مصطفى الهادي
24-05-2011, 02:57 PM
الجزء الأول .
سر العلاقة بين الإمام المهدي (عج) والحجر الأسود في مخيلة الشعوب .
قضية الإمام المهدي (عج) من القضايا الكبرى التي تمثل آخر فصول المسرحية الكونية لهذا االابداع الكوني بشخوصه وأشخاصه والتي نشهد آخر فصولها في عالم الشهود , حيث أن آدم عليه السلام مثل الانتقالة الأولى التي هبطت بهذا المخلوق وتسببت في طرد مخلوقات أخرى من ذلك العالم المثالي إلى عالم التكليف , والمهدي عليه السلام يمثل الانتقالة الخاتمة التي سوف تنتقل بالكون وما فيه إلى عالمه المثالي الذي جاء منه .
تصميمٌ معلومة بدايته ونهايته لابد أن يكون مزروعا في فطرة الكائنات التي يُمسك بخيوطها المهدي , ولابد أن تكون المخلوقات عالمة عارفة بذلك من عالم الذر الذي نثره الله تعالى بين يديه على كوكب الخزائن فلا يُنزل منه تعالى إلا بقدر معلوم . ومن هنا وعلى طول مسيرة الإنسان لم يخلو زمان من فكرة الإمام المهدي وإن اختلف المسميات ، إلا أنها كلها تصب في مفهوم ((المخلّص المنتظر)) .
فعقيدة المهدي قائمة منذ التاريخ الأول لخلق الإنسان ونزوله للأرض .
فالسومريون عرفوه . ومهديهم المخلص هو إيليا ثم من بعده حفيده الإله دو مو سين وهو أيضا مخلص عوالم ذلك الزمن (الآشوريين والبابليين والأكديين)، أنه يظهر بإسم إيل.
والسينيون (اليزيديون) وهم الديانة الباقية من ذلك الزمن السومري السحيق لازالوا يؤمنون بهذا المخلص وينتظروه وهم يذكرونه بإسم (خضر الياس).
والمنداء(الصابئة) الديانة الثانية بالقدم بعد السينيين(وهي نشأت في منتصف الألف الثالثة ق . م) تؤمن بمهدي منتظر وهو السيد سيتيل(الإله سيت) وهو شيت إبن آدم وغالبا ما يرد إسمه بصفته العينية(عاذيمون) التي تعني إبن الإله.
وفي شاكموني الهندوس يذكر: سينتهي النظام الملكي في هذه الدنيا علي يد ابن سيّد الخلائق كشن وسوف يحكم على جبال المشرق والمغرب ويركب الغيوم. وهذا القول نفسه الذي قاله المعصوم من أن المهدي : سوف يرتقي الأسباب ويمتطي الغيوم.
وفي زند الزردشيتة : سيأتي أعوان أهورا ليغيثوا ايزدان لينتصروا على اهريمان وسيعيش العالم في سعادة وبازدهار .
ومخلص اليهود حسب آخر سفر في العهد القديم (سفر ملاخي) هو إيليا،الذي ينتظروه إلى اليوم والذي ارتفع به الله إلى السماء : ((وكان عند اصعاد الرب ايليا في العاصفة الى السماء صعد ايليا في العاصفة الى السماء)).سفر الملوك الثاني الإصحاح 1 : 1ـ11. واليهود ينتظرونه على أنه المخلص وهو غير المسيا العسكري الذي سوف يأتي قبل إيليا حيث أن التوراة انبأتهم عند صعدود إيليا إلى السماء بأنه سوف يأتي : ((انذا ارسل اليكم ايليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف)) سفر ملاخي الاصحاح 4 : 5.
ومخلص المسيحيين هو المسيح ذاته الذي ينتظرونه ، حيث قال لهم عندما ارتفع من بينهم : (( تاجروا حتى آتي )). إنجيل لوقا الإصحاح 19 : 13. وأنهم يدعون بأن المسيح اخبرهم بأنه سوف يعود كما رأوه يرتفع هكذا سوف يرجع لهم ويخلصهم : ((يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء.)) سفر أعمال الرسل الإصحاح 1 : 11.
وهكذا يظهر الإمام المهدي عج في مختلف العقائد والأديان وبمسميات شتى فالمهدي رافق مخيلة البشرية منذ وعيها الأول.وقد ظهر بأسماء عديدة منها:يس، ياسين، سِث، شيت، زوس، دوموزي، ، سنبل،هلال،عاذيمون،أمانوئيل،مار جي يس(جرجيس)،مقه،خضر ، مادين (1 )، ماشيع ، بوخس (2 ). وكلها تشير إلى خلاص العالم من الشر والاشرار على يده . حتى أن طائفة عظيمة من الناس يكونون ثلث البشرية تقريبا أولئك هم النصارى مع الهنات الموجودة في عقائدهم إلا أنهم يعتقدون بأن الله: (( اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع)) سفر أعمال الرسل الاصحاح 17 : 31 . فإذن هذا الرجل عينه لإقامة العدل . وأعلم بيه الجميع . فالجميع يعرفونه .
