مرتضى علي الحلي
24-08-2011, 09:04 PM
(( قراءة معرفيّة في ضرورة التعاطي العَقَدي والمنهجي مع الإمام المهدي(عليه السلام) في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المُبارك ))::::القسم العاشر ::::
===============================
((مِنهاجيَّة دُعاء الإفتتاح إنموذجا)):: القسم العاشر ::
===============================
(القسم العاشر )
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
،
((اللهم اجعله الداعي إلى كتابك والقائم بدينك
استخلفه في الأرض كمااستخلفت الذين من قبله ،
مكن له دينه ارتضيته له ، أبدله من بعد خوفه أمنا يعبدك لا يشرك بك شيئا .
اللهم اعزه واعزز به ، وانصره وانتصر به ، وانصره نصرا عزيزا ، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك ، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .
ألّلهُمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة ، تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ،
وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ))
إنّ من المعلوم عَقَديّاً أنّ الإمام المهدي/ع/ أُوكِلَت إليه مَهمة الدعوة إلى كتاب الله الخالد القرآن الكريم والقيام بالدين واقعيا وإستخلاف الله تعالى في أرضه شرعةً ومنهاجا .
وهذه المهمة الكبيرة تتحقق بعد الظهور الشريف له/ع/ وظفره ميدانيا بزمام الأمور والتدبير
وحينها يتبدل حال البشرية الى الأفضل والأحسن وجودا ونظاما حيث يتحول الخوف الى أمن والشرك والكفر الى توحيد مُنصِف لله تعالى.
ويصبح الأسلام ديناً للناس كافة ويلمس الكل أفضل سنة نبي عرفتها البشرية وهي سنّة محمد وآله/ع/ سنة الوسطية والعدل والأعتدال والعقلانية والأخلاقية والإنسانية.
بحيث يصل الأمر الى ظهور العدل والحق كليا دونما تخوفٍ من أحدٍ من ألخلق .
وهذاهوجوهر(حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .)
وهذه المُرتَكزات الوجودية والقيمية هي البُنية التحتانية لقيام الدولة الكريمة في عهد ظهور الإمام المهدي/ع/في المستقبل إن شاء الله تعالى
أما البُنى الفوقانية فهي سريان وإمتداد التطبيق الفعلي لشرعة ومنهاج الله في أرضه المعمورة بين بني البشر قاطبة .
وهذا يعني أنّ هناك مرحلة ستصل إليها البشرية قبيل الظهور الشريف للإمام المهدي/ع/ وهي مرحلة الإقتناع الذاتي والعلمي والديني والإخلاقي بمشروعية وحقانية الإسلام العزيز بصورته الحقة والمستقيمة الأسلام المحمدي الأصيل إسلام المعصومين /ع/ لا الإسلام المشوه والمقلوب .
إذأنه لايمكن لدينٍ ما من أن يبسط نفوذه القيمي والعقدي والتشريعي مالم يقتنع الناس به ذاتيا
وهذا هو معنى النص الشريف قرآنيا
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
يعني لكمال هذا الدين واتضاح آياته لا يُحتاج إلى الإكراه عليه
لمن تُعَرض عليه دعوة الأسلام
فالدلائل بينة يتضح بها الحق من الباطل, والهدى من الضلال.
فَمَن يكفر بكل ما عُبِد من دون الله ويؤمن بالله, فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى, واستمسك من الدين بأقوى سبب لا انقطاع له.
والله سميع لأقوال عباده, عليم بأفعالهم ونياتهم, وسيجازيهم على ذلك.
إذن بما أنّ المُرتكزات القيمية أعلاه من الدعوة الى كتاب الله تعالى وقيام الإمام المهدي /ع/ بالدين ميدانيا وصيرورته /ع/ خليفة فعلي لله تعالى مبسوط اليد وظاهرا في العدل والحق وبدولة كريمة عالمية النفوذ وجودا .
جائت في صورة الدعاء والرجاء الذي يجب أن يُمارسه الأنسان المؤمن دائما
علينا أن ندرك حقيقة وقطعية تنجز مثل تلك المرتكزات وضمان تحققها إن شاء الله تعالى على يد الإمام المهدي/ع/.
لأنّ القرآن الكريم أعطى وعدا صادقا غير مكذوب وصرّح بإرادة ربانية لاتقهر في تحققاتها حياتيا بأنّ كل ما ذكر أعلاه في صورة الدعاء هو وعدٌ لن يُخلف وناجزٌ يقيناً إن شاء الله تعالى في نهاية المطاف.
قال تعالى::
{أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }يونس55
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ }يونس103
{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }الكهف98
{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }القصص13
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47
وبخصوص ماهية وحقيقة ذلك الوعد الألهي
قال الله تعالى::
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55
أي بمعنى وعد الله بالنصر الذين آمنوا منكم وعملوا الأعمال الصالحة وعلى رأسهم أميرهم الإمام المهدي/ع/ بأن يورثهم الأرض كليا ويجعلهم خلفاء فيها، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله,
وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم- وهو الإسلام- دينًا عزيزًا مكينًا، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن، إذا عبدوا الله وحده، واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئًا، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة، وجحد نِعَم الله، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.
وقال الله تعالى أيضا مُفصحاً عن يقينية وحقيقة إظهار الدين كله على يد الإمام المهدي/ع/
::
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }الفتح28
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }الصف9
طبعا إنّ تكرار هذه النصوص الشريفة والتي روحها المفادية واحدة إنما وقع لأجل تعزيز الثقة والطمأنينة بتحقق الوعد الألهي فعليا إن شاء الله تعالى.
وفي شأن تفسير هذه الآيات الشريفة قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل ::
(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ))
فقال : /ع/::
((والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالامام إلا كره خروجه
حتى أن لو كان كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله )) /كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص 670.
وقال تعالى أيضا::
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص5
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105
والقرآن الكريم مليءٌ بالنصوص القطعية التي تُحدد مصير البشرية في نهاية الصراع والمعترك بين الحق والباطل وكلها تدل على الظهور والغلبة الفكرية والتشريعية والتطبيقية لدين الأسلام على كل دين .
وهذه النصوص القرآنية القطعية الصدور والدلالة يجب أن تكون بالنسبة لنا مُحرّكات وبواعث تدفع بنا الى وعي الإنتظار للإمام المهدي/ع/ والرغبة الصادقة في تعجيل ظهوره الشريف.
وللإمانة المعرفية والعلمية فإنّ الأسلام الأصيل والمتجسد بكيانية محمد/ص/ وآل محمد المعصومين /ع/
لا ينحو بمساره وتفكيره وتأسيسه الى الخرافية والغلو والمثالية(الطوبائية) بقدرما ينحوالى الواقعية الحقة والتي إبتعد الناسُ عن محدداتها ومعالمها فراحوا يرمون من يتحدث عنها بالحالمية والمثيولوجيا الدينية
وهذا أمرٌ طبيعي فالإنسان عندما يُصاب بالعمى الذهني والقلبي فلا يمكن له أن يعِ أو يدرك الحقيقة .
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى::
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
أي::
أفلم يَسِر المكذبون من الناس عامة في الأرض ليشاهدوا آثار المُهلكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟
فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.
{وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72
أي::
ومن كان في هذه الدنيا أعمى القلب عن دلائل قدرة الله فلم يؤمن بما جاء به الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله سلم فهو في يوم القيامة أشدُّ عمى عن سلوك طريق الجنة، وأضل طريقًا عن الهداية والرشاد.
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ }غافر58
أي::
وما يستوي الأعمى(أعمى العقل والقلب لاعمى البصر الذي لايدرك الحق ولايؤمن به) والبصير (أي الذي يُدرك بعقله وقلبه الحق ويؤمن به)
وكذلك لا يستوي المؤمنون الذين يُقِرُّون بأن الله هو الإله الحق لا شريك له، ويستجيبون لرسله ويعملون بشرعه .
والجاحدون الذين ينكرون أن الله هو الإله الحق، ويكذبون رسله ولا يعملون بشرعه. قليلا ما تتذكرون -أيها الناس- حجج الله, فتعتبرون, وتتعظون بها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وعجّل الله فرج إمامنا المهدي/ع/ وجعلنا من أنصاره الواعين والعاملين بين يديه
والسلام عليكم ورحمة وبركاته
((ويتبع القسم الحادي عشر والأخير إن شاء الله تعالى))
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف:
===============================
((مِنهاجيَّة دُعاء الإفتتاح إنموذجا)):: القسم العاشر ::
===============================
(القسم العاشر )
==========
بسم الله الرحمن الرحيم
،
((اللهم اجعله الداعي إلى كتابك والقائم بدينك
استخلفه في الأرض كمااستخلفت الذين من قبله ،
مكن له دينه ارتضيته له ، أبدله من بعد خوفه أمنا يعبدك لا يشرك بك شيئا .
اللهم اعزه واعزز به ، وانصره وانتصر به ، وانصره نصرا عزيزا ، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك ، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .
ألّلهُمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة ، تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ،
وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ))
إنّ من المعلوم عَقَديّاً أنّ الإمام المهدي/ع/ أُوكِلَت إليه مَهمة الدعوة إلى كتاب الله الخالد القرآن الكريم والقيام بالدين واقعيا وإستخلاف الله تعالى في أرضه شرعةً ومنهاجا .
وهذه المهمة الكبيرة تتحقق بعد الظهور الشريف له/ع/ وظفره ميدانيا بزمام الأمور والتدبير
وحينها يتبدل حال البشرية الى الأفضل والأحسن وجودا ونظاما حيث يتحول الخوف الى أمن والشرك والكفر الى توحيد مُنصِف لله تعالى.
ويصبح الأسلام ديناً للناس كافة ويلمس الكل أفضل سنة نبي عرفتها البشرية وهي سنّة محمد وآله/ع/ سنة الوسطية والعدل والأعتدال والعقلانية والأخلاقية والإنسانية.
بحيث يصل الأمر الى ظهور العدل والحق كليا دونما تخوفٍ من أحدٍ من ألخلق .
وهذاهوجوهر(حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق .)
وهذه المُرتَكزات الوجودية والقيمية هي البُنية التحتانية لقيام الدولة الكريمة في عهد ظهور الإمام المهدي/ع/في المستقبل إن شاء الله تعالى
أما البُنى الفوقانية فهي سريان وإمتداد التطبيق الفعلي لشرعة ومنهاج الله في أرضه المعمورة بين بني البشر قاطبة .
وهذا يعني أنّ هناك مرحلة ستصل إليها البشرية قبيل الظهور الشريف للإمام المهدي/ع/ وهي مرحلة الإقتناع الذاتي والعلمي والديني والإخلاقي بمشروعية وحقانية الإسلام العزيز بصورته الحقة والمستقيمة الأسلام المحمدي الأصيل إسلام المعصومين /ع/ لا الإسلام المشوه والمقلوب .
إذأنه لايمكن لدينٍ ما من أن يبسط نفوذه القيمي والعقدي والتشريعي مالم يقتنع الناس به ذاتيا
وهذا هو معنى النص الشريف قرآنيا
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
يعني لكمال هذا الدين واتضاح آياته لا يُحتاج إلى الإكراه عليه
لمن تُعَرض عليه دعوة الأسلام
فالدلائل بينة يتضح بها الحق من الباطل, والهدى من الضلال.
فَمَن يكفر بكل ما عُبِد من دون الله ويؤمن بالله, فقد ثبت واستقام على الطريقة المثلى, واستمسك من الدين بأقوى سبب لا انقطاع له.
والله سميع لأقوال عباده, عليم بأفعالهم ونياتهم, وسيجازيهم على ذلك.
إذن بما أنّ المُرتكزات القيمية أعلاه من الدعوة الى كتاب الله تعالى وقيام الإمام المهدي /ع/ بالدين ميدانيا وصيرورته /ع/ خليفة فعلي لله تعالى مبسوط اليد وظاهرا في العدل والحق وبدولة كريمة عالمية النفوذ وجودا .
جائت في صورة الدعاء والرجاء الذي يجب أن يُمارسه الأنسان المؤمن دائما
علينا أن ندرك حقيقة وقطعية تنجز مثل تلك المرتكزات وضمان تحققها إن شاء الله تعالى على يد الإمام المهدي/ع/.
لأنّ القرآن الكريم أعطى وعدا صادقا غير مكذوب وصرّح بإرادة ربانية لاتقهر في تحققاتها حياتيا بأنّ كل ما ذكر أعلاه في صورة الدعاء هو وعدٌ لن يُخلف وناجزٌ يقيناً إن شاء الله تعالى في نهاية المطاف.
قال تعالى::
{أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }يونس55
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ }يونس103
{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }الكهف98
{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }القصص13
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47
وبخصوص ماهية وحقيقة ذلك الوعد الألهي
قال الله تعالى::
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55
أي بمعنى وعد الله بالنصر الذين آمنوا منكم وعملوا الأعمال الصالحة وعلى رأسهم أميرهم الإمام المهدي/ع/ بأن يورثهم الأرض كليا ويجعلهم خلفاء فيها، مثلما فعل مع أسلافهم من المؤمنين بالله ورسله,
وأن يجعل دينهم الذي ارتضاه لهم- وهو الإسلام- دينًا عزيزًا مكينًا، وأن يبدل حالهم من الخوف إلى الأمن، إذا عبدوا الله وحده، واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئًا، ومن كفر بعد ذلك الاستخلاف والأمن والتمكين والسلطنة التامة، وجحد نِعَم الله، فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله.
وقال الله تعالى أيضا مُفصحاً عن يقينية وحقيقة إظهار الدين كله على يد الإمام المهدي/ع/
::
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }الفتح28
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }الصف9
طبعا إنّ تكرار هذه النصوص الشريفة والتي روحها المفادية واحدة إنما وقع لأجل تعزيز الثقة والطمأنينة بتحقق الوعد الألهي فعليا إن شاء الله تعالى.
وفي شأن تفسير هذه الآيات الشريفة قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل ::
(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ))
فقال : /ع/::
((والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالامام إلا كره خروجه
حتى أن لو كان كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله )) /كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص 670.
وقال تعالى أيضا::
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص5
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105
والقرآن الكريم مليءٌ بالنصوص القطعية التي تُحدد مصير البشرية في نهاية الصراع والمعترك بين الحق والباطل وكلها تدل على الظهور والغلبة الفكرية والتشريعية والتطبيقية لدين الأسلام على كل دين .
وهذه النصوص القرآنية القطعية الصدور والدلالة يجب أن تكون بالنسبة لنا مُحرّكات وبواعث تدفع بنا الى وعي الإنتظار للإمام المهدي/ع/ والرغبة الصادقة في تعجيل ظهوره الشريف.
وللإمانة المعرفية والعلمية فإنّ الأسلام الأصيل والمتجسد بكيانية محمد/ص/ وآل محمد المعصومين /ع/
لا ينحو بمساره وتفكيره وتأسيسه الى الخرافية والغلو والمثالية(الطوبائية) بقدرما ينحوالى الواقعية الحقة والتي إبتعد الناسُ عن محدداتها ومعالمها فراحوا يرمون من يتحدث عنها بالحالمية والمثيولوجيا الدينية
وهذا أمرٌ طبيعي فالإنسان عندما يُصاب بالعمى الذهني والقلبي فلا يمكن له أن يعِ أو يدرك الحقيقة .
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى::
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
أي::
أفلم يَسِر المكذبون من الناس عامة في الأرض ليشاهدوا آثار المُهلكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟
فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.
{وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72
أي::
ومن كان في هذه الدنيا أعمى القلب عن دلائل قدرة الله فلم يؤمن بما جاء به الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله سلم فهو في يوم القيامة أشدُّ عمى عن سلوك طريق الجنة، وأضل طريقًا عن الهداية والرشاد.
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ }غافر58
أي::
وما يستوي الأعمى(أعمى العقل والقلب لاعمى البصر الذي لايدرك الحق ولايؤمن به) والبصير (أي الذي يُدرك بعقله وقلبه الحق ويؤمن به)
وكذلك لا يستوي المؤمنون الذين يُقِرُّون بأن الله هو الإله الحق لا شريك له، ويستجيبون لرسله ويعملون بشرعه .
والجاحدون الذين ينكرون أن الله هو الإله الحق، ويكذبون رسله ولا يعملون بشرعه. قليلا ما تتذكرون -أيها الناس- حجج الله, فتعتبرون, وتتعظون بها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وعجّل الله فرج إمامنا المهدي/ع/ وجعلنا من أنصاره الواعين والعاملين بين يديه
والسلام عليكم ورحمة وبركاته
((ويتبع القسم الحادي عشر والأخير إن شاء الله تعالى))
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف: