سرمكنون بين قلم ونون
05-10-2011, 01:21 AM
الحرِّيّة واحترام إرادة الانسان
الحرِّيّة : هي القدرة على الاختيار، والبحث في الحرِّيّة يقود إلى تقسيم الحرِّيّة إلى قسمين :
أ ـ الحرِّيّة الداخلية : أو حرِّيّة الارداة والاختيار الباطني عند الانسان : وهي الّتي دار البحث حولها من قِبَل علماء العقيدة (علماء الكلام) والفلاسفة والمفكِّرين الاسلاميين، وغير الاسلاميين، وانتهى البحث فيها إلى مذاهب وآراء شتّى، فذهب فريق أمثال الاشعري وغيره، إلى أن الانسان كائن مُجبَر، لا يملك القدرة على الاختيـار ; فالافعال تجري عليه كما يجري الماء في النهر . فنحن نقول : جرى الماء في النهر، وليس للماء حرِّيّة ولا إرادة في إختيار الجريان في النهر، بل يجري بقوّة قاهرة خارجة على ذات الماء .
وكذا الافعال الّتي ننسبها إلى الانسان، فهي أفعال الله تجري بواسطة الانسان، وليس الانسان هو الفاعل الحقيقي لتلك الافعال، وفسّروا دور الانسان بالكسب .
وهكذا جرّدت هذه النظريّة الانسان من الحرِّيّة والاختيار، في حين ردّت آراء إسلاميّة اُخرى على هذا الاتّجاه، واعتبرته معارضاً
لعقيدة التوحيد الّتي تؤمن بعدل الله سبحانه، وتنزِّهه عن الظّلم، فكيف يُجرِّد الخالق سبحانه الانسان من الاختيار، ويُجري عليه أفعاله، ثمّ يُحاسبه عليها، وهو لا يملك القدرة على الفعل والترك فيما فرض عليه، بل ما قيمة الامر والنهي من قِبَل الله تعالى إذا كان الانسان لا يملك القدرة على الاختيار .
فالانسان وفق الرؤية القرآنية، ومنطق العقل الاسلامي، يجب أن يكون مختاراً وحرّاً، ليكون مسؤولاً، وليجري عالم الانسان وفق عدل الله تعالى، فلا مسؤوليّة بلا حرِّيّة، قال تعالى :
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ). (البلد / 10)
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ). (الانسان / 3)
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَسْؤُولُونَ ). (الصّافات / 24)
(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المُرْسَلِينَ ). (الاعراف / 6)
وهكذا تتلازم الحرِّيّة والمسؤوليّة في العقيدة الاسلاميّة، وفي الفكر الاسلامي . وهكذا تكون قيمه الانسانيّة في كونه حرّاً مسؤولاً .
ب ـ الحرِّيّة الاجتماعيّة : وإذا كانت الحرِّيّة الداخليّة أو الذاتيّة تتمثّل في القدرة على الاختيار والترك، فإنّ القسم الثاني من الحرِّيّة، هو الحرِّيّة الاجتماعيّة .
وهي الحرِّيّة الّتي يمنحها القانون والاخلاق والمجتمع للفرد، ويُعطى حق ممارستها في المجتمع. ويجب أن تتعامل معه السلطة والمجتمع وفقها، ومثالها حرِّيّة الفكر والسياسة والتملّك وغيرها .
والحرِّيّة هي منطلق النهضة والتنمية والتقدّم لدى الفرد والمجتمع، فالانسان الّذي لا يملك الحرِّيّة لا يستطيع أن يصنع الحياة، والانسان الّذي يشعر بالاضطهاد وسحق إرادته وشخصيّته، لا يتفاعل ولا يستجيب للسلطة، ولا لمشاريعها وسياستها، ولا يستطيع أن يوظِّف طاقاته، وبالتالي لا يستطيع النهوض أو التقدّم .
وإنّ من أخطر أسباب تخلُّف عالمنا هو مصادرة إرادة الانسان، وكبت حرِّيّته المشروعة، الحرِّيّة المسؤولة الّتي لا تنفك عن الالتزام والمسؤوليّة .
ولكي تنهض الاُمّة، فهي بحاجة إلى الحرِّيّة، بحاجة إلى حرِّيّة الفكر، بحاجة إلى أن يُحرّر العقل من الارهاب الفكري، ويُفسح أمامه المجال واسعاً لينطلق، وليفكِّر وليبدع وليمارس دوره الملتزم في مجال المعرفة وتشخيص المسار فإنّ الانسان المكبوت الحرِّيّة هو إنسان مشلول القدرة والارادة، ولا يستطيع أن يوظِّف طاقاته وإمكاناته .
إنّ محنة شعوب العالم الاسلامي الاُولى هي مصادرة حرِّيّة الانسان، وسحق إرادته، وتسليط الاستعباد والكبت الفكري والسياسي عليه .
إنّ أصحاب الفكر ودُعاة الاصلاح يعـانون من القتل والاعدام السياسي وحالات التعذيب الوحشي والزج في السجون والهجرات والتشريد .