ومن هنا، فعقيدة المهدي المخلص هي عقيدة لازمت التدين العالمي منذ بواكيره.أو منذ سبعة ألاف عام على الأقل الذي هو عمر البشرية على هذه الأرض .وهي إحدى المسلمات الرئيسية التي يمثل نقضها نقض الإيمان ذاته،لكل الديانات السماوية تقريبا . وللمتابع حرية الخيار أما أن يصدق مسلمات هذه الديانات وإجماعها على المهدي المخلص،أو يكذبها .
لنترك البحث في القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولنترك تجربة الوجدان على أمرٍ تصافق عليه أهل الملل والنحل والأديان من أنه سيأتي في آخر الزمان من يستتب الأمن علي يديه وتفيض النعم تحت قدميه ، ونتجه إلى تحكيم العقل فلا تكاد ترى ملة أو نحلة أو دين إلا وتتصدر عقائدها مسألة هذا القادم الموعود . وما ذلك إلا أن للفكرة أصلٌ واحد ومنشأ واحد من أول يوم خلق الله السموات والأرض . حتى أن الأفكار الإلحادية الوجودية منها والسياسية فلسفية كانت أو اجتماعية ، استمدت هذه الفكرة من الأديان وحورتها وقلبتها على أنها من مبتدعات الإنسان وابتكاراته .فوضعت نهاية سعيدة لأفكارها المستقبلية . والشيوعية مثلا فإنها تنظر إلى نهاية الحكم الشيوعي بعد الوصول للمشاعية العظمى حيث يصبح الإنسان ليس بحاجة للعمل أو القانون ولا للمحاكم والشرطة حيث يسود السلام كل شيء وتعم العدالة على الأرض حيث تسود دولة العدل في ظل فكرتها .
ولو بحثت في أنحاء الفطرة التي فطر الله الناس عليها لوجدت أن ذلك مقترن بالتوحيد الخالص فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأنه لا تبديل لخلق الله تعالى . فالأمن والسلام مطلب كل إنسان . وذلك عندما كان الناس أمة واحدة ، ولكن لما افترقوا افترقت فكرة اليوم الموعود وأصبح لكل فرقة فلسفتها الخاصة التي ترى على ضوئها مسألة المهدوية , ولكن مع ذلك فإن منشأ الفكرة واحد والأصل هو دين التوحيد ، دين الفطرة السليمة .وإن الله تعالى ومنذ أول يوم خلق فيه الخلق وزع الأدوار وعين الشخصيات لهذه الأدوار ،وقد وجدنا ذلك في أقدم كتاب وهو إرمياء النبي الذي وردت صحفه ضمن العهد الجديد ( الإنجيل ) حيث يقول النص : ((إن الله لم يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل. لانه اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع)). سفر أعمال الرسل الاصحاح 17 : 31 .
نعم أن هذا الرجل قد عينه الله تعالى مقدما منذ أن خلق السموات والأرض وأخبرنا تعالى بإسمه وإن اختلفت المسميات وأنه سيخرج مع السيد المسيح ، في نص إنجيلي واضح لا لبس ولا غبار عليه فقال : (( سيكون أصل يسَّى والقائم ليسودا على الأُمم، عليه سيكون رجاء الأُمم )) تعليق بولص على إشعياء . نعم سينزل السيد المسيح عليه السلام ليجد القائم بإنتظاره ليسودا على الأمم . وفي نص إشعياء النبي قال : (( إياه تطلب الأمم (( إشعياء النبي 11 : 10
ونحن إذا دققنا في ما ورد عن المهدي في نصوصنا المقدسة الحديث والسيرة لا نرى اختلافا اطلاقا من حيث وصف زمن المهدي وحكمه فقد وجدنا ذلك في سفر إشعياء وكأنه هو نفسه الذي نطق به المعصوم عليه السلام فيقول أشعياء بأن الموعود الذي عينه الله لا يحكم بحسب هواه بل بحكم بحكم الله فيقول : ((فلا يقضي بحسب نظر عينه ولا يحكم بحسب سمع اذنيه. 4 بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالانصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. 5 ويكون البر منطقة متنيه والامانة منطقة حقويه 6 فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها. 7 والبقرة والدبة ترعيان.تربض اولادهما معا والاسد كالبقر ياكل تبنا. 8 ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الافعوان. 9 لا يسوؤون ولا يفسدون لان الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.10 ويكون في ذلك اليوم ان اصل يسى القائم راية للشعوب اياه تطلب الامم ويكون محله مجدا)) سفر إشعياء الإصحاح 11 : 4.
ولم يكن امر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف حكرا على الديانة اليهودية أو النصرانية أو ا|لإسلامية بل أنها تعيش في لا وعي العقائد والأديان .
فقد مجدت الإفستا بالقائم ، وتهيأت الأمم لإستقباله في الإرياني ستيانس ، ولا زالت تنتظره في الگنزا رِبا ، وعيونها مسمّرة على طلعته في شرع منّوا ، أو شرع منّو سمرتي . ورأيناه حاضرا في كتاب الرشتا . فلم يغفل عنه راعوث ، ولا عزرا ولا نحميا ولا استير واسأل أيوب في محنته وإرمياء في خوفه ، وهوشع في تيهته ، وعاموس في آلامه ، وحبقوق في أزمته .
وإن شئت فهذا ملاخي وحجاي وصولا إلى آدم عليه السلام الذي يتحرق شوقا لطلعته أو إسرافيل ليأذن في صرخته ، واضعا فاهُ على شيبور نفخته . ولننظر إلى موسى الكليم ماذا يقول عن يومه الأغر في تثنيتهِ : (( أين الصخرة التي بها يحتمون .لأن صخرهم باعهم)) ( 3) سفر التثنية 32ـ 37. مشيرا بذلك إلى يوم اليهود الأسود الذي سيحتمي فيه اليهود خلف الصخور هربا من المهدي ولكن الصخور إنما هي عبدٌ مأمور فتنادي : تعال يا عبد الله أن خلفي يهوديا فأقتله .
ولا نستغرب ذلك إذا رأينا البشارة بأمة محمد التي يقودها المهدي وهي تزحف للقضاء على الشر والفساد في الأرض فتقول التوارة : ((وقال الرب : ها شعبٌ مقبلٌ من أرض الشمال أمة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض كالبحر صوتهم راكبون خيولا مصطفة كأن عليها راكبا واحدا)) سفر إرمياء النبي الإصحاح 6 : 22 . وهذا مصداق قوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص .
ثم تعال وعش مع الخضر خارج دائرة الزمان والمكان لترى كيف انه يطرد الوحشة عن المهدي عج في عالم امتلأ بالخوف وفقد الأمان كما ورد عن المعصوم بقوله : فعن الإمام الرضا(عليه السلام): أن الخضر(عليه السلام) يؤنس الله تعالى به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته وأنه سوف يكون من أعظم قادة المهدي حيث أن الخضر يمتلك من رحمة الله سلاحا فتاكا لا تعرف الدنيا مثيلا له وهو قراءة الأفكار والتنبأ بالأحداث قبل وقوعها كما أخبرنا القرآن بذلك في قصة موسى والخضر الذي وجداه جالسا عند ينبوع الحياة .
تعال وعش مع الخضر لتعرف الحكمة من وراء طول عمره .
ألسنا نحتج بطول عمر الخضر والدجال ، وابليس إذا أعوزتنا الحج في طول عمر المهدي عج ؟ وقد اطبقت كل الأمم على طول عمره ، وخصوصا الذين يُعيبون علينا قولنا بطول عمر المهدي . اهل السنة والجماعة الذين يُنكرون عمر المهدي ، ويؤمنون بطول عمر الخضر والدجال وغيرهم .
وهذا هو السر في طول عمر الخضر ، والحكمة من وراء ذلك
فعن الإمام الصادق(عليه السلام): أما العبد الصالح أعني الخضر(عليه السلام) ، فإن الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوءة قدّرها له ، ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الإقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى أن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر الطويل ، طوّل عمر العبد الصالح ، من غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم(عليه السلام) وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة.
ثم تعال وانظر إلى إشفاق عيسى عليه السلام على القائم حينما بشّر أمته بأن مخلصهم في آخر الزمان سيأتي وسيمكث فيهم إلى الأبد وإن لم يقبله العالم كله . فقال : ((إذا كنتم تحبوني عملتم بوصاياي وسأطلب من الآب أن يعطيكم من يبقى معكم إلى الأبد ، هو روح الحق الذي لا يقدر العالم أن يقبلهُ ، لأنه لا يراه ولا يعرفهُ (( . إنجيل يوحنا الإصحاح 14 : 15.
وقول عيسى عليه السلام : (العالم لا يراه ولا يقبله ) اشارة إلى عدم رؤية الناس للمهدي ، وعندما يظهر سوف يُنكرونه ولا يقبلونه عندها يلجأ المهدي للسلاح (4 )هو والقلة القليلة التي آمنت به وكانت تنتظره ومهدوا لظهوره الميمون .
فكل زمن كان الناس فيه ينتظرون أن يكونوا من أنصار المهدي ولذلك احتف الناس بعيسى عندما بعثه الله ورأوا معجزاته فلا يسعهم القول إلا أن يقولوا بأنه هو المخلص المنتظر . فتعال معي لنستمع إلى هذه المحاورة بين السيد المسيح الذي هو عارف بطبيعة الإمام المهدي وعارف بشخصه لكونه قائد من القادة الذي سوف يكون واحدا منهم لا بل الساعد الأيمن للمهدي ( 5) فتعال معي لنرى بماذا يُجيب على أسئلة المنتظرين للمخلص الموعود .
حف كبار العلماء اليهود بالسيد المسيح ، وسألوه : ((هل أنت مسيح الله الذي ننتظره؟)) .
فأجابهم السيد المسيح : ((أجاب يسوع: حقاً إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي.)) .
ثم تكلم الكاهن الأكبر الذي عنده علم المسيا والمهدي فقال : ((إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي (مسّيا)؟)) ( 6).
فتأمل فيه يسوع طويلا ثم أجابه إجابة وافية شافية لأن الحبر الأعظم استحلفه بالله بأن يخبره بالكيفية التي سوف يأتي بها المهدي : ((أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي إني لست (مّسياً) الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً: بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة اخرى هذه الفتنة الملعونة حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله، الذي سيأتي من الجنوب بقوة، وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام، وسينزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن به مباركا ))
ولكن عيسى لم يقطع الأمل لهم ، فقد قدم لهم دليلا آخر على صدقه عندما أخبرهم بأنه سوف يأتي معه وأنه سوف يكون مدخرا له في السماء ، إلى اليوم الموعود فقال لهم : ((سيكون أصل يسي والقائم ليسودا على الأمم عليه سيكون رجاء الأمم)) . رسالة بولص إلى رومية الإصحاح 15 :12 .
