كاسر أنف عائشة
24-09-2011, 05:03 AM
https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/294824_160348334052372_136282739792265_323783_9471 97246_n.jpg
في الحلقة الثالثة معه من برنامج البث المباشر على قناة فدك الفضائية، والتي وافقت ليلة استشهاد سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام، استعرض سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» بعضًا من كلامها «عليها السلام» في خطبتها الاحتجاجية الثورية على الطاغية أبي بكر مما لم يلتفت إليه الناس جيدًا بمن فيهم من ينبغي أن يسمون بشيعة الزهراء صلوات الله عليها، وذلك لضعف تبليغ الأمة من عموم الخطباء بما جاء في هذه المقطع الوارد في خطبتها الاحتجاجية في المسجد النبوي الشريف ومرورهم عليه مرور الكرام دون تفصيل قولها ودون تسمية الأشياء بمسمياتها، مؤكدًا سماحته في الوقت نفسه أن خطبة الزهراء «عليها السلام» قد رواها جمع غفير من الخاصة والعامة.
وشرعَ سماحته بنقل المقطع من رواية لخطبتها «صلوات الله عليها» يرويها الحافظ أبو بكر الجوهري – أحد أعلام وثقاة المخالفين في القرن الثالث والرابع الهجريين – في كتابه ”السقيفة وفدك/ص102“ ، علمًا أن الكتاب يعتبر من أمهات المصادر التي ذكرت ما جرى بُعيْد استشهاد الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» والانقلاب على الشرعية الإسلامية المتمثلة بأمير المؤمنين «صلوات الله عليه» ، وفي المقطع تخاطب الزهراء الأنصار بقولها: ”ايه بني قيلة، أ أهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة ويشملكم الصوت ...... أفتأخرتم بعد الإقدام ونكصتم بعد الشدة وجبنتم بعد الشجاعة عن قومٍ نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ“ ، وقد جاء في روايات أخرى لهذه الخطبة أن الزهراء «عليها السلام» استشهدت باقتباس الآية التالية التي تقول {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ}.
وبيّن سماحة الشيخ الحبيب أن تحريض الزهراء «عليها السلام» للأنصار من بني قيلة بقولها (فَقَاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْر) معناه هو حكمها بكفر أبي بكر وعمر ووصمها إياهما بأنهما كانا إمامين من أئمة الكفر وإعلانها الجهاد والقتال على من نكثوا بيعة الغدير وغيرها من العهود والمواثيق التي أعطوها لرسول الله «صلى الله عليه وآله» على أن يسلموا مقاليد الأمر من بعده لأهل بيته وعترته «صلوات الله عليهم» أي أنها كانت تنادي المسلمين للثورة على عصابة الانقلاب في سقيفة بني ساعدة التي شملت أبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الرحمن بن عوف ومن أشبه من المرتزقة والمجرمين.
ثم تطرّق سماحته إلى ترجمة الجوهري – راوي الرواية – منوّهًا سماحته إلى أن الجوهري ليس من الشيعة وقد قال عنه ابن أبي الحديد في كتابه الشهير "شرح نهج البلاغة/ج16/ص213" عند شرح كتاب أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى عثمان بن حنيف واستعراض ابن أبي الحديد للأخبار الواردة في فدك تحت عنوان "الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم لا من كتب الشيعة ورجالهم، وجميع ما نورده في هذا الفصل هو من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك" وهنا ترجم ابن أبي الحديد للجوهري فقال «وأبو بكر الجوهري هذا عالمٌ محدِّثٌ كثير الأدب ثقة ورِع، أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنفاته وغير مصنفاته» ، كما نوّه سماحة الشيخ الحبيب أن الجوهري كان من شيوخ الطبراني – صاحب المعجم – وكان تلميذ عمر بن شبة كما كان راويا عنه وجائنا عبره كتاب ”أخبار المدينة“ وقد أخذ بعض أعلام أهل الخلاف بتوثيقات وتضعيفات الجوهري حيث أخذ الخطيب البغدادي بها على سبيل المثال في (تاريخ بغداد/ج3/ص350) عند ترجمته لمحمد بن عمران الضبي.
وعضّد سماحته حكم السيدة الزهراء «صلوات الله عليها» بقول الإمام الصادق «عليه السلام» المروي في كتاب (الاعتقادات/ص104/للشيخ الصدوق رضوان الله عليه) حين يقول الإمام: ”من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر“ ، محذرًا سماحته المؤمنين من أن يخدعهم الرجال الذين يمالئون العدو فيقولون لهم أن أبا بكر وعمر ما كانا كافرين، ملتمسًا سماحته من شيعة الزهراء عليها السلام عدم الانخداع ببعض العمائم البترية التي تأتي بهذا الرد على الزهراء عليها السلام التي هي أول إمرأة ثورية في الإسلام ثارت على الظلم ورجال الباطل وهي المرأة المفروضة الطاعة علينا جميعا حيث قال فيها الإمام الباقر عليه السلام ”ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة“ (دلائل الإمامة للطبري/ص28).
وأستطرد سماحة الشيخ الحبيب ذلك بإضاءات من شروحات واستنباطات الإمام الشيرازي «أعلى الله درجاته» لخطبة الزهراء التي استهل بها سماحته ورقته البحثية عبر مقطع من خطبتها «عليها السلام» ، وافرد الإمام الشيرازي في موسوعته الفقهية المنقطعة النظير أكثر من مجلد لشرحها ضمن موسوعة مصغرة بعنوان (من فقه الزهراء عليها السلام) تكفل فيها باستنباط مجموعة من الأحكام والمسائل الشرعية من كلماتها صلوات الله عليها، وكان من جملة ما ورد في شروحاته واستنباطاته:
1- تعليقه – أعلى الله درجاته – على اقتباس الزهراء عليها السلام في خطبتها لقوله عز وجل {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} بقوله: اقتباسها عليها السلام الآية الشريفة {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} وذكرها هاهنا يدل على شهادتها عليها السلام بأن ما فعلوه من غصب الخلافة وفدك، وإيذاء آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام وقد قال فيها صلى الله عليه وآله ”من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله“ و...
استلزم الكفر وذلك واضح وإلا لزم لغوية ذكر هذه الآية ههنا. (من فقه الزهراء/ج3/ص311)
2- قوله – أعلى الله درجاته –: بناءًا على التأسي به صلى الله عليه وآله فالأصل بالمعارك الدائرة على جبهات الكفر والإيمان أن تركز الضربات على (أئمة الكفر) ورؤوس الضلال، وهو أمر عقلي قبل أن يكون نقليا، إذ أن دعائم الكفر لو تقوضت تقوّض ما يقوم بها دون العكس عادةً، وعليه أيضا – أي المبلّغ– أن يضرب على الوتر الحساس ويأخذ بخناقهم ويصيبهم في مقاتلهم دون أن يشغل نفسه بالهامشيات وبما لا يبلغ منهم مقتلا. (من فقه الزهراء/ج3/ص53)
3- قوله – أعلى الله درجاته –: يجب القضاء على أئمة الضلال كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم، فأنّ (ينكث الهام) أي يضرب الرؤوس أي (رؤوس أئمة الضلال وقادتهم) حتى ينفصل الأتباع عنهم، فيتمكنوا من تقرير مصير أنفسهم بأنفسهم، فيتركوا وشأنهم– أي من دون ارتباط بقادة الضلال – ليختاروا ما هو مقتضى عقولهم وفطرتهم.
إضافة إلى أن ضرب الرؤوس مما يوجب تفكك الترابط بين أجزاء جيش الضلال والظلام، فيكون أدعى لانهزام الأذناب وأسرع في القضاء على الجمع.
