاح باهر . كما ان الأئمة كانوا يحثون أتباعهم على استخدام صلاة الجمعة في نشر مفاهيم الامتناع عن نصرة الجائر . وهذا يقتضي قبولهم بفكرة التظاهر بشكل عام ، والفقهاء يرون إن التظاهر حق لكل فرد يريد ان يعبّر عن رأيه ، ولكن بشروط:
1- ان لا تكون التظاهرة لطلب الفساد
2- وان لا تتعارض مع طلب المرجعية لأمر متفق عليه بين المراجع.
3- وان يحصل الأمن للمتظاهر ، فإذا كان هناك احتمال المواجهة والتصفيات الجسدية ، يسكت الفقهاء لأن مثل هذا التحرك يحتاج الى إذن المعصوم الشخصي ، وهو غير متوفر في العادة. ، فالأمر في الدماء شديد عند الفقهاء.
وعلى كل حال فمع الأمن المعتد به ، مثل ان يقال ان احتمال تعرضي للقتل هو واحد بالعشرة آلاف واكثر ، فقد يقال ان هذا الاحتمال غير معتد به عقلائيا ، فلا يكون موردا لفتوى الفقهاء بوجوب الاحتياط في الدماء .
وبهذا يرفع الحضر على التظاهر في حال الخطر بمثل هذه المستويات المعقولة عند العقلاء.
ولكن مع عدم الأمن المعتد به او مع مخالفة المرجعية التي تكون قد دخلت تسوية لصالح المؤمنين ، فلا يصح مخالفة المراجع خصوصا فيما اجمعوا عليه ، وليس مطلوبا منهم ان يبينوا الحقائق لكل فرد ، فان هناك مستورا يجب ان يبقى مستورا حتى تنجح المطالب ، فليس من حق عامة الناس وشبابهم ان يطلبوا فضح الأمور المستورة وإنما عليهم الثقة بمراجعهم حفظهم الله .
للحديث بقية ....>
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
استاذنا مقالك حقيقه الشباب بحاجه اليه ليتعرفواالى عظمة المنهج الشيعي في المقاومه ,وكنت اثناء قراته كلما يتبادر الى ذهني سؤال اجده مباشرة في العباره ,وكأنك تعرف التلقي ماذا يريد .
ولكن سيدي هناك عندي بعض اللبس فيما دار بين السياسي (الذي كنت فضوليه لمعرفته على الاقل للتاريخ)والمرجع الخوئي قدس سره .الااتعتقد سيدي ان المرجعيه في تأنيها باتخاذ القرارات لحقن دماء اابناء المذهب وكما نعرف ان الحسين سلام الله عليه قال لااصحابه ان يتخذوا الليل سترا لان الامر يخصني اراد ان لايتحمل دماء المسلمين.وهذا ماكنت ان اتعجب من الامام لخميني ان يطيل الحرب وهو يعلم جل من ماتوا في الحرب هم من الشيعه .افيدونا يرحمكم الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عبود مزهر الكرخي
02-05-2011, 07:52 PM
أخي محمد الشرع نكمل ردنا في الفكر الشيعي وسياسة اللاعنف والتي باعتقادي المتواضع ان اكثر من يمثل ديننا الإسلامي الحنيف وبابهى صوره هو مذهبنا الشيعي لأنه مذهب قائم على العلم والمنطق وكما ذكرت لم يدعو كلاً من نبيه وائمته المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين)الى القتل والذبح والعنف والحادثة المعروفة عن سيدنا الحسين(ع) أنه في يوم عاشوراء انه بكى على جند يزيد يوم عاشوراء لأنهم سيدخلون النار فاي محبة وتسامح يمتلكها أبي عبدالله الحسين روحي له الفداء وهي التي قمة فكر ومباديء مذهبنا الشيعي وحتى عندما وصل الأمام الحسين(ع) الى أطراف العراق وجاء بالحر مع الفرسان لكي يجعجع به الى نينوى بامر من يزيد اللعين وقد وصل وقد شارف هو وجنوده على الهلاك من العطش سقاهم الأمام من الماء الذي عنده وحتى صلوا خلفه طوال الطريق ولم يكن هناك أي نوع من انواع البغضاء والكراهية يحملها معسكر الحسين لمعسكر الحر.
فهذا هو فكرنا الشيعي والذي يلخصها سيدي ومولاي الأمام علي زين العابدين(ع) في خطبته المشهورة في مجلس يزيد(لعنه الله) فيقول
((أيها الناس أعطينا ستاً وفضلنا بسبع،أعطينا العلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين وفضلنا بأن من النبي المختار محمد(ص)ومن الصديق ومن الطيار ومنا أسد الله وأسد الرسول ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة)).
فالسماحة والحلم وحب الناس هم أحدي الصفات التي اعطاها الله سبحانه وتعالى لأهل بيت النبوة وقرنت بهم روحي لهم الفداء.
وأستمر هذا المبدأ في مذهبنا ولحد الآن بحيث لم يلجا أي حركة من حركاتنا الثورية الى القتل والذبح والتفجير والعنف وتكفير الآخرين بل كان مذهبنا يدعو الى المحبة والتسامح ونبذ العنف ممثلة بمرجعيتنا الرشيدة سماحة آية الله السيد علي السيستاني(دام الله ظله الشريف) والذي دعا الى اشاعة كلمة احبك ونبذ المهاترات والتنابز ولم يتعرض الى الدعي العريفي عندما تهجم عليه بل قال (سامحه الله) ودعا الى مبدأ انا اجبك .
فأي خلق رفيع وسامي تتسلح به مرجعيتنا وعلماؤنا وهو مايسير عليه أغلب الموالين الذين لهم معرفة واطلاع بالمذهب.
فمذهبنا المذهب الشيعي هو المرآة الناصعة والتي تعكس الجوهر الحقيقي للإسلام والتي تطبق حديث نبينا الأعظم محمد (ص) عندما قال ((جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء))ومذهب أهل البيت هو احسن من حملها وطبقها.
وتقبل مروري.
ودمت لي بود.
محمد الشرع
03-05-2011, 02:42 AM
شكراً لك اخي محمد الشرع على هذا المقال التحليلي والذي يؤشر الى نقاط القوة في تجربتنا العراقية والتي يجب ان تؤخذ بنظر الأعتبار لدى اخوتنا في البحرين وتركيزك على الممانعة هو ويتوجيهات من ىية السيد الخوئي(قدس سره)من أهم مالفتني في الموضوع والذي كان احد الأسباب لسقوط الصنم هدام والذي يجب على البحرينيين أن يسيروا عليه باعتقادي المتواضع وخير دليل على ذلك الثورة في ليبيا التي أتخذت طريق السلاح والدماء ولكنها لحد الآن لم تحقق الحسم في ثورتهم وبقيت قضيتهم تراوح في مكانها بأعتمادهم على قوى خارجية في نجاح ثورتهم وهو ما ادى الى ماوصلت عليه هذه الثورة.
فليدرسوا المحللين والسياسيين ظروف ثورة البحرين ويخرجوا بدروس تكون عوامل في نجاح ثورتهم استناداً إلى توجيهات مرجعيتنا الرشيدة ودراسة تجربة الشيعة في العراق وكل الثورات الأخرى.
ودمت لي بود.
شاكر لك استاذي الكرخي على مرورك المشجع و الدائم
تحليلاتك رائعة
و اشاراتك و فهمك للكلام ليس بغريب على من هو بثقافتك ورؤيتك للامور
تحية لك .
محمد الشرع
03-05-2011, 12:08 PM
تابع
ملحق مهم في الخيارات السياسية
قراءة للواقع في مسارات الأفكار في خيارات التغيير
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يجب أن نشير الى خارطة الفكر السياسي في البحرين ، وهي تتمثل في وجود اتجاهات كثيرة منها المتطرف ومنها المعتدل كما يوصف ، ولكنني أصنف الاتجاهات حسب الحل المطروح :
1- هناك اتجاهات سنية في أحزاب موالية للسلطة ليس لديها الا حل القوة وقتل الشيعة واغتيالهم والدعوة لاحتلال البحرين من قبل دول مجاورة ، حتى يخلصوا من السكان الأصليين ، وهذه هي العنصرية المقيتة كما مثلها بعض العنصريين الأوربيين الذين دعوا إلى فناء الشعب الأمريكي الأصيل بحجة أنهم أفضل منهم . وهذه الفضيحة التي ارتكبت قبل ثلاثمائة عام وأكثر هي التي قد خجل منها كل أمريكي وكل غربي في التاريخ المعاصر ، ويريد جماعة التشدد السني في البحرين تكرار ذلك بكل شهية . وهؤلاء في الحقيقة لا يمثلون حلا بل هم المشكلة ، ولو فكر قسم من آل خليفة الاعتماد عليهم فإنهم لا يعلمون بانهم وضعوا حدا لوجودهم اصلا بهذا التصرف وهو مؤامرة عليهم ، فهذا المنطق غير مقبول عالميا ، وغير مسموح به في الأوضاع الجديدة في المنطقة وسيؤدي إلى تغيرات جذرية في الشرق الأوسط ، وهم سببه ، وعلى الباغي تدور الدوائر.
ولا نعرف حزب موالاة للدولة ينادي بالاعتدال وإنما هي أصوات فردية معتدلة لا تمثل أحزابا.
2- وهناك أحزاب معارضة تنادي بترحيل النظام واستبداله بنظام آخر ، وهؤلاء مجموعة من الأحزاب والجمعيات السنية والشيعية والليبرالية (المرخصة وغير المرخصة) ، وقد اختلفوا في شكل النظام بعد رحيل حكم آل خليفة ، وهؤلاء حسب تقديرنا لا يكوّنون أكثر من 20% من الحركة السياسية في البحرين ، وقد اخبرنا احد دعاة الجمهورية بان مناصريه قلة جدا حتى انه رفض ان تكون نسبة القائلين الحقيقيين بترحيل آل خليفة أكثر من 10% والأمر سهل فان جميع الإحصاءات ناقصة وغير علمية ولا يبرهن عليها احد ، ولكن الكل يشهد إن دعاة الترحيل في الأحزاب قلة مقابل دعاة الإصلاح الدستوري . ولهذا فاغلب هذا الاتجاه يميل إلى التصعيد ، ويأمل بالحل العسكري ، واستعمال القوة ، ولكنه لا يجد موافقة شعبية عامة لموقفه .
ومنطق هؤلاء هو ان هذا الحكم ورث الفساد كابرا عن كابر واصبح في حالة مَرَضية فلا يمكن الوثوق بهذا النظام ورجاله ، ثم ان من الجريمة أن نتعامل مع مواطنين سيطروا على الدولة فجعلوها مِلكية شخصية لهم ، وهذا غير مقبول . وآل خليفة لا يمكن أن يوافقوا مطلقا عن زحزحتهم عن أملاكهم ، وان المطالبة باي امر غير ما يريدون مرفوض قطعا ، فلهذا لا حاجة اصلا للتفاوض معهم وقبولهم ، وانما يجب العمل على اسقاطهم وترحيلهم باعتبارهم أجانب أساءوا التصرف في التخويل .
3- والمجموعة الأخرى هي مجموعة المطالبة بالإصلاح السياسي ، مع الاختلاف على نوع الإصلاح ، وهؤلاء هم الأكثرية ويمثلهم التحالف الكبير بين التوافق والعديد من الجمعيات السنية والشيعية .
ومنطق هؤلاء ان من غير المعقول حسب ظروف المنطقة الحساسة ، وحسب التوازنات الدولية أن نطالب بسقف إسقاط النظام ، على ان الشعب حين وافق على حكم آل خليفة في بداية السبعينات تحت إشراف الأمم المتحدة ، وحين وافق على الدستور سنة 2002 ، فانه قد أعطى تفويضا للنظام، وعلى كل من الملك والحكومة والأحزاب الموالية والمعارضة احترام هذا التفويض ، فيكون جوهر المطالبة هو احترام إرادة الشعب من قبل جميع الأطراف ، والمخالف الان هو الدولة ، بملكها وحكومتها ، حيث وضعت قرارات تقوم بالتمييز بين المواطنين ودفع الأكثرية عن حقوقهم الأساسية وهذا خيانة للتفويض ، وقد حاولت الدولة التغيير السكاني باستيراد مواطنين وهذا غير مقبول مطلقا ، فإما ان تنصاع الدولة بشكل كامل الى إرادة الشعب ، وتُصلح هذه الأخطاء التنفيذية والإجرائية بل حتى المنظومة الفكرية للدولة كابعاد الفكر الطائفي كحل ممتاز ، واما ان تصلح النظام بكامله عبر دستور واضح جديد يساهم في إنشاء ملكية دستورية ملزمة ، تمنح الأمان لآل خليفة كما للشعب ، وتستقر الامور بعد كتابة دستور يعالج كل هذه السلبيات ، وهذه هي الحلول المتاحة لبقاء آل خليفة في جزيرة البحرين على المدى البعيد. .
ان هذه الخارطة كما هي أمام الشعب ، فهي امام الملك أيضا ، وهو إما ان يختار الحل الذي يؤّمن به بقاءه وبقاء مملكته عبر الاختيار السليم ، أو ان يتركها بلا قرار فستكون القضية مختلفة تماما .
أما الشعب فأمامه نفس الخارطة ، وعليه أن يختار الحل المؤدي الى الاستقرار ، او يختار الخيار الصعب الذي سيكلف قوافل القتلى بعدد مهول من جميع الأطراف ، لوجود الحدة في الطرح من جميع الاطراف وقد يجر هذا الحدث المنطقة كلها الى الدمار والتخلف وفقدان الاسر لاستقرارها ، وهذا الان ضد سياسة المرجعية في النجف. .
والواقع إن أصحاب الحلول العنيفة ، قد صعد نجمهم في الآونة الأخيرة ، فقد تم تخويف الوافدين المجنسين من أهل السنة بأكاذيب وتهيج وخطر داهم على حياتهم بشكل رهيب وتم تعبئتهم وتصعيد الحقد والكراهية الى مديات كبيرة ظاهرا (وان كان الباطن ان قسما من المجنسين هم من يصعد الحقد في رجال نظام الحكم) ، فقاموا بلا شك بأعمال إجرامية في الهجوم مع الجيوش الدخيلة على الناس في قراهم وأماكنهم الآمنة ، بل داسوا على المقدسات الإسلامية بما فيها القرآن والجامع ، وبالمقابل فان الشعب حين رأى أن سلمية مطالبه قوبلت بهذه الوحشية والخروج عن الدين ، اقتنع ان ليس من المعقول ان يسكت هكذا ، فبدأ كل يفكر بكيفية الدفاع عن نفسه بالتعلم لوسائل القوة ، والتمسك بالرفض المطلق وتصعيد سقف المطالب ، حتى أن مشكلة الأحزاب الداعية إلى الحل غير العنيف أصبحت تشكوا بان أنصارها بدءوا يتيهون في الشارع ، وتقودهم الحماسة والغضب من تلك الأفعال الاجرامية نحو التشدد والرغبة في استخدام العنف ، وهذا دفع للشارع باتجاه اللا حل ، وهو يفقد الاحزاب التي يمكنها ان تحل شيئا من الحصول على أي دعم شعبي للحل . وهذا خطر كبير على الجيل الحالي والمستقبلي على جميع الاطراف وليس على الطرف المقاوم فقط . .
والذي نقرأه في هذه الصفحة من النقاش حول الاختلاف مع الجمعيات المنادية بالحل عديم العنف ، يدل على صحة تقدير الوفاق وغيرهم وشكواهم من ان تصرف الجماعات الإرهابية التي تدعمها الحكومة ، قد ساهم بسد طرق الحل ، بينما هي موجودة وسهلة ونافعة للطرفين.
هذه الخارطة اضطررت لإلحاقها وتوضيحها ، حتى يعلم الجميع ان كل من يتكلم من البحرانيين ، انما يعبر عن اتجاهه في البحرين ، وكل له احترامه ، وبحثنا هو لتطوير افكارنا وفق مصالحنا مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين وطرق الحل بأقل الخسائر وأفضل النتائج. .
وللحديث بقية ......>
محمد الشرع
03-05-2011, 01:25 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
استاذنا مقالك حقيقه الشباب بحاجه اليه ليتعرفواالى عظمة المنهج الشيعي في المقاومه ,وكنت اثناء قراته كلما يتبادر الى ذهني سؤال اجده مباشرة في العباره ,وكأنك تعرف التلقي ماذا يريد .
ولكن سيدي هناك عندي بعض اللبس فيما دار بين السياسي (الذي كنت فضوليه لمعرفته على الاقل للتاريخ)والمرجع الخوئي قدس سره .الااتعتقد سيدي ان المرجعيه في تأنيها باتخاذ القرارات لحقن دماء اابناء المذهب وكما نعرف ان الحسين سلام الله عليه قال لااصحابه ان يتخذوا الليل سترا لان الامر يخصني اراد ان لايتحمل دماء المسلمين.وهذا ماكنت ان اتعجب من الامام لخميني ان يطيل الحرب وهو يعلم جل من ماتوا في الحرب هم من الشيعه .افيدونا يرحمكم الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لم افهم بالضبط سؤالكم و ارجو اعادة صياغته ان لم يكن الجواب ادناه حول سؤلكم
ان الامام الحسين عليه السلام قاتل حين حوصر ، وتطبيق المصاديق في السلم والحرب بيد الحاكم الشرعي وليس بيد عامة الناس ، فراجع الفقه .
والائمة يتخذون قرار الحرب والسلم بانفسهم لما عندهم من علم خاص ولهذا فان تكليفهم خاص ، واما تكليفنا الذي بينوه لنا بانفسهم وبحكم ولايتهم علينا ، فهو واضح بسلم اولوية متدرج لا يقبل النقاش والقرار بيد الحاكم الشرعي الجامع للشرائط .
والعلم له ضوابط وشروط وليس لمن يقرأ في كتب الدين ويحفظ النصوص .
وكلامي هو من منظور الفقهاء حتى القائلين بالولاية المطلقة ، فلا احد يقول ان تشخيص هذا بيد المكلف ، نعم اذا شخص المرجع شيئا فمقلده له الحجة الشرعية ولكن عليه ان يتأكد 100% بان هذا قول المرجع فقد ثبت الكذب والتحريف والتوهم في نقل اقوال المراجع في مثل هذه الحالات والله الموفق .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
[لم افهم بالضبط سؤالكم و ارجو اعادة صياغته ان لم يكن الجواب ادناه حول سؤلكم .]
شكرا سيدي هذا ماقصدته سددك الله لما هو خير
محمد الشرع
04-05-2011, 10:58 AM
السلام عليكم ورحمة الله
تابع
4- طرق تحصيل المطالب
وهي تحتاج إلى إيجاد حلول وظروف مناسبة لتحصل مطلب العدالة والإنصاف ، ونبدأ بهذه النقاط التي نراها ضرورية الآن من غير حصر لها :
أ- توحيد الكلمة
ان التفرّق ضعف لا شك في ذلك ، ولكن جملة (توحيد الكلمة) ، جملة ليس من السهل تحقيقها . وقد عمل الجائر على تفريق الكلمة ، وإفساد العلاقات ، وبث الشبهات حول الشخصيات القيادية الكفوءة والمؤهلة وإهانتها شعبيا ، وهذا يعني إننا نعترف بوجود حساسيات وفرقة بين القيادات والمجموعات الشعبية ، خلقتها الظروف العادية من المنافسات والمصالح الشخصية بشكل قليل وعلى الأكثر فان السبب يعود لأجهزة حكومية ، سعت بشكل جاد لتفريق الكلمة ، بحيث أصبح المخلص يتهم المخلص الآخر.
غير أن هناك بعض الإجراءات التي يجب أن يقوم بها كل المجتمع المقاوم ، ليحصل توحيد كلمة في حدها الأدنى ، ويتطور ذلك إلى ما هو أعلى.
بعض هذه الإجراءات سهلة ، ولكن بعضها صعب يحتاج إلى تنظيم عقلي ونفسي ، وإدراك عالٍ لمعانٍ دقيقة .
فمن الإجراءات السهلة الاتفاق على قيادة متصدية ، ومنع الخلاف العلني ، والاتفاق على منع التصريحات لغير المرخص له حتى لا تتناثر الأفكار بين زحام التصريحات والمزايدات .
ولعل زيادة التلاقي الفكري والتشاور الدائم ، يساهم في تقريب وجهات النظر ، وهذا مقدمة مهمة لتوحيد الكلمة.
وأما الإجراءات الصعبة فكثيرة ، منها تدريب العامة على فهم قرارات القادة بدون التفاصيل الدقيقة ، ونصرتها ، وهذا من أصعب الأمور .
ومنها تغيير سلوك من عرف انه مكلّف من قبل الحكومة ، لبث الفرقة ، رحمة بدماء أهله ، وهذه صحوة ضمير صعبة الحصول جدا.
ومنها التواصل مع المرجعية لتوحيد الرؤية ، وبعد ذلك توحيد الكلمة .
ومنها التوافق على أمر مهم وهو التنازل عن الذات من أجل المجموع ، وهذا من أصعب الأمور فعلا ، وأسهلها في علم الأخلاق ، فان التربية على نكران الذات سهل جدا ، ومحورها وضع الذات الإنسانية بالمقارنة مع الذات المطلقة العلية لله جل جلاله ، ولكن إرادة هذه المقارنة تحتاج إلى وازع مهم ، وأعتقد إن كل الدماء والظلم لا يكون وازعا عند الكثير ممن باع ضميره ، حتى أصبح مصدرا للفتنة ، خصوصا وقد تقولب على الغضب والتلذذ بالفتن ونشر الشائعات بين المؤمنين ، لنشر الكراهية والبغضاء بينهم ، فقد التقينا ببعضهم ، فوجدنا قلوبهم وعقولهم جامدة بشكل مريع حقا ، ولكن ما جرى الآن من تجاوزات إنسانية وخسة وكذب مفضوح على كل فرد داخل المجتمع البحراني سيرقق حتى قلب الضبع ، فكيف بإنسان من بيئة جيدة ، ولكن فسدتّه المؤامرات عليه وحاجاته النفسية .
إن الحلول النفسية والعقلية لإيجاد حالة اللحمة وروح الفريق لكل المجتمع ، هي حلول ناجحة في أغلب حالات نفي الفرقة، فلا ننس إن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم استطاع ببضع كلمات طيبة أن يحرم البغضاء بين طرفي الأنصار ، ويزرع المحبة بينهم ، بينما من ابتعد عن معايشة النبي كالطلقاء فقد استمر على الحقد والبغض حتى للنبي وأهل بيته. وقد سمعنا أكذوبة انهم كان يحبون آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقول نعم رأينا ذلك في ذبحهم وطردهم فإنها نعم المحبة والوحدة الإسلامية!!
لهذا ينبغي على كل من يجد في نفسه البغض أو الحقد أو الحسد لإخوانه في الشعب البحراني ، عليه أن ينسى هذا لسبب بسيط ، وهو إن مصير هذا البغض والحسد سيكون جلب الضرر إلى نفس الحاسد ، حيث سيفنى ويُفشل شعبه وأمته ، وسيبقى مستجديا عطف الآخرين ، ولكنهم لن يرحمونه أبدا ، فحقده سيزيل موضوع ما يحقد من أجله ، وهو التميّز في المجتمع ، فان بدمار المجتمع لا يحصل له الا المهانة فليس هناك من يميزه ، وهو سيقع بيد أعداءه الألداء ليذلونه ويجعلونه عارا لى نفسه وأمته.
قد يقول الحاقد والحاسد المفرّق بين إخوانه : انه لا يقصد تدمير المجتمع ، وإنما يقصد تدمير أشخاص بعينهم ، يعتقد أنهم سيئون جدا ، فهو أداة تنظيف للمجتمع ، كما يقنع نفسه.
والجواب: ان هذا هو تصور جميع من يحسد ويحقد ويخرّب في مجتمعه ، فإذا كان الكل هكذا فسيكون الحجم بحجم مجتمع كامل ، مع معرفة إن هذه الحالة مدفوعة خارجيا لتخريب المجتمع المستهدف ، فان ما يفعله هذا المبرر لفعله ، إنما هو مساهمة في قتل كل المجتمع ، ولا يغش نفسه بمثل تبريره ، ثم إن تركيز الضرب على أهل الأهلية والكفاءة ، والدعوة لعديمي الأهلية والمتسلقين ، إنما هو ضرب لصميم المجتمع في أهم كوادره ، وتصعيد كوادر مضرة ومخرّبة لبنية المجتمع . وقد أصبح الآن المؤمن لا يفرّق بين من يريد ضره ومن يريد نفعه ، لتشابك الأفكار والدعايات ، فإذا حصل في المجتمع هذا المستوى من عدم الثقة ، وتخريب أوامر القادة القادرين على فهم وتمييز الحقائق ، فستفشل كل طموحات المجتمع ، وتنهدم كل مكتسباته ، وسيكون هذا المثير للفرقة من أهم أسباب فشل المجتمع في تحصيل المطلب.
والحديث يطول في هذا الباب ، والقاسم المشترك للمطلب هو تحقيق أدنى حالة من الوحدة بالمعالجة النفسية والعقلية ، والالتفاف حول المرجعية ليرتفع المجتمع عن الصراعات الداخلية باعتبار ان المرجعية العليا اكبر من القيادات المحلية مع حفظ مقامها وتجليل قدرها.
ويجب ان نتكلم عن مواضيع تخص موضوع طرق تحصيل المطالب ، وهذه هي الأبواب التي يجب ان نتكلم فيها ولو باختصار مع الاعتذار للإخوة عن التقصير في شرح بعض الأمور المهمة:
ب- القيادة الحكيمة
ت- التفاهم الشعبي
ث- التواصل الفكري
ج- إدامة قوة الممانعة
ح- إيجاد مفتاح الحل
خ- تشغيل مفهوم الاسفنجة
د- وضع برامج للثوابت والمتحركات لتكون نبراسا لعموم الشعب .
ذ- التواصل مع أحرار العالم ودعاة الحقوق والحريات .
ر- كل فرد مكلف بنشر اخبار الظلم والظالمين وتنبيه الرأي العام لخطورة ما يرتكب. والتحرك الإعلامي التبرعي .
ز- قراءة الخريطة السياسية بشكل دقيق ليكون الحل ناضجا.
وللحديث بقية ....>
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024