احمدعيسى
29-09-2011, 12:10 PM
الصبر مفتاح الفرج
كان عبد الله الابن البكر لوالديه اللذان يختلفان اختلافا كبيرا في الحجم فأمه بيضاء متوسطة الطول وأبوه أسمر طويل فيه بعض الضخامة وقد تزوجا زواجا تقليديا عن طريق النساء وعبد الله يشبه أبوه فهو طويل القامة اسود الشعر لكنه ابيض الوجه
كبر عبد الله وهو في الدراسة الإعدادية ففاتحاه والديه بالزواج لأنه ابنهم البكر ويريدان أن يفرحا به قبل أن يموتا وتلبية لرغبتهما وافق على أن يتم الزواج بعد إكمال الدراسة الإعدادية
ذهب والدي عبد الله لخطبة بنت جيرانهم الذي يبعد عنهم قليلا وكانت البنت معجبة به لأخلاقه وتصرفاته فهي تنظر إليه كل يوم من الشباك لتراه ذاهبا إلى المدرسة وتقول في نفسها عسى أن يكون من نصيبي وهو أيضا ينظر إليها ولكنها نظرات بريئة وعندما أشار عليه والديه بالموضوع اختارها وقال اخطبا لي بنت الجيران
سمعت البنت بالخبر ووافقت بدون تردد وصار الخطيبان يتلاقيان كل أسبوع في بيت أهلها وبحضور والدها أو والدتها
ضل والدي عبد الله يخرجان كل فتره إلى السوق للتبضع ولشراء أغراض الزواج لأنهما من العوائل المتوسطة الدخل ولا يستطيعان توفير أغراض الزواج دفعة واحدة فكلما توفرت لديهما الأموال ذهبا لشراء مادة من المواد وهما يخرجان معا لشرائها لكي لايكون رأي واحد فالأب يشاور الأم في الغرض الذي يرغبون بشرائه وعند اتفاق الآراء يقومون بأخذه
وفي يوم من الأيام خرج الوالدان كالعادة وعندما وصلا إلى إحدى البنايات الحكومية حدث انفجار قوي ذهب ضحيته المئات من الأبرياء فهذا عامل بناء قد مات و هذا أستاذ جامعي وهذا معلم فوصل الخبر إلى عبد الله إن والديه كانا قرب الانفجار فركض مسرعا وعندما وصل وجد إن والده قد مات وأصيبت والدته برجلها وتم نقلها إلى المستشفى فأجهش بالبكاء وضل يردد ألا لعنة الله على الظالمين
أجريت عملية لوالدته وتم بتر رجلها ألا أنها لم تشفى وبعد فتره من الزمن ومراجعات إلى الأطباء والمستشفيات توفيت والدته وأوصته بأختيه ثريا وسماء
أصبحت ألحاله المادية لعبد الله متردية لأنه صرف أكثر الأموال التي كانوا يملكونها من أجل عزاء أبيه وبعدها لعلاج أمه مما أضطره بعد ذلك إلى ترك الدراسة والذهاب للبحث عن عمل فكان يذهب كل يوم إلى السوق عسى أن يجد عملا يصرف من خلاله على أختيه ثريا وسماء فقد أصبح هو المعيل لهما وقد ولدت ثريا بعده وكانت هي ثريا بحق فهي جميله حالمة منفتحة أما سماء على العكس من ذلك رغم جمالها ورقتها وعذوبتها فقد اتجهت إلى الدين والحجاب وهي لاتخرج من البيت إلا للأمور الطارئة
كان ما وقع على عبد الله من أعباء ثقيل جدا لأنه تحمل مسؤولية البيت فجأة لذلك فهو يعمل في كل شيء لكي يوفر لقمة العيش لأختيه فقد اشتغل ببيع الاقمشه ولم ينجح واشتغل حمالا للبضائع وفي يوم عرض عليه احد التجار أن يعمل عنده مقابل اجر مجزي وذلك لنشاطه وأمانته وتطورت العلاقة بينه وبين التاجر وصارت بينهم علاقة قويه إلى درجة انه كان يذهب مع عبد الله إلى بيته
كان التاجر يحب أن يوقع النساء في شباكه وهو يردد دائما عندي أموال استطيع أن احصل على ما أريد ووجد في بيت عبد الله ضالته المنشودة فقد رأى ثريا وجمالها فأعجب بها وصار يرسل لها الهدايا بدون علم عبد الله وضل يبعث عبد الله بتجارة إلى أماكن بعيدة ويذهب هو إلى بيت عبد الله ويقوم بمغازلة ثريا من بداية فتحها الباب له إلى أن يجلس ويخرج إلا انه كان غزل بسيط مثلا شكراً حياتي إلى غير ذلك من الكلمات وهو يغلق الهاتف النقال لكي لايزعجه أي شخص وهو جالس في بيت عبد الله
في احد الأيام قال التاجر لعبد الله:أذهب بهذه البضاعة إلى المدينة ألمجاوره لنا وإذا لم تستطع الرجوع هذا اليوم فأستأجر لك غرفة في فندق وتعال صباحاً وأعطاه أجرة الفندق .
ركب عبد الله السيارة التي تحمل البضاعة واتجه الى المدينة المجاورة وعندما تأكد التاجر من ابتعاد عبد الله ذهب الى بيته واغتسل وأبدل ملابس العمل بملابس الخروج وهي ملابس فخمه مستورده يلبسها في المناسبات والحفلات التي يقيمها التجار للقيام بالصفقات ومعرفة أسرار بعضهم البعض ومعرفة من خسر بتجارته ومن ربح .
عندما هم التاجر بالخروج نضرت اليه زوجته
وقالت :هل عندك اليوم حفلة
أجابها :كلا
ردت عليه :أذن الى أين انت ذاهب
قال:ليس هذا من شأنكِ وخرج
خرج التاجر متلهفاً للوصول الى بيت عبد الله ورؤية ثريا فسلك اقصر الطرق وعندما وصل الى البيت قرع الباب ففتحت له ثريا وقد كانت تقشر البطاطا بالسكين لاعداد الغداء
قال لها وهو واقف في الباب:ما أجمل هاتين العينين الزرقاويتين
فتبسمت
فقال: والفم أجمل من العينين
اجابته: تفضل أدخل ولكن عبد الله غير موجود
قال:كم سمعت هذه الكلمه تفضل ولكني لم اسمعها بهذه العذوبه
ثم قال: دقائق وسوف أذهب
تقدمت ثريا أمامه وهو يتفحصها ويسير ورائها الى ان وصل الى الصاله وجلس
قالت:ماذا أجلب لك شاي ام قهوه ام عصير
قال:لااريد شيئاً ففمك يخرج ورداً وانا اريد ان اشرب منه العصير
اجابته:ما بك اليوم اراك منفتح جداً
تمالك نفسه وقال:لاشيء أجلبي لي العصير
ذهبت ثريا واعدت له العصير وجاءت به اليه وعندما وصلت مدت يدها لتناوله العصير فأمسك بيدها وسحبها نحوه
قالت له:أتركني أتركني
الا انه تمادى أكثر ونهض وهو ممسك بها وأراد تقبيلها فدفعته وهربت داخل البيت وهي تصرخ :سماء سماء
الا ان سماء لم تجبها فقد ضنت ان الامر ليس بالمهم وكانت ايضاً منشغله بالصلاة
دخل التاجر وراء ثريا وامسكها وضمها الى صدره فتدافعت معه ووصلت يدها الى السكين فضربته في وجهه فلم يتركها فضربته مره ثانيه في قلبه فسقط الى الأرض وبدأت بالصراخ منهارة
وعندما سمعت سماء بالصراخ يتعالى اكثر واكثر جاءت مسرعة فوجدت أختها جالسه قرب التاجر وهي تصرخ قتلته قتلته فبدءت بالصراخ معها
في الوقت نفسه عند خروج عبد الله الى المدينه المجاوره وفي منتصف الطريق تعطلت السياره وحاول اصلاحها فلم يستطع واراد ان يكلم التاجر على هاتفه النقال الا انه كان مغلقاً
فقال لسائق السياره:سوف اذهب لمحل التاجر وأخبره بالامر فأبقى انت مع السياره لحين عودتي
أخذ عبد الله سيارة أجره وذهب الى المحل الا انه لم يجد التاجر فسأل العمال وأخبروه انه خرج بعد خروجه مباشرة فأتجه الى بيت التاجر بنفس سيارة الاجره وعندما سأل زوجته عنه
قالت:انه خرج قبل دقائق لابساً ملابسه الجميلة
فضن في نفسه انه قد ذهب الى حفله او اي مكان اخر
فقال لسائق السياره الاجره:خذني الى بيتي وسوف اعطيك الاجره التي تطلبها فوافق سائق الاجره.
وصل عبد الله الى بيته وفتح الباب بالمفتاح وعند دخوله وجد التاجر ممدداً والدم يسيل منه واختيه يصرخان فأنهار وجلس الى الارض
وقال لهما:من الذي قتله
قالت ثريا:أنا
قال:ولماذا فسردت له ألقصه كاملة
فقال لها:الم أقل لكِ ان الانفتاح الكثير عواقبه سيئه
فأزداد بكاء ثريا
قالت سماء:وما هو الحل الان
قال عبدالله:سوف أقول انني انا الذي قتلته بسبب بضاعه كان قد اعطاني اياها لأوصلها لأحد التجار ولكني لم افعل وقلت له أنني سوف اذهب بها غداً وتركته وذهبت الى البيت وعندما جاءني الى البيت دار بيننا شجار ولم اتمالك نفسي فقتلته
نهض عبدالله وتوجه الى مركز الشرطه واخبرهم بالأمر وانه قتل التاجر فخرجت قوه مسلحه يرئسها ضابط وتوجهت الى بيته وكان الضابط يمتلك ذكاء حاد وعند وصوله الى البيت دخل الضابط مباشرة ورأى الجثه
فقال لعبد الله:أنت لم تقتله
فأجاب عبد الله وهو يتلعثم:بل انا الذي قتلته
قال الضابط:وما الذي جاء به الى هنا أليس من المفروض ان تقتله بالصالة
قال عبد الله:لقد تشاجرنا وتدافعنا وذهبت لجلب السكين فتبعني وقتلته
قال الضابط باستهزاء:ولماذا تبعك لكي تقتله
لبس الضابط الكفوف ونزل على ركبتيه ليفحص الجثه وعندما نضر الى وجه التاجر
قال:ولماذا وجهه فيه ماكياج
قال عبد الله:لاأدري قد تكون صدفه
أمر الضابط الخبراء بأخذ عينه من أحمر الشفاه والمبيض الموجود على وجه التاجر وتم اقتياد عبد الله الى المخفر ووضع في التوقيف
بعد عدة أيام ضهرت النتيجة وضهر ان احمر الشفاه والأبيض هو نفسه الذي تستعمله ثريا كما ان سائق الاجره اخبر الشرطه انه كان مع عبداالله لوقت طويل ولم يخبره ان هناك اي شجار بينهما وكذلك السائق الذي تركه عبد الله قرب السيارة ألمعطله أنكر ان هناك خلاف بين عبد الله والتاجر فتم الافراج عن عبد الله والقاء القبض على ثريا وبعد مواجهتها بالادله اعترفت وقامت بسرد القصه الا ان المحكمه لم تصدقها وضنت انها هي التي استدرجته الى البيت وبعد ذلك قتلته فحكم عليها بالاعدام وبعد عدة طلبات من محامي الدفاع تم تخفيف الحكم الى المؤبد مما زاد الطين بله على عبد الله فأخته في السجن وهو يذهب لرؤيتها في كل اسبوع واصبح الآن بلا عمل وعنده أخت أخرى يجب ان يصرف عليها وهو في حيره من امره
استمرت هذه الحاله لعدة شهور ورجع عبد الله للبحث عن عمل جديد وفي يوم من الأيام طُرق الباب على عبد الله وعندما فتحه رأى مجموعه من الناس واقفين
قال احدهم:هل تسمح لنا بالدخول
أجابهم:تفضلوا
دخل الجميع وجلسوا فذهب عبدالله مسرعاً وجلب الشاي
قال كبيرهم:اننا جئنا لخطبة اختك فهل توافق
تعجب عبدالله وقال:ومن اين عرفتموها
اجابه أحدهم:انها تخرج للتسوق فتراها نسائنا وبناتنا ويتكلمن معها وصارت المعرفه بها
سكت الجميع وقال عبدالله:وأين العريس
فاشاروا الى شاب كان يجلس بقرب عبدالله
قال له:وما هو عملك
اجاب الشاب:أعمال حره
اجابه الكبير:هو ليس بالغني ولكن يستطيع اعالتها
قال عبد الله:انا موافق ولكن دعوني أسأل أختي قد يكون لها رأي أخر
فقالوا له:هذا من حقك وحقها
دخل عبدالله الى سماء وأخبرها بالأمر
فقالت له:الا تسأل عن الشاب أولاً
قال:نعم ولكن ان ضهر انه شاب اخلاقه عالية مؤدب فهل توافقين
قالت:الأمر لك
قال:أذاً موافقة
خرج عبدالله الى الناس الجالسين
قال:ان فكرة الزواج مقبوله ولكن دعونا نسأل عن الشاب
قالوا:لك هذا وكم يكفيك من الوقت لتعطينا الرد
أجابهم:أسبوع فأعطوني عنوانه
نهض الجميع على ان يأتيهم الرد بعد أسبوع بالقبول او الرفض
في الصباح نهض عبدالله وخرج للسؤال عن الشاب في منطقته فأخبروه انه شاب مؤدب تتمناه كل فتاة فرجع الى البيت فرحاً وأخبر سماء بالأمر ففرحت
وقالت له:أذاً على بركة الله أخبرهم بأنك موافق
قال لها:غداً صباحاً
فتمت ألخطبه واتفق الطرفان على إجراءات الزواج
وفي أحدى الأمسيات جاءت سماء وجلست بقرب أخيها وهي تنضر إليه
قال لها:عجيب هاأنت لم تفعليها من قبل فأحست بالخجل وأرادت النهوض
الا انه استرسل بالحديث:هل عندك كلام تريدين ان تقوليه فجلست مره أخرى بهدوء
قالت سماء:نعم
قال:وما هو
قالت:ياأخي ياعزيزي انا سوف أتزوج وتبقى انت وحيداً ليس لك أي معيل وأنت لديك خطيبه فلماذا لانتزوج في اليوم نفسه انا وانت
قال:وهل رأيتِ خطيبتي زارتنا في اي حادثه وقعت لنا
قالت:يجب ان تعذرها فأنت تعلم ان أبوها لايسمح لها بالخروج منذ حادثة ثريا فقد أعتقد ان ثريا هي ألمذنبه وانا متأكدة انها تحبك
قال:وما الحل
قالت سماء:غداً نذهب اليهم ونعرف رأيهم
قالت:هل انت موافق
قال:نعم سنرى
قالت:اذاً تصبح على خير وذهبت للفراش
في اليوم التالي ذهب عبدالله وسماء الى بيت خطيبته وطرقا الباب وعندما فتح ابوها الباب امتعض واراد غلقه الا انه تمالك نفسه
وقال:تفضلا فدخل جميعهم وجلسوا
قال الأب:ماذا تريدان
قال عبدالله:ان أختي سوف تتزوج وأرجو ان يكون زواجي وزواجها في نفس اليوم
قال الاب:تتزوج ممن
قال عبدالله:من بنتك
تبسم الاب وقال:وتتذكرها الى الان
قال عبدالله:وهل نسيتها أنا
قال الاب:ولكنها نسيتكَ
وصادف دخول خطيبة عبدالله حامله الشاي وهي بيضاء ممشوقة إلقامه تتمايل جدائلها الصفراء على كتفيها وهي تمشي رويداً رويداً
فقالت:لا لم انسه يا أبي
قال الاب بصوت عالي :ضعي الشاي وأدخلي الى غرفتك
فنزلت دموعها على خديها تنساب وكأنها اللؤلؤ في ظلمات البحار وذهبت مسرعه الى غرفتها
قال عبدالله:ياعم أنا احبها واضن انها تحبني فلماذا لاتوافق على زواجنا
قال الاب:ولكنكم عائله غير محترمه
قال عبدالله بأنفعال:الا تعتقد ان هذا كلام جارح
قال الاب:انا لااوافق على تزويجك ابنتي
قال عبدالله:لو أنك وافقت فسوف تعيش ابنتك بسعادة معي وسوف أعاملها بالحسنى
قال الاب:سنرى
نهض الجميع وتوادعا وتوجه عبدالله وسماء الى بيتهما
دخل الاب على زوجته واخبرها بالامر
فقالت له:مادامت تحبه ويحبها وهو شاب مؤدب فعلى بركة الله
تركها الاب ودخل الى ابنته فوجدها تبكي فمسح الدموع من على خديها
وقال لها:هل ترغبين بالزواج من عبدالله
اجابت بخجل:نعم يا ابي
قال الاب:ولكن لو ضهر ان اختياركِ غيرسليم فسوف تندمين طول العمر
قالت البنت:وهل رأيت يا ابي شيئاً على اخلاق عبد الله
قال:كلا
فأردفت:كما ان حادثة ثريا ليس له ذنب فيها وقد كانت اخلاق ثريا عاليه رغم انفتاحها
قال الاب:صدقتِ
سكت الاب قليلا مفكراً وقال:حسناً انا موافق
ففرحت الفتاة ونهضت وقبلته
في الصباح وصل الخبر الى عبدالله انهم موافقين على الزواج فتم زفاف عبد الله وسماء في نفس اليوم وركب عبد الله وزوجته سيارة الزفاف وركبت سماء وزوجها سيارة اخرى
ووصل الجميع الى الفندق وكان عبد الله وزوجته يتبادلان كلام الحب والنضرات في السياره وعند صعودهم الى الفندق
فقد كان يقول لها هل تحبينني فتجيبه اكثر من روحي
وهي تقول هل تحبني فيقول أحبكِ بل أعشقكِ يا زوجتي ألحبيبه
ثم حملها عبدالله بين يديه وصعدا الى غرفة الفندق وسط تصفيق الجميع وعاشوا عيشةً هانئة ومريحه وهو يقول كل يوم الصبر مفتاح الفرج الصبر مفتاح الفرج
والسلام عليكم ورحمة الله
أخوكم احمد عيسى
كان عبد الله الابن البكر لوالديه اللذان يختلفان اختلافا كبيرا في الحجم فأمه بيضاء متوسطة الطول وأبوه أسمر طويل فيه بعض الضخامة وقد تزوجا زواجا تقليديا عن طريق النساء وعبد الله يشبه أبوه فهو طويل القامة اسود الشعر لكنه ابيض الوجه
كبر عبد الله وهو في الدراسة الإعدادية ففاتحاه والديه بالزواج لأنه ابنهم البكر ويريدان أن يفرحا به قبل أن يموتا وتلبية لرغبتهما وافق على أن يتم الزواج بعد إكمال الدراسة الإعدادية
ذهب والدي عبد الله لخطبة بنت جيرانهم الذي يبعد عنهم قليلا وكانت البنت معجبة به لأخلاقه وتصرفاته فهي تنظر إليه كل يوم من الشباك لتراه ذاهبا إلى المدرسة وتقول في نفسها عسى أن يكون من نصيبي وهو أيضا ينظر إليها ولكنها نظرات بريئة وعندما أشار عليه والديه بالموضوع اختارها وقال اخطبا لي بنت الجيران
سمعت البنت بالخبر ووافقت بدون تردد وصار الخطيبان يتلاقيان كل أسبوع في بيت أهلها وبحضور والدها أو والدتها
ضل والدي عبد الله يخرجان كل فتره إلى السوق للتبضع ولشراء أغراض الزواج لأنهما من العوائل المتوسطة الدخل ولا يستطيعان توفير أغراض الزواج دفعة واحدة فكلما توفرت لديهما الأموال ذهبا لشراء مادة من المواد وهما يخرجان معا لشرائها لكي لايكون رأي واحد فالأب يشاور الأم في الغرض الذي يرغبون بشرائه وعند اتفاق الآراء يقومون بأخذه
وفي يوم من الأيام خرج الوالدان كالعادة وعندما وصلا إلى إحدى البنايات الحكومية حدث انفجار قوي ذهب ضحيته المئات من الأبرياء فهذا عامل بناء قد مات و هذا أستاذ جامعي وهذا معلم فوصل الخبر إلى عبد الله إن والديه كانا قرب الانفجار فركض مسرعا وعندما وصل وجد إن والده قد مات وأصيبت والدته برجلها وتم نقلها إلى المستشفى فأجهش بالبكاء وضل يردد ألا لعنة الله على الظالمين
أجريت عملية لوالدته وتم بتر رجلها ألا أنها لم تشفى وبعد فتره من الزمن ومراجعات إلى الأطباء والمستشفيات توفيت والدته وأوصته بأختيه ثريا وسماء
أصبحت ألحاله المادية لعبد الله متردية لأنه صرف أكثر الأموال التي كانوا يملكونها من أجل عزاء أبيه وبعدها لعلاج أمه مما أضطره بعد ذلك إلى ترك الدراسة والذهاب للبحث عن عمل فكان يذهب كل يوم إلى السوق عسى أن يجد عملا يصرف من خلاله على أختيه ثريا وسماء فقد أصبح هو المعيل لهما وقد ولدت ثريا بعده وكانت هي ثريا بحق فهي جميله حالمة منفتحة أما سماء على العكس من ذلك رغم جمالها ورقتها وعذوبتها فقد اتجهت إلى الدين والحجاب وهي لاتخرج من البيت إلا للأمور الطارئة
كان ما وقع على عبد الله من أعباء ثقيل جدا لأنه تحمل مسؤولية البيت فجأة لذلك فهو يعمل في كل شيء لكي يوفر لقمة العيش لأختيه فقد اشتغل ببيع الاقمشه ولم ينجح واشتغل حمالا للبضائع وفي يوم عرض عليه احد التجار أن يعمل عنده مقابل اجر مجزي وذلك لنشاطه وأمانته وتطورت العلاقة بينه وبين التاجر وصارت بينهم علاقة قويه إلى درجة انه كان يذهب مع عبد الله إلى بيته
كان التاجر يحب أن يوقع النساء في شباكه وهو يردد دائما عندي أموال استطيع أن احصل على ما أريد ووجد في بيت عبد الله ضالته المنشودة فقد رأى ثريا وجمالها فأعجب بها وصار يرسل لها الهدايا بدون علم عبد الله وضل يبعث عبد الله بتجارة إلى أماكن بعيدة ويذهب هو إلى بيت عبد الله ويقوم بمغازلة ثريا من بداية فتحها الباب له إلى أن يجلس ويخرج إلا انه كان غزل بسيط مثلا شكراً حياتي إلى غير ذلك من الكلمات وهو يغلق الهاتف النقال لكي لايزعجه أي شخص وهو جالس في بيت عبد الله
في احد الأيام قال التاجر لعبد الله:أذهب بهذه البضاعة إلى المدينة ألمجاوره لنا وإذا لم تستطع الرجوع هذا اليوم فأستأجر لك غرفة في فندق وتعال صباحاً وأعطاه أجرة الفندق .
ركب عبد الله السيارة التي تحمل البضاعة واتجه الى المدينة المجاورة وعندما تأكد التاجر من ابتعاد عبد الله ذهب الى بيته واغتسل وأبدل ملابس العمل بملابس الخروج وهي ملابس فخمه مستورده يلبسها في المناسبات والحفلات التي يقيمها التجار للقيام بالصفقات ومعرفة أسرار بعضهم البعض ومعرفة من خسر بتجارته ومن ربح .
عندما هم التاجر بالخروج نضرت اليه زوجته
وقالت :هل عندك اليوم حفلة
أجابها :كلا
ردت عليه :أذن الى أين انت ذاهب
قال:ليس هذا من شأنكِ وخرج
خرج التاجر متلهفاً للوصول الى بيت عبد الله ورؤية ثريا فسلك اقصر الطرق وعندما وصل الى البيت قرع الباب ففتحت له ثريا وقد كانت تقشر البطاطا بالسكين لاعداد الغداء
قال لها وهو واقف في الباب:ما أجمل هاتين العينين الزرقاويتين
فتبسمت
فقال: والفم أجمل من العينين
اجابته: تفضل أدخل ولكن عبد الله غير موجود
قال:كم سمعت هذه الكلمه تفضل ولكني لم اسمعها بهذه العذوبه
ثم قال: دقائق وسوف أذهب
تقدمت ثريا أمامه وهو يتفحصها ويسير ورائها الى ان وصل الى الصاله وجلس
قالت:ماذا أجلب لك شاي ام قهوه ام عصير
قال:لااريد شيئاً ففمك يخرج ورداً وانا اريد ان اشرب منه العصير
اجابته:ما بك اليوم اراك منفتح جداً
تمالك نفسه وقال:لاشيء أجلبي لي العصير
ذهبت ثريا واعدت له العصير وجاءت به اليه وعندما وصلت مدت يدها لتناوله العصير فأمسك بيدها وسحبها نحوه
قالت له:أتركني أتركني
الا انه تمادى أكثر ونهض وهو ممسك بها وأراد تقبيلها فدفعته وهربت داخل البيت وهي تصرخ :سماء سماء
الا ان سماء لم تجبها فقد ضنت ان الامر ليس بالمهم وكانت ايضاً منشغله بالصلاة
دخل التاجر وراء ثريا وامسكها وضمها الى صدره فتدافعت معه ووصلت يدها الى السكين فضربته في وجهه فلم يتركها فضربته مره ثانيه في قلبه فسقط الى الأرض وبدأت بالصراخ منهارة
وعندما سمعت سماء بالصراخ يتعالى اكثر واكثر جاءت مسرعة فوجدت أختها جالسه قرب التاجر وهي تصرخ قتلته قتلته فبدءت بالصراخ معها
في الوقت نفسه عند خروج عبد الله الى المدينه المجاوره وفي منتصف الطريق تعطلت السياره وحاول اصلاحها فلم يستطع واراد ان يكلم التاجر على هاتفه النقال الا انه كان مغلقاً
فقال لسائق السياره:سوف اذهب لمحل التاجر وأخبره بالامر فأبقى انت مع السياره لحين عودتي
أخذ عبد الله سيارة أجره وذهب الى المحل الا انه لم يجد التاجر فسأل العمال وأخبروه انه خرج بعد خروجه مباشرة فأتجه الى بيت التاجر بنفس سيارة الاجره وعندما سأل زوجته عنه
قالت:انه خرج قبل دقائق لابساً ملابسه الجميلة
فضن في نفسه انه قد ذهب الى حفله او اي مكان اخر
فقال لسائق السياره الاجره:خذني الى بيتي وسوف اعطيك الاجره التي تطلبها فوافق سائق الاجره.
وصل عبد الله الى بيته وفتح الباب بالمفتاح وعند دخوله وجد التاجر ممدداً والدم يسيل منه واختيه يصرخان فأنهار وجلس الى الارض
وقال لهما:من الذي قتله
قالت ثريا:أنا
قال:ولماذا فسردت له ألقصه كاملة
فقال لها:الم أقل لكِ ان الانفتاح الكثير عواقبه سيئه
فأزداد بكاء ثريا
قالت سماء:وما هو الحل الان
قال عبدالله:سوف أقول انني انا الذي قتلته بسبب بضاعه كان قد اعطاني اياها لأوصلها لأحد التجار ولكني لم افعل وقلت له أنني سوف اذهب بها غداً وتركته وذهبت الى البيت وعندما جاءني الى البيت دار بيننا شجار ولم اتمالك نفسي فقتلته
نهض عبدالله وتوجه الى مركز الشرطه واخبرهم بالأمر وانه قتل التاجر فخرجت قوه مسلحه يرئسها ضابط وتوجهت الى بيته وكان الضابط يمتلك ذكاء حاد وعند وصوله الى البيت دخل الضابط مباشرة ورأى الجثه
فقال لعبد الله:أنت لم تقتله
فأجاب عبد الله وهو يتلعثم:بل انا الذي قتلته
قال الضابط:وما الذي جاء به الى هنا أليس من المفروض ان تقتله بالصالة
قال عبد الله:لقد تشاجرنا وتدافعنا وذهبت لجلب السكين فتبعني وقتلته
قال الضابط باستهزاء:ولماذا تبعك لكي تقتله
لبس الضابط الكفوف ونزل على ركبتيه ليفحص الجثه وعندما نضر الى وجه التاجر
قال:ولماذا وجهه فيه ماكياج
قال عبد الله:لاأدري قد تكون صدفه
أمر الضابط الخبراء بأخذ عينه من أحمر الشفاه والمبيض الموجود على وجه التاجر وتم اقتياد عبد الله الى المخفر ووضع في التوقيف
بعد عدة أيام ضهرت النتيجة وضهر ان احمر الشفاه والأبيض هو نفسه الذي تستعمله ثريا كما ان سائق الاجره اخبر الشرطه انه كان مع عبداالله لوقت طويل ولم يخبره ان هناك اي شجار بينهما وكذلك السائق الذي تركه عبد الله قرب السيارة ألمعطله أنكر ان هناك خلاف بين عبد الله والتاجر فتم الافراج عن عبد الله والقاء القبض على ثريا وبعد مواجهتها بالادله اعترفت وقامت بسرد القصه الا ان المحكمه لم تصدقها وضنت انها هي التي استدرجته الى البيت وبعد ذلك قتلته فحكم عليها بالاعدام وبعد عدة طلبات من محامي الدفاع تم تخفيف الحكم الى المؤبد مما زاد الطين بله على عبد الله فأخته في السجن وهو يذهب لرؤيتها في كل اسبوع واصبح الآن بلا عمل وعنده أخت أخرى يجب ان يصرف عليها وهو في حيره من امره
استمرت هذه الحاله لعدة شهور ورجع عبد الله للبحث عن عمل جديد وفي يوم من الأيام طُرق الباب على عبد الله وعندما فتحه رأى مجموعه من الناس واقفين
قال احدهم:هل تسمح لنا بالدخول
أجابهم:تفضلوا
دخل الجميع وجلسوا فذهب عبدالله مسرعاً وجلب الشاي
قال كبيرهم:اننا جئنا لخطبة اختك فهل توافق
تعجب عبدالله وقال:ومن اين عرفتموها
اجابه أحدهم:انها تخرج للتسوق فتراها نسائنا وبناتنا ويتكلمن معها وصارت المعرفه بها
سكت الجميع وقال عبدالله:وأين العريس
فاشاروا الى شاب كان يجلس بقرب عبدالله
قال له:وما هو عملك
اجاب الشاب:أعمال حره
اجابه الكبير:هو ليس بالغني ولكن يستطيع اعالتها
قال عبد الله:انا موافق ولكن دعوني أسأل أختي قد يكون لها رأي أخر
فقالوا له:هذا من حقك وحقها
دخل عبدالله الى سماء وأخبرها بالأمر
فقالت له:الا تسأل عن الشاب أولاً
قال:نعم ولكن ان ضهر انه شاب اخلاقه عالية مؤدب فهل توافقين
قالت:الأمر لك
قال:أذاً موافقة
خرج عبدالله الى الناس الجالسين
قال:ان فكرة الزواج مقبوله ولكن دعونا نسأل عن الشاب
قالوا:لك هذا وكم يكفيك من الوقت لتعطينا الرد
أجابهم:أسبوع فأعطوني عنوانه
نهض الجميع على ان يأتيهم الرد بعد أسبوع بالقبول او الرفض
في الصباح نهض عبدالله وخرج للسؤال عن الشاب في منطقته فأخبروه انه شاب مؤدب تتمناه كل فتاة فرجع الى البيت فرحاً وأخبر سماء بالأمر ففرحت
وقالت له:أذاً على بركة الله أخبرهم بأنك موافق
قال لها:غداً صباحاً
فتمت ألخطبه واتفق الطرفان على إجراءات الزواج
وفي أحدى الأمسيات جاءت سماء وجلست بقرب أخيها وهي تنضر إليه
قال لها:عجيب هاأنت لم تفعليها من قبل فأحست بالخجل وأرادت النهوض
الا انه استرسل بالحديث:هل عندك كلام تريدين ان تقوليه فجلست مره أخرى بهدوء
قالت سماء:نعم
قال:وما هو
قالت:ياأخي ياعزيزي انا سوف أتزوج وتبقى انت وحيداً ليس لك أي معيل وأنت لديك خطيبه فلماذا لانتزوج في اليوم نفسه انا وانت
قال:وهل رأيتِ خطيبتي زارتنا في اي حادثه وقعت لنا
قالت:يجب ان تعذرها فأنت تعلم ان أبوها لايسمح لها بالخروج منذ حادثة ثريا فقد أعتقد ان ثريا هي ألمذنبه وانا متأكدة انها تحبك
قال:وما الحل
قالت سماء:غداً نذهب اليهم ونعرف رأيهم
قالت:هل انت موافق
قال:نعم سنرى
قالت:اذاً تصبح على خير وذهبت للفراش
في اليوم التالي ذهب عبدالله وسماء الى بيت خطيبته وطرقا الباب وعندما فتح ابوها الباب امتعض واراد غلقه الا انه تمالك نفسه
وقال:تفضلا فدخل جميعهم وجلسوا
قال الأب:ماذا تريدان
قال عبدالله:ان أختي سوف تتزوج وأرجو ان يكون زواجي وزواجها في نفس اليوم
قال الاب:تتزوج ممن
قال عبدالله:من بنتك
تبسم الاب وقال:وتتذكرها الى الان
قال عبدالله:وهل نسيتها أنا
قال الاب:ولكنها نسيتكَ
وصادف دخول خطيبة عبدالله حامله الشاي وهي بيضاء ممشوقة إلقامه تتمايل جدائلها الصفراء على كتفيها وهي تمشي رويداً رويداً
فقالت:لا لم انسه يا أبي
قال الاب بصوت عالي :ضعي الشاي وأدخلي الى غرفتك
فنزلت دموعها على خديها تنساب وكأنها اللؤلؤ في ظلمات البحار وذهبت مسرعه الى غرفتها
قال عبدالله:ياعم أنا احبها واضن انها تحبني فلماذا لاتوافق على زواجنا
قال الاب:ولكنكم عائله غير محترمه
قال عبدالله بأنفعال:الا تعتقد ان هذا كلام جارح
قال الاب:انا لااوافق على تزويجك ابنتي
قال عبدالله:لو أنك وافقت فسوف تعيش ابنتك بسعادة معي وسوف أعاملها بالحسنى
قال الاب:سنرى
نهض الجميع وتوادعا وتوجه عبدالله وسماء الى بيتهما
دخل الاب على زوجته واخبرها بالامر
فقالت له:مادامت تحبه ويحبها وهو شاب مؤدب فعلى بركة الله
تركها الاب ودخل الى ابنته فوجدها تبكي فمسح الدموع من على خديها
وقال لها:هل ترغبين بالزواج من عبدالله
اجابت بخجل:نعم يا ابي
قال الاب:ولكن لو ضهر ان اختياركِ غيرسليم فسوف تندمين طول العمر
قالت البنت:وهل رأيت يا ابي شيئاً على اخلاق عبد الله
قال:كلا
فأردفت:كما ان حادثة ثريا ليس له ذنب فيها وقد كانت اخلاق ثريا عاليه رغم انفتاحها
قال الاب:صدقتِ
سكت الاب قليلا مفكراً وقال:حسناً انا موافق
ففرحت الفتاة ونهضت وقبلته
في الصباح وصل الخبر الى عبدالله انهم موافقين على الزواج فتم زفاف عبد الله وسماء في نفس اليوم وركب عبد الله وزوجته سيارة الزفاف وركبت سماء وزوجها سيارة اخرى
ووصل الجميع الى الفندق وكان عبد الله وزوجته يتبادلان كلام الحب والنضرات في السياره وعند صعودهم الى الفندق
فقد كان يقول لها هل تحبينني فتجيبه اكثر من روحي
وهي تقول هل تحبني فيقول أحبكِ بل أعشقكِ يا زوجتي ألحبيبه
ثم حملها عبدالله بين يديه وصعدا الى غرفة الفندق وسط تصفيق الجميع وعاشوا عيشةً هانئة ومريحه وهو يقول كل يوم الصبر مفتاح الفرج الصبر مفتاح الفرج
والسلام عليكم ورحمة الله
أخوكم احمد عيسى