وفي ذكرها عليها السلام: (يكسر الأصنام وينكث الهام) نكتة لطيفة وهي أن القضاء على الأديان والمذاهب الباطلة يتم بركنين:
أحدهما: القضاء على (الرمز المقدس) و(المحور والقطب) الذي تدور عليه رحى معتقداتهم وأفكارهم.
والثاني: القضاء على حملة تلك الراية وعلى الدعاة إليها. (من فقه الزهراء/ج3/ص61)
4- قوله – أعلى الله درجاته –: يستحب أو يجب بيان أن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حدثت أنباء وهنبثة كما قالت الصديقة عليها السلام، وبيان ذلك يوجب التعرف على المشاكل التي لاقاها المسلمون والفتن التي واجهوها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فأن تلك المشاكل تعتبر الأساس لمشاكل المسلمين إلى هذا اليوم وجذورها وعللها.
إن الانقلاب على أوامر الرسول صلى الله عليه وآله، والإعراض عن خليفته أمير المؤمنين علي عليه السلام بما يتضمن من إعراضٍ عن مناهجه التي أوضحها خليفته لا يزال هو السبب الرئيسي لتخلف المسلمين، كما صرح صلى الله عليه وآله بقوله ”إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض“ ولكن المسلمين لما تركوا الثقلين (الكتاب والعترة) ضلوا وأضلوا. (من فقه الزهراء/ج4/ص379)
5- قوله – أعلى الله درجاته –: يجب أن يتصدى الدعاة لـ (بيان الحقيقة) كاملة للناس، ولكشف القناع عن كل زيف وضلالة، فأن كثيرا من المبلغين والمؤمنين يخشى أن يقول الحق كل الحق ويكتفي ببيان بعضه ويحاول إرضاء وجدانه بذلك البعض فحسب!
ولعل الكثير منهم يتعلل – لإرضاء وجدانه وإسكات خلانه – بأنه قد قام بجانب من الأمر، وأنه قد أنار بعض الظلم وجلّى بعض البهم وكفى!.
لكن ذلك شرعا محرم، قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ..
فـ (إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله، أو سلب منه نور الإيمان) ..
وقد واصل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيان كل صغيرة وكبيرة وتعرض لكل ما يقرب إلى الجنة ويباعد عن النار، في العقائد والأعمال، في العقود والإيقاعات والأحكام و ... (حتى تفرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه).
وفي المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته في حجة الوداع:
«أيها الناس اتقوا الله، ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به».
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} فأن الإسلام كل لا يتجزأ والمؤمنون {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} وليرجف المرجفون بعد ذلك وليرقد البعض وليحدث ما يحدث.
إذن يجب العمل حتى يظهر محض الحق بدون شوب بالباطل، فأن الحق قد يظهر لكنه مشوب بالباطل، مما يسبب ضلال الناس، فيجب أن يعمل الإنسان جاهدا حتى يظهر الحق محض الحق ، كي يتبعه من شاء أن يتبعه..
قال تعالى: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الشريعة أقوالي والطريقة أفعالي والحقيقة أحوالي.
وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: هلك من باع اليقين بالشك والحق بالباطل.
وقال عليه السلام: رأس الحكمة لزوم الحق وطاعة المحق.
وقال عليه السلام: الكيّس صديقه الحق وعدوه الباطل.
وقال عليه السلام: ليكن مرجعك إلى الحق فمن فارق الحق هلك.
وقال عليه السلام: من استحيى من قول الحق فهو أحمق.
وقال عليه السلام: لا خير في السكوت عن الحق.
(من فقه الزهراء/ج3/ص65)
واختتم سماحة الشيخ ورقته البحثية بدعوة المؤمنين للقيام بثورة عقائدية لأجل الزهراء «صلوات الله عليها» ضد بقايا نظام السقيفة المتمثل في الطواغيت أبوبكر وعمر وعثمان وعائشة ومن أشبه، وذلك استجابة لندائها وإعلانها القتال على أئمة الكفر، داعيًا سماحته إلى فضح أبي بكر وعمر، كما اقترح «حفظه الله» انتاج فيلم عالمي عمّا جرى على الزهراء «عليها الصلاة والسلام».
في الحلقة الثالثة معه من برنامج البث المباشر على قناة فدك الفضائية، والتي وافقت ليلة استشهاد سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام، استعرض سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» بعضًا من كلامها «عليها السلام» في خطبتها الاحتجاجية الثورية على الطاغية أبي بكر مما لم يلتفت إليه الناس جيدًا بمن فيهم من ينبغي أن يسمون بشيعة الزهراء صلوات الله عليها، وذلك لضعف تبليغ الأمة من عموم الخطباء بما جاء في هذه المقطع الوارد في خطبتها الاحتجاجية في المسجد النبوي الشريف ومرورهم عليه مرور الكرام دون تفصيل قولها ودون تسمية الأشياء بمسمياتها، مؤكدًا سماحته في الوقت نفسه أن خطبة الزهراء «عليها السلام» قد رواها جمع غفير من الخاصة والعامة.
وشرعَ سماحته بنقل المقطع من رواية لخطبتها «صلوات الله عليها» يرويها الحافظ أبو بكر الجوهري – أحد أعلام وثقاة المخالفين في القرن الثالث والرابع الهجريين – في كتابه ”السقيفة وفدك/ص102“ ، علمًا أن الكتاب يعتبر من أمهات المصادر التي ذكرت ما جرى بُعيْد استشهاد الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» والانقلاب على الشرعية الإسلامية المتمثلة بأمير المؤمنين «صلوات الله عليه» ، وفي المقطع تخاطب الزهراء الأنصار بقولها: ”ايه بني قيلة، أ أهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة ويشملكم الصوت ...... أفتأخرتم بعد الإقدام ونكصتم بعد الشدة وجبنتم بعد الشجاعة عن قومٍ نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ“ ، وقد جاء في روايات أخرى لهذه الخطبة أن الزهراء «عليها السلام» استشهدت باقتباس الآية التالية التي تقول {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ}.
وبيّن سماحة الشيخ الحبيب أن تحريض الزهراء «عليها السلام» للأنصار من بني قيلة بقولها (فَقَاتِلُوا أئِمَّةَ الكُفْر) معناه هو حكمها بكفر أبي بكر وعمر ووصمها إياهما بأنهما كانا إمامين من أئمة الكفر وإعلانها الجهاد والقتال على من نكثوا بيعة الغدير وغيرها من العهود والمواثيق التي أعطوها لرسول الله «صلى الله عليه وآله» على أن يسلموا مقاليد الأمر من بعده لأهل بيته وعترته «صلوات الله عليهم» أي أنها كانت تنادي المسلمين للثورة على عصابة الانقلاب في سقيفة بني ساعدة التي شملت أبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الرحمن بن عوف ومن أشبه من المرتزقة والمجرمين.
ثم تطرّق سماحته إلى ترجمة الجوهري – راوي الرواية – منوّهًا سماحته إلى أن الجوهري ليس من الشيعة وقد قال عنه ابن أبي الحديد في كتابه الشهير "شرح نهج البلاغة/ج16/ص213" عند شرح كتاب أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى عثمان بن حنيف واستعراض ابن أبي الحديد للأخبار الواردة في فدك تحت عنوان "الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم لا من كتب الشيعة ورجالهم، وجميع ما نورده في هذا الفصل هو من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك" وهنا ترجم ابن أبي الحديد للجوهري فقال «وأبو بكر الجوهري هذا عالمٌ محدِّثٌ كثير الأدب ثقة ورِع، أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنفاته وغير مصنفاته» ، كما نوّه سماحة الشيخ الحبيب أن الجوهري كان من شيوخ الطبراني – صاحب المعجم – وكان تلميذ عمر بن شبة كما كان راويا عنه وجائنا عبره كتاب ”أخبار المدينة“ وقد أخذ بعض أعلام أهل الخلاف بتوثيقات وتضعيفات الجوهري حيث أخذ الخطيب البغدادي بها على سبيل المثال في (تاريخ بغداد/ج3/ص350) عند ترجمته لمحمد بن عمران الضبي.
وعضّد سماحته حكم السيدة الزهراء «صلوات الله عليها» بقول الإمام الصادق «عليه السلام» المروي في كتاب (الاعتقادات/ص104/للشيخ الصدوق رضوان الله عليه) حين يقول الإمام: ”من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر“ ، محذرًا سماحته المؤمنين من أن يخدعهم الرجال الذين يمالئون العدو فيقولون لهم أن أبا بكر وعمر ما كانا كافرين، ملتمسًا سماحته من شيعة الزهراء عليها السلام عدم الانخداع ببعض العمائم البترية التي تأتي بهذا الرد على الزهراء عليها السلام التي هي أول إمرأة ثورية في الإسلام ثارت على الظلم ورجال الباطل وهي المرأة المفروضة الطاعة علينا جميعا حيث قال فيها الإمام الباقر عليه السلام ”ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة“ (دلائل الإمامة للطبري/ص28).
وأستطرد سماحة الشيخ الحبيب ذلك بإضاءات من شروحات واستنباطات الإمام الشيرازي «أعلى الله درجاته» لخطبة الزهراء التي استهل بها سماحته ورقته البحثية عبر مقطع من خطبتها «عليها السلام» ، وافرد الإمام الشيرازي في موسوعته الفقهية المنقطعة النظير أكثر من مجلد لشرحها ضمن موسوعة مصغرة بعنوان (من فقه الزهراء عليها السلام) تكفل فيها باستنباط مجموعة من الأحكام والمسائل الشرعية من كلماتها صلوات الله عليها، وكان من جملة ما ورد في شروحاته واستنباطاته:
1- تعليقه – أعلى الله درجاته – على اقتباس الزهراء عليها السلام في خطبتها لقوله عز وجل {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} بقوله: اقتباسها عليها السلام الآية الشريفة {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} وذكرها هاهنا يدل على شهادتها عليها السلام بأن ما فعلوه من غصب الخلافة وفدك، وإيذاء آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام وقد قال فيها صلى الله عليه وآله ”من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله“ و...
استلزم الكفر وذلك واضح وإلا لزم لغوية ذكر هذه الآية ههنا. (من فقه الزهراء/ج3/ص311)
2- قوله – أعلى الله درجاته –: بناءًا على التأسي به صلى الله عليه وآله فالأصل بالمعارك الدائرة على جبهات الكفر والإيمان أن تركز الضربات على (أئمة الكفر) ورؤوس الضلال، وهو أمر عقلي قبل أن يكون نقليا، إذ أن دعائم الكفر لو تقوضت تقوّض ما يقوم بها دون العكس عادةً، وعليه أيضا – أي المبلّغ– أن يضرب على الوتر الحساس ويأخذ بخناقهم ويصيبهم في مقاتلهم دون أن يشغل نفسه بالهامشيات وبما لا يبلغ منهم مقتلا. (من فقه الزهراء/ج3/ص53)
3- قوله – أعلى الله درجاته –: يجب القضاء على أئمة الضلال كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم، فأنّ (ينكث الهام) أي يضرب الرؤوس أي (رؤوس أئمة الضلال وقادتهم) حتى ينفصل الأتباع عنهم، فيتمكنوا من تقرير مصير أنفسهم بأنفسهم، فيتركوا وشأنهم– أي من دون ارتباط بقادة الضلال – ليختاروا ما هو مقتضى عقولهم وفطرتهم.
إضافة إلى أن ضرب الرؤوس مما يوجب تفكك الترابط بين أجزاء جيش الضلال والظلام، فيكون أدعى لانهزام الأذناب وأسرع في القضاء على الجمع.
وفي ذكرها عليها السلام: (يكسر الأصنام وينكث الهام) نكتة لطيفة وهي أن القضاء على الأديان والمذاهب الباطلة يتم بركنين:
أحدهما: القضاء على (الرمز المقدس) و(المحور والقطب) الذي تدور عليه رحى معتقداتهم وأفكارهم.
والثاني: القضاء على حملة تلك الراية وعلى الدعاة إليها. (من فقه الزهراء/ج3/ص61)
4- قوله – أعلى الله درجاته –: يستحب أو يجب بيان أن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حدثت أنباء وهنبثة كما قالت الصديقة عليها السلام، وبيان ذلك يوجب التعرف على المشاكل التي لاقاها المسلمون والفتن التي واجهوها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فأن تلك المشاكل تعتبر الأساس لمشاكل المسلمين إلى هذا اليوم وجذورها وعللها.
إن الانقلاب على أوامر الرسول صلى الله عليه وآله، والإعراض عن خليفته أمير المؤمنين علي عليه السلام بما يتضمن من إعراضٍ عن مناهجه التي أوضحها خليفته لا يزال هو السبب الرئيسي لتخلف المسلمين، كما صرح صلى الله عليه وآله بقوله ”إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض“ ولكن المسلمين لما تركوا الثقلين (الكتاب والعترة) ضلوا وأضلوا. (من فقه الزهراء/ج4/ص379)
5- قوله – أعلى الله درجاته –: يجب أن يتصدى الدعاة لـ (بيان الحقيقة) كاملة للناس، ولكشف القناع عن كل زيف وضلالة، فأن كثيرا من المبلغين والمؤمنين يخشى أن يقول الحق كل الحق ويكتفي ببيان بعضه ويحاول إرضاء وجدانه بذلك البعض فحسب!
ولعل الكثير منهم يتعلل – لإرضاء وجدانه وإسكات خلانه – بأنه قد قام بجانب من الأمر، وأنه قد أنار بعض الظلم وجلّى بعض البهم وكفى!.
لكن ذلك شرعا محرم، قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ..
فـ (إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله، أو سلب منه نور الإيمان) ..
وقد واصل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيان كل صغيرة وكبيرة وتعرض لكل ما يقرب إلى الجنة ويباعد عن النار، في العقائد والأعمال، في العقود والإيقاعات والأحكام و ... (حتى تفرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه).
وفي المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته في حجة الوداع:
«أيها الناس اتقوا الله، ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به».
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} فأن الإسلام كل لا يتجزأ والمؤمنون {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} وليرجف المرجفون بعد ذلك وليرقد البعض وليحدث ما يحدث.
إذن يجب العمل حتى يظهر محض الحق بدون شوب بالباطل، فأن الحق قد يظهر لكنه مشوب بالباطل، مما يسبب ضلال الناس، فيجب أن يعمل الإنسان جاهدا حتى يظهر الحق محض الحق ، كي يتبعه من شاء أن يتبعه..
قال تعالى: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الشريعة أقوالي والطريقة أفعالي والحقيقة أحوالي.
وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: هلك من باع اليقين بالشك والحق بالباطل.
وقال عليه السلام: رأس الحكمة لزوم الحق وطاعة المحق.
وقال عليه السلام: الكيّس صديقه الحق وعدوه الباطل.
وقال عليه السلام: ليكن مرجعك إلى الحق فمن فارق الحق هلك.
وقال عليه السلام: من استحيى من قول الحق فهو أحمق.
وقال عليه السلام: لا خير في السكوت عن الحق.
(من فقه الزهراء/ج3/ص65)
واختتم سماحة الشيخ ورقته البحثية بدعوة المؤمنين للقيام بثورة عقائدية لأجل الزهراء «صلوات الله عليها» ضد بقايا نظام السقيفة المتمثل في الطواغيت أبوبكر وعمر وعثمان وعائشة ومن أشبه، وذلك استجابة لندائها وإعلانها القتال على أئمة الكفر، داعيًا سماحته إلى فضح أبي بكر وعمر، كما اقترح «حفظه الله» انتاج فيلم عالمي عمّا جرى على الزهراء «عليها الصلاة والسلام».