العمامة السوداء
14-08-2011, 09:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وأل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ...
ان الامام على بن أبى طالب له من الفضائل العظام ما لم يبلغه أى وصى فضلاً عن صحابى فقد روى لهم من الفضائل ونزلت فيه من الايات ما جعل الامام أحمد وغيره يقولون كما نقل ابن حجر في فتح الباري ج7 ص :57)قال احمد والقاضي والنسائي وابو علي النيسابوري : لم يرد في حق احد من الصحابة بالاسانيد الجياد اكثر مما جاء في علي)ولكن فضائل الامام على عليه السلام لم تسلم من الطاعنين اما بمحاولة تضعيفها واما بمحاولة تأويلها للانتصار للعقيدة الفاسدة وان شاء الله سنتعرض فى هذا الموضوع لاحدى هذه المحاولات وهى محاولة تأويل قول النبى صلى الله عليه وأله وسلم لعلى بن أبى طالب عليه السلام :
( لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق )
أولاً : الكلام فى صحة الحديث :
انه لا ينبغى الشك فى صحة مثل هذا الحديث فقد ورد فى صحيح مسلم ورواه أصحاب السنن بأسانيد منها الصحيح ومنها الحسن ولم نجد من يشكك فى سنده ولن نجد من يضعفه الا صاحب القلب المريض ...وهو ليس محل الكلام هنا اذ أن المستشكل لم يتعرض لتضعيفه هاهنا .
والحاصل : لا ينبغى الشك فى صحة هذا الاثر ... وهذا ليس محله لان المستشكل لم يتغرض لتضعيفه بل قبله واعترف بصحته ..
ثانياً : الكلام فى دلالة الحديث .
يقول المستشكل :
هذا الحديث لا يعنى أن الله يحب صحابياً واحداً هو ابن عم رسول الله e. بل ان الحديث الذى سبق هذا الحديث فى مسلم ( أيه الايمان حب الانصار وأيه الكفر بغض الانصار ) . قال الحافظ فى الفتح ( وقد ثبت فى صحيح مسلم عن علي أن النبى e قال له : لايحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام، لما لهم من حسنالغناء في الدين قال صاحب المفهم : وأما الحروب الواقعة بينهم فان وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطارق الذى اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وانما كان حالهم فى ذلك حال المجتهدين للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد والله أعلم ) ( فتح البارى 1/63 )
أقول : سيكون الرد على ما ذكره من خلال وجوده نذكرها :
أولاً : جعل هذه الفضيلة لعموم الصحابة لا يستقيم والا لما ذكر النبى على بن أبى طالب بالتخصيص فلا وجه لجعلها لعموم الصحابة فيقول النووى:
شرح مسلم - النووي - ج 2 - ص 64
( وعرف من علي بن أبي طالب رضي الله عنه قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب النبي صلى الله عليه وسلم له وما كان منه من نصرة الاسلام وسوابقه فيه ثم أحب الأنصار وعليا لهذا كان ذلك من دلائل صحة ايمانه وصدقه في اسلامه لسروره بظهور الاسلام والقيام بما يرضى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن أبغضهم كان بضد ذلك واستدل به على نفاقه وفساد سريرته والله أعلم)
ثانياً : لو كانت هذه الفضيلة لجمهور الصحابة لما كان فيهم منافقين وهذا لم يثبت :
في جزء الحميري صفحة 34 قال :
)ثنا هارون بن إسحاق (ثقة) ثنا سفيان بنعيينة (ثقة) عن الزهري (ثقة) عن يزيد بن خصيفة (ثقة) عن بسر بن سعيد (ثقة) عن أبي سعيدالخدري (صحابي) قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلىالله عليه وسلم إلا ببغض علي )
أقول : قول أبي سعيد الخدري دليل قوى على ضعف ما ادعاه المستشكل اذ أن أبو سعد الخدري وهو صحابى يقول كنا نعرف المنافقين ببغضهم على بن أبى طالب ... فهذا يثبت أن بغضه نفاق وليس مرجد فضيلة عابره نمنحها لكل الصحابة ..
ونضيف هذا ليفك الاشكال :
أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 799 ] قال : وحدثنا محمد بن عيسى ( ثقةإمام الحافظ ) حدثنا قتيبة ( ثقة ثبت من رواة البخاري ومسلم )حدثنا جعفر بن سليمان( ثقة من رواة مسلم ) عن أبي هارون العبدي (من رواة البخاري ) عن أبي سعيد الخدري (صحابي ) قال : كنا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصارببغضهم علي بن أبي طالب
أقول : بل حتى الانصار نجدهم كانوا يعرفون المنافقين ببغضهم على بن أبى طالب عليه السلام .... فالادعاء باطل اذ أنه لو ثبتت هذه الفضيله لعموم الصحابة لما خصوا على بن أبى طالب بها ...
ثالثاً : ان شاء الله بتعرضنا لبقية الاستشكال سنتيقن من هذا ...
يقول المستشكل :
ولكن الشيعة يتهمون معاوية رضى الله عنى بالنفاق لكونه بزعمهم يبغض علياً وكان يأمر بسبه على المنابر . وهذا كله كذب . فلم يثبت بغض معاوية لعلي .
أقول : اما هذا المستشكل جاهل أو يتجاهل وان كان جاهل فعلينا أن نعلمه وسنعلمه الان وان كان متجاهل فعلينا تبيين جهله للناس وكذبه ..
أولاً : كان بنو أمية يسبون على بن أبى طالب على المنابر :
قال الألباني في ( السلسلة الصحيحة ح 3332) :
3332- (كان يحبُّ علياً ).
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (6/389/5828)، و"المعجم الصغير" (199- هندية): حدثنا محمد بن الحسين أبو حُصينالقاضي: قال: حدثنا عون ابن سلام قال: حدثنا عيسى بن عبدالرحمن السُلَمي عنالسُّدِّي عن أبي عبدالله الجدَلي قال:
قالت لي أم سلمة: أيُسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكمعلى المنابر؟!قلت: سبحان الله! وأنىيسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! قالت:أليس يُسَبُّ علي بنأبي طالب ومن يحبه؟ وأشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحبه! وقال الطبراني:
"لم يروه عن السدي إلاعيسى".قلت: ومن طريقه أخرجه أبو يعلى في "مسنده " (12/444- 445)، والطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (23/323/738) من طرقأخرى عن عيسى به. قلت: وهذا إسنادجيد، ورجاله كلهم ثقات، وفي السدي- واسمه إسماعيل بن عبدالرحمن- كلام يسير لا يضر،وهو من رجال مسلم.وأما إعلال المعلق على "المسند " بقوله:" رجاله ثقات إلا أنه- عندي- منقطع، ماعلمت رواية لإسماعيل بن عبدالرحمن السدي عن أبي عبدالله الجدلي فيما اطلعت عليه. والله أعلم "!
قلت: وهذا من أسمج ما رأيت من كلامه ؛فإن السدي تابعي روى عن أنس في "صحيح مسلم "، ورأى جماعة من الصحابة مثل الحسن بنعلي، وعبدالله بن عمر، وأبي سعيد، وأبي هريرة كما في "تهذيب المزي "، يضاف إلى ذلكأن السدي لم يرم بتدليس، فيُكتفى في مثله المعاصرة، كما هو مذهب جمهور الحفاظالأئمة , فلعله جنح به القلم إلى مذهب الإمام البخاري في "صحيحه " الذي يشترطاللقاء وعدم الاكتفاء بالمعاصرة، وما أظنه يتبناه؛ وإلا انهار مئات التصحيحاتوالتحسينات التي قررها، ويغلب عليه التساهل في الكثير منها، وبخاصة ما كان فيا منالرواة ممن لم يوثقهم أحد غير ابن حبان، وهو لا يشترطاللقاء!
ومحمد بن الحسين شيخ الطبراني ؛ ممافات على صاحبنا الشيخ الأنصاري رحمه الله أن يترجم له في كتابه النافع: "بلغةالقاصي والداني "، وقد ترجم له الخطيب (2/129) ترجمة حسنة، وأنه روى عنه جماعة منالحفاظ ، وفاته الطبرانيُّ، ثم قال:
"وكان فهماً، صنف "المسند". وقالالدارقطني: كان ثقة. وقال إبراهيم بن إسحاق الصواف: أبو حصين صدوق، معروف بالطلب،ثقة. مات سنة (296) ".
هذا، وقد تابع السدي: أبو إسحاق وهوالسبيعي؛ رواه فطر بن خليفة عنه عن أبي عبدالله الجدليقال:
قالت أم سلمة: يا أبا عبدالله! أيسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكم ؟ قلت: ومن يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت :... فذكره.
أقول : هنا نجد بنو أميه كانوا يسبون على بن أبى طالب عليه السلام ولنفصل الامر : بنو أميه يقتلون كل من كان اسمه علي ..
سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 7 - ص 412 - 413
154 - علي بن رباح * ( م ، 4 ) ابن قصير بن قشيب ابن يثيع ، الثقة العالم ، واسمه : علي ، وإنما صغر . فقال أبو عبد الرحمن المقرئ : كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي ، قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا ، فقال : هو علي . قلت : علي بن رباح ولد في صدر خلافة عثمان ، فلعله غير وهو شاب ، له وفاة على معاوية ، وكان من أشراف العرب .
أقول : كان بنو أميه كفرعون يقتلون كل من كان اسمه علي ثم تأتى وتقول لا يوجد دليل على بغضه .. والان ننتقل الى معاوية وسبه الامام علي ..
يقول ابن تيمية فى منهاج السنة (5/42) :
( وأما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبى فقال : مامنعك أن تسب علي بن أبي طالب فقال : ثلاث قالهن رسول الله (ص) فلن أسبه لأن يكون ليواحدة منهن أحب إلي من حمر النعم،الحديث،فهذاحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه ).
أقول : فهنا نجد معاوية يأمر بسب علي بن أبى طالب فكيف يدعي بانه لم يكن يبغضه؟! فهل السب دليل على الحب؟! ..
نضيف :مصنف ابن أبي شيبة - (ج 2 / ص 216)
حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين قال حدثنا عبدالرحمن بن معقل قال صليت مع علي صلاة الغداة قال فقنت فقال في قنوتهاللهم عليك بمعاوية وأشياعه وعمرو بن العاص وأشياعه وأباالسلمي (وأشياعه) وعبد الله بن قيس وأشياعه.
قال الشيخ مقبل الوادعي -: "أمااللعن فلم نجده فيشيء من كتب السنة المعتمدة بعد البحث الطويل، وأما الدعاء عليهم فقد صح عنهرضي الله عنه: قال ابن أبي شيبه (2/137): حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، قال: حدثناعبد الرحمن بن معقل: قال: صليت مع علي صلاة الغداة؛ فقنت، فقال في قنوته: اللهمعليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبا الأعور السلمي وأشياعه،وعبدالله بن قيس وأشياعه، قال البيهقي (2/204) وقد أخرج بعضه: صحيح مشهور، وهو كما قال من حيث الصحة؛ فهو على شرطالشيخين" اهـ
أقول : فهل دعاء الامام على عليه السلام على معاوية وأشياعه دليل على حبه له أم دليل على بغضه ومعاداته له ؟! والنبى يقول كما ثبت فى الاحاديث الصحيحة (اللهم عادى من عاداه) فالعجب العجب من قوم لا يعرفون ما فى كتبهم ويتقاولون ... على أنفسهم ...
يقول المستشكل :
ولو ثبت لكان بسبب الحرب التى وقعت بينهم ولكن هذا لم يثبت
أقول : بل ثبت وبينا جهلك يا مدعى العلم فتعلم ... ثم ان تبريرك هذا لا مجال له اذ ثبت أن معاوية ما قاتل اجتهاداً منه بل قاتل لكى يكون ميراً على المسلمين وقد نقل غير واحد من أهل السنة هذا ولنكتفى بنص واحد :
البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 - ص 140
( وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن منصور قالا : ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد . قال : صلى بنا معاوية بالنخيلة - يعني خارج الكوفة - الجمعة في الضحى ثم خطبنا فقال : ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون " . رواه محمد بن سعد عن يعلى بن عبيد عن الأعمش به . )
أقول : أين الاجتهاد وأين دم عثمان الذى طالب به ؟!!! ويقولون اجتهد فأخطأ وانما سب الامام على عليه السلام بسبب الحرب .. لا حول ولا قوة الا بالله من جهل القوم .. بلينا بقوم لا يفقهون ...
