مرتضى علي الحلي
20-08-2011, 08:25 PM
(( قراءة معرفيّة في ضرورة التعاطي العَقَدي والمنهجي مع الإمام المهدي(عليه السلام) في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المُبارك ))::::القسم السابع ::::
========================================
((مِنهاجيَّة دُعاء الإفتتاح إنموذجا)):: القسم السابع ::
==================================
(القسم السابع )
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
((الحمد لله الذي لا يُهتك حجابه ولا يُغلق بابه ، ولا يُرد سائله ولا يُخيب . آمله ،
الحمد لله الذي يُؤمن الخائفين ويُنجي الصالحين ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ،
الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمارتها .
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق ، ويَرزقُ ولم يُرزَق ، ويُطعِم ولا يُطعَم ، ويُميت الاحياء ويُحيي الموتى ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ))
إنّ في هذا النص الشريف المُشتَمل في فقراته على مقولات الحمد لله وإمتداداتها المعرفية بيانا مُنظما
لوضع وشأن الله تعالى الخاص به من حيثية وجوده الحقيقي سبحانه وعظمة قدسيته وإستحالة إنتهاك
أوإختراق نظامه الوجودي الخاص به أوالعام مطلقا.
وبياناً مُنظماً أيضا لوضع وعلاقة الله بعباده الصالحين والطالحين
وفي النص أيضا من البيان العجيب لصورة تعاطي الطبيعة وجوديا مع ربها كالسماء والأرض
فضلا عن سكانها
وفيه أيضا بيان للطفية الله بخلقه من جهة هدايتهم وعدم تركهم سدى.
ويختم النص فقراته بصفات الله تعالى الفعلية من الخالقية والرازقية والإحياء والإماتة والقدرة المطلقة. موضحاً في نفس الوقت للزومية تنزيه الله تعالى عن صفات النقص كقوله /ع/:مثلا
(الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق)
وهكذا بقية الصفات الفعلية تركيزاً منه /ع/ في تنشيط الوعي القويم بحقيقة التوحيد الألهي الحق.
فمقولة ::
((الحمد لله الذي لا يُهتك حجابه ولا يُغلق بابه))
فيها من الإختزال المفهومي لمعنى توحيد الله ما لايخفى على اللبيب وهنا إستعمل الإمام المهدي /ع/
لب الفصاحة العربية إذ أنه /ع/ أجاز الألفاظ (أي إختصرها) وأشبع المعنى والمفهوم قيمة ودلالة ووعيا .
وعلى هذا الأساس اللبي يكون معنى ومفاد (عدم هتك الحجاب) :بالنسبة لله تعالى
هو واحديته ووحدانيته الصرفة وجوديا من جهة تفرده في تدبير نظام الوجود وبذاته تعالى من دون
إستعانة بأحد أوتأثربغيره.
وتشي هذه العبارة أيضاً الى إستحالة الأحاطة بكنه وواقع الذات الألهية من قبل غيره وحتى من الملائكة المقربين
ولايعلم ماهو إلاّ هو سبحانه وتعالى.
وهذه الحقيقة الألهية أي(عدم وإستحالة هتك حجاب الله تعالى) من قبل غيره تعرض لها القرآن الكريم في نصوصه مرارا.
كمافي قوله تعالى:
((وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً)){8}/الجن
((وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً)){9}/الجن
وهذه النصوص القرآنية هي صورٌ من صوروحدانية الله تعالى وتفرده بتدبير نظام الوجود لوحده
.
ومعنى:
((ولا يُغلق بابه ، ولا يُرد سائله ولا يُخيب . آمله))
هوعين مفهوم باسطية الله تعالى وتوسعته على عباده .
فعدم غلق الله تعالى لبابه هو تعبير كنائي يرمز لإنفتاح الله تعالى على خلقه رزقا وتدبيرا ورحمة ولطفا
وهذه الثلاثية الرائعة من :عدم غلق الله تعالى لبابه::وعدم رده لسائله::وعدم تخيبه تعالى لآمله::
يجب أن تأخذ طريقها الى الوعي البشري وجوديا إذا أنها تعني وتفيد مدى حرص الله تعالى وعنايته بخلقه خاصة وعامة .
وفيها أيضا صورة من صور القدرة الألهية التي لانفاد لها ولاعجز أبدا
وقد أشار القرآن الكريم لهذه الباسطية الألهية بقوله تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64
ومعنى هذا النص هو::
إنّ من مآثم اليهود -وكان مما يُسرُّونه فيما بينهم- أنهم قالوا: يد الله محبوسة عن فعل الخيرات, بَخِلَ علينا بالرزق والتوسعة, وذلك حين لحقهم جَدْب وقحط.
