المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية الحكم في الفكر الشيعي ..


أبو مرتضى عليّ
15-06-2011, 02:52 PM
نظرية الحكم في الفكر الشيعي

الامر الاول : الشخص المؤهل لاقامة الحكم الاسلامي

يميز الفكر الشيعي من هذه الناحية بين ثلاث فترات :

الفترة الاولى : هي فترة النبي (صلى الله عليه وآله) ويلتقي الفكر السني مع الفكر الشيعي من ناحية كون الشخص الوحيد المؤهل والمستحق للحكم هو النبي وحرمة تقدم غيره عليه في هذه الناحية وفي غيرها للنص القرآني (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)الأحزاب/6 .

الفترة الثانية : وهي فترة الائمة الاثني عشر وهذه الفترة هي موضع الخلاف بين الشيعة وأهل السنة حيث يرى الشيعة ان هؤلاء الائمة الاثني عشر لهم امتياز في الحكم كامتياز النبي لانتقال ولايته اليهم (من كنت مولاه فعلي مولاه) فكل واحد منهم في زمانه هو المؤهل الوحيد وحرمة تقدم شخص آخر عليه .

الفترة الثالثة : وهي فترة غيبة الامام الثاني عشر المهدي بن الحسن العسكري (عليهما السلام)ولا يختلف الشيعة في كون الشخص المؤهل لتنفيذ الاحكام هو الفقيه العادل . وانما اختلفوا في سعة صلاحياته وضيقها كما سيأتي .

قال الشيخ المفيد (ت413) في المقنعة : اما اقامة الحدود فهو إلى سلطان الاسلام المنصوب من قبل الله تعالى ، وهم ائمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام) ، ومن نصبوه لذلك من الامراء والحكام ، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الامكان . فمن تمكن من إقامتها على ولده وعبده ، ولم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك ، فليقمها . ومن خاف من الظالمين اعتراضا عليه في إقامتها ، أو خاف ضررا بذلك على نفسه ، أو على الدين ، فقد سقط عنه فرضها .

وكذلك إن استطاع إقامة الحدود على من يليه من قومه ، وأمن بوائق الظالمين في ذلك ، فقد لزمه إقامة الحدود عليهم ، فليقطع سارقهم ، ويجلد زانيهم ، ويقتل قاتلهم . وهذا فرض متعين على من نصبه المتغلب لذلك على ظاهر خلافته له أو الامارة من قبله على قوم من رعيته ، فيلزمه إقامة الحدود ، وتنفيذ الاحكام ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجهاد الكفار ومن يستحق ذلك من الفجار ، ويجب على إخوانه من المؤمنين معونته على ذلك إذا استعان بهم ما لم يتجاوز حدا من حدود الايمان ، أو يكون مطيعا في معصية الله تعالى من نصبه من سلطان الضلال . فإن كان على وفاق للظالمين في شئ يخالف الله تعالى به لم يجز لاحد من المؤمنين معونته فيه ، وجاز لهم معونته بما يكون به مطيعا لله تعالى من إقامة وإنفاذ حكم على حسب ما تقتضيه الشريعة دون ما خالفها من أحكام أهل الضلال .

وللفقهاء من شيعة الائمة (عليهم السلام) أن يجمعوا بإخوانهم في الصلوات الخمسوصلوات الاعياد ، الاستسقاء ، والكسوف ، والخسوف ، إذا تمكنوا من ذلك ، وأمنوا فيه من معرة أهل الفساد . ولهم أن يقضوا بينهم بالحق ، ويصلحوا بين المختلفين في الدعاوى عند عدم البينات ، ويفعلوا جميع ما جعل الى القضاة في الاسلام لان الائمة عليهم السلام قد فوضوا إليهم ذلك عند تمكنهم منه بما ثبت عنهم فيه من الاخبار ، وصح به النقل عند أهل المعرفة به من الآثار (16) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot16) .
الامر الثاني : الطريقة التي توصل الشخص المؤهل الى موقع الحكم ومصدر سلطة الحاكم

لا يختلف الشيعة حول سلطة النبي والائمة الاثني عشر في الحكم ان مصدرها النص من الله على نبيه في القرآن او النص من نبيه على علي (عليه السلام) ومادور البيعة الا دور النصرة والتمكين .
قال السيد كاظم الحائري : ان المعصوم (عليهم السلام) على رغم ان له ولاية الامر والحكومة بتشريع من قبل الله تعالى لم يكن من المقرر الهيا ان يرضخهم لما له من حق الحكومة بالاكراه الاعجازي ، كما انه لا تجبر الامة على الاحكام الاخرى كالصلاة والصوم بالجبر الاعجازي والا لبطل الثواب والجزاء ، لان الناس يصبحون مسيرين عن غير اختيار . بل كان من المقرر ان يصل المعصوم الى السلطة بالطرق الاعتيادية ومن الواضح الوصول الى السلطة بالطريق الاعتيادي وبغير الاعجاز ينحصر في وجود ناصرين له من البشر ، فكان اخذ البيعة منهم لاجل التأكد من وجود ثلة كافية من الامة تعهدوا بنصر المعصوم والعمل معه في جهاده وسائر اموره الحكومية ولولاهم لعجز المعصوم حسب القوة البشرية ومن دون الاعجاز عن تحقيق السلطة والحكومة خارجا (17) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot17) .
ويختلف فقهاء الشيعة في تشخيص مصدر سلطة الفقيه وفي حدودها سعة وضيقا .
فمنهم من حصرها في نطاق الامور الحسبية (18) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot18) وهناك من وسعها لتشمل ما كان المعصوم يمارسه من ولاية في المجتمع وهؤلاء ينظرون الى البيعة على ان دورها ايضا دور تأكيدي لا غير (19) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot19) .
وهناك من الفقهاء من يرى ان الفقيه ليست له ولاية الا بعد بيعة جمهور الامة حيث ان منشأ ولايته هو البيعة والنصوص جاءت لتفيد ان غير الفقيه ليس مؤهلا لهذا الموقع (20) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot20) .
الامر الثالث : الموقف من الحاكم اذا خالف احكام الشريعة

ان الموقف الشيعي من هذا المسألة ينبغي ان يعالج في فترتين وهما :
الفترة الاولى : فترة وجود الامام المعصوم ظاهرا في المجتمع : والثابت من سيرة الائمة (عليهم السلام) والمعروف من اقولهم انهم يرون القيام ضد الحاكم الجائر في حالة توفر الناصر الكافي مع عدم وجود تعهد بعدم القيام من قبل الامام وشيعته مع ذلك الحاكم ، وأوضح مثال هو موقف الامام الحسين (عليه السلام) من معاوية حيث توفرت كل مبررات القيام بوجهه وبخاصة بعد قتل حجر واصحابه (رض) ومع ذلك لم يقم واوصى شيعته بالسكوت الى ما بعد وفاة معاوية ثم رأيناه يقبل بيعة وجوه اصحاب ابيه على نصرته ضد الامويين بعد موت معاوية ليطيح بالنظام الذي اسسه وشيده .
وحين لا تتوفر شروط القيام من وجود الناصر وغيره يكون السكوت والتقية وعدم اظهار الخلاف السياسي هو الموقف كما سكت بقية الائمة من ذرية الحسين (عليه السلام) . وكلام علي (عليه السلام) في خطبته المعروفة بالشقشقية يوضح الموقف تماما قال (عليه السلام) والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها (21) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#foot21) .
الفترة الثانية فترة الغيبة : والمعروف بين فقهاء عصر الغيبة اتجاهان فقهيان . الاتجاه الاول وهو عين الاتجاه الذي عرضناه آنفا من سيرة الائمة (عليهم السلام) . الاتجاه الثاني : ويلتزم التقية الى ظهور المهدي ودليله بعض الروايات من قبيل رواية الكليني في الكافي بسند صحيح عن الامام الصادق (عليه السلام) : (كل راية ترفع أو تخرج قبل قيام القائم فهي راية ضلال) وغيرها ....


* مقتبس *

______________________

(16) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot16) الشيخ المفيد المقنعة ص 810 .
(17) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot17) رسالة الثقلين العدد 12 مغزى البيعة مع المعصومين .
(18) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot18) الامور الحسبية مصطلح فقهي يقصد به الامور والمصالح العامة او الخايصة التي نعلم بصورة قطعية بان الله تعالى لا يرضى بفواتها من ناحية وان حصولها وتحققها يتوقف على وجود من يلي امرها ويمارس الولاية والاشراف عليها من ناحية اخرى ، ولم يعين الله تعالى لها وليا خاصا من ناحية ثالثة ويمثل لها عادة بالموقوفات العامة التي هي بحاجة الى من يتولى امرها ولم يعين لها الواقف متوليا خاصا ، وكذلك أموال اليتامى والقاصرين الذين ليس لهم اولياء (انظر ولاية الامر للسيد كاظم الحائري المقدمة بقلم السيد علي اكبرالحائري ص20 0
(19) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot19) انظر كتاب ولاية الامر للسيد كاظم الحائري المسالة الاولى .
(20) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot20) انظر كتاب ولاية الامر للشيخ الآصفي فصل نصب الحاكم في عصر الغيبة وكتاب دراسات في ولاية الفقيه للشيخ المنتظري الجزء الاول .
(21) (http://www.albadri.info/rodod/rodod4.htm#mfoot21) نهج البلاغة ج 1 ص 36 .