الكتاب الشامل
20-08-2011, 02:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وافضل الصلاة واتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبيبنا وحبيب قلوبنا محمد بن عبدالله وعلى اله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا واللعن الدائم على اعدائهم الى قيام يوم الدين
لفت انتباهي موضوع يمكننا القول انه علمي نوعا ما لكن وقع صاحبه بمغالطات كثيرة وخلط بين اللطف والحكمة في حالات ولم يميز بينهما في حالات اخرى وهذا الشخص هو شيخ الوهابية ( عبد الملك الشافعي ) وهو شخص جويهل مسكين لا يفقه من العلم شيئا
وهذا موضوعه التالف :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن يتأمل في معتقد الإمامية في الإمامة سيجد أنهم يتفقون مع بعض المعتزلة بوجوبها عقلاً ، ولكنهم افترقوا عنهم بكون المعتزلة جعلوا نصب الإمام واجباً على الخلق ، بينما جعله الإمامية واجباً على الله تعالى ...
وكان المنطلق والأرضية التي أسسوا عليها الإمامية دعوتهم - بوجوب الإمامة على الله تعالى - هي كون الإمامة لطف يقرب العباد من الطاعة ويبعدهم عن المعصية وكل ما كان لطفاً وجب على الله تعالى فعله ... وعليه صارت نظرية اللطف - أي وجوب اللطف على الله تعالى - هي المرتكز الأساسي الذي اعتمدوا عليه في إيجابهم نصب الإمام على الله تعالى.
وبالرغم من رد جميع علماء الفرق والمذاهب على دعواهم تلك بتفصيل ووجوه شتى ، إلا أني وقفت على نص خطير وصريح - في أهم مصادر الإمامية المعتمدة ألا وهو نهج البلاغة - منسوب لعلي رضي الله عنه ينسف فيه نظرية اللطف الإلهي وذلك من خلال إيراده أموراً لم يفعلها الله تعالى مع أن فعلها سيقرب العباد إلى الطاعة ويجلعهم يقبلون عليها بشكل أكبر وأسرع وأيسر منهم في حال عدمها وعدم إيجادها ...
وإليكم هذه الأمور التي أوردها في خطبته المشهورة بالقاصعة وكما يلي:
الأمر الأول: مكان الكعبة لو كان فيه جواهر والياقوت لكان أدعى لقبول الناس واستسلامهم
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حين قال ( 2 / 146-148 ):[ فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما . ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا ، وأقل نتائق الأرض مدرا . وأضيق بطون الأودية قطرا . بين جبال خشنة ، ورمال دمثة ، وعيون وشلة ، وقرى منقطعة . لا يزكو بها خف ، ولا حافر ولا ظلف ... ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار ، وسهل وقرار ، جم الأشجار ، داني الثمار ، ملتف البنا ، متصل القرى ، بين برة سمراء ، وروضة خضراء ، وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة ، ورياض ناضرة ، وطرق عامرة ، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء . ولو كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء لخفف ذلك مسارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ... ].
فتأمل كيف اعترف بلطفية هذا الأمر لكونه يقرب العباد إلى التسليم ويبعدهم عن الشك والريب حيث قال:[ ولو كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء ، لخفف ذلك مسارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ].
الأمر الثاني: لو خلق الله تعالى آدم من نور بدل الطين لسهَّل خضوعهم له
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حيث قال ( 2 / 137-138 ) :[ ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ، ومحجوبات الغيوب : " إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس " اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه ، وتعصب عليه لأصله ... ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه ، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل . ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة ، ولخفت البلوى فيه على الملائكة . ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم ونفيا للاستكبار عنهم ، وإبعادا للخيلاء منهم ].
فتأمل كيف اعترف بطلفية هذا الأمر لكونه يقربهم من الخضوع والاستسلام ويبعدهم عن المعصية والاستكبار حيث قال:[ ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه ، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل . ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة ، ولخفت البلوى فيه على الملائكة ].
الأمر الثالث: جعل الأنبياء أهل ملك وسلطان وكنوز وزعامة يجعل الناس يقبلون على الإيمان بهم وتصديقهم
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حيث قال ( 2 / 145-146 ):[ ولو كانت الانبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام ، وملك تمتد نحوه أعناق الرجال ، وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم ].
