الأصولي
09-05-2011, 09:19 AM
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (سورة النور/آية 48).
توجد على خريطتنا اليوم مجموعة من المناهج الدينية المختلفة وكلٌ منها يدّعي أنه الإسلام الذي نزل على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكل منهجٍ يختلف عن الآخر، وبين هذه المناهج فوارق عديدة ومتعددة ومتنوعة ليست بالطفيفة أو البسيطة وإنما هي فوارق في صميم وجوهر هذه المناهج الدينية ، فهناك إسلامٌ ينظر إلى الإله نظرة تختلف عن إسلام آخر فمثلا يعتقد بعض من يسمون أنفسهم بالمسلمين أن الله شكله شكل شاب أمرد له وجه وعينين وأذنين وله فماً وأنفاً ويدين ورجلين وحتى أصابع والعياذ بالله ، ومن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين ابن تيمية «لعنه الله» الذي يصف إلهه بهذا الشكل ويسوّق أن الإسلام قد جاء من قبل هذا الإله وأن النبي «صلى الله عليه وآله» حينما عرج به إلى السماوات رأى ونظر إلى هذا الشكل فهذا هو الإله! ، بينما نرى إسلام آخر ينزّه إلهه عن مثل هذه الترهات ويعتبر أن الإله لا يحده زمان ولا مكان ولا يحويه شيء وليس بجسم ولا يمكن أن يشار إليه بجهة ، هنالك إسلام يشرك بالله تسع صفات يقول أنها أزلية مع الله كما أنه يشرك مع الله كلامه فيقول أن القرآن ليس مخلوقاً حادثاً فهو مع الله منذ الأزل ، بينما نرى إسلام آخر – وهو إسلام أهل البيت صلوات الله عليهم – لا يعتقد بمثل هذه الترهات ، هنالك إسلام ينظر إلى نبيه نظرة بأنه سيء الخلق فكان يبول واقفا أمام الناس ويشرب الخمر وهو لا يدري ويسهو عن الصلاة ويسب الناس بلا سبب وينظرون إليه على أنه نبي متوحش فينسبون إليه أنه سمل أعين بعض اللصوص وجعلهم ينزفون إلى الموت وكلما جاء إليه أحد ليسترحمه وينهاه عن هذه الوحشية يجيبه بأنهم يستحقون والعياذ بالله ، بينما نرى إسلاما ينظر إلى نبيه على أنه قمة الأخلاق والسمو وينزّهه عن مثل هذه الترهات، والفوارق عديدة بين أكثر من منهج ديني أو أكثر من مذهب وكلها تدّعي أن هذا هو الإسلام وبسبب هذه الفوارق العقائدية أصبح هناك اختلاف واقعي على وجه الكرة الأرضية سبّب المآسي، فهنالك إسلام يعتقد أتباعه أن دينهم يحضهم على القتل والتفجير وسفك الدماء! ، بينما نرى إسلام آخر يرفض كل هذه الأشياء وهو إسلام الرحمة، وعليه فأننا أمام مجموعة من الاتجاهات الدينية وكلٌ منها يدّعي أنه هو الإسلام والسؤال هنا الذي من المفترض أن يتبادر إلى ذهن كل واحد من هؤلاء المسلمين هو: أي من هذه الاتجاهات الدينية هو الإسلام؟ ، فما هو الإسلام الحقيقي النقي الأصيل وما هو الإسلام المزيّف أو المنحرف؟
وتتطلب إجابة هذا السؤال بحثاً عميقاً وغوصاً عميقاً في بواطن هذه المناهج أو هذه الإتجاهات لكي نميّز بينها ونقارن ونعرف الصواب من الخطأ فيما تدعو إليه إستنادًا إلى الأدلة والبراهين والشواهد التاريخية.
أولاً: يجب علينا قبل أن ندخل البحث أن نثبّت حقيقة وهي أنه قد وقع تزييف في الدين الإسلامي وهو موجود وباقي إلى يومنا الحالي.
ثانياً: أن نجرّد أنفسنا من أي انتماء عقائدي ومذهبي، فنحن الشيعة نختلف عن كافة المذاهب والفرق بل حتى الأديان في مسألة هي من أهم المسائل وهي مظهر لعظمة هذا الدين أو هذه الفرقة أو هذه الطائفة والمسألة موجودة في كل رسالة عملية لأي مرجع تقليد وتحمل عادةً الرقم (1) ، وتقول: لا يجوز التقليد في أصول الدين ويجب معرفتها عن طريق دليلٍ وبرهان.
ثالثاً: قد يعترض البعض بأنه هل يعقل بأن يكون الدين الذي أنزله الله عز وجل وجاهد من أجله رسوله صلى الله عليه وآله يكون قد زيّف؟ فيقولون أن هذا معناه أن البشر انتصروا على الله، فالله أنزل خاتم الأديان ومع ذلك البشر استطاعوا تزييفه وتحريفه وتبديله وتغييره وهذا الكلام غير معقول حسب اعتراضهم، فنجيبهم لكي نعرف أن هذا الأمر معقول أم غير معقول دعونا نلقي نظرة على التاريخ منذ فجر الخليقة.
1- ماذا حدث لدين آدم بعد آدم؟
يحدثنا التاريخ أنه بعدما توفي آدم مباشرة اختلف أبناءه وأحفاده من بعده إلى أن انتصر أبناء قابيل الذي قتل هابيل، وكانوا كفرة غير مؤمنين فاستطاعوا أن يتغلبوا على أخوتهم وأبناء عمومتهم أبناء هابيل ووصي آدم الشرعي هبة الله فعزلوا المؤمنين في جزيرة من جزر البحر وحاصروهم وحاربوهم وطوّقوهم بالكامل، ولم يكتفوا بعزلهم وإنما اخترعوا لأنفسهم دين آخر فإدّعوا أن الله سبحانه وتعالى أمرهم بعبادة النار فبدأت منذ ذلك الحين عبادة النار في المسيرة البشرية وكانوا هم الغالبية بينما كان هبة الله ومن معه من المؤمنين الذين تمسكوا بدين آدم هم القلة، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل نبياً جديداً لتصحيح مسيرة البشرية هو نوح عليه السلام فجاء ووجد البشر لا يكتفون بعبادة النار وإنما اخترعوا لأنفسهم خمسة أصنام هي أول خمسة أصنام عبدت ومذكورة في القرآن (ود ، سواع ، يغوث ، يعوق ، نسر) {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (سورة نوح/آية 24) فحاول معهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يستمع إليه إلا ثلة مؤمنة قليلة حسب بعض الروايات عددهم لا يتجاوز 80 شخصاً فقط من بين كل البشر آنذاك، وحصلت قضية الطوفان فاغرق كل هؤلاء الظلمة والكفرة وعاد الجو مرة أخرى إلى الجو الإيماني.
2- ماذا حدث لدين نوح بعد نوح؟
بمجرد وفاة نوح لم تمض إلا فترة يسيرة إلا واختلف أبناءه وأحفاده من بعده، وكان وصي نوح هو سام بن نوح «عليه السلام» فحاربوه وعزلوه، ثم فتشوا من بين الرمال على مدى عشرات السنين على الأصنام الخمسة واخرجوها مرة أخرى وعبدوها، ومرت السنوات وإذا الله عز وجل يرسل إبراهيم عليه السلام لتنقية مسيرة البشرية من الإنحراف من جديد، فجاهد إبراهيم وصبر وتعب معهم إلى أن أركز معالم هذا الدين.
3- ماذا حدث لدين إبراهيم بعد إبراهيم؟
يحدثنا التاريخ أنه بعد إبراهيم اختلف قومه وأحفاده من ذرية إسرائيل (الذي هو النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) من بعده، فتمردوا وطغوا وقاموا بقتل سبعين ألف وصي شرعي لإبراهيم دون أن يرق لهم جفن، وبدلوا دينهم ونسبوا إلى دين إبراهيم عقائد معيّنة إلى أن تغيّر دين إبراهيم بالكامل وكانوا يدّعون أن هذا الدين هو دين إبراهيم، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل موسى عليه السلام لكي يصحح مسيرة البشرية، فجاء موسى عليه السلام وعمل كل ما بوسعه وجاهد إلى أن نقّاهم، وقبل أن يتوفى موسى غاب عن قومه أربعين يوماً وإذا بالقوم ينقلبون على وصي موسى وهو أخوه هارون عليه السلام ويعبدون العجل ويتخذون شخصاً صعلوكا هو السامري فيعتقدون به ويجعلونه هو الحاكم فيحدد لهم الإله والدين، ومهما حاول هارون معهم لم ينفع، فجاء موسى وأعادهم مرة أخرى إلى عبادة الله عز وجل وحطم ذلك العجل.
4- ماذا حدث لدين موسى بعد موسى؟
يذكر التاريخ أن بعد موسى قومه اختلفوا من بعده إلى أن أدى الاختلاف إلى الحرب بين المعسكر المنحرف الذي حرّف دين موسى وبين المعسكر الذي بقى على دين موسى، فجرّ المعسكر المنحرف زوجة موسى وكان اسمها صافوراء بنت شعيب واستمالها إليهم حتى جعلها في فلسطين تحارب الوصي الشرعي لموسى وهو يوشع بن نون، وانتصر الوصي الشرعي لموسى على هذه الزوجة، وتوفي بعد سنوات معدودة الوصي الشرعي يوشع بن نون فعاد الاختلاف مرة أخرى وانقلبت الأمة على نبيها مرة أخرى وجعلوا لأنفسهم ما يسمى بدولة قضاة بني إسرائيل ليتداولون الحكم فيما بين القبائل، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل سليمان عليه السلام لكي يصحح هذه المسيرة فجاهد كثيراً بقوة الحكم والسلطان فقضى على معسكر الكفر والإنحراف.
5- ماذا حدث لدين سليمان بعد سليمان؟
يحدثنا التاريخ أنه بمجرد أن توفي سليمان وقع الاختلاف مرة أخرى ، وأهمل الناس وصيه الشرعي آصف بن برخيا – صاحب معجزة الإتيان بعرش ملكة سبأ – فعزلوه وجاءوا بشخصٍ منفي ملعون على لسان سليمان كان قد نفاه إلى مصر واسمه رحبعام فجاءوا بهذا المنافق ونصبوه ملكاً عليهم، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل عيسى عليه السلام لكي يصحح هذه المسيرة ويقضي على الإنحراف.
6- ماذا حصل لدين عيسى بعد أن ارتفع إلى السماء؟
اختلفت أمته من بعده وعزلوا وصيه الشرعي شمعون الصفا والحواريين المؤمنين القلة، وجاءوا بعد ثلاثين سنة من ارتحال المسيح بشخص لعين كان بالأمس يهودياً متعصباً يقتل من هم على دين عيسى، وكان اسمه بولس، فجعلوه القائد لهم والزعيم الديني لهم فحلل لهم حرام الله وحرّم حلاله وابتدع ديناً آخر باسم دين عيسى، وهو من زرع فكرة عبادة عيسى فإدعى أن المسيح قد تجلى له وأنه قد أمره أن يبلّغ دينه للناس وأنه مقابل ذلك الوصي، وفعلاً اهملوا الوصي الشرعي وأخذوا بهذا الشخص الذي لطخت يداه بدمائهم من ذي قبل!
فهذا جوابنا على المعترض ، فمن حيث المبدأ ومن حيث الأصل نعم ممكن أن يقع هنالك انحراف وتزوير فيتمكن بعض من البشر المنحرفين والمنافقين من صنع بديل زائف لدين ما.
ولكن يمكن أن يستشكل المعترض إستشكالاً آخر فيقول الأديان السابقة لحال وهذا الدين لحال، فهذا الدين هو آخر الأديان فليس من المعقول أن يقع فيه إنحراف لأنه يستلزم أن يأتي نبي جديد ليصحح هذا الدين، فنقول له هذا الاعتراض غير وارد لأنه ليس بالضرورة أن تكون الخطوة الإلهية التصحيحية لهذا الدين من خلال نبي وتنسخ الشريعة بل ممكن أن يكون من خلال إمام وهو ما سوف يحدث حينما يظهر المولى صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه فيصحح وينقي هذا الدين مما لحق به من الشوائب.
ولإثبات أن الدين الإسلامي الموجود حالياً وقع فيه إنحراف وتزوير، وأن واحدة فقط من هذه الفرق تمثل الإسلام الحق نستعرض بعض الأدلة من القرآن والسنة المطهرة من مصادر الفريقين.
• من القرآن الكريم:
1- قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (سورة النور/آية 48).
2- قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (سورة آل عمران/آية 145).
• من السنة الشريفة (مصادر المخالفين):
1- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضبٍ لسلكتموه ؛ فقيل له: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟. (البخاري/ج8/ص151)
2- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل، حدو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله، أن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة. (مستدرك الحاكم/ج1/ص6)
3- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا. (صحيح مسلم/ج1/ص90)
4- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بينما أنا قائم في زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلّم ؛ فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله! قلت له: وما شأنهم؟ قال: أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ؛ فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. (البخاري/ج8/ص121)
5- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ألا وأنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا ربي أصحابي! فيقال: أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم؛ فيقال: أن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. (البخاري/ج5/ص192)
• من السنة الشريفة (مصادر شيعة أهل البيت):
1- روى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام عن آباءه عن أمير المؤمنين قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر، ولما وصلنا إلى غدير خم أمر النبي صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أن الله تعالى خلق الخلق من أشجار شتى، وخلقني وعلي من شجرة واحدة وأنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين أثمارها، وأشياعنا أغصانها وأوراقها، ومن تعلق بغصن منها نجا، ومن تخلف عنها تردّى، ثم قال: ألست أولى بكم وبالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهم نعم ؛ قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار، ثم قال: اختلف قوم موسى عليه السلام من بعده على إحدى وسبعين فرقة هلكت منها سبعون فرقة ونجت واحدة منهم وهم من قال الله فيهم {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} فهم الفرقة الناجية، واختلف قوم عيسى عليه السلام من بعده على أثنتين وسبعين فرقة هلكت منها إحدى وسبعون فرقة ونجت واحدة منهم وهم من قال الله فيهم {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} وهم الفرقة الناجية، وستختلف بعدي أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ليهلك إثنان وسبعون وتنجو فرقة واحدة وهم من قال الله فيهم {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} ألا أني تارك فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله جل جلاله حبل ممدود من السماء وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. (بيان الأديان لأبي المعالي، وبحار الأنوار)
2- عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها! فقال الإمام الباقر: ألا أحدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا ثلاثة – وأشار بيده ثلاثة – فقلت: جعلت فداك ما حال عمّار؟ قال الباقر عليه السلام: رحم الله عمّاراً أبا اليقظان بايع وقتل شهيدا ؛ فقلت في نفسي: ما شيء أفضل من الشهادة؟ فنظر إليّ فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة؟ أيهات ... أيهات! (الكافي/ج2/ص244)
3- عن أبي جعفر عليه السلام: ارتد الناس بعد رسول الله إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبو ذر والمقداد، وأناب الناس بعدهم. (رجال الكشي/ص8)
إذن نخلص إلى أنه قد وقع تزييف في الدين الإسلامي الذي له مناهج دينية متعددة في زماننا الحالي وكلٌ منها يدّعي أنه الإسلام ولكن لا يمكن إلا أن يكون واحد منها هو الإسلام وما عداه باطل والبقية في النار، لذا يلزمنا البحث والمقارنة المستفيضة والعميقة لمعرفة المناهج التي بدأت بالإنحراف منذ ارتحال النبي صلى الله عليه وآله ، ومعرفة من هو أول من كوّن الإنحراف من أؤلئك الذين ادّعوا أنهم أصحاب رسول الله والمقرّبون منه.
توجد على خريطتنا اليوم مجموعة من المناهج الدينية المختلفة وكلٌ منها يدّعي أنه الإسلام الذي نزل على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكل منهجٍ يختلف عن الآخر، وبين هذه المناهج فوارق عديدة ومتعددة ومتنوعة ليست بالطفيفة أو البسيطة وإنما هي فوارق في صميم وجوهر هذه المناهج الدينية ، فهناك إسلامٌ ينظر إلى الإله نظرة تختلف عن إسلام آخر فمثلا يعتقد بعض من يسمون أنفسهم بالمسلمين أن الله شكله شكل شاب أمرد له وجه وعينين وأذنين وله فماً وأنفاً ويدين ورجلين وحتى أصابع والعياذ بالله ، ومن هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين ابن تيمية «لعنه الله» الذي يصف إلهه بهذا الشكل ويسوّق أن الإسلام قد جاء من قبل هذا الإله وأن النبي «صلى الله عليه وآله» حينما عرج به إلى السماوات رأى ونظر إلى هذا الشكل فهذا هو الإله! ، بينما نرى إسلام آخر ينزّه إلهه عن مثل هذه الترهات ويعتبر أن الإله لا يحده زمان ولا مكان ولا يحويه شيء وليس بجسم ولا يمكن أن يشار إليه بجهة ، هنالك إسلام يشرك بالله تسع صفات يقول أنها أزلية مع الله كما أنه يشرك مع الله كلامه فيقول أن القرآن ليس مخلوقاً حادثاً فهو مع الله منذ الأزل ، بينما نرى إسلام آخر – وهو إسلام أهل البيت صلوات الله عليهم – لا يعتقد بمثل هذه الترهات ، هنالك إسلام ينظر إلى نبيه نظرة بأنه سيء الخلق فكان يبول واقفا أمام الناس ويشرب الخمر وهو لا يدري ويسهو عن الصلاة ويسب الناس بلا سبب وينظرون إليه على أنه نبي متوحش فينسبون إليه أنه سمل أعين بعض اللصوص وجعلهم ينزفون إلى الموت وكلما جاء إليه أحد ليسترحمه وينهاه عن هذه الوحشية يجيبه بأنهم يستحقون والعياذ بالله ، بينما نرى إسلاما ينظر إلى نبيه على أنه قمة الأخلاق والسمو وينزّهه عن مثل هذه الترهات، والفوارق عديدة بين أكثر من منهج ديني أو أكثر من مذهب وكلها تدّعي أن هذا هو الإسلام وبسبب هذه الفوارق العقائدية أصبح هناك اختلاف واقعي على وجه الكرة الأرضية سبّب المآسي، فهنالك إسلام يعتقد أتباعه أن دينهم يحضهم على القتل والتفجير وسفك الدماء! ، بينما نرى إسلام آخر يرفض كل هذه الأشياء وهو إسلام الرحمة، وعليه فأننا أمام مجموعة من الاتجاهات الدينية وكلٌ منها يدّعي أنه هو الإسلام والسؤال هنا الذي من المفترض أن يتبادر إلى ذهن كل واحد من هؤلاء المسلمين هو: أي من هذه الاتجاهات الدينية هو الإسلام؟ ، فما هو الإسلام الحقيقي النقي الأصيل وما هو الإسلام المزيّف أو المنحرف؟
وتتطلب إجابة هذا السؤال بحثاً عميقاً وغوصاً عميقاً في بواطن هذه المناهج أو هذه الإتجاهات لكي نميّز بينها ونقارن ونعرف الصواب من الخطأ فيما تدعو إليه إستنادًا إلى الأدلة والبراهين والشواهد التاريخية.
أولاً: يجب علينا قبل أن ندخل البحث أن نثبّت حقيقة وهي أنه قد وقع تزييف في الدين الإسلامي وهو موجود وباقي إلى يومنا الحالي.
ثانياً: أن نجرّد أنفسنا من أي انتماء عقائدي ومذهبي، فنحن الشيعة نختلف عن كافة المذاهب والفرق بل حتى الأديان في مسألة هي من أهم المسائل وهي مظهر لعظمة هذا الدين أو هذه الفرقة أو هذه الطائفة والمسألة موجودة في كل رسالة عملية لأي مرجع تقليد وتحمل عادةً الرقم (1) ، وتقول: لا يجوز التقليد في أصول الدين ويجب معرفتها عن طريق دليلٍ وبرهان.
ثالثاً: قد يعترض البعض بأنه هل يعقل بأن يكون الدين الذي أنزله الله عز وجل وجاهد من أجله رسوله صلى الله عليه وآله يكون قد زيّف؟ فيقولون أن هذا معناه أن البشر انتصروا على الله، فالله أنزل خاتم الأديان ومع ذلك البشر استطاعوا تزييفه وتحريفه وتبديله وتغييره وهذا الكلام غير معقول حسب اعتراضهم، فنجيبهم لكي نعرف أن هذا الأمر معقول أم غير معقول دعونا نلقي نظرة على التاريخ منذ فجر الخليقة.
1- ماذا حدث لدين آدم بعد آدم؟
يحدثنا التاريخ أنه بعدما توفي آدم مباشرة اختلف أبناءه وأحفاده من بعده إلى أن انتصر أبناء قابيل الذي قتل هابيل، وكانوا كفرة غير مؤمنين فاستطاعوا أن يتغلبوا على أخوتهم وأبناء عمومتهم أبناء هابيل ووصي آدم الشرعي هبة الله فعزلوا المؤمنين في جزيرة من جزر البحر وحاصروهم وحاربوهم وطوّقوهم بالكامل، ولم يكتفوا بعزلهم وإنما اخترعوا لأنفسهم دين آخر فإدّعوا أن الله سبحانه وتعالى أمرهم بعبادة النار فبدأت منذ ذلك الحين عبادة النار في المسيرة البشرية وكانوا هم الغالبية بينما كان هبة الله ومن معه من المؤمنين الذين تمسكوا بدين آدم هم القلة، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل نبياً جديداً لتصحيح مسيرة البشرية هو نوح عليه السلام فجاء ووجد البشر لا يكتفون بعبادة النار وإنما اخترعوا لأنفسهم خمسة أصنام هي أول خمسة أصنام عبدت ومذكورة في القرآن (ود ، سواع ، يغوث ، يعوق ، نسر) {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (سورة نوح/آية 24) فحاول معهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يستمع إليه إلا ثلة مؤمنة قليلة حسب بعض الروايات عددهم لا يتجاوز 80 شخصاً فقط من بين كل البشر آنذاك، وحصلت قضية الطوفان فاغرق كل هؤلاء الظلمة والكفرة وعاد الجو مرة أخرى إلى الجو الإيماني.
2- ماذا حدث لدين نوح بعد نوح؟
بمجرد وفاة نوح لم تمض إلا فترة يسيرة إلا واختلف أبناءه وأحفاده من بعده، وكان وصي نوح هو سام بن نوح «عليه السلام» فحاربوه وعزلوه، ثم فتشوا من بين الرمال على مدى عشرات السنين على الأصنام الخمسة واخرجوها مرة أخرى وعبدوها، ومرت السنوات وإذا الله عز وجل يرسل إبراهيم عليه السلام لتنقية مسيرة البشرية من الإنحراف من جديد، فجاهد إبراهيم وصبر وتعب معهم إلى أن أركز معالم هذا الدين.
3- ماذا حدث لدين إبراهيم بعد إبراهيم؟
يحدثنا التاريخ أنه بعد إبراهيم اختلف قومه وأحفاده من ذرية إسرائيل (الذي هو النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) من بعده، فتمردوا وطغوا وقاموا بقتل سبعين ألف وصي شرعي لإبراهيم دون أن يرق لهم جفن، وبدلوا دينهم ونسبوا إلى دين إبراهيم عقائد معيّنة إلى أن تغيّر دين إبراهيم بالكامل وكانوا يدّعون أن هذا الدين هو دين إبراهيم، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل موسى عليه السلام لكي يصحح مسيرة البشرية، فجاء موسى عليه السلام وعمل كل ما بوسعه وجاهد إلى أن نقّاهم، وقبل أن يتوفى موسى غاب عن قومه أربعين يوماً وإذا بالقوم ينقلبون على وصي موسى وهو أخوه هارون عليه السلام ويعبدون العجل ويتخذون شخصاً صعلوكا هو السامري فيعتقدون به ويجعلونه هو الحاكم فيحدد لهم الإله والدين، ومهما حاول هارون معهم لم ينفع، فجاء موسى وأعادهم مرة أخرى إلى عبادة الله عز وجل وحطم ذلك العجل.
4- ماذا حدث لدين موسى بعد موسى؟
يذكر التاريخ أن بعد موسى قومه اختلفوا من بعده إلى أن أدى الاختلاف إلى الحرب بين المعسكر المنحرف الذي حرّف دين موسى وبين المعسكر الذي بقى على دين موسى، فجرّ المعسكر المنحرف زوجة موسى وكان اسمها صافوراء بنت شعيب واستمالها إليهم حتى جعلها في فلسطين تحارب الوصي الشرعي لموسى وهو يوشع بن نون، وانتصر الوصي الشرعي لموسى على هذه الزوجة، وتوفي بعد سنوات معدودة الوصي الشرعي يوشع بن نون فعاد الاختلاف مرة أخرى وانقلبت الأمة على نبيها مرة أخرى وجعلوا لأنفسهم ما يسمى بدولة قضاة بني إسرائيل ليتداولون الحكم فيما بين القبائل، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل سليمان عليه السلام لكي يصحح هذه المسيرة فجاهد كثيراً بقوة الحكم والسلطان فقضى على معسكر الكفر والإنحراف.
5- ماذا حدث لدين سليمان بعد سليمان؟
يحدثنا التاريخ أنه بمجرد أن توفي سليمان وقع الاختلاف مرة أخرى ، وأهمل الناس وصيه الشرعي آصف بن برخيا – صاحب معجزة الإتيان بعرش ملكة سبأ – فعزلوه وجاءوا بشخصٍ منفي ملعون على لسان سليمان كان قد نفاه إلى مصر واسمه رحبعام فجاءوا بهذا المنافق ونصبوه ملكاً عليهم، ومرت السنوات وإذا بالله عز وجل يرسل عيسى عليه السلام لكي يصحح هذه المسيرة ويقضي على الإنحراف.
6- ماذا حصل لدين عيسى بعد أن ارتفع إلى السماء؟
اختلفت أمته من بعده وعزلوا وصيه الشرعي شمعون الصفا والحواريين المؤمنين القلة، وجاءوا بعد ثلاثين سنة من ارتحال المسيح بشخص لعين كان بالأمس يهودياً متعصباً يقتل من هم على دين عيسى، وكان اسمه بولس، فجعلوه القائد لهم والزعيم الديني لهم فحلل لهم حرام الله وحرّم حلاله وابتدع ديناً آخر باسم دين عيسى، وهو من زرع فكرة عبادة عيسى فإدعى أن المسيح قد تجلى له وأنه قد أمره أن يبلّغ دينه للناس وأنه مقابل ذلك الوصي، وفعلاً اهملوا الوصي الشرعي وأخذوا بهذا الشخص الذي لطخت يداه بدمائهم من ذي قبل!
فهذا جوابنا على المعترض ، فمن حيث المبدأ ومن حيث الأصل نعم ممكن أن يقع هنالك انحراف وتزوير فيتمكن بعض من البشر المنحرفين والمنافقين من صنع بديل زائف لدين ما.
ولكن يمكن أن يستشكل المعترض إستشكالاً آخر فيقول الأديان السابقة لحال وهذا الدين لحال، فهذا الدين هو آخر الأديان فليس من المعقول أن يقع فيه إنحراف لأنه يستلزم أن يأتي نبي جديد ليصحح هذا الدين، فنقول له هذا الاعتراض غير وارد لأنه ليس بالضرورة أن تكون الخطوة الإلهية التصحيحية لهذا الدين من خلال نبي وتنسخ الشريعة بل ممكن أن يكون من خلال إمام وهو ما سوف يحدث حينما يظهر المولى صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه فيصحح وينقي هذا الدين مما لحق به من الشوائب.
ولإثبات أن الدين الإسلامي الموجود حالياً وقع فيه إنحراف وتزوير، وأن واحدة فقط من هذه الفرق تمثل الإسلام الحق نستعرض بعض الأدلة من القرآن والسنة المطهرة من مصادر الفريقين.
• من القرآن الكريم:
1- قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (سورة النور/آية 48).
2- قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (سورة آل عمران/آية 145).
• من السنة الشريفة (مصادر المخالفين):
1- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضبٍ لسلكتموه ؛ فقيل له: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟. (البخاري/ج8/ص151)
2- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل، حدو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله، أن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة. (مستدرك الحاكم/ج1/ص6)
3- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا. (صحيح مسلم/ج1/ص90)
4- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: بينما أنا قائم في زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلّم ؛ فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله! قلت له: وما شأنهم؟ قال: أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ؛ فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. (البخاري/ج8/ص121)
5- قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ألا وأنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا ربي أصحابي! فيقال: أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم؛ فيقال: أن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. (البخاري/ج5/ص192)
• من السنة الشريفة (مصادر شيعة أهل البيت):
1- روى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام عن آباءه عن أمير المؤمنين قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر، ولما وصلنا إلى غدير خم أمر النبي صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أن الله تعالى خلق الخلق من أشجار شتى، وخلقني وعلي من شجرة واحدة وأنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين أثمارها، وأشياعنا أغصانها وأوراقها، ومن تعلق بغصن منها نجا، ومن تخلف عنها تردّى، ثم قال: ألست أولى بكم وبالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهم نعم ؛ قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار، ثم قال: اختلف قوم موسى عليه السلام من بعده على إحدى وسبعين فرقة هلكت منها سبعون فرقة ونجت واحدة منهم وهم من قال الله فيهم {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} فهم الفرقة الناجية، واختلف قوم عيسى عليه السلام من بعده على أثنتين وسبعين فرقة هلكت منها إحدى وسبعون فرقة ونجت واحدة منهم وهم من قال الله فيهم {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} وهم الفرقة الناجية، وستختلف بعدي أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ليهلك إثنان وسبعون وتنجو فرقة واحدة وهم من قال الله فيهم {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} ألا أني تارك فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله جل جلاله حبل ممدود من السماء وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. (بيان الأديان لأبي المعالي، وبحار الأنوار)
2- عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها! فقال الإمام الباقر: ألا أحدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا ثلاثة – وأشار بيده ثلاثة – فقلت: جعلت فداك ما حال عمّار؟ قال الباقر عليه السلام: رحم الله عمّاراً أبا اليقظان بايع وقتل شهيدا ؛ فقلت في نفسي: ما شيء أفضل من الشهادة؟ فنظر إليّ فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة؟ أيهات ... أيهات! (الكافي/ج2/ص244)
3- عن أبي جعفر عليه السلام: ارتد الناس بعد رسول الله إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبو ذر والمقداد، وأناب الناس بعدهم. (رجال الكشي/ص8)
إذن نخلص إلى أنه قد وقع تزييف في الدين الإسلامي الذي له مناهج دينية متعددة في زماننا الحالي وكلٌ منها يدّعي أنه الإسلام ولكن لا يمكن إلا أن يكون واحد منها هو الإسلام وما عداه باطل والبقية في النار، لذا يلزمنا البحث والمقارنة المستفيضة والعميقة لمعرفة المناهج التي بدأت بالإنحراف منذ ارتحال النبي صلى الله عليه وآله ، ومعرفة من هو أول من كوّن الإنحراف من أؤلئك الذين ادّعوا أنهم أصحاب رسول الله والمقرّبون منه.