فراس القافي
15-09-2011, 02:41 PM
دعوتُكَ والداعي يجاب إذا دعا
إذا كانَ أهلاً مَنْ يُناجيهِ للدُّعا
فما كان طرفي في سواك مُسهَّداً
ولا كانَ قلبي في سواكَ مُوَلَّعا
أحاطتْ بيَ الآثامُ من كلِّ وجهةٍ
وَليسَ بِوِسعي غيرَ أنْ أتضَرَّعا
وأُوصِدت الأبوابُ والنورُ قد خبا
وَبابُكَ للسُؤَّالِ مازالَ مُشْرعا
أ أقصدُ باباً دونَ بابكَ قارعاً
وَبابُكَ أحرى أنْ يُدَقَّ وَيُقْرعا
وَجَدْتُ بساتينَ الأنامِ جديبةً
وَبُسْتانَكَ النَّضاحَ بالخيْرِ مُمْرعا
سعيْتُ لها سعياً حثيثاً لأنني
رَأيْتُ رياضَ الأرْضِ قفْراً وبلْقعا
وَمن يَسْعَ صوبَ الأمنياتِ مكابداً
يَجِدْ ما تَمَنَّاهُ يسيراً وَطَيِّعا
وَواصلتُ سعيي مثلما قلتَ مُنعماً
وَإنْ ليسَ للإنسانِ إلا الذي سعى
فَيا ربِّ سدِّدْ لي خُطايَ ، وَضُرَّني
إذا رُمْتُ فِعْلَ السُّوْءِ كي عَنْهُ أُرْدَعا
إليكَ من الآلاءِ عِنْدِي سوابِغٌ
وَإنَّ مِنَ الحاجاتِ لي فيكَ أربعا
فاوّلها تثبيتُ قلبي بحبِّ مَنْ
بَعَثْتَ لكي لي يومَ ألْقاكَ يشفعا
إلهي وثانيها اصْطباري على القضا
لكي لا بِنَعْماءِ امْتِحانِكَ أجْزَعا
وثالثها تفريجُ همِّي وكُرْبتي
لكي لا بِدُنْيانا الخَؤونةِ أُخْدَعا
ورابعُها مَنْحي القناعةَ لا الغنى
لكي باليسيرِ النَّزْرِ في العيشِ أقْنَعا
ليغسلَ ذنبي الفقرُ كُلَّ عَشيَّةٍ
شَقيٌ ، شقيٌّ مَنْ بِدُنْياهُ مُتِّعا
فيا جارياً خَلْفَ الحياةِ أما كفى
أما آنَ لِلّذاتِ أنْ تَتَشبَّعا
تُعاتِبُكَ المرآةٌ فاسْمعْ عِتابَها
وَقدْ لاحَ وَخْطُ الشيبِ بَرْقاً مُلُمَّعا
وصاحَ نذيراً بالعواقبِ هاتفاً
أ لَمْ تَرَ رأساً غالَهُ الشيبُ أصْلَعا ؟
مآلك للأُخْرى فأنَّى سَتَرْعوي
وَمَنْ ذا مِنَ الدُّنيا إليْها تَبَضَّعا
سَلِ الأرضَ ما أحْدَثتَ فوقَ تُرابِها
هَوىً قبْلَ أنْ تَغْفو عليها وَتَهْجعا
فَكُلُّ الذي تجنيهِ – أنتَ – وديعةٌ
أ لَسْتَ إلى رَبِّ البريَّةِ مُوْدَعا ؟
كذا منْ يراع ِ الرَّعْيَ خيـرَ رَعيَّةً
رعى اللهُ ما يرْعى وَما لمْ يَكُنْ رعى
وَمَنْ لمْ يُحِطْ بالشوكِ أزهارَ روضهِ
تَرَ الدَّهْرَ مِنْهُ اجْتَثَّ ما كانَ أيْنَعا
فكيفَ عليّ ٌ طالَ في مجْدِهِ الذُّرى
وَكَيْفَ على عَرْشِ الزَّمانِ تَرَبَّعا ؟
وَتهفو نفوس ُ المُؤْمِنين لِذِكْرِهِ
بَطيناً إذا ما سِيْمَ أو سِيْمَ أنْزعا
أيَغفو عليٌّ حينَ يعلمُ أنَّ في الـ
ـمدينةِ أطفالاً يتامى وَجُوَّعا
كذا بِتْ خـميصاً يا فقيراً لربِّهِ
يجوعُ فقيرٌ في البلادِ لِتَشْبعا
لَقَدْ سمتِ الأرواحُ في حُبِّ حَيْدر
سُمُوَّاً ، فما أزكى هواهُ وَأروعا
حوى ما لو انَّ الكونَ قُسِّمَ عِلْمَهُ
لأُلْبِسَ بالإيمانِ ثوباً مُرَصَّعا
فللحلمِ والعلمِ الجزيلِ وللتُقى
وللخيرِ والإحسانِ حَيْدَرَةٌ وِعا
فما أعْبَدَ الكرَّارَ ! ما أعْظمَ اسْمَهُ
عليَّاً وَما أسْخى عليَّاً وَأشجعا
وَفي أيِّ بيْتٍ كانَ مَسْقطُ رأسِهِ
وَفي أيِّ حِجْرٍ طاهِرٍ قدْ تَرَعْرَعا