وهذه النبوءة حفلت بها كتب السيرة حيث أجمعت كلها على أن السيد المسيح سوف ينزل ويصلي خلف المهدي ويتوجها للقضاء على الشر ومحاربة عتاة النصارى وهداية بسطائهم للدين الحق .
ثم التفت الناس إلى السيد المسيح وقالوا له : ((فسالوه قائلين يا معلم متى يكون هذا وما هي العلامة )) . فأجابهم : ((سوف تسمعون بحروب واخبار حروب.انظروا لا ترتاعوا.لانه لا بد ان تكون هذه كلها.ولكن ليس المنتهى بعد.7 لانه تقوم امة على امة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات واوبئة وزلازل في اماكن ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين. فحينئذ ليهرب الذي على السطح فلا ينزل لياخذ من بيته شيئا. 18 والذي في الحقل فلا يرجع الى ورائه لياخذ ثيابه. 19 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الايام. لانه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم الى الان 12 ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين. انه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون ايات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا. 25 ها انا قد سبقت واخبرتكم. 26 فان قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا.ها هو في المخادع فلا تصدقوا. 27 لانه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا يكون ايضا مجيء ابن الانسان 13 ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص )) متى 24 : 3
وهذا هو عين قوله تعالى : اصبروا وصابروا ورابطوا . فقد قيل في تفسيرها انها في اتباع الامام المهدي عج وأنت ترى أنه لا فرق بين القولين : ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص ، والقرآن يقول : اصبروا وصابروا .
ثم التفت إليهم السيد المسيح مكملا : ((وللوقت بعد ضيق تلك الايام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضؤه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع. 30 وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء. اتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير.)) متى 24 : 29.
فسألوه وهل هناك وقت معين لقدومه ؟ فقال : ((واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السموات الا الله . اسهروا اذا لانكم لا تعلمون في اية ساعة ياتي)) . إنجيل متى الاصحاح 24. 42.
الهامش وفيه التوضيحات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مادين ، وهو مخلص الاسكندنافيين على حافات القطب الشمالي وقد ورد ذكره في (الكاليفالا ) بإسم آخر ولكن بنفس الدور .
2- بوخس : لايزال الاعتقاد بظهور بوخس شائعا في أوربا الوسطى ، وحتى يوم الناس هذا .
3- وهذا النص بعينه موجود عندنا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول فيه : لاتقوم الساعة حتى يقتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء
الحجر أو الشجرة فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي
فتعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود . البخاري:3/232.
وعن أبي هريرة لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي
يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله). ونحوه صحيح مسلم:8/188، وسنن البيهقي:9/175.
4- وله الأسوة بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما أرسله الله لم يقبله العالم مع انه صلوات الله عليه بقى سنين طويلة يُبلغ رسالات ربه ، ولكنه في آخر المطاف لجأ للسلاح فوضعه على عاتقه هو والقلة القليلة التي آمنت معه . عندها دانت له الأمم وركعت عند قدميه الإمبراطوريات وهكذا سوف يكون أمر المهدي أيضا وهو الذي أنبأ به عيسى عندما قال لأصحابه : (هو روح الحق الذي لا يقدر العالم أن يقبله) .
5- نعم السيد المسيح وباختلاف الروايات من قادة المهدي الكبار الذي يُعول عليهم في تحقيق النصر على الأمة النصرانية وقتل الدجال . ومن هنا فإن الكتاب المقدس (الإنجيل )يخبرنا بأن عيسى قبل أن يُرفع إلى السماء التقى بموسى و (إيليا) الذي هو المهدي المنتظر في عقيدة التوراة . وتكلما معه والنص يقول : ((صعد الى الجبل ليصلي. 29 وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضا لامعا. 30 واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا.)) إنجيل لوقا الاصحاح 9 : 29.
6- وقع من دوّن الإنجيل في تناقض عجيب لايمكن تبريره بأي وجه من الوجوه . ففي هذا النص يؤكد المسيح مع الأيمان المغلظة أنه لا المسيح ولا المسيّا الذي ينتظرونه . (ولكني لست هو ) إنما هو شخص آخر غير الذي يسألون عنه . ولكننا نرى السيد المسيح في إنجيل يوحنا وعلى مرمى حجر من هذا النص يؤكد بأنه هو المسيا المسيح المنتظر ؟! ففي يوحنا الإصحاح الرابع الفقرة : 25 . ((قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيّا الذي يُقال له المسيح يأتي . قال لها يسوع أنا الذي أكلمك هو )).وفي نص آخر اشد وضوحا ورد في التفسير التطبيقي للعهد الجديد قال لها السيد المسيح : ((إني أنا هو هذا الذي يُكلمك )) انظر التفسير التطبيعي للعهد الجديد طبع انكلترا . 1994ولا ندري أي القولين صحيح ، وهل الخطأ من الوحي أم من الكاتب ؟؟ أم أن المسيح يستخدم التقية .
أنتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وهو جزء فلسفي علمي مهم .
سر العلاقة بين الإمام المهدي (عج) والحجر الأسود في مخيلة الشعوب .
قضية الإمام المهدي (عج) من القضايا الكبرى التي تمثل آخر فصول المسرحية الكونية لهذا االابداع الكوني بشخوصه وأشخاصه والتي نشهد آخر فصولها في عالم الشهود , حيث أن آدم عليه السلام مثل الانتقالة الأولى التي هبطت بهذا المخلوق وتسببت في طرد مخلوقات أخرى من ذلك العالم المثالي إلى عالم التكليف , والمهدي عليه السلام يمثل الانتقالة الخاتمة التي سوف تنتقل بالكون وما فيه إلى عالمه المثالي الذي جاء منه .
تصميمٌ معلومة بدايته ونهايته لابد أن يكون مزروعا في فطرة الكائنات التي يُمسك بخيوطها المهدي , ولابد أن تكون المخلوقات عالمة عارفة بذلك من عالم الذر الذي نثره الله تعالى بين يديه على كوكب الخزائن فلا يُنزل منه تعالى إلا بقدر معلوم . ومن هنا وعلى طول مسيرة الإنسان لم يخلو زمان من فكرة الإمام المهدي وإن اختلف المسميات ، إلا أنها كلها تصب في مفهوم ((المخلّص المنتظر)) .
فعقيدة المهدي قائمة منذ التاريخ الأول لخلق الإنسان ونزوله للأرض .
فالسومريون عرفوه . ومهديهم المخلص هو إيليا ثم من بعده حفيده الإله دو مو سين وهو أيضا مخلص عوالم ذلك الزمن (الآشوريين والبابليين والأكديين)، أنه يظهر بإسم إيل.
والسينيون (اليزيديون) وهم الديانة الباقية من ذلك الزمن السومري السحيق لازالوا يؤمنون بهذا المخلص وينتظروه وهم يذكرونه بإسم (خضر الياس).
والمنداء(الصابئة) الديانة الثانية بالقدم بعد السينيين(وهي نشأت في منتصف الألف الثالثة ق . م) تؤمن بمهدي منتظر وهو السيد سيتيل(الإله سيت) وهو شيت إبن آدم وغالبا ما يرد إسمه بصفته العينية(عاذيمون) التي تعني إبن الإله.
وفي شاكموني الهندوس يذكر: سينتهي النظام الملكي في هذه الدنيا علي يد ابن سيّد الخلائق كشن وسوف يحكم على جبال المشرق والمغرب ويركب الغيوم. وهذا القول نفسه الذي قاله المعصوم من أن المهدي : سوف يرتقي الأسباب ويمتطي الغيوم.
وفي زند الزردشيتة : سيأتي أعوان أهورا ليغيثوا ايزدان لينتصروا على اهريمان وسيعيش العالم في سعادة وبازدهار .
ومخلص اليهود حسب آخر سفر في العهد القديم (سفر ملاخي) هو إيليا،الذي ينتظروه إلى اليوم والذي ارتفع به الله إلى السماء : ((وكان عند اصعاد الرب ايليا في العاصفة الى السماء صعد ايليا في العاصفة الى السماء)).سفر الملوك الثاني الإصحاح 1 : 1ـ11. واليهود ينتظرونه على أنه المخلص وهو غير المسيا العسكري الذي سوف يأتي قبل إيليا حيث أن التوراة انبأتهم عند صعدود إيليا إلى السماء بأنه سوف يأتي : ((انذا ارسل اليكم ايليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف)) سفر ملاخي الاصحاح 4 : 5.
ومخلص المسيحيين هو المسيح ذاته الذي ينتظرونه ، حيث قال لهم عندما ارتفع من بينهم : (( تاجروا حتى آتي )). إنجيل لوقا الإصحاح 19 : 13. وأنهم يدعون بأن المسيح اخبرهم بأنه سوف يعود كما رأوه يرتفع هكذا سوف يرجع لهم ويخلصهم : ((يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء.)) سفر أعمال الرسل الإصحاح 1 : 11.
وهكذا يظهر الإمام المهدي عج في مختلف العقائد والأديان وبمسميات شتى فالمهدي رافق مخيلة البشرية منذ وعيها الأول.وقد ظهر بأسماء عديدة منها:يس، ياسين، سِث، شيت، زوس، دوموزي، ، سنبل،هلال،عاذيمون،أمانوئيل،مار جي يس(جرجيس)،مقه،خضر ، مادين (1 )، ماشيع ، بوخس (2 ). وكلها تشير إلى خلاص العالم من الشر والاشرار على يده . حتى أن طائفة عظيمة من الناس يكونون ثلث البشرية تقريبا أولئك هم النصارى مع الهنات الموجودة في عقائدهم إلا أنهم يعتقدون بأن الله: (( اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع)) سفر أعمال الرسل الاصحاح 17 : 31 . فإذن هذا الرجل عينه لإقامة العدل . وأعلم بيه الجميع . فالجميع يعرفونه .
