m-mahdi.com
25-07-2007, 11:30 AM
[size="5"]اشكالية حكم الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)بشريعة داود
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين.
ان مما يؤسف له رغم التطور العلمي الكبير واتساع وسائل الاتصال, بحيث صار بمقدور الباحثين والقراء التواصل فيما بينهم رغم بعد المسافات الشاسعة فبامكان من يقطن اقصى الشرق ان يتواصل مع من يقطن اقصى الغرب ولا يتجاوز تحصيل هذا الاتصال بضع ثوانٍ من خلال الشبكة العنكبوتية العالمية (الانترنت) ولكن رغم ذلك ما زال البعض يسعى في سبيل تزييف الحقائق وحرفها عن مسارها الطبيعي من خلال اضفاء اجواء الظلمة والجهل وابعاد نور الحقيقة عنها.
هذه الديباجة اردنا من خلالها الدخول في بحث مهم وشيق في نفس الوقت وفي مفردةٍ من مفردات العقيدة المهدوية التي اضحت فكرةً عالمية تنشدها جميع الشعوب على اختلاف في ولاءاتها وانتماءاتها.
هذه المفردة هي ما يحاول ان يروج له البعض بقصد الانتقاص والتشويه لمذهب اهل البيت عليهم السلام في ان المهدي من آل محمد عليهم السلام جميعاً انما هو صورة ونسخة عن الدجال اليهودي متذرعون لذلك بحجج وادعاءات واهية لا تقوم بظن فضلاً عن ان تكون حجة يعتمدها البعض في التخاطب العلمي والعقائدي.
يدعي هؤلاء ان مهدي الشيعة الامامية الاثني عشرية هو نفسه الدجال من خلال قراءة مغلوطة ومبتورة لبعض الروايات المروية في كتب الامامية الاثني عشرية ((مع ان الكثير من هذه المضامين قد وردت في روايات مصادر ابناء العامةكهذه الروايه الفتي رواها ابن عساكر في تاريخ دمشق ج45ص186عن قتادة قال كان يقال إن المهديابن أربعين سنةيعمل بأعمال بنيإسرائيل.))
فيدعي هؤلاء ان الروايات تصرح بان المهدي الشيعي يحكم بحكم نبي اليهود داوود على نبينا وآله وعليه السلام.
ولكي نستوعب هذا المطلب جيداً ونقف مع مفاصل هذا البحث وقفة تفحص وتحقيق نحاول ان نمحور بحثنا بهذه المحاور التي بمجموعها تكتمل عندنا صورة واضحة عما يعتقده اتباع هذه المدرسة الحقة في هذه المسألة.
المحور الاول: الدين واحد ام متعدد ودور الشرائع في الدين.
المحور الثاني: اعتقاد الشيعة الامامية بعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام ومدخلية هذه العقيدة في محل البحث.
المحور الثالث: النسخ في الشرائع وهل شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا؟ والبحث هنا مبنائي، أي انه جاء مجاراة لما عليه ابناء العامة كما سيتضح اثناء البحث التفصيلي، اما ما عليه الامامية الاثني عشرية فله مجال آخر ليس محل بحثنا فيه الان ويمكن لمن يريد التبسيط والتوسعة الاستفادة من بعض التفاسير الامامية كالميزان والبيان والتبيان والامثل وغيرها.
المحور الرابع: روايات واقوال أبناء العامة في الباب.
المحور الخامس: روايات حكم الإمام المهدي بحكم داوود ومحل التشبيه فيها وتفسيرات لها على لسان علماء الامامية.
المحور السادس: اقوال علماء ابناء العامة في حكم القاضي بعلمه.
المحور الاول:
الدين واحد ام متعدد وهل الشريعة التي يجيء بها اصحاب الشرائع تختلف عن المفردات العامة للدين بمعنى هل ان صاحب كل شريعة من الانبياء عندما يأتي بشريعة فهذه الشريعة التي يأتي بها تحوي مفردات ومسائل تتناقض وتكون بالضد من مفردات ومسائل الشريعة التي جاءت قبله أو بعده, وهل ان شريعة من يأتي بشريعة من الانبياء تتناقض ومباديء الدين أو لا يمكن لنا ان نتصور تناقضاً وتهافتاً بين شريعة وشريعة اخرى وبين شريعة من الشرائع والدين.
فاذا فرغنا من ان الدين واحد وان جميع الانبياء سواء من جاء منهم بشريعة أو لم يأتي منهم بشريعة قد آمنوا بهذا الدين فاننا نقول هل الشرائع تتضاد فيما بينها أو هل ان بعضها يضاد الدين أو لا.
عرض قرآني للمسألة
قال تعالى: (ان الدين عند الله الاسلام)
وقال تعالى: (ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون)
وقال تعالى: (اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحق الهاً واحداً ونحن له مسلمون)
وقال تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون) وقال تعالى: (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
هذه الآيات القرآنية المباركة تقرر اصلاً مؤصلاً لا يجوز ان ينحاد عنه احد وهو ان الاسلام هو الدين الالهي الوحيد الذي امر الله تعالى به عباده ان يتبعوه ويتخذوه ديناً ووصفه تعالى بانه احسن الاديان وانه الدين الذي لا يبتغى غيره ولا يجوز ان ينتحل منتحل ديناً يريد به وجه الله إلا دين الاسلام, وان اول من آمن بهذا الدين هم الانبياء عليهم السلام.
وان ما انزل عليهم كله من الله سبحانه وتعالى وهو واحد وان كانت مناهجه وشرائعه مختلفة لاقتضاء المصلحة لذلك, واننا مأمورون من خلال هذه الآيات الكريمات ان لا نفرق بين ما انزل على الانبياء عليهم السلام وان لا نفرق بين احد منهم.
فلا يجوز ان نصف النبي داود على نبينا وآله وعليه السلام بانه نبي اليهود أو ان عيسى عليه السلام بانه نبي النصارى فانهم جميعاً انبياء الله ويدعون جميعاً إلى الاسلام كما وصفت الآيات القرآنية المتقدمة ذلك ومما جاء من الذكر الحكيم في داوود عليه السلام انه قال تعالى: (انا اوحينا اليك كما اوحينا إلى نوح والنبيين من بعده واوحينا إلى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا).