غُلَّتْ أيديهم, أي: حبست أيديهم هم عن فِعْلِ الخيرات, وطردهم الله من رحمته بسبب قولهم.
وليس الأمر كما يفترونه على ربهم, بل يداه مبسوطتان لا حَجْرَ عليه, ولا مانع يمنعه من الإنفاق, فإنه الجواد الكريم, ينفق على مقتضى الحكمة وما فيه مصلحة العباد.
فإذن لابد لنا من الإيمان بهذه الثلاثية الربانية إذ أنها تمنحنا الإستقرار والطمأنينة النفسية بل وحتى السلوكية في حياتنا البشرية.
وأما مقولة::
((الحمد لله الذي يُؤمن الخائفين ويُنجي الصالحين ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ، ))
ففيها من الوضوح بمكان ما لايمكن الغفلة عنه على إطلاقية القدرة الألهية
في الهيمنة على نظام الوجود.
وهذه الفقرة ترسم في مفرداتها لوحة قيمية تحدد معالم منهج الله تعالى وسبيله في خلقه ونظامه
فحال الإنسان أياً كان أمام ربه لايخلو إما أن يكون صالحا أو ظالما .
ولربه في نفس الوقت تجاهه موقفا وقرارا
ومعلوم أيضا إنّ الإنسان منذ أن خلقه الله تعالى يعيشُ ثنائية الخير والشر والعدل والظلم والحق والباطل
فلذا نجد أنّ هذه المقولة القيمة توضح موقف الله تعالى تجاه كل ظاهرة بشرية في صورة تعاطيها العمودي مع الله تعالى أو تعاطيها الأفقي مع الناس
بوجهيها الإيجابي والسلبي لأنّ حال الإنسان كما قلنا لايخلو إما أن يكون صالحا أو ظالما.
ومن هنا يجب أن يضع الإنسان المؤمن والصالح والمُستَضعف نصب عينيه وفي وعيه وذهنه أنّ الله تعالى مع المؤمنين والصالحين والمُستَضعفين ولن يتركهم سدى دون تسديد ونصر ونجاة.
وقد ركز القرآن الكريم على أهمية وعي وفهم الإنسان لمعية الله تعالى معه وجوديا
فقال الله تعالى بشأن هذه الحقيقة ::
{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }البقرة194
وقال تعالى::
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة12
وقال تعالى:
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }الأنفال19
ولكن هذه المعية الألهية مشروطة بشرط تحقق الوصف العنواني لمن يستحقها وملازمة منهج الله ورسله إيمانا وتطبيقا.
وقد بين الله تعالى سننه الأزلية والسرمدية في تدبير نظام الوجود وخاصة البشري منه في كتابه العزيز نصا
وهذه مقولة ::
((ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ، ))
هي الأخرى تُمثل إختزل مفهومي وقيمي لسنن الله تعالى في أرضه
فألله تعالى عادل في تطبيقاته السننية فهو تعالى بقدر ما يكون مع المؤمنين والصالحين والمستضعفين في الوجهة الإيجابية من جهة نصرهم وتأمين حياتهم وحفظهم من الأعداء ومكاره الحياة
فهو بنفس المقدار في تعاطيه مع المستكبرين والجبارين والظالمين بالوجهة الإنتقامية العادلة
وإليك عزيزي المؤمن نصوص قرآنية شريفة تبين هذه الحقيقة الحقة
قال تعالى::
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ }السجدة22
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42
{وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }الشورى8
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }الأنعام6
وفقرة وقانون ::
((ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .))
فهذه سنة إلهية لاتتبدل ولن تتغيير مهما طال الأمد ومنها ننطلق نحن المؤمنين بالإمام المهدي/ع/ في إيماننا بقربية ويقينية الظهور الشريف له/ع/ وبسط عدل الله تعالى في ارضه المعمورة .
وهذه المقولة في مفادها السنني تقترب روحا ودلالة من قانون المداولة الألهي الذي نصت عليه الآية القرآنية الشريفة بقوله تعالى::
((وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ))آل عمران140
بمعنى::
وتلك الأيام يُصَرِّفها الله تعالى بين الناس, نصر مرة وهزيمة أخرى,
لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره,
ويُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا أنفسهم .
