المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع حقيقة ....ان الله تعالى يكلفنا بما نطيق


ابو فاطمة العذاري
24-07-2011, 03:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله أجمعين ....

اسمع معي قوله تعالى في مقطع من الآية :
( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )
فطر الإنسان على الطاعة أي جعلت الطاعة من ضمن المرتكزات الأساسية في الإنسان لأجل ترقيه وسعادته المتمثلة في القرب من الله تعالى عبر سلم الإيمان .
ومن الآية نفهم أن كل ما يكلف به الله سبحانه عباده هو داخل إطار سعتهم وقدرتهم فهو جل في علاه لا يكلف احد بما هو خارج عن طاقته .
فلابد من حصول اليقين بأن كل ما يأتي من جهة الحق تعالى هو داخل الوسع فينكسر وهم التخويف النفسي بصعوبة التطبيق للأوامر الربانية فكثيرًا ما يتردد الإنسان في الإقبال على الإعمال الإيمانية خوفًا من الصعوبة وهذا التردد نابع من النفس لا غير .
بل أكثر من ذلك فأن التكليف يأتي بأقل من وسع الإنسان لأجل التيسير والتوفيق لأداء الطاعة قال صادق اهل البيت عليهم السلام:
( ما أُمر العباد إلا بدون سعتهم فكل شي ءٍ أُمر الناس بأخذه فهم متسعون له (
ولكن أكثر الناس يستشكل قائلا: إن الله يعرضنا لما لا نطيق من الصعوبات التي قد تؤدي بنا إلى الجزع والاعتراض ؟
فنقول : إن الباري تعالى لو كلفنا بما لا نطيق فهذا ظلم وحاشاه تعالى فهو ليس بظلام للعبيد وقد أعطى الإنسان القابلية على تحمل أوامره كل ما في الأمر نحن نعترض زورا لأن القابلية موجودة لكن لا نستخدمها إنما نستخدم اقرب شيء إلى نفوسنا الإمارة بالسوء وهو الجزع والاعتراض فيا حبيبي أنت عجزت في تلك الأمور لأنك استقبلها بنفسك الأمارة بالسوء فترى عند أداءها صعوبات كثيرة .
مثلا إن الله تعالى كلف عباده بالصيام فترى بعض أهل الإيمان يفرح برمضان ويؤدي الصيام بانبساط وراحة والبعض الآخر يتشائم من رمضان ولو صام فيمزقه في الإسفار وتوهم الإمراض.
والسبب في ذلك ان الأول استقبل رمضان بقلبه والثاني استقبله بنفسه ومن نظر إلى الأمور بنظرة نفسية فسوف تجعل نفسه من اليسير عسيرًا ومن الجميل قبيحًا .
وقد حسم الأمر العدل الناطق جعفر الصادق عليه السلام حين قال : ( ما كلف الله العباد فوق ما يطيقون )
ثم إن التكليف الإلهي له أقسام وكلها داخل وسع الفرد ومن أهمها :
أولا : التكليف المتمثل بإيتاء العبادات والمعاملات واجتناب المحرمات المرديات وقد شرعها الحق تعالى بما يناسب تكوين الإنسان .

ثانيًا : البلاء لأجل الغفران والتكفير عن الذنوب ورفع الدرجات و لا ينزل منها نازل إلا بعد توفر الوسع لدى الإنسان لتحملها ومن ثم حصول نتاجها.

ثالثا: الاختبار فإن الله تعالى يعرض عبده لأي اختبار من أجل رفع إيمانه أو إزالة غفلته وقد اوجد الوسع للنجاح في ذلك .
بقي ان نلفت نظركم الى شيء مهم فليس معنى كلامنا ان الإنسان حينما تكون له القابلية على الأداء انه قوي وانه ليس ضعيف كلا بل تبقى الحقيقة انه ينبغي ان اعترف بضعفي وقلة حيلتي واني لا املك لنفسي نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً وإنما التدبير بيد مدبر الأمور فإنما الإنسان يكون قويا بالله سبحانه وتعالى, فإذا قال أنا قوي أي بالإرادة الاستقلالية, أوكله الله الى أرادته والى عمله والى نفسه فيفشل .
ومن ادلة ضعفي وهو شعوري بالأنانية والتكبر, الى متى يبقى الإنسان في هذا الشعور؟ يبقى يدعي لنفسه ما لا يستحق وما ليس أهلا له لماذا ؟
ان قلت: لا، أنا أيضا لي مزية زائدة وهو انني تعبت على نفسي بأي طريق كان تعبت على نفسي مالياً أو تعبت على نفسي علمياً أو تعبت على نفسي إيمانيا, كل هذا أنا فعلته إذن أنا مستحق للمدح والثناء.
ويوجد شعور موجود عند كثيرين يشعر بنفسه انه هو الحافظ لأسرته, انه هو الرازق لأسرته, انه هو الرأس لأسرته ولكن هذا كله من الشرك، الشرك الخفي طبعاً حين ينسب الإنسان إلى نفسه هذه الأمور
سبحان الله أنت الرازق أو الله الرازق ؟ أنت الحافظ أو الله الحافظ ؟
فمن هذه الناحية أحسن شيء ان الإنسان يرفع يده وراية العجز تسليما لله سبحانه وتعالى انه أنا ضعيف من جميع الجهات من أي شيء من أي خصوصية ما , هذا كله وهم واعترف حقيقة بانه ( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم )
ونختم الكلام بهذه الرواية النافعة ان شاء الله تعالى ...
عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، قال : سألته عن لبس الخز فقال : لا بأس به إن علي بن الحسين كان يلبس الكساء الخز في الشتاء ، فإذا جاء الصيف باعه وتصدق بثمنه ، وكان يقول : إني لأستحيي من ربي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه .


أبو فاطمة العذاري