عاشق داحي الباب
18-05-2011, 12:30 PM
بسـم الله الرحمن الرحيم
***ابن تيمية يهاجم الشيعة بسبب قولهم بعصمة الأنبياء عليهم السلام !
قال في منهاج سنته :1/473: ( وأما الرافضة فأشبهوا النصارى ، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به ، وتصديقهم فيما أخبروا به ، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله تعالى ، فبدلت النصارى دين الله تعالى فغلوا في المسيح فأشركوا به وبدلوا دينه..... وكذلك الرافضة غَلَوْا في الرسل بل في الأئمة حتى اتخذوهم أرباباً من دون الله، فتركوا عبادة الله وحده لاشريك له التي أمرهم بها الرسل وكذبوا الرسل فيما أخبروا به من توبة الأنبياء واستغفارهم ) ! انتهى .
يقصد بذلك أن الشيعة كذبوا الرسل في أن الأنبياء عليهم السلام قد ارتكبوا المعاصي وتابوا ، وذلك بتكذيبهم للإسرائيليات في مصادر اليهود ، ومصادر الخلافة القرشية التي تنسب الى الأنبياء عليهم السلام المعاصي والجرائم ، فتكذيبها يعتبر تكذيباً للرسل وكفراً !!
*** السبب الغريب لهجوم ابن تيمية على عصمة الأنبياء !
كشف ابن تيمية عن سبب حملته على الشيعة لتنزيههم الأنبياء عليهم السلام ! فقد تخيل أن غرضهم من ذلك الطعن بأبي بكر وعمر ، لأن عقيدة العصمة التامة تجعل المعاصي فضيلة وارتكابها منقصة ، وأبو بكر وعمر كانا كافرين قبل الإسلام يرتكبان المعاصي ، فيكون ذلك منقصة فيهما ، فلا يستحقان مقام الخلافة عن النبي المعصوم عصمة تامة !.
لذا رأى ابن تيمية الدفاع عن أبي بكر وعمر برفض عقيدة العصمة التامة للأنبياء عليهم السلام والقول بأنهم كانوا قبل النبوة مثل أبي بكر وعمر كفاراً يرتكبون المعاصي ثم تابوا ، ثم بجعل الكافر ومرتكب المعصية التائب أفضل من غير مرتكبها !!
قال في منهاج سنته: 2/429: ( وأما ما تقوله الرافضة من أن النبي قبل النبوة وبعدها لايقع منه خطأ ، ولاذنب صغير وكذلك الأئمة ، فهذا مما انفردوا به عن فرق الأمة كلها ، وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف ، ومن مقصودهم بذلك القدح في إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لكونهما أسلما بعد الكفر ، ويدعون أن علياً رضي الله عنه لم يزل مؤمناً ، وأنه لم يخطئ قط ولم يذنب قط ، وكذلك تمام الإثني عشر . وهذا مما يظهر كذبهم وضلالهم فيه لكل ذي عقل يعرف أحوالهم ! ولهذا كانوا هم أغلى الطوائف في ذلك وأبعدهم عن العقل والسمع.... ونكتة أمرهم أنهم ظنوا وقوع ذلك من الأنبياء والأئمة نقصاً ، وإن ذلك يجب تنزيههم عنه ، وهم مخطئون إما في هذه المقدمة وإما في هذه المقدمة أما المقدمة الأولى فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما كان قبلها ، منقوصاً ولا مغضوضاً منه ، بل هذا مفضَّلٌ عظيمٌ مكرمٌ ، وبهذا ينحل جميع ما يوردونه من الشبه !) . انتهى.
ثم أفاض ابن تيمية في ذكر فضائل من يعصي ويتوب ، فقال في منهاجه2/430:
( وفي الصحيحين عن النبي(ص)من غير وجه أنه قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دويِّة مهلكة ، عليها طعامه وشرابه ، فقال (من القيلولة) تحت شجرة ينتظر الموت ، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه ! فكيف تجدون فرحه بها؟ قالوا: عظيماً يا رسول الله . قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته..... فمن يجعل التائب الذي اجتباه الله وهداه منقوصاً بما كان من الذنب الذي تاب منه ، وقد صار بعد التوبة خيراً مما كان قبل التوبة ، فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله ) !! .
