المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لزوم‌ الإمام‌ الحيّ لتمتّع‌ القلوب‌


عاشق الحسن
12-05-2011, 05:21 PM
بسم‌ الله‌ الرّحمن‌ الرّحيم‌

و صلّي‌ اللهُ علی‌ محمّد و ءاله‌ الطاهرين‌

و لعنة‌ الله‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدِّين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ الاّ بالله‌ العلی العظيم‌



قال‌ اللهُ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

وَ جَعَلْنَـ'هُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَآ إلیهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ وَ إِقَامَ الصَّلَوَ ةِ وَ إِيَتَآءَ الزَّكَو'ةِ وَ كَانُوا لَنَا عَـ'بِدِينَ[255].

أصل‌ العلیة‌ و المعلوليّة‌:

انّ كلّ واحد من‌ الموجودات‌ التي‌ تُشاهد في‌ العالم‌ له‌ أصل‌ و علّة‌ يستند في‌ نشأته‌ إلیها، كما انّ التغيّرات‌ و التبدّلات‌ التي‌ تحصل‌ فيها لها عللها هي‌ الاخري‌.

فلو ضربنا زجاجةً بحجر لانكسرت‌، و لو أجرينا ماءً في‌ جدول‌ لجري‌ الماء إلی‌ حيث‌ ما أمكن‌ له‌، و لبلّ النقاط‌ التي‌ يلامسها، حتّي‌ انّ الماء يجري‌ في‌ خُلل‌ الجبال‌ و شقوقها ما وجد إلی‌ ذلك‌ سبيلاً.

و هذا هو أصلٌ عام‌ في‌ النشوء و في‌ التغيّرات‌ المشهودة‌ في‌ موجودات‌ العالم‌.



تأثير المجالسة‌ في‌الإنسان‌:
كما انّ أخلاق‌ و ملكات‌ و عقائد و روحيّات‌ بني‌ الإنسان‌ ليست‌ مستثناةً من‌ هذا الاصل‌ العام‌، فقد ثبت‌ بالتجربة‌ انّ معاشرة‌ الابرار تؤثر علی‌ الإنسان‌، و انّ المعاشرة‌ مع‌ الاشرار تؤثر علیه‌ هي‌ الاخري‌، و ما أكثر ما حصل‌ أن‌ يصاحب‌ شخصٌ ذو فطرة‌ طيبة‌ و أعمال‌ صالحة‌ أصدقاءَ السوء فتلاشي‌ صفاؤه‌ الباطني‌، و أظلم‌ قلبه‌ و اختنقت‌ روحه‌.

و علی‌ العكس‌ من‌ ذلك‌، فما أكثر ما حصل‌ انّ شخصاً ذا سيرة‌ سيّئة‌ غيرّ اسلوبه‌ و نهجه‌ إثر معاشرته‌ لشخص‌ طيّب‌، فصلُحت‌ نيّته‌ تدريجاً، وتبعتها أفعالُه‌ فصارت‌ صالحةً حسنة‌ حميدة‌.

لذا ورد التأكيد كثيراً في‌ التعإلیم‌ الإسلاميّة‌ علی‌ مصاحبة‌ الابرار والمنع‌ من‌ الاُنس‌ بالاشرار و التوادّ معهم‌، حتي‌ انّ جلسةً واحدة‌ قد تؤثّر علی‌ الانسان‌ و لو أمضاها بالسكوت‌ او المذاكرة‌، لان‌ تأثير الارواح‌ لا يحتاج‌ إلی‌ مذاكرة‌، و انّما الارواح‌ المؤتلفة‌ تميل‌ إلی‌ بعضها و تبتادل‌ التأثير مع‌ بعضها.

و من‌ أجل‌ أن‌ يستطيع‌ الإنسان‌ تغيير أخلاقه‌ و صفاته‌ إلی‌ اخلاق‌ وصفات‌ الإنسان‌ الكامل‌، فانّ علیه‌ أن‌ يعرّف‌ قلبه‌ و روحه‌ علی‌ أصل‌ و علّة‌ الاخلاق‌ و الصفات‌ الحسنة‌، لتؤثّر تلك‌ المحامد في‌ الإنسان‌ بواسطة‌ الاتّصال‌. و علیه‌ أن‌ يصل‌ مركز قلبه‌ بمنبع‌ العلم‌ و المعرفة‌ و الحياة‌، ليحصل‌ منه‌ علی‌ العلم‌ و المعرفة‌ و الحياة‌ قدر سعته‌ و استعداده‌ و قابليّته‌.

و كما انّ هناك‌ في‌ شبكة‌ المياه‌ في‌ المدن‌ مخ***ً عظيماً للماء متّصل‌ بعدد كبير من‌ البيوت‌، بحيث‌ يصل‌ إلیها الماء حسب‌ ظروفها و قابليّاتها، فكذلك‌ الامر في‌ علّة‌ و منبع‌ الحياة‌ و المعرفة‌ الذي‌ يجب‌ ان‌ يروي‌ و يُشبع‌ القلوب‌ بواسطة‌ التسليم‌ و الانقياد و الاتباع‌ و الخضوع‌، بقدر سعة‌ تلك‌ القلوب‌ و ظرفيّتها.

و لهذا الموضوع‌ أمران‌ ضروريّان‌:

الاول‌: وجود ذلك‌ الاصل‌ و العلّة‌، أي‌ مبدأ إفاضة‌ العلم‌ و الحياة‌.

و الثاني‌: التسليم‌ و التلقّي‌ و الخضوع‌؛ ليمكن‌ لتلك‌ العلّة‌ ان‌ تؤدّي‌ وظيفتها، لانّ التسليم‌ له‌ حكم‌ الشروط‌ لتلقّي‌ العلم‌ و المعارف‌، و معتبر من‌ المقدّمات‌ المُعِدّة‌.



قلب‌ الإمام‌ مركز إفاضة‌ العلوم‌:
مبدأ إفاضة‌ العلم‌ هو قلب‌ الامام‌ الذي‌ يفيض‌ ـ بواسطة‌ السيطرة‌ علی‌ ملكوت‌ الموجودات‌ ـ علی‌ كلّ موجود بقدر قابليّته‌ و استعداده‌: وَ جَعَلْنَـ'هُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [256].

و الهداية‌ بأمر الله‌ هي‌ هداية‌ أفراد البشر عن‌ طريق‌ ملكوتهم‌ ونفوسهم‌.

و لذا يجب‌ ان‌ يكون‌ في‌العالم‌ و علی‌ الدوام‌ إمامٌ حيّ، و قد استفدنا من‌ الاية‌: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـ'مِهِمْ[257].

انّ الإمام‌ موجود في‌ كلّ زمان‌، يُدعي‌ بواسطته‌ أفراد البشر واحداً فواحداً؛ و هذا أمر مسلّم‌ و صحيح‌ تستند علیه‌ جميع‌ أديان‌ العالم‌ و مذاهبه‌، و يعتمد علیه‌ الدين‌ الاسلامي‌ الذي‌ يعتبر تعيين‌ الإمام‌ للمجتمع‌ من‌ قبل‌ الله‌، و يعرّفه‌ بأنّه‌ صاحب‌ القلب‌ و المحيط‌ بالملكوت‌ و المعصوم‌ عن‌ الخطايا و المعاصي‌. كما انّ الشيعة‌ قد استفادوا هذا الامر علی‌ أساس‌ تعإلیم‌ الاسلام‌، فقد جعلوا سيرتهم‌ علی‌ واقع‌ و حقيقة‌ التعإلیم‌ الاسلاميّة‌، امّا أهل‌ السنّة‌ الذين‌ لا يُراعون‌ هذا الامر، فانّ أيديهم‌ قاصرة‌ عن‌ إدراك‌ منبع‌ الحياة‌ و العلم‌، و كما أُشير سابقاً فانّهم‌ لا يستفيدون‌ من‌ الإسلام‌ بالمعني‌ الحقيقي‌ّ.

و علی‌ هذا الاصل‌ القائل‌ بالحاجة‌ إلی‌ الإمام‌ الحيّ بعد رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ و ءاله‌، و هو الوجود المقدّس‌ لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فانّ ذلك‌ من‌ أجل‌ أن‌ يصل‌ جميع‌ أفراد البشر بواسطة‌ ذلك‌ القلب‌ الحيّ الواعي‌ في‌ عالم‌ الجمع‌ إلی‌ الإفادة‌ من‌ حياتهم‌ و علومهم‌، و إلاّ فانّه‌ اذا كفي‌ مجرّد العمل‌ بنداء (كفانا كتاب‌ الله‌)، لزحف‌ كلّ امري‌ء فانزوي‌ في‌ زاوية‌ النفس‌ و خرائبها المظلمة‌، و لما أمكنه‌ أن‌ يتخطّي‌ نفسه‌ و هواه‌ إلی‌ ءاخر عمره‌، وذلك‌ لان‌ الإمام‌ هو الملقي‌ للمعارف‌ القرءانيّة‌ إلی‌ قلب‌ الانسان‌، و بدونه‌ فانّ الإنسان‌ الاعمي‌ المهووس‌ بالشهوات‌ المنغمر في‌ اللذّات‌ سيفسّر ويؤوّل‌ الايات‌ القرءانيّة‌ لخدمة‌ أغراضه‌ و نواياه‌، و مهما عمل‌ فانّ عمله‌ لن‌ يتعدّي‌ دائرة‌ ميوله‌ و رغباته‌ النفسانيّة‌. و مثل‌ هذا القرءان‌ بدون‌ الروح‌ الحيّة‌ العميقة‌ الإدراك‌ للإمام‌ لاَ يَزيدُهم‌ مِنَ اللَهِ إلاَّ بُعْدًا.

كتاب معرفة الامام للطهراني

نرجس*
12-05-2011, 08:26 PM
http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-6e4bb51b77.gif (http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-6e4bb51b77.gif)


http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-66afceea3c.png (http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-66afceea3c.png)


نرجس