ومن هنا، فعقيدة المهدي المخلص هي عقيدة لازمت التدين العالمي منذ بواكيره.أو منذ سبعة ألاف عام على الأقل الذي هو عمر البشرية على هذه الأرض .وهي إحدى المسلمات الرئيسية التي يمثل نقضها نقض الإيمان ذاته،لكل الديانات السماوية تقريبا . وللمتابع حرية الخيار أما أن يصدق مسلمات هذه الديانات وإجماعها على المهدي المخلص،أو يكذبها .
لنترك البحث في القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولنترك تجربة الوجدان على أمرٍ تصافق عليه أهل الملل والنحل والأديان من أنه سيأتي في آخر الزمان من يستتب الأمن علي يديه وتفيض النعم تحت قدميه ، ونتجه إلى تحكيم العقل فلا تكاد ترى ملة أو نحلة أو دين إلا وتتصدر عقائدها مسألة هذا القادم الموعود . وما ذلك إلا أن للفكرة أصلٌ واحد ومنشأ واحد من أول يوم خلق الله السموات والأرض . حتى أن الأفكار الإلحادية الوجودية منها والسياسية فلسفية كانت أو اجتماعية ، استمدت هذه الفكرة من الأديان وحورتها وقلبتها على أنها من مبتدعات الإنسان وابتكاراته .فوضعت نهاية سعيدة لأفكارها المستقبلية . والشيوعية مثلا فإنها تنظر إلى نهاية الحكم الشيوعي بعد الوصول للمشاعية العظمى حيث يصبح الإنسان ليس بحاجة للعمل أو القانون ولا للمحاكم والشرطة حيث يسود السلام كل شيء وتعم العدالة على الأرض حيث تسود دولة العدل في ظل فكرتها .
ولو بحثت في أنحاء الفطرة التي فطر الله الناس عليها لوجدت أن ذلك مقترن بالتوحيد الخالص فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأنه لا تبديل لخلق الله تعالى . فالأمن والسلام مطلب كل إنسان . وذلك عندما كان الناس أمة واحدة ، ولكن لما افترقوا افترقت فكرة اليوم الموعود وأصبح لكل فرقة فلسفتها الخاصة التي ترى على ضوئها مسألة المهدوية , ولكن مع ذلك فإن منشأ الفكرة واحد والأصل هو دين التوحيد ، دين الفطرة السليمة .وإن الله تعالى ومنذ أول يوم خلق فيه الخلق وزع الأدوار وعين الشخصيات لهذه الأدوار ،وقد وجدنا ذلك في أقدم كتاب وهو إرمياء النبي الذي وردت صحفه ضمن العهد الجديد ( الإنجيل ) حيث يقول النص : ((إن الله لم يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل. لانه اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع)). سفر أعمال الرسل الاصحاح 17 : 31 .
نعم أن هذا الرجل قد عينه الله تعالى مقدما منذ أن خلق السموات والأرض وأخبرنا تعالى بإسمه وإن اختلفت المسميات وأنه سيخرج مع السيد المسيح ، في نص إنجيلي واضح لا لبس ولا غبار عليه فقال : (( سيكون أصل يسَّى والقائم ليسودا على الأُمم، عليه سيكون رجاء الأُمم )) تعليق بولص على إشعياء . نعم سينزل السيد المسيح عليه السلام ليجد القائم بإنتظاره ليسودا على الأمم . وفي نص إشعياء النبي قال : (( إياه تطلب الأمم (( إشعياء النبي 11 : 10
ونحن إذا دققنا في ما ورد عن المهدي في نصوصنا المقدسة الحديث والسيرة لا نرى اختلافا اطلاقا من حيث وصف زمن المهدي وحكمه فقد وجدنا ذلك في سفر إشعياء وكأنه هو نفسه الذي نطق به المعصوم عليه السلام فيقول أشعياء بأن الموعود الذي عينه الله لا يحكم بحسب هواه بل بحكم بحكم الله فيقول : ((فلا يقضي بحسب نظر عينه ولا يحكم بحسب سمع اذنيه. 4 بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالانصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. 5 ويكون البر منطقة متنيه والامانة منطقة حقويه 6 فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها. 7 والبقرة والدبة ترعيان.تربض اولادهما معا والاسد كالبقر ياكل تبنا. 8 ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الافعوان. 9 لا يسوؤون ولا يفسدون لان الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.10 ويكون في ذلك اليوم ان اصل يسى القائم راية للشعوب اياه تطلب الامم ويكون محله مجدا)) سفر إشعياء الإصحاح 11 : 4.
ولم يكن امر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف حكرا على الديانة اليهودية أو النصرانية أو ا|لإسلامية بل أنها تعيش في لا وعي العقائد والأديان .
فقد مجدت الإفستا بالقائم ، وتهيأت الأمم لإستقباله في الإرياني ستيانس ، ولا زالت تنتظره في الگنزا رِبا ، وعيونها مسمّرة على طلعته في شرع منّوا ، أو شرع منّو سمرتي . ورأيناه حاضرا في كتاب الرشتا . فلم يغفل عنه راعوث ، ولا عزرا ولا نحميا ولا استير واسأل أيوب في محنته وإرمياء في خوفه ، وهوشع في تيهته ، وعاموس في آلامه ، وحبقوق في أزمته .
وإن شئت فهذا ملاخي وحجاي وصولا إلى آدم عليه السلام الذي يتحرق شوقا لطلعته أو إسرافيل ليأذن في صرخته ، واضعا فاهُ على شيبور نفخته . ولننظر إلى موسى الكليم ماذا يقول عن يومه الأغر في تثنيتهِ : (( أين الصخرة التي بها يحتمون .لأن صخرهم باعهم)) ( 3) سفر التثنية 32ـ 37. مشيرا بذلك إلى يوم اليهود الأسود الذي سيحتمي فيه اليهود خلف الصخور هربا من المهدي ولكن الصخور إنما هي عبدٌ مأمور فتنادي : تعال يا عبد الله أن خلفي يهوديا فأقتله .
ولا نستغرب ذلك إذا رأينا البشارة بأمة محمد التي يقودها المهدي وهي تزحف للقضاء على الشر والفساد في الأرض فتقول التوارة : ((وقال الرب : ها شعبٌ مقبلٌ من أرض الشمال أمة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض كالبحر صوتهم راكبون خيولا مصطفة كأن عليها راكبا واحدا)) سفر إرمياء النبي الإصحاح 6 : 22 . وهذا مصداق قوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص .
ثم تعال وعش مع الخضر خارج دائرة الزمان والمكان لترى كيف انه يطرد الوحشة عن المهدي عج في عالم امتلأ بالخوف وفقد الأمان كما ورد عن المعصوم بقوله : فعن الإمام الرضا(عليه السلام): أن الخضر(عليه السلام) يؤنس الله تعالى به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته وأنه سوف يكون من أعظم قادة المهدي حيث أن الخضر يمتلك من رحمة الله سلاحا فتاكا لا تعرف الدنيا مثيلا له وهو قراءة الأفكار والتنبأ بالأحداث قبل وقوعها كما أخبرنا القرآن بذلك في قصة موسى والخضر الذي وجداه جالسا عند ينبوع الحياة .
تعال وعش مع الخضر لتعرف الحكمة من وراء طول عمره .
ألسنا نحتج بطول عمر الخضر والدجال ، وابليس إذا أعوزتنا الحج في طول عمر المهدي عج ؟ وقد اطبقت كل الأمم على طول عمره ، وخصوصا الذين يُعيبون علينا قولنا بطول عمر المهدي . اهل السنة والجماعة الذين يُنكرون عمر المهدي ، ويؤمنون بطول عمر الخضر والدجال وغيرهم .
وهذا هو السر في طول عمر الخضر ، والحكمة من وراء ذلك
فعن الإمام الصادق(عليه السلام): أما العبد الصالح أعني الخضر(عليه السلام) ، فإن الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوءة قدّرها له ، ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الإقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى أن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر الطويل ، طوّل عمر العبد الصالح ، من غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم(عليه السلام) وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة.
ثم تعال وانظر إلى إشفاق عيسى عليه السلام على القائم حينما بشّر أمته بأن مخلصهم في آخر الزمان سيأتي وسيمكث فيهم إلى الأبد وإن لم يقبله العالم كله . فقال : ((إذا كنتم تحبوني عملتم بوصاياي وسأطلب من الآب أن يعطيكم من يبقى معكم إلى الأبد ، هو روح الحق الذي لا يقدر العالم أن يقبلهُ ، لأنه لا يراه ولا يعرفهُ (( . إنجيل يوحنا الإصحاح 14 : 15.
وقول عيسى عليه السلام : (العالم لا يراه ولا يقبله ) اشارة إلى عدم رؤية الناس للمهدي ، وعندما يظهر سوف يُنكرونه ولا يقبلونه عندها يلجأ المهدي للسلاح (4 )هو والقلة القليلة التي آمنت به وكانت تنتظره ومهدوا لظهوره الميمون .
فكل زمن كان الناس فيه ينتظرون أن يكونوا من أنصار المهدي ولذلك احتف الناس بعيسى عندما بعثه الله ورأوا معجزاته فلا يسعهم القول إلا أن يقولوا بأنه هو المخلص المنتظر . فتعال معي لنستمع إلى هذه المحاورة بين السيد المسيح الذي هو عارف بطبيعة الإمام المهدي وعارف بشخصه لكونه قائد من القادة الذي سوف يكون واحدا منهم لا بل الساعد الأيمن للمهدي ( 5) فتعال معي لنرى بماذا يُجيب على أسئلة المنتظرين للمخلص الموعود .
حف كبار العلماء اليهود بالسيد المسيح ، وسألوه : ((هل أنت مسيح الله الذي ننتظره؟)) .
فأجابهم السيد المسيح : ((أجاب يسوع: حقاً إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي.)) .
ثم تكلم الكاهن الأكبر الذي عنده علم المسيا والمهدي فقال : ((إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي (مسّيا)؟)) ( 6).
فتأمل فيه يسوع طويلا ثم أجابه إجابة وافية شافية لأن الحبر الأعظم استحلفه بالله بأن يخبره بالكيفية التي سوف يأتي بها المهدي : ((أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي إني لست (مّسياً) الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً: بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة اخرى هذه الفتنة الملعونة حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله، الذي سيأتي من الجنوب بقوة، وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام، وسينزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن به مباركا ))
ولكن عيسى لم يقطع الأمل لهم ، فقد قدم لهم دليلا آخر على صدقه عندما أخبرهم بأنه سوف يأتي معه وأنه سوف يكون مدخرا له في السماء ، إلى اليوم الموعود فقال لهم : ((سيكون أصل يسي والقائم ليسودا على الأمم عليه سيكون رجاء الأمم)) . رسالة بولص إلى رومية الإصحاح 15 :12 .