لقد انطلق الاسلام مع الانسان الحرّ المختار، فوهبه حرِّيّة الفكر، وحرِّيّة السلوك، وحرِّيّة التملّك وحرِّيّة العمل، والحرِّيّة السياسيّة، غير أنّه قَرنَ الحرِّيّة بالالتزام المسؤوليّة .
إنّ أخطر ما يواجهه الانسان المسلم اليوم هو الارهاب السياسي الّذي صادر إرادته وحرِّيّته . فشعوب العالم الاسلامي لا تملك مصيرها السياسي، ولا تملك حق إبداء الرأي أو مناقشة السياسة القائمة، والمشاركة في التخطيط لشؤونها ومصالحها .
والاسلام أقام الحياة السياسيّة على أساس الحرِّيّة السياسيّة، أقامها على أساس الشورى والتشاور ومشاركة الاُمّة ورقابتها للسلطة، وثبّت هذا المبدأ في كتابه الكريم بقوله :
(وَأَمْرَهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ). (الشورى / 38)
(وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضَهُمْ أَولِياءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالمَعْـرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ ويُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ). (التوبة / 71)
ومن هنا انطلق في إعطاء الاُمّة حق إختيار حكّامها وولاة اُمورها غير المعصومين وفق مواصفات مبدئيّة محدّدة، ومنحها المحاسبة والرقابة بسلطة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
بل وأمر الله نبيِّه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) المسدّد بالوحي الإلهي أن يستشير اُمّته ليدرّبها على حياة الشورى، وإحترام رأي الاخرين وإشراكهم في صناعة مصيرهم .
لقد خاطب الله سبحانه نبيِّه بقوله :
(فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِيْ ا لاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ). (آل عمران / 159)
وبذا حدّد القرآن علاقة القائد السياسي بالاُمّة الّتي يقودها، بأنّها علاقة حب وإحترام ورحمة و مرونة ومشورة، وهذه المبادئ قيم دستوريّة ثابتة في الفكر السياسي الاسلامي مشرّعة لتسير الاُمّة على هديها، وتستنير بضوئها .
إنّ السبب الاساس في ركود الاُمم وتخلّفها، هو طبيعة الانظمة والسّلطات الحاكمة ; فإنّ الاستبداد السياسي والانظمة الّتي لا تحترم مصالح الاُمّة تسبّبت في عالمنا الاسلامي بتضييع ثروات الاُمّة، وطاقاتها المُبدِعة، وجعلت منها اُمّة متخلِّفة تتلاعب قوى الاستعمار والصهيونيّة بمصيرها ومصالحها وثرواتها وخيراتها وإمكاناتها .
الحرِّيّة : هي القدرة على الاختيار، والبحث في الحرِّيّة يقود إلى تقسيم الحرِّيّة إلى قسمين :
أ ـ الحرِّيّة الداخلية : أو حرِّيّة الارداة والاختيار الباطني عند الانسان : وهي الّتي دار البحث حولها من قِبَل علماء العقيدة (علماء الكلام) والفلاسفة والمفكِّرين الاسلاميين، وغير الاسلاميين، وانتهى البحث فيها إلى مذاهب وآراء شتّى، فذهب فريق أمثال الاشعري وغيره، إلى أن الانسان كائن مُجبَر، لا يملك القدرة على الاختيـار ; فالافعال تجري عليه كما يجري الماء في النهر . فنحن نقول : جرى الماء في النهر، وليس للماء حرِّيّة ولا إرادة في إختيار الجريان في النهر، بل يجري بقوّة قاهرة خارجة على ذات الماء .
وكذا الافعال الّتي ننسبها إلى الانسان، فهي أفعال الله تجري بواسطة الانسان، وليس الانسان هو الفاعل الحقيقي لتلك الافعال، وفسّروا دور الانسان بالكسب .
وهكذا جرّدت هذه النظريّة الانسان من الحرِّيّة والاختيار، في حين ردّت آراء إسلاميّة اُخرى على هذا الاتّجاه، واعتبرته معارضاً
لعقيدة التوحيد الّتي تؤمن بعدل الله سبحانه، وتنزِّهه عن الظّلم، فكيف يُجرِّد الخالق سبحانه الانسان من الاختيار، ويُجري عليه أفعاله، ثمّ يُحاسبه عليها، وهو لا يملك القدرة على الفعل والترك فيما فرض عليه، بل ما قيمة الامر والنهي من قِبَل الله تعالى إذا كان الانسان لا يملك القدرة على الاختيار .
فالانسان وفق الرؤية القرآنية، ومنطق العقل الاسلامي، يجب أن يكون مختاراً وحرّاً، ليكون مسؤولاً، وليجري عالم الانسان وفق عدل الله تعالى، فلا مسؤوليّة بلا حرِّيّة، قال تعالى :
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ). (البلد / 10)
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ). (الانسان / 3)
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَسْؤُولُونَ ). (الصّافات / 24)
(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المُرْسَلِينَ ). (الاعراف / 6)
وهكذا تتلازم الحرِّيّة والمسؤوليّة في العقيدة الاسلاميّة، وفي الفكر الاسلامي . وهكذا تكون قيمه الانسانيّة في كونه حرّاً مسؤولاً .
ب ـ الحرِّيّة الاجتماعيّة : وإذا كانت الحرِّيّة الداخليّة أو الذاتيّة تتمثّل في القدرة على الاختيار والترك، فإنّ القسم الثاني من الحرِّيّة، هو الحرِّيّة الاجتماعيّة .
وهي الحرِّيّة الّتي يمنحها القانون والاخلاق والمجتمع للفرد، ويُعطى حق ممارستها في المجتمع. ويجب أن تتعامل معه السلطة والمجتمع وفقها، ومثالها حرِّيّة الفكر والسياسة والتملّك وغيرها .
والحرِّيّة هي منطلق النهضة والتنمية والتقدّم لدى الفرد والمجتمع، فالانسان الّذي لا يملك الحرِّيّة لا يستطيع أن يصنع الحياة، والانسان الّذي يشعر بالاضطهاد وسحق إرادته وشخصيّته، لا يتفاعل ولا يستجيب للسلطة، ولا لمشاريعها وسياستها، ولا يستطيع أن يوظِّف طاقاته، وبالتالي لا يستطيع النهوض أو التقدّم .
وإنّ من أخطر أسباب تخلُّف عالمنا هو مصادرة إرادة الانسان، وكبت حرِّيّته المشروعة، الحرِّيّة المسؤولة الّتي لا تنفك عن الالتزام والمسؤوليّة .
ولكي تنهض الاُمّة، فهي بحاجة إلى الحرِّيّة، بحاجة إلى حرِّيّة الفكر، بحاجة إلى أن يُحرّر العقل من الارهاب الفكري، ويُفسح أمامه المجال واسعاً لينطلق، وليفكِّر وليبدع وليمارس دوره الملتزم في مجال المعرفة وتشخيص المسار فإنّ الانسان المكبوت الحرِّيّة هو إنسان مشلول القدرة والارادة، ولا يستطيع أن يوظِّف طاقاته وإمكاناته .
إنّ محنة شعوب العالم الاسلامي الاُولى هي مصادرة حرِّيّة الانسان، وسحق إرادته، وتسليط الاستعباد والكبت الفكري والسياسي عليه .
إنّ أصحاب الفكر ودُعاة الاصلاح يعـانون من القتل والاعدام السياسي وحالات التعذيب الوحشي والزج في السجون والهجرات والتشريد .
لقد انطلق الاسلام مع الانسان الحرّ المختار، فوهبه حرِّيّة الفكر، وحرِّيّة السلوك، وحرِّيّة التملّك وحرِّيّة العمل، والحرِّيّة السياسيّة، غير أنّه قَرنَ الحرِّيّة بالالتزام المسؤوليّة .
إنّ أخطر ما يواجهه الانسان المسلم اليوم هو الارهاب السياسي الّذي صادر إرادته وحرِّيّته . فشعوب العالم الاسلامي لا تملك مصيرها السياسي، ولا تملك حق إبداء الرأي أو مناقشة السياسة القائمة، والمشاركة في التخطيط لشؤونها ومصالحها .
والاسلام أقام الحياة السياسيّة على أساس الحرِّيّة السياسيّة، أقامها على أساس الشورى والتشاور ومشاركة الاُمّة ورقابتها للسلطة، وثبّت هذا المبدأ في كتابه الكريم بقوله :
(وَأَمْرَهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ). (الشورى / 38)
(وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضَهُمْ أَولِياءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالمَعْـرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ ويُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ). (التوبة / 71)
ومن هنا انطلق في إعطاء الاُمّة حق إختيار حكّامها وولاة اُمورها غير المعصومين وفق مواصفات مبدئيّة محدّدة، ومنحها المحاسبة والرقابة بسلطة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
بل وأمر الله نبيِّه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) المسدّد بالوحي الإلهي أن يستشير اُمّته ليدرّبها على حياة الشورى، وإحترام رأي الاخرين وإشراكهم في صناعة مصيرهم .
لقد خاطب الله سبحانه نبيِّه بقوله :
(فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِيْ ا لاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ). (آل عمران / 159)
وبذا حدّد القرآن علاقة القائد السياسي بالاُمّة الّتي يقودها، بأنّها علاقة حب وإحترام ورحمة و مرونة ومشورة، وهذه المبادئ قيم دستوريّة ثابتة في الفكر السياسي الاسلامي مشرّعة لتسير الاُمّة على هديها، وتستنير بضوئها .
إنّ السبب الاساس في ركود الاُمم وتخلّفها، هو طبيعة الانظمة والسّلطات الحاكمة ; فإنّ الاستبداد السياسي والانظمة الّتي لا تحترم مصالح الاُمّة تسبّبت في عالمنا الاسلامي بتضييع ثروات الاُمّة، وطاقاتها المُبدِعة، وجعلت منها اُمّة متخلِّفة تتلاعب قوى الاستعمار والصهيونيّة بمصيرها ومصالحها وثرواتها وخيراتها وإمكاناتها .