وداوود عليه السلام من الانبياء الذين فضلهم الله سبحانه وتعالى على بعض النبيين اذ قال: (وقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا) وقال تعالى: (وكل آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير) ثم استخلفه الله سبحانه وتعالى وجعله خليفته وحاكمه بين الناس فقال: (يا داوود انا جعلناك خليفةً في الارض).
فداوود على نبينا وآله وعليه السلام في هذه الآيات الكريمات من الانبياء الملوك الذين آتاهم الله سبحانه وتعالى الملك والحكمة والنبوة ودفع به سلام الله عليه فساد الارض وهو عليه السلام من الانبياء الذين فضلهم الله وآتاه زبورا (وآتينا داوود زبورا), وقد نقلنا تصريح القرآن تفضيل داود وتقديمه وجعله من الانبياء الملوك الذين يسّر لهم الحكم في هذه الدنيا حتى ان حكمه وصف في الايات الكريمات كما جاء على لسانه (عليه السلام) انه حكم لا ينبغي لأحد بعده، وهذا ما يظهر من تسخير الله تعالى له الجبال والطير والريح والانس والجن بل والشياطين إذ يقول عز من قائل: (ومن الشياطين من يغوصون له).
فهذه المرتبة العظيمة التي رتب الله تعالى بها داوود عليه السلام يجب علينا ان نأخذها بعين الاعتبار عندما نريد ان نتكلم عن شخصية هذا النبي العظيم.
ومما يجدر بنا ان نشير له هنا هو ان قول الله تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) يريد ان يشير إلى محكم من القول وهو ان جميع الانبياء الذين سبقوا النبي محمد صلى الله عليه وآله كانوا يبشرون بنبوته ويعدون اقوامهم به وهذا ما تضافرت عليه الروايات فضلاً عن الآيات.
وانما الذي يريد ان يرشد القرآن الكريم إليه هو ان دين الاسلام واصوله ليست خاصة ومختصة بمن يؤمن برسالة الرسول صلى الله عليه وآله بعد بعثته بل يجب الايمان بها والاذعان لها حتى قبل بعثته وهذا ما اشارت له الآية الكريمة في قوله تعالى: (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلا شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين).
فجميع الانبياء الذين بعثوا إلى الإمم والشعوب انما بعثوا باركانٍ للدين قد اتفقت عليها جميع الانبياء ولم يختلف فيها نبي عن آخر بل لم يتأتى لهم ذلك (والاختلاف الواقع انما وقع بسبب من نصبوا انفسهم قيمين على الدين بغير حق بعد الانبياء والاولياء) وهذه الاركان هي التوحيد والاقرار بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وبان شريعته هي الشريعة الحقة الخاتمة وانها هي الشريعة التي يريد الله تعالى من عباده ان يصلوا اليه عن طريقها, وهذا ان دل فانما يدل على ان الاقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وآله وبشريعته ركن واصل من اصول الدين عند جميع الانبياء.
فيجدر بنا الالتفات إلى هذا الامر وادخاله في ضمن محاسباتنا العلمية والتنبه له وعدم اغفاله وهذا يؤكد ما اشارت اليه جملةٌ كبيرة من الروايات فضلاً عن الآيات التي تلوناها والتي تدل على وحدانية الدين عند الله تعالى ومما اشار اليه الذكر الحكيم في هذا الباب قوله تعالى: (ما كان ابراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً), وقوله تعالى: (قل يا اهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون) وقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه) وقوله تعالى: (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون) والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً والروايات تفوق حد الاحصاء.
فالذي ننتهي اليه من خلال جملة ما تقدم من آياتٍ محكمات ان دين الله تعالى مذ ان بدء الخليقة وكلف العباد إلى ان يرث الله تعالى الارض ومن عليها هو دين واحد وليس هو إلا دين الاسلام الذي جاء به وبشر به وآمن به جميع من ارسل الله تعالى من انبياء ورسل واولياء وائمة وعباد.
المحور الثاني:
اعتقاد الشيعة الامامية بعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام ومدخلية هذه العقيدة في محل البحث, فان مما يتفرع على هذه العقيدة انهم يقولون بعدم جواز ارتكاب الذنوب صغيرة أو كبيرة وعدم جواز فعل المعاصي على الانبياء والائمة.
اعتقد ان هذا الموضوع قد اشبع بحثاً وتحقيقاً على مدار الازمان والاجيال فلا نجد حقبةً إلا وقد كتب فيها عن العصمة وحدودها وشروطها وموجباتها.
وهذه الابحاث التي لا نريد تأكيدها فضلاً عن تأسيسها نشير إلى بعض مفاصلها والنكات الرئيسية والمحورية فيها لتكون لنا عوناً في فهم الابحاث التي نريد الخوض فيها.
والادلة التي تقدم عادة على العصمة بشكل عام تقسم إلى صنفين من الادلة, الادلة العقلية سواء ما كان منها على المذاق الفلسفي أو على المذاق الكلامي ونذكر هنا كاشارة اليها إلى عناوين بعض هذه الادلة:
الدليل الاول على العصمة: ان النصوص الالهية قد حتمت وجوب اتباع الرسل والانبياء من الرعية ومن القبيح ان يأمر الحكيم باتباع من يجوز عليه الخطأ.
الدليل الثاني على العصمة: ان هناك مفروغية من لزوم الامامة الالهية ولا تتأتى إلا بالعصمة عن كل معصية.
والادلة على لزوم الامامة الالهية كثيرة جداً (وهي تقسم أيضاً بحسب المشارب التي تسقى منها الادلة إلى ادلة فطرية وادلة برهانية فلسفية وادلة برهانية كلامية وادلة قرآنية وروائية) يمكن لمن يريد ان يقف على التفاصيل ان يراجع الالهيات للشيخ السبحاني الجزء الثالث والامامة الالهية للشيخ السند الجزء الاول والثاني والعصمة للسيد كمال الحيدري يجد ما يغنيه اغناءاً تاماً ويوقفه على الادلة التي ساقتها الامامية الاثني عشرية على عقيدتهم في الامامة الالهية.
الدليل الثالث على العصمة: ان تجويز الخطأ على المكلف يستدعي ان يكون هناك من يوقفه عليه ويقوده إلى الصواب ولا يكون ذلك إلا للمعصوم فوجب على الحكيم بما كتب على نفسه من الرحمة ان يعصم من يكون ذا دور قيادي الهي.
