ياحسين 313
09-06-2011, 12:53 AM
ما هو الأمر الجديد عند الإمام المهدي علية السلام ، وما هي رسالته للعالمية؟ وهل يدعو عند قيامه بدين غير دين جده المصطفي؟
لا شك أنه عجل الله فرجه لا يدعو إلاّ إلى الإسلام، وهو هادٍ أمين في دعوته للعمل بالقرآن والسنة النبوية وتطبيقها بشكل كامل، والله سبحانه يقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، وإذا كانت دعوته إلى الإسلام، فلماذا إذن جاء في بعض أحاديث أهل البيت عليهما السلام أن القائم عجل الله فرجه يدعو إلى أمر جديد، وسنّة جديدة وقضاء جديد، وكتاب جديد وسلطان جديد؟
وهذا ما تصرح به الروايات والأحاديث التي نذكر بعضاً منها كالتالي:
1- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء(1).
2- وعنه أيضاً عليه السلام: - يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستأنف الإسلام جديداً(2).
3- وعنه أيضاً عليه السلام: -... فو الله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمرٍ جديد، وكتاب جديد، وسلطان جديد من السماء...(3)
4- وعنه أيضاً عليه السلام: -... إذا خرج يقوم بأمرٍ جديد وكتاب جديد(4)
وسنّة جديدة وقضاء جديد...(5).
5- وعن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دُثِرَ فَضُلَّ عنه الجمهور...(6).
6- وعنه أيضاً عليه السلام: - الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ... يستأنف الداعي منّا دعاءاً جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(7)
إن هذه الروايات وأمثالها، تثير سؤالاً هاماً ألا وهو: هل إن الدين الذي يدعو إليه الإمام المهدي عجل الله فرجه ويطبقه، يختلف عن الإسلام المعروف لدينا والموجود حالياً في أيدينا؟ فإذا لم يكن يختلف عنه فإن دعوته إذاً ليست دعوة جديدة، وليست أمراً جديداً، ودعاءً جديداً، واستئنافاً جديداً، وكتاباً جديداً... كما تشير إليه الأحاديث السابقة.
مما لا شك فيه ولا ريب إن الإمام المهدي عليه السلام يدعو إلى الإسلام والقرآن والسنة المحمدية السامية، ولكن دعوته إلى الإسلام الحقيقي والقرآن والسنة الصحيحة، بيد أن هذا الأمر يثير السؤال الثاني: هل الدين المتداول عند الناس في الوقت الراهن هو نفس الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم؟
إن الجواب يتضح جلياً على ضوء الأحاديث السالفة عن أهل البيت عليهما السلام إن الدين الإسلامي المعروف عندنا قد شوهت الكثير من معالمه طوال القرون الماضية بأفكار وآراء واجتهادات العلماء وبنظريات الفلاسفة والمتكلمين والمناطقة، بل إن الدين أضحى خليطاً بالأستحسانات والظنون، وأجرى البعض الآخر القياسات فيه والمصالح المرسلة والذرائع وأدخل البعض آرائه وأفكاره و...، لدرجة اختلط معها الحابل بالنابل، والحق بالباطل والغث بالسمين، وامتزجت الأفكار والآراء بدساتير السماء، والبلية الأعظم من هذا كله حينما بدأ التلاعب بهذا الدين من قبل المنافقين المتربصين وعلماء السوء من وعاظ السلاطين وحواشيهم.. ففسروا الدين السماوي بما اقتضت مصالحهم وفق مطامعهم وأهوائهم، وشكلوا فرق التزوير والكذب والاحتيال والتأويل، لوضع الأحاديث عن لسان الرسول الأمين، وحرّفوا الكلم عن مواضعه وبدلوا الحقائق بالأباطيل والنصوص بالأقاويل، وأقاموا البدع وأماتوا الكتاب والسنّة بعطفهم الهدى على الهوى والقرآن على الرأي، فأخرجوا للناس ديناً محرفاً باسم الإسلام.
لذا، فحينما يقوم الإمام المهدي عجل الله فرجه فإنه يأتي بالإسلام المحمدي الأصيل الخالي من الشوائب والدخائل... يهدم ما قبله من التقاليد والممارسات ويدعو إلى أمر جديد تماماً كجده الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه يهدم ما كان قبله من العادات الدخيلة على الدين ويستأنف الإسلام جديداً ويكون بذلك كأنّه قد أتي بدين جديد يختلف كثيراً عما هو اليوم في أيدي الناس
ولعل الإشارات في بعض الأحاديث الشريفة تعطينا ملامح واضحة عن هذا الأمر وترفع الغموض واللبس وتبين هذه الحقيقة.