ثم تنازل ابن تيمية قليلاً ، فقال: ( ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب ، بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس ! فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل ، ومنهم من يعود إلى ما كان ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله . والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب ، وفيهم من هو مثله ، وفيهم من هو دونه ) . انتهى.
ومعنى كلامه أن الكافر مرتكب المعصية إذا تاب قد يكون أحياناً خيراً ممن لم يكفر ولم يرتكب المعصية !
ثم قال ابن تيمية: 2/397 ( والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول(ص)وقبل أن يصدر منهم مايدعونه من الأحداث ، كانوا من خيار الخلق ، وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام). انتهى.
وبذلك كشف عن أن أصل هدفه وغرضه أن يثبت أن كفر أبي بكر وعمر ومعاصيهما قبل الإسلام أو معاصي بعض الصحابة بعده ، لاينقص من درجتهم ، ولا يجعل درجة عليٍّ عليه السلام والنبي’لعصمتهما التي يدعيها الشيعة أرفع من درجتهم !
*** ابن تيمية يكفر الشيعة لأنهم حرموا الأنبياء من المعاصي وثواب التوبة !
تمادى ابن تيمية فاعتبر أن القول بعصمة التامة هو حرمان للأنبياء عليهم السلام من المعاصي والتوبة وثوابها العظيم !! قال في نفس الموضع:
(وأيضاً: فوجوب كون النبي لايتوب إلى الله فينال محبة الله وفرحه بتوبته وترتفع درجته بذلك ، ويكون بعد التوبة التي يحبه الله منه خيراً مما كان قبلها ، فهذا مع ما فيه من التكذيب للكتاب والسنة ، غض من مناصب الأنبياء وسلبهم هذه الدرجةومنع إحسان الله إليهم وتفضله عليهم بالرحمة والمغفرة.
ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه ، فهو مخالف ما علم بالإضطرار من دين الإسلام ! فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله(ص)بعد كفرهم وهداهم الله به بعد ضلالهم ، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا على الإسلام ! وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار ، أو بني المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له !!.....وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية ) !! انتهى.
فالنبي عند ابن تيمية إذا ذاق طعم الكفر والجرائم والمعاصي مثل أبي بكر وعمر ، يكون أقرب الى الله تعالى! والذين يقولون بعصمة النبي عليه السلام وعدم صدور المعاصي منه فقد نقصوه حقه وحرموه من النعمة العظيمة التي لاتتحقق إلا بالكفر والمعاصي ، وهي فرحة الله بتوبته ، والتي فاز بها أبو بكر وعمر !
وهكذا يظهر أن مكانة أبي بكر وعمر عندهم هي حجر الزاوية في هندسة عقائدهم (الإسلامية)وأنهم لايخجلون في سلب العصمة عن جميع الأنبياء عليهم السلام ورميهم بالكفر والمعاصي حتى بعد النبوة ، من أجل مساواتهم بأبي بكر وعمر ، والتفضل عليهم بدرجة التوبة العظيمة التي نالها أبو بكر وعمر !!
وقد واصل ابن تيمية خطابته في مقام التائبين من جرائمهم ، وكيف أن الله تعالى يمحوها ، بل يبدلها حسنات ، ثم قال في:2/400:
( وكذلك من اتفق أن شرب السم فسقى ترياقاً فاروقاً يمنع نفوذ سائر السموم فيه ، كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق . والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها .
فهذا وأمثاله من خيار تأويلات المانعين لما دل عليه القرآن من توبة الأنبياء من ذنوبهم واستغفارهم، وزعمهم أنه لم يكن هناك مايوجب توبة ولااستغفار ولاتفضل الله عليه بمحبته وفرحه بتوبتهم ومغفرته ورحمته لهم . فكيف بسائر تأويلاتهم التي فيها من تحريف القرآن وقول الباطل على الله ، ما ليس هذا موضع بسطه ) !
***ابن تيمية يجوِّز أن يكون النبي كافراً فاسقاً شريراً !
وأخيراً صرح ابن تيمية بمذهبه إن لفه بلفافة ! فقال بعدم عصمة الأنبياء مطلقاً وأن الله تعالى يمكن أن يبعث نبياً كافراً أو فاسقاً قبل النبوة ، أو يصير كافراً فاسقاً بعدها ، فذلك مقتضى إنكار الحسن والقبح العقليين ، وإنكار لزوم الحكمة في أفعال الله تعالى !
قال في منهاجه:2/413: ( ومما يبين الكلام في مسألة العصمة أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها ، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله تعالى إذا كان جعل الشخص نبياً رسولاً من أفعال الله تعالى فمن نفى الحِكَم والأسباب في أفعاله وجعلها معلقةً بمحض المشيئة ، وجوَّز عليه فعل كل ممكن ، ولم ينزهه عن فعل من الأفعال ، كما هو قول الجهم بن صفوان وكثير من الناس كالأشعري ومن وافقه من أهل الكلام من أتباع مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من مثبتة القدر ، فهؤلاء يجوزون بعثة كل مكلف! والنبوة عندهم مجرد إعلامه بما أوحاه إليه ! والرسالة مجرد أمره بتبليغ ما أوحاه إليه ! والنبوة عندهم صفة ثبوتية ولامستلزمة لصفة يختص بها ، بل هي من الصفات الإضافية كما يقولون ، مثل ذلك في الأحكام الشرعية .
وهذا قول طوائف من أهل الكلام كالجهم بن صفوان والأشعري وأتباعهما ولهذا من يقول بها كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما يقول إن العقل لايوجب عصمة النبي إلا في التبليغ خاصة ، فإن هذا هو مدلول المعجزة ! وما سوى ذلك إن دل السمع عليه ، وإلا لم تجب عصمته منه .
وقال محققوا هؤلاء كأبي المعالى وغيره إنه ليس في السمع قاطع يوجب العصمة ، والظواهر تدل على وقوع الذنوب منهم ! وكذلك كالقاضي أبي بكر إنما يثبت مايثبته من العصمة في غير التبليغ إذا كان من موارد الإجماع ، لأن الإجماع حجة وما سوى ذلك فيقول لم يدل عليه عقل ولا سمع .
وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة عليهم بأن هذا يوجب التنفير ونحو ذلك فيجب من حكمة الله منعهم منه ، قالوا هذا مبني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين ونحن نقول لايجب على الله شئ ويحسن منه كل شئ ! وإنما ننفي ما ننفيه بالخبر السمعي ، ونوجب وقوع ما يقع بالخبر السمعي أيضاً ، كما أوجبنا ثواب المطيعين وعقوبة الكافرين لإخباره أنه يفعل ذلك ، ونفينا أن يغفر لمشرك لإخباره أنه لايفعل ذلك ، ونحو ذلك .
وكثير من القدرية المعتزلة والشيعة وغيرهم ممن يقول بأصله في التعديل والتجوير وأن الله لايفضل شخصاً على شخص إلا بعمله ، يقول إن النبوة أو الرسالة جزاءٌ على عمل متقدم فالنبي فَعَل من الأعمال الصالحة ما استحق به أن يجزيه الله بالنبوة ، وهؤلاء القدرية في شق ، وأؤلئك الجهمية الجبرية في شق) . انتهى.
وأخيراً ،
فإن اعتراف ابن تيمية هذا لايقف عند تجويزه أن يكون النبي كافراً فاسقاً شريراً ! بل يصل الى نفي الحكمة عن الله تعالى في أفعاله وأقواله !