وهناك ادلة كثيرة جداً ساقها العلماء لاثبات عصمة الانبياء والاولياء تطلب من محلها.
اما الادلة النقلية على العصمة فهي كثيرة أيضاً نشير إلى بعضٍ منها:
1 _ قوله تعالى: (قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) فلو دخل غير الانبياء في المخلصين كان دخولهم (الانبياء) اولى ولا معنى لاستخلاصهم دون عصمتهم, والا لما كان هناك محل للاستثناء, وقال تعالى: (واذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب اولي الايد والابصار انا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) وقال تعالى: (واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياً).
2 _ قوله تعالى: (وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين).
3 _ قوله تعالى: (وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع باذن الله), وفي الآية فرض من الله على البشر بطاعة الانبياء ولا معنى للطاعة المطلقة إلا بالعصمة.
4 _ قوله تعالى: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون).
5 _ قوله تعالى: (لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون).
وغيرها من الادلة القرآنية الكثيرة التي تدل على عصمة الانبياء جميعاً صلوات الله وسلامه عليهم.
اما الادلة النقلية فهي كثيرة ويتعسر استقصائها واستيعابها في الابحاث المسهبة فضلاً عن الابحاث المجملة.
اذن فعصمة الانبياء صلوات ربي عليهم امر مفروغ منه على اقل تقدير على مذهب اهل البيت عليهم السلام مطلقاً, وعلى راي المذاهب الاخرى في حدود دائرة التبليغ.
اما ادلة عصمة الائمة عليهم السلام فهي كثيرة أيضاً وتنقسم إلى المقاسم التي قسمناها في التقسيمات السابقة والادلة هناك هي بعينها الادلة ها هنا وزيادة فمثلاً من الادلة التي ذكرت بعصمة الائمة عليهم السلام قوله تعالى: (قال اني جاعلك في الناس اماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) على تفصيل واسهاب في كتب التفسير واصول العقائد.
وقوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) ايضا على تفصيل يطلب من محله لمعرفة انطباق الاية ومصاديقها.
فنستخلص إلى هنا النتيجة التي ذكرناها في عنوان البحث الثاني وهي ان الانبياء والائمة عليهم السلام جميعاً معصومون منزهون عن الذنوب والاخطاء والرجس والدنس صغيره وكبيره.
ومن بين هؤلاء الانبياء الذين عصمهم الله تعالى من الرجس وطهرهم تطهيراً وجعلهم ائمة وهداة وقادةً وخلفاءه له في ارضه يحكمون بحكمه ويحيون دينه هو نبي الله داوود على نبينا وآله وعليه السلام.
المحور الثالث: النسخ في الشرائع وهل ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا.
بما ان البحث هنا جاء لرد دعوى يدعيها جمهور من ابناء العامة يقولون فيها ان مهدي آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف عند الشيعة يتسم بسمات اليهود ومن اهم ما يحتجون به ويستندون اليه كما يدعون انه سيحكم بحكم داوود، لذلك يكون بحثنا في هذا المبحث مقتصراً على بيان ما هو القول الفصل عندهم من قولٍ في هذه المسألة.
أما عند الشيعة الامامية الاثني عشرية فلا موجب لطرح هذا البحث بعد اتفاقهم على ان حكم المهدي من آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف بحكم داوود انما جاء للتشبيه بعدم سؤال المهدي عليه السلام للمتخاصمين البينة وهذا ما سيتضح مفصلاً في الابحاث الآتية (المحور الخامس) انشاء الله تعالى.
عرف النسخ في اللغة بانه الرفع والازالة واما في الشرع ففيه خلاف للوقوف عليه يراجع كتاب اللمع في اصول الفقه لابي اسحق ص136.
والخلافات عند الاصوليين والفقهاء من ابناء العامة في تحديد شروط النسخ كبيرة جداً نشير إلى بعضٍ منها مما يهمنا في تقنين القاعدة المشار اليها:
1 _ ان يكون الناسخ متأخراً عن المنسوخ وان لا يكون الناسخ ضنياً.
2 _ أن يكون الناسخ خاصاً فلا ينسخ العام الخاص وان يكون الناسخ معلوماً فلا يثبت النسخ على من لم يعلمه.
3 _ أن يكون النسخ قد وقع في حياة النبي صلى الله عليه وآله لان ثبوت النسخ فرع ثبوت النص والنص في حياته صلى الله عليه وآله.
4 _ هناك خلاف في كون الناسخ هل هو خبر واحد ام السنة القطعية ام القرآن.
5 _ هناك خلاف في هل ان النسخ رافع ام مبينٌ لانتهاء امد الحكم على خلاف في ذلك أيضاً.
6 _ هناك خلاف كبيرٌ في حدود النسخ وهل هو في الاصول اصول الدين ام خاص بما يجوز على وجهين كبعض العبادات للوقوف على تفاصيل هذه المسائل يراجع المصادر التالية: المغني لابن قدامة الجزء الاول ص180 وص527 وص700 وعمدة القاريء للعيني الجزء الاول ص30 وص246 والفصول للجصاص الجزء الاول ص150 وص168 وص170 والاحكام لابن حزم الجزء الاول ص170 واللمع لابي اسحق ص159 وص163 وغيرها من المصادر الكثيرة التي تركناها اختصاراً.
ونتيجة هذا البحث التي توصلنا اليها من خلال تتبع كلمات العلماء هي ما ورد في نص سؤالٍ وجه إلى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان وهو من احد كبار علماء المملكة العربية السعودية حيث كان نص السؤال هل شريعة من قبلنا تعتبر شريعةً لنا ام لا؟ فكان الجواب: هذه مسألة اصولية الصحيح فيها ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه فما ذكره الله سبحانه وتعالى في الشرائع السابقة ولم يرد في شرعنا ما ينسخه فانه شرع لنا هذا هو الصحيح في المسألة والله اعلم.