وَإنْ لمْ يُبايَعْ مِنْ عُتاةٍ مَجاهلٍ
فَإنَّ عليَّاً مِنْ لدى اللهِ بُويِعا
مَناقِبُهُ لسْتُ المُشيدَ بِفَضْلِها
أشادَ بها الرَّحمنُ لكنْ لِمَنْ وعى
عليٌ حبيبُ اللهِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فلا تَحْسَبوا مدْحي عليَّاً تَشَيُّعا
فسبحانك اللهمَّ أحسنَ خالقٍ
وَسُبْحانَكَ اللهُمَّ بَرَّاً وَمُبْدِعا
وَمنْ في يديهِ الكونُ لو شاءَ نيْلَهُ
وَيَلْبسُ ثوْباً بالياً وَمُرَقَّعا
وَكُلُّ شجاعٍ قُرْبَهُ خَرَّ مَيِّتاً
وَكُلُّ بليغٍ قُرْبَهُ قدْ تَتَعْتَعا
وَإنْ تَرَ بطْشَ المُرْتضى جُهلاؤهمْ
تَقولُ سفاهاً: مَنْ عليٌّ لِيَخْشَعا ؟
وَعنهُ سلِ الهيجاءَ سلْ مَرْحباً وَسلْ
بها عَمْرَ ودٍّ مِمَّنْ الشوْسُ قُورِعا ؟
فَهلْ عادَ حيَّاً مَنْ أرادَ صِراعَهُ
هلِ انْتابَهُ خوفَ الوغى حينَ صُورِعا ؟
وَكمْ شامخي أنفٍ مُطيلي ثيابِهمْ
تَبَخْتَرَ أقْواهُمْ وَ قَدْ عادَ أجْدعا
وَيَهْلعُ مَدْحوراً وَ مُفْتضحاً فما
لَهُ غَيْرَ أنْ مِنْ ذي فِقاركَ يهْلعا
فما الجُبْنُ جُبْنٌ منْكَ يا ليثَ هاشِمٍ
وَلا العيبُ في الأبْطالِ أنْ لكَ تَخْضَعا
لقدْ كُنْتَ دِرْعاً للنبيِّ مُحَمَّدٍ
بهِ ضِدَّ أشياعِ الضلالِ تَدَرَّعا
فَكَفُّكَ لولاها ترى بابَ خيْبَرٍ
تقولُ غروراً مَا خُلِقْتُ لإقْلعا
وَتُشْتَمُ لكنْ تستطيبُ لكَ الذُّرى
بلى لمْ يُزِدْكَ الشتْمُ إلا تَرَفُّعا
على غيْهبِ الأكوانِ أشْرقْتَ كوكباً
بِنُوْرٍ مِنَ النُّورِ البصيرِ تشعْشعا
فَمِنْ صُلْبِكَ الزَّاكي أئمَّةُ هَدْيِنا
وَرَيْحانتا المُخْتارِ مِنْكَ تَفَرَّعا
تَكَرَّمْتَ ؟ أمْ كَرَّمْتَ مَكَّةَ مَوْلِداً
مُذِ اتُخِذَتْ جُدْرانُها لَكَ مَخْدَعا
وَلسْتُ أُغالي حيْنَ أُفضي إلى الملا
كَرامةُ بيْتِ اللهِ أنْ فيهِ تُوْضَعا
وَلو كانتِ العذْراءُ حَوْلَ جِدارِهِ
تَمَخَّضُ بالفَلْقِ الجِدارُ أ أشْرعا ؟
لَضاقَ جِدارُ البيتِ عَنْ شَخْصِ مَرْيَمٍ
فَكَيْفَ لِبِنْتِ الأكْرَمِيْنَ تَوَسَّعا ؟
فيا قاصِداً جَدْبَ الصحارى وَ قَفْرَها
وَتَطْلبُ جَنْياً يانِعاً مُتَنَوِّعا
أ تَرْجو مِنَ الرَّمْلِ العقيمِ غضارةً؟
أرِحْهُ وَرُحْ قدْماً لِمَنْ كانَ أنْجعا
وعَنْكَ لكي تُجلى الرَّزايا وَ ينْطفي
لظاها ، وَعَنْكَ المُوْبِقات لِتُدْفعا
تَمَسَّكْ بِحَبْلِ المُرْتضى بَعْدَ أحْمَدٍ
لِكي صَوْبَ عِلِّيِّينَ في الخُلْدِ تُرْفَعا
وَإنْ كُنْتَ تسْتَسْقي فهاتيكَ أبْحُرٌ
وَلاتَتَّخِذْ عِنْدَ اللِّئامِ تَصَنُّعا
فَذُلٌّ على الحٌرِّ الغيورِ وُقُوفُهُ
على بابِ غيْرِ الأسخيا مُتَسَكِّعا
أ لا حَبَّذا مَوْتي بِقُرْبِكَ سَيِّدي
لِكي لَكَ في أرْضِ الغريَّيْنِ أرْجَعا
سَتُفْزَعُ يَوْمَ الحَشْرِ أفْئدةُ الورى
وَأنَّى لِقلْبي أنْ بِحُبِّكَ يفْزَعا ؟
أُحِبُّكَ حُبَّاً لا تعيهِ قَصائدي
وَيَعْدو حُدودَ الوَصْفِ يَعْدو التَّوَقُّعا
وَلي عِنْدَ مَوْلاتي نِياحَةُ ثاكلٍ
أناحتْ حَماماتٍ على الفرْعِ سُجَّعا
