مشاهدة النسخة كاملة : حروب القصور في البحرين
عابر سبيل سني
16-08-2011, 06:45 AM
سلسلة مقالات تحكي واقع الصراع على النفوذ وانقسام السلطة في البحرين من موقع مرآة البحرين
حروب القصور: أثافي ولي العهد في مهب رياح رئيس الوزراء
http://bhmirror.hopto.org/uploaded/essaysimages/0611/S+K.jpg
مرآة البحرين (خاص): في البحرين ليس هناك حاكم فعلي واحد، بل هناك سياسات تمارسها عدة أجنحة في الحكم، يمكن للمراقب حتى غير السياسي أن يلحظ صدامات هذه الأجنحة وصراعاتها، سيلحظها في البر والبحر وسيلحظها في خارطة إدارة الأزمة السياسية منذ 14 فبراير.
هناك صراع كبير بين أطراف صانعي السياسة في البلد، ينعكس سلبا في المخطط الاقتصادي لسياسة الجزيرة النامية، فهناك رئيس الوزراء الحاكم الفعلي للبلاد منذ أربعين عاما، وهناك خصومه أبناء أحمد آل خليفة وهم أبناء عمومته إذ قام الملك بتقريبهم للجّم سياسة عمه المتسلطة ونقصد بهم هنا خالد بن احمد وزير الديوان الملكي والقائد العام لقوات دفاع البحرين خليفة بن أحمد والذين يعرف عنهم تصلفهما الكبير، كما ولا نغفل أحد أهم اللاعبين في الساحة البحرينية خلال السنوات العشر وهو ابن أخت المذكورين ونقصد به أحمد بن عطية الله، والذي لقبه الدكتور صلاح البندر في تقريره الشهير بالأخطبوط لدهائه وخبثه.
لدينا نوعان من القيادة المتطرفة، كل منها يشد بساط السلطة جانبه، فرئيس الوزراء المتمكن من أعمدة الدولة التي بناها طيلة تلك السنين، استطاع فرض نظامه التقليدي متخذا من سياسة إدارة الولاءات القبلية والعائلية، استراتيجية للمرحلة التي تسلط فيها.
حين جاء الملك وقرب أبناء عمومته، تقاسم هؤلاء حصة الملك في السلطة ونشروا أذرعهم في بسط سياسة أكثر قسوة. كان رئيس الوزراء قياسا بهؤلاء، يمارس قسوة متحفظة، مجاراة للشعب المنهك والمستاء من سياسة التفريق الممنهجة التي يتبعها والتي ترتب عليها طبقية بيّنه، بين ثراء فاحش وفقر مدقع بسبب فساد حكومته.
قاد حلف الأخوان سياسة أكثر تطرفا، حين عملوا على تبطين الشارع بمفخخات التفريق الديني متخذين من سياسة التفرقة المذهبية هوية لهم، وعمدوا إلى شحن الشارع البحريني طائفيا طيلة السنين العشر، من جانب آخر، كان البرلمان البحريني مفتوناً باللّحي الطويلة، والأثواب القصيرة، وتم تقريب السلفيين في الإعلام وسدة العمل الرئيسي في أهم الوزارات والرئاسات التنفيذية، وأهمها ديوان الخدمة المدنية الذي لم يوجد فيه إلا هذا النوع من أصحاب اللون الديني الواحد من رجال ونساء والمعروف بتعصبه وشراسته، في حين تم تهميش كليّ لـ "البحارنة" في مثل هذه الدوائر والوزارات الحكومية، فإذا عرفنا أن جهاز التحكم بالأعمال الوزارية –ونعني ديوان الخدمة المدنية- كان بلون واحد فلن نفاجأ، إن كانت التعيينات التي يرشحها هذا الجهاز في الوزارات تتم على أسس مذهبية وطائفية ومحسوبيات، ولكن تبقى أكثر إنجازاتهم سوءا وتدميرا للبلد، هي مخطط التغيير الديمغرافي بحساب ديني صرف، لترجيح كفة السنة في البلاد عن طريق تجنيس العائلات الفقيرة من العرب أو الأسيويين.
على النقيض من هذه السياسات الموتورة، جاءت سياسة ولي العهد، اتسمت سياسته برؤية منفتحة، يعتمد في منهجه على تقوية الاقتصاد، نائيا بنفسه عن السياسة السلطوية التي يتم الصراع عليها في دهاليز قصر الصافرية.
استطاع ولي العهد وانطلاقا من العام 2004 بالتحديد قيادة المملكة إلى العالم الخارجي، بعد أن حظيت إستراتيجيته المعلنة بدعم كامل وتام للبلد، الذي أرهقته صراعات القصور والشوارع معا، من الشعب، دعمه نخبته، ومن العالم الخارجي، دعمته الدول الاقتصادية، إلا أن توجهات ولي العهد "حسنت النية" لم تعجب المتطرفين إذ أثرت على حصصهم السلطوية.
مضى الشيخ سلمان بن حمد، في سياساته الرامية لجعل البحرين بلد الإنجازات في الشرق الأوسط، ففي العام 2004 أسس ولي العهد مجلس التنمية الاقتصادية الذي كان نواة حقيقية لتغيير راديكالي بصبغة ليبرالية، وقد افتتح سياسته بشركة ماكنزي كيتو دي بير المتخصصة في الدراسات والاستشارات المالية الاقتصادية، وأسند إليها تبني دراسة يمكن من خلالها إعادة هيكلة سوق العمل المحلي، متعهدا بتنفيذ كل التوصيات التي تتبناها الشركة، واختار لها أن تكون أجنبية لتلبي له ما كان يتطلع إليه من طموحات.
نجح ولي العهد في التركيز على إصلاح "الثلاث الأثافي" في الاقتصاد الحر، وهي إصلاح التعليم وإصلاح التدريب وإصلاحات سوق العمل ذاتها. وسار في إصلاحاته الاقتصادية حتى حقق حلمه الذي وضع البحرين على مصاف العالمية بعد أن أسس حلبة البحرين الدولية.
في الحقيقة لم يكن نجاح ولي العهد في الإصلاحات تلك فقط، بل قلب الموازين في تبني نهج إصلاحي في اختيار الأكفأ ليس بمعيار المذهبي ولا بمعيار الطبقي، ولا بمعيار الأكثر موالاه للعائلة الحاكمة، فعين وزراء "شيعة" أعانوه كثيرا في المضي في نهج الإصلاح ومحاربة أوجه الفساد المعلنة على الأقل في الدولة، فنجح في سباق السلطة الخفي، وبات رقما مهما في العائلة المتنازعة، لكنه لم يكن رقماً صُلباً.
اكتسب ولي العهد قوة ناعمة لكنها ليست صُلبة، اكتسبها من نجاحاته في الإنجازات الاقتصادية التي استطاعت أن توفر قاعدة قوية للقطاع الخاص، ولجعل البحرين جاذبة للاستثمارات العالمية، ولتعديل قوانين النقد والمالية حتى صارت بيئة مالية مثمرة، فحصدت مركزا إقليميا لها في المنطقة على مستوى القطاع المصرفي، كل ذلك لم يصفق له الطرفان المتحاربان، بل راحوا يعرقلون خطواتها بين الحين والآخر، وأبرز من قاد تلك الحرب الضروس، هو رئيس الوزراء خصوصا بعد أن وجد وزاراته المقاومة للتغير، تُهدد بإعادة هيكلتها، لتكون مؤاتية للمناخ الإصلاحي.
عابر سبيل سني
16-08-2011, 06:49 AM
حروب القصور: محور الشر يهزم اقتصاد ولي العهد
وزير الديوان الملكي(يمين) وولي العهد(يسار)، مسافة وأكثر بعد 14 فبراير
مرآة البحرين (خاص): في ظل سياسة المد والجزر بين ولي العهد وعمه الكبير وحرب المجالس والإعلام وانشغال الرأي العام بالجديد دوما بين الطرفين المتنافسين، كانت هناك في أروقة قصر الصافرية تكاد الدسائس المتربص بها الشيخ خالد بن أحمد وزير الديوان الملكي، يديرها وفق أجنداته المغايرة والطموحة والمهادنة لكلا الطرفين المتصارعين، لتبلغ نهايتها.
فعلى الرغم من انعدام التفاهم بين خالد بن احمد ورئيس الوزراء- أبناء العمومة- إلا أن شعرة معاوية بقيت معلقة بينهما، وفي الحقيقة هذه الشعرة كادت تقطع لمرات عدة، لولا أدراك رئيس الوزراء بحسه الحاذق ودهائه، بأن خالد بن أحمد خصم شرس وأكثر عنفا وقسوة من ولي العهد الذي يتبع سياسة اللين والمصالحة، فلم يفتح عليه جبهات صراع هو الخاسر فيها، بل كان يقربه في الموائد ويقلب عليهم في الإعلام، حيث الإعلام بكافة وسائله ضد سياسة التجنيس التي لم يكن مرحبا بها لدى رئيس الوزراء المدرك بأنها إنما ترمي إلى إقصائه وتحويل المملكة إلى حكم الفرع الثالث من العائلة الخليفية التي تصارعت على الحكم قبل سنين.
التوجس والريبة من عدم إخلاص الفرعين من الأسرة الحاكمة، كان السبب الكافي لعدم تقريب الشيخ خليفة بن سلمان لأي من أبناء عمومته، خالد وخليفة بن احمد آل خليفة، وأبناء محمد آل خليفة الذي لم تبق منه إلا الشيخة مي الخليفة، لم يعطهم أي منصب وزاري أو مناصب عليا طيلة الـ 30 عاما، حتى جاء الملك حمد ليقرب أبناء عمومته المبعدين.
في ظل الصراع بين قطبي الدولة، ولي العهد وعمه، كان وزير الديوان يحصي غنائم ما يستطيع بلوغه، حتى بات فعليا مع أخيه الحكام، فهم محور الشر في العائلة الحاكمة من بين العقلاء فيها والتقليديين وحتى المتشددين، ولم يكن أحد ليعرف مدى خطورتهم حتى انكشف أمر تقرير البندر، إذ تبين أنهم المشرفين والداعمين لكل ما جاء فيه.
بدت ثورة اللؤلؤة فرصة أكثر من ممتازة لمحور الشر بالعائلة الحاكمة، لتترجم توصيات تقريرهم بالتطبيق الفعلي، وأفضل من ذلك فقد عملت على توحيد أعداء الأمس، إذ اتحدت أهداف رئيس الوزراء مع أبناء عمومته مقابل ولي العهد الذي كان يؤمن بالمطالب الشرعية لشباب 14 فبراير، فتكالبوا عليه وانتصر الشر.
كان التوقيت والظروف مؤاتية لتنفيذ الخطة التنظيرية التي عمل عليها محور الشر، ونعني بهم كل من خالد بن أحمد وخليفة بن أحمد، وينفذها أحمد بن عطية الله"الرأس المدبر" لكل المخططات الرامية لتحويل المملكة إلى فرق حزبية ومذهبية وطائفية ليسهل السيطرة عليها، منذ العام 2005 وفق دراسة حملت اسم "النهوض بالوضع العام للطائفة السنية في مملكة البحرين" وهذه المرة بآليات قوية يدعمها الشيخ خليفة بن سلمان بنفسه، فالثورة الشبابية غير المسبوقة في تاريخ الدولة تطالب في الأساس بإنهاء عهده فكان لها بالمرصاد.
وجود رئيس الوزراء أعطى قوة لعمليات التنفيذ وبصلاحيات واسعة بالنظر لتملكه جميع الوزارات، واستعانته بالسعودية كغطاء لفعل ما يريد دون أن يوقفه أحد، الأمر الذي سرّع في تنفيذ مخطط الهيمنة السنية ذات الأبعاد الاقتصادية التي نعيشها اليوم، والتي فُرضت بأوامر أشبه بقانون"الغاب" بهدف تغليب طرف "الموالاة بصبغتها المذهبية" كبديل استراتيجي لمن سماهم بالخونة.
استطاع رئيس الوزراء عبر استعانته بفريق الشبكة السرية التي تحدث عنها صلاح البندر في تقريره"البحرين الخيار الديمقراطي وآليات الإقصاء" والمعروف محليا باسم "تقرير البندر" إذ عرّف الشبكة السرية بقيادة أحمد بن عطية الله، على أنها المتحكم خارج إطار الشرعية في سياسة الدولة، استطاع أن يترجم اقتراحات التقرير إلى أفعال متخذاً من قانون السلامة الوطنية ستارا، وكوّن فريقا نستطيع تسميته بـ" لجنة التطهير" التي تهدف "لتطهير البلاد من المجوس والخونة" بقيادة "المشير" خليفة بن أحمد وبمشاركة الإخطبوط "عطية الله"، وخلال شهر واحد فقط وبغير قواعد منطقية ولا قانونية وتحت ذريعة معاقبة الخونة، استباح البلاد والعباد تحت شعار (التطهير)، استطاع ذلك النظام المظفر بنصر وهمي أن يقود اقتصاد البلاد إلى هزيمة ملحوظة. عبر خطوات جرأ عليها من قبل ولكن بطريقة غير محسوسة ومن غير فجاجة وبتدرج. بأركان جيشه الذي لم بجربه على غير شعبه، هدم أركان الاقتصاد الفتي، عبر خطوات وصفها المراقبون بأنها غبية وعنصرية.
بدأها بعمليات فصل معدة مسبقا لإعادة هيكلة مناصب الوزارات، ذات الأكثرية الشيعية، كوزارة الصحة، إذ يستحوذ الشيعة فيها بحسب التقرير على 64 منصب مقابل 25 للسنة، والآن انعدم التمثيل الشيعي فيها بالطبع، كذلك هو الحال في وزارة الإسكان، في حين تستأثر الطائفة السنية بالمناصب في وزارة كالتربية والتعليم 47 منصبا مقابل 8 فقط للشيعة، واليوم تم فصلهم وتوقيفهم جميعا تقريبا، بقيادة وزيرها العسكري ماجد النعيمي، وباقي الوزارات كلها كشئون البلديات 16 منصبا سنيا مقابل 9 مناصب للشيعة تم تقليصها إلى النصف، وهكذا يبدو المشهد في باقي الوزارات بعد أن تم تفعيل مسرحيات التخوين كتغطية للحد من التواجد الشيعي.
لم يقتصر الأمر على القطاع العام، بل وصل إلى القطاع الخاص في أهم الشركات الكبرى، ونذكرها كما جاءت في التقرير "بابكو، ألبا، أسري، طيران الخليج، بتلكو"، فكانت فرصة أكثر من ممتازة لإحلال ما يسمى بالتوازن السني بديلا للشيعة في مناصب تستأثر بها النخب الشيعية، وبالفعل بلغ عدد المفصولين من الطائفة الشيعية في القطاعين حتى يومنا هذا (1991) موظفا، وبعضهم لم توجه لهم أي اتهامات سوى أنهم شيعة.
لم تتوقف ترهات الدولة عند هذه الأفعال، بل تم إعادة هيكلة النقابات العمالية والجمعيات وفصل كوادرها، وإبدالها بكوادر سنية، وفق مقترحات التقرير المذكور، كما لجم التجار الشيعة عبر مقاطعة منتجاتهم ومحالهم التجارية ومطاعمهم ومصانعهم باسم "مقاطعة منتجات الخونة"، وتم إعادة السيطرة على بيت التجار "غرفة تجارة وصناعة البحرين" وإبعاد أعضائها من الشيعة للحد من النفوذ الشيعي في الحركة التجارية، والحيلولة دون سيطرة الشيعة على صناعة القرار التجاري في المملكة وفق ما ذكره تقرير البندر، في عملية إقصاء للطائفة الشيعية لم تحدث بهذا النسق في دولة تفتخر بأنها دولة المؤسسات والقانون.
عبر وكلاء التطهير، تم تشجيع التجار وأصحاب الأعمال السنة لتوفير بدائل للشارع السني عن المقاطعة بالذات للمنتجات الغذائية التي يشتغل فيها الشيعة في البحرين كتوفير الخضروات والفواكه والمخابز والمواد الغذائية وتعبئة المياه، تحت يافطة تجمع الوحدة الوطنية لسوق الخضروات، في ما سمي بساحة الشرفاء في البسيتين.
لم يكن تجمع الوحدة الوطنية إلا من صنيع محور الشر و"لجنة التطهير" واتخذاه ذراعاً مساعداً للتستر على تنفيذ اقتراحات المحور، وليظهر بمظهر متخذ القرارات الجماهيرية، وها هو يكمل المسرحية عبر تحويله لجمعية تتحكم في العباد والبلاد، بوكالة من محور الشر. ولنا بقية.
عابر سبيل سني
16-08-2011, 06:53 AM
حرب القصور: قرصة ولي العهد الاقتصادية
http://bhmirror.hopto.org/uploaded/essaysimages/small/lvl220110614053225.jpg
مرآة البحرين (خاص): نجح ولي عهد البحرين خلال سنوات قليلة، كما ذكرنا في الحلقة الأولى، أن يجعل قاعدة الاقتصاد المحلي أكثر متانة، وذلك عبر سياساته الاقتصادية الإصلاحية. لجم شراهة التجار البحرينيين بعدد من القوانين. وكان هدفه المعلن توظيف العاطلين البحرينيين.
التجار ضجّوا أثر تطبيق قانون (سوق العمل). اعتبروه قاسٍ في سوق صغيرة ومحدودة. لكن القانون تمكن من توظيف أكثر من 70% من الخريجين الشباب وإلحاقهم بسوق العمل. أيضاً، جعل السوق ذات جاذبية للمستثمرين مع أولوية توظيف العامل البحريني.
توظيف العاطلين، لم يكن يشغل رئيس الوزراء منذ 40 عاماً، وسط سياسة تمارس التمييز المذهبي والطبقي والقبلي في أغلب الوزارات. البطالة كانت في تفاقم. أصحاب الشهادات لم يكونوا مستثنيين من البطالة. الخريجون الجامعيون أمام مستقبل مجهول. أما الذين لا يملكون شهادات جامعية، فالمستقبل أمامهم أكثر قتامة. سيسمح لك إن كنت سني المذهب أن تنضم إلى قوة دفاع البحرين والجيش، لكن حين تكون شيعياً ليس لك خيار، أعمال متدنية الأجور في القطاع الخاص (80 إلى 120 دينار)، مهن غير منظمة، العمل كبائع جوال، بائع خضار، بائع سمك، سائق، مقدم أطعمه، عامل في فندق، أو عامل في محطات البترول.
ثروات البلد محتكرة، لا تصل الشعب. عصارتها تذهب إلى الأسرة الحاكمة وقلة من الأثرياء القريبين. الفتات تسد به مديونية الدولة ويوضع في الميزانية السنوية بالنسبة المتدنية لسعر النفط. الأمر انعكس سلبا على مجمل الاقتصاد في دولة تُحسب من الدول الغنية. رئيس الوزراء لا تهمه المشاريع الريعية ولا المشاريع البنيوية والتنموية إلا كمساجلات إعلامية لإسكات الرأي العام المتحامل على سياسة التجويع غير المعلنة.
البطالة، وضعت البلاد أكثر من مرة على شفا انفجار، قادت إلى تدهور أمني داخلي غير مرة. لكن سياج "أمن الدولة" كان يُسكت أي تحرك موجوع يقوم به الشعب . سياسة الإصلاحات الاقتصادية التي تبناها ولي العهد، تسببت في عدم ارتياح، بل انزعاج رئيس الوزراء. أحرجته، وأظهرت للعلن، أن تجاهل أهم المشاكل "البطالة" كانت من صلب سياسته التي يفتخر بها اليوم تحت شعار "التجويع"، وإنها لمتعمدة.
انطلق ولي العهد في إصلاحاته حافرا في صخر، يحارب من داخل القصر وخارجه. لا تزال الأدوات بيد النظام القديم المتمثل في عمه الكبير. الإعلام وبيت التجار والوزارات كلها تحت سيطرته. كذلك ولاء العائلات التي يعمل غالبية أفرادها لديه، أو معه.
بدأت الحرب الإعلامية الموجهة ضد ولي العهد، أقلام وصحافة، جيروا في الأزمة الأخيرة يدقون بين الفينة والأخرى طبول الهجاء لبعض الوزراء والمسئولين المحسوبين على ولي العهد، محاكاة للمثل القائل "إياك اعني فاسمعي يا جارة".
شركة ممتلكات، ومجلس التنمية الاقتصادية، والحلبة الدولية، ووزارة العمل، والهيئات التابعة لها كهيئة تنظيم سوق العمل، وتمكين (صندوق العمل)، كان لها جميعها نصيبها من الانتقام من الجارة التي أزعجت جارتها الكبيرة. آخرها، كانت شركة طيران الخليج التي كان قد سيطر عليها ولي العهد لإعادة هيكلتها من جديد وحمايتها من الفساد الذي نخرها كالسوس. أيضاً الوزارات التي ساهم ولي العهد في اختيار مرشحين لها، كل هذه كان لها نصيبها من التصويب الهجائي من إعلاميي الحرس القديم والكتاب. المفاجأة، أنه حتى تقرير ديوان الرقابة المالية، شن هجومه على تلك الهيئات دون سواها.
ولي العهد اكتسب سلطة واسعة وحرية كبيرة بعد نجاحه في سياسة الإصلاحات الاقتصادية. الملك خوله التصرف بما يخدم تلك التوجهات، بعد أن بدأت الحرب الباردة مع عمه الكبير تظهر على شكل حروب بين الوزارات. الوزارات المحسوبة على عمه صارت تقفل الباب أمامه وتشكل حاجزاً أمام مواصلة أهدافه. ما دعى ولي العهد إلى كتابة تلك الرسالة الشهيرة، بين الابن الإصلاحي والأب الملك الراغب بالإصلاح، التي تم نشرها على الصفحات الأولى بالصحف في 2008م، لتبين أن الحرب العلنية انتهت بفوز الإصلاحي الطموح.
محاربة ولي العهد للفساد، تشكل ضربة أخرى لعمه الأكبر الذي تفشى في عهده الفساد المالي والإداري بشكل لا يمكن إغفاله. قام الشيخ سلمان بإغلاق بعض الوزارات التي تستنزف ميزانية الدولة كوزارة المواصلات التي يرأسها ابن رئيس الوزراء علي بن خليفة آل خليفة، ووزارة النفط التي كان يرأسها عيسى بن علي آل خليفة، واستبدالها بهيئة النفط والغاز، وما أسفر عن تبعاتها من فضيحة الفساد والرشوة التي اتهم فيها وزير النفط السابق عيسى بن علي بتسلمه ملياري دولار من شركة ألكوا الأمريكية. يذكر بعض المقربين، أن عيسى بن علي ليس إلا اسم فقط وان المبالغ كانت تذهب لرأس الحكومة المتمثل في رئيس الوزراء. وان نشر القضية في صحيفة أمريكية وهي"وول ستريت جورنال" كانت انتقاماً من ولي العهد على الممارسات وأساليب التضييق والتشهير التي كان عمه الكبير يحاربه من خلالها، وكانت أشبه بقرصة تحذيرية لوقفه عند حده. إلا أن الحرب لم تنته وبقيت مستعرة.. ولنا بقية
عابر سبيل سني
16-08-2011, 06:59 AM
حروب القصور وانعكاساتها: كيف انقلب تجمع الفاتح على ولي العهد؟
مرآة البحرين (خاص):
بدت الفرصة أكثر من ذهبية لمن أسميناهم بــ "محور الشر" ونقصد بهم أبناء العمومة في الأسرة الحاكمة (وزير الديوان الملكي)، و(المشير)، و(رئيس الوزراء)؛ لفرض أمر واقع في البلاد.
بحسب ما نقلته آذان القصر الملكي لم يكن لدى رئيس الوزراء أي نية في التنحي كما كان يهتف الشعب خارج القصور، ولكن كانت لديه نية في الاستنجاد بالجار الكبير كما حدث في منتصف التسعينيات، فساذج من يحسب أن الشيخ خليفة بن سلمان يمكنه أن يستسلم بكل سهولة، فمن شهد نزاله مع الشعب في منتصف التسعينيات يمكنه أن يتحقق بروية أن ما يجري اليوم أمر بديهي درج عليه طيلة حكمه.
يحسب الأمير الكهل بأن هذه البلد قامت بساعديه وهو أولى بها من الملك وما يقوم به ولي العهد ليس إلا مشاغبات خارقة تساعد الفئة التي كان يقول دائما عنها "أنها مثل السجاد الإيراني كلما زاد _الدوس_ فوقها استوى اعوجاجها"، إنما يساهم في إعطاء حقوق لمن لا حقوق لهم فهو ينظر لهم على أنهم عبيد لا يمكنهم أخذ حقوق ليست لهم.
يبدو بأن هذا الطابع قد جبلت عليه الأسرة الحاكمة في البحرين، إذ يذكر تشارلز بلجريف في مذكراته التي تولى ترجمتها مركز البحرين لحقوق الإنسان في سبتمبر 2009، وصف العائلة الحاكمة في يومياته التي أرخها بتاريخ 21 أغسطس من عام 1926، قائلا : "أن عائلة آل خليفة هي العائلة المالكة في البحرين، بشكل مطلق وتام، فالحكومة تصرف لهم العلاوات ولا يعملون شيئا معتبرين على ما يبدو بأن القيام بأي عمل هو دون مقامهم، أنهم أناس مستبدون ومغرورون وكسالى في الغالب، يعيشون على أنهم من العائلة المالكة" انتهى الاقتباس.
هذا بالضبط ما يمكننا تلخيصه من معاناة الشعب البحريني طيلة حقبة الحكم الخليفي، بيد أن ممارسات القمع زادت سوءا في عهد رئيس الوزراء الحالي فلم يخل عقد (كل 10 سنوات) من أزمة سياسية شعبية تطالب بالحقوق منذ استلامه الحكم في مطلع السبعينيات وإلى اليوم، وطيلة هذه الفترة كان هو الحاكم الفعلي للبلاد بعد أن استطاع إزاحة أخيه الشيخ محمد إثر تقسيم الورث الأميري كما أراد الشقيق المهووس بجمع المال والعقار فكان هو الخصم القوي أمامه حينها، بخلاف أمير البلاد آنذاك الأمير الراحل عيسى بن سلمان الذي مكنه من كل شيء.
يعد جهاز "أمن الدولة" أبرز الإنجازات التي صنعها رئيس الوزراء إذ استطاع في ظل هذا القانون القمعي الإرهابي أن يحكم سيطرته على البلاد أمنيا بشكل ملفت فجعل من البحرين أشبه بثكنة عسكرية وشغل نظام الجاسوسية بشكل صارخ وفج لإرهاب الأهالي وترويعهم ليؤمن ملكه واستعان برجل المخابرات الاسكتلندي الشرس أيان هندرسون.
وفي عهد الإصلاح يبدو أنه قد استبيح ملك الأمير الهرم، فكان أول فعل يدل في هذه الاستباحة، هو إلغاء قانون أمن الدولة وجهازه، والمطالبة بمحاكمة السفاحين الذين أرهبوا الشعب وهم عبارة عن عدد من الضباط في جهاز المخابرات سيء الصيت، فقد كانوا يديرون البلد من خلال مكاتب التحقيقات في العدلية.
ولكن يبدو أن ذاكرة السمك التي يتميز بها الشعب البحريني المسالم والتي لطالما استغلها رئيس الوزراء كانت سببا للاستعداد للصفح في بادرة حسن نية للإصلاح، غير أن المماطلة كانت سيد الموقف وكما يقول القريبون من المشهد في القصر كان الحرس القديم الذي يقوده رئيس الوزراء بالمرصاد لكل تحرك وتغيير، ومن جهة أخرى بدا حلف الإخوة أكثر شرا وفتكا، فقاد الأمر إلى أن يصارع ولي العهد وحده في بناء دولة لطالما حلم بها دولة أشبه بموناكو أخرى على الخليج العربي، بقوميتها العربية المتأصلة فتبدل الحلم إلى كابوس.
المرحلة التي التقى فيها محور الشر كانت في تحريك كل الآليات لصنع رادع يشل القوة التي فاجأتهم إثر انقلاب الشارع بكل أطيافه سواء المعوزة أو المتوسطة أو حتى المقتدرة للانضمام إلى ثورة الدوار، فكل هؤلاء يفتقدون "الوطن الجميل" الذي وعدوا به منذ أكثر من عقد، فجن جنون المحور ليسارعوا لتطبيق الخطة البديلة وهي كما أسلفنا في الحلقة السابقة تحويل تقرير البندر إلى واقع، ولعل أبرز النجاحات التي لم يخطط لها إلا حينها هو تجمع الوحدة الوطنية والتي يطلق عليه بتجمع الفاتح.
يذكر بعض المقربين ان شيخ التجمع ونعني به عبداللطيف المحمود كان بارعا في الرقص على "ستيج" المسرحية الوطنية، فقد تحالف في بادئ الأمر مع ولي العهد الذي استدعاه بعد أن أشار عليه أحد مرافقيه بالاستعانة بأهل السنة المعتدلين لإرضاء الشارع السني الذي يؤجج طائفيا من خلال مرتزقة عطية الله عبر جميع الوسائل الإعلامية والتكنولوجية، وبعد أن تحالف في الخطة الإعلامية الأمنية مع الشيخ فواز الذي وجد نفسه مستهدفا من قبل المعارضة وهو ذو الخلفية العسكرية استطاع أن يقلب الإعلام بكل وسائله إلى أشبه بمخيم للأشبال والزهرات الصغار، يتم تعليمهم بعشوائية فقط لرفع وتيرة الشحن.
وفي الوقت الذي تتم الطبخة بإعداد المقادير لها كان أبرز المرشحين لتجمع سني هو جاسم السعيدي الذي صنع لتلك المرحلة، إلا أن هذا الأخير ليس لديه جمهور إلا من هم بمثل عقليته وهم من يقوم بإمامتهم ظهر كل جمعة، وهؤلاء قلة إذ إن البحرين تتسم بسلمية أهلها وطيبتهم وتآلفهم، ولم تبد النعرات إلا في عهد الإصلاح حين طرق الخطر بعض من كان يجب عليهم الخروج من اللعبة حينها.
أصبح المطلوب هو الشيخ عبدا للطيف المحمود الذي يحظى باحترام الشارع البحريني بطائفتيه، إذ يذكر له الثائرون الشباب وقفته مع زعيمهم الراحل الشيخ عبدالامير الجمري في منتصف التسعينات قبل أن يدخل في تسوية رخيصة مع الحكومة آنذاك، ويحترمه الشارع السني، اسما معتدلا مطلوبا للمرحلة الحالية التي تحتاج لتحشيد الشارع السني لا تفريقه، فكانت المساومة هذه المرة باهظة فهناك من يتكلم عن صفقة بملايين الدنانير وعقارات تم شراء ذمة المحمود بها، حتى علق أحد العارفين به ساخرا من أن المحمود اليوم بات من "مليونيرية" البحرين ويمكن ان يوضع اسمه العام المقبل، في قائمة الفوربيس لأكثر الخليجين ثراء.
الصفقة دخل فيها ثالوث محور الشر وضغط فيها الأخطبوط (عطية الله) بكل قوته الأمر الذي أثار حنق ولي العهد وكأنما تم الغدر به، فلم يتوقع من عبد اللطيف الذي كان يحسبه رجل دين "نظيف" أن يكون رأس الفتنة، الفتنة التي كان يتجنبها بمبادرة الفاتح التي كانت في الأساس فكرته.
عبد اللطيف الذي كان ينتقد "الجمع في الحكم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية" ويدين " الخلط بين الحاكم وعائلة الحاكم، وعدم وجود ضوابط لهذا التداخل، حتى أصبح أبناء وبنات عشيرة الحاكم حُكاما، وظيفتهم الرسمية أنهم من العائلة الحاكمة مهما بعُد النسب، يأخذون على هذه الوظيفة رواتب من خزانة الدولة دون أي عمل سوى الولاء للحاكم، مما أدى مع ازدياد عددهم من العشرات إلى المئات والألوف إلى ظواهر منها" انظر: د. عبداللطيف المحمود، "دور المشاركة الشعبية في صياغة القرار السياسي ومستقبل الديمقراطية في المنطقة"، ورقة مقدمة لندوة بالكويت في 1991. لقد انقلب عبداللطيف على نفسه وأخلاقه، كان وقع الغدر على ولي العهد كبيرا، إذ تم استدراج هذا التجمع لإنجاح مخطط التحشيد والطائفية التي قادت البلاد إلى حرب كادت تكون أهلية.
ولنا عودة ...
عابر سبيل سني
16-08-2011, 07:03 AM
حروب القصور: سياسة التجويع الاقتصادية
مرآة البحرين (خاص): "الحاكم الذي يجوع شعبه لا شرف له" هذه المقولة التي يذكرها كتاب"الشقيقان والسنوات الصعبة"(1 (http://bhmirror.hopto.org/article.php?id=1637&cid=74#1#1))، قالها الحاكم الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أمير البحرين السابق وأب رئيس الوزراء الحالي الشيخ خليفة بن سلمان. المثير حقا أن من يذكر هذه الجملة ويرددها بحسب الكاتب هو الابن الذي يقود سياسة التجويع اليوم.
في الكتاب نفسه يعلق الشيخ خليفة على مقولة أبيه بقوله "وإذ يستشهد سمو الشيخ خليفة بن سلمان بهذه العبارة التي يذكرها يرويها سموه عن سمو الوالد، فهو يجعل لها إطارا ممتدا إلى مختلف مناحي الحياة، فجوع الشعب –يقول صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان- لا يعني جوعه للخبز فقط، بل يمتد ذلك للصحة والتعليم وإلى استخدام أرقى وسائل التقنية"(2 (http://bhmirror.hopto.org/article.php?id=1637&cid=74#2#2)).
تثير هذه الجملة (سياسة التجويع) الاستهجان والسخرية وتستفز الكثير من المواطنين حتى بات شعار المرحلة الذي يردده الصغير والكبير هنا في البحرين بعد أن تحولت هذه السياسة إلى خطة عمل تقوم بها الحكومة، وهي التي أطلقها كما يعرف القاصي والداني رئيس الوزراء لجعل الشعب –المكرم- كالكلب اللاهث على لقمته، فهو لا يقصد بممارسته سياسة تجويع الشعب –المنتفض- عبر منع لقمة العيش عنه وحسب، بل تمتد لتشمل ضربهم في الخدمات الأخرى كالصحة والتعليم وتوفير الوسائل التقنية والخدمية، وللتذكير فقط فهذه الممارسة قد سبق وطبقها في أزمة التسعينات بفارق الدرجة والعدد، وهي تبدو بمثابة محنة كاملة.
ويمارس العم العجوز السياسة ذاتها التي يطبقها غالبية دكتاتوريي العرب، وأبرزهم حسني مبارك الذي كان يؤمن بأن الفقر والجهل أفضل الحلول لإشغال الشعب الجائع عن التركيز في السياسة وحشر أنفه بما يضر مصالح الحاكم المستبد، وهي بالمناسبة سياسة الانجليز ذاتها والتي يذكرها –سموه- في الكتاب حين قال بأن الحماية البريطانية اتّبعتها لتقيد بها الشعوب المستعمرة، وتسيطر عليها، فما الفرق بينهما اليوم؟!
ولسنا بحاجة للتذكير بما وصل إليه حسني مبارك حين توحدت صرخة الناس المحرومة من الخبز والحرية والحكم الرشيد ضد حكمه وانتزع من كرسيه، بل المفارقة بان الثورة ضده كانت الشرارة التي أشعلت ثورة البحرين إذ طالبت الأخيرة بالتغيير عبر إبعاد صاحب مبدأ التجويع، وفي ظل القوة التي رافقت الثوار بداية ثورتهم، كانوا مقتنعين أن التغيير قريب وأنه قادم لا محالة، ولكن على أرض الواقع فالتغيير الحقيقي قاده–العم الحاكم- حين أعلنها مباشرة بأنه يقود حملة التجويع وهو المصير الذي يستحقه الخونة، والخونة هم نصف الشعب الذي شارك مؤيدا للثورة التي تطالب بالتغيير والمساواة ويمكننا الاطلاع على مقابلته (http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/142332/reftab/36/Default.aspx) في جريدة السياسة الكويتية المنشورة في يونيو الماضي لنتعرف على هذه الحقيقة(3 (http://bhmirror.hopto.org/article.php?id=1637&cid=74#3#3)).
هدم منارات الإصلاح
خلال الأشهر الثلاثة من إطلاق سياسة التجويع، كان معول الهدم يركز في ضرباته على المؤسسات والوزارات التي أشرف على بنائها ولي العهد، ونركز على ما اختص به ولي العهد لأنه كان أكبر المحاربين لسياسة التجويع تلك، عبر تبنيه خيار الإصلاح باعتماده إصلاح سوق العمل والتعليم والتدريب، والمذكور بكل وضوح وتجلي في الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030 والتي تنص من بدايتها وحتى نهايتها على تحقيق الرفاهية للشعب البحريني من خلال اقتصاد قوي يعتمد على الاستثمارات العالمية بمعية النفط "الذي لم يحقق للاقتصاد المحلي إلا ما حققه في السنوات الماضية، طبعا الخلل ليس في النفط وسعره بل في سياسة توزيع الأرباح التي باتت سياسة أشبه بالدستور منذ تقسيم الانجليز لها فما تغير بعد ذلك من نسبة أصحاب الحماية –الانجليز- ذهبت للعائلة المالكة"، والاتجاه إلى تنويع الاقتصاد، وذلك بغية المساهمة في رفع الرواتب المتدنية للبحرينيين عبر تحفيز وتطوير القطاع الخاص ليستوعب هذا التغيير ويكون البحريني خيارا مفضل للشركات العاملة في المملكة، ويهيئ له بيئة عمل مشجعة وراتب محفز.
بالطبع فإن الآلية التي اعتمدت عبر قوانين وأدوات وهيئات أسست لخدمة هذه الرؤية الاقتصادية، نجحت بشكل مبهر، وحققت نقلة أشاد بها الجميع واستطاع الاقتصاد أن ينمو بشكل مذهل معتمد على قطاعات خدماتية ومالية فباتت البحرين مركزا ماليا إسلاميا ومحطة جاذبة لرؤوس الأموال وبيئة عمل للمشاريع الريعية والاستثمارية، وكانت تشهد حركة نشطة نستطيع أن نلاحظها من خلال المشاريع الضخمة وبالذات الجزر العقارية التي ساهمت بشكل كبير في تسليط الضوء على البحرين التي باتت تتجه بسرعة وصلابة نحو بناء راسخ لاقتصاد حيوي، لبلد يقع وسط منطقة متخمة بالسياسات التنافرية والمصالح المتنازعة.
وتحقق بعض من أهداف الرؤية إثر تسجيل ارتفاع ملحوظ في إعداد القوى العاملة في المملكة إذ شكل البحرينيون من ذكور وإناث حتى العام2010 نسبة 17،8% من إجمالي العاملين في القطاع الخاص بحسب أحدث إحصائية يوردها مصرف البحرين المركزي، وهي نسبة متقدمة بالمقارنة مع السنوات الماضية، إذا ما وضعنا في الحسبان الإعداد التي تم تسريحها إبان الأزمة العالمية خلال العامين 2009 و2010من القطاع الخاص.
السعودية عدوة النجاح
هذا النجاح لم يثر غيض الغرب بقدر ما أثار غيرة المقربين، فبينما كنا نشهد تنافسية حامية بين البحرين ودبي، فإن الكويت سعت في أن تغير بعض استراتيجياتها الاقتصادية لتجاري ما وصلت له البحرين مستفيدة من تجاربها، ولكن أكثر الدول التي نجحت في التحول نحو بناء قاعدة اقتصادية سليمة كانت قطر التي باتت توصف بالسوق الواعدة على خرائط المستثمرين العالميين، ورغم ذلك فشل الجميع في أن يصلوا إلى ما بلغته البحرين من قاعدة صلبة لاقتصاد قوي وخبرات قل نظيرها في المنطقة.
بدت السعودية بينهم كالعرجاء، حانقة من هذا النجاح الذي تحققه جارتها الصغيرة والذي تحولت على إثره إلى سوق يفضلها أصحاب رؤوس الأعمال الخليجين، وعلى رأسهم السعوديين بالذات بعد أحداث 11 سبتمبر وعودة الرساميل إلى المنطقة، وهي التي عرف عنها تسيدها للقرارات الخليجية ووقوفها في وجه كل ما في صالح ترابط الدول الخليجية وفي صالح البحرين بشكل خاص، وهذا ما تؤكده وثائق ويكليكس التي نورد منها هذا الاقتباس للتوضيح وفق الترجمة، وهي بالمناسبة عبارة عن برقيات لمناقشة موسعة سجلها السفير الأميركي في البحرين جرت بينه وبين الملك حمد في الـ 15 من شهر شباط/ فبراير عام 2005. وهذا نصها:
"ورد في البرقيات أن الملك حمد قال إن البحرين لم تعد قلقة من المحاولات التي تبذلها السعودية لمنع إبرام اتفاقيتها الخاصة بالتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وأنه لا يتوقع أي صعوبات في التصديق من جانب البرلمان البحريني بسبب الأجواء غير المستقرة مع السعوديين بشأن اتفاقية التجارة الحرة. ومع ذلك، أظهرت البرقيات كذلك أنه لا يزال منزعجاً بشكل واضح من الطريقة التي سارت بها الأمور، ومن استمرار المهيجات في العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية، ومن المحاولات السعودية لمنع المشروعات التعاونية بين دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وكرر الملك ابتهالاً مألوفاً الآن للشكاوى البحرينية من سوء النية السعودية تجاه البحرين، بما في ذلك تعليق المنحة النفطية التي تقدر بـ 50 ألف برميل يومياً وقطع مبيعات الرمل.. أشار الملك حمد كذلك إلى أن السعوديين يمنعون مشروع جسر مقترح بين قطر والإمارات العربية المتحدة ومشروع خط أنابيب مقترح بين قطر والكويت، وهما المشروعان الذين يحظيان بتأثير على البحرين. وعندما يجتمع هذا الجسر المقترح إقامته بين قطر والإمارات مع الجسر المخطط له بين البحرين وقطر، فإنه سيُسَهِّل السفر بشكل كبير بين الدول الثلاث _ وبالطبع القضاء على الحاجة للمرور عبر المملكة العربية السعودية – إلى جانب آثارها بالنسبة لمسألة قيادة المرأة للمركبات_. أما خط أنابيب الغاز من قطر إلى الكويت فسيمر عبر المياه الإقليمية السعودية، وسوف يشتمل أيضاً على وصلة إلى البحرين. ونظراً للاعتراضات السعودية، قال الملك حمد إن الكويتيين بدؤوا يتحولون الآن إلى الإيرانيين من أجل الحصول على الغاز. واستفسر الملك عما إن كان بمقدور الولايات المتحدة أن تلعب دوراً مفيداً في إقناع السعوديين بأن يسمحوا بالمضي قدماً في المشروع الخاص بالغاز".
هذا الأمر يوضح أن السعودية عائق لجميع الدول التي تدور في فلكها وهي تقف كحجر عثرة في وجه أي مشروع إصلاحي أو اقتصادي أو سياسي ناجح لأي دولة خليجية أو عربية لذلك نتفهم أنها ضد الثورات التغييرية.
نسوق كل ذلك كمبررات لإبطال ما فند من أسباب في المرحلة الحالية لمن حمل شعار حرب التجويع والهدم للمملكة الصغيرة، وكأنه ينتقم لنجاح خصمه وقد أتته فرصة الانتقام التي لا يمكن تفويتها، لتحول المملكة من دولة مستقلة إلى تابعه تُطبخ قراراتها السياسية في مطبخ الحاكم العسكري البحريني أو السعودي.
ولي العهد
عمل ولي العهد سلمان بن حمد منذ بروزه على الساحة على معالجة العديد من القضايا التي كانت تنخر في جسد الوطن، وأبرزها الإقصاء المتبع للشيعة الذين يشكلون غالبية في البحرين في كل المناحي السياسية والاقتصادية، فما كان تحالفه مع الوزير السابق مجيد العلوي منذ جمعه أول لقاء في أحد مقاهي لندن نهاية التسعينات إلا علامة على أنه كان يريد أن يرأب الصدع المتنامي في الاتساع حينها ونجح رغم المحاولات التي كانت تريد أن تحول دون تحقيق ذلك الهدف، وكان وراء هذه المحاولات بالطبع محور الشر المتحارب مع بعضه فلا رئيس الوزراء يريد هؤلاء الذين سيقفون له في كل شاردة وواردة، ولا الخوالد يريدون أن يكون للشيعة أي دور قيادي في البلاد، لذا لجأ ولي العهد إلى الاستعانة بالخبراء والمستشارين من الطرف الآخر ما أزعج المحور الطائفي، وبالفعل كانت النجاعة في أنه حول المملكة إلي وطن يزدهر بالحيوية الاقتصادية، فركز على المجال الاقتصادي وزرع هم الوطن بدل التناحر الطائفي المعمول به طيلة سنين، بل استطاع أن يغير عقلية بعض الشباب البحريني ويحوله من الهم السياسي إلى الهم الاقتصادي وقيادة المشاريع التجارية.
يتبع..
هوامش
1. الشقيقات، توفيق الحمد، ص 157
2. الكتاب نفسه، ص159
3. مقابلة أحمد الجار الله مع خليفة بن سلمان في جريدة السياسة الكويتية (http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/142332/reftab/36/Default.aspx)
http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/142332/reftab/36/Default.aspx (http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/142332/reftab/36/Default.aspx)
عبود مزهر الكرخي
16-08-2011, 10:54 AM
شكراً أخي لنقل هذه المقالات عن حقيقة الصراع الدائر داخل دهاليز القصور البحرينية.وهذه هي طبيعة العوائل المالكة في كل دولنا العربية التي تستعر بينهما صراع السلطة والذي يصل الى الدماء وكذلك الفضائح التي تشيب الرأس كا يقولون.
أحزان الشيعة
17-08-2011, 10:57 PM
اللهم صل و سلم على محمد و آله الاطهار
بارك الله بكم أخي الفاضل عابر سبيل عافاكم الله على هذا النقل المفيد
أحسنتم
أتصور بأن آل خليفة مثلهم مثل اليهود بحاجة الى بعث آلاف الانبياء من جديد
و لا فائدة ترتجى منهم
فقد كان بني اسرائيل يقتلون الأنبياء و آل خليفة لو جاءهم نبي لقتلوه لشدة ظلمهم و فسادهم
فليس اقبح من فساد سفك الدماء و آل خليفة الأنجاس عيال الحرام مولعون كثيرا بسفك دماء أهل البحرين الطاهرة
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024