هذه القاعدة النصية الفصلية (عندهم) التي بها يفصل الكلام تصرح وتنصص على ان الدين عند الله تعالى واحد وهو الاسلام وان الشرائع بعد شريعة رسول الله صلى الله عليه وآله هي الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وان ما ثبت في الشرائع التي سبقت شريعته صلى الله عليه وآله ثابت في هذه الشريعة ما لم يرد فيه ناسخ ويكون هذا الناسخ محكوماً بالثبوت على الخلاف الذي تقدم في حكم الناسخ وكيف يثبت نسخه.
المحور الرابع: روايات أبناء العامة في الباب.
ذكر ابن حجر في فتح الباري الجزء الثامن ص203 ان معنى شرعة ومنهاجاً (أي سبيلاً بيناً واضحاً) وهذا ما ذكره البخاري الجزء الاول ص8 عن ابن عباس (شرعةً ومنهاجا سبيلاً وسنةً).
وهذا ان دل فانما يدل على ما بيناه مفصلاً(حسب مصادرهم، وستوافيك اقوالهم) من ان الدين بجميع الانبياء هو الاسلام وان الفارق بين بعض انبياء الله الذين اختلفت سبلهم في ايصال هذا الدين الواحد إلى اتباعهم والمؤمنين بهم في الاوقات التي بعثوا بها والتي تناسب عصورهم نظير المعجز التي يجيء بها النبي باثبات نبوته فانها وان اختلفت من موسى إلى عيسى إلى محمد صلى الله عليه وآله ولكن حقيقتها وهي اثبات حقانية صاحب الدعوة امر واحد ومتفق عليه بين كل هذه الاشكال والسبل والمعاجز فموسى اراد ان يثبت نبوته بابطال السحر وعيسى اراد ان يثبت نبوته باحياء الموتى ومحمد صلى الله عليه وآله اراد ان يثبت نبوته باعجاز القرآن فالتعدد في السبيل وان كان واقعاً إلا انه لا يكشف عن تعدد اهداف كل نبي ومباديء رسالة كل واحد.
فحسب التفسير الذي جاء به البخاري على لسان بن حجر هنا يتضح جلياً ان السبل لتحقيق الدين مختلفة والدين حقيقةً ليس إلا واحد.
وفي عمدة القاريء للعيني الجزء الاول ص177 عن قتادة شرعةً ومنهاجا قال: الدين واحد والشريعة مختلفة, وفسر العيني بما نقل من اقوال المنهاج بما فسر به البخاري وشرحه ابن حجر كما يلاحظ المراجع للمصدر الآنف الذكر وذكر أيضاً العيني في الجزء 16 ص36 في معرض شرح الحديث الذي رواه ابو هريرة قال, قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: (انا اولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة والانبياء اخوةٌ لعلاة اماتهم شتى ودينهم واحد), قوله ودينهم واحد أي التوحيد دون الفروع للاختلاف فيها قال تعالى: ((لكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا)) ويقال دينهم أي اصول الدين واصول الطاعات واحدٌ والكيفيات والكميات في الطاعة مختلفةٌ.
فالعيني يبرز هنا ان اصول الطاعات في كل الشرائع واحدةٌ واصول الدين في كل الشرائع واحدةٌ وانما الاختلاف في الكيفيات والكميات.
وحيث انه مما حكم فيه انه من اصول الفروع (الطاعات) حكم القاضي بعلمه.
وبغض النظر عن ذلك فانه يتبين لنا هنا وحسب ما تقدم من بيان (بحسب ما عليه ابناء العامة) ان ما لم يرد في خاتمة الشرائع كيفيةٌ معينة لطاعة أو اصل من الطاعات أو الاصول فقد بين ذلك في الشرائع التي سبقت فانه يكون للمسلمين شريعةً ومنهاجاً وسبيلاً وطريقاً لتحقيق الطاعة المطلوبة من قبل الله تعالى.
وقال الجصاص في احكام القرآن الجزء الثاني ص552 قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) الشرعة والشريعة واحد, ومعناها الطريق إلى الماء الذي فيه الحياة, فسمى الامور التي تعبد الله بها من جهة السمع شريعة وشرعة لايصالها العاملين بها إلى الحياة الدائمة في النعيم الباقي.
قوله تعالى: (ومنهاجا) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: سنةً وسبيلاً.
ويقال طريق نهج إذا كان واضحاً.
قال مجاهد: واراد بقوله (شرعةً) القرآن, لانه لجميع الناس, وقال قتادة وغيره: شريعة التوارة وشريعة الانجيل وشريعة القرآن.
وهذا يحتج به من نفى لزوم شرائع من قبلنا ايانا وان لم يثبت نسخها لاخباره بانه جعل لكل نبي من الانبياء شرعةً ومنهاجا.
وليس فيه دليل على ما قالوا, لان ما كان شريعةً لموسى عليه السلام فلم ينسخ إلى ان بعث النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم, لقد صارت شريعةً للنبي عليه السلام وكان فيما سلف شريعةً لغيره فلا دلالة في الآية على اختلاف احكام الشرائع وايضا فلا يختلف احدٌ في تجويز ان يتعبد الله رسوله بشريعة موافقة لشرائع من كان قبله من الانبياء, فلم ينفي قوله: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) ان تكون شريعة النبي عليه السلام موافقة لكثير من شرائع الانبياء المتقدمين.
وقال ابن تيمية الجزء الثاني ص56 من دقائق التفسير: (واخبره تعالى انه جعل لكلٍ من اهل التوارة والانجيل والقرآن شرعةً ومنهاجا وامره تعالى بالحكم بما انزل الله امراً عام لاهل التوراة والانجيل والقرآن ليس لاحد في وقت من الاوقات ان يحكم بغير ما انزل الله والذي انزله الله هو دينٌ واحد اتفقت عليه الكتب والرسل وهم متفقون في اصول الدين وقواعد الشريعة وان تنوعوا في الشرعة والمنهاج بين ناسخ ومنسوخ فهو شبيه بتنوع حال الكتاب فان المسلمين كانوا اولاً مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ثم امروا ان يصلوا للمسجد الحرام وفي كلا الامرين انما اتبعوا ما انزل الله عز وجل).
وقال ابن تيمية في الجزء الثاني ص52 في دقائق التفسير فجعل القرآن مهيمناً والمهيمن الشاهد الحاكم المؤتمن فهو يحكم بما فيها ((التوراة والانجيل)) مما لم ينسخه الله ويشهد بتصديق ما فيها مما لم يبدل ولهذا قال (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا).