7- عن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - سيأتي على أمتي زمان لا يبقي من القرآن إلاّ رسمه ولا من الإسلام إلاّ اسمه، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدي، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود-(8)
8- وعن الإمام الصادق عليه السلام: -... ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكاراً شديداً ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقه إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابكم..(9)
9- عن أمير المؤمنين عليه السلام: - كأني أنظر إلى شعيتنا بمسجد الكوفة قد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أُنزل. أما إن قائمنا إذا قام كسره وسوّي قبلته (10)
ولعل ذلك يكون في تبيان التفسير الحقيقي لآيات القرآن وأحكامه وتعاليمه غير ما هو متداول الآن في أيدينا، خاصة وأن الأحاديث توضح إن الإمام المهدي عليه السلام يعطف الرأي على القرآن بخلاف ما يفعل اليوم الكثيرون من عطفهم القرآن على الرأي، كما بينه الحديث الشريف. فالإمام يقوم بعملية تصحيح للمفاهيم والأفكار بحيث لو طرحت اليوم للناس لاعتبروها أنها خاطئة وغير شرعية، لكنها في الحقيقة هي عين السنّة الصحيحة ولكن الناس لم يألفوها لأن السنّة قد أميتت وعُمل بالبدع على مدى العصور الماضية.
10- ولأن الابتعاد عن الإسلام الحقيقي، ولبسه بالآراء والأهواء إماتة للكتاب والسنة، فان جهود الإمام عليه السلام تنصبّ على إزالة البدعة وإحياء الكتاب والسنّة، وهو يلاقي بذلك أذىً شديداً في الجاهلية الثانية في العصر الراهن كثر مما لاقي جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الجاهلية الأولى، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: - بعثت بين جاهليتين لأخراهما شرٌ من أولاهما-(11)
11- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكثر-.(12)
الهامش
(1) النعماني ص 320.
([2]) النعماني 232، عقد الدرر ص 227.
([3]) تاج المواليد ص 150، بشارة الإسلام ص 91.
([4]) قد يكون المنظور بكتاب جديد هو التفسير والتأويل الجديد الذي يبينه الإمام للناس بحيث يُظهر الإمام حقائق القرآن ورؤاه وبصائره لأن أهمية القرآن بمعانيه وبصائره أكثر من حروفه وألفاظه.
([5]) النعماني ص 253، غيبة الطوسي ص 274.
([6]) الإرشاد ص 364، اثبات الهداة ج3 ص 527.
([7]) البحار ج52 ص 366.
([8]) ثواب الأعمال وعقابها ص 301، البحار ج52 ص 190، منتخب الأثر ص 427.
([9]) الكشي ص 138، اثبات الهداة ج3 ص 560، البحار ج2 ص 246.
([10]) النعماني ص 317.
([11]) أمالي الشجري ج2 ص 277.
([12]) النعماني ص 297، حلية الأبرار ج2 ص 631.
من كتاب ذلك يوم الخروج
سماحة آية الله السيد حسين المدرسي
لا شك أنه عجل الله فرجه لا يدعو إلاّ إلى الإسلام، وهو هادٍ أمين في دعوته للعمل بالقرآن والسنة النبوية وتطبيقها بشكل كامل، والله سبحانه يقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، وإذا كانت دعوته إلى الإسلام، فلماذا إذن جاء في بعض أحاديث أهل البيت عليهما السلام أن القائم عجل الله فرجه يدعو إلى أمر جديد، وسنّة جديدة وقضاء جديد، وكتاب جديد وسلطان جديد؟
وهذا ما تصرح به الروايات والأحاديث التي نذكر بعضاً منها كالتالي:
1- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء(1).
2- وعنه أيضاً عليه السلام: - يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستأنف الإسلام جديداً(2).
3- وعنه أيضاً عليه السلام: -... فو الله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمرٍ جديد، وكتاب جديد، وسلطان جديد من السماء...(3)
4- وعنه أيضاً عليه السلام: -... إذا خرج يقوم بأمرٍ جديد وكتاب جديد(4)
وسنّة جديدة وقضاء جديد...(5).
5- وعن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دُثِرَ فَضُلَّ عنه الجمهور...(6).
6- وعنه أيضاً عليه السلام: - الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ... يستأنف الداعي منّا دعاءاً جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(7)
إن هذه الروايات وأمثالها، تثير سؤالاً هاماً ألا وهو: هل إن الدين الذي يدعو إليه الإمام المهدي عجل الله فرجه ويطبقه، يختلف عن الإسلام المعروف لدينا والموجود حالياً في أيدينا؟ فإذا لم يكن يختلف عنه فإن دعوته إذاً ليست دعوة جديدة، وليست أمراً جديداً، ودعاءً جديداً، واستئنافاً جديداً، وكتاباً جديداً... كما تشير إليه الأحاديث السابقة.
مما لا شك فيه ولا ريب إن الإمام المهدي عليه السلام يدعو إلى الإسلام والقرآن والسنة المحمدية السامية، ولكن دعوته إلى الإسلام الحقيقي والقرآن والسنة الصحيحة، بيد أن هذا الأمر يثير السؤال الثاني: هل الدين المتداول عند الناس في الوقت الراهن هو نفس الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم؟
إن الجواب يتضح جلياً على ضوء الأحاديث السالفة عن أهل البيت عليهما السلام إن الدين الإسلامي المعروف عندنا قد شوهت الكثير من معالمه طوال القرون الماضية بأفكار وآراء واجتهادات العلماء وبنظريات الفلاسفة والمتكلمين والمناطقة، بل إن الدين أضحى خليطاً بالأستحسانات والظنون، وأجرى البعض الآخر القياسات فيه والمصالح المرسلة والذرائع وأدخل البعض آرائه وأفكاره و...، لدرجة اختلط معها الحابل بالنابل، والحق بالباطل والغث بالسمين، وامتزجت الأفكار والآراء بدساتير السماء، والبلية الأعظم من هذا كله حينما بدأ التلاعب بهذا الدين من قبل المنافقين المتربصين وعلماء السوء من وعاظ السلاطين وحواشيهم.. ففسروا الدين السماوي بما اقتضت مصالحهم وفق مطامعهم وأهوائهم، وشكلوا فرق التزوير والكذب والاحتيال والتأويل، لوضع الأحاديث عن لسان الرسول الأمين، وحرّفوا الكلم عن مواضعه وبدلوا الحقائق بالأباطيل والنصوص بالأقاويل، وأقاموا البدع وأماتوا الكتاب والسنّة بعطفهم الهدى على الهوى والقرآن على الرأي، فأخرجوا للناس ديناً محرفاً باسم الإسلام.
لذا، فحينما يقوم الإمام المهدي عجل الله فرجه فإنه يأتي بالإسلام المحمدي الأصيل الخالي من الشوائب والدخائل... يهدم ما قبله من التقاليد والممارسات ويدعو إلى أمر جديد تماماً كجده الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه يهدم ما كان قبله من العادات الدخيلة على الدين ويستأنف الإسلام جديداً ويكون بذلك كأنّه قد أتي بدين جديد يختلف كثيراً عما هو اليوم في أيدي الناس
ولعل الإشارات في بعض الأحاديث الشريفة تعطينا ملامح واضحة عن هذا الأمر وترفع الغموض واللبس وتبين هذه الحقيقة.
7- عن الرسول الكرم صلى الله عليه وآله وسلم: - سيأتي على أمتي زمان لا يبقي من القرآن إلاّ رسمه ولا من الإسلام إلاّ اسمه، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدي، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود-(8)
8- وعن الإمام الصادق عليه السلام: -... ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكاراً شديداً ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقه إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابكم..(9)
9- عن أمير المؤمنين عليه السلام: - كأني أنظر إلى شعيتنا بمسجد الكوفة قد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أُنزل. أما إن قائمنا إذا قام كسره وسوّي قبلته (10)
ولعل ذلك يكون في تبيان التفسير الحقيقي لآيات القرآن وأحكامه وتعاليمه غير ما هو متداول الآن في أيدينا، خاصة وأن الأحاديث توضح إن الإمام المهدي عليه السلام يعطف الرأي على القرآن بخلاف ما يفعل اليوم الكثيرون من عطفهم القرآن على الرأي، كما بينه الحديث الشريف. فالإمام يقوم بعملية تصحيح للمفاهيم والأفكار بحيث لو طرحت اليوم للناس لاعتبروها أنها خاطئة وغير شرعية، لكنها في الحقيقة هي عين السنّة الصحيحة ولكن الناس لم يألفوها لأن السنّة قد أميتت وعُمل بالبدع على مدى العصور الماضية.
10- ولأن الابتعاد عن الإسلام الحقيقي، ولبسه بالآراء والأهواء إماتة للكتاب والسنة، فان جهود الإمام عليه السلام تنصبّ على إزالة البدعة وإحياء الكتاب والسنّة، وهو يلاقي بذلك أذىً شديداً في الجاهلية الثانية في العصر الراهن كثر مما لاقي جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الجاهلية الأولى، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: - بعثت بين جاهليتين لأخراهما شرٌ من أولاهما-(11)
11- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكثر-.(12)
الهامش
(1) النعماني ص 320.
([2]) النعماني 232، عقد الدرر ص 227.
([3]) تاج المواليد ص 150، بشارة الإسلام ص 91.
([4]) قد يكون المنظور بكتاب جديد هو التفسير والتأويل الجديد الذي يبينه الإمام للناس بحيث يُظهر الإمام حقائق القرآن ورؤاه وبصائره لأن أهمية القرآن بمعانيه وبصائره أكثر من حروفه وألفاظه.
([5]) النعماني ص 253، غيبة الطوسي ص 274.
([6]) الإرشاد ص 364، اثبات الهداة ج3 ص 527.
([7]) البحار ج52 ص 366.
([8]) ثواب الأعمال وعقابها ص 301، البحار ج52 ص 190، منتخب الأثر ص 427.
([9]) الكشي ص 138، اثبات الهداة ج3 ص 560، البحار ج2 ص 246.
([10]) النعماني ص 317.
([11]) أمالي الشجري ج2 ص 277.
([12]) النعماني ص 297، حلية الأبرار ج2 ص 631.
من كتاب ذلك يوم الخروج
سماحة آية الله السيد حسين المدرسي