المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع فائدة أهمية الجهاد في إنتاجه الهداية للسبل الإلهية


ابو فاطمة العذاري
01-07-2011, 10:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله أجمعين

اقرأ معي قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )
تؤكد الآية إن الله تبارك وتعالى جعل من الجهاد سببًا لبلوغ السبل الإلهية سواء في الدنيا أو الآخرة فما هو الجهاد وما هي السبل ؟
ومعنى الجهاد كما قال أهل اللغة هو بذل الطاقة والجهد وتحمل المشقة من اجل تحقيق شيء ما والجهاد تارة يكون خارجيًا وأخرى داخليًا والخارجي تارة يكون كقتال الكفار لنصرة الحق وأخرى يكون معنويًا كالأمر بالمعروف أو نشر الثقافة الحقة وغيرها .
وأما الداخلي فهو جهاد النفس للتخلص من سيطرتها وقمع شهوتها والأول يسمى بالجهاد الأصغر والثاني هو الجهاد الأكبر.
روي ما مضمونه : أنه حين رجع أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من إحدى غزواته المهمة كبدر أو أحد ، قال لهم (صلى الله عليه وآله وسلم) : "رجعتم من الجهاد الأصغر وبقي عليكم الجهاد الأكبر" . قيل : وما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال : "جهاد النفس" .
ومن هنا نعرف ضرورة الجهاد الإيماني واقصد جهاد النفس الرقي في درجات الإيمان وزيادة القرب من الله تعالى فينظر الفرد في كل أفعاله وتصرفاته إلى ما تهوى نفسه فيخالفها ويروضها ويجاهدها لفعل ما لا تريد قال الإمام الباقر( ع ) : ( لا فضيلة كالجهاد ولا جهاد كمجاهدة الهوى )
و الجهاد الأصغر فرع من فروع الجهاد الأكبر وذلك لان الجهاد الأصغر والذي من أوضح صوره هو جهاد الكفار والمنحرفين فإن الإقدام على هذا الجهاد يحتاج أن يكون للإنسان مستوى من مستويات السيطرة على نفسه وقطع بعض تعلقاتها بالدنيا وترويضها على ذلك الفعل ، لان النفس بطبعها حب البقاء , والإقدام على القتال هو مخالفة لرغبات النفس ا لدنية وإلا فمن كان له تعلق بالدنيا وطاعة لنفسه فيها فلا يخرج للجهاد إطلاقا .
ويختلف جهاد النفس عن جهاد العدو بامور كثيرة ذكرها العالم الكبير محمد الصدر في كتاب فقه الاخلاق :
1- إن العدو قد يموت بضربة أو ضربتين . في حين أن النفس لا تموت بعشرات الضربات .
2- إن العدو يمكن أن تفارقه ، فلا تراه ولا يراك . في حين لا تستطيع أن تفارق نفسك طرفة عين .
3- إن العدو قد تكون ضربته عليك خفيفة أو يمكن تجنبها والابتعاد عنها . وهذا غير ممكن بالنسبة إلى النفس
4- إن العدو ذو وجهة نظر معينة ورأي واحد أو عدد محدود من الآراء أو الاقتراحات ، في حين أن النفس تتدخل في كل شيء وتعطي رأيها في القليل والكثير .
5- إنك تحس أن العدو هو غيرك وأنه منافسك وأنه يريد بك الضرر . في حين لا تحس نفس الشئ لنفسك . بل هي أنت فآراء نفسك هي آراؤك ولا يمكن أن تكون مضرة لأن الفرد لا يريد الضرر لنفسه .
6- إن العدو قد اتخذ رأيه بروية وتفكير وتعقل . في حين أن النفس تصر على بعض الأمور لمجرد الهوى والشهوة . ومن هنا قيل : إن الشهوات لا عقل لها . بل تريد اشباع نفسها بكل صورة . ومن هنا تصدق الحكمة القائلة : عدو عاقل خير من صديق جاهل .
7- إن العدو يمكن أحياناً أو في كثير من الأحيان المكر به والخديعة له . في حين لا يمكن ذلك للنفس لأن الإنسان لا يمكر بنفسه . وإذا حصل منه ذلك فإن نفسه تفهمها ، لأنها حاضرة لديه .
8- إنك تشعر أنك تشمئز من عدوك ولا تحبه ، في حين تحب نفسك.
9- إن الفرد قد يمكنه التقصي عن آراء الآخرين والخلاص منها بعصيانها أو الابتعاد عنـها أو الهرب منها . في حين لا يتوفر ذلك بالنسبة إلى النفس .
10- إنك ترى أن آراء عدوك أياً كانت فهي باطلة ومزعجة ، ولا أقل أنك ترى آراء الآخرين قابلة للنقد والمناقشة في حين لا ترى في آراء نفسك أية مناقشة أو إزعاج لأنها آراؤك أو أنت مقتنع بها وواثق بصحتها وراكن إليها .
ولكن الاية تثير سؤال مهم وهو ما هي السبل التي يبلغها المؤمن بجهاده ؟
والسبيل : لغة هو الطريق .
وفي الآية الكريمة خص الله تعالى السبل بما نسبه إلى نفسه وقال ( لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) ويمكن ان نفهم منها معاني عديدة ومنها .
الاول : السبل هي طر ق الجنان ومراتبها .
الثاني : هي طرق الرضوان والتي هي أعلى من الجنان
الثالث : إن السبل التي يهدي الله إليها المجاهدين هي سبل محبة الصلاح وبغض الفساد ببذرة يبذرها الله تعالى في قلب المجاهد .
الرابع : سبل الخلاص من تأثير الشيطان و تزينه .
الخامس : سبل ذكر الله تعالى ، والهداية الإلهية إنما هي توفيق وعطاء دافع للذكر .
السادس : سبل التفكر في الملك المؤدية إلى ارفع المقامات .
السابع : سبل الإيمان و هي شعبه كما ورد من إن للإيمان سبعين شعبة .
الثامن : سبل التوحيد الخالص .
واخيرا : نعلم ا ناهل البيت هم السبيل الى الله فيهدي الله المجاهد لهم من خلال السير على تعاليمهم والتزام نهجهم سلام الله عليهم اجمعين .
واخيرا نختم بهذه الرواية النافعة فقد ورد عن باقر العلوم ( عليه السلام ) :
الا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه يبعد السلطان والشيطان منكم ؟ فقال أبو حمزة : بلى ، فقال : عليكم بالصدقة فبكروا بها فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شره السلطان الظالم عنكم في يومكم ذلك وعليكم بالحب في الله والتودد والمؤازرة على العمل الصالح فإنه يقطع دابرهما - يعني السلطان والشيطان - وألحوا في الاستغفار فإنه ممحاة للذنوب .
أبو فاطمة العذاري