وهذه النبوءة حفلت بها كتب السيرة حيث أجمعت كلها على أن السيد المسيح سوف ينزل ويصلي خلف المهدي ويتوجها للقضاء على الشر ومحاربة عتاة النصارى وهداية بسطائهم للدين الحق .
ثم التفت الناس إلى السيد المسيح وقالوا له : ((فسالوه قائلين يا معلم متى يكون هذا وما هي العلامة )) . فأجابهم : ((سوف تسمعون بحروب واخبار حروب.انظروا لا ترتاعوا.لانه لا بد ان تكون هذه كلها.ولكن ليس المنتهى بعد.7 لانه تقوم امة على امة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات واوبئة وزلازل في اماكن ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين. فحينئذ ليهرب الذي على السطح فلا ينزل لياخذ من بيته شيئا. 18 والذي في الحقل فلا يرجع الى ورائه لياخذ ثيابه. 19 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الايام. لانه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم الى الان 12 ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين. انه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون ايات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا. 25 ها انا قد سبقت واخبرتكم. 26 فان قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا.ها هو في المخادع فلا تصدقوا. 27 لانه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا يكون ايضا مجيء ابن الانسان 13 ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص )) متى 24 : 3
وهذا هو عين قوله تعالى : اصبروا وصابروا ورابطوا . فقد قيل في تفسيرها انها في اتباع الامام المهدي عج وأنت ترى أنه لا فرق بين القولين : ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص ، والقرآن يقول : اصبروا وصابروا .
ثم التفت إليهم السيد المسيح مكملا : ((وللوقت بعد ضيق تلك الايام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضؤه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع. 30 وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء. اتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير.)) متى 24 : 29.
فسألوه وهل هناك وقت معين لقدومه ؟ فقال : ((واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السموات الا الله . اسهروا اذا لانكم لا تعلمون في اية ساعة ياتي)) . إنجيل متى الاصحاح 24. 42.
الهامش وفيه التوضيحات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مادين ، وهو مخلص الاسكندنافيين على حافات القطب الشمالي وقد ورد ذكره في (الكاليفالا ) بإسم آخر ولكن بنفس الدور .
2- بوخس : لايزال الاعتقاد بظهور بوخس شائعا في أوربا الوسطى ، وحتى يوم الناس هذا .
3- وهذا النص بعينه موجود عندنا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول فيه : لاتقوم الساعة حتى يقتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء
الحجر أو الشجرة فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي
فتعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود . البخاري:3/232.
وعن أبي هريرة لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي
يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله). ونحوه صحيح مسلم:8/188، وسنن البيهقي:9/175.
4- وله الأسوة بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما أرسله الله لم يقبله العالم مع انه صلوات الله عليه بقى سنين طويلة يُبلغ رسالات ربه ، ولكنه في آخر المطاف لجأ للسلاح فوضعه على عاتقه هو والقلة القليلة التي آمنت معه . عندها دانت له الأمم وركعت عند قدميه الإمبراطوريات وهكذا سوف يكون أمر المهدي أيضا وهو الذي أنبأ به عيسى عندما قال لأصحابه : (هو روح الحق الذي لا يقدر العالم أن يقبله) .
5- نعم السيد المسيح وباختلاف الروايات من قادة المهدي الكبار الذي يُعول عليهم في تحقيق النصر على الأمة النصرانية وقتل الدجال . ومن هنا فإن الكتاب المقدس (الإنجيل )يخبرنا بأن عيسى قبل أن يُرفع إلى السماء التقى بموسى و (إيليا) الذي هو المهدي المنتظر في عقيدة التوراة . وتكلما معه والنص يقول : ((صعد الى الجبل ليصلي. 29 وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضا لامعا. 30 واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا.)) إنجيل لوقا الاصحاح 9 : 29.
6- وقع من دوّن الإنجيل في تناقض عجيب لايمكن تبريره بأي وجه من الوجوه . ففي هذا النص يؤكد المسيح مع الأيمان المغلظة أنه لا المسيح ولا المسيّا الذي ينتظرونه . (ولكني لست هو ) إنما هو شخص آخر غير الذي يسألون عنه . ولكننا نرى السيد المسيح في إنجيل يوحنا وعلى مرمى حجر من هذا النص يؤكد بأنه هو المسيا المسيح المنتظر ؟! ففي يوحنا الإصحاح الرابع الفقرة : 25 . ((قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيّا الذي يُقال له المسيح يأتي . قال لها يسوع أنا الذي أكلمك هو )).وفي نص آخر اشد وضوحا ورد في التفسير التطبيقي للعهد الجديد قال لها السيد المسيح : ((إني أنا هو هذا الذي يُكلمك )) انظر التفسير التطبيعي للعهد الجديد طبع انكلترا . 1994ولا ندري أي القولين صحيح ، وهل الخطأ من الوحي أم من الكاتب ؟؟ أم أن المسيح يستخدم التقية .
أنتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وهو جزء فلسفي علمي مهم .