مرتضى علي الحلي
08-09-2011, 02:32 PM
قال الله تعالى في كتابه الحكيم:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة/ 3
وقال رسول الله نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) :
((إنّما بُعُثتُ مُعَلِّما مُبَشِرا رحمةٌ مُهداة)) / 1
1 /التمهيد/ ابن عبد البر/ج5/ص118.
((مدخل إلى البحث))
______________
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين وصحبه المُنتَجبين
للتطابق بين العنوان ومحتوياته المعرفية إسلامياً ننطلق من القرآن الكريم الملاذ المعرفي الأصيل في تأصيلاته وتأسيساته التربوية والتعليمية والفكرية والإجتماعية
حيثُ قال تعالى في محكم كتابه العزيز بخصوص رسول الله محمد/ص/
((هو الذي بعثَ في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويُزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كا نوا من قبل لفي ضلال مبين)) /3/الجمعة/
وهذه الأية الشريفة إختزلت في متنها العميق أبرز وأركن مرتكزات التربية والتعليم قرآنيا وإسلاميا .
بدأً من إلقاء الآيات والبينات على مسامع المتلقين وتربيتهم تربية سليمة زاكية أخلاقيا.
وتعليمهم تعاليم الكتاب (القرآن الكريم)و(السنّةالنبوية الشريفة) وتبيان مناهج العقل القويم في تربية الإنسان على الفضيلة والصلاح في هذه الحياة الدنيا.
ثُمّ تختم الآية الشريفة مرتكزاتها المعرفية تربويا بحقيقة علمية وتربوية ::
وهي أنّ الإنسان المسلم بمسيس الحاجة المعرفية تربويا وتعليميا إلى منهاج الرسول الأكرم محمد/ص/ وآل بيته الطاهرين وصحبه المُنتَجبين.
((وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين))
ومن هنا نحن إذاأردنا بناء الفرد تربويا علينا أن نتعرف على أصول التربية والتعليم
في الأسلام العزيز.
ومن المعلوم أنّ الأسلام له نظريته الألهية الخاصة بتربية المسلمين فكريا وسلوكيا وله طرقه وأساليبة التعليمية في إيصال المعلومة إلى المتعلِم وقدرة إقناعه في قبولها
طوعا و إراديا.
((دعوة الإسلام إلى التعليم والتعلم :حقيقة قرآنية معرفيّة))
===============================
إنّ مِن اولى كلمات الوحي الألهي المبين التي نطق بها (جبرائيل) /ع/ قاصدابها رسولنا الكريم محمد/ص/ هي كلمة (إقرأ) كلمة إرشادية تربوية تحثُ المتلقي لها على القراءة والتعلم والفهم .
قال تعالى::
(( إقرأ بإسم ربّكَ الذي خلق *خلقَ الإنسان من علق* إقرأوربّك الأكرم *الذي علَّمَ بالقلم*علَّمَ الإنسان مالم يعلم))سورة العلق.
وهذه الأية الشريفة أشارت بوضوح لوسائل التربية والتعليم من القراءة والكتابة (علّمَ بالقلم)
فالقلم مصداق الكتابة
ولأجل تقديس العملية التربوية أكد الرسول محمد /ص/على أهمية التعلم والتعليم في قصة معروفة تأريخيا
عندما دخل/ص/ المسجد وراى حلقتين من الناس إحداهما مشغولة بالعبادة و الأخرى مشغولة بالتعليم والتعلم
فقال/ص / كِلاهما على خير
((ولكن بالتعليم اُرسلتُ ))
ثمّ اقبل نحو الحلقة المشتغلة بالتعليم والتعلم وجلس فيها
/ / /بحار الأنوار/ المجلسي/ ج1/ ص306.
وأيضا قال/ص/ ((طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم))
/ / /تحريرالأجكام/ العلامة الحلي/ج1/ص35/
وقال/ص/ أيضاً(( لاخير في العيش إلاّ لرجلين عالمٌ مُطاع أو مستمع واع))
/ / /تحريرالأجكام/ العلامة الحلي/ج1/ص35/
فإذن للأسلام نظرية راقية في خصوص التربية والتعليم والتي تجعل من الفرد المسلم هدفها الأول والأخير.
وتتلخص العملية التربوية الأسلامية المنهج بالتعليم والتعلم في اعتبارالأسلام التعليم عبارة عن إعطاء المعلومات السليمة إلى المتلقي لها و هو المتعلِّم والذي يكون دوره الأخذ للمعلومات بعد إستيعابها وتعقلها وتحديد موقفه تجاهها رفضا أو قبولا
فالقرآن الكريم بيَّن هذه الآليات التربوية السديدة في تربية الأفراد والجماعات بالصورة الصحيحة منهجيا وعلميا
فقال تعالى ::
(( فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا ألألباب )) /3/سورة الزمر/
فالرسول محمد /ص/ إنما إنطلق إنطلاقته المعرفية والتربوية والتعليمية معتمدا على تعاليم الله الحكيمة والسديدة في تربية أصحابه والمسلمين عموما
وهنا عندما يتلوا الرسول الأكرم هذه الآية الشريفة أعلاه والتي هي نص تربوي بحق وعلمي بإنصاف قطعا , على مسامع الصحابة والمسلمين عموما مُعلِّماً الجميع أسس التعاطي مع عملية التربية والتعليم .وجوديا.
فهذه الأية تمثل النقطة المفصلية في كيانية التعليم والتعلم للأفراد والجماعات
لأنها تعتبر أنّ سبل التعليم والتعلم تبدأ من الأصغاء الواعي والفهم المُعَقلّن وتهتم بخاصية التمييز والفرز المعلوماتي لدى المتلقي للتعليم كفرد أو جماعة .
ولكي يكون المتعلِّم متعلما مميزا عليه أن يُغَربل الكلام الذي يتلقاه ويزنه زنةً علمية سليمة ثمّ يتبع ما يؤمن به .
((يستمعون القول فيتبعون أحسنه))
ويُنقَل عن الرسول الأكرم /ص/ بخصوص هذا المجال التعليمي والذي كان يُمارسه مرارا أنه /ص/ قال::
(( كفى بالمرء جهلاً أن يُحدّث بكل مايسمع))
/ / /الجامع الصغير/ السيوطي/ ج2/ص90/
وهنا يروم الرسول /ص/ أن يُعلّم أصحابه والمسلمين بأن لايكونوا سمّاعين فحسب
بل يجب أن يُفكّروا بما يسمعوا ثم يتحدثون به.
إنّ المتتبع لمنهج الرسول /ص/ رساليا وتربويا في إعداده للنخبة الصالحة من المسلمين على مستوى أصحابه أو عموم المسلمين يجد أنه/ص/ كان يُوظِّف كل مجال يلتقي به مع المسلمين للتربية والتعليم حيث كان /ص/ يُلقي على مسامع أصحابه قوانين أخلاقية وتربوية تنفع لكل وقت ولكل إنسان يسمع بها حتى من غير المسلمين لما لها من قيمة علمية بشرية مقبولة عند الناس كافة
وهناك ثمة حديث مشهور روائيا عنه:ص/ وهوانه جاءه شخص وقال يا رسول الله
عظني: فقال /ص/::
وهل ستفعل ما أقوله لك حقا ؟
فقال الرجل/ نعم يارسول الله: فكرر عليه الرسول جملته فقال :أجل فكرر الرسول كلامه للمرة الثالثة
وماهذا التكرار من رسول الله /ص/ إلاّ لأنه أراد أن يجعله مستعدا بصورة كاملة لتلقي المعلومة عند إلقائها وهنا تكمن القيمة التربوية للأسلوب الناجح عمليا فقال له الرسول محمد /ص/ :::
(( إذاهممت بأمرٍ فتدبر عاقبته))
/ / /بحار الأنوار /المجلسي/ج77/ص130/
وهذه المقولة الشريفة لرسول الله /ص/ تؤسس تربويا وتعليميا في ضرورة الأهتمام بالمستقبل ((فتدبر عاقبته) حكاية عن قراءة نتائج الأمور أياّ كانت هي .
فإذن العملية التربوية في منظومة الرسول /ص/ تمتاز بالحركة الدائمة وترفض ركود الفهم والوعي والتعليم ولاتقبل منه أن يبقى يُراوح في مكانه مليا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/ النجف الأشرف
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة/ 3
وقال رسول الله نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) :
((إنّما بُعُثتُ مُعَلِّما مُبَشِرا رحمةٌ مُهداة)) / 1
1 /التمهيد/ ابن عبد البر/ج5/ص118.
((مدخل إلى البحث))
______________
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين وصحبه المُنتَجبين
للتطابق بين العنوان ومحتوياته المعرفية إسلامياً ننطلق من القرآن الكريم الملاذ المعرفي الأصيل في تأصيلاته وتأسيساته التربوية والتعليمية والفكرية والإجتماعية
حيثُ قال تعالى في محكم كتابه العزيز بخصوص رسول الله محمد/ص/
((هو الذي بعثَ في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويُزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كا نوا من قبل لفي ضلال مبين)) /3/الجمعة/
وهذه الأية الشريفة إختزلت في متنها العميق أبرز وأركن مرتكزات التربية والتعليم قرآنيا وإسلاميا .
بدأً من إلقاء الآيات والبينات على مسامع المتلقين وتربيتهم تربية سليمة زاكية أخلاقيا.
وتعليمهم تعاليم الكتاب (القرآن الكريم)و(السنّةالنبوية الشريفة) وتبيان مناهج العقل القويم في تربية الإنسان على الفضيلة والصلاح في هذه الحياة الدنيا.
ثُمّ تختم الآية الشريفة مرتكزاتها المعرفية تربويا بحقيقة علمية وتربوية ::
وهي أنّ الإنسان المسلم بمسيس الحاجة المعرفية تربويا وتعليميا إلى منهاج الرسول الأكرم محمد/ص/ وآل بيته الطاهرين وصحبه المُنتَجبين.
((وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين))
ومن هنا نحن إذاأردنا بناء الفرد تربويا علينا أن نتعرف على أصول التربية والتعليم
في الأسلام العزيز.
ومن المعلوم أنّ الأسلام له نظريته الألهية الخاصة بتربية المسلمين فكريا وسلوكيا وله طرقه وأساليبة التعليمية في إيصال المعلومة إلى المتعلِم وقدرة إقناعه في قبولها
طوعا و إراديا.
((دعوة الإسلام إلى التعليم والتعلم :حقيقة قرآنية معرفيّة))
===============================
إنّ مِن اولى كلمات الوحي الألهي المبين التي نطق بها (جبرائيل) /ع/ قاصدابها رسولنا الكريم محمد/ص/ هي كلمة (إقرأ) كلمة إرشادية تربوية تحثُ المتلقي لها على القراءة والتعلم والفهم .
قال تعالى::
(( إقرأ بإسم ربّكَ الذي خلق *خلقَ الإنسان من علق* إقرأوربّك الأكرم *الذي علَّمَ بالقلم*علَّمَ الإنسان مالم يعلم))سورة العلق.
وهذه الأية الشريفة أشارت بوضوح لوسائل التربية والتعليم من القراءة والكتابة (علّمَ بالقلم)
فالقلم مصداق الكتابة
ولأجل تقديس العملية التربوية أكد الرسول محمد /ص/على أهمية التعلم والتعليم في قصة معروفة تأريخيا
عندما دخل/ص/ المسجد وراى حلقتين من الناس إحداهما مشغولة بالعبادة و الأخرى مشغولة بالتعليم والتعلم
فقال/ص / كِلاهما على خير
((ولكن بالتعليم اُرسلتُ ))
ثمّ اقبل نحو الحلقة المشتغلة بالتعليم والتعلم وجلس فيها
/ / /بحار الأنوار/ المجلسي/ ج1/ ص306.
وأيضا قال/ص/ ((طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم))
/ / /تحريرالأجكام/ العلامة الحلي/ج1/ص35/
وقال/ص/ أيضاً(( لاخير في العيش إلاّ لرجلين عالمٌ مُطاع أو مستمع واع))
/ / /تحريرالأجكام/ العلامة الحلي/ج1/ص35/
فإذن للأسلام نظرية راقية في خصوص التربية والتعليم والتي تجعل من الفرد المسلم هدفها الأول والأخير.
وتتلخص العملية التربوية الأسلامية المنهج بالتعليم والتعلم في اعتبارالأسلام التعليم عبارة عن إعطاء المعلومات السليمة إلى المتلقي لها و هو المتعلِّم والذي يكون دوره الأخذ للمعلومات بعد إستيعابها وتعقلها وتحديد موقفه تجاهها رفضا أو قبولا
فالقرآن الكريم بيَّن هذه الآليات التربوية السديدة في تربية الأفراد والجماعات بالصورة الصحيحة منهجيا وعلميا
فقال تعالى ::
(( فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا ألألباب )) /3/سورة الزمر/
فالرسول محمد /ص/ إنما إنطلق إنطلاقته المعرفية والتربوية والتعليمية معتمدا على تعاليم الله الحكيمة والسديدة في تربية أصحابه والمسلمين عموما
وهنا عندما يتلوا الرسول الأكرم هذه الآية الشريفة أعلاه والتي هي نص تربوي بحق وعلمي بإنصاف قطعا , على مسامع الصحابة والمسلمين عموما مُعلِّماً الجميع أسس التعاطي مع عملية التربية والتعليم .وجوديا.
فهذه الأية تمثل النقطة المفصلية في كيانية التعليم والتعلم للأفراد والجماعات
لأنها تعتبر أنّ سبل التعليم والتعلم تبدأ من الأصغاء الواعي والفهم المُعَقلّن وتهتم بخاصية التمييز والفرز المعلوماتي لدى المتلقي للتعليم كفرد أو جماعة .
ولكي يكون المتعلِّم متعلما مميزا عليه أن يُغَربل الكلام الذي يتلقاه ويزنه زنةً علمية سليمة ثمّ يتبع ما يؤمن به .
((يستمعون القول فيتبعون أحسنه))
ويُنقَل عن الرسول الأكرم /ص/ بخصوص هذا المجال التعليمي والذي كان يُمارسه مرارا أنه /ص/ قال::
(( كفى بالمرء جهلاً أن يُحدّث بكل مايسمع))
/ / /الجامع الصغير/ السيوطي/ ج2/ص90/
وهنا يروم الرسول /ص/ أن يُعلّم أصحابه والمسلمين بأن لايكونوا سمّاعين فحسب
بل يجب أن يُفكّروا بما يسمعوا ثم يتحدثون به.
إنّ المتتبع لمنهج الرسول /ص/ رساليا وتربويا في إعداده للنخبة الصالحة من المسلمين على مستوى أصحابه أو عموم المسلمين يجد أنه/ص/ كان يُوظِّف كل مجال يلتقي به مع المسلمين للتربية والتعليم حيث كان /ص/ يُلقي على مسامع أصحابه قوانين أخلاقية وتربوية تنفع لكل وقت ولكل إنسان يسمع بها حتى من غير المسلمين لما لها من قيمة علمية بشرية مقبولة عند الناس كافة
وهناك ثمة حديث مشهور روائيا عنه:ص/ وهوانه جاءه شخص وقال يا رسول الله
عظني: فقال /ص/::
وهل ستفعل ما أقوله لك حقا ؟
فقال الرجل/ نعم يارسول الله: فكرر عليه الرسول جملته فقال :أجل فكرر الرسول كلامه للمرة الثالثة
وماهذا التكرار من رسول الله /ص/ إلاّ لأنه أراد أن يجعله مستعدا بصورة كاملة لتلقي المعلومة عند إلقائها وهنا تكمن القيمة التربوية للأسلوب الناجح عمليا فقال له الرسول محمد /ص/ :::
(( إذاهممت بأمرٍ فتدبر عاقبته))
/ / /بحار الأنوار /المجلسي/ج77/ص130/
وهذه المقولة الشريفة لرسول الله /ص/ تؤسس تربويا وتعليميا في ضرورة الأهتمام بالمستقبل ((فتدبر عاقبته) حكاية عن قراءة نتائج الأمور أياّ كانت هي .
فإذن العملية التربوية في منظومة الرسول /ص/ تمتاز بالحركة الدائمة وترفض ركود الفهم والوعي والتعليم ولاتقبل منه أن يبقى يُراوح في مكانه مليا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/ النجف الأشرف