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين.
ان مما يؤسف له رغم التطور العلمي الكبير واتساع وسائل الاتصال, بحيث صار بمقدور الباحثين والقراء التواصل فيما بينهم رغم بعد المسافات الشاسعة فبامكان من يقطن اقصى الشرق ان يتواصل مع من يقطن اقصى الغرب ولا يتجاوز تحصيل هذا الاتصال بضع ثوانٍ من خلال الشبكة العنكبوتية العالمية (الانترنت) ولكن رغم ذلك ما زال البعض يسعى في سبيل تزييف الحقائق وحرفها عن مسارها الطبيعي من خلال اضفاء اجواء الظلمة والجهل وابعاد نور الحقيقة عنها.
هذه الديباجة اردنا من خلالها الدخول في بحث مهم وشيق في نفس الوقت وفي مفردةٍ من مفردات العقيدة المهدوية التي اضحت فكرةً عالمية تنشدها جميع الشعوب على اختلاف في ولاءاتها وانتماءاتها.
هذه المفردة هي ما يحاول ان يروج له البعض بقصد الانتقاص والتشويه لمذهب اهل البيت عليهم السلام في ان المهدي من آل محمد عليهم السلام جميعاً انما هو صورة ونسخة عن الدجال اليهودي متذرعون لذلك بحجج وادعاءات واهية لا تقوم بظن فضلاً عن ان تكون حجة يعتمدها البعض في التخاطب العلمي والعقائدي.
يدعي هؤلاء ان مهدي الشيعة الامامية الاثني عشرية هو نفسه الدجال من خلال قراءة مغلوطة ومبتورة لبعض الروايات المروية في كتب الامامية الاثني عشرية ((مع ان الكثير من هذه المضامين قد وردت في روايات مصادر ابناء العامةكهذه الروايه الفتي رواها ابن عساكر في تاريخ دمشق ج45ص186عن قتادة قال كان يقال إن المهديابن أربعين سنةيعمل بأعمال بنيإسرائيل.))
فيدعي هؤلاء ان الروايات تصرح بان المهدي الشيعي يحكم بحكم نبي اليهود داوود على نبينا وآله وعليه السلام.
ولكي نستوعب هذا المطلب جيداً ونقف مع مفاصل هذا البحث وقفة تفحص وتحقيق نحاول ان نمحور بحثنا بهذه المحاور التي بمجموعها تكتمل عندنا صورة واضحة عما يعتقده اتباع هذه المدرسة الحقة في هذه المسألة.
المحور الاول: الدين واحد ام متعدد ودور الشرائع في الدين.
المحور الثاني: اعتقاد الشيعة الامامية بعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام ومدخلية هذه العقيدة في محل البحث.
المحور الثالث: النسخ في الشرائع وهل شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا؟ والبحث هنا مبنائي، أي انه جاء مجاراة لما عليه ابناء العامة كما سيتضح اثناء البحث التفصيلي، اما ما عليه الامامية الاثني عشرية فله مجال آخر ليس محل بحثنا فيه الان ويمكن لمن يريد التبسيط والتوسعة الاستفادة من بعض التفاسير الامامية كالميزان والبيان والتبيان والامثل وغيرها.
المحور الرابع: روايات واقوال أبناء العامة في الباب.
المحور الخامس: روايات حكم الإمام المهدي بحكم داوود ومحل التشبيه فيها وتفسيرات لها على لسان علماء الامامية.
المحور السادس: اقوال علماء ابناء العامة في حكم القاضي بعلمه.
المحور الاول:
الدين واحد ام متعدد وهل الشريعة التي يجيء بها اصحاب الشرائع تختلف عن المفردات العامة للدين بمعنى هل ان صاحب كل شريعة من الانبياء عندما يأتي بشريعة فهذه الشريعة التي يأتي بها تحوي مفردات ومسائل تتناقض وتكون بالضد من مفردات ومسائل الشريعة التي جاءت قبله أو بعده, وهل ان شريعة من يأتي بشريعة من الانبياء تتناقض ومباديء الدين أو لا يمكن لنا ان نتصور تناقضاً وتهافتاً بين شريعة وشريعة اخرى وبين شريعة من الشرائع والدين.
فاذا فرغنا من ان الدين واحد وان جميع الانبياء سواء من جاء منهم بشريعة أو لم يأتي منهم بشريعة قد آمنوا بهذا الدين فاننا نقول هل الشرائع تتضاد فيما بينها أو هل ان بعضها يضاد الدين أو لا.
عرض قرآني للمسألة
قال تعالى: (ان الدين عند الله الاسلام)
وقال تعالى: (ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون)
وقال تعالى: (اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحق الهاً واحداً ونحن له مسلمون)
وقال تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون) وقال تعالى: (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
هذه الآيات القرآنية المباركة تقرر اصلاً مؤصلاً لا يجوز ان ينحاد عنه احد وهو ان الاسلام هو الدين الالهي الوحيد الذي امر الله تعالى به عباده ان يتبعوه ويتخذوه ديناً ووصفه تعالى بانه احسن الاديان وانه الدين الذي لا يبتغى غيره ولا يجوز ان ينتحل منتحل ديناً يريد به وجه الله إلا دين الاسلام, وان اول من آمن بهذا الدين هم الانبياء عليهم السلام.
وان ما انزل عليهم كله من الله سبحانه وتعالى وهو واحد وان كانت مناهجه وشرائعه مختلفة لاقتضاء المصلحة لذلك, واننا مأمورون من خلال هذه الآيات الكريمات ان لا نفرق بين ما انزل على الانبياء عليهم السلام وان لا نفرق بين احد منهم.
فلا يجوز ان نصف النبي داود على نبينا وآله وعليه السلام بانه نبي اليهود أو ان عيسى عليه السلام بانه نبي النصارى فانهم جميعاً انبياء الله ويدعون جميعاً إلى الاسلام كما وصفت الآيات القرآنية المتقدمة ذلك ومما جاء من الذكر الحكيم في داوود عليه السلام انه قال تعالى: (انا اوحينا اليك كما اوحينا إلى نوح والنبيين من بعده واوحينا إلى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا).
