عبد محمد
18-09-2011, 09:27 PM
الكاتب والاكاديمي السعودي الوابلي يستنكر الاتهامات الطائفية والتخوينية على السعوديين الشيعة بسبب رجوعهم في المسائل الدينية لعلماء خارج حدودهم
شبكة إشارة الإخبارية - « الرياض » - 16 / 9 / 2011م - 9:55 ص
http://www.esharh.net/media/lib/pics/1316153342.jpg
الدكتور عبدالرحمن الوابلي
إستنكر الكاتب والاكاديمي السعودي الدكتور عبدالرحمن الوابلي الاتهامات الطائفية والتخوينية التي توجه للمواطنين الشيعة في السعودية بعدم ولائهم لوطنهم وذلك من خلال رجوعهم للمسائل الدينية إلى علماء خارج الحدود،وتسائل الوبلي بأنه هل سمح لهم بوجود مرجعية لهم من داخل الحدود؟ وإذا لم يسمح لهم حتى بتدريس أبنائهم وبناتهم أساسيات مذهبهم الفقهي في مدارسهم العامة! فهل سمح لهم بإنشاء كلية واحدة دينية ، تدرس مذهبهم، لتخرج لهم مرجعيات وطنية تهتم بإدارة شئونهم الدينية داخل الحدود ؟ وهل طلب منهم تكوين لجنة إفتاء شرعية رسمية وطنية لهم، تكون حاضرة يرجعون لها متى ما أستشكل عليهم أمر ديني في شئون مذهبهم؟، وكان ذلك جزء من مقال بعنوان "لحساب من، توزع ولاءات مواطنينا للخارج!! ؟؟ " نشره الكاتب في صفحته على الفيس بوك وتم منع نشره في أحد الصحف الرسمية السعودية.
وفيما يلي نض المقال:
لحساب من، توزع ولاءات مواطنينا للخارج!!؟؟
جميع دول العالم تحرص على حشد ولاءات مواطنيها لها، وتحرص على دعمه وتثبيته ورعايته وتقويته، لا بل وتبذل المليارات من العملات الصعبة منها والرخوة، لجلب ولاءات لها من خارج حدودها. إلا بعض منا وللأسف الشديد، الذين أصبح همهم الوحيد، وبكل كرم وسخاء غبي منقطع النظير، هو التوزيع المجاني لولاءات فئات من مواطنينا لخارج حدودنا، وكأنهم يتعاملون مع وطننا على أنه كعكة يريدون الاحتفاظ بها لأنفسهم وربعهم المقربون. إن عقلية " الغنيمة " الجاهلية ما زالت تعشش في عقولهم وتتحكم بنفسياتهم الغابرة؛ فاعتبار الوطن غنيمة، وهم وحدهم الغانمون له، وعليه وجوب استيلائهم على خيراته، وليس سواهم؛ فهذا امتداد لمشروعية السلب والنهب.
ضمَّني قبل أسبوعين مجلس في بيت أحد المعارف، وجاء ضمن أحاديثنا الحديث عن صرح من صروحنا الوطنية الطبية العملاقة، والجميع أشاد بهذا الصرح الوطني، والإنساني الشامخ. فأنبرى شاب في المجلس، أتضح بأنه يعمل في هذا الصرح الطبي، وقال : ولكن للأسف الشديد بأن سبعين في المائة من الممرضات والممرضين السعوديين في هذا الصرح، هم من الشيعة. أي لم يقل بأنه للأسف الشديد، مثلاً بأن سبعين أو حتى خمسين أو ثلاثين بالمائة من العاملين في هذا الصرح، هم من الأجانب، غير السعوديين. فصدمت صدمة قوية من تعليق هذا الشاب.
فسألته: وما مؤاخذتك على الشيعة الذين يعملون معك في هذا الصرح الطبي الوطني، أليسوا هم من مواطني المملكة، ويعملون في صرح وطني؟ فأجابني بكل ثقة غبية : بلى؛ ولكن ولاء الشيعة، ليس للوطن. فسألته : إذا لم يكن ولاءهم للوطن، فلمن يكون إذاً؟ فأجابني بكل تأكيد أحمق : بأن ولاءهم لإيران. فسألته وكيف توصلت إلى هذه الحقيقة، هل شققت عن قلوبهم، وتأكدت بأن ولائهم هو لإيران وليس لوطنهم؟ فأجاب كالعارف والمتمكن من ظواهر الأمور وبواطنها: بأنهم يؤمنون بولاية الفقيه؛ أي بأن ولائهم لخامنئي، أي لإيران!! وقبل أن أدخل في تفكيك هذه الأطروحة الحمقى واللا وطنية، أريد بأن أورد قصة، علها توضح أهمية جمع الولاءات الوطنية لا إهدارها.
قبل عدة سنوات، أوردت وكالات الأنباء هذا الخبر، وهو بان سيدة فلسطينية كانت قادمة للولايات المتحدة الأمريكية، على متن أحد طائرات خطوط خليجية، فولدت في الطائرة، والطائرة تحلق فوق سماء كندا، وهبطت الطائرة في مطار كينيدي في نيويورك، وتم نقل السيدة ووليدها لمستشفى وتم إجراء اللازم لهما طبياً. وطبعاً تم منح الطفل الجنسية الأمريكية بسبب ولادته على أرض أمريكية. وزارة الخارجية الكندية، التي أطلعت على الخبر، احتجت على الولايات المتحدة في منحها جنسيتها للمولود الجديد؛ كونه ولد في سماء كندية، وليس على أرض أمريكية؛ وعليه فهو يستحق الجنسية الكندية. بعد جدال، بين العقلاء والوطنيين الأمريكان والكنديين، تم الاتفاق على منح الطفل الجنسيتين الكندية والأمريكية. وهذا دليل واضح على أن الوطنية عندهم خط أحمر مقدس لا يمكن تجاوزه أو التلاعب والتهاون به؛ ومازال بيننا من يعتبر الوطنية " غنيمة " له وحده، وغيره فليذهب للجحيم خارج حدود الوطن؛ ولو كان جده يعرب ابن قحطان أو حتى محمد ابن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.
وعودة لأطروحة الشاب، والتي لم تأتي من فراغ وإنما يشاركه فيها الكثيرون، وهي بأن ولاء مواطنينا الشيعة لإيران، بسبب ولاية الفقيه. وهذه لعمري لكذبة وافتراء، ليس فقط على مواطنينا الشيعة وإنما كذلك على الوطن ومواطنينا بشكل عام. وذلك لكون ولاية الفقيه لا تخص شيعة الخليج؛ وإنما هم لهم مرجعيتهم الدينية التي يرجعون لها عندما تشكل عليهم مسألة دينية تتعلق بمذهبهم الجعفري، وهي موجودة في النجف الأشرف في العراق. كما أن مبدأ ولاية الفقيه، هو جزء دستوري، يخص الإيرانيون فقط، حيث هو مبدأ إدارة دينية وسياسية للبلد، لا دخل لشيعة البلدان الأخرى فيه.
وإذا اعتبرنا بأن وجود مرجعيات مواطنينا الشيعة الدينية، خارج الحدود؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه علينا، وهل سمحنا لهم بوجود مرجعية لهم من داخل الحدود؟ إذا كنا لم نسمح لهم حتى بتدريس أبنائهم وبناتهم أساسيات مذهبهم الفقهي في مدارسهم العامة؟ وهل سمحنا لهم بإنشاء كلية واحدة دينية لهم، تدرس مذهبهم، لتخرج لهم مرجعيات وطنية تهتم بإدارة شئونهم الدينية داخل حدودنا؟ وهل طلبنا منهم تكوين لجنة إفتاء شرعية رسمية وطنية لهم، تكون حاضرة يرجعون لها متى ما أستشكل عليهم أمر ديني في شئون مذهبهم؟ أي لا نريد بأن نفتيهم من داخل الحدود، ولا نريد بأن يفتيهم أحد من خارجها؛ هذه لعمري لمعادلة صعبة، عصية على الفهم، ناهيك عن أن يتقبلها وطني غيور، لفئة عزيزة من وطننا.
ومبدأ " من كانت مرجعيته الدينية من خارج حدود وطنه" فهو مشكك في وطنيته؛ لهو مبدأ جد خطير وكارثي سوف يقع كالطامة على جميع المسلمين الذين يعيشون في دول غير أسلامية. حيث سيشكك في ولائهم لأوطانهم وعليه حرمانهم حتى من مهنة التمريض في بلدانهم، ناهيك عن تولي المناصب الحساسة التي يستحقونها؛ ثم سنبدأ بالنياح والعويل، بأن هنالك عنصرية ضد المسلمين يجب الوقوف معهم وتخليصهم منهها. كما هي كارثة ستقع كذلك على بلداننا العربية والإسلامية، عندما يشكك في وطنية، غير المسلمين من مواطنيها؛ بحجة كون مرجعياتهم الدينية تأتي من خارج بلدانهم؛ وقد تؤدي بهذه البلدان لتدخلات خارجية وحروب أهلية طائفية.
ونحن في المملكة العربية السعودية، أكثر من يعاني من تهمة تغذية التشدد الديني في العالمين العربي والإسلامي، بسبب أن خلفية بعض التنظيمات الدينية المتشددة هي خلفية سلفية؛ مع كون المملكة تعاني من مثل هذا الطرح السلفي المتشدد أكثر من غيرها؛ وتعمل جاهدة لتعزيز الفكر السلفي المعتدل. كما أن هنالك سلفيون معتدلون في جميع أنحاء العالم، يعتبرون علماء المملكة مرجعيتهم الدينية؛ فإذا تم استخدام المبدأ نفسه ضدهم، فسيتم التشكيك بوطنية كل سلفي معتدل بالعالم. إذاً لصالح من يتم التوزيع المجاني لوطنية مواطنينا لخارج حدودنا؟!
الأجساد تنخرها الفايروسات وتنهكها ثم تفتتها، والأوطان كذلك تنخرها فيروسات الأفكار اللا وطنية وتنهكها وتفتتها؛ إذاً فنحن بحاجة إلا مضادات حيوية وأمصال مناعية من مثل هذه الفايروسات الفكرية، التي ما زالت تنخر في جسد لحمتنا الوطنية، وتسعى لتفتيته؛ والتي يجب بأن تتمثل بقوانين وأنظمة مانعة ورادعة لكل من يتجرأ على نشر فايروسات التفتيت والتخريب الوطني. وقبل كل هذا وذاك، إعطاء كل مواطن أو فئة من مواطنينا حقهم، بالتساوي بلا زيادة أو نقصان. وبأن لا تراعى مشاعر فئة على حساب مشاعر فئة أو فئات وطنية أخرى، مهما على صوت هذه الفئة. فالوطن للجميع والعدل أساس الملك، والحق أحق بأن يتبع؛ وسلامة الوطن يجب بأن تسمو فوق مشاعر الجميع.
شبكة إشارة الإخبارية - « الرياض » - 16 / 9 / 2011م - 9:55 ص
http://www.esharh.net/media/lib/pics/1316153342.jpg
الدكتور عبدالرحمن الوابلي
إستنكر الكاتب والاكاديمي السعودي الدكتور عبدالرحمن الوابلي الاتهامات الطائفية والتخوينية التي توجه للمواطنين الشيعة في السعودية بعدم ولائهم لوطنهم وذلك من خلال رجوعهم للمسائل الدينية إلى علماء خارج الحدود،وتسائل الوبلي بأنه هل سمح لهم بوجود مرجعية لهم من داخل الحدود؟ وإذا لم يسمح لهم حتى بتدريس أبنائهم وبناتهم أساسيات مذهبهم الفقهي في مدارسهم العامة! فهل سمح لهم بإنشاء كلية واحدة دينية ، تدرس مذهبهم، لتخرج لهم مرجعيات وطنية تهتم بإدارة شئونهم الدينية داخل الحدود ؟ وهل طلب منهم تكوين لجنة إفتاء شرعية رسمية وطنية لهم، تكون حاضرة يرجعون لها متى ما أستشكل عليهم أمر ديني في شئون مذهبهم؟، وكان ذلك جزء من مقال بعنوان "لحساب من، توزع ولاءات مواطنينا للخارج!! ؟؟ " نشره الكاتب في صفحته على الفيس بوك وتم منع نشره في أحد الصحف الرسمية السعودية.
وفيما يلي نض المقال:
لحساب من، توزع ولاءات مواطنينا للخارج!!؟؟
جميع دول العالم تحرص على حشد ولاءات مواطنيها لها، وتحرص على دعمه وتثبيته ورعايته وتقويته، لا بل وتبذل المليارات من العملات الصعبة منها والرخوة، لجلب ولاءات لها من خارج حدودها. إلا بعض منا وللأسف الشديد، الذين أصبح همهم الوحيد، وبكل كرم وسخاء غبي منقطع النظير، هو التوزيع المجاني لولاءات فئات من مواطنينا لخارج حدودنا، وكأنهم يتعاملون مع وطننا على أنه كعكة يريدون الاحتفاظ بها لأنفسهم وربعهم المقربون. إن عقلية " الغنيمة " الجاهلية ما زالت تعشش في عقولهم وتتحكم بنفسياتهم الغابرة؛ فاعتبار الوطن غنيمة، وهم وحدهم الغانمون له، وعليه وجوب استيلائهم على خيراته، وليس سواهم؛ فهذا امتداد لمشروعية السلب والنهب.
ضمَّني قبل أسبوعين مجلس في بيت أحد المعارف، وجاء ضمن أحاديثنا الحديث عن صرح من صروحنا الوطنية الطبية العملاقة، والجميع أشاد بهذا الصرح الوطني، والإنساني الشامخ. فأنبرى شاب في المجلس، أتضح بأنه يعمل في هذا الصرح الطبي، وقال : ولكن للأسف الشديد بأن سبعين في المائة من الممرضات والممرضين السعوديين في هذا الصرح، هم من الشيعة. أي لم يقل بأنه للأسف الشديد، مثلاً بأن سبعين أو حتى خمسين أو ثلاثين بالمائة من العاملين في هذا الصرح، هم من الأجانب، غير السعوديين. فصدمت صدمة قوية من تعليق هذا الشاب.
فسألته: وما مؤاخذتك على الشيعة الذين يعملون معك في هذا الصرح الطبي الوطني، أليسوا هم من مواطني المملكة، ويعملون في صرح وطني؟ فأجابني بكل ثقة غبية : بلى؛ ولكن ولاء الشيعة، ليس للوطن. فسألته : إذا لم يكن ولاءهم للوطن، فلمن يكون إذاً؟ فأجابني بكل تأكيد أحمق : بأن ولاءهم لإيران. فسألته وكيف توصلت إلى هذه الحقيقة، هل شققت عن قلوبهم، وتأكدت بأن ولائهم هو لإيران وليس لوطنهم؟ فأجاب كالعارف والمتمكن من ظواهر الأمور وبواطنها: بأنهم يؤمنون بولاية الفقيه؛ أي بأن ولائهم لخامنئي، أي لإيران!! وقبل أن أدخل في تفكيك هذه الأطروحة الحمقى واللا وطنية، أريد بأن أورد قصة، علها توضح أهمية جمع الولاءات الوطنية لا إهدارها.
قبل عدة سنوات، أوردت وكالات الأنباء هذا الخبر، وهو بان سيدة فلسطينية كانت قادمة للولايات المتحدة الأمريكية، على متن أحد طائرات خطوط خليجية، فولدت في الطائرة، والطائرة تحلق فوق سماء كندا، وهبطت الطائرة في مطار كينيدي في نيويورك، وتم نقل السيدة ووليدها لمستشفى وتم إجراء اللازم لهما طبياً. وطبعاً تم منح الطفل الجنسية الأمريكية بسبب ولادته على أرض أمريكية. وزارة الخارجية الكندية، التي أطلعت على الخبر، احتجت على الولايات المتحدة في منحها جنسيتها للمولود الجديد؛ كونه ولد في سماء كندية، وليس على أرض أمريكية؛ وعليه فهو يستحق الجنسية الكندية. بعد جدال، بين العقلاء والوطنيين الأمريكان والكنديين، تم الاتفاق على منح الطفل الجنسيتين الكندية والأمريكية. وهذا دليل واضح على أن الوطنية عندهم خط أحمر مقدس لا يمكن تجاوزه أو التلاعب والتهاون به؛ ومازال بيننا من يعتبر الوطنية " غنيمة " له وحده، وغيره فليذهب للجحيم خارج حدود الوطن؛ ولو كان جده يعرب ابن قحطان أو حتى محمد ابن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.
وعودة لأطروحة الشاب، والتي لم تأتي من فراغ وإنما يشاركه فيها الكثيرون، وهي بأن ولاء مواطنينا الشيعة لإيران، بسبب ولاية الفقيه. وهذه لعمري لكذبة وافتراء، ليس فقط على مواطنينا الشيعة وإنما كذلك على الوطن ومواطنينا بشكل عام. وذلك لكون ولاية الفقيه لا تخص شيعة الخليج؛ وإنما هم لهم مرجعيتهم الدينية التي يرجعون لها عندما تشكل عليهم مسألة دينية تتعلق بمذهبهم الجعفري، وهي موجودة في النجف الأشرف في العراق. كما أن مبدأ ولاية الفقيه، هو جزء دستوري، يخص الإيرانيون فقط، حيث هو مبدأ إدارة دينية وسياسية للبلد، لا دخل لشيعة البلدان الأخرى فيه.
وإذا اعتبرنا بأن وجود مرجعيات مواطنينا الشيعة الدينية، خارج الحدود؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه علينا، وهل سمحنا لهم بوجود مرجعية لهم من داخل الحدود؟ إذا كنا لم نسمح لهم حتى بتدريس أبنائهم وبناتهم أساسيات مذهبهم الفقهي في مدارسهم العامة؟ وهل سمحنا لهم بإنشاء كلية واحدة دينية لهم، تدرس مذهبهم، لتخرج لهم مرجعيات وطنية تهتم بإدارة شئونهم الدينية داخل حدودنا؟ وهل طلبنا منهم تكوين لجنة إفتاء شرعية رسمية وطنية لهم، تكون حاضرة يرجعون لها متى ما أستشكل عليهم أمر ديني في شئون مذهبهم؟ أي لا نريد بأن نفتيهم من داخل الحدود، ولا نريد بأن يفتيهم أحد من خارجها؛ هذه لعمري لمعادلة صعبة، عصية على الفهم، ناهيك عن أن يتقبلها وطني غيور، لفئة عزيزة من وطننا.
ومبدأ " من كانت مرجعيته الدينية من خارج حدود وطنه" فهو مشكك في وطنيته؛ لهو مبدأ جد خطير وكارثي سوف يقع كالطامة على جميع المسلمين الذين يعيشون في دول غير أسلامية. حيث سيشكك في ولائهم لأوطانهم وعليه حرمانهم حتى من مهنة التمريض في بلدانهم، ناهيك عن تولي المناصب الحساسة التي يستحقونها؛ ثم سنبدأ بالنياح والعويل، بأن هنالك عنصرية ضد المسلمين يجب الوقوف معهم وتخليصهم منهها. كما هي كارثة ستقع كذلك على بلداننا العربية والإسلامية، عندما يشكك في وطنية، غير المسلمين من مواطنيها؛ بحجة كون مرجعياتهم الدينية تأتي من خارج بلدانهم؛ وقد تؤدي بهذه البلدان لتدخلات خارجية وحروب أهلية طائفية.
ونحن في المملكة العربية السعودية، أكثر من يعاني من تهمة تغذية التشدد الديني في العالمين العربي والإسلامي، بسبب أن خلفية بعض التنظيمات الدينية المتشددة هي خلفية سلفية؛ مع كون المملكة تعاني من مثل هذا الطرح السلفي المتشدد أكثر من غيرها؛ وتعمل جاهدة لتعزيز الفكر السلفي المعتدل. كما أن هنالك سلفيون معتدلون في جميع أنحاء العالم، يعتبرون علماء المملكة مرجعيتهم الدينية؛ فإذا تم استخدام المبدأ نفسه ضدهم، فسيتم التشكيك بوطنية كل سلفي معتدل بالعالم. إذاً لصالح من يتم التوزيع المجاني لوطنية مواطنينا لخارج حدودنا؟!
الأجساد تنخرها الفايروسات وتنهكها ثم تفتتها، والأوطان كذلك تنخرها فيروسات الأفكار اللا وطنية وتنهكها وتفتتها؛ إذاً فنحن بحاجة إلا مضادات حيوية وأمصال مناعية من مثل هذه الفايروسات الفكرية، التي ما زالت تنخر في جسد لحمتنا الوطنية، وتسعى لتفتيته؛ والتي يجب بأن تتمثل بقوانين وأنظمة مانعة ورادعة لكل من يتجرأ على نشر فايروسات التفتيت والتخريب الوطني. وقبل كل هذا وذاك، إعطاء كل مواطن أو فئة من مواطنينا حقهم، بالتساوي بلا زيادة أو نقصان. وبأن لا تراعى مشاعر فئة على حساب مشاعر فئة أو فئات وطنية أخرى، مهما على صوت هذه الفئة. فالوطن للجميع والعدل أساس الملك، والحق أحق بأن يتبع؛ وسلامة الوطن يجب بأن تسمو فوق مشاعر الجميع.