وفي نهاية صور التحميد لله تعالى يختم الإمام المهدي/ع/ تحميداته بأروعها في قوله/ع/::
((الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمارتها .
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق ، ويَرزقُ ولم يُرزَق ، ويُطعِم ولا يُطعَم ، ويُميت الاحياء ويُحيي الموتى ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ))
فالسماء والآرض والبحار ومن يسكن فيها من الملائكة والبشر والكائنات الأخرى كلها تُسبح لله تعالى وجدانا وتكوينا
فالأمر ليس منحصر في طبيعة وجودية خلقها الله تعالى كالسماء والأرض والبحار مجبولة على العبادة قهرا كما يتصور البعض
لا ليس الأمر كذلك فالسماء والأرض والجبال وكل المخلوقات الطبيعية لها وعيها الخاص بها وجوديا وتقواها العملية إراديا
والقرآن الكريم صرّح نصا بذلك في نصوصه الشريفة:
لأنه في صورة جبر الأشياء الطبيعية على عبادة الله تعالى دونما أن يكون لها وعيا ودراية بذلك فليس من الفضيلة في شيء حتى يُستشَهد به مثلا على تقوى الله تعالى.
فقال تعالى::
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }فصلت11
لاحظوا أحبتي الله تعالى يطرح خيارين أمام عبادة السماء والآرض له تعالى وهما الطاعة الطوعية أو الإكراهية
فإنظر ماذا يختارا(السماء والآرض):: قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
وقال تعالى:
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21
بمعنى:
و لوأنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال, ففهم ما فيه مِن وعد ووعيد, لأبصَرْته على قوته وشدة صلابته وضخامته، خاضعًا ذليلا متشققًا من خشية الله تعالى.
وتلك الأمثال نضربها, ونوضحها للناس ؛ لعلهم يتفكرون في قدرة الله وعظمته. وفي الآية حث على تدبر القرآن, وتفهم معانيه, والعمل به.
وقال تعالى:
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }الأعراف143
وأخيرا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ويتبع القسم الثامن إن شاء الله تعالى)
وتقبل الله صيامكم وقيامكم وعظم لكم الأجر بشهادة أمير المؤمنين الإمام علي/ع/
وسيعلمُ الذين ظلموا آل محمد أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف/
========================================
((مِنهاجيَّة دُعاء الإفتتاح إنموذجا)):: القسم السابع ::
==================================
(القسم السابع )
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
((الحمد لله الذي لا يُهتك حجابه ولا يُغلق بابه ، ولا يُرد سائله ولا يُخيب . آمله ،
الحمد لله الذي يُؤمن الخائفين ويُنجي الصالحين ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ،
الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمارتها .
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق ، ويَرزقُ ولم يُرزَق ، ويُطعِم ولا يُطعَم ، ويُميت الاحياء ويُحيي الموتى ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ))
إنّ في هذا النص الشريف المُشتَمل في فقراته على مقولات الحمد لله وإمتداداتها المعرفية بيانا مُنظما
لوضع وشأن الله تعالى الخاص به من حيثية وجوده الحقيقي سبحانه وعظمة قدسيته وإستحالة إنتهاك
أوإختراق نظامه الوجودي الخاص به أوالعام مطلقا.
وبياناً مُنظماً أيضا لوضع وعلاقة الله بعباده الصالحين والطالحين
وفي النص أيضا من البيان العجيب لصورة تعاطي الطبيعة وجوديا مع ربها كالسماء والأرض
فضلا عن سكانها
وفيه أيضا بيان للطفية الله بخلقه من جهة هدايتهم وعدم تركهم سدى.
ويختم النص فقراته بصفات الله تعالى الفعلية من الخالقية والرازقية والإحياء والإماتة والقدرة المطلقة. موضحاً في نفس الوقت للزومية تنزيه الله تعالى عن صفات النقص كقوله /ع/:مثلا
(الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق)
وهكذا بقية الصفات الفعلية تركيزاً منه /ع/ في تنشيط الوعي القويم بحقيقة التوحيد الألهي الحق.
فمقولة ::
((الحمد لله الذي لا يُهتك حجابه ولا يُغلق بابه))
فيها من الإختزال المفهومي لمعنى توحيد الله ما لايخفى على اللبيب وهنا إستعمل الإمام المهدي /ع/
لب الفصاحة العربية إذ أنه /ع/ أجاز الألفاظ (أي إختصرها) وأشبع المعنى والمفهوم قيمة ودلالة ووعيا .
وعلى هذا الأساس اللبي يكون معنى ومفاد (عدم هتك الحجاب) :بالنسبة لله تعالى
هو واحديته ووحدانيته الصرفة وجوديا من جهة تفرده في تدبير نظام الوجود وبذاته تعالى من دون
إستعانة بأحد أوتأثربغيره.
وتشي هذه العبارة أيضاً الى إستحالة الأحاطة بكنه وواقع الذات الألهية من قبل غيره وحتى من الملائكة المقربين
ولايعلم ماهو إلاّ هو سبحانه وتعالى.
وهذه الحقيقة الألهية أي(عدم وإستحالة هتك حجاب الله تعالى) من قبل غيره تعرض لها القرآن الكريم في نصوصه مرارا.
كمافي قوله تعالى:
((وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً)){8}/الجن
((وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً)){9}/الجن
وهذه النصوص القرآنية هي صورٌ من صوروحدانية الله تعالى وتفرده بتدبير نظام الوجود لوحده
.
ومعنى:
((ولا يُغلق بابه ، ولا يُرد سائله ولا يُخيب . آمله))
هوعين مفهوم باسطية الله تعالى وتوسعته على عباده .
فعدم غلق الله تعالى لبابه هو تعبير كنائي يرمز لإنفتاح الله تعالى على خلقه رزقا وتدبيرا ورحمة ولطفا
وهذه الثلاثية الرائعة من :عدم غلق الله تعالى لبابه::وعدم رده لسائله::وعدم تخيبه تعالى لآمله::
يجب أن تأخذ طريقها الى الوعي البشري وجوديا إذا أنها تعني وتفيد مدى حرص الله تعالى وعنايته بخلقه خاصة وعامة .
وفيها أيضا صورة من صور القدرة الألهية التي لانفاد لها ولاعجز أبدا
وقد أشار القرآن الكريم لهذه الباسطية الألهية بقوله تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64
ومعنى هذا النص هو::
إنّ من مآثم اليهود -وكان مما يُسرُّونه فيما بينهم- أنهم قالوا: يد الله محبوسة عن فعل الخيرات, بَخِلَ علينا بالرزق والتوسعة, وذلك حين لحقهم جَدْب وقحط.
غُلَّتْ أيديهم, أي: حبست أيديهم هم عن فِعْلِ الخيرات, وطردهم الله من رحمته بسبب قولهم.
وليس الأمر كما يفترونه على ربهم, بل يداه مبسوطتان لا حَجْرَ عليه, ولا مانع يمنعه من الإنفاق, فإنه الجواد الكريم, ينفق على مقتضى الحكمة وما فيه مصلحة العباد.
فإذن لابد لنا من الإيمان بهذه الثلاثية الربانية إذ أنها تمنحنا الإستقرار والطمأنينة النفسية بل وحتى السلوكية في حياتنا البشرية.
وأما مقولة::
((الحمد لله الذي يُؤمن الخائفين ويُنجي الصالحين ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ، ))
ففيها من الوضوح بمكان ما لايمكن الغفلة عنه على إطلاقية القدرة الألهية
في الهيمنة على نظام الوجود.
وهذه الفقرة ترسم في مفرداتها لوحة قيمية تحدد معالم منهج الله تعالى وسبيله في خلقه ونظامه
فحال الإنسان أياً كان أمام ربه لايخلو إما أن يكون صالحا أو ظالما .
ولربه في نفس الوقت تجاهه موقفا وقرارا
ومعلوم أيضا إنّ الإنسان منذ أن خلقه الله تعالى يعيشُ ثنائية الخير والشر والعدل والظلم والحق والباطل
فلذا نجد أنّ هذه المقولة القيمة توضح موقف الله تعالى تجاه كل ظاهرة بشرية في صورة تعاطيها العمودي مع الله تعالى أو تعاطيها الأفقي مع الناس
بوجهيها الإيجابي والسلبي لأنّ حال الإنسان كما قلنا لايخلو إما أن يكون صالحا أو ظالما.
ومن هنا يجب أن يضع الإنسان المؤمن والصالح والمُستَضعف نصب عينيه وفي وعيه وذهنه أنّ الله تعالى مع المؤمنين والصالحين والمُستَضعفين ولن يتركهم سدى دون تسديد ونصر ونجاة.
وقد ركز القرآن الكريم على أهمية وعي وفهم الإنسان لمعية الله تعالى معه وجوديا
فقال الله تعالى بشأن هذه الحقيقة ::
{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }البقرة194
وقال تعالى::
{وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة12
وقال تعالى:
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }الأنفال19
ولكن هذه المعية الألهية مشروطة بشرط تحقق الوصف العنواني لمن يستحقها وملازمة منهج الله ورسله إيمانا وتطبيقا.
وقد بين الله تعالى سننه الأزلية والسرمدية في تدبير نظام الوجود وخاصة البشري منه في كتابه العزيز نصا
وهذه مقولة ::
((ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .
والحمد لله قاصم الجبارين ، مُبيرُ الظالمين ، مُدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ، ))
هي الأخرى تُمثل إختزل مفهومي وقيمي لسنن الله تعالى في أرضه
فألله تعالى عادل في تطبيقاته السننية فهو تعالى بقدر ما يكون مع المؤمنين والصالحين والمستضعفين في الوجهة الإيجابية من جهة نصرهم وتأمين حياتهم وحفظهم من الأعداء ومكاره الحياة
فهو بنفس المقدار في تعاطيه مع المستكبرين والجبارين والظالمين بالوجهة الإنتقامية العادلة
وإليك عزيزي المؤمن نصوص قرآنية شريفة تبين هذه الحقيقة الحقة
قال تعالى::
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ }السجدة22
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42
{وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }الشورى8
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }الأنعام6
وفقرة وقانون ::
((ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين .))
فهذه سنة إلهية لاتتبدل ولن تتغيير مهما طال الأمد ومنها ننطلق نحن المؤمنين بالإمام المهدي/ع/ في إيماننا بقربية ويقينية الظهور الشريف له/ع/ وبسط عدل الله تعالى في ارضه المعمورة .
وهذه المقولة في مفادها السنني تقترب روحا ودلالة من قانون المداولة الألهي الذي نصت عليه الآية القرآنية الشريفة بقوله تعالى::
((وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ))آل عمران140
بمعنى::
وتلك الأيام يُصَرِّفها الله تعالى بين الناس, نصر مرة وهزيمة أخرى,
لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره,
ويُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا أنفسهم .
وفي نهاية صور التحميد لله تعالى يختم الإمام المهدي/ع/ تحميداته بأروعها في قوله/ع/::
((الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمارتها .
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الحمد لله الذي يَخلقُ ولم يُخلَق ، ويَرزقُ ولم يُرزَق ، ويُطعِم ولا يُطعَم ، ويُميت الاحياء ويُحيي الموتى ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ))
فالسماء والآرض والبحار ومن يسكن فيها من الملائكة والبشر والكائنات الأخرى كلها تُسبح لله تعالى وجدانا وتكوينا
فالأمر ليس منحصر في طبيعة وجودية خلقها الله تعالى كالسماء والأرض والبحار مجبولة على العبادة قهرا كما يتصور البعض
لا ليس الأمر كذلك فالسماء والأرض والجبال وكل المخلوقات الطبيعية لها وعيها الخاص بها وجوديا وتقواها العملية إراديا
والقرآن الكريم صرّح نصا بذلك في نصوصه الشريفة:
لأنه في صورة جبر الأشياء الطبيعية على عبادة الله تعالى دونما أن يكون لها وعيا ودراية بذلك فليس من الفضيلة في شيء حتى يُستشَهد به مثلا على تقوى الله تعالى.
فقال تعالى::
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }فصلت11
لاحظوا أحبتي الله تعالى يطرح خيارين أمام عبادة السماء والآرض له تعالى وهما الطاعة الطوعية أو الإكراهية
فإنظر ماذا يختارا(السماء والآرض):: قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
وقال تعالى:
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21
بمعنى:
و لوأنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال, ففهم ما فيه مِن وعد ووعيد, لأبصَرْته على قوته وشدة صلابته وضخامته، خاضعًا ذليلا متشققًا من خشية الله تعالى.
وتلك الأمثال نضربها, ونوضحها للناس ؛ لعلهم يتفكرون في قدرة الله وعظمته. وفي الآية حث على تدبر القرآن, وتفهم معانيه, والعمل به.
وقال تعالى:
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }الأعراف143
وأخيرا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ويتبع القسم الثامن إن شاء الله تعالى)
وتقبل الله صيامكم وقيامكم وعظم لكم الأجر بشهادة أمير المؤمنين الإمام علي/ع/
وسيعلمُ الذين ظلموا آل محمد أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف/