الأصولي
17-05-2011, 12:51 AM
تضاربت روايات المخالفين في قصة إسلام عمر إلى أن اتضح بالبحث والتدقيق أنه قد أسلم في مرحلة متأخرة في السنوات المتأخرة من بعثة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في مكة وقبل الهجرة إلى المدينة بقليل.
حيث يروون أن عمر قد توجّه لقتل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بأمرٍ من زعماء قريش، فوصل إليه وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله يهزّأه بأن أخذه من مجامع ثيابه وجذبه ثم طعنه حينها طعنة إلى أن سقط عمر على ركبيتيه تحت رجليّ رسول الله وهدده النبي بأن ينال مصير الوليد بن المغيرة – الذي كان من أكثر المستهزئين برسول الله فأصابته دعوة الرسول بنبل قتله وجعله يقول: قتلني رب محمد – وبعد هذا التهديد أسلم عمر!
الرواية:
عن أنس بن مالك قال: أن عمر خرجَ متقلداً سيفه فلقيه رجلٌ من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال (عمر): أريد أن أقتل محمدا! قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه! قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ أن ختنكَ وأختكَ قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه! (.....)
قال عمر: فأتيت الدار – أي دار الأرقم – وحمزة وأصحابه جلوسٌ فيه ورسول الله في البيت، فضربت الباب فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب! قال (حمزة): وعمر بن الخطاب؟! افتحوا له الباب فإن كان يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه لأن قتله علينا هيّنٌ! فسمعَ ذلك رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب! فخرج رسول الله فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترةً فما تمالك أن وقع على ركبتيه في الأرض، فقال (رسول الله): ما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله! (تاريخ دمشق لابن عساكر/ج18/ص269 ، سيرة ابن إسحاق/ص160 ، الطبقات لابن سعد/ج3/ص191)
لصرف النظر عن الاختلاف في كون إسلام عمر ها هنا إنقاذياً لنفسه أم لا، فلنتأمل في هذه الحادثة التي ذكر المؤرخون أنها وقعت في دار الأرقم، فنفترض جدلاً أن عمر قد أسلم "حقاً" وهذا يعني أنه قد أسلم في أول ثلاث سنوات من البعثة لأن رسول الله خرج من دار الأرقم ولم يعد يمكث فيها للتبليغ حينما أعلن صلى الله عليه وآله دعوته الجهرية بعد ثلاث سنوات من السرية، ولكن التضارب يأتي في تصريح علماء القوم أن عمر أسلم بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة – والتي قد وقعت في السنة الخامسة للبعثة – أي أنه أسلم في السنة السادسة كما صرّح بعضهم، فما هذا التناقض؟
بالإطلاع على هذا الشاهد مثلاً عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه ليلى قالت: كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما تهيئنا للخروج إلى أرض الحبشة أتى عمر وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجه فقال: إلى أين يا أم عبد الله؟ فقلت: آذيتمونا في ديننا، فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى؛ فقال: صحبكم الله! ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة فاخبرته بما رأيت من رقة عمر، فقال: ترجين أن يُسلم؟ والله لا يُسلم حتى يُسلم حمار الخطاب! يئساً منه لما كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام. (مجمع الزوائد/ج6/ص23 ، سيرة ابن كثير/ج2/ص32)
هذا التناقض يكشف أن إسلام عمر في دار الأرقم كان إضطراريا وإنقاذياً لنفسه، بل التحقيق يصل إلى أن عمر قد أسلم ظاهرياً قبل الهجرة بقليل حينما هاجر الرسول الأعظم في السنة الثالثة عشر من البعثة.
الشواهد على إسلام عمر قبل الهجرة بقليل:
1- ذكر المؤرخون أن عمر أسلم بعد 40 أو 45 رجلاً بعد الهجرة إلى الحبشة (راجع الثقاة لابن حبان/ج1/ص73 ، والبداية والنهاية لابن حجر/ج3/ص80)
بينما كان كل المهاجرين من المسلمين الذين آخا بينهم النبي وبين الأنصار في المدينة المنورة لا يتجاوزون 45 رجلاً (راجع الطبقات الكبرى لابن سعد/ج1/ص1 من القسم الثاني ، وفتح الباري/ج7/ص210)
ومعنى هذا أن عمر كان من آخر من أسلموا من المهاجرين وربما أسلم قبل الهجرة بأيام معدودة مما يعني استمرار عمر في معاينة و إيذاء الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله على مدى 13 سنة من البعثة في مكة إلى درجة أن قال النبي فيه: يا عمر ما تتركني ليلاً ولا نهارا؟ (حلية الأولياء/ج1/ص40).
2- نزلت سورة العنكبوت باتفاق أهل علم التنزيل وتفسير القرآن في مكة وكانت آخر سورة نزلت هناك قبل الهجرة إلى المدينة، بينما ذكر مؤرخو القوم أن عمر دنا من رسول الله في مكة وهو يصلي ويجهر بالقراءة فسمعه عمر يقرأ في صلاته الجهرية بالمسجد الحرام هاتين الآيتين من سورة العنكبوت: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ؛ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} ، فتأثر عمر وأسلم! (مصنف ابن عبد الرزاق/ج5/ص326)
لماذا دخل عمر الإسلام؟
أسلم عمر بن الخطاب طمعاً بعد أن رأى أن المسألة اصبحت واقعية وحقيقية وأن هذا الرسول سيكون له دولة في المدينة، وذلك لأنه كان يجالس اليهود والنصارى ويستخبرهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره، وقد ذكر المؤرخون أن عمر ذهب ذات مرة إلى الشام فرآه راهب وأخذ يتحدث معه إلى أن قال له ما مفاده: نحن نرى في كتبنا المقدسة أن نبيكم الذي في مكة سيظهر وسيتسلط على العرب ومن ثم أنت من خلال ما عرفناه من صفاتك يا عمر ستتسلط من بعده وتصل إلى الحكم وتأخذه. وقد أكّد صالح بن كيسان – أحد ما يسمى بالتابعين – أن اليهود كان لهم اطلاع بشأن عمر حيث قال: بلغني أن اليهود قالوا: أنـّا نجد فيما نقرأ من الأحاديث عن الأنبياء أنه يجلي يهود الحجاز رجلٌ صفته صفة عمر فأجلاهم.
الشواهد:
1- عن عمر بن الخطاب قال: دخلت الشام في أيام الجاهلية فانتهيت إلى ديْرٍ فاستظللت بظله، فخرج إليّ رجلٌ منه فقال: يا عبد الله .. ما يجلسك ها هنا؟ فقلت: أضللت أصحابي؛ فقال: أدخل وأصب من الطعام والشراب واسترح ونم؛ فدخلت فأتى بطعام وشراب ثم قال: يا هذا .. قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أحدٌ أعلم منّي للكتاب، وأني أجد صفتك الذي يخرجنا من هذا الديْر وتغلب على هذه البلدة. (الرياض النضرة في مناقب العشرة للطبري/ص219/باب خلافة عمر وما يتعلق بها - ذكر ما أخبر به أهل الكتاب متضمناً ذلك)
2- عن عمر بن الخطاب قال: أني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا: ما من أصحابك أحدٌ أكرم علينا منك لأنك تأتينا. (كنز العمال/ج2/ص353)
3- عن عمر بن الخطاب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عن تعلم التوراة! فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لا تتعلمها، وتعلموا ما أنزل عليكم وآمنوا به. (كنز العمال/ج1/ص372)
4- روى عمر بن الخطاب – مخاطبا رسول الله – قلت: يا رسول الله .. أن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا أن نكتبها؛ فقال رسول الله: يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيتُ جوامع الكلم واختُصِر لي الحديث اختصارا. (الدر المنثور/ج5/ص148)
5- عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن عمر بن الخطاب أتى النبي بكتابٍ أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه النبي فغضب فقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم فيها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني. (مسند أحمد/ج3/ص387)
6- قال عمر بن الخطاب: انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ثم جئت به فقال لي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ما هذا الذي في يدك يا عمر؟ فقلت: يا رسول الله .. كتابٌ نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا! فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتهاه ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم .. السلاح السلاح؛ فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله وعليهم السلاح، وإذا بالرسول يغضب ويخطب فيقول: يا أيها الناس أني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختُصر لي الحديث اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون؛ فقلت: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبك رسولاً؛ ثم نزل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من المنبر. (مجمع الزوائد/ج1/ص173)
إذن نخلص إلى أن عمر كان شديد الاتصال بعلماء اليهود وكان دائم التردد عليهم في زمن الجاهلية وحتى في زمن إسلامه، فكان يتردد على مجلس درس اليهود في كل يوم سبت، وفي أحيانٍ معينة كان يستنسخ كتبهم المحرّفة ويأتي بها إلى النبي ويغضب النبي عليه، وكان يبجّل اليهود ويقرّبهم منه.
وهنا نطرح هذه الأسئلة للنقاش:
• ألا يعني قيام عمر بسؤال اليهود عن الدين وانتساخه لكتبهم وحضوره في مجالس درسهم أن هناك خللاً عقائدياً في إيمانه؟
• من ترجع جذوره إلى اليهود؟ أتباع عمر أم أتباع بيت المصطفى؟
حيث يروون أن عمر قد توجّه لقتل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بأمرٍ من زعماء قريش، فوصل إليه وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله يهزّأه بأن أخذه من مجامع ثيابه وجذبه ثم طعنه حينها طعنة إلى أن سقط عمر على ركبيتيه تحت رجليّ رسول الله وهدده النبي بأن ينال مصير الوليد بن المغيرة – الذي كان من أكثر المستهزئين برسول الله فأصابته دعوة الرسول بنبل قتله وجعله يقول: قتلني رب محمد – وبعد هذا التهديد أسلم عمر!
الرواية:
عن أنس بن مالك قال: أن عمر خرجَ متقلداً سيفه فلقيه رجلٌ من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال (عمر): أريد أن أقتل محمدا! قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه! قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ أن ختنكَ وأختكَ قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه! (.....)
قال عمر: فأتيت الدار – أي دار الأرقم – وحمزة وأصحابه جلوسٌ فيه ورسول الله في البيت، فضربت الباب فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب! قال (حمزة): وعمر بن الخطاب؟! افتحوا له الباب فإن كان يريد خيراً بذلناه له، وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه لأن قتله علينا هيّنٌ! فسمعَ ذلك رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب! فخرج رسول الله فأخذ بمجامع ثيابه ثم نتره نترةً فما تمالك أن وقع على ركبتيه في الأرض، فقال (رسول الله): ما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله! (تاريخ دمشق لابن عساكر/ج18/ص269 ، سيرة ابن إسحاق/ص160 ، الطبقات لابن سعد/ج3/ص191)
لصرف النظر عن الاختلاف في كون إسلام عمر ها هنا إنقاذياً لنفسه أم لا، فلنتأمل في هذه الحادثة التي ذكر المؤرخون أنها وقعت في دار الأرقم، فنفترض جدلاً أن عمر قد أسلم "حقاً" وهذا يعني أنه قد أسلم في أول ثلاث سنوات من البعثة لأن رسول الله خرج من دار الأرقم ولم يعد يمكث فيها للتبليغ حينما أعلن صلى الله عليه وآله دعوته الجهرية بعد ثلاث سنوات من السرية، ولكن التضارب يأتي في تصريح علماء القوم أن عمر أسلم بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة – والتي قد وقعت في السنة الخامسة للبعثة – أي أنه أسلم في السنة السادسة كما صرّح بعضهم، فما هذا التناقض؟
بالإطلاع على هذا الشاهد مثلاً عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه ليلى قالت: كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما تهيئنا للخروج إلى أرض الحبشة أتى عمر وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجه فقال: إلى أين يا أم عبد الله؟ فقلت: آذيتمونا في ديننا، فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى؛ فقال: صحبكم الله! ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة فاخبرته بما رأيت من رقة عمر، فقال: ترجين أن يُسلم؟ والله لا يُسلم حتى يُسلم حمار الخطاب! يئساً منه لما كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام. (مجمع الزوائد/ج6/ص23 ، سيرة ابن كثير/ج2/ص32)
هذا التناقض يكشف أن إسلام عمر في دار الأرقم كان إضطراريا وإنقاذياً لنفسه، بل التحقيق يصل إلى أن عمر قد أسلم ظاهرياً قبل الهجرة بقليل حينما هاجر الرسول الأعظم في السنة الثالثة عشر من البعثة.
الشواهد على إسلام عمر قبل الهجرة بقليل:
1- ذكر المؤرخون أن عمر أسلم بعد 40 أو 45 رجلاً بعد الهجرة إلى الحبشة (راجع الثقاة لابن حبان/ج1/ص73 ، والبداية والنهاية لابن حجر/ج3/ص80)
بينما كان كل المهاجرين من المسلمين الذين آخا بينهم النبي وبين الأنصار في المدينة المنورة لا يتجاوزون 45 رجلاً (راجع الطبقات الكبرى لابن سعد/ج1/ص1 من القسم الثاني ، وفتح الباري/ج7/ص210)
ومعنى هذا أن عمر كان من آخر من أسلموا من المهاجرين وربما أسلم قبل الهجرة بأيام معدودة مما يعني استمرار عمر في معاينة و إيذاء الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله على مدى 13 سنة من البعثة في مكة إلى درجة أن قال النبي فيه: يا عمر ما تتركني ليلاً ولا نهارا؟ (حلية الأولياء/ج1/ص40).
2- نزلت سورة العنكبوت باتفاق أهل علم التنزيل وتفسير القرآن في مكة وكانت آخر سورة نزلت هناك قبل الهجرة إلى المدينة، بينما ذكر مؤرخو القوم أن عمر دنا من رسول الله في مكة وهو يصلي ويجهر بالقراءة فسمعه عمر يقرأ في صلاته الجهرية بالمسجد الحرام هاتين الآيتين من سورة العنكبوت: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ؛ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} ، فتأثر عمر وأسلم! (مصنف ابن عبد الرزاق/ج5/ص326)
لماذا دخل عمر الإسلام؟
أسلم عمر بن الخطاب طمعاً بعد أن رأى أن المسألة اصبحت واقعية وحقيقية وأن هذا الرسول سيكون له دولة في المدينة، وذلك لأنه كان يجالس اليهود والنصارى ويستخبرهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره، وقد ذكر المؤرخون أن عمر ذهب ذات مرة إلى الشام فرآه راهب وأخذ يتحدث معه إلى أن قال له ما مفاده: نحن نرى في كتبنا المقدسة أن نبيكم الذي في مكة سيظهر وسيتسلط على العرب ومن ثم أنت من خلال ما عرفناه من صفاتك يا عمر ستتسلط من بعده وتصل إلى الحكم وتأخذه. وقد أكّد صالح بن كيسان – أحد ما يسمى بالتابعين – أن اليهود كان لهم اطلاع بشأن عمر حيث قال: بلغني أن اليهود قالوا: أنـّا نجد فيما نقرأ من الأحاديث عن الأنبياء أنه يجلي يهود الحجاز رجلٌ صفته صفة عمر فأجلاهم.
الشواهد:
1- عن عمر بن الخطاب قال: دخلت الشام في أيام الجاهلية فانتهيت إلى ديْرٍ فاستظللت بظله، فخرج إليّ رجلٌ منه فقال: يا عبد الله .. ما يجلسك ها هنا؟ فقلت: أضللت أصحابي؛ فقال: أدخل وأصب من الطعام والشراب واسترح ونم؛ فدخلت فأتى بطعام وشراب ثم قال: يا هذا .. قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أحدٌ أعلم منّي للكتاب، وأني أجد صفتك الذي يخرجنا من هذا الديْر وتغلب على هذه البلدة. (الرياض النضرة في مناقب العشرة للطبري/ص219/باب خلافة عمر وما يتعلق بها - ذكر ما أخبر به أهل الكتاب متضمناً ذلك)
2- عن عمر بن الخطاب قال: أني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا: ما من أصحابك أحدٌ أكرم علينا منك لأنك تأتينا. (كنز العمال/ج2/ص353)
3- عن عمر بن الخطاب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عن تعلم التوراة! فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لا تتعلمها، وتعلموا ما أنزل عليكم وآمنوا به. (كنز العمال/ج1/ص372)
4- روى عمر بن الخطاب – مخاطبا رسول الله – قلت: يا رسول الله .. أن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا أن نكتبها؛ فقال رسول الله: يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيتُ جوامع الكلم واختُصِر لي الحديث اختصارا. (الدر المنثور/ج5/ص148)
5- عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن عمر بن الخطاب أتى النبي بكتابٍ أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه النبي فغضب فقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم فيها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني. (مسند أحمد/ج3/ص387)
6- قال عمر بن الخطاب: انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ثم جئت به فقال لي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ما هذا الذي في يدك يا عمر؟ فقلت: يا رسول الله .. كتابٌ نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا! فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتهاه ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم .. السلاح السلاح؛ فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله وعليهم السلاح، وإذا بالرسول يغضب ويخطب فيقول: يا أيها الناس أني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختُصر لي الحديث اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون؛ فقلت: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبك رسولاً؛ ثم نزل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من المنبر. (مجمع الزوائد/ج1/ص173)
إذن نخلص إلى أن عمر كان شديد الاتصال بعلماء اليهود وكان دائم التردد عليهم في زمن الجاهلية وحتى في زمن إسلامه، فكان يتردد على مجلس درس اليهود في كل يوم سبت، وفي أحيانٍ معينة كان يستنسخ كتبهم المحرّفة ويأتي بها إلى النبي ويغضب النبي عليه، وكان يبجّل اليهود ويقرّبهم منه.
وهنا نطرح هذه الأسئلة للنقاش:
• ألا يعني قيام عمر بسؤال اليهود عن الدين وانتساخه لكتبهم وحضوره في مجالس درسهم أن هناك خللاً عقائدياً في إيمانه؟
• من ترجع جذوره إلى اليهود؟ أتباع عمر أم أتباع بيت المصطفى؟