وَلي عِنْدَها وَجْدٌ وَعَبْرَةُ شاعِرٍ
وَلَمْ أُفْضِ بالأشعارِ إلا تَوَرُّعا
وَإنْ كانَ تَقْريري شَنيعاً وَفاضِحاً
فإنِّي أرى كَتْمَ الفَضِيْحةِ أشْنَعا
أرى الشَّمْسَ قَدْ أرْخَتْ على الأفْقِ نُوْرَها
فَلَمْ تَخْتَرِ الغَيْماتُ إلا التَقَشُّعا
وَديعةُ خَيْرِ الخَلْقِ في الليلِ أُلْحِدَتْ
وَليْسَ لها قبْرٌ على الأرْضِ تَلَّعا
إذا كانَ ذَنْبُ الطُّهْرِ إرْجاعَ حَقِّها
جَنينٌ وَراءَ البابِ ما الذَّنْبُ أُوْقِعا
لَقَدْ جَحَدوا المُخْتارَ يَوْمَ غَديرِهِ
لإنَّ لَهُمْ في المُلْكِ مَبْغىً وَمَطْمَعا
وَأنَّى لَهُمْ إدْراكُ قَدْرِ وَصِيِّهِ؟
وَلَمَّا يَزَلْ إيْمانُهُمْ مُتَضَعْضِعا
ذَكَرْتُ رِجالاً أبْغَضُوْها فأبْغَضوا
أباها فَهلْ أوْصى الأنامَ لِتُصْفَعا
فَتاقتْ لِقَبْرِ المُصْطَفى وَتَنَهَّدَتْ
عَليهِ فما أرزى اللقاءَ وَأسْرعا
فَثِقْلا رَسُوْلِ اللهِ أهداهُما لِمنْ
وبالحُزْنِ أمْ بالسَّعْدِ مُذْ ماتَ شُيِّعا
فَعِتْرَتُهُ بالسَّمِّ وَالذَّبْحِ قُوْبِلَتْ
وَقُرْآنُهُ يا أُمَّةَ السُّوْءِ ضُيِّعا
وَما كُلُّ مَنْ أبْدى الولاءَ بِقَوْلِهِ
صَدوْقاً وَبَرَّاً للنَّبيِّ كما ادّعى
ضمائرُهُمْ تُخْفي الضَّغائِنَ خِيْفَةً
وَقَدْ لَبِسوا للخَيْرِ وَجْهاً مُقَنَّعا
وَلا سِيَّما وَغْدانِ كادا لِفاطِمٍ
كَأنْ لَمْ يُفادا قَوْلَ طه وَ يَسْمعا
وَمُذْ عَلِما أنَّ الوَصِيَّ مُقَيَّدٌ
وَمُوْصى مِنَ الهادي على الأمْرِ أزْمَعا
وَعاثا خَراباً في رِسالةِ أحْمَدٍ
وَأيُّ صلاحٍ يُرْتَجى مِنْهُما معا ؟
صَحابةُ عَمَّارٍ وَ حِجْرٍ وَ جابِرٍ
وَجُنْدُبَ وَالمُقْدادِ طَبْعٌ تَطَبَّعا
وَما الدِّيْنُ إكْراهاً وَلا نَسَبَاً فَهلْ
لِسلْمانَ أنْ (مِنْ حَوْضِ ساقيهِ) يُمْنَعا
وَكَيْفَ تَرَضِّيْكُمْ وَ تَسْليْمُكُمْ على
مُعاوِيَةٍ والحقُّ قَدْ باتَ أنْصَعا
كِلابٌ بِتاريخِ الظَّلامِ تَسَتَّروا
فَلَمْ يُسْتَبَنْ في الليلِ مَنْ كانَ أبْقعا
كِلابٌ وَحينَ الأُسْدُ غابَ فُحُوْلُها
تَنَمَّرَ مِنْها مَحْفَلٌ وَتَسَبَّعا
مَنَازِلُهُمْ لِلخَمْرِ كانَتْ وَلِلخَنا
وَللفُسْقِ والنُّدْمانِ وَالعَهْرِ مَرْتَعا
أُمَيَّةُ كِيدي لِلنَّبيِّ وَآلِهِ
فَلَنْ تُمْحقي ما سَنَّ فينا وَشَرَّعا
لَقَدْ خُلِقوا نُوراً وَلمْ يُمْحَ نُوْرُهُمْ
وَهَلْ تُخْلَقُ الأقْمارُ إلا لِتَسْطعا ؟
لِكُلِّ مَنارٍ كَمْ مَغيبٍ وَمَطْلَعٍ
وَأنوارُهُمْ تبْقى مدى الدَّهرِ مَطْلَعا
وَكَيْفَ اصْطِباري للزَّكيِّ وَيَوْمِهِ
وَقَدْ سُقِيَتْ أحْشاهُ سَمَّاً مُنَقَّعا
فَإنْ لَمْ أُجَرَّعْ سَمَّهُ يَوْمَ فَقْدِهِ
فَإنَّ فُؤادي سَمُّ ذِكْراهُ جُرِّعا
بَكَيْتُ فَسَلَّيْتُ الفُؤادَ بِأدْمُعي
فَما زادني السَّلْوانُ إلا تُفَجُّعا
مَصارِعُهُمْ تُدْمي العُيونَ بِهَوْلِها
وَلكِنَّني أبْكي لِمنْ كانَ أفْظعا
بَكَيْتُ وَما أبْكي لِغَيْرِ مُصيبةٍ
لها عَرْشُ رَبِّ الكائِناتِ تَزَعْزَعا