وداوود عليه السلام من الانبياء الذين فضلهم الله سبحانه وتعالى على بعض النبيين اذ قال: (وقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا) وقال تعالى: (وكل آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير) ثم استخلفه الله سبحانه وتعالى وجعله خليفته وحاكمه بين الناس فقال: (يا داوود انا جعلناك خليفةً في الارض).
فداوود على نبينا وآله وعليه السلام في هذه الآيات الكريمات من الانبياء الملوك الذين آتاهم الله سبحانه وتعالى الملك والحكمة والنبوة ودفع به سلام الله عليه فساد الارض وهو عليه السلام من الانبياء الذين فضلهم الله وآتاه زبورا (وآتينا داوود زبورا), وقد نقلنا تصريح القرآن تفضيل داود وتقديمه وجعله من الانبياء الملوك الذين يسّر لهم الحكم في هذه الدنيا حتى ان حكمه وصف في الايات الكريمات كما جاء على لسانه (عليه السلام) انه حكم لا ينبغي لأحد بعده، وهذا ما يظهر من تسخير الله تعالى له الجبال والطير والريح والانس والجن بل والشياطين إذ يقول عز من قائل: (ومن الشياطين من يغوصون له).
فهذه المرتبة العظيمة التي رتب الله تعالى بها داوود عليه السلام يجب علينا ان نأخذها بعين الاعتبار عندما نريد ان نتكلم عن شخصية هذا النبي العظيم.
ومما يجدر بنا ان نشير له هنا هو ان قول الله تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) يريد ان يشير إلى محكم من القول وهو ان جميع الانبياء الذين سبقوا النبي محمد صلى الله عليه وآله كانوا يبشرون بنبوته ويعدون اقوامهم به وهذا ما تضافرت عليه الروايات فضلاً عن الآيات.
وانما الذي يريد ان يرشد القرآن الكريم إليه هو ان دين الاسلام واصوله ليست خاصة ومختصة بمن يؤمن برسالة الرسول صلى الله عليه وآله بعد بعثته بل يجب الايمان بها والاذعان لها حتى قبل بعثته وهذا ما اشارت له الآية الكريمة في قوله تعالى: (واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلا شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين).
فجميع الانبياء الذين بعثوا إلى الإمم والشعوب انما بعثوا باركانٍ للدين قد اتفقت عليها جميع الانبياء ولم يختلف فيها نبي عن آخر بل لم يتأتى لهم ذلك (والاختلاف الواقع انما وقع بسبب من نصبوا انفسهم قيمين على الدين بغير حق بعد الانبياء والاولياء) وهذه الاركان هي التوحيد والاقرار بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وبان شريعته هي الشريعة الحقة الخاتمة وانها هي الشريعة التي يريد الله تعالى من عباده ان يصلوا اليه عن طريقها, وهذا ان دل فانما يدل على ان الاقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وآله وبشريعته ركن واصل من اصول الدين عند جميع الانبياء.
فيجدر بنا الالتفات إلى هذا الامر وادخاله في ضمن محاسباتنا العلمية والتنبه له وعدم اغفاله وهذا يؤكد ما اشارت اليه جملةٌ كبيرة من الروايات فضلاً عن الآيات التي تلوناها والتي تدل على وحدانية الدين عند الله تعالى ومما اشار اليه الذكر الحكيم في هذا الباب قوله تعالى: (ما كان ابراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً), وقوله تعالى: (قل يا اهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون) وقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه) وقوله تعالى: (افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون) والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً والروايات تفوق حد الاحصاء.
فالذي ننتهي اليه من خلال جملة ما تقدم من آياتٍ محكمات ان دين الله تعالى مذ ان بدء الخليقة وكلف العباد إلى ان يرث الله تعالى الارض ومن عليها هو دين واحد وليس هو إلا دين الاسلام الذي جاء به وبشر به وآمن به جميع من ارسل الله تعالى من انبياء ورسل واولياء وائمة وعباد.
المحور الثاني:
اعتقاد الشيعة الامامية بعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام ومدخلية هذه العقيدة في محل البحث, فان مما يتفرع على هذه العقيدة انهم يقولون بعدم جواز ارتكاب الذنوب صغيرة أو كبيرة وعدم جواز فعل المعاصي على الانبياء والائمة.
اعتقد ان هذا الموضوع قد اشبع بحثاً وتحقيقاً على مدار الازمان والاجيال فلا نجد حقبةً إلا وقد كتب فيها عن العصمة وحدودها وشروطها وموجباتها.
وهذه الابحاث التي لا نريد تأكيدها فضلاً عن تأسيسها نشير إلى بعض مفاصلها والنكات الرئيسية والمحورية فيها لتكون لنا عوناً في فهم الابحاث التي نريد الخوض فيها.
والادلة التي تقدم عادة على العصمة بشكل عام تقسم إلى صنفين من الادلة, الادلة العقلية سواء ما كان منها على المذاق الفلسفي أو على المذاق الكلامي ونذكر هنا كاشارة اليها إلى عناوين بعض هذه الادلة:
الدليل الاول على العصمة: ان النصوص الالهية قد حتمت وجوب اتباع الرسل والانبياء من الرعية ومن القبيح ان يأمر الحكيم باتباع من يجوز عليه الخطأ.
الدليل الثاني على العصمة: ان هناك مفروغية من لزوم الامامة الالهية ولا تتأتى إلا بالعصمة عن كل معصية.
والادلة على لزوم الامامة الالهية كثيرة جداً (وهي تقسم أيضاً بحسب المشارب التي تسقى منها الادلة إلى ادلة فطرية وادلة برهانية فلسفية وادلة برهانية كلامية وادلة قرآنية وروائية) يمكن لمن يريد ان يقف على التفاصيل ان يراجع الالهيات للشيخ السبحاني الجزء الثالث والامامة الالهية للشيخ السند الجزء الاول والثاني والعصمة للسيد كمال الحيدري يجد ما يغنيه اغناءاً تاماً ويوقفه على الادلة التي ساقتها الامامية الاثني عشرية على عقيدتهم في الامامة الالهية.
الدليل الثالث على العصمة: ان تجويز الخطأ على المكلف يستدعي ان يكون هناك من يوقفه عليه ويقوده إلى الصواب ولا يكون ذلك إلا للمعصوم فوجب على الحكيم بما كتب على نفسه من الرحمة ان يعصم من يكون ذا دور قيادي الهي.