وهذه هو معبود التوراة الذي تقدم في وصفه: (سمع الله يئن كما تئن الحمامة ويبكي وهو يقول: الويل الويل لمن أخرب بيته.... وَيْلِي على ما أخربت من بيتي! ويْلي على ما فرقت من بنيَّ وبناتي)! (الفصل لابن حزم :1/1/222)
***ابن تيمية يهاجم الشيعة بسبب قولهم بعصمة الأنبياء عليهم السلام !
قال في منهاج سنته :1/473: ( وأما الرافضة فأشبهوا النصارى ، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به ، وتصديقهم فيما أخبروا به ، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله تعالى ، فبدلت النصارى دين الله تعالى فغلوا في المسيح فأشركوا به وبدلوا دينه..... وكذلك الرافضة غَلَوْا في الرسل بل في الأئمة حتى اتخذوهم أرباباً من دون الله، فتركوا عبادة الله وحده لاشريك له التي أمرهم بها الرسل وكذبوا الرسل فيما أخبروا به من توبة الأنبياء واستغفارهم ) ! انتهى .
يقصد بذلك أن الشيعة كذبوا الرسل في أن الأنبياء عليهم السلام قد ارتكبوا المعاصي وتابوا ، وذلك بتكذيبهم للإسرائيليات في مصادر اليهود ، ومصادر الخلافة القرشية التي تنسب الى الأنبياء عليهم السلام المعاصي والجرائم ، فتكذيبها يعتبر تكذيباً للرسل وكفراً !!
*** السبب الغريب لهجوم ابن تيمية على عصمة الأنبياء !
كشف ابن تيمية عن سبب حملته على الشيعة لتنزيههم الأنبياء عليهم السلام ! فقد تخيل أن غرضهم من ذلك الطعن بأبي بكر وعمر ، لأن عقيدة العصمة التامة تجعل المعاصي فضيلة وارتكابها منقصة ، وأبو بكر وعمر كانا كافرين قبل الإسلام يرتكبان المعاصي ، فيكون ذلك منقصة فيهما ، فلا يستحقان مقام الخلافة عن النبي المعصوم عصمة تامة !.
لذا رأى ابن تيمية الدفاع عن أبي بكر وعمر برفض عقيدة العصمة التامة للأنبياء عليهم السلام والقول بأنهم كانوا قبل النبوة مثل أبي بكر وعمر كفاراً يرتكبون المعاصي ثم تابوا ، ثم بجعل الكافر ومرتكب المعصية التائب أفضل من غير مرتكبها !!
قال في منهاج سنته: 2/429: ( وأما ما تقوله الرافضة من أن النبي قبل النبوة وبعدها لايقع منه خطأ ، ولاذنب صغير وكذلك الأئمة ، فهذا مما انفردوا به عن فرق الأمة كلها ، وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف ، ومن مقصودهم بذلك القدح في إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لكونهما أسلما بعد الكفر ، ويدعون أن علياً رضي الله عنه لم يزل مؤمناً ، وأنه لم يخطئ قط ولم يذنب قط ، وكذلك تمام الإثني عشر . وهذا مما يظهر كذبهم وضلالهم فيه لكل ذي عقل يعرف أحوالهم ! ولهذا كانوا هم أغلى الطوائف في ذلك وأبعدهم عن العقل والسمع.... ونكتة أمرهم أنهم ظنوا وقوع ذلك من الأنبياء والأئمة نقصاً ، وإن ذلك يجب تنزيههم عنه ، وهم مخطئون إما في هذه المقدمة وإما في هذه المقدمة أما المقدمة الأولى فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما كان قبلها ، منقوصاً ولا مغضوضاً منه ، بل هذا مفضَّلٌ عظيمٌ مكرمٌ ، وبهذا ينحل جميع ما يوردونه من الشبه !) . انتهى.
ثم أفاض ابن تيمية في ذكر فضائل من يعصي ويتوب ، فقال في منهاجه2/430:
( وفي الصحيحين عن النبي(ص)من غير وجه أنه قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دويِّة مهلكة ، عليها طعامه وشرابه ، فقال (من القيلولة) تحت شجرة ينتظر الموت ، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه ! فكيف تجدون فرحه بها؟ قالوا: عظيماً يا رسول الله . قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته..... فمن يجعل التائب الذي اجتباه الله وهداه منقوصاً بما كان من الذنب الذي تاب منه ، وقد صار بعد التوبة خيراً مما كان قبل التوبة ، فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله ) !! .
ثم تنازل ابن تيمية قليلاً ، فقال: ( ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب ، بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس ! فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل ، ومنهم من يعود إلى ما كان ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله . والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب ، وفيهم من هو مثله ، وفيهم من هو دونه ) . انتهى.
ومعنى كلامه أن الكافر مرتكب المعصية إذا تاب قد يكون أحياناً خيراً ممن لم يكفر ولم يرتكب المعصية !
ثم قال ابن تيمية: 2/397 ( والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول(ص)وقبل أن يصدر منهم مايدعونه من الأحداث ، كانوا من خيار الخلق ، وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام). انتهى.
وبذلك كشف عن أن أصل هدفه وغرضه أن يثبت أن كفر أبي بكر وعمر ومعاصيهما قبل الإسلام أو معاصي بعض الصحابة بعده ، لاينقص من درجتهم ، ولا يجعل درجة عليٍّ عليه السلام والنبي’لعصمتهما التي يدعيها الشيعة أرفع من درجتهم !
*** ابن تيمية يكفر الشيعة لأنهم حرموا الأنبياء من المعاصي وثواب التوبة !
تمادى ابن تيمية فاعتبر أن القول بعصمة التامة هو حرمان للأنبياء عليهم السلام من المعاصي والتوبة وثوابها العظيم !! قال في نفس الموضع:
(وأيضاً: فوجوب كون النبي لايتوب إلى الله فينال محبة الله وفرحه بتوبته وترتفع درجته بذلك ، ويكون بعد التوبة التي يحبه الله منه خيراً مما كان قبلها ، فهذا مع ما فيه من التكذيب للكتاب والسنة ، غض من مناصب الأنبياء وسلبهم هذه الدرجةومنع إحسان الله إليهم وتفضله عليهم بالرحمة والمغفرة.
ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه ، فهو مخالف ما علم بالإضطرار من دين الإسلام ! فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله(ص)بعد كفرهم وهداهم الله به بعد ضلالهم ، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا على الإسلام ! وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار ، أو بني المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له !!.....وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية ) !! انتهى.
فالنبي عند ابن تيمية إذا ذاق طعم الكفر والجرائم والمعاصي مثل أبي بكر وعمر ، يكون أقرب الى الله تعالى! والذين يقولون بعصمة النبي عليه السلام وعدم صدور المعاصي منه فقد نقصوه حقه وحرموه من النعمة العظيمة التي لاتتحقق إلا بالكفر والمعاصي ، وهي فرحة الله بتوبته ، والتي فاز بها أبو بكر وعمر !
وهكذا يظهر أن مكانة أبي بكر وعمر عندهم هي حجر الزاوية في هندسة عقائدهم (الإسلامية)وأنهم لايخجلون في سلب العصمة عن جميع الأنبياء عليهم السلام ورميهم بالكفر والمعاصي حتى بعد النبوة ، من أجل مساواتهم بأبي بكر وعمر ، والتفضل عليهم بدرجة التوبة العظيمة التي نالها أبو بكر وعمر !!
وقد واصل ابن تيمية خطابته في مقام التائبين من جرائمهم ، وكيف أن الله تعالى يمحوها ، بل يبدلها حسنات ، ثم قال في:2/400:
( وكذلك من اتفق أن شرب السم فسقى ترياقاً فاروقاً يمنع نفوذ سائر السموم فيه ، كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق . والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها .
فهذا وأمثاله من خيار تأويلات المانعين لما دل عليه القرآن من توبة الأنبياء من ذنوبهم واستغفارهم، وزعمهم أنه لم يكن هناك مايوجب توبة ولااستغفار ولاتفضل الله عليه بمحبته وفرحه بتوبتهم ومغفرته ورحمته لهم . فكيف بسائر تأويلاتهم التي فيها من تحريف القرآن وقول الباطل على الله ، ما ليس هذا موضع بسطه ) !
***ابن تيمية يجوِّز أن يكون النبي كافراً فاسقاً شريراً !
وأخيراً صرح ابن تيمية بمذهبه إن لفه بلفافة ! فقال بعدم عصمة الأنبياء مطلقاً وأن الله تعالى يمكن أن يبعث نبياً كافراً أو فاسقاً قبل النبوة ، أو يصير كافراً فاسقاً بعدها ، فذلك مقتضى إنكار الحسن والقبح العقليين ، وإنكار لزوم الحكمة في أفعال الله تعالى !
قال في منهاجه:2/413: ( ومما يبين الكلام في مسألة العصمة أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها ، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله تعالى إذا كان جعل الشخص نبياً رسولاً من أفعال الله تعالى فمن نفى الحِكَم والأسباب في أفعاله وجعلها معلقةً بمحض المشيئة ، وجوَّز عليه فعل كل ممكن ، ولم ينزهه عن فعل من الأفعال ، كما هو قول الجهم بن صفوان وكثير من الناس كالأشعري ومن وافقه من أهل الكلام من أتباع مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من مثبتة القدر ، فهؤلاء يجوزون بعثة كل مكلف! والنبوة عندهم مجرد إعلامه بما أوحاه إليه ! والرسالة مجرد أمره بتبليغ ما أوحاه إليه ! والنبوة عندهم صفة ثبوتية ولامستلزمة لصفة يختص بها ، بل هي من الصفات الإضافية كما يقولون ، مثل ذلك في الأحكام الشرعية .
وهذا قول طوائف من أهل الكلام كالجهم بن صفوان والأشعري وأتباعهما ولهذا من يقول بها كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما يقول إن العقل لايوجب عصمة النبي إلا في التبليغ خاصة ، فإن هذا هو مدلول المعجزة ! وما سوى ذلك إن دل السمع عليه ، وإلا لم تجب عصمته منه .
وقال محققوا هؤلاء كأبي المعالى وغيره إنه ليس في السمع قاطع يوجب العصمة ، والظواهر تدل على وقوع الذنوب منهم ! وكذلك كالقاضي أبي بكر إنما يثبت مايثبته من العصمة في غير التبليغ إذا كان من موارد الإجماع ، لأن الإجماع حجة وما سوى ذلك فيقول لم يدل عليه عقل ولا سمع .
وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة عليهم بأن هذا يوجب التنفير ونحو ذلك فيجب من حكمة الله منعهم منه ، قالوا هذا مبني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين ونحن نقول لايجب على الله شئ ويحسن منه كل شئ ! وإنما ننفي ما ننفيه بالخبر السمعي ، ونوجب وقوع ما يقع بالخبر السمعي أيضاً ، كما أوجبنا ثواب المطيعين وعقوبة الكافرين لإخباره أنه يفعل ذلك ، ونفينا أن يغفر لمشرك لإخباره أنه لايفعل ذلك ، ونحو ذلك .
وكثير من القدرية المعتزلة والشيعة وغيرهم ممن يقول بأصله في التعديل والتجوير وأن الله لايفضل شخصاً على شخص إلا بعمله ، يقول إن النبوة أو الرسالة جزاءٌ على عمل متقدم فالنبي فَعَل من الأعمال الصالحة ما استحق به أن يجزيه الله بالنبوة ، وهؤلاء القدرية في شق ، وأؤلئك الجهمية الجبرية في شق) . انتهى.
وأخيراً ،
فإن اعتراف ابن تيمية هذا لايقف عند تجويزه أن يكون النبي كافراً فاسقاً شريراً ! بل يصل الى نفي الحكمة عن الله تعالى في أفعاله وأقواله !
وهذه هو معبود التوراة الذي تقدم في وصفه: (سمع الله يئن كما تئن الحمامة ويبكي وهو يقول: الويل الويل لمن أخرب بيته.... وَيْلِي على ما أخربت من بيتي! ويْلي على ما فرقت من بنيَّ وبناتي)! (الفصل لابن حزم :1/1/222)