وَإنْ أنْسَ لا أنْسَ ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ
وَقَدْ آبَ نَحْوَ الزَّاكياتِ مُوَدِّعا
وَلَمْ أنْسَهُ رَأساً يُشالُ على القنا
وَشِلْواً بِحَدِّ الماضِياتِ مُوَزَّعا
نعى فَقْدَ أصْحابِ الكِساءِ ابْنُ حَذْلَمٍ
وَلَيْسَ (حُسَيْناً ) في المدينةِ قَدْ نعى
أ رَيْحانةَ المُخْتارِ أرْخَصْتُ أدْمُعي
فقدْ خُلِقتْ عيني لكي لكَ تدمعا
فَكَمْ مَشْهَدٍ في الشَّامِ مِنْكُمْ مُرَوِّعٍ
تلا مَشْهداً في الطَّفِّ مِنْكُمْ مُرَوِّعا
وَلَهْفي على أطْفالِكُمْ وَنِسائِكُمْ
وَقَدْ أُرْكِبتْ نيباً هزالاً وَضُلَّعا
وَكَمْ مِنْ نِداءٍ هَلْ مُعيْنٌ وَناصِرٌ
يكادُ فُؤادي مِنْهُ أنْ يَتَصَدَّعا
إذا كُنْتُ لَمْ أسْمَعْ نِداءَكَ مُكْرَهاً
فَقَدْ جاوَبَتْكَ القافياتُ تَطَوُّعا
وَإنْ لَمْ أكُنْ مِنْ طَعْنِهُمْ مُتَوَجِّعاً
فَقَدْ بِتُّ مِنْ طَعْنِ الأسى مُتَوَجِّعا
وَإنْ لَمْ أُعاصِرْكُمْ زَماناً فإنَّ لي
بِجنبِ جميعِ الهاشِميِّينَ مَصْرَعا
لَقَدْ عادَ عادي الآلِ يشهَرُ سَيْفَهُ
وَزُمْرَتُهُ نَحْوَ الأكُفِّ لِتُقْطَعا
وَقَدْ فَرَضوا قَطْعَ الأكُفِّ ضَرِيبةً
فَمَدَّ مُحِبُّوكَ الموالونَ أذْرُعا
أ يبْخَلُ مَنْ والاكَ بالكفِّ مُعْرِضاً
وَغايتُهُ بالرُّوْحِ أنْ يَتَبَرَّعا
وَعابسُ عَبْدٌ طالَ في حُبِّكَ العُلى
لِكي مَعَ خَيْرِ الخَلْقِ في الحَشْرِ يُجْمَعا
وَفي قَلْبِ كُلِّ الرَّافِضِيَّةِ ثَوْرةٌ
مِنَ الحَزْمِ جَلَّتْ أنْ تُذادَ وَتُقْمَعا
فلا بُدَّ دونَ السَّعْدِ أنْ تَرْكَبَ الأسى
وَلا بُدَّ دونَ الشَّهْدِ أنْ تَتَلَسَّعا
يميناً بِمَنْ قِيْدَتْ إلى الشَّامِ للسِّبا
وَقَدْ نَهَبوا مِنْها حِجاباً وَ بُرْقُعا
يميناً بِمَنْ مِنْهُ اسْتُبيحَ رِحالُهُ
وَقَدْ بَتَروا مِنْهُ وَريداً وَ إصْبِعا
لَئنْ دِيْسَ مَوْلانا فَدينُ مُحَمَّدٍ
بِهِ صَوْبَ أعْنانِ السَّماءِ تَطَلَّعا
إليكَ أبا الأحْرارِ نارٌ تَوَقَّدَتْ
لظىً وَ أقَضَّتْ مِنْ كرى النَّفْسِ مَضْجَعا
فَحُبُّكَ في روحي قَدِ انْسابَ وَحْيُهُ
مَعَ اللبنِ الحاني لِكي مِنهُ أرْضَعا
وَكَمْ سَعَيا أُمِّي حثيثاً وَوالدي
لِكي يَغْرُسا بي ذا الولاءَ وَيَزْرَعا
فَوَاليْتُ مَنْ كانوا وَما زالَ وَحْيُهُمْ
لِخيْرِ مُغيْثِ المُسْتَغيثينَ مَنْبَعا
فَهَلْ دونَ حُبِّ المُرْتضى يُرْحَمُ الملا
وهلْ لِفُروضٍ أنْ تَضُرَّ وَتَنْفَعا
فَيا آلَ بيْتِ اللهِ قَدْ باتَ خافقي
لمصرعكمْ مُسْتَوحشاً ومُلَوَّعا
فَأنْتُمْ سبيلي للنَّجاةِ وَمُنْتهى
رَجائي ، وَمَنْ رامَ الجِّناَنَ تَذرَّعا
وَإنْ أُتْرِعَ القَلْبُ الوَفيُّ بِحُبِّكُمْ
فَقَدْ كانَ بالأجْرِ المُوَفَّرِ مُتْرعا
تَتَبَّعَ جَنَّاتِ الخُلودِ مُحِبُّكمْ
وَمُبْغِضُكُمْ نارَ الجحيمِ تَتَبَّعا
ومنْ شيَمِ الآلامِ أنْ تُشْتَفى بِكُمْ
وعندكمُ الآمالُ أنْ لا تُضَيَّعا
فما هَبَّتِ النَّسْماتُ صَلَّتْ عليكمُ
ملائكُ ربي ساجِداتٍ ورُكَّعا
فراس القافي
ربيع الأوّل 1424
إذا كانَ أهلاً مَنْ يُناجيهِ للدُّعا
فما كان طرفي في سواك مُسهَّداً
ولا كانَ قلبي في سواكَ مُوَلَّعا
أحاطتْ بيَ الآثامُ من كلِّ وجهةٍ
وَليسَ بِوِسعي غيرَ أنْ أتضَرَّعا
وأُوصِدت الأبوابُ والنورُ قد خبا
وَبابُكَ للسُؤَّالِ مازالَ مُشْرعا
أ أقصدُ باباً دونَ بابكَ قارعاً
وَبابُكَ أحرى أنْ يُدَقَّ وَيُقْرعا
وَجَدْتُ بساتينَ الأنامِ جديبةً
وَبُسْتانَكَ النَّضاحَ بالخيْرِ مُمْرعا
سعيْتُ لها سعياً حثيثاً لأنني
رَأيْتُ رياضَ الأرْضِ قفْراً وبلْقعا
وَمن يَسْعَ صوبَ الأمنياتِ مكابداً
يَجِدْ ما تَمَنَّاهُ يسيراً وَطَيِّعا
وَواصلتُ سعيي مثلما قلتَ مُنعماً
وَإنْ ليسَ للإنسانِ إلا الذي سعى
فَيا ربِّ سدِّدْ لي خُطايَ ، وَضُرَّني
إذا رُمْتُ فِعْلَ السُّوْءِ كي عَنْهُ أُرْدَعا
إليكَ من الآلاءِ عِنْدِي سوابِغٌ
وَإنَّ مِنَ الحاجاتِ لي فيكَ أربعا
فاوّلها تثبيتُ قلبي بحبِّ مَنْ
بَعَثْتَ لكي لي يومَ ألْقاكَ يشفعا
إلهي وثانيها اصْطباري على القضا
لكي لا بِنَعْماءِ امْتِحانِكَ أجْزَعا
وثالثها تفريجُ همِّي وكُرْبتي
لكي لا بِدُنْيانا الخَؤونةِ أُخْدَعا
ورابعُها مَنْحي القناعةَ لا الغنى
لكي باليسيرِ النَّزْرِ في العيشِ أقْنَعا
ليغسلَ ذنبي الفقرُ كُلَّ عَشيَّةٍ
شَقيٌ ، شقيٌّ مَنْ بِدُنْياهُ مُتِّعا
فيا جارياً خَلْفَ الحياةِ أما كفى
أما آنَ لِلّذاتِ أنْ تَتَشبَّعا
تُعاتِبُكَ المرآةٌ فاسْمعْ عِتابَها
وَقدْ لاحَ وَخْطُ الشيبِ بَرْقاً مُلُمَّعا
وصاحَ نذيراً بالعواقبِ هاتفاً
أ لَمْ تَرَ رأساً غالَهُ الشيبُ أصْلَعا ؟
مآلك للأُخْرى فأنَّى سَتَرْعوي
وَمَنْ ذا مِنَ الدُّنيا إليْها تَبَضَّعا
سَلِ الأرضَ ما أحْدَثتَ فوقَ تُرابِها
هَوىً قبْلَ أنْ تَغْفو عليها وَتَهْجعا
فَكُلُّ الذي تجنيهِ – أنتَ – وديعةٌ
أ لَسْتَ إلى رَبِّ البريَّةِ مُوْدَعا ؟
كذا منْ يراع ِ الرَّعْيَ خيـرَ رَعيَّةً
رعى اللهُ ما يرْعى وَما لمْ يَكُنْ رعى
وَمَنْ لمْ يُحِطْ بالشوكِ أزهارَ روضهِ
تَرَ الدَّهْرَ مِنْهُ اجْتَثَّ ما كانَ أيْنَعا
فكيفَ عليّ ٌ طالَ في مجْدِهِ الذُّرى
وَكَيْفَ على عَرْشِ الزَّمانِ تَرَبَّعا ؟
وَتهفو نفوس ُ المُؤْمِنين لِذِكْرِهِ
بَطيناً إذا ما سِيْمَ أو سِيْمَ أنْزعا
أيَغفو عليٌّ حينَ يعلمُ أنَّ في الـ
ـمدينةِ أطفالاً يتامى وَجُوَّعا
كذا بِتْ خـميصاً يا فقيراً لربِّهِ
يجوعُ فقيرٌ في البلادِ لِتَشْبعا
لَقَدْ سمتِ الأرواحُ في حُبِّ حَيْدر
سُمُوَّاً ، فما أزكى هواهُ وَأروعا
حوى ما لو انَّ الكونَ قُسِّمَ عِلْمَهُ
لأُلْبِسَ بالإيمانِ ثوباً مُرَصَّعا
فللحلمِ والعلمِ الجزيلِ وللتُقى
وللخيرِ والإحسانِ حَيْدَرَةٌ وِعا
فما أعْبَدَ الكرَّارَ ! ما أعْظمَ اسْمَهُ
عليَّاً وَما أسْخى عليَّاً وَأشجعا
وَفي أيِّ بيْتٍ كانَ مَسْقطُ رأسِهِ
وَفي أيِّ حِجْرٍ طاهِرٍ قدْ تَرَعْرَعا
وَإنْ لمْ يُبايَعْ مِنْ عُتاةٍ مَجاهلٍ
فَإنَّ عليَّاً مِنْ لدى اللهِ بُويِعا
مَناقِبُهُ لسْتُ المُشيدَ بِفَضْلِها
أشادَ بها الرَّحمنُ لكنْ لِمَنْ وعى
عليٌ حبيبُ اللهِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فلا تَحْسَبوا مدْحي عليَّاً تَشَيُّعا
فسبحانك اللهمَّ أحسنَ خالقٍ
وَسُبْحانَكَ اللهُمَّ بَرَّاً وَمُبْدِعا
وَمنْ في يديهِ الكونُ لو شاءَ نيْلَهُ
وَيَلْبسُ ثوْباً بالياً وَمُرَقَّعا
وَكُلُّ شجاعٍ قُرْبَهُ خَرَّ مَيِّتاً
وَكُلُّ بليغٍ قُرْبَهُ قدْ تَتَعْتَعا
وَإنْ تَرَ بطْشَ المُرْتضى جُهلاؤهمْ
تَقولُ سفاهاً: مَنْ عليٌّ لِيَخْشَعا ؟
وَعنهُ سلِ الهيجاءَ سلْ مَرْحباً وَسلْ
بها عَمْرَ ودٍّ مِمَّنْ الشوْسُ قُورِعا ؟
فَهلْ عادَ حيَّاً مَنْ أرادَ صِراعَهُ
هلِ انْتابَهُ خوفَ الوغى حينَ صُورِعا ؟
وَكمْ شامخي أنفٍ مُطيلي ثيابِهمْ
تَبَخْتَرَ أقْواهُمْ وَ قَدْ عادَ أجْدعا
وَيَهْلعُ مَدْحوراً وَ مُفْتضحاً فما
لَهُ غَيْرَ أنْ مِنْ ذي فِقاركَ يهْلعا
فما الجُبْنُ جُبْنٌ منْكَ يا ليثَ هاشِمٍ
وَلا العيبُ في الأبْطالِ أنْ لكَ تَخْضَعا
لقدْ كُنْتَ دِرْعاً للنبيِّ مُحَمَّدٍ
بهِ ضِدَّ أشياعِ الضلالِ تَدَرَّعا
فَكَفُّكَ لولاها ترى بابَ خيْبَرٍ
تقولُ غروراً مَا خُلِقْتُ لإقْلعا
وَتُشْتَمُ لكنْ تستطيبُ لكَ الذُّرى
بلى لمْ يُزِدْكَ الشتْمُ إلا تَرَفُّعا
على غيْهبِ الأكوانِ أشْرقْتَ كوكباً
بِنُوْرٍ مِنَ النُّورِ البصيرِ تشعْشعا
فَمِنْ صُلْبِكَ الزَّاكي أئمَّةُ هَدْيِنا
وَرَيْحانتا المُخْتارِ مِنْكَ تَفَرَّعا
تَكَرَّمْتَ ؟ أمْ كَرَّمْتَ مَكَّةَ مَوْلِداً
مُذِ اتُخِذَتْ جُدْرانُها لَكَ مَخْدَعا
وَلسْتُ أُغالي حيْنَ أُفضي إلى الملا
كَرامةُ بيْتِ اللهِ أنْ فيهِ تُوْضَعا
وَلو كانتِ العذْراءُ حَوْلَ جِدارِهِ
تَمَخَّضُ بالفَلْقِ الجِدارُ أ أشْرعا ؟
لَضاقَ جِدارُ البيتِ عَنْ شَخْصِ مَرْيَمٍ
فَكَيْفَ لِبِنْتِ الأكْرَمِيْنَ تَوَسَّعا ؟
فيا قاصِداً جَدْبَ الصحارى وَ قَفْرَها
وَتَطْلبُ جَنْياً يانِعاً مُتَنَوِّعا
أ تَرْجو مِنَ الرَّمْلِ العقيمِ غضارةً؟
أرِحْهُ وَرُحْ قدْماً لِمَنْ كانَ أنْجعا
وعَنْكَ لكي تُجلى الرَّزايا وَ ينْطفي
لظاها ، وَعَنْكَ المُوْبِقات لِتُدْفعا
تَمَسَّكْ بِحَبْلِ المُرْتضى بَعْدَ أحْمَدٍ
لِكي صَوْبَ عِلِّيِّينَ في الخُلْدِ تُرْفَعا
وَإنْ كُنْتَ تسْتَسْقي فهاتيكَ أبْحُرٌ
وَلاتَتَّخِذْ عِنْدَ اللِّئامِ تَصَنُّعا
فَذُلٌّ على الحٌرِّ الغيورِ وُقُوفُهُ
على بابِ غيْرِ الأسخيا مُتَسَكِّعا
أ لا حَبَّذا مَوْتي بِقُرْبِكَ سَيِّدي
لِكي لَكَ في أرْضِ الغريَّيْنِ أرْجَعا
سَتُفْزَعُ يَوْمَ الحَشْرِ أفْئدةُ الورى
وَأنَّى لِقلْبي أنْ بِحُبِّكَ يفْزَعا ؟
أُحِبُّكَ حُبَّاً لا تعيهِ قَصائدي
وَيَعْدو حُدودَ الوَصْفِ يَعْدو التَّوَقُّعا
وَلي عِنْدَ مَوْلاتي نِياحَةُ ثاكلٍ
أناحتْ حَماماتٍ على الفرْعِ سُجَّعا
وَلي عِنْدَها وَجْدٌ وَعَبْرَةُ شاعِرٍ
وَلَمْ أُفْضِ بالأشعارِ إلا تَوَرُّعا
وَإنْ كانَ تَقْريري شَنيعاً وَفاضِحاً
فإنِّي أرى كَتْمَ الفَضِيْحةِ أشْنَعا
أرى الشَّمْسَ قَدْ أرْخَتْ على الأفْقِ نُوْرَها
فَلَمْ تَخْتَرِ الغَيْماتُ إلا التَقَشُّعا
وَديعةُ خَيْرِ الخَلْقِ في الليلِ أُلْحِدَتْ
وَليْسَ لها قبْرٌ على الأرْضِ تَلَّعا
إذا كانَ ذَنْبُ الطُّهْرِ إرْجاعَ حَقِّها
جَنينٌ وَراءَ البابِ ما الذَّنْبُ أُوْقِعا
لَقَدْ جَحَدوا المُخْتارَ يَوْمَ غَديرِهِ
لإنَّ لَهُمْ في المُلْكِ مَبْغىً وَمَطْمَعا
وَأنَّى لَهُمْ إدْراكُ قَدْرِ وَصِيِّهِ؟
وَلَمَّا يَزَلْ إيْمانُهُمْ مُتَضَعْضِعا
ذَكَرْتُ رِجالاً أبْغَضُوْها فأبْغَضوا
أباها فَهلْ أوْصى الأنامَ لِتُصْفَعا
فَتاقتْ لِقَبْرِ المُصْطَفى وَتَنَهَّدَتْ
عَليهِ فما أرزى اللقاءَ وَأسْرعا
فَثِقْلا رَسُوْلِ اللهِ أهداهُما لِمنْ
وبالحُزْنِ أمْ بالسَّعْدِ مُذْ ماتَ شُيِّعا
فَعِتْرَتُهُ بالسَّمِّ وَالذَّبْحِ قُوْبِلَتْ
وَقُرْآنُهُ يا أُمَّةَ السُّوْءِ ضُيِّعا
وَما كُلُّ مَنْ أبْدى الولاءَ بِقَوْلِهِ
صَدوْقاً وَبَرَّاً للنَّبيِّ كما ادّعى
ضمائرُهُمْ تُخْفي الضَّغائِنَ خِيْفَةً
وَقَدْ لَبِسوا للخَيْرِ وَجْهاً مُقَنَّعا
وَلا سِيَّما وَغْدانِ كادا لِفاطِمٍ
كَأنْ لَمْ يُفادا قَوْلَ طه وَ يَسْمعا
وَمُذْ عَلِما أنَّ الوَصِيَّ مُقَيَّدٌ
وَمُوْصى مِنَ الهادي على الأمْرِ أزْمَعا
وَعاثا خَراباً في رِسالةِ أحْمَدٍ
وَأيُّ صلاحٍ يُرْتَجى مِنْهُما معا ؟
صَحابةُ عَمَّارٍ وَ حِجْرٍ وَ جابِرٍ
وَجُنْدُبَ وَالمُقْدادِ طَبْعٌ تَطَبَّعا
وَما الدِّيْنُ إكْراهاً وَلا نَسَبَاً فَهلْ
لِسلْمانَ أنْ (مِنْ حَوْضِ ساقيهِ) يُمْنَعا
وَكَيْفَ تَرَضِّيْكُمْ وَ تَسْليْمُكُمْ على
مُعاوِيَةٍ والحقُّ قَدْ باتَ أنْصَعا
كِلابٌ بِتاريخِ الظَّلامِ تَسَتَّروا
فَلَمْ يُسْتَبَنْ في الليلِ مَنْ كانَ أبْقعا
كِلابٌ وَحينَ الأُسْدُ غابَ فُحُوْلُها
تَنَمَّرَ مِنْها مَحْفَلٌ وَتَسَبَّعا
مَنَازِلُهُمْ لِلخَمْرِ كانَتْ وَلِلخَنا
وَللفُسْقِ والنُّدْمانِ وَالعَهْرِ مَرْتَعا
أُمَيَّةُ كِيدي لِلنَّبيِّ وَآلِهِ
فَلَنْ تُمْحقي ما سَنَّ فينا وَشَرَّعا
لَقَدْ خُلِقوا نُوراً وَلمْ يُمْحَ نُوْرُهُمْ
وَهَلْ تُخْلَقُ الأقْمارُ إلا لِتَسْطعا ؟
لِكُلِّ مَنارٍ كَمْ مَغيبٍ وَمَطْلَعٍ
وَأنوارُهُمْ تبْقى مدى الدَّهرِ مَطْلَعا
وَكَيْفَ اصْطِباري للزَّكيِّ وَيَوْمِهِ
وَقَدْ سُقِيَتْ أحْشاهُ سَمَّاً مُنَقَّعا
فَإنْ لَمْ أُجَرَّعْ سَمَّهُ يَوْمَ فَقْدِهِ
فَإنَّ فُؤادي سَمُّ ذِكْراهُ جُرِّعا
بَكَيْتُ فَسَلَّيْتُ الفُؤادَ بِأدْمُعي
فَما زادني السَّلْوانُ إلا تُفَجُّعا
مَصارِعُهُمْ تُدْمي العُيونَ بِهَوْلِها
وَلكِنَّني أبْكي لِمنْ كانَ أفْظعا
بَكَيْتُ وَما أبْكي لِغَيْرِ مُصيبةٍ
لها عَرْشُ رَبِّ الكائِناتِ تَزَعْزَعا
وَإنْ أنْسَ لا أنْسَ ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ
وَقَدْ آبَ نَحْوَ الزَّاكياتِ مُوَدِّعا
وَلَمْ أنْسَهُ رَأساً يُشالُ على القنا
وَشِلْواً بِحَدِّ الماضِياتِ مُوَزَّعا
نعى فَقْدَ أصْحابِ الكِساءِ ابْنُ حَذْلَمٍ
وَلَيْسَ (حُسَيْناً ) في المدينةِ قَدْ نعى
أ رَيْحانةَ المُخْتارِ أرْخَصْتُ أدْمُعي
فقدْ خُلِقتْ عيني لكي لكَ تدمعا
فَكَمْ مَشْهَدٍ في الشَّامِ مِنْكُمْ مُرَوِّعٍ
تلا مَشْهداً في الطَّفِّ مِنْكُمْ مُرَوِّعا
وَلَهْفي على أطْفالِكُمْ وَنِسائِكُمْ
وَقَدْ أُرْكِبتْ نيباً هزالاً وَضُلَّعا
وَكَمْ مِنْ نِداءٍ هَلْ مُعيْنٌ وَناصِرٌ
يكادُ فُؤادي مِنْهُ أنْ يَتَصَدَّعا
إذا كُنْتُ لَمْ أسْمَعْ نِداءَكَ مُكْرَهاً
فَقَدْ جاوَبَتْكَ القافياتُ تَطَوُّعا
وَإنْ لَمْ أكُنْ مِنْ طَعْنِهُمْ مُتَوَجِّعاً
فَقَدْ بِتُّ مِنْ طَعْنِ الأسى مُتَوَجِّعا
وَإنْ لَمْ أُعاصِرْكُمْ زَماناً فإنَّ لي
بِجنبِ جميعِ الهاشِميِّينَ مَصْرَعا
لَقَدْ عادَ عادي الآلِ يشهَرُ سَيْفَهُ
وَزُمْرَتُهُ نَحْوَ الأكُفِّ لِتُقْطَعا
وَقَدْ فَرَضوا قَطْعَ الأكُفِّ ضَرِيبةً
فَمَدَّ مُحِبُّوكَ الموالونَ أذْرُعا
أ يبْخَلُ مَنْ والاكَ بالكفِّ مُعْرِضاً
وَغايتُهُ بالرُّوْحِ أنْ يَتَبَرَّعا
وَعابسُ عَبْدٌ طالَ في حُبِّكَ العُلى
لِكي مَعَ خَيْرِ الخَلْقِ في الحَشْرِ يُجْمَعا
وَفي قَلْبِ كُلِّ الرَّافِضِيَّةِ ثَوْرةٌ
مِنَ الحَزْمِ جَلَّتْ أنْ تُذادَ وَتُقْمَعا
فلا بُدَّ دونَ السَّعْدِ أنْ تَرْكَبَ الأسى
وَلا بُدَّ دونَ الشَّهْدِ أنْ تَتَلَسَّعا
يميناً بِمَنْ قِيْدَتْ إلى الشَّامِ للسِّبا
وَقَدْ نَهَبوا مِنْها حِجاباً وَ بُرْقُعا
يميناً بِمَنْ مِنْهُ اسْتُبيحَ رِحالُهُ
وَقَدْ بَتَروا مِنْهُ وَريداً وَ إصْبِعا
لَئنْ دِيْسَ مَوْلانا فَدينُ مُحَمَّدٍ
بِهِ صَوْبَ أعْنانِ السَّماءِ تَطَلَّعا
إليكَ أبا الأحْرارِ نارٌ تَوَقَّدَتْ
لظىً وَ أقَضَّتْ مِنْ كرى النَّفْسِ مَضْجَعا
فَحُبُّكَ في روحي قَدِ انْسابَ وَحْيُهُ
مَعَ اللبنِ الحاني لِكي مِنهُ أرْضَعا
وَكَمْ سَعَيا أُمِّي حثيثاً وَوالدي
لِكي يَغْرُسا بي ذا الولاءَ وَيَزْرَعا
فَوَاليْتُ مَنْ كانوا وَما زالَ وَحْيُهُمْ
لِخيْرِ مُغيْثِ المُسْتَغيثينَ مَنْبَعا
فَهَلْ دونَ حُبِّ المُرْتضى يُرْحَمُ الملا
وهلْ لِفُروضٍ أنْ تَضُرَّ وَتَنْفَعا
فَيا آلَ بيْتِ اللهِ قَدْ باتَ خافقي
لمصرعكمْ مُسْتَوحشاً ومُلَوَّعا
فَأنْتُمْ سبيلي للنَّجاةِ وَمُنْتهى
رَجائي ، وَمَنْ رامَ الجِّناَنَ تَذرَّعا
وَإنْ أُتْرِعَ القَلْبُ الوَفيُّ بِحُبِّكُمْ
فَقَدْ كانَ بالأجْرِ المُوَفَّرِ مُتْرعا
تَتَبَّعَ جَنَّاتِ الخُلودِ مُحِبُّكمْ
وَمُبْغِضُكُمْ نارَ الجحيمِ تَتَبَّعا
ومنْ شيَمِ الآلامِ أنْ تُشْتَفى بِكُمْ
وعندكمُ الآمالُ أنْ لا تُضَيَّعا
فما هَبَّتِ النَّسْماتُ صَلَّتْ عليكمُ
ملائكُ ربي ساجِداتٍ ورُكَّعا
فراس القافي
ربيع الأوّل 1424