وهناك ادلة كثيرة جداً ساقها العلماء لاثبات عصمة الانبياء والاولياء تطلب من محلها.
اما الادلة النقلية على العصمة فهي كثيرة أيضاً نشير إلى بعضٍ منها:
1 _ قوله تعالى: (قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) فلو دخل غير الانبياء في المخلصين كان دخولهم (الانبياء) اولى ولا معنى لاستخلاصهم دون عصمتهم, والا لما كان هناك محل للاستثناء, وقال تعالى: (واذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب اولي الايد والابصار انا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) وقال تعالى: (واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياً).
2 _ قوله تعالى: (وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين).
3 _ قوله تعالى: (وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع باذن الله), وفي الآية فرض من الله على البشر بطاعة الانبياء ولا معنى للطاعة المطلقة إلا بالعصمة.
4 _ قوله تعالى: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون).
5 _ قوله تعالى: (لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون).
وغيرها من الادلة القرآنية الكثيرة التي تدل على عصمة الانبياء جميعاً صلوات الله وسلامه عليهم.
اما الادلة النقلية فهي كثيرة ويتعسر استقصائها واستيعابها في الابحاث المسهبة فضلاً عن الابحاث المجملة.
اذن فعصمة الانبياء صلوات ربي عليهم امر مفروغ منه على اقل تقدير على مذهب اهل البيت عليهم السلام مطلقاً, وعلى راي المذاهب الاخرى في حدود دائرة التبليغ.
اما ادلة عصمة الائمة عليهم السلام فهي كثيرة أيضاً وتنقسم إلى المقاسم التي قسمناها في التقسيمات السابقة والادلة هناك هي بعينها الادلة ها هنا وزيادة فمثلاً من الادلة التي ذكرت بعصمة الائمة عليهم السلام قوله تعالى: (قال اني جاعلك في الناس اماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) على تفصيل واسهاب في كتب التفسير واصول العقائد.
وقوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) ايضا على تفصيل يطلب من محله لمعرفة انطباق الاية ومصاديقها.
فنستخلص إلى هنا النتيجة التي ذكرناها في عنوان البحث الثاني وهي ان الانبياء والائمة عليهم السلام جميعاً معصومون منزهون عن الذنوب والاخطاء والرجس والدنس صغيره وكبيره.
ومن بين هؤلاء الانبياء الذين عصمهم الله تعالى من الرجس وطهرهم تطهيراً وجعلهم ائمة وهداة وقادةً وخلفاءه له في ارضه يحكمون بحكمه ويحيون دينه هو نبي الله داوود على نبينا وآله وعليه السلام.
المحور الثالث: النسخ في الشرائع وهل ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا.
بما ان البحث هنا جاء لرد دعوى يدعيها جمهور من ابناء العامة يقولون فيها ان مهدي آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف عند الشيعة يتسم بسمات اليهود ومن اهم ما يحتجون به ويستندون اليه كما يدعون انه سيحكم بحكم داوود، لذلك يكون بحثنا في هذا المبحث مقتصراً على بيان ما هو القول الفصل عندهم من قولٍ في هذه المسألة.
أما عند الشيعة الامامية الاثني عشرية فلا موجب لطرح هذا البحث بعد اتفاقهم على ان حكم المهدي من آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف بحكم داوود انما جاء للتشبيه بعدم سؤال المهدي عليه السلام للمتخاصمين البينة وهذا ما سيتضح مفصلاً في الابحاث الآتية (المحور الخامس) انشاء الله تعالى.
عرف النسخ في اللغة بانه الرفع والازالة واما في الشرع ففيه خلاف للوقوف عليه يراجع كتاب اللمع في اصول الفقه لابي اسحق ص136.
والخلافات عند الاصوليين والفقهاء من ابناء العامة في تحديد شروط النسخ كبيرة جداً نشير إلى بعضٍ منها مما يهمنا في تقنين القاعدة المشار اليها:
1 _ ان يكون الناسخ متأخراً عن المنسوخ وان لا يكون الناسخ ضنياً.
2 _ أن يكون الناسخ خاصاً فلا ينسخ العام الخاص وان يكون الناسخ معلوماً فلا يثبت النسخ على من لم يعلمه.
3 _ أن يكون النسخ قد وقع في حياة النبي صلى الله عليه وآله لان ثبوت النسخ فرع ثبوت النص والنص في حياته صلى الله عليه وآله.
4 _ هناك خلاف في كون الناسخ هل هو خبر واحد ام السنة القطعية ام القرآن.
5 _ هناك خلاف في هل ان النسخ رافع ام مبينٌ لانتهاء امد الحكم على خلاف في ذلك أيضاً.
6 _ هناك خلاف كبيرٌ في حدود النسخ وهل هو في الاصول اصول الدين ام خاص بما يجوز على وجهين كبعض العبادات للوقوف على تفاصيل هذه المسائل يراجع المصادر التالية: المغني لابن قدامة الجزء الاول ص180 وص527 وص700 وعمدة القاريء للعيني الجزء الاول ص30 وص246 والفصول للجصاص الجزء الاول ص150 وص168 وص170 والاحكام لابن حزم الجزء الاول ص170 واللمع لابي اسحق ص159 وص163 وغيرها من المصادر الكثيرة التي تركناها اختصاراً.
ونتيجة هذا البحث التي توصلنا اليها من خلال تتبع كلمات العلماء هي ما ورد في نص سؤالٍ وجه إلى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان وهو من احد كبار علماء المملكة العربية السعودية حيث كان نص السؤال هل شريعة من قبلنا تعتبر شريعةً لنا ام لا؟ فكان الجواب: هذه مسألة اصولية الصحيح فيها ان شريعة من قبلنا شريعةٌ لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه فما ذكره الله سبحانه وتعالى في الشرائع السابقة ولم يرد في شرعنا ما ينسخه فانه شرع لنا هذا هو الصحيح في المسألة والله اعلم.
هذه القاعدة النصية الفصلية (عندهم) التي بها يفصل الكلام تصرح وتنصص على ان الدين عند الله تعالى واحد وهو الاسلام وان الشرائع بعد شريعة رسول الله صلى الله عليه وآله هي الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وان ما ثبت في الشرائع التي سبقت شريعته صلى الله عليه وآله ثابت في هذه الشريعة ما لم يرد فيه ناسخ ويكون هذا الناسخ محكوماً بالثبوت على الخلاف الذي تقدم في حكم الناسخ وكيف يثبت نسخه.
المحور الرابع: روايات أبناء العامة في الباب.
ذكر ابن حجر في فتح الباري الجزء الثامن ص203 ان معنى شرعة ومنهاجاً (أي سبيلاً بيناً واضحاً) وهذا ما ذكره البخاري الجزء الاول ص8 عن ابن عباس (شرعةً ومنهاجا سبيلاً وسنةً).
وهذا ان دل فانما يدل على ما بيناه مفصلاً(حسب مصادرهم، وستوافيك اقوالهم) من ان الدين بجميع الانبياء هو الاسلام وان الفارق بين بعض انبياء الله الذين اختلفت سبلهم في ايصال هذا الدين الواحد إلى اتباعهم والمؤمنين بهم في الاوقات التي بعثوا بها والتي تناسب عصورهم نظير المعجز التي يجيء بها النبي باثبات نبوته فانها وان اختلفت من موسى إلى عيسى إلى محمد صلى الله عليه وآله ولكن حقيقتها وهي اثبات حقانية صاحب الدعوة امر واحد ومتفق عليه بين كل هذه الاشكال والسبل والمعاجز فموسى اراد ان يثبت نبوته بابطال السحر وعيسى اراد ان يثبت نبوته باحياء الموتى ومحمد صلى الله عليه وآله اراد ان يثبت نبوته باعجاز القرآن فالتعدد في السبيل وان كان واقعاً إلا انه لا يكشف عن تعدد اهداف كل نبي ومباديء رسالة كل واحد.
فحسب التفسير الذي جاء به البخاري على لسان بن حجر هنا يتضح جلياً ان السبل لتحقيق الدين مختلفة والدين حقيقةً ليس إلا واحد.
وفي عمدة القاريء للعيني الجزء الاول ص177 عن قتادة شرعةً ومنهاجا قال: الدين واحد والشريعة مختلفة, وفسر العيني بما نقل من اقوال المنهاج بما فسر به البخاري وشرحه ابن حجر كما يلاحظ المراجع للمصدر الآنف الذكر وذكر أيضاً العيني في الجزء 16 ص36 في معرض شرح الحديث الذي رواه ابو هريرة قال, قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: (انا اولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة والانبياء اخوةٌ لعلاة اماتهم شتى ودينهم واحد), قوله ودينهم واحد أي التوحيد دون الفروع للاختلاف فيها قال تعالى: ((لكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا)) ويقال دينهم أي اصول الدين واصول الطاعات واحدٌ والكيفيات والكميات في الطاعة مختلفةٌ.
فالعيني يبرز هنا ان اصول الطاعات في كل الشرائع واحدةٌ واصول الدين في كل الشرائع واحدةٌ وانما الاختلاف في الكيفيات والكميات.
وحيث انه مما حكم فيه انه من اصول الفروع (الطاعات) حكم القاضي بعلمه.
وبغض النظر عن ذلك فانه يتبين لنا هنا وحسب ما تقدم من بيان (بحسب ما عليه ابناء العامة) ان ما لم يرد في خاتمة الشرائع كيفيةٌ معينة لطاعة أو اصل من الطاعات أو الاصول فقد بين ذلك في الشرائع التي سبقت فانه يكون للمسلمين شريعةً ومنهاجاً وسبيلاً وطريقاً لتحقيق الطاعة المطلوبة من قبل الله تعالى.
وقال الجصاص في احكام القرآن الجزء الثاني ص552 قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) الشرعة والشريعة واحد, ومعناها الطريق إلى الماء الذي فيه الحياة, فسمى الامور التي تعبد الله بها من جهة السمع شريعة وشرعة لايصالها العاملين بها إلى الحياة الدائمة في النعيم الباقي.
قوله تعالى: (ومنهاجا) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: سنةً وسبيلاً.
ويقال طريق نهج إذا كان واضحاً.
قال مجاهد: واراد بقوله (شرعةً) القرآن, لانه لجميع الناس, وقال قتادة وغيره: شريعة التوارة وشريعة الانجيل وشريعة القرآن.
وهذا يحتج به من نفى لزوم شرائع من قبلنا ايانا وان لم يثبت نسخها لاخباره بانه جعل لكل نبي من الانبياء شرعةً ومنهاجا.
وليس فيه دليل على ما قالوا, لان ما كان شريعةً لموسى عليه السلام فلم ينسخ إلى ان بعث النبي صلى الله عليه و(آله) وسلم, لقد صارت شريعةً للنبي عليه السلام وكان فيما سلف شريعةً لغيره فلا دلالة في الآية على اختلاف احكام الشرائع وايضا فلا يختلف احدٌ في تجويز ان يتعبد الله رسوله بشريعة موافقة لشرائع من كان قبله من الانبياء, فلم ينفي قوله: (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا) ان تكون شريعة النبي عليه السلام موافقة لكثير من شرائع الانبياء المتقدمين.
وقال ابن تيمية الجزء الثاني ص56 من دقائق التفسير: (واخبره تعالى انه جعل لكلٍ من اهل التوارة والانجيل والقرآن شرعةً ومنهاجا وامره تعالى بالحكم بما انزل الله امراً عام لاهل التوراة والانجيل والقرآن ليس لاحد في وقت من الاوقات ان يحكم بغير ما انزل الله والذي انزله الله هو دينٌ واحد اتفقت عليه الكتب والرسل وهم متفقون في اصول الدين وقواعد الشريعة وان تنوعوا في الشرعة والمنهاج بين ناسخ ومنسوخ فهو شبيه بتنوع حال الكتاب فان المسلمين كانوا اولاً مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ثم امروا ان يصلوا للمسجد الحرام وفي كلا الامرين انما اتبعوا ما انزل الله عز وجل).
وقال ابن تيمية في الجزء الثاني ص52 في دقائق التفسير فجعل القرآن مهيمناً والمهيمن الشاهد الحاكم المؤتمن فهو يحكم بما فيها ((التوراة والانجيل)) مما لم ينسخه الله ويشهد بتصديق ما فيها مما لم يبدل ولهذا قال (لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا).