ramialsaiad
09-05-2011, 08:31 PM
السلام عليكم
فضائل لاهل البيت عليهم السلام
((قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)). المائدة/ 60.
من يلعن علياً يُقلب خنزيراً
روى العلاّمة البحراني عن صاحب (المناقب الناضرة في العترة الطاهرة) (بإسناده المذكور) عن محمد المسكوي، عن سليمان الأعمش (من كبار التابعين، روى عن عدد من الصحابة، وعن عدد من التابعين، نقل أحاديثه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها)قال:
بعث إليّ المنصور في جوف الليل، فجزعت وقلت في نفسي ما بعث إليّ في هذه الساعة إلاّ لخبر، ولا شك أنّه يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإنْ أخبرته يقتلني، فنهضتُ وتطهرتُ ولبستُ ثياباً نظيفة جعلتها أكفاني، وتحنطتُ وكتبت وصيتي، وسرتُ إليه، فوجدت عنده عمرو بن عبيد، فحمدتُ الله، وقلتُ وجدتُ رجلاً عون صدق، فلمّا صرتُ بين يديه قال لي: ادنُ مني يا سليمان، فدنوتُ منه، فلمّا قربت منه أقبلت إلى عمرو بن عبيد أسأله، ففاح له مني ريح الحنوط فقال لي المنصور:
يا سليمان ما هذه الرائحة والله لئن لم تصدقني لأقتلنك.
فقلت: يا أمير المؤمنين لمّا أتاني رسولك في جوف الليل قلت ما بعث إليّ في هذا الوقت إلاّ ليسألني عن فضائل أهل البيت فإنْ أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي، ولبست ثياباً جعلتها أكفاني، وتحنطتُ، وكان (المنصور) متكئاً فاستوى جالساً، وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.
ثم قال: يا سليمان ما اسمي؟
قلت: أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.
قال: صدقت.
قال: فأخبرني كم حديثاً تروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم) في فضائل أهل البيت؟
فقلت: يسيراً.
قال: على كم ذلك؟
قلت: عشرة آلاف حديث، وما زاد.
قال: يا سليمان، لأحدثنك في فضائلهم حديثين يأكلان الأحاديث إنْ حلفت أنْ لا ترويهما لأحد من الشيعة.
فقلت: والله لا أخبر بهما أحداً، وحلفتُ له بنعمته.
فقال: اسمع يا سليمان، كنتُ هارباً من مروان، أدور في البلاد، وأتقرب إلى النّاس بفضائل علي بن أبي طالب، وكانوا يأتونني ويزورونني ويطعمونني حتى وردت بلاد الشام وأنا في خلق كساء ما عليّ غيره، فسمعت الأذان في مسجد فدخلت لأصلي وفي نفسي أنْ أكلّم النّاس في عشاء أتعشى به، فصلّيت وراء الإمام، فلمّا سلَّم اتكأ على الحائط وأهل المسجد حضور، ما رأيت أحداً يتكلم توقيراً لإمامهم، وأنا جالس، فإذا صبيان قد دخلا المسجد، فلمّا نظر إليهما الإمام قال: مرحباً بكما ومرحباً بمن سُميتما باسميهما.
فقلت في نفسي قد أصبتُ حاجتي، وكان إلى جنبي شاب فقلت له: من يكون ذان الصبيان، ومن الشيخ؟
فقال: هو جدّهما وليس في هذه المدينة من يحبُّ علياً سواه، فلذلك قد سماهمّا حسناً وحسيناً، فملتُ بوجهي إلى الشيخ وقلت له: هل لك في حديث أُقرُّ به عينيك؟
فقال: ما أحوجني إلى ذلك، فإنْ أقررت عيني أقررتُ عينك.
فقلتُ: حدّثني جدي، عن أبيه، قال: كنّا ذات يوم عند رسول الله، إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي، فقال لها النبي (صلى الله عليه واله وسلّم): ما يبكيك يا قرة عيني؟
قال: يا أبتاه الحسن والحسين خرجا البارحة ولم أعلم أين باتا، وإنّ علياً يمسي على الدالية يسقي البستان منذ خمسة أيام.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم): لا تبكي يا فاطمة فإن الذي خلقهما ألطف مني ومنك بهما، ورفع يده إلى السماء وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(اللّهم إنْ كانا أخذا براً وبحراً فاحفظهما وسلّمهما).
فهبط جبرائيل وقال: يا محمد لا تهتمْ ولا تحزنْ هما فاضلان في الدنيا والآخرة، وإنّهما في حديقة بني النّجار باتا، وقد وكّل الله بهما ملكاً يحفظهما.
فقام رسول الله، وجبرائيل عن يمينه، ومعه جماعة من أصحابه حتى أتوا إلى الحديقة وإذا الحسن معانق للحسين والملك الموكل بهما إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما، فانكبّ الرسول (صلى الله عليه وسلّم) عليهما يقبلهما، فانتبها من نومهما، فحمل النبي (صلى الله عليه واله وسلّم) الحسن، وحمل جبرائيل الحسين، حتى خرجا من الحديقة والنبي (صلى الله عليه واله وسلّم) يقول: لأشرفهما اليوم كما أكرمهما الله تعالى.
فاستقبله أبو بكر وقال: يا رسول الله ناولني أحدهما لأحمله عنك.
فقال النبي (صلى الله عليه وسلّم): نِعْمَ الحمولة ونعم المطيةُ وأبوهما خير منهما، حتى أتى المسجد فقال لبلال: هلُم إلى النّاس، فاجتمعوا، فقام النبي (صلى الله عليه واله وسلّم) وقال:
(يا معاشر المسلمين ألا أدلكم على خير النّاس جداً وجدة)؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): هذان الحسن والحسين جدّهما رسول الله وجدتهما خديجة، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس أباً وأماً؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال (صلى الله عليه وآله): هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأمهما فاطمة ابنة محمد، سيّدة نساء العالمين.
(ثم) قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس خالاً وخالة؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): هذا الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله.
ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس عماً وعمة؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: هذا الحسن والحسين عمُّهما جعفر الطيار، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): اللّهم إنّك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنّة وجدهما وجدتهما في الجنّة، وأباهما وأمهما في الجنّة، وخالهما وخالتهما في الجنّة، وعمّهما وعمّتهما في الجنّة، اللهم وأنت تعلم أن من يحبهما في الجنّة، ومن يبغضهما في النّار.
قال المنصور: فلمّا جئت الشيخ بهذا الحديث قال: من أين أنت؟
فقلت: من الكوفة.
قال: عربي أو موالي؟
فقلت: عربي.
قال: وأنت تحدّث بمثل هذا الحديث وأنت على مثل هذه الحالة؟ ـ ورأى كسائي خلقاً ـ فخلع عليّ، وحملني على بغلته، وقال: قد أقررتَ عيني لأرشدنك إلى فتى تقرُّ به عينك.
ثم أرشدني إلى باب دار بقربه، فأتيتُ الدار التي وصفها لي، فإذا بشاب صبيح الوجه. فلمّا نظر إليَّ قال: والله إنّي لأعرف الكسوة والبغلة، أما كساك أبو فلان خلعته، وحملك على بغلته إلاّ وأنت تحب الله ورسوله، فأنزلني وحدّثته في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقلت له: أخبرني والدي عن جدّي عن أبيه، قال: كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) ذات يوم، إذ أقبلت فاطمة والحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله نساء قريش عيّرتني فقلن لي إنّ أباك زوّجك برجل معدم لا مال له ولا نعم، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): ما أنا بالذي زوّجتك، بل الله عزّ وجلّ زوجك من فوق سماواته، وأشهد جبرائيل وميكائيل واسرافيل، فأوحى الله إليّ أنْ أزوجك في أرضه بعلي، وأنّ الله اطّلع على الأرض اطلاعة، فاختار فيها علياً بعلاً فزوّجك إياه، فعلي أشجع النّاس قلباً، وأعظم النّاس حلماً، وأعلم النّاس علماً، وأقدم النّاس إيماناً، وأمنح النّاس كفاً. (يا فاطمة) إنّي لآخذ مفاتيح الجنّة بيدي ولواء الحمد أيضاً، فارفعهما إلى علي، فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه (يا فاطمة) إنّي غداً أقيم على حوضي علياً يسقي من عرف من أمتي (يا فاطمة) يُكسى أبوك حليتين من حلل الجنّة، ويُكسى علي حليتين من حلل الجنّة، ولواء الحمد في يدي، وأمتي لمحت لوائي فأناوله لعلي إكراماً له من الله عزّ وجلّ، وينادي منادٍ: يا محمد نعم الجدّ جدّك إبراهيم، ونِعمَ الأخ أخوك علي، وإذا دعاني رب العالمين دعا علياً معي، وإذا جيء بي جيء به معي، وإذا شفعت شفع معي. وإذا أجبت أجاب معي، وإنّه يوم القيامة عوني على مفاتيح الجنّة، قومي يا فاطمة فإنّ علياً وشيعته الفائزون غداً في الجنّة.
قال المنصور: فلمّا حدثت الشاب هذا الحديث قال لي: ومن أين أنت؟
قلت: من الكوفة.
قال: عربي أو موالي؟
قلت: عربي.
وكساني عشرين ثوباً، وأعطاني عشرين ألف درهم، وقال: قد أقررتَ عيني بهذا الحديث، ولي إليك حاجة.
فقلت مقضية إنْ شاء الله تعالى.
قال: إذا كان غداً فآت مسجد بني فلان كيما ترى أخي الشقي، ثم فارقته، وطالت عليّ ليلتي، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصفه لي، وقمت أصلي معه في الصف الأول وإذا أنا برجل شاب، وهو معتم على رأسه ووجهه، فلمّا ذهب كي يركع سقطت العمامة عن رأسه، فرأيت رأسه رأس خنزير، وجهه وجه خنزير، فما عقلت ما أقول في صلاتي حتى سلّم الإمام، فالتفتُّ إليه، وقلت له: ما هذا الذي أدى بك؟
فقال لي: لعلّك صاحب أخي بالأمس.
قلت: نعم.
فأخذ بيدي، وأقامني وهو يبكي، حتى أتينا إلى المنزل فقال: ادخل، فدخلتْ.
فقال لي: انظر إلى هذا الدكان، فنظرت إلى دكة فقال: كنت مؤدباً أؤدِّب الصبيان على هذه الدكّة، وكنت ألعن علياً بين كل أذان وإقامة ألف مرة، فخرجت يوماً من المسجد وأتيت الدار فانطرحت على هذه الدكّة نائماً، فرأيت في منامي كأنني في الجنّة متكئاً على هذا الدكان، وجماعة جلوس يحدثونني فرحين مسرورين بعضهم ببعض، وكان النبي (صلى الله عليه وسلّم) قد أقبل (ومعه علي بن أبي طالب)، وعن يمينه الحسن، ومعه إبريق، وعن يساره الحسين ومعه كأس، فقال للحسن: اسق أباك علياً، فسقاه فشرب، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اسق الجماعة فسقاهم، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اسق هذا النائم المتكئ على الدكان، فقال: يا جداه أتأمرني أنْ أسقيه وهو يلعن أبي في كل وقت أذان ألف مرة، وفي يومنا هذا قد لعنه أربعة آلاف مرة، فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلّم) قد أقبل إليَّ، وقال لي: ما بالك تلعن أباه، وهو منّي وأنا منه، فعليك غضب الله، ثم ضربني برجله، وقال: غيّر الله ما بك من نعمة، فانتبهت ورأسي رأس خنزير، ووجهي وجه خنزير.
ثم قال المنصور: يا سليمان بالله هذان الحديثان عندك؟
فقلت: لا.
فقال: يا سليمان (حب علي إيمان، وبغضه نفاق).
فقال الأعمش: فقلت: يا أمير المؤمنين ما تقول في قاتل الحسين؟
قال: في النّار، وكذلك من قتل ولده.
فأطرق (المنصور) ثم رفع رأسه وقال: يا سليمان الملك عقيم، حدِّث في فضائل علي ما شئت.
المصدر : غاية المرام/ ص656-657
فضائل لاهل البيت عليهم السلام
((قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)). المائدة/ 60.
من يلعن علياً يُقلب خنزيراً
روى العلاّمة البحراني عن صاحب (المناقب الناضرة في العترة الطاهرة) (بإسناده المذكور) عن محمد المسكوي، عن سليمان الأعمش (من كبار التابعين، روى عن عدد من الصحابة، وعن عدد من التابعين، نقل أحاديثه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها)قال:
بعث إليّ المنصور في جوف الليل، فجزعت وقلت في نفسي ما بعث إليّ في هذه الساعة إلاّ لخبر، ولا شك أنّه يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإنْ أخبرته يقتلني، فنهضتُ وتطهرتُ ولبستُ ثياباً نظيفة جعلتها أكفاني، وتحنطتُ وكتبت وصيتي، وسرتُ إليه، فوجدت عنده عمرو بن عبيد، فحمدتُ الله، وقلتُ وجدتُ رجلاً عون صدق، فلمّا صرتُ بين يديه قال لي: ادنُ مني يا سليمان، فدنوتُ منه، فلمّا قربت منه أقبلت إلى عمرو بن عبيد أسأله، ففاح له مني ريح الحنوط فقال لي المنصور:
يا سليمان ما هذه الرائحة والله لئن لم تصدقني لأقتلنك.
فقلت: يا أمير المؤمنين لمّا أتاني رسولك في جوف الليل قلت ما بعث إليّ في هذا الوقت إلاّ ليسألني عن فضائل أهل البيت فإنْ أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي، ولبست ثياباً جعلتها أكفاني، وتحنطتُ، وكان (المنصور) متكئاً فاستوى جالساً، وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.
ثم قال: يا سليمان ما اسمي؟
قلت: أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.
قال: صدقت.
قال: فأخبرني كم حديثاً تروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم) في فضائل أهل البيت؟
فقلت: يسيراً.
قال: على كم ذلك؟
قلت: عشرة آلاف حديث، وما زاد.
قال: يا سليمان، لأحدثنك في فضائلهم حديثين يأكلان الأحاديث إنْ حلفت أنْ لا ترويهما لأحد من الشيعة.
فقلت: والله لا أخبر بهما أحداً، وحلفتُ له بنعمته.
فقال: اسمع يا سليمان، كنتُ هارباً من مروان، أدور في البلاد، وأتقرب إلى النّاس بفضائل علي بن أبي طالب، وكانوا يأتونني ويزورونني ويطعمونني حتى وردت بلاد الشام وأنا في خلق كساء ما عليّ غيره، فسمعت الأذان في مسجد فدخلت لأصلي وفي نفسي أنْ أكلّم النّاس في عشاء أتعشى به، فصلّيت وراء الإمام، فلمّا سلَّم اتكأ على الحائط وأهل المسجد حضور، ما رأيت أحداً يتكلم توقيراً لإمامهم، وأنا جالس، فإذا صبيان قد دخلا المسجد، فلمّا نظر إليهما الإمام قال: مرحباً بكما ومرحباً بمن سُميتما باسميهما.
فقلت في نفسي قد أصبتُ حاجتي، وكان إلى جنبي شاب فقلت له: من يكون ذان الصبيان، ومن الشيخ؟
فقال: هو جدّهما وليس في هذه المدينة من يحبُّ علياً سواه، فلذلك قد سماهمّا حسناً وحسيناً، فملتُ بوجهي إلى الشيخ وقلت له: هل لك في حديث أُقرُّ به عينيك؟
فقال: ما أحوجني إلى ذلك، فإنْ أقررت عيني أقررتُ عينك.
فقلتُ: حدّثني جدي، عن أبيه، قال: كنّا ذات يوم عند رسول الله، إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي، فقال لها النبي (صلى الله عليه واله وسلّم): ما يبكيك يا قرة عيني؟
قال: يا أبتاه الحسن والحسين خرجا البارحة ولم أعلم أين باتا، وإنّ علياً يمسي على الدالية يسقي البستان منذ خمسة أيام.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم): لا تبكي يا فاطمة فإن الذي خلقهما ألطف مني ومنك بهما، ورفع يده إلى السماء وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم):
(اللّهم إنْ كانا أخذا براً وبحراً فاحفظهما وسلّمهما).
فهبط جبرائيل وقال: يا محمد لا تهتمْ ولا تحزنْ هما فاضلان في الدنيا والآخرة، وإنّهما في حديقة بني النّجار باتا، وقد وكّل الله بهما ملكاً يحفظهما.
فقام رسول الله، وجبرائيل عن يمينه، ومعه جماعة من أصحابه حتى أتوا إلى الحديقة وإذا الحسن معانق للحسين والملك الموكل بهما إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما، فانكبّ الرسول (صلى الله عليه وسلّم) عليهما يقبلهما، فانتبها من نومهما، فحمل النبي (صلى الله عليه واله وسلّم) الحسن، وحمل جبرائيل الحسين، حتى خرجا من الحديقة والنبي (صلى الله عليه واله وسلّم) يقول: لأشرفهما اليوم كما أكرمهما الله تعالى.
فاستقبله أبو بكر وقال: يا رسول الله ناولني أحدهما لأحمله عنك.
فقال النبي (صلى الله عليه وسلّم): نِعْمَ الحمولة ونعم المطيةُ وأبوهما خير منهما، حتى أتى المسجد فقال لبلال: هلُم إلى النّاس، فاجتمعوا، فقام النبي (صلى الله عليه واله وسلّم) وقال:
(يا معاشر المسلمين ألا أدلكم على خير النّاس جداً وجدة)؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): هذان الحسن والحسين جدّهما رسول الله وجدتهما خديجة، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس أباً وأماً؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال (صلى الله عليه وآله): هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأمهما فاطمة ابنة محمد، سيّدة نساء العالمين.
(ثم) قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس خالاً وخالة؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): هذا الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله.
ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلكم على خير النّاس عماً وعمة؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: هذا الحسن والحسين عمُّهما جعفر الطيار، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): اللّهم إنّك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنّة وجدهما وجدتهما في الجنّة، وأباهما وأمهما في الجنّة، وخالهما وخالتهما في الجنّة، وعمّهما وعمّتهما في الجنّة، اللهم وأنت تعلم أن من يحبهما في الجنّة، ومن يبغضهما في النّار.
قال المنصور: فلمّا جئت الشيخ بهذا الحديث قال: من أين أنت؟
فقلت: من الكوفة.
قال: عربي أو موالي؟
فقلت: عربي.
قال: وأنت تحدّث بمثل هذا الحديث وأنت على مثل هذه الحالة؟ ـ ورأى كسائي خلقاً ـ فخلع عليّ، وحملني على بغلته، وقال: قد أقررتَ عيني لأرشدنك إلى فتى تقرُّ به عينك.
ثم أرشدني إلى باب دار بقربه، فأتيتُ الدار التي وصفها لي، فإذا بشاب صبيح الوجه. فلمّا نظر إليَّ قال: والله إنّي لأعرف الكسوة والبغلة، أما كساك أبو فلان خلعته، وحملك على بغلته إلاّ وأنت تحب الله ورسوله، فأنزلني وحدّثته في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقلت له: أخبرني والدي عن جدّي عن أبيه، قال: كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) ذات يوم، إذ أقبلت فاطمة والحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله نساء قريش عيّرتني فقلن لي إنّ أباك زوّجك برجل معدم لا مال له ولا نعم، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): ما أنا بالذي زوّجتك، بل الله عزّ وجلّ زوجك من فوق سماواته، وأشهد جبرائيل وميكائيل واسرافيل، فأوحى الله إليّ أنْ أزوجك في أرضه بعلي، وأنّ الله اطّلع على الأرض اطلاعة، فاختار فيها علياً بعلاً فزوّجك إياه، فعلي أشجع النّاس قلباً، وأعظم النّاس حلماً، وأعلم النّاس علماً، وأقدم النّاس إيماناً، وأمنح النّاس كفاً. (يا فاطمة) إنّي لآخذ مفاتيح الجنّة بيدي ولواء الحمد أيضاً، فارفعهما إلى علي، فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه (يا فاطمة) إنّي غداً أقيم على حوضي علياً يسقي من عرف من أمتي (يا فاطمة) يُكسى أبوك حليتين من حلل الجنّة، ويُكسى علي حليتين من حلل الجنّة، ولواء الحمد في يدي، وأمتي لمحت لوائي فأناوله لعلي إكراماً له من الله عزّ وجلّ، وينادي منادٍ: يا محمد نعم الجدّ جدّك إبراهيم، ونِعمَ الأخ أخوك علي، وإذا دعاني رب العالمين دعا علياً معي، وإذا جيء بي جيء به معي، وإذا شفعت شفع معي. وإذا أجبت أجاب معي، وإنّه يوم القيامة عوني على مفاتيح الجنّة، قومي يا فاطمة فإنّ علياً وشيعته الفائزون غداً في الجنّة.
قال المنصور: فلمّا حدثت الشاب هذا الحديث قال لي: ومن أين أنت؟
قلت: من الكوفة.
قال: عربي أو موالي؟
قلت: عربي.
وكساني عشرين ثوباً، وأعطاني عشرين ألف درهم، وقال: قد أقررتَ عيني بهذا الحديث، ولي إليك حاجة.
فقلت مقضية إنْ شاء الله تعالى.
قال: إذا كان غداً فآت مسجد بني فلان كيما ترى أخي الشقي، ثم فارقته، وطالت عليّ ليلتي، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصفه لي، وقمت أصلي معه في الصف الأول وإذا أنا برجل شاب، وهو معتم على رأسه ووجهه، فلمّا ذهب كي يركع سقطت العمامة عن رأسه، فرأيت رأسه رأس خنزير، وجهه وجه خنزير، فما عقلت ما أقول في صلاتي حتى سلّم الإمام، فالتفتُّ إليه، وقلت له: ما هذا الذي أدى بك؟
فقال لي: لعلّك صاحب أخي بالأمس.
قلت: نعم.
فأخذ بيدي، وأقامني وهو يبكي، حتى أتينا إلى المنزل فقال: ادخل، فدخلتْ.
فقال لي: انظر إلى هذا الدكان، فنظرت إلى دكة فقال: كنت مؤدباً أؤدِّب الصبيان على هذه الدكّة، وكنت ألعن علياً بين كل أذان وإقامة ألف مرة، فخرجت يوماً من المسجد وأتيت الدار فانطرحت على هذه الدكّة نائماً، فرأيت في منامي كأنني في الجنّة متكئاً على هذا الدكان، وجماعة جلوس يحدثونني فرحين مسرورين بعضهم ببعض، وكان النبي (صلى الله عليه وسلّم) قد أقبل (ومعه علي بن أبي طالب)، وعن يمينه الحسن، ومعه إبريق، وعن يساره الحسين ومعه كأس، فقال للحسن: اسق أباك علياً، فسقاه فشرب، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اسق الجماعة فسقاهم، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اسق هذا النائم المتكئ على الدكان، فقال: يا جداه أتأمرني أنْ أسقيه وهو يلعن أبي في كل وقت أذان ألف مرة، وفي يومنا هذا قد لعنه أربعة آلاف مرة، فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلّم) قد أقبل إليَّ، وقال لي: ما بالك تلعن أباه، وهو منّي وأنا منه، فعليك غضب الله، ثم ضربني برجله، وقال: غيّر الله ما بك من نعمة، فانتبهت ورأسي رأس خنزير، ووجهي وجه خنزير.
ثم قال المنصور: يا سليمان بالله هذان الحديثان عندك؟
فقلت: لا.
فقال: يا سليمان (حب علي إيمان، وبغضه نفاق).
فقال الأعمش: فقلت: يا أمير المؤمنين ما تقول في قاتل الحسين؟
قال: في النّار، وكذلك من قتل ولده.
فأطرق (المنصور) ثم رفع رأسه وقال: يا سليمان الملك عقيم، حدِّث في فضائل علي ما شئت.
المصدر : غاية المرام/ ص656-657