فتأمل كيف اعترف بلطفية هذا الأمر لكونه يقربهم من الإيمان ويبعدهم عن المعصية والاستكبار حيث قال:[ لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم ].
وعليه فإن هذا سيجعل الإمامية بين خيارين أحلاهما مر وكما يلي:
الخيار الأول:
التزام كلام علي رضي الله عنه وتبني ما ورد فيه من حقائق ، والذي سيترتب عليه الاعتراف ببطلان نظرية اللطف الإلهي بدليل عدم فعل الله تعالى لتلك الألطاف فلو كان اللطف واجباً عليه لما أخلَّ به سبحانه وتعالى ، وهذا بدوره سيؤدي إلى نسف كل ما بنوه من الاستدلال العقلي بكون نصب الإمام واجباً على الله تعالى لأنه لطف.
الخيار الثاني:
أن يتمسكوا بما سطره علماء الإمامية من وجوب اللطف على الله تعالى ، والذي سيترتب عليه تخطئة علي رضي الله عنه بقوله ذاك ، ومن ثم نسف عصمته وإبطالها بعد نطقه بحقائق هي خلاف الحق الذي عليه علماء الإمامية.
ونحن بانتظار العقلاء من الإمامية ليعلنوا بشجاعة بأي الخيارين سيلتزمون ( وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) ...
اقول انا الكتاب الشامل : اولا يا شيخ لا تبعد مذهبك عن هذا الاعتقاد فالاعتقاد بوجوب نصب امام سواءا كان واجبا على الخالق ام على المخلوق لم يقتصر على المعتزلة والشيعة فاتجاهكم ايضا يوجب هذا الامر فأهل السنة ايضا قد اتفقوا على وجوب نصب امام ولو لم يقولوا انه واجب على الخالق لكن في اصل فكرة الامام فانتم تتفقون معنا ومع المعتزلة
ولهذا صح لديكم عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال كما اخرج ذلك مسلم :
جاء عبدالله بن عمر إلى عبدالله بن مطيع ، حين كان من أمر الحرة ما كان ، زمن يزيد بن معاوية . فقال : اطرحوا لأبي عبدالرحمن وسادة . فقال : إني لم آتك لأجلس . أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة ، لا حجة له . ومن مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية ) .
الراوي: نافع مولى ابن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1851
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فاذا وجوب نصب الامام متفق عليه ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ... والجميع يعلم ان قول رسول الله صلى الله عليه واله هذا لم يكن اجتهادا منه بل انما هو وحي يوحى كما اخبر بذلك الله تعالى في كتابه ولا شك ان قول رسول الله هذا كما جاء في مسلم كان لطفا فلا يجوز للامة الاسلامية ان تبقى بغير حاكم فما رأه رسول الله صلى الله عليه واله لطفا لامته هو بلا شك لطف من الله تعالى فالرسول ( ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي )
وبهذا نكون قد اثبتنا ان الامامة لطف باعتقادنا واعتقادكم وهذا في اصل الامامة
اما هل هي واجبة على الله تعالى ام واجبة على المخلوق هذا هو اختلافنا وليس في اصل الامامة كما توهمت او تحاول ايهام العوام ( الله اعلم بالنيات )
ثانيا : اما ان اللطف الالهي هو الارضية لتأسيسنا مفهوم الامامة فهذه مغالطة كبيرة فاللطف لم ينحصر على بمذهب اهل البيت عليهم السلام انما اللطف موجود عند اهل السنة ايضا فكما نقول نحن وانتم ان النبوة هي لطف من الله تعالى ولا يمكن ان يترك الله البشر سدا من غير ان يبعث لهم انبياء فكذلك اعتقادنا بالامامة فنحن نعتقد ان الامامة استمرار لمسيرة النبوة والرسالة فالرسول عندما يبلغ الشريعة ويضع اسسها واركانها لا بد لهذه الشريعة من حافظ وقيم عليها بعد الرسول صلى الله عليه واله وهنا هو اللطف الالهي اي ان اللاحقون من الامة الاسلامية لن يتركهم الله تعالى بلا مسدد ولا حافظ للشريعة وناقلها كما هي من غير ان تحرف وتبدل
وهذا يثبته قوله تعالى ( انما انت منذر ولكل قوم هاد ) فالله تعالى حين يقول لقل قوم يعني ذلك حقا ولم يقل هذا الكلام عبثا
ويقول الطبري في تفسيره لهذه الاية وهي 7 من سورة الرعد :
{ وَلِكُلِّ قَوْم هَادٍ } : يَقُول وَلِكُلِّ قَوْم إِمَام يَأْتَمُّونَ بِهِ وَهَادٍ يَتَقَدَّمهُمْ , فَيَهْدِيهِمْ إِمَّا إِلَى خَيْر وَإِمَّا إِلَى شَرّ . وَأَصْله مِنْ هَادِي الْفَرَس , وَهُوَ عُنُقه الَّذِي يَهْدِي سَائِر جَسَده
وتقريبا قال هذا المعنى ابن كثير في تفسيره وغيره من المفسرين
فهذا اللطف الالهي يا شيخ ثابت بالنقل والعقل فسواءا قبلتم هذه الاية ام لم تقبلوها فأهل السنة يعتقدون ان الامة لا يجب ان تترك سدى وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه واله الذي كلامه هو كلام الله تعالى فهل هذا يدخل لطف من الله تعالى ام لا يا شيخ ؟؟؟
ثالثا : في الروايتين اللتان ذكرتهما بغض النظر عن صحتهما ام لا اقول انا الكتاب الشامل : انك هنا خلطت بين اللطف والحكمة الالهية فالله هو الحكيم وهو ادرى بمصلحة عباده وهو حكيم لا يمكن ان لا يتلطف على عباده فهل عندك شك في هذا ؟؟؟؟!!
واستدلالك يا شيخ بهاتين الروايتين هي كان تقول : من اللطف الالهي ان يرسل الله تعالى الرسل وهذا واجب على الله تعالى فهو لن يترك الخلق بلا منذر ومرشد ولكن بنفس الوقت لما لم يخلق الله البشر بأجنحة فلو خلق الله البشر بجناحين لكان ذلك افضل لهم لانه بالجناحين ستصبح حركتهم اسرع واسهل !!!!
هذا هو اشكالك يا شيخ كالمثال ليس اكثر !!!
الامام عليه السلام قال ( لو ) وانت شخص يدعي المشيخة والعلم ومن المشين ان لا تعرف ان ( لو ) حرف امتناع !!!!!!!!!!!!!!!!!! فبارك الله في علمك :cool:
رابعا : يا شيخ نحن نعلم جميعا ان الرسالة لطف الهي سواءا عند السنة او الشيعة فهل استدل البشر على الرسالة بالعقل وقاعدة اللطف الالهي فقط !! ام هناك استدلالات نقلية تثبت النبوة والرسالة بالاضافة الى انها واجبة عقلا
هكذا هي الامامة فنحن لدينا الدليل النقلي على الامامة سواءا من كتبنا او كتبكم بالاضافة الى القرأن الكريم ولكن وجود هذا الدليل النقلي لا يتنافي مع كون الامامة لطف واجب على الله تعالى كما هي النبوة
ولو اردنا وضع جميع ادلة الامامة التي نعتقدها هنا لكتبنا في هذا صفحات ومجلدات
خامسا واخيرا : ان الاعتقاد باللطف الالهي هو اعتقاد فطري يولد مع الموحدين فسواءا سمي هذا الاعتقاد لطف ام لم يسمى فهو موجود شئنا ام ابينا
فالعقل لطف الهي للانسان تلطف الله تعالى بالانسان وكرمه بهذا العقل وفضله على كثير مما خلق فالعقل يقرب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية ( ولا يعني هذا سلبه الاختيار ذلك بحث اخر )
واليد لطف من الله تعالى وكذلك العين وووو .... الخ حتى خلقتنا هي لطف من الله تعالى فينا ولان الله تعالى حسن ولا يصدر منه الا الحسن ومن المستحيل ان يصدر منه قبيح لا بد من اكمال الطافه بعباده فلهذا ارسل الرسل ليرشدهم الى طريق الحق وما فيه سعادتهم الدنيوية والاخروية وبعد اخر الانبياء والمرسلين هل يترك الله تعالى عباده بلا مرشد او حافظ للشريعة ؟؟؟؟!!!
فنحن نقول من لطف الله تعالى انه اكمل مسيرة الانبياء بالامامة والاوصياء فهم حفظة الدين وهداة الامة بعد النبي الاكرم صلى الله عليه واله وهذه هي نظرية اللطف الالهي لا كما فهمت انت يا شيخ
واما التخيير الذي وضعته فهو اساسا باطل لان التخيير نتج عن عدم فهم سليم لما نقلت ولنظرية اللطف الالهي فكل ما في الكون هو لطف الهي فلا يصدر من الله تعالى اصلا الا اللطف حتى نقول لماذا لم يفعل كما قال الامام عليه السلام فقول الامام هو امتناع وقد كنت عرفت هذا لو لاحظت كلمة (لو )
وحتى لا يبقى لك مخرج وحجة تتهرب فيها مما ذكرت اقول انا الكتاب الشامل : ان اللطف الالهي لا يلزم منه سلب الاختيار عن العبد او ان اللطف ينتفي بضلال بعض العباد والله تعالى لا يرضى بالضلال وبهذا ينتفي اللطف
لا فاللطف شيء والاختيار شيء اخر فاللطف هو ان الله تعالى وفر سبل النجاة من رسل وائمة وعقل وتدبر وحتى اعضاء الجسد يستطيع العبد استغلالها بما يرضي الله تعالى فهذه الاسباب وفرها الله تعالى وهذا هو لطفه
اما ما يصدر من عصيان للعباد فهو باختيار العباد انفسهم فهم لم يستغلوا ما تلطف الله تعالى به عليهم بما يرضيه فهم جاءهم رسل والرسل لطف ولم يؤمنوا مثلا ولهم عقول والعقل لطف ولم يتفكروا
فاصل الضلال نابع منهم لا من لطف الله تعالى فيهم وهذا من باب قوله تعالى ( انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا )
فالسبيل هو اللطف الالهي ولكن اما ان يستغل هذا اللطف بما يرضي الله تعالى فيكون شاكرا واما ان يستغله في معصية الله تعالى فيكون كافرا بهذه النعمة ( نعمة اللطف الالهي )
وصل اللهم على محمد واله الطاهرين
لفت انتباهي موضوع يمكننا القول انه علمي نوعا ما لكن وقع صاحبه بمغالطات كثيرة وخلط بين اللطف والحكمة في حالات ولم يميز بينهما في حالات اخرى وهذا الشخص هو شيخ الوهابية ( عبد الملك الشافعي ) وهو شخص جويهل مسكين لا يفقه من العلم شيئا
وهذا موضوعه التالف :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن يتأمل في معتقد الإمامية في الإمامة سيجد أنهم يتفقون مع بعض المعتزلة بوجوبها عقلاً ، ولكنهم افترقوا عنهم بكون المعتزلة جعلوا نصب الإمام واجباً على الخلق ، بينما جعله الإمامية واجباً على الله تعالى ...
وكان المنطلق والأرضية التي أسسوا عليها الإمامية دعوتهم - بوجوب الإمامة على الله تعالى - هي كون الإمامة لطف يقرب العباد من الطاعة ويبعدهم عن المعصية وكل ما كان لطفاً وجب على الله تعالى فعله ... وعليه صارت نظرية اللطف - أي وجوب اللطف على الله تعالى - هي المرتكز الأساسي الذي اعتمدوا عليه في إيجابهم نصب الإمام على الله تعالى.
وبالرغم من رد جميع علماء الفرق والمذاهب على دعواهم تلك بتفصيل ووجوه شتى ، إلا أني وقفت على نص خطير وصريح - في أهم مصادر الإمامية المعتمدة ألا وهو نهج البلاغة - منسوب لعلي رضي الله عنه ينسف فيه نظرية اللطف الإلهي وذلك من خلال إيراده أموراً لم يفعلها الله تعالى مع أن فعلها سيقرب العباد إلى الطاعة ويجلعهم يقبلون عليها بشكل أكبر وأسرع وأيسر منهم في حال عدمها وعدم إيجادها ...
وإليكم هذه الأمور التي أوردها في خطبته المشهورة بالقاصعة وكما يلي:
الأمر الأول: مكان الكعبة لو كان فيه جواهر والياقوت لكان أدعى لقبول الناس واستسلامهم
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حين قال ( 2 / 146-148 ):[ فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما . ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا ، وأقل نتائق الأرض مدرا . وأضيق بطون الأودية قطرا . بين جبال خشنة ، ورمال دمثة ، وعيون وشلة ، وقرى منقطعة . لا يزكو بها خف ، ولا حافر ولا ظلف ... ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار ، وسهل وقرار ، جم الأشجار ، داني الثمار ، ملتف البنا ، متصل القرى ، بين برة سمراء ، وروضة خضراء ، وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة ، ورياض ناضرة ، وطرق عامرة ، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء . ولو كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء لخفف ذلك مسارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ... ].
فتأمل كيف اعترف بلطفية هذا الأمر لكونه يقرب العباد إلى التسليم ويبعدهم عن الشك والريب حيث قال:[ ولو كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء ، لخفف ذلك مسارعة الشك في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ].
الأمر الثاني: لو خلق الله تعالى آدم من نور بدل الطين لسهَّل خضوعهم له
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حيث قال ( 2 / 137-138 ) :[ ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ، ومحجوبات الغيوب : " إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس " اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه ، وتعصب عليه لأصله ... ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه ، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل . ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة ، ولخفت البلوى فيه على الملائكة . ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم ونفيا للاستكبار عنهم ، وإبعادا للخيلاء منهم ].
فتأمل كيف اعترف بطلفية هذا الأمر لكونه يقربهم من الخضوع والاستسلام ويبعدهم عن المعصية والاستكبار حيث قال:[ ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه ، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل . ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة ، ولخفت البلوى فيه على الملائكة ].
الأمر الثالث: جعل الأنبياء أهل ملك وسلطان وكنوز وزعامة يجعل الناس يقبلون على الإيمان بهم وتصديقهم
وهذا الأمر قد ذكره صراحة حيث قال ( 2 / 145-146 ):[ ولو كانت الانبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام ، وملك تمتد نحوه أعناق الرجال ، وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم ].
فتأمل كيف اعترف بلطفية هذا الأمر لكونه يقربهم من الإيمان ويبعدهم عن المعصية والاستكبار حيث قال:[ لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم ].
وعليه فإن هذا سيجعل الإمامية بين خيارين أحلاهما مر وكما يلي:
الخيار الأول:
التزام كلام علي رضي الله عنه وتبني ما ورد فيه من حقائق ، والذي سيترتب عليه الاعتراف ببطلان نظرية اللطف الإلهي بدليل عدم فعل الله تعالى لتلك الألطاف فلو كان اللطف واجباً عليه لما أخلَّ به سبحانه وتعالى ، وهذا بدوره سيؤدي إلى نسف كل ما بنوه من الاستدلال العقلي بكون نصب الإمام واجباً على الله تعالى لأنه لطف.
الخيار الثاني:
أن يتمسكوا بما سطره علماء الإمامية من وجوب اللطف على الله تعالى ، والذي سيترتب عليه تخطئة علي رضي الله عنه بقوله ذاك ، ومن ثم نسف عصمته وإبطالها بعد نطقه بحقائق هي خلاف الحق الذي عليه علماء الإمامية.
ونحن بانتظار العقلاء من الإمامية ليعلنوا بشجاعة بأي الخيارين سيلتزمون ( وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) ...
اقول انا الكتاب الشامل : اولا يا شيخ لا تبعد مذهبك عن هذا الاعتقاد فالاعتقاد بوجوب نصب امام سواءا كان واجبا على الخالق ام على المخلوق لم يقتصر على المعتزلة والشيعة فاتجاهكم ايضا يوجب هذا الامر فأهل السنة ايضا قد اتفقوا على وجوب نصب امام ولو لم يقولوا انه واجب على الخالق لكن في اصل فكرة الامام فانتم تتفقون معنا ومع المعتزلة
ولهذا صح لديكم عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال كما اخرج ذلك مسلم :
جاء عبدالله بن عمر إلى عبدالله بن مطيع ، حين كان من أمر الحرة ما كان ، زمن يزيد بن معاوية . فقال : اطرحوا لأبي عبدالرحمن وسادة . فقال : إني لم آتك لأجلس . أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة ، لا حجة له . ومن مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية ) .
الراوي: نافع مولى ابن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1851
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فاذا وجوب نصب الامام متفق عليه ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ... والجميع يعلم ان قول رسول الله صلى الله عليه واله هذا لم يكن اجتهادا منه بل انما هو وحي يوحى كما اخبر بذلك الله تعالى في كتابه ولا شك ان قول رسول الله هذا كما جاء في مسلم كان لطفا فلا يجوز للامة الاسلامية ان تبقى بغير حاكم فما رأه رسول الله صلى الله عليه واله لطفا لامته هو بلا شك لطف من الله تعالى فالرسول ( ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي )
وبهذا نكون قد اثبتنا ان الامامة لطف باعتقادنا واعتقادكم وهذا في اصل الامامة
اما هل هي واجبة على الله تعالى ام واجبة على المخلوق هذا هو اختلافنا وليس في اصل الامامة كما توهمت او تحاول ايهام العوام ( الله اعلم بالنيات )
ثانيا : اما ان اللطف الالهي هو الارضية لتأسيسنا مفهوم الامامة فهذه مغالطة كبيرة فاللطف لم ينحصر على بمذهب اهل البيت عليهم السلام انما اللطف موجود عند اهل السنة ايضا فكما نقول نحن وانتم ان النبوة هي لطف من الله تعالى ولا يمكن ان يترك الله البشر سدا من غير ان يبعث لهم انبياء فكذلك اعتقادنا بالامامة فنحن نعتقد ان الامامة استمرار لمسيرة النبوة والرسالة فالرسول عندما يبلغ الشريعة ويضع اسسها واركانها لا بد لهذه الشريعة من حافظ وقيم عليها بعد الرسول صلى الله عليه واله وهنا هو اللطف الالهي اي ان اللاحقون من الامة الاسلامية لن يتركهم الله تعالى بلا مسدد ولا حافظ للشريعة وناقلها كما هي من غير ان تحرف وتبدل
وهذا يثبته قوله تعالى ( انما انت منذر ولكل قوم هاد ) فالله تعالى حين يقول لقل قوم يعني ذلك حقا ولم يقل هذا الكلام عبثا
ويقول الطبري في تفسيره لهذه الاية وهي 7 من سورة الرعد :
{ وَلِكُلِّ قَوْم هَادٍ } : يَقُول وَلِكُلِّ قَوْم إِمَام يَأْتَمُّونَ بِهِ وَهَادٍ يَتَقَدَّمهُمْ , فَيَهْدِيهِمْ إِمَّا إِلَى خَيْر وَإِمَّا إِلَى شَرّ . وَأَصْله مِنْ هَادِي الْفَرَس , وَهُوَ عُنُقه الَّذِي يَهْدِي سَائِر جَسَده
وتقريبا قال هذا المعنى ابن كثير في تفسيره وغيره من المفسرين
فهذا اللطف الالهي يا شيخ ثابت بالنقل والعقل فسواءا قبلتم هذه الاية ام لم تقبلوها فأهل السنة يعتقدون ان الامة لا يجب ان تترك سدى وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه واله الذي كلامه هو كلام الله تعالى فهل هذا يدخل لطف من الله تعالى ام لا يا شيخ ؟؟؟
ثالثا : في الروايتين اللتان ذكرتهما بغض النظر عن صحتهما ام لا اقول انا الكتاب الشامل : انك هنا خلطت بين اللطف والحكمة الالهية فالله هو الحكيم وهو ادرى بمصلحة عباده وهو حكيم لا يمكن ان لا يتلطف على عباده فهل عندك شك في هذا ؟؟؟؟!!
واستدلالك يا شيخ بهاتين الروايتين هي كان تقول : من اللطف الالهي ان يرسل الله تعالى الرسل وهذا واجب على الله تعالى فهو لن يترك الخلق بلا منذر ومرشد ولكن بنفس الوقت لما لم يخلق الله البشر بأجنحة فلو خلق الله البشر بجناحين لكان ذلك افضل لهم لانه بالجناحين ستصبح حركتهم اسرع واسهل !!!!
هذا هو اشكالك يا شيخ كالمثال ليس اكثر !!!
الامام عليه السلام قال ( لو ) وانت شخص يدعي المشيخة والعلم ومن المشين ان لا تعرف ان ( لو ) حرف امتناع !!!!!!!!!!!!!!!!!! فبارك الله في علمك :cool:
رابعا : يا شيخ نحن نعلم جميعا ان الرسالة لطف الهي سواءا عند السنة او الشيعة فهل استدل البشر على الرسالة بالعقل وقاعدة اللطف الالهي فقط !! ام هناك استدلالات نقلية تثبت النبوة والرسالة بالاضافة الى انها واجبة عقلا
هكذا هي الامامة فنحن لدينا الدليل النقلي على الامامة سواءا من كتبنا او كتبكم بالاضافة الى القرأن الكريم ولكن وجود هذا الدليل النقلي لا يتنافي مع كون الامامة لطف واجب على الله تعالى كما هي النبوة
ولو اردنا وضع جميع ادلة الامامة التي نعتقدها هنا لكتبنا في هذا صفحات ومجلدات
خامسا واخيرا : ان الاعتقاد باللطف الالهي هو اعتقاد فطري يولد مع الموحدين فسواءا سمي هذا الاعتقاد لطف ام لم يسمى فهو موجود شئنا ام ابينا
فالعقل لطف الهي للانسان تلطف الله تعالى بالانسان وكرمه بهذا العقل وفضله على كثير مما خلق فالعقل يقرب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية ( ولا يعني هذا سلبه الاختيار ذلك بحث اخر )
واليد لطف من الله تعالى وكذلك العين وووو .... الخ حتى خلقتنا هي لطف من الله تعالى فينا ولان الله تعالى حسن ولا يصدر منه الا الحسن ومن المستحيل ان يصدر منه قبيح لا بد من اكمال الطافه بعباده فلهذا ارسل الرسل ليرشدهم الى طريق الحق وما فيه سعادتهم الدنيوية والاخروية وبعد اخر الانبياء والمرسلين هل يترك الله تعالى عباده بلا مرشد او حافظ للشريعة ؟؟؟؟!!!
فنحن نقول من لطف الله تعالى انه اكمل مسيرة الانبياء بالامامة والاوصياء فهم حفظة الدين وهداة الامة بعد النبي الاكرم صلى الله عليه واله وهذه هي نظرية اللطف الالهي لا كما فهمت انت يا شيخ
واما التخيير الذي وضعته فهو اساسا باطل لان التخيير نتج عن عدم فهم سليم لما نقلت ولنظرية اللطف الالهي فكل ما في الكون هو لطف الهي فلا يصدر من الله تعالى اصلا الا اللطف حتى نقول لماذا لم يفعل كما قال الامام عليه السلام فقول الامام هو امتناع وقد كنت عرفت هذا لو لاحظت كلمة (لو )
وحتى لا يبقى لك مخرج وحجة تتهرب فيها مما ذكرت اقول انا الكتاب الشامل : ان اللطف الالهي لا يلزم منه سلب الاختيار عن العبد او ان اللطف ينتفي بضلال بعض العباد والله تعالى لا يرضى بالضلال وبهذا ينتفي اللطف
لا فاللطف شيء والاختيار شيء اخر فاللطف هو ان الله تعالى وفر سبل النجاة من رسل وائمة وعقل وتدبر وحتى اعضاء الجسد يستطيع العبد استغلالها بما يرضي الله تعالى فهذه الاسباب وفرها الله تعالى وهذا هو لطفه
اما ما يصدر من عصيان للعباد فهو باختيار العباد انفسهم فهم لم يستغلوا ما تلطف الله تعالى به عليهم بما يرضيه فهم جاءهم رسل والرسل لطف ولم يؤمنوا مثلا ولهم عقول والعقل لطف ولم يتفكروا
فاصل الضلال نابع منهم لا من لطف الله تعالى فيهم وهذا من باب قوله تعالى ( انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا )
فالسبيل هو اللطف الالهي ولكن اما ان يستغل هذا اللطف بما يرضي الله تعالى فيكون شاكرا واما ان يستغله في معصية الله تعالى فيكون كافرا بهذه النعمة ( نعمة اللطف الالهي )
وصل اللهم على محمد واله الطاهرين