ثم يقول المستشكل :
بل الدليل على أنه لم يعد هناك شئ بينهما . ودليله مبايعة سيدى شباب اهل الجنة لمعاوية وهما الحسن والحسين رضى الله عنهما . فلو كان هناك شئ من السباب المزعوم بما يلزم منه نفاق معاوية فكيف يخفى هذا عن الحسن والحسين حتى انهما ليبايعانه ويسلمانه الخلافة ؟
أقول : وهنا يبين جهلاً اكثر مما بيناه :
أولاً : لم يكن بين الامامية ومعاوية مبايعة بل كان صلح وشروط للصلح تناقلتها الكتب والروايات ليس المجال لها هنا ..
ثانياً : ما يدينه أكثر أنه كان من شروط الصلح :
تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 13 - هامش ص 264
( المادة الثالثة :أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وان لا يذكر عليا إلا بخير [ الأصفهاني : مقاتل الطالبيين ص 26 شرح النهج 4 / 15 وقال آخرون أنه أجابه على أن لا يشتم عليا وهو يسمع . وقال ابن الأثير : ثم لم يف به أيضا ] )
أقول : فهل طبق معاوية هذه المادة ؟!
الجواب لم يطبقها معاوية كما لم يطبق غيرها فمن المعلوم أن أول من انهى سب أمير المؤمنين على المنابر كان عمر بن عبد العزيز :
قال ابن سعد فى الطبقات الكبرى ج4 ص 67 :
(كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبدالعزيز يشتمون عليا رحمه الله فلما ولي عمر أمسك عن ذلك)
أقول : وهنا أثبتنا بغض معاوية لامير المؤمنين ومعاداته اياه وكذلك بالنسبة لامير المؤمنين عليه السلام ..
وهنا نقول أن الرواية تنطبق على معاوية فهو منافق فقد كان يبغض على عليه السلام فكان يسبه بل كان سبه سنة بنى أميه ..
الخلاصة :
1 ) ان الرواية خاصة بأمير المؤمنين عليه السلام دون غيره بشهادة الانصار أنفسهم ..
2 ) بطلان التبرير والادعاءات التى قالها المستشكل وبيان جهله وقله علمه ..
3 ) بيان بغض أمير المؤمنين لمعاوية ودعاءه عليه ..
4 ) بيان سب معاوية لامير المؤمنين ومعاداته اياه ..
5 ) تطبيق الرواية على معاوية ..
نسألكم الدعاء ,,,
والحمد لله رب العالمين
اللهم صلى على محمد وأل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ...
ان الامام على بن أبى طالب له من الفضائل العظام ما لم يبلغه أى وصى فضلاً عن صحابى فقد روى لهم من الفضائل ونزلت فيه من الايات ما جعل الامام أحمد وغيره يقولون كما نقل ابن حجر في فتح الباري ج7 ص :57)قال احمد والقاضي والنسائي وابو علي النيسابوري : لم يرد في حق احد من الصحابة بالاسانيد الجياد اكثر مما جاء في علي)ولكن فضائل الامام على عليه السلام لم تسلم من الطاعنين اما بمحاولة تضعيفها واما بمحاولة تأويلها للانتصار للعقيدة الفاسدة وان شاء الله سنتعرض فى هذا الموضوع لاحدى هذه المحاولات وهى محاولة تأويل قول النبى صلى الله عليه وأله وسلم لعلى بن أبى طالب عليه السلام :
( لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق )
أولاً : الكلام فى صحة الحديث :
انه لا ينبغى الشك فى صحة مثل هذا الحديث فقد ورد فى صحيح مسلم ورواه أصحاب السنن بأسانيد منها الصحيح ومنها الحسن ولم نجد من يشكك فى سنده ولن نجد من يضعفه الا صاحب القلب المريض ...وهو ليس محل الكلام هنا اذ أن المستشكل لم يتعرض لتضعيفه هاهنا .
والحاصل : لا ينبغى الشك فى صحة هذا الاثر ... وهذا ليس محله لان المستشكل لم يتغرض لتضعيفه بل قبله واعترف بصحته ..
ثانياً : الكلام فى دلالة الحديث .
يقول المستشكل :
هذا الحديث لا يعنى أن الله يحب صحابياً واحداً هو ابن عم رسول الله e. بل ان الحديث الذى سبق هذا الحديث فى مسلم ( أيه الايمان حب الانصار وأيه الكفر بغض الانصار ) . قال الحافظ فى الفتح ( وقد ثبت فى صحيح مسلم عن علي أن النبى e قال له : لايحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام، لما لهم من حسنالغناء في الدين قال صاحب المفهم : وأما الحروب الواقعة بينهم فان وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطارق الذى اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وانما كان حالهم فى ذلك حال المجتهدين للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد والله أعلم ) ( فتح البارى 1/63 )
أقول : سيكون الرد على ما ذكره من خلال وجوده نذكرها :
أولاً : جعل هذه الفضيلة لعموم الصحابة لا يستقيم والا لما ذكر النبى على بن أبى طالب بالتخصيص فلا وجه لجعلها لعموم الصحابة فيقول النووى:
شرح مسلم - النووي - ج 2 - ص 64
( وعرف من علي بن أبي طالب رضي الله عنه قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب النبي صلى الله عليه وسلم له وما كان منه من نصرة الاسلام وسوابقه فيه ثم أحب الأنصار وعليا لهذا كان ذلك من دلائل صحة ايمانه وصدقه في اسلامه لسروره بظهور الاسلام والقيام بما يرضى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن أبغضهم كان بضد ذلك واستدل به على نفاقه وفساد سريرته والله أعلم)
ثانياً : لو كانت هذه الفضيلة لجمهور الصحابة لما كان فيهم منافقين وهذا لم يثبت :
في جزء الحميري صفحة 34 قال :
)ثنا هارون بن إسحاق (ثقة) ثنا سفيان بنعيينة (ثقة) عن الزهري (ثقة) عن يزيد بن خصيفة (ثقة) عن بسر بن سعيد (ثقة) عن أبي سعيدالخدري (صحابي) قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلىالله عليه وسلم إلا ببغض علي )
أقول : قول أبي سعيد الخدري دليل قوى على ضعف ما ادعاه المستشكل اذ أن أبو سعد الخدري وهو صحابى يقول كنا نعرف المنافقين ببغضهم على بن أبى طالب ... فهذا يثبت أن بغضه نفاق وليس مرجد فضيلة عابره نمنحها لكل الصحابة ..
ونضيف هذا ليفك الاشكال :
أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 799 ] قال : وحدثنا محمد بن عيسى ( ثقةإمام الحافظ ) حدثنا قتيبة ( ثقة ثبت من رواة البخاري ومسلم )حدثنا جعفر بن سليمان( ثقة من رواة مسلم ) عن أبي هارون العبدي (من رواة البخاري ) عن أبي سعيد الخدري (صحابي ) قال : كنا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصارببغضهم علي بن أبي طالب
أقول : بل حتى الانصار نجدهم كانوا يعرفون المنافقين ببغضهم على بن أبى طالب عليه السلام .... فالادعاء باطل اذ أنه لو ثبتت هذه الفضيله لعموم الصحابة لما خصوا على بن أبى طالب بها ...
ثالثاً : ان شاء الله بتعرضنا لبقية الاستشكال سنتيقن من هذا ...
يقول المستشكل :
ولكن الشيعة يتهمون معاوية رضى الله عنى بالنفاق لكونه بزعمهم يبغض علياً وكان يأمر بسبه على المنابر . وهذا كله كذب . فلم يثبت بغض معاوية لعلي .
أقول : اما هذا المستشكل جاهل أو يتجاهل وان كان جاهل فعلينا أن نعلمه وسنعلمه الان وان كان متجاهل فعلينا تبيين جهله للناس وكذبه ..
أولاً : كان بنو أمية يسبون على بن أبى طالب على المنابر :
قال الألباني في ( السلسلة الصحيحة ح 3332) :
3332- (كان يحبُّ علياً ).
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (6/389/5828)، و"المعجم الصغير" (199- هندية): حدثنا محمد بن الحسين أبو حُصينالقاضي: قال: حدثنا عون ابن سلام قال: حدثنا عيسى بن عبدالرحمن السُلَمي عنالسُّدِّي عن أبي عبدالله الجدَلي قال:
قالت لي أم سلمة: أيُسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكمعلى المنابر؟!قلت: سبحان الله! وأنىيسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! قالت:أليس يُسَبُّ علي بنأبي طالب ومن يحبه؟ وأشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحبه! وقال الطبراني:
"لم يروه عن السدي إلاعيسى".قلت: ومن طريقه أخرجه أبو يعلى في "مسنده " (12/444- 445)، والطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (23/323/738) من طرقأخرى عن عيسى به. قلت: وهذا إسنادجيد، ورجاله كلهم ثقات، وفي السدي- واسمه إسماعيل بن عبدالرحمن- كلام يسير لا يضر،وهو من رجال مسلم.وأما إعلال المعلق على "المسند " بقوله:" رجاله ثقات إلا أنه- عندي- منقطع، ماعلمت رواية لإسماعيل بن عبدالرحمن السدي عن أبي عبدالله الجدلي فيما اطلعت عليه. والله أعلم "!
قلت: وهذا من أسمج ما رأيت من كلامه ؛فإن السدي تابعي روى عن أنس في "صحيح مسلم "، ورأى جماعة من الصحابة مثل الحسن بنعلي، وعبدالله بن عمر، وأبي سعيد، وأبي هريرة كما في "تهذيب المزي "، يضاف إلى ذلكأن السدي لم يرم بتدليس، فيُكتفى في مثله المعاصرة، كما هو مذهب جمهور الحفاظالأئمة , فلعله جنح به القلم إلى مذهب الإمام البخاري في "صحيحه " الذي يشترطاللقاء وعدم الاكتفاء بالمعاصرة، وما أظنه يتبناه؛ وإلا انهار مئات التصحيحاتوالتحسينات التي قررها، ويغلب عليه التساهل في الكثير منها، وبخاصة ما كان فيا منالرواة ممن لم يوثقهم أحد غير ابن حبان، وهو لا يشترطاللقاء!
ومحمد بن الحسين شيخ الطبراني ؛ ممافات على صاحبنا الشيخ الأنصاري رحمه الله أن يترجم له في كتابه النافع: "بلغةالقاصي والداني "، وقد ترجم له الخطيب (2/129) ترجمة حسنة، وأنه روى عنه جماعة منالحفاظ ، وفاته الطبرانيُّ، ثم قال:
"وكان فهماً، صنف "المسند". وقالالدارقطني: كان ثقة. وقال إبراهيم بن إسحاق الصواف: أبو حصين صدوق، معروف بالطلب،ثقة. مات سنة (296) ".
هذا، وقد تابع السدي: أبو إسحاق وهوالسبيعي؛ رواه فطر بن خليفة عنه عن أبي عبدالله الجدليقال:
قالت أم سلمة: يا أبا عبدالله! أيسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكم ؟ قلت: ومن يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت :... فذكره.
أقول : هنا نجد بنو أميه كانوا يسبون على بن أبى طالب عليه السلام ولنفصل الامر : بنو أميه يقتلون كل من كان اسمه علي ..
سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 7 - ص 412 - 413
154 - علي بن رباح * ( م ، 4 ) ابن قصير بن قشيب ابن يثيع ، الثقة العالم ، واسمه : علي ، وإنما صغر . فقال أبو عبد الرحمن المقرئ : كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي ، قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا ، فقال : هو علي . قلت : علي بن رباح ولد في صدر خلافة عثمان ، فلعله غير وهو شاب ، له وفاة على معاوية ، وكان من أشراف العرب .
أقول : كان بنو أميه كفرعون يقتلون كل من كان اسمه علي ثم تأتى وتقول لا يوجد دليل على بغضه .. والان ننتقل الى معاوية وسبه الامام علي ..
يقول ابن تيمية فى منهاج السنة (5/42) :
( وأما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبى فقال : مامنعك أن تسب علي بن أبي طالب فقال : ثلاث قالهن رسول الله (ص) فلن أسبه لأن يكون ليواحدة منهن أحب إلي من حمر النعم،الحديث،فهذاحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه ).
أقول : فهنا نجد معاوية يأمر بسب علي بن أبى طالب فكيف يدعي بانه لم يكن يبغضه؟! فهل السب دليل على الحب؟! ..
نضيف :مصنف ابن أبي شيبة - (ج 2 / ص 216)
حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين قال حدثنا عبدالرحمن بن معقل قال صليت مع علي صلاة الغداة قال فقنت فقال في قنوتهاللهم عليك بمعاوية وأشياعه وعمرو بن العاص وأشياعه وأباالسلمي (وأشياعه) وعبد الله بن قيس وأشياعه.
قال الشيخ مقبل الوادعي -: "أمااللعن فلم نجده فيشيء من كتب السنة المعتمدة بعد البحث الطويل، وأما الدعاء عليهم فقد صح عنهرضي الله عنه: قال ابن أبي شيبه (2/137): حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، قال: حدثناعبد الرحمن بن معقل: قال: صليت مع علي صلاة الغداة؛ فقنت، فقال في قنوته: اللهمعليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبا الأعور السلمي وأشياعه،وعبدالله بن قيس وأشياعه، قال البيهقي (2/204) وقد أخرج بعضه: صحيح مشهور، وهو كما قال من حيث الصحة؛ فهو على شرطالشيخين" اهـ
أقول : فهل دعاء الامام على عليه السلام على معاوية وأشياعه دليل على حبه له أم دليل على بغضه ومعاداته له ؟! والنبى يقول كما ثبت فى الاحاديث الصحيحة (اللهم عادى من عاداه) فالعجب العجب من قوم لا يعرفون ما فى كتبهم ويتقاولون ... على أنفسهم ...
يقول المستشكل :
ولو ثبت لكان بسبب الحرب التى وقعت بينهم ولكن هذا لم يثبت
أقول : بل ثبت وبينا جهلك يا مدعى العلم فتعلم ... ثم ان تبريرك هذا لا مجال له اذ ثبت أن معاوية ما قاتل اجتهاداً منه بل قاتل لكى يكون ميراً على المسلمين وقد نقل غير واحد من أهل السنة هذا ولنكتفى بنص واحد :
البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 - ص 140
( وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن منصور قالا : ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد . قال : صلى بنا معاوية بالنخيلة - يعني خارج الكوفة - الجمعة في الضحى ثم خطبنا فقال : ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون " . رواه محمد بن سعد عن يعلى بن عبيد عن الأعمش به . )
أقول : أين الاجتهاد وأين دم عثمان الذى طالب به ؟!!! ويقولون اجتهد فأخطأ وانما سب الامام على عليه السلام بسبب الحرب .. لا حول ولا قوة الا بالله من جهل القوم .. بلينا بقوم لا يفقهون ...
ثم يقول المستشكل :
بل الدليل على أنه لم يعد هناك شئ بينهما . ودليله مبايعة سيدى شباب اهل الجنة لمعاوية وهما الحسن والحسين رضى الله عنهما . فلو كان هناك شئ من السباب المزعوم بما يلزم منه نفاق معاوية فكيف يخفى هذا عن الحسن والحسين حتى انهما ليبايعانه ويسلمانه الخلافة ؟
أقول : وهنا يبين جهلاً اكثر مما بيناه :
أولاً : لم يكن بين الامامية ومعاوية مبايعة بل كان صلح وشروط للصلح تناقلتها الكتب والروايات ليس المجال لها هنا ..
ثانياً : ما يدينه أكثر أنه كان من شروط الصلح :
تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 13 - هامش ص 264
( المادة الثالثة :أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وان لا يذكر عليا إلا بخير [ الأصفهاني : مقاتل الطالبيين ص 26 شرح النهج 4 / 15 وقال آخرون أنه أجابه على أن لا يشتم عليا وهو يسمع . وقال ابن الأثير : ثم لم يف به أيضا ] )
أقول : فهل طبق معاوية هذه المادة ؟!
الجواب لم يطبقها معاوية كما لم يطبق غيرها فمن المعلوم أن أول من انهى سب أمير المؤمنين على المنابر كان عمر بن عبد العزيز :
قال ابن سعد فى الطبقات الكبرى ج4 ص 67 :
(كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبدالعزيز يشتمون عليا رحمه الله فلما ولي عمر أمسك عن ذلك)
أقول : وهنا أثبتنا بغض معاوية لامير المؤمنين ومعاداته اياه وكذلك بالنسبة لامير المؤمنين عليه السلام ..
وهنا نقول أن الرواية تنطبق على معاوية فهو منافق فقد كان يبغض على عليه السلام فكان يسبه بل كان سبه سنة بنى أميه ..
الخلاصة :
1 ) ان الرواية خاصة بأمير المؤمنين عليه السلام دون غيره بشهادة الانصار أنفسهم ..
2 ) بطلان التبرير والادعاءات التى قالها المستشكل وبيان جهله وقله علمه ..
3 ) بيان بغض أمير المؤمنين لمعاوية ودعاءه عليه ..
4 ) بيان سب معاوية لامير المؤمنين ومعاداته اياه ..
5 ) تطبيق الرواية على معاوية ..
نسألكم الدعاء ,,,
